...تابع
الحمد لله وبعد: فبعد أن تبيّن للقارئ شيء من خبايا سالم الدعوية التي بقيت حبيسة الأدراج ونجم عن إهمالها ارتماء الكثير من شبابنا في أحضان هذا المتهور الطاعن في العلماء، أحاول في هذه الحلقة قدر الإمكان إثبات حقيقة ما ادّعيته في حق هذا الرجل وهو أنه مخلط متهور مجازف في تناول قضايا الأمة الخطيرة، وبعد إقامة البراهين على هذه الحقيقة سيظهر للقارئ المنصف بأن هذا الداعية لم يوفق في مواقفه الدعوية المتعلقة بالسلفيين ولم يوفق كذلك في علاجه لقضايا الأمة ولا ريب بأنّ مثل هذا الرجل الواجب في حقه شرعا وعقلا البيان والتحذير لأنّ الأمر متعلق بطريقة دعوة ومسلك في علاج مشاكل الأمة وليست مجرد أخطاء عابرة لا يسلم منها أكبر عالم في الأمّة.
غرائب ومجازفات سالم! الديمقراطية أكبر نعمة!:
ذكر سالم في «لقاء مفتوح حول الربيع العربي» نقلته قناة: «عبد الله السلفي» على اليوتيوب بتاريخ: «03/05/2012»، أن أحد المسؤولين في الكويت اجتمع مع أئمة المساجد والخطباء وكان الطويل معهم فقال:
«الديمقراطية هي أكبر نعمة على الكويت»! فسكتَ سالم واعتذر لنفسه قائلا:
«لأني قريبا فقط كنت موقوف! أنكرت بقلبي وهذا يجوز شرعا».
قلت: الشاهد من هذا النقل: أن القضية إذا تعلقت بمصلحة سالم تجده مستحضرا لقضية المصلحة والمفسدة! أما عندما يتعلق الأمر بقضايا الأمة لا سيما خارج الكويت فوقتها تكون المصلحة فقط في الصدع بالحق!
بين سالم والعلامة الفوزان!:
أنقل للقارئ قصة حقيقية تلخص جرأة الرجل في قضايا الفتن والدماء! قصة تكفينا مؤنة سرد قصصه الكثيرة! فتأمّلها أيّها الموفّق:
بعدما اشتعلت نار الفتنة في سوريا وانتشر القتل والدمار في بلاد الشام العزيزة هرول سالم لتوجيه الشعب السوري وأطال الكلام وأكثر من التوجيه! والعجيب أنه من جهة ينكر ما وقع في سوريا ومن جهة يحرض ويسهم في توسيع رقعة المحنة التي حلت بالشعب السوي المكلوم، فهل يعقل يا قومنا أن يأتي داعية في هذا الظرف الخطير والوضع الحساس ويثير قضية كفر الرئيس السوري ويكثر من تردادها بل يصر على امتحان الدعاة بها! نعم هذا الذي فعله سالم.
مثال واحد من كلامه يكفي المنصف: قال في مقاله: «التعقيب اللطيف على الرد الجميل» بتاريخ: «19 صفر 1435 الموافق لـ 22 ديسمبر 2013»:
«الخروج المحرم شرعاً هو الخروج على الحاكم المسلم ولو كان عاصيا أو ظالماً، وبشار نصيري باطني بعثي عفلقي ليس بمسلم فالأمر مختلف».
قلت: أجزم بأنه سيتبادر إلى ذهن القارئ -لولا ذكري لاسم الكاتب- بأنّ الكاتب هو المقدسي أو المسعري أو واحد من جماعة سلمان والقرني وأضرابهم! فالرجل لا يشبه علماء الأمة في شيء من مسالكهم الرشيدة في الدعوة وفي معالجة هذه القضايا فحتى على فرض أن الرئيس السوري كافر فهل من المصلحة الصدع بهذا الحكم في وقت ثار فيه الشعب وحمل السلاح؟! وفوق هذا كله تقرر لهذا الشعب بأن الخروج على الحاكم يحرم فقط في حق الحاكم المسلم! لا تقل بأنني اشترطت القدرة! لأنك تعلم جيدا بأن عقول الناس طاشت في تلك الأيام وكل واحد منهم كان يجزم في نفسه بأن لهم قدرة على تغيير الحاكم!
وحتى يتأكد القارئ بأن سالما قد أقيمت عليه الحجة في أكثر مخالفاته أسوق له جواب العلامة الكبير والشيخ الورع صالح الفوزان –حفظه الله- في نفس القضية ألا وهي تكفير الرئيس السوري! فقد سئل –حفظه الله- في برنامج «فتاوى» الذي تبثه «القناة الأولى السعودية» عن حكم تكفير بشار فأجاب:
«يا أخي ما كلفك الله بالكلام في الناس وتكفير فلان وعلان ما كلفك الله بهذا وانصح إخوانك بأنهم لا يدخلون في هذه المواضيع هذه مواضيع خطيرة وأيضا هذه ليست من شؤونكم تكفير الناس لا يجوز إلا ببرهان ويكون هذا عند أهل العلم والبصيرة إذا احتيج إلى بيان الحكم، وإما إذا لم يحتج إلى بيان الحكم فلا يجوز أن يكون هذا حديث المجالس وانشغال الناس بذلك لأنّ هذا فتنة».
قلت: قارن يا رعاك الله بين جواب الإمام المؤتمن في دينه والمشفق على الأمة وبين جرأة ومجازفة سالم! وحتى أثير استغرابك مرة أخرى أيها القارئ المنصف أنقل لك تعليق سالم على جواب الشيخ الفوزان!
ففي لقاء سجله سنة «2014» ونشر على اليوتيوب بعنوان: «لقاء المفتوح للشيخ سالم الطويل بعد المقالات المتعلقة في مسألة كفر بشار للشيخين العنجري والعوضي» قال معتذرا للشيخ في عدم تكفيره لبشار:
«تلفزيون رسمي لي سموها القناة الأولى تريد أن يقول كافر؟!».
قلت: اتضح الآن بأن سالما ينظر بأم عينه إلى حكمة العلماء ويقف بنفسه على طرقهم في الحكم في النوازل ومع ذلك يخالفهم تقصدا! وإنّي سائله: هل جبن العلامة الفوزان فلم يقل كلمة الحق في قناة الدولة الرسمية؟! هل تقصد هذا؟ أم أنك تقصد بأنه لا توجد مصلحة في الجهر بتكفير بشار في هذا المقام؟! إذا أردت هذا فهي مصيبة أما إذا أردت الأول فالمصيبة أعظم! لا أدري يا سالم لماذا رضيت بالعلامة الفوزان مفتيا في قضية المظاهرات والربيع العربي وبقيت تنقل كلامه وتذكر توجيهاته ولما تعلق الأمر بقضية تكفير بشار أعرضت عنه!
ملايين سالم!:
الكل يتذكّر تشكيك سالم في عدد شرفاء الجزائر الذين نرجو لهم الشهادة ممّن سقطوا في أرض الشرف! وليس هذا موضع إيرادي لهذه الواقعة وإنما أردت أن أظهر أسلوب من أساليب الرجل في طرح هذه القضايا وهي أن مناط الأمر عند سالم متعلق بخصمه الذي يرد عليه فعندما كان يرد على خصمه احتاج لينفي ما ذكره خصمه فنفى العدد نكاية في المردود عليه أما إذا تعلق الأمر بإثبات العدد ردا على خصم آخر فحينها تجد سالما آخر وخذ مثالا واحدا:
قال في مقاله: «هل وقع الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق في مصيدة الصهاينة؟!» كتبه بتاريخ: «18 محرم 1442»:
«وحصلت الفتنة العظيمة التي ما زال يعاني منها الشعب السوري، فتشرد الملايين وقتل ما تجاوز المليون، وهتكت أعراض وذهبت ممتلكات وهدمت البيوت والمرافق العامة بل والمساجد».
قلت: ها هو سالم يثبت المليون في ظرف عشر سنوات أو أكثر بقليل ولم يجد حرجا في تصديق خياله حتى لا أقول تصديق الإحصائيات لأنني وجدت أكبر رقم ذكر هو 500 مائة ألف قتيل! أما مليون الجزائر فمشكوك فيه عند سالم مع أنه متعلق بحقبة استعمارية بلغت 130 سنة! هذا هو سالم لا قواعد شرعية تحكمه في مقالاته ولا أمانة علمية تلزمه في أطروحاته ولا حياء يمنعه من مجازفاته.
سالم لا يؤتمن حتى على بلده:
ستتعجب أخي القارئ مرة أخرى من صنيع سالم تجاه بلده يوم أن عرفت العلاقات بين الكويت والسعودية شيئا من التوتر! فيا ترى ماذا فعل الرجل؟! الجواب: أكّد التهمة الموجهة لبلده وشهد بأنها فعلا تحتضن الإخوان! أقول هذا على فرض صحة ما أورده سالم! قلت: ففي الوقت الذي كان من المفترض أن يتدخل مهدئا للأوضاع المشتعلة أو يعتذر لدولته إن كان هناك عذر شرعي مقبول، خرج بكل جرأة وأثبت التهمة في حق الكويت! قال في مقاله: «بادر قبل فوات الأوان» كتبه يوم: «15 ذو القعدة 1438 الموافق لـ 7 اغسطس 2017»:
«فإن مما يشاع اليوم وهو ليس عن الحقيقة ببعيد أن السعودية ومن معها من الدول المقاطعة لقطر ستتوجه لمقاطعة الكويت بعد قطر! والله المستعان، ولا شك أن الكويت منذ نحو 40 سنة تعتبر الحاضنة الكبرى للإخوان المسلمين وللسروريّين وللسلفيين المتأخونيين بل لو قال قائل أنّ الكويت أسبق وأكثر بكثير من قطر في دعمها للأحزاب لم يكن مخطئاً في ذلك!! فوجب علينا المبادرة إلى بيان المنهج الحق والدعوة إليه مع بيان حقيقة الإخوان ومن شابههم من دعاة الفتن والثورات، لا تكن سبباً لمقاطعة الكويت وإيقاع الضرر بأهلها».
قلت: ليس الغرض من نقل هذه الواقعة هو الحكم والفصل والتخطئة في هذا الموضوع وإنما الغرض هو بيان تهور الرجل واستهتاره بنوازل الأمة!
سالم بين القول والعمل!:
من أبرز خصال الرجل في دعوته أنه من أسرع الناس مخالفة لأقواله وتوجيهاته النظرية! لا أتحدث عن تناقضاته في مسائل فقهية فرعية بل أقصد ما تعلق بفتن الأمة المدلهمّة! وحتى لا أطيل أضرب ثلاثة أمثلة:
المثال الأول: نظريا تجد سالما يقرر ما يقرره أهل السنة في قضية التدخل في سياسات الدول ومسألة طعن الرجل في ولي أمر دولة أخرى! فها هو يقول كما في مقاله: «لماذا تسكت؟ لماذا لا تطعن وتسب الإمارات؟» كتبه بتاريخ: «محرم 1442 الموافق لـ 2 سبتمبر 2020»:
«ونحن بصفتنا أفراد في المجتمع لا يجوز لنا أن نتطاول على أحد لا على الإمارات ولا السعودية ولا على مصر ولا على قطر ولا على غيرها، فهذه سياسات دول تتفاهم فيما بينها، أما نحن الأفراد فينبغي ألاّ نتكلم على الحكومات والحكام، فاليومَ قد يحصل بينهم عداء وتوتر سياسي، وغدًا قد يكونون أصحابًا متعاونين، والشعوب هي الخاسرة بسبب الشحناء والبغضاء بينها، وهذا له شواهد من التاريخ، هذا هو الموقف الشرعي الذي بحمد الله تعالى وفقني الله إليه، فلا أطعن بأحد ولا أسب أحدًا لا حاكماً ولا حكومةً ولا محكوماً».
قلت: ما أجمله من كلام وما أجوده من طرح! لكن هل سيلتزم سالم بمضامين تقريره؟! طبعا لا! لأن الرجل يتكلم بعاطفة وهوى فنفس المسألة تجده عند أول فرصة يعارضها! فانظر إليه وهو يقول كما في مقاله: «الخميني.. ثُمَّ..صدام .. واليوم أردوغان» كتبه بتاريخ: «23 ذو القعدة 1441 | 14 يوليو 2020»:
«ظَهَرَ أردوغان، الخليفةُ المنتظرُ فطار به مَن طار، ورَفَعَ شعاراتٍ برَّاقة، ووَعد وعودًا كثيرةً، منها أنَّه لن يَسمحَ لبشار الأسد أن يقتلَ شعبَه، والنتيجةُ بشارُ ما زال في مكانِه! ثُم وضع أردوغانُ يدَه على أجزاء من سوريا، وتقاسمها مع روسيا وإيران، ودخل العراقَ وليبيا، ووضع قاعدةً في الخليج، وقريبًا في اليمن، ومازال بعض الناس يظنُّ أن أوردغان سيحرر الأقصى مِن يدِ الغاصبين».
قلت: تذكر أخي القارئ بأنّ كاتب هذا الهراء هو نفسه كاتب ما قرأته قريبا:
«فينبغي ألاّ نتكلم على الحكومات والحكام»!
المثال الثاني: إن الواقف على مقالات وصوتيات سالم يجده نظريا ينشر تقريرات أهل السنة في قضية الخروج على ولاة الأمور وحكم التحريض عليهم وخطر الإنكار عليهم علنا وكل ما تترتب عليه المفاسد والفتن في المجتمعات المسلمة! لكن كما قيل ساعة الامتحان يكرم الرجل أو يهان! ولا شك أن القارئ إلى حد هذا السطر قد ألِف عوائد الرجل ذلك لن يتعجب ممّا سأنقله!
فقد كتب سالم مقالا نشره في العلن كما في موقعه بعنوان: «توضيح بخصوص سبب التوقيف 16 شوال 1442»، ردّ فيه على من؟! ردّ فيه على وزير العدل بعدما نشرت وزارة العدل بيان توقيفه عن وظيفة العقود الشرعية! قال سالم:
«إلى سعادة وزير العدل المكرم السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ لماذا يتم نشر قرار التوقيف بهذه الصورة العلنية؟ إذا كان نشر قرار التوقيف من المعتاد، فلماذا لم يُذكرْ فيه أسباب التوقيف؟ هل تعلم يا سعادة الوزير أني مأذون شرعي منذ ما يقارب ربع قرن؟ هل تعلم يا سعادة أني كتبت أكثر من خمسة آلاف عقد زواج؟ هل تعلم يا سعادة الوزير أني قاربت الستين عاماً وأني إمام وخطيب ومتزوج وعندي أولاد وأحفاد ومن حقي أن أقدر لا أن يشهر بي بهذه الطريقة؟ هل تعلم يا سعادة الوزير أن خطأً مثل هذا قد لا تتجاوز عقوبة لفت نظري داخلي؟ إن كنت تعلم يا سعادة الوزير أو لا تعلم فالمسؤولية عليك في الدنيا والآخرة، اعانك الله تعالى على حملها ووفقك لكل خير وغفر الله لك ولوالديك».
قلت: لست بحاجة إلى بيان قيمة ومنزلة وزير العدل وخطورة التهاون في مجابهته بهذه الطريقة! ولست بحاجة كذلك لإظهار أوجه الشبه بين سالم وبين الثوريين والخوارج في تصرفه هذا! وأيضا لست بحاجة لأسوق مرة أخرى كل الأدلة التي ذكرتها والتي تثبت بأن سالما يضع ما تعلمه من منهج السلف خلف ظهره إذا تعلق الأمر بمصالحه والله المستعان! لكن لا بأس أن أسوق دليلا آخر وفي نفس القضية يثبت بأنّ سالما غير سالم من الهوى في دعوته وأنه يمنع ما يقترفه بنفسه.
قال في مقطع مرئي بعنوان: «هل رئيس الوزراء يعتبر ولي أمر؟» نشرته قناة «عبد الله السلفي» بتاريخ: «18/12/2011»:
«النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني» فهذا نص صريح بأن الذي يؤمره الأمير طاعته من طاعة الأمير» إلى أن قال منكرا صنيع الحزبيين: «يأتي المسؤول الذي عنده من السلطة ما عنده تحت وزارة الداخلية وتحت وزارة الدفاع وتحت الوزارات المالية والخارجية ثم يقولون هذا ليس بولي أمر!».
المثال الثالث: لقد اشتهر سالم الطويل باندفاعه في قضية غزة وعرفه القاصي والداني بأنه لا يبالي بمشاعر المكلومين فتجده يرمي بالعبارات من كل الجهات وحتى طريقة كلامه وابتساماته كانت في مرات مصدر استفزاز للعامة! والمحزن في القضية أنه يفعل هذا عندما يتعلق الأمر بمن يرد عليهم لكن بمجرد أن يكون له هوى في قضية تجده حينها من أشد الناس إعمالا ودعوة للحكمة! فها هو يستحضر مشاعر الناس وانكسار قلوبهم عندما تعلق الأمر بتكفير بشار الذي تبناه وامتحن الناس به! فقد جاء في مقاله: «التعليق على رسالة محمد التجار / 29 محرم 1435»:
«وياليتك حتى لو لم تقتنع بكفر بشار الأسد النصيري الباطني البعثي العفلقي ألا تصرح بهذا أمام عامة المسلمين الذين انكسرت قلوبهم انكسارا عظيما بسبب جرائم بشار بالأبرياء».
قلت: يا سالم أين كانت هذه المشاعر المرهفة عندما كنت ولا زلت تتحدث عن مصاب غزة؟! ولماذا لم تلتفت حينها إلى مشاعر المسلمين وانكسار قلبوهم بسبب جرائم الصهاينة؟! نعوذ بالله من الهوى.
عجائب الرجل في ردوده!
تعيير بالماضي والحاضر!:
مما عرف به الرجل في مواجهاته مع خصومه أنه لا يفوت فرصة تعيير خصمه بما وقع منه سابقا وحتى بما هو واقع فيه حاضرا وقد وجدت مثالين على هذين الخلقين في مقال واحد!
فقد جاء في مقاله: «رسالة لم يحملها البريد إلى أبي عبد الرحمن / 14 شعبان 1435»:
«أخي العزيز لقد كنتَ فيما سبق مع جماعة التبليغ ولا شك كنتَ تظن بأنك على هدىً حتى أكرمك الله تعالى وبصرك بما عند هذه الفرقة من ضلالات وانحرافات.. الأخ محمد العنجري فيما يظهر لي -والله اعلم- تهمّه التجارة ربما أكثر من العقيدة والمنهج».
تهوّر وحماقة!:
هل تصدق أخي القارئ بأن سالما في بعض ردوده نشر رقم هاتف خصمه في العلن وطالب الجمهور بالتواصل مع الرجل ليقبل مواجهته؟!
قال في مقاله: «بل الله يزكّي من يشاء/16 صفر 1435»:
«والآن أجدِّد دعوته للمواجهة عند الشيخ ربيع، أو عند الشيخ محمد بن هادي المدخلي، أو عند الشيخ فلاح بن اسماعيل مندكار، وسيتم التسجيل ليعلم كل سلفي على وجه الأرض حقيقة هذا الدكتور، وهذا رقم جوال الدكتور أحمد بازمول «.......» لمن أراد أن يتصل عليه، أو يراسله ليتأكد من موافقته على المواجهة من عدمها».
قلت: حذفتُ رقم أحمد حتى لا أسهم في هذه المهزلة! فرقم الرجل مهما بلغت خصومتك معه يبقى من أموره الخاصة فلا ينبغي أن تنشره بلا إذن منه فكيف وقد فعلت ذلك محرضا عليه؟! الحاصل: سالم في لحظة طيش لاسيما في الخصومات انتظر منه كل شيء! ورحم الله العلامة عبيد كم كان بصيرا بهؤلاء!
عنصرية وقومية مقيتة!:
يقول سالم الطويل في مقاله: «رسالة إلى الشيخ محمد المدخلي» كتبه بتاريخ: «30 ذو الحجة 1435 الموافق لـ 24 أكتوبر 2014»:
«يا شيخ محمد الإماراتيون ليسوا كالأوروبيين الذين توجههم كيف تشاء ويقبلون منك كل كلمة بلا دليل ولا برهان، ويعتمدون جرحك على وجه القبول المطلق والاستسلام، الإماراتيون ليسوا كالصبية القليلين ممن يتلقون عنك التوجيهات».
قلت: ما هذه العنصرية الباردة يا سالم؟! الأوروبيون الذين تقصدهم هم مسلمون وكثير منهم عرب مقيمون في بلاد الكفر فلا أدري ما سبب هذا الكلام الجاهلي؟! وهل تعتقد فعلا بأن الإماراتي أذكى من الأوروبي المسلم وأتقى منه وأتبع للدليل؟! أجزم بأنك لا تعتقد هذا فما قلته دافعه الهوى والفجور في الخصومة!
سبّ من نوع خاص!:
كثيرا ما يتكلم سالم عن الأخلاق الفاضلة وضرورة إعمالها في الردود وحرمة السب والشتم! لكن الذي لا يعرفه الكثير أن سالما يعتمد على قاموسه الخاص في السب وهو قاموس ليس كسائر القواميس! فعبارات الشتم المستعملة في خطاب الرجل الكثير من محبيه يغفلون عنها، وسأنقل مثالا واحدا حتى لا أثقل على القارئ!
فقد وقفنا في الحلقات السابقة على خصومة سالم مع عادل منصور والذي كان يغمزه في كل مرة بأنه مرتزق عند العنجري وهذا الأخير يعتبره سالم من التجار الأغنياء! انظر أخي القارئ إلى فجوره في الخصومة: فقد قال في رسالته لعادل منصور بعنوان: «بلدك أولى بك /9 محرم 1438»:
«الأخ عادل إنما لم يذكر اسمي ليتسنى له الكلام بما شاء وكيف شاء، فلو كان صادقا في دعواه لذكر القائل باسمه الصريح، وأورد كلامه بحروفه، لكن أنّى له أن يفعل ذلك؟! فهو أجير يتكلم لصالح مستضيفه».
قلت: طبعا كلمة «أجير» عندما توجه لداعية لا تعتبر سبا في قاموس الطويل! وأكثر من ذلك فإن سالما يعطي لنفسه حق التوسع في كيل التهم والسخرية من خصمه بل له الحق في فتح تحقيق مع الخصم على طريقة مراكز الشرطة! فقد قال في مقاله: «رسالة لم يحملها البريد إلى الأخ عادل اليمني» كتبه بتاريخ: «1 محرم 1438 الموافق لـ 2 أكتوبر 2016»:
«هل صحيح أنك على كفالة الأخ خالد بن مبارك الصباح؟ وإذا كان صحيحا فهل تعمل في شركة خاصة عنده؟ وماذا تعمل؟ وإذا كنت لا تعمل فهل في ذلك مخالفة لولي الأمر؟ هل تدرّس في الكويت بمقابل مادي أو مجانا؟ منذ أكثر من عشر سنوات وأنت تتردد على الكويت، فهل تسكن على حسابك الخاص أو تعتمد على تبرعات بعض الكويتيين؟».
قلت: تذكرت عند نقلي لتهكمه هذا من الأخ اليمني ما ذكره هنالك دفاعا عن الإماراتيين! نعوذ بالله من احتقار عباد الله ولو كانوا خصوما وأعداء!
دعوة المظلوم بالتشهّي!:
قد مر بنا في الحلقات السابقة بيان تلاعب سالم بقضية
«دعوة المظلوم» وأنها شعار استعمله ليشفي غليله من السلفيين! وقد وجدت شيئا من الأمثلة الموضحة لحقيقة تلبيسه في هذه القضية وأنه أعلم من غيره بأن الواجب في الخلافات هو الإصلاح بين المتخاصمين وأن شعار «لعلها دعوة مظلوم» ربّما يأتي من ينزله عليه! قال في مقاله: «رسالة لم يحملها البريد إلى أبي عبد الرحمن / 14 شعبان 1435»:
«فنَقلُوا للشيخ عبيد الجابري ردة فعل الشيخ فلاح مندكار وماذا قال بعد سماعه لما قال الشيخ عبيد، هكذا مازالوا يحرثون النار من تحت الرماد حتى استطاعوا أن يفرقوا بين الشيخين وقطعوا علاقة حميمة واخوية استمرت بينهما ما يقارب ثلاثين سنة، فإنا لله وإنا إليه راجعون» إلى أن قال:
«فانتبه لنفسك لا تكتشف متأخراً أنك مخطئٌ كما سبق أن خَدَعتك جماعة التبليغ، وارجع واصلح بين المشايخ لقوله تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} وقال تعالى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}الآية»، أمّا في مقاله: «بلدك أولى بك/ 1 محرم 1438» الذي كتبه ردا على عادل منصور فقد طالبه فيه بما عجز هو عن فعله في فتنة الصعفقة فقال:
«منذ أكثر من عشر سنوات وأنت تتردد على الكويت، لماذا لم نسمع عنك ولا مرة واحدة أنك سعيت إلى الإصلاح بين أهل السنة أين أنت من قول الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} بل للأسف لم تُعرِض عن إصلاح ذات البين فحسب بل جئت لتفسد بين أهل السنة وتزيد في الشقاق بينهم».
قلت: يا سالم أرشدنا -أرشدك الله- إلى طريقة التمييز بين الخصومات ومتى تكون دعوة المظلوم سببا في خصومة ولا تكون سببا في خصومة أخرى؟! فلماذا في خلاف الشيخ ربيع مع ابن هادي جعلتها سببا وفي خلاف الشيخ فلاح مع العلامة عبيد لم تجعلها سببا وحتى في خلافاتك مع خصومك كما مر بنا؟! ولماذا إذا تعلق الأمر بك استحضرت حينها فضيلة الإصلاح وإذا تعلق الأمر بغيرك أخفيت هذه الفضيلة العظيمة وحجبت نصوصها عن الناس؟!
هل هي شهادة على نفسك يا سالم؟!:
ذكرت في الحلقات السابقة السبب الذي جعل سالما يحشر نفسه في قضية الصعفقة وأنه ما دخل فيها إلا ليبرد جمرة قلبه وينتقم من خصومه! وفي هذا المقام وجدت كلاما لسالم يلزم خصمه بهذه الحقيقة ويتهمه بأنه ما ردّ عليه في قصية الصحابة إلا بسبب خصومته معه! فقد قال في رده على فواز العوضي بعنوان: «سائلك ومشدد عليك/ 18 ذو القعدة 1435»:
«فما الذي اصاب الدكتور فواز العوضي؟ هل أراد حقاً وجه الله تعالى فيما كتب؟ هل أراد حقاً نصرة اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كما زعم؟ أم هو الانتقام والتشفي والتعصب والتحزب؟ الأرجح - عندي – الثاني، فالحزبية بئست المطية، نعم الدكتور فواز ما كتب مقاله متعاوناً مع غيره إلا بعد ما كتبتُ مقالي في ردي عليه لما زعم أن بشار الأسد النصيري الباطني الرافضي مسلم سني».
قلت: وأنا بدوري رجحت في قضية سالم ما رجحه هو في قضيته مع خصمه قبل أن أقف على هذا الكلام! فلا تلمني يا سالم عندما أكدت بأنّ سبب خوضك في قضية الصعفقة هي خصومتك القديمة مع أطراف النزاع! فهي إلزاماتك فاقبلها.
لا تقلها يا سالم!:
في ختام هذه الحلقات أنبه على أمر حيرني رأيته رأي العين بعدما نشرت أول رد على سالم! فقد هجم عليّ أتباع سالم هجوما عنيفا وصل إلى حد اتهامي بأنني إخواني ناهيك عن عبارات السب والشتم والاحتقار والاستعلاء فرأيت فيهم صورة مصغرة من شيخهم سالم! ومن أعظم أسباب هذه الجرأة في اتهام الناس هو شدة حقد الرجل على خصومه بما فيهم الإخوان! فانعكس هذا التوجه على تصرفات أتباعه فصاروا يتّهمون كل من ينتقد شيخهم بأنه إخواني! ولا شك أن الإخوان فرقة ضالة لكن لا يجوز شرعا أن تتجاوز الحد في نقدها! وحتى لا يقول سالم بأن هؤلاء لا يمثلون توجهي وأنني غير مسؤول عن فهمهم أذكّره بقوله مخاطبا ابن هادي كما في مقاله: «رسالة إلى محمد بن هادي /7 جمادى الأولى 1439 الموافق لـ 24 يناير 2018»:
«لا تقل كما قال سلمان العودة: «لست مسؤولاً عن فهم الناس لكلامي»، بل من ربى الناس على شيء وأفهمهم مبدأ معيناً فهو حتماً مسؤول عن تربيته التي رباهم عليها، فما ظنك برب العالمين؟ هل تظن أن الله تعالى لن يحاسبك على هذه التربية التي ربيت عليها طلابك؟!».
قلت: يا سالم هل تظن بأن الله لن يحاسبك على هذه التربية التي ربيت عليها طلابك؟! أسأل الله أن يهدي قلبك وأن يخلص أتباعك من شراكك.
ختاما:
أدعو كافة من جهل حال الرجل أو تورط في شيء من التعصب له بأن يترك التقليد الأعمى جانبا وينبذ التعصب وأن يتأمل في كل ما قلته ونقلته وأن يُحكّم شريعة الله فالحق أحق أن يتبع، وكذلك أرجو من كل سلفي يقدر الأئمة وعلى رأسهم العلامة ربيع وأخيه العلامة عبيد أن يعلن براءته من هذا الطعان بعدما وقف بنفسه على عداء الرجل لهؤلاء الأخيار! أسأل الله أن يوقظكم من غفلتكم قبل فوات الأوان وبلوغ الآجال
{إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار} والحمد لله رب العالمين.
كتبه: أبو معاذ محمد مرابط
ليلة: 28 ربيع الثاني 1446 هـ
الموافق لـ 30 أكتوبر 2024 نـ
بالجزائر العاصمة