منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01 Jul 2014, 03:37 AM
عبد الحميد الهضابي عبد الحميد الهضابي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Dec 2013
المشاركات: 300
افتراضي تحذير الثقات من بتر وخيانات بدر الدين مناصرة صاحب الحمامات الحلقة الأولى

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
وقفت على رسالة لأحد الحدادية الخوارج معنونة بــ" القول الجلي في بيان عقيدة ربيع بن هادي المدخلي"
ملأها صاحبها بالفجور والكذب والخيانات على أهل العلم عموما وعلى الشيخ ربيع بن هادي حفظه الله خصوصا.
وجنّد نفسه لإحياء مذهب الخوارج والدفاع عن الإخوان المسلمين ومن شايعهم من أهل الضلال والانحراف ، والطعن في أهل العلم من أمثال العلامة الألباني وربيع بن هادي ومشايخ الجزائر وغيرهم وغيرهم بطعنات فاجرة آثمة كما سنبينه بمشيئة الله –في غير هذه الحلقة-.
بل تعدّى فجوره وجوره إلى أن حام حول تكفير بعضهم ورميهم بالكفر والزندقة والتجهّم وصرّح بأنهم مرجئة ضلال مبتدعة ونحو ذلك من العظائم وذلك في غير ما موضع من ذلك :
قوله في (ص :4): وينبغي علينا أن نعلم أنّ الذي درس أدلة المكفّرين لعُبّاد القبور و غيرهم و كذا أدلة المانعين ، ثم ّ رجّح أدلة المانعين ، فإنّه مرتدّ"
وقال في (ص : 10):" والشيخ ربيع يقول مسألة العذر بالجهل من مسائل الخلاف أي قد اطلع على أدلة الأطراف المتنازعة فما حكمه ؟
1 ـ أقول : هذا التكفيري الجهول ينطلق من قاعدة فاجرة تلقّاها من أسياده الحدادية من أمثال أحمد الحازمي التكفيري كما نقل عنه في (ص : 4 ):" يقول الحازمي: (الذي يعذر بالجهل ، هذا إن كان قد وقف على كلام أهل العلم وتركه فقد كفَر وارتد". ( شرح المستفيد في كفر تارك التوحيد ، (شريط 13 )

2 ـ لقدحكم هذا التكفيري الخارجي وخدينه الحازمي على كثير من علماء الإسلام الذين يعذرون بالجهل قديما وحديثا بالردة من أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية و ابن القيم ومحمد بن عبدالوهاب وأحفاده والألباني وابن عثيمين وعبد الله البسام وربيع بن هادي ووصي الله عباس وغيرهم وغيرهم.
وكما هومقرر شرعا -عند أهل السنة- أن الطعن في علماء السنة الذابين عنها من علامات أهل البدع والضلال ، بل كان السلف رحمة الله عليهم يعدّون الرّجل من أهل البدع بمجرد طعنه عليهم،
قال الإمام أحمد رحمه الله : إذا رأيت الرجل يغمز حماد بن سلمة فاتهمه على الإسلام؛ فإنّه كان شديداً على المبتدعة.[1]
قال أبو زرعة رحمه الله : "إذا رأيت الكوفي يطعن على سفيان الثوري وزائدة : فلا تشك أنّه رافضي، وإذا رأيت الشامي يطعن على مكحول والأوزاعي: فلا تشك أنّه ناصبي، وإذا رأيت الخراساني يطعن على عبد الله بن المبارك : "فلا تشك أنّه مرجئ، واعلم أنّ هذه الطوائف كلها مجمعة على بغض أحمد بن حنبل؛ لأنّه ما من أحد إلا وفي قلبه منه سهم لا بُرْء له".[2]
وقال نعيم بن حمّاد : "إذا رأيت العراقي يتكلم في أحمد بن حنبل فاتّهمه في دينه، وإذا رأيت البصري يتكلم في وهب بن جرير فاتّهمه في دينه، وإذا رأيت الخراساني يتكلم في إسحاق بن راهويه فاتّهمه في دينه".[3]
وقال أبو جعفر محمد بن هارون المخرمي الفلاّس: "إذا رأيت الرجل يقع في أحمد بن حنبل فاعلم أنَّه مبتدع ضالّ".[4]
وقال أبو حاتم الرازي: "إذا رأيت الرّازي وغيره يبغض أبا زرعة فاعلم أنَّه مبتدع".[5]
وقال أبو حاتم -أيضاً-: "علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر" .[6]
وقال الإمام أبو عثمان الصابوني: "وعلامات البدع على أهلها بادية ظاهرة، وأظهر آياتهم وعلاماتهم شدة معاداتهم لحملة أخبار النبي صلى الله عليه وسلم واحتقارهم واستخفافهم بهم .[7]
وقال ابن أبي داود في "قصيدته "
ولاتك من قوم تلهوا بدينهم فتطعن في أهل الحديث وتقدح.
وقال السفاريني: "ولسنا بصدد ذكر مناقب أهل الحديث فإنَّ مناقبهم شهيرة ومآثرهم كثيرة وفضائلهم غزيرة، فمن انتقصهم فهو خسيس ناقص، ومن أبغضهم فهو من حزب إبليس ناكص".[8]
وهذا الرجل الأفاك الخائن يجعل الحقّ باطلا والهدى ضلالا والحسن سيّئا والسيّء حسنا بسبب كذبه وفجوره وبتره لكلام أهل العلم وبذلك يكون قد فاق أعداء السلف والمنهج السلفي في الفجور وقلب الحقائق.
فأحببت في هذه الحلقة أن نقف بعض الوقفات مع بعض كلامه الذي جانب الصواب فيه ،ولأبيّن خبثه وسوء طويّته ببتره وخياناته وبتلاعبه بكلام أهل العلم ،وأعلّق على بعض كلامه المستهجن القبيح ،لعلّ الله أن يكتب لنا المثوبة من عنده إنه جواد كريم.

الوقفة الأولى :
1- قال الحدادي في "القول الجلي في عقيدة ربيع بن هادي المدخلي"(ص:4 – 6) :" و قال الشيخ ربيع : ( " قل إنّ صلاتي و نسكي ، و محياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له و بذلك أمرت و أنا أوّل المسلمين " ، .....و له الذبح وحده - سبحانه و تعالى - و لا شريك له في شيء من ذلك ، و من صرف شيئا من هذه لغير الله وقع في الشّرك ، فمن كان وقع فيها ، و هو يعلم ، فهو كافر ، و قامت عليه الحجّة ، و من كان جاهلا تقام عليه الحجّة ، فإن عاند يكفر ، و يخرج من دائرة الإسلام ..إن كان عالما ذلك وجب عليك أن تخرجه من الإسلام ، و إن كان جاهلا ، فأنت تخرجه من دائرة الإسلام بعد إقامة الحجّة عليه ) [ عون الباري ببيان ما تضمنه شرح السنة للبربهاريّ 1/290 ] .
تأمل قوله :" و إن كان جاهلا ، فأنت تخرجه من دائرة الإسلام بعد إقامة الحجة عليه" ، أي: هو مسلم مع وقوعه في الشرك الأكبر ، و هذا مخالف لإجماع المسلمين ، حيث نقل ابن القيّم الإجماع على أنّ المقلد في المكفّرات ليس مسلما ، قال : ( ..وقد اتفقت الأمّة على أنّ هذه الطبقة كفار وإن كانوا جهّالا مقلدين لرؤسائهم وأئمّتهم إلا ما يُحكى عن بعض أهل البدع أنّه لم يحكم لهؤلاء بالنار وجعلهم بمنزلة من لم تبلغه الدّعوة وهذا مذهب لم يقل به أحد من أئمّة المسلمين لا الصّحابة ولا التابعين ولا من بعدهم وإنّما يعرف عن بعض أهل الكلام المحدث في الإسلام وقد صحّ عن النبيّ أنّه قال :" ما من مولود إلا وهو يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يُمجِّسانِه " فأخبر أنّ أبويه ينقلانه عن الفطرة إلى اليهوديّة والنصرانيّة والمجوسيّة ولم يعتبر في ذلك غير المربي والمنشأ على ما عليه الأبوان.
وصحّ عنه أنّه قال : " إنّ الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة "وهذا المقلد ليس بمسلم وهو عاقل مكلف ) .اهـ

أقول : واضح أنّ هذا الحدادي لا يرى اشتراط إقامة الحجة ،ولا العذر بالجهل،وهذا يخالف النصوص القرآنية وما بناه الأئمة الكبار على هذه النصوص.
وهم يرون أنّ الذبح لغير الله ودعاء غير الله شرك أكبر ،فمن كان عالما كفرّوه، ومن كان جاهلا يعتقدون أنه وقع في الشرك الأكبر لكنهم يشترطون لتكفيره إقامة الحجة والشيخ ربيع حفظه الله على هذا.
وإنّ الضلال الكبير هو في من لا يرى هذه الأعمال الشركية شركا ويحارب من يعتقد أنه شرك،ويستميت في الدفاع عن هذا الشرك.
-بالنسبة إلى كلام ابن القيّم رحمه الله الظاهر أنّ هذا الإمام يقصد بهذا الكلام الكفار الأصليين الذين يكذبون الرسل من الأمم الكافرة، ومن يكفر برسول الله صلّى الله عليه وسلّم ويكذّبه ويكذّب ما جاء به من القرآن وما دلّ عليه من اليهود والنصارى والمجوس والهندوك وغيرهم ممّن كذّب محمدا صلى الله عليه وسلّم، وكفر بما أنزل عليه .
وممّا يؤكد هذا الفهم لكلام الإمام ابن القيّم رحمه الله قوله في "الطرق الحكمية":" الجهمية الذين أخرجهم كثير من السلف من الثنتين والسبعين فرقة ؟
وعلى هذا ، فإذا كان الناس فساقا كلهم إلا القليل النادر : قبلت شهادة بعضهم على بعض ، ويحكم بشهادة الأمثل من الفساق فالأمثل ، هذا هو الصواب الذي عليه العمل ، وإن أنكره كثير من الفقهاء بألسنتهم ، كما أن العمل على صحة ولاية الفاسق ، ونفوذ أحكامه ، وإن أنكروه بألسنتهم ، وكذلك العمل على صحة كون الفاسق وليا في النكاح ووصيا في المال .
والعجب ممن يسلبه ذلك ويرد الولاية إلى فاسق مثله ، أو أفسق منه .
فإن العدل الذي تنتقل إليه الولاية قد تعذر وجوده ، وامتاز الفاسق القريب بشفقة القرابة ، والوصي باختيار الموصى له وإيثاره على غيره ، ففاسق عينه الموصي ، أو امتاز بالقرابة : أولى من فاسق ليس كذلك ، على أنه إذا غلب على الظن صدق الفاسق قبلت شهادته وحكم بها ، والله سبحانه لم يأمر برد خبر الفاسق ، فلا يجوز رده مطلقا ، بل يتثبت فيه حتى يتبين ، هل هو صادق أو كاذب ؟ فإن كان صادقا قبل قوله وعمل به ، وفسقه عليه ، وإن كان كاذبا رد خبره ولم يلتفت إليه".اهـ
أقول: والروافض أكفر منهم فهذا تعريف واضح بيّن ما قرره هذا الإمام في "طريق الهجرتين في طبقات المكلفين" وأنه يقصد الكفار المكذبين للرسول صلى الله عليه وسلم وبين المبتدعة المقلدين لزعماء الفرق الضالة من جهمية وروافض.
ومعلوم أنّ عقائد الروافض قائمة على الكفر والشرك من عهد ابن سبأ إلى وقتنا هذا ولا يزدادون على مرّ العصور إلاّ شركا وضلالا.
وأنا أسأل هذا الخائن لماذا أخفى كلام ابن القيّم رحمه الله الذي لم يكفر فيه مقلدي علماء الجهمية والروافض ؟
أليس هذا من الخيانة والكتمان ؟
قال ابن القيم رحمه الله في "الطرق الحكمية"(ص : 146 ـ 137):" في المقلدين للروافض والجهمية وغلاة المرجئة ونحوهم والقدرية قال فيهم :
من كفر بمذهبه - كمن ينكر حدوث العالم ، وحشر الأجساد ، وعلم الرب تعالى بجميع الكائنات ، وأنه فاعل بمشيئته وإرادته - فلا تقبل شهادته ، لأنه على غير الإسلام ، فأما أهل البدع الموافقون لأهل الإسلام ، ولكنهم مخالفون في بعض الأصول - كالرافضة والقدرية والجهمية وغلاة المرجئة ونحوهم .
فهؤلاء أقسام : أحدها : الجاهل المقلد الذي لا بصيرة له ، فهذا لا يكفر ولا يفسق ، ولا ترد شهادته ، إذا لم يكن قادرا على تعلم الهدى ، وحكمه حكم المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ، فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم ، وكان الله عفوا غفورا .
القسم الثاني : المتمكن من السؤال وطلب الهداية ، ومعرفة الحق ، ولكن يترك ذلك اشتغالا بدنياه ورياسته ، ولذته ومعاشه وغير ذلك ، فهذا مفرط مستحق للوعيد ، آثم بترك ما وجب عليه من تقوى الله بحسب استطاعته ، فهذا حكمه حكم أمثاله من تاركي بعض الواجبات ، فإن غلب ما فيه من البدعة والهوى على ما فيه من السنة والهدى : ردت شهادته ، وإن غلب ما فيه من السنة والهدى : قبلت شهادته
القسم الثالث : أن يسأل ويطلب ، ويتبين له الهدى ، ويتركه تقليدا وتعصبا ، أو بغضا أو معاداة لأصحابه ، فهذا أقل درجاته : أن يكون فاسقا ، وتكفيره محل اجتهاد وتفصيل ، فإن كان معلنا داعية : ردت شهادته وفتاويه وأحكامه ، مع القدرة على ذلك ، ولم تقبل له شهادة ، ولا فتوى ولا حكم ، إلا عند الضرورة ، كحال غلبة هؤلاء واستيلائهم ، وكون القضاة والمفتين والشهود منهم ، ففي رد شهادتهم وأحكامهم إذ ذاك فساد كثير ، ولا يمكن ذلك ، فتقبل للضرورة ".[9]اهـ
أقول : لقد ارتكب هذا الهدادي خيانة في كتمان هذا الكلام القائم على العلم والعدل ،كتمه وأخفاه بعد اطلاعه عليه لأنه يهدم منهجه التكفيري .
كتمه ويتشبّث بقول الإمام ابن القيم رحمه الله في الكفار الأصليين ليوهم الناس بأن الإمام ابن القيم رحمه الله يكفّر جهّال المسلمين قبل إقامة الحجة عليهم.
فهو يجمع بين الكذب والخيانة.
وبهذا النقل عن الإمام ابن القيم رحمه الله ظهر أن ادّعاءه نقل الإجماع عنه كذب منه ،وكيف يقوم الإجماع على مخالفة النصوص الواضحة على أنه لا بد من إقامة الحجة قبل التكفير.
2 -وقول هذا الحدادي : "ووضّح عبد اللطيف الأمر أكثر فقال في [ منهاج التأسيس ص 134 ] :( مع أنّ العلامة ابن القيّم - رحمه الله - جزم بكفر المقلدين لشيوخهم في المسائل المكفّرة إذا تمكّنوا من طلب الحقّ ومعرفته ، وتأهّلوا لذلك. فأعرضوا ولم يلتفتوا.ومن لم يتمكن ولم يتأهّل لمعرفة ما جاءت به الرّسل فهو عنده من جنس أهل الفترة ممّن لم تبلغه دعوة رسول من الرّسل. وكلا النّوعين لا يحكم بإسلامهم ولا يدخلون في مسمّى المسلمين، حتى عند من لم يكفر بعضهم ..، وأمّا الشّرك فهو يصدق عليهم، واسمه يتناولهم وأيّ إسلام يبقى مع مناقضة أصله ؟ ) .اهـ
أقول : إنّ كلام الشيخ عبد اللطيف الذي عزاه إلى ابن القيّم إنما هو في المقلدين للكفار الأصليين المكذبين للرسل والكافرين بما جاؤوا به كما عرف القارئ من كلام الإمام ابن القيّم الذي صرّح به في "الطرق الحكمية".
وكلام الشيخ عبد اللطيف الثاني في ردّه على العراقي ابن جرجيس واضح في أنه يقصد أعمال الكفر والشرك ،فإن الشرك لا يسمّى إلا شركا وإنّ الكفر لا يسمى إلاّ كفرا ولا يقصد تسمية الجهال الذين لم تقم عليهم الحجة بالكفار والمشركين وهو ممن يقول بالعذر بالجهل ولا يكفر إلاّ من قامت عليه الحجة ولا يطلق عليه اسم الكفر أو الشرك وإنما سمّى عمله شركا وكفرا ،وكلامه هنا واضح في العذر بالجهل واشتراط قيام الحجة قبل التكفير ،وهذا بخلاف ما عليه الخوارج والحدادية الخارجية ومنهم هذا الجاهل الغبي الذي لا يعذر بالجهل ولا يشترط إقامة الحجة ويحرف كلام أهل العلم لتأييد منهجه الباطل.
3 - قال الحدادي الجهول (ص : 6 ـ 7): ": و قال سليمان بن سحمان في [ كشف الأوهام والالتباس ص47 ] -موضحا قول ابن القيم وقد فصّل وبيّن حكم هذه المسألة ووضحها وبينها في الطبقات وسيأتـي بيانه-.
قال رحمه الله : موضّحا قول ابن القيم : ( وقد فصّل وبيّن حكم هذه المسألة ووضّحها في الطبقات وسيأتي بيانه ، وأنّه لم يستثن إلا العاجز عن إدراك الحقّ مع شدّة طلبه وإرادته له وليس كلامه في خصوص الجهميّة النّفاة المعطلين أهل العناد وأتباعهم المعرضين عن طلب الحقّ بل صريح كلامه في الجهّال المقلدين لهم من المتكلمين وغيرهم ممّن دخل عليه شيء من كلام الجهميّة من أهل المذاهب الأربعة وغيرهم من طوائف أهل البدع الذين أحسنوا الظنّ بمن قلدوه ممّن نزع إلى مذهب الجهميّة فأعرضوا عن طلب الحقّ واستسهلوا التقليد وردّوا قول الرّسول وطعنوا في دينه لظنّهم أنّ ما قالته أشياخهم هو الحقّ وسيأتي تفصيله في هؤلاء )
تأمّل قوله " بل صريح كلامه في الجهّال المقلدين لهم من المتكلمين وغيرهم ممّن دخل عليه شيء من كلام الجهميّة من أهل المذاهب الأربعة وغيرهم.." ، هل المذاهب الأربعة تابعة للكفار الأصليّين ؟ ! ! ! ! !
ربما يقول قائل : بلغه القرآن و السّنّة ، ولكنّه إلى العُجمة أقرب منه إلى العربيّة ، فكيف نحكم عليه بالشّرك إذا تلبّس به ؟
الجواب : قال ابن القيم رحمه الله : ( الفرق بين مقلد تمكن من العلم ومعرفة الحقّ فأعرض عنه، ومقلد لم يتمكن من ذلك بوجه، والقسمان واقعان في الوجود، فالمتمكن المعرض مفرط تارك للواجب عليه لا عذر له عند الله، وأمّا العاجز عن السؤال والعلم الذى لا يتمكن من العلم بوجه فهم قسمان أيضاً
أحدهما : مريد للهدى مُؤْثِر له مُحبّ له، غير قادر عليه ولا على طلبه لعدم من يرشده ، فهذا حكمه حكم أرباب الفترات ، ومن لم تبلغه الدّعوة.
الثاني : معرض لا إرادة له ، ولا يحدث نفسه بغير ما هو عليه.
فالأول يقول : يا ربّ لو أعلم لك ديناً خيراً ممّا أنا عليه لدِنْت به وتركت ما أنا عليه ولكن لا أعرف سوى ما أنا عليه ولا أقدر على غيره، فهو غاية جهدي ونهاية معرفتي
والثاني : راض بما هو عليه لا يؤثر غيره عليه ولا تطلب نفسه سواه ولا فرق عنده بين حال عجزه وقدرته، وكلاهما عاجز وهذا لا يجب أن يلحق بالأوّل لِما بينهما من الفرق : فالأَوّل كمن طلب الدين في الفترة ولم يظفر به فعدل عنه بعد استفراغ الوسع في طلبه عجزاً وجهلاً ، والثاني كمن لم يطلبه ، بل مات في شركه وإن كان لو طلبه لعجز عنه، ففرق بين عجز الطالب وعجز المعرض.) [ طريق الهجرتين الطبعة السابعة عشرة ] .اهـ

1 ـ أقول : هذا التقسيم من الإمام ابن القيم رحمه الله يقصد به المقلدين لكفار المحاربين للإسلام المكذبين للرسول صلى الله عليه وسلم وللقرآن ولماجاء به.
وأما المقلدون لمثل الروافض والجهمية والقدرية وغلاة المرجئة فهؤلاء لا يكفّرهم ابن القيم رحمه الله ،وذلك لأن هذه الفرق الضالة تدّعي الإسلام والإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم وبالقرآن وبما جاء به ويدّعون أنهم أولياء الله فينخدع الجهال بهذه الدعاوى.
2 ـ تقدم أنّ كلام ابن القيم في "الطبقات" إنما يعني به الكفار للرسل ورسالاتهم والمكذبين لرسول محمد صلّى اله عليه وسلّم ورسالته.
3 - انظر إلى قول ابن سحمان في أتباع الجهمية من أتباع المذاهب الأربعة وغيرهم من أهل البدع الذين أحسنوا بهم الظن وقلّدوهم وتقدّم أنّ هذا الجاهل الحدادي قد استنكر على الشيخ ربيع حفظه الله إطلاقه لفظ "المبتدعة "على من وقع في الشرك من الجهال.
4 -تقدم كلام ابن القيّم في المغايرة بين مقلدي الكفار المكذبين للرسل ورسالاتهم وبين الجهّال الذين قلّدوا الجهمية والرافضة وأنه يعذر هذا النوع بالجهل.
5 – تقدّم تفريق الإمام ابن القيم بين المقلّدين للكفار أعداء الرسل المكذّبين لهم ولرسالاتهم ويرمونهم بالكذب على الله ،وبين الجهّال ممن يؤمن بالرسل ورسالاتهم ويحبّهم ولا سيّما محمدا صلّى الله عليه وسلّم، ثم إنهم يقعون بجهلهم في تقليد أئمة الروافض والجهمية لإحسانهم الظن بهم واعتقادهم أنهم على دين الله الحق ، فيعذر هؤلاء ولا يعذر المعرضين عن الحق.
والشيخ ربيع حفظه الله على هذا المنهج الذي قرّره ابن القيم وقبله شيخ الاسلام وبعده الإمام محمد بن عبد الوهاب وكبار أتباعه وستأتي أقوالهم في العذر بالجهل لمن وقع في الشرك..
4 ـ وقال هذا الحدادي (ص : 70): "ويقول ابن القيم - رحمه الله تعالى - في قوله - تعالى - : " وقالوا لو كنّا نسمع أو نعقل ما كُنّا في أصحاب الجحيم " : ( فهذا السّمع المنفيّ عنهم سمع الفهم والفقه ، وقوله - تعالى - : " ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم " أي لأفهمهم ، والسّمع هنا سمع فهم ، وإلاَّ فسمع الصّوت حاصل لهم ، وبه قامت حجّة الله عليهم) [ مفتاح دار السعادة 1/81 - 105.]
أقول: كلام ابن القيم رحمه الله في (1\102)ونصه :
"وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير فهذا السمع المنفي عنهم سمع الفهم والفقه والمعنى ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم سمعا ينتفعون به وهو فقه المعنى وعقله وإلا فقد سمعوه سمعا تقوم به عليهم الحجة ولكن لما سمعوه مع شدة بغضه وكراهته ونفرتهم عنه لم يفهموه ولم يعقلوه والرجل إذا اشتدت كراهته للكلام ونفرته عنه لم يفهم ما يراد به فينزل منزلة من لم يسمعه قال تعالى { ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون } هود : 20 ]، نفى عنه استطاعة السمع مع صحة حواسهم وسلامتها وإنما لفرط بغضهم ونفرتهم عنه وعن كلامه صاروا بمنزلة من لا يستطيع أن يسمعه ولا يراه وهذا استعمال معروف للخاصة والعامة يقولون لا أطيق انظر إلى فلان ولا أستطيع أن أسمع كلامه من بغضه ونفرته عنه وبعض الجبرية يحتج بهذه الآية وشبهها على مذهبهم ولا دلالة فيها إذ ليس المراد سلبهم السمع والبصر الذي تقوم به الحجة قطعا وإنما المراد سلب السمع الذي يترتب عليه فائدته وثمرته والقدر حق ولكن الواجب تنزيل القرآن منازله ووضع الآيات مواضعها واتباع الحق حيث كان ومثل هذا إذا لم يحصل له فهم الخطاب لا يعذر بذلك لأن الآفة منه وهو بمنزلة من سدّ أذنيه عند الخطاب فلم يسمعه فلا يكون ذلك عذرا له ومن هذا قولهم قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب يعنون أنهم في ترك القبول منه ومحبة الإسماع لما جاء به وإيثار الإعراض عنه وشدة النفار عنه بمنزلة من لا يعقله ولا يسمعه ولا يبصر المخاطب لهم به فهذا هو الذي يقولون لا خلود في النار ولو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ولهذا جعل ذلك مقدورا لهم وذنبا اكتسبوه فقال تعالى { فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير } [ الملك الآية 11] والله تعالى ينفي تارة عن هؤلاء العقل والسمع والبصر فإنها مدارك العلم وأسباب حصوله وتارة ينفى عنهم السمع والعقل وتارة ينفى عنهم السمع والبصر وتارة ينفى عنهم العقل والبصر وتارة ينفى عنهم وحده فنفى الثلاثة نفي لمدارك العلم بطريق المطابقة ونفى بعضها نفي له بالمطابقة والآخر باللزوم فإن القلب إذا فسد فسد السمع والبصر بل أصل فسادهما من فساده وإذا فسد السمع والبصر فسد القلب فإذا أعرض عن سمع الحق وأبغض قائله بحيث لا يحب رؤيته امتنع وصول الهدى إلى القلب ففسد وإذا فسد السمع والعقل تبعهما فساد البصر فكل مدرك من هذه يصح بصحة الآخرويفسد بفساده.اهـ
أقول : هذا الإمام لا يقصد الجاهل المعذور من أمة محمد صلى الله عليه وسلم
وإنما يقصد الكفار الأصليين الذين كذّبوا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وكذّبوا بالقرآن فلا يطيقون سماعه.
تأمل قوله: " ولكن لما سمعوه مع شدة بغضه وكراهته ونفرتهم عنه لم يفهموه ولم يعقلوه " .
وتأمل قوله: " نفى عنه استطاعة السمع مع صحة حواسهم وسلامتها وإنما لفرط بغضهم ونفرتهم عنه وعن كلامه صاروا بمنزلة من لا يستطيع أن يسمعه ولا يراه...".
لقد حذف هذا الحدادي هذا الكلام الذي هو من صفات الكفار الأصليين و لا توجد في الجاهل فإن الجاهل من أمة محمد صلى الله عليه وسلم يحب الرّسول ويحب القرآن ويحب سماعه.
فإذا لاحجة له في كلام الإمام ابن القيم رحمه الله وإنما هو حجة عليه .
والإمام محمد مشهور عنه وعن أتباعه إعذار من وقع في الشرك حتى تقام عليه الحجة.
5 - قال الحدادي المتلون في (ص:16-17): "وقال عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن - رحمه الله - : ( إنّ ابن القيّم - رحمه الله - جزم بكفر المقلدين لشيوخهم في المسائل المكفّرة إذا تمكنوا من طلب الحقّ ومعرفته، وتأهلوا لذلك ، فأعرضوا ولم يلتفتوا. ومن لم يتمكّن ولم يتأهّل لمعرفة ما جاءت به الرّسل فهو عنده من جنس أهل الفترة ممّن لم تبلغه دعوة رسول من الرّسل. وكلا النّوعين لا يُحكم بإسلامهم ولا يدخلون في مسمّى المسلمين، حتى عند من لم يُكفِّر بعضهم وسيأتيك كلامه، وأمّا الشّرك فهو يصدق عليهم، واسمه يتناولهم، وأيّ إسلام يبقى مع مناقضة أصله وقاعدته الكبرى: شهادة أن لا إله إلا الله، وبقاء الاسم ومسمّاه مع بعض ما ذكر الفقهاء في باب حكم المرتدّ أظهر من بقائه مع عبادة الصّالحين ودعائهم ) [منهاج التأسيس ص99 ].اهـ
أقول : إنّ للإمام ابن القيم رحمه الله قولين :
الأوّل : في الكفار المقلدين الأصليين الذين لا يؤمنون بالله ورسله واليوم الآخر فهؤلاء المقلدون لهؤلاء الكفار قد حكم عليهم الإمام ابن القيّم رحمه الله بالكفر وله ما يؤيده من القرآن كقول الله عنهم :{ ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا } [ الأحزاب : 68 ] وهذا القول في" طريق الهجرتين".
والقول الثاني: في "الطرق الحكمية"(ص:146 ـ 147): في المقلدين للروافض والجهمية وغلاة المرجئة ونحوهم والقدرية قال فيهم :
الطريق السادس عشر الحكم بشهادة الفساق - وذلك في صور : إحداها : الفاسق باعتقاده ، إذا كان متحفظا في دينه ، فإن شهادته مقبولة وإن حكمنا بفسقه ، كأهل البدع والأهواء الذين لا نكفرهم ، كالرافضة والخوارج والمعتزلة ، ونحوهم ، هذا منصوص الأئمة
قال الشافعي : أقبل شهادة أهل الأهواء بعضهم على بعض ، إلا الخطابية فإنهم يتدينون بالشهادة لموافقيهم على مخالفيهم .
ولا ريب أن شهادة من يكفر بالذنب ويعد الكذب ذنبا أولى بالقبول ممن ليس كذلك ، ولم يزل السلف والخلف على قبول شهادة هؤلاء وروايتهم .
وإنما منع الأئمة - كالإمام أحمد بن حنبل وأمثاله - قبول رواية الداعي المعلن ببدعته وشهادته ، والصلاة خلفه : هجرا له ، وزجرا لينكف ضرر بدعته عن المسلمين ، ففي قبول شهادته وروايته ، والصلاة خلفه ، واستقضائه وتنفيذ أحكامه : رضى ببدعته ، وإقرار له عليها ، وتعريض لقبولها منه .
قال حرب : قال أحمد : لا تجوز شهادة القدرية والرافضة وكل من دعا إلى بدعة ويخاصم عليها .
قال الميموني : قال أبو عبد الله في الرافضة - لعنهم الله - : لا تقبل شهادتهم ولا كرامة لهم .
وقال إسحاق بن منصور ، قلت لأحمد : كان ابن أبي ليلى يجيز شهادة كل صاحب بدعة إذا كان فيهم عدلا ، لا يستحل شهادة الزور .
قال أحمد : ما تعجبني شهادة الجهمية والرافضة والقدرية والمعلنة .
وقال الميموني : سمعت أبا عبد الله يقول : من أخاف عليه الكفر - مثل الروافض والجهمية - لا تقبل شهادتهم ولا كرامة لهم .
وقال في رواية يعقوب بن بختان : إذا كان القاضي جهميا لا نشهد عنده .
وقال أحمد بن الحسن الترمذي : قدمت على أبي عبد الله ، فقال : ما حال قاضيكم ؟ لقد مد له في عمره ، فقلت له : إن للناس عندي شهادات ، فإذا صرت إلى البلاد لا آمن إذ أشهد عنده أن يفضحني ، قال : لا تشهد عنده ، قلت : يسألني من له عندي شهادة ، قال : لك ألا تشهد عنده .
من كفر بمذهبه - كمن ينكر حدوث العالم ، وحشر الأجساد ، وعلم الرب تعالى بجميع الكائنات ، وأنه فاعل بمشيئته وإرادته - فلا تقبل شهادته ، لأنه على غير الإسلام ، فأما أهل البدع الموافقون لأهل الإسلام ، ولكنهم مخالفون في بعض الأصول - كالرافضة والقدرية والجهمية وغلاة المرجئة ونحوهم .
فهؤلاء أقسام : أحدها : الجاهل المقلد الذي لا بصيرة له ، فهذا لا يكفر ولا يفسق ، ولا ترد شهادته ، إذا لم يكن قادرا على تعلم الهدى
، وحكمه حكم المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ، فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم ، وكان الله عفوا غفورا .
القسم الثاني : المتمكن من السؤال وطلب الهداية ، ومعرفة الحق ، ولكن يترك ذلك اشتغالا بدنياه ورياسته ، ولذته ومعاشه وغير ذلك ، فهذا مفرط مستحق للوعيد ، آثم بترك ما وجب عليه من تقوى الله بحسب استطاعته ، فهذا حكمه حكم أمثاله من تاركي بعض الواجبات ، فإن غلب ما فيه من البدعة والهوى على ما فيه من السنة والهدى : ردت شهادته ، وإن غلب ما فيه من السنة والهدى : قبلت شهادته
القسم الثالث : أن يسأل ويطلب ، ويتبين له الهدى ، ويتركه تقليدا وتعصبا ، أو بغضا أو معاداة لأصحابه ، فهذا أقل درجاته : أن يكون فاسقا ، وتكفيره محل اجتهاد وتفصيل ، فإن كان معلنا داعية : ردت شهادته وفتاويه وأحكامه ، مع القدرة على ذلك ، ولم تقبل له شهادة ، ولا فتوى ولا حكم ، إلا عند الضرورة ، كحال غلبة هؤلاء واستيلائهم ، وكون القضاة والمفتين والشهود منهم ، ففي رد شهادتهم وأحكامهم إذ ذاك فساد كثير ، ولا يمكن ذلك ، فتقبل للضرورة ".[10]اهـ
فالظاهر أنّ العلامة عبد اللطيف يقصد النوع الأوّل يؤكد هذا أنه ممن يعذر بالجهل وسيأتي كلامه إن شاء الله.
6 ـ قال الحدادي المتلون في (ص: 22 ): "الشيخ ربيع يخرق الإجماع .
فقد مرّ معنا أنّ الشيخ ربيعا خالف إجماع المسلمين الذي نقله ابن القيّم و عبد الرّحمن بن حسن و أبو بطين وغيرهم ، و كانت المخالفة في مسألة المتلبّس بالشّرك الأكبر ، حيث سمّاه مسلما و عذره بالجهل ، و الإجماع يقول ليس بمسلم ، فما حكم من فعل ذلك ؟.اهـ

1- أقول : سبق للقارئ أن هذا الكلام الذي نسبه إلى الشيخ ربيع لم أجده في الموضع المحال عليه فلا يبعد أن يكون افتراه.
2- كل من الإمام ابن القيم و عبد الرحمن بن حسن يعذر بالجهل وقد تقدم النقل عن الإمام ابن القيم.
وأعيد الآن بعضه قال رحمه الله في "الطرق الحكمية"( ص: 146): " من كفر بمذهبه - كمن ينكر حدوث العالم ، وحشر الأجساد ، وعلم الرب تعالى بجميع الكائنات ، وأنه فاعل بمشيئته وإرادته - فلا تقبل شهادته ، لأنه على غير الإسلام ، فأما أهل البدع الموافقون لأهل الإسلام ، ولكنهم مخالفون في بعض الأصول - كالرافضة والقدرية والجهمية وغلاة المرجئة ونحوهم .
فهؤلاء أقسام : أحدها : الجاهل المقلد الذي لا بصيرة له ، فهذا لا يكفر ولا يفسق ، ولا ترد شهادته ، إذا لم يكن قادرا على تعلم الهدى ، وحكمه حكم المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ، فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم ، وكان الله عفوا غفورا ".اهـ
انظر: إلى كلام ابن القيم رحمه الله حيث لم يحكم على من قلّد الروافض والجهمية والقدرية وغلاة المرجئة، لم يحكم على من قلّد إحدى هذه الطوائف بأنه لا يكفر ولا يفسق ولا ترد شهادته ،ومقلّدي هذه الأصناف عند هذا المتلون كفار لا يجوز عنده أن يسمّوا مسلمين
فما حكم الإمام ابن القيم ؟
إنه على منهج هذا المتلون قد خرق الإجماع
ومعلوم أن السلف لم يجمعوا على كفر الروافض والجهمية بل اختلفوا في ذلك ،فلم يحارب بعضهم بعضا وهذا ابن القيم لم يطلق عليهم الكفر.
وأما عبد الرحمن بن حسن فلا يكفر من يترك الأركان الأربعة ولا من يقع في شرك القبور، فما حكمه عند هذا الجاهل المبطل الكثيرالدعاوى للإجماع وغيره ؟
فهذا المفتري يقتضي قوله هذا تكفير كل من خالف دعواه من العلماء.
7 ـ قال هذا الحدادي الخارجي (ص : 49):" الشيخ ربيع لم يحقق مذهب ابن القيّم في العذر بالجهل .
قال الشيخ ربيع : ( هذا مذهب ابن تيمية وابن القيم وأئمّة السّلف ؛ لأنّ الذي يقع في الكفر وهو مسلم ويعتز بالإسلام لكنّه وقع في الكفر ؛ فهذا لا نكفّره إلا بعد قيام الحجة ، لا نكفّر بالعموم والمجادلة ، نسأل الله العافية .)[ فتاوى في العقيدة والمنهج (الحلقة الثالثة) 28 ].
لم أجد قول ابن القيم الذي يعذر فيه عبّاد القبور ، إلا قولا في الطرُق الحكميّة فيه شبهة ، و هذا منطوقه : ( قلت : من كفر بمذهبه كمن ينكر حدوث العالم وحشر الأجساد وعلم الرّب - تعالى - بجميع الكائنات وأنّه فاعل بمشيئته وإرادته فلا تقبل شهادته لأنّ على غير الإسلام فأمّا أهل البدع الموافقون لأهل الإسلام ولكنّهم مخالفون في بعض الأصول كالرّافضة والقدريّة والجهميّة وغلاة المرجئة ونحوهم فهؤلاء أقسام أحدها : الجاهل المقلد الذي لا بصيرة له ، فهذا لا يكفر ولا يفسق ولا تردّ شهادته إذا لم يكن قادرا على تعلم الهدى ، وحكمه حكم المستضعفين من الرّجال والنّساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا )[ الطرق الحكمية 254 ] .
تأمّل قوله " فأمّا أهل البدع الموافقون لأهل الإسلام " ، ابن القيم يتكلم عن أهل البدع و ليس عن عباد القبور .اهـ

أقول : ارتكب هذا الخارجي خيانة وكتمانا لكلام ابن القيم رحمه الله الذي يدينه بالغلوّ ومذهب الخوارج.
قال ابن القيم رحمه الله : وفسق الاعتقاد: كفسق أهل البدع الذين يؤمنون بالله ورسوله واليوم الآخر، ويحرمون ما حرم الله، ويوجبون ما أوجب الله، ولكن ينفون كثيرا مما أثبت الله ورسوله، جهلا وتأويلا، وتقليدا للشيوخ، ويثبتون ما لم يثبته الله ورسوله كذلك
وهؤلاء كالخوارج المارقة ، وكثير من الروافض ، والقدرية ، والمعتزلة ، وكثير من الجهمية الذين ليسوا غلاة في التجهم .
وأما غالية الجهمية فكغلاة الرافضة ، ليس للطائفتين في الإسلام نصيب .
ولذلك أخرجهم جماعة من السلف من الثنتين والسبعين فرقة ، وقالوا : هم مباينون للملة. [11]
وقال رحمه الله : في "الطرق الحكمية" (ص :146-147).-في المقلدين للروافض والجهمية وغلاة المرجئة ونحوهم والقدرية- قال فيهم:
من كفر بمذهبه - كمن ينكر حدوث العالم ، وحشر الأجساد ، وعلم الرب تعالى بجميع الكائنات ، وأنه فاعل بمشيئته وإرادته - فلا تقبل شهادته ، لأنه على غير الإسلام ، فأما أهل البدع الموافقون لأهل الإسلام ، ولكنهم مخالفون في بعض الأصول - كالرافضة والقدرية والجهمية وغلاة المرجئة ونحوهم .
فهؤلاء أقسام : أحدها : الجاهل المقلد الذي لا بصيرة له ، فهذا لا يكفر ولا يفسق ، ولا ترد شهادته ، إذا لم يكن قادرا على تعلم الهدى ، وحكمه حكم المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ، فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم ، وكان الله عفوا غفورا .
القسم الثاني : المتمكن من السؤال وطلب الهداية ، ومعرفة الحق ، ولكن يترك ذلك اشتغالا بدنياه ورياسته ، ولذته ومعاشه وغير ذلك ، فهذا مفرط مستحق للوعيد ، آثم بترك ما وجب عليه من تقوى الله بحسب استطاعته ، فهذا حكمه حكم أمثاله من تاركي بعض الواجبات ، فإن غلب ما فيه من البدعة والهوى على ما فيه من السنة والهدى : ردت شهادته ، وإن غلب ما فيه من السنة والهدى : قبلت شهادته
القسم الثالث : أن يسأل ويطلب ، ويتبين له الهدى ، ويتركه تقليدا وتعصبا ، أو بغضا أو معاداة لأصحابه ، فهذا أقل درجاته : أن يكون فاسقا ، وتكفيره محل اجتهاد وتفصيل ، فإن كان معلنا داعية : ردت شهادته وفتاويه وأحكامه ، مع القدرة على ذلك ، ولم تقبل له شهادة ، ولا فتوى ولا حكم ، إلا عند الضرورة ، كحال غلبة هؤلاء واستيلائهم ، وكون القضاة والمفتين والشهود منهم ، ففي رد شهادتهم وأحكامهم إذ ذاك فساد كثير ، ولا يمكن ذلك ، فتقبل للضرورة ".اهـ
وقال المجد ابن تيمية رحمه الله : الصحيح أن كل بدعة كفرنا فيها الداعية ، فإنا نفسق المقلد فيها ، كمن يقول بخلق القرآن ، أو بأن ألفاظا به مخلوقة ، أو أن علم الله مخلوق ، أو أن أسماءه تعالى مخلوقة.[12]

الوقفة الثانية :
قال الحدادي التكفيري في (ص :79): "الشيخ ربيع و التكفير:
الشيخ ربيع ينفي عن نفسه قضيّة التكفير،لكننا إذا تمعّنّا في أقواله ظهر شيء آخر ، و إليك البيان :
قال الشيخ ربيع المدخلي في شأن الإخوان المسلمين : ( هؤلاء لا دين لهم، أنا اعتقد أنّهم زنادقة مجرمون ).
وقال في مقال عنونه بـ" ربيع بن هادي المدخلي التكفيريّ":" لماذا يكفّر غيره ثمّ يتورّع الورع البارد ، و كأنّه حمْل وديع عندما كفّر الإخوان المسلمين ، فقد قال في حقهم : ( هؤلاء لا دين لهم، أنا اعتقد أنّهم زنادقة مجرمون ).
أليس ربيع تكفيريّ ؟ بلى ، لكنّه استعمل غباء أتباعه ".
بل الرجل كذّاب ، فقد نفى أن يكون كفّر أحدا حيث قال : ( وأمّا أنّي أطلقت على الجماعات كلمات الكفر، ورميتهم بالزندقة والإلحاد والخروج ؛ فليذكر مواضع ذلك من كتبي ، فإن عجز عن ذلك ؛ وإلا فهي من مصنعه الفيّاض ، فلتضَف إلى قاموسه الواسع )
أهذا عالم يؤخذ عنه العلم ؟ فما ردّكم يا أتباع القدّيس ؟ ".اهـ

1 ـ أقول : إن منهجك هذا الذي دونته في هذا البحث يقتضي تكفير الإخوان المسلمين وأمثالهم بل ومن دونهم.
2 ـ الشيخ ربيع حفظه الله يحارب التكفير في كتاباته وفي دروسه وكذلك السلفيون في كل مكان يحاربون التكفير.
3 ـ هذا الكلام الذي تنسبه إلى الشيخ ربيع حفظه الله قد ارتكبت فيه خيانة كبيرة فإن الشيخ ربيع حفظه الله قال : "هؤلاء لا دين لهم أنا أعتقد بينهم زنادقة مجرمين يريدون دمار الأمة".
فانظر هذا الفجور والخيانة والمكر الكبار حيث حرّف كلام الشيخ ربيعا حفظه الله في قوله: "أنا أعتقد بينهم زنادقة" فحذف كلمة "بينهم" ليوهم الناس أن الشيخ حفظه الله يكفّر الإخوان المسلمين جميعا ،وكذب وافترى فليس هذا من منهج الشيخ ربيع حفظه الله الذي يحاربه-أي:التكفير بالباطل-.
فالشيخ ربيع حفظه الله يقرر أن في الإخوان زنادقة مجرمين وهذا مما لا شك فيه ولا ارتياب ،وليس كلهم زنادقة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى"(12/497): هذا مع العلم بأن كثيرًا من المبتدعة منافقون النفاق الأكبر، وأولئك كفار في الدرك الأسفل من النار، فما أكثر ما يوجد في الرافضة والجهمية ونحوهم زنادقة منافقون، بل أصل هذه البدع هو من المنافقين الزنادقة، ممن يكون أصل زندقته عن الصابئين والمشركين، فهؤلاء كفار في الباطن، ومن علم حاله فهو كافر في الظاهر أيضا .اهـ
وقال رحمه الله :" وإذا تدبّر العاقل وجد الطوائف كلها كلما كانت الطائفة إلى الله ورسوله أقرب كانت بالقرآن والحديث أعرف وأعظم عناية وإذا كانت عن الله وعن رسوله أبعد كانت عنهما أنأى حتى تجد في أئمة علماء هؤلاء من لا يميز بين القرآن وغيره بل ربما ذكرت عنده آية فقال لا نسلم صحة الحديث وربما قال لقوله عليه السلام كذا وتكون آية من كتاب الله وقد بلغنا من ذلك عجائب وما لم يبلغنا أكثر
وحدثني ثقة أنه تولى مدرسة مشهد الحسين بمصر بعض أئمة المتكلمين رجل يسمى شمس الدين الأصبهاني شيخ الأيكي فأعطوه جزءا من الربعة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم المص حتى قيل له ألف لام ميم صاد
فتأمل هذه الحكومة العادلة ليتبين لك أن الذين يعيبون أهل الحديث ويعدلون عن مذهبهم جهلة زنادقة منافقون بلا ريب ولهذا لما بلغ الإمام أحمد عن ابن أبي قتيلة أنه ذكر عنده أهل الحديث بمكة فقال قوم سوء فقام الإمام أحمد وهو ينفض ثوبه ويقول زنديق زنديق زنديق ودخل بيته".[13]
ولهذا تجد مصنفات الأئمة يصفونهم فيها بالزندقة، كما صنف الإمام أحمد ‏"‏الرد علي الزنادقة والجهمية‏"‏، وكما بوب الإمام البخاري رحمه الله بابا ‏"كتاب التوحيد والرد علي الزنادقة والجهمية‏".‏
أما كون بينهم زنادقة فهذا لا يستبعده عاقل منصف يعرف الإخوان المسلمين وتنظيمهم وأن هذا التنظيم فيه الروافض الذين يعبدون قبور أهل البيت ويؤلهونهم،ويعتقدون فيهم أنهم يعلمون الغيب ويتصرفون في الكون بل في كل ذرة من ذراة الكون ،ويكفّرون الصحابة ويقذفون أم المؤمنين عائشة بالفاحشة ،وأن الصحابة حرفوا القرآن -وهم المحرّفون للقرآن- فهؤلاء هذا وصفهم زنادقة وهذا الحدادي التكفري يدافع عن الإخوان المسلمين الذين يعتبرون الروافض من أركان ودعائم تنظيمهم .
وفي تنظيمهم نصارى والنصارى كفار وفيهم زنادقة وفيهم صوفية غلاة وعباد قبور وأهل وحدة الوجود .
والإخوان لا يمنعون أحدا أن يدخل في تنظيمهم من هذه الأصناف، حتى إن البنا الصوفي يمدح ويثني على أئمة الصوفية المرغنية ويصادقهم وهم من أهل وحدة الوجود ولهم أشعار الاتحادية ومنها قول أحد رؤوسهم :"
وكنت عين وجــــود القدس في أزل يسبح الكون تسبيحا لإجلالي
فالعـرش والفرش والأكوان أجمعها الكل في سعتي مُسْتَهْلَكٌ بالي[14]
ولا أشك أن الحدادية فصيل من فصائل الإخوان المسلمين.
ولا ينتقدون الإخوان المسلمين إلا نادرا من باب ذرّ الرّماد في العيون ،وما نعرف لهم نقدا لعقائدهم ولا لهذا الخليط في تنظيمهم.
الإخوان المسلمين لا يكفرون إلا بالحاكمية ويربون الشباب على ذلك لا حكم إلا لله لأهداف دنيئة هي الوصول إلى سدّة الحكم فإذا وصلوا إلى سدة الحكم أداروا ظهورهم للحكم بالإسلام وأنشأوا أنظمة علمانية كفرية تتظمن الديمقراطية و حرية الأديان ومساواة الأديان وليس هذا بمستغرب منهم
فعدد من كبار قاداتهم وأئمتهم يقرّرون في كتاباتهم وحدة الأديان وأخوة الأديان وحرية الأديان و على رأسهم إمامهم حسن البنا والغزالي و الترابي وهم مقدّسون عند الإخوان المسلمين
ومن أئمتهم سيد قطب الذي يطعن في عثمان وفي عدد كبير من الصحابة و يسقط خلافة عثمان و يقول تحطمت أسس الإسلام في عهده و تحطمت روح الإسلام في عهده و يطعن في نبي الله موسى عليه السلام عدة طعنات و يسخر منه.
ويعطل صفات الله ويقول بأزليّة الروح و يقول بخلق القرآن إلى ضلالات أخرى
وقد روج الإخوان المسلمين لمؤلفات سيد قطب التي تتضمن هذه الأمور الخطيرة التي ذكرتها و لا يستبعد أن الحدادية تنشقّ من هذا المنهج وجُنّدت أو جندت نفسها لحرب المنهج السلفي وهذا الحدادي أحدهم ولا نعرف لهم ردود على سيد قطب و أتباعه.


الوقفة الثالثة :
ـ قال الحدادي المتلوّن في (ص: 33-40) :"قال الشيخ ربيع : ( لا يصحّ هذا من كلام مجاهد ، وهو لا يثبت ، وليس من كلام الرّسول الكريم - عليه الصّلاة والسّلام - .. لو أخبرنا رسول الله أنّه وصل إلى العرش ، وجلس على العرش ؛ ليس في الشّرع ولا في العقل ما يمنعه ؛ لكن لم يثبت لنا الحديث ؛ لأنّ الأمر لا نتديّن ولا نؤمن به إلا إذا ثبت بالدّليل الصّحيح إلى الرّسول الكريم - عليه الصّلاة والسّلام - ؛ أمّا قول مجاهد غفر الله له ؛ فممكن أن يكون أخذه من الإسرائيليات) [ شرح كتاب السنة للبربهاري 1/453 ] ...
الشيخ ربيع ينكر حديث مجاهد المتمثل في جلوس الرّسول - عليه السّلام - يوم القيامة على العرش ، حيث جاء الأثر من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدّثنا هارون بن معروف ؛ حدثنا ابن فضيل ؛ عن ليث ؛ عن مجاهد في قوله " عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا " ؛ قال : " يقعده على العرش"؛ فحدّث به أبي - رحمه الله- ؛ فقال : كان ابن فُضيل يُحدّث به ؛ فلم يُقدَّر لي أن أسمعه منه) [ العرش 2/ 224 ] .
هل وافق الشيخ ربيع السّلفَ في معتقدهم في هذه الجزئيّة أم لا ؟
... حكم من أنكر هذا الأثر عند المتقدّمين .
-ثم نقل بعض كلام أهل في ذلك- ثم قال :
من خلال ما ذُكِر نجد أنّ القدامى حكموا على من ردّ حديث مجاهد بأنّه جهميّ، ورجل سوء و كافر ، و مبتدع خبيث ، و ما يكذّب الحديث إلا الزنادقة ..فهل يرضى الشيخ ربيع أن يُرمى بهذه الأوصاف ؟

أولا :
أقول : نعم وافق الشيخ ربيع حفظه الله أكثر السلف في هذه الجزئية ،ووافق السلف جميعا في منهجهم في ردّ الأحاديث والآثار الضعيفة لا سيّما إذا خالفت الأحاديث الصحيحة.
ثانيا :
لقد حذف هذا الرجل من كلام الشيخ ربيع حفظه الله ما يأتي:
قال الذهبي في "الميزان" (3/439) -بعد الثناء على مجاهد-: وقال أبو بكر بن عياش : قلت للأعمش : ما بال تفسير مجاهد مخالف - أو شئ نحوه ؟ قال : أخذها من أهل الكتاب .
ثم قال الذهبي : ومن أنكر ما جاء عن مجاهد في التفسير في قوله: عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا - قال : يجلسه معه على العرش ."
و علقّ الشيخ ربيع حفظه الله في "الحاشية" ما يلي:
" قال الذهبي في العلو (ص : 170) أما قضيّة قعود نبينا على العرش فلم يثبت في ذلك نص بل في الباب حديث واه وما فسّر به مجاهد الآية".
فكتم هذا المتلوّن هذين النصين من الذهبي و الشيخ ربيع ،فالبتر والكتمان صارا طبيعتة له .
ثالثا :
قول الحدادي التكفيري : "من خلال ما ذُكِر نجد أنّ القدامى حكموا على من ردّ حديث مجاهد بأنّه جهميّ، ورجل سوء و كافر ، و مبتدع خبيث ، و ما يكذّب الحديث إلا الزنادقة ..فهل يرضى الشيخ ربيع أن يُرمى بهذه الأوصاف ؟ ".اهـ
أقول : يريد هذا الخارجي التكفيري بنقل هذا الكلام في هذا السياق رمي الشيخ ربيعا حفظه الله بل والعلماء الذين ضعّفوا أثر مجاهد بالكفر ،ومن هؤلاء العلماء الطبري[15] والذهبي و ابن باز وابن عثيمين والألباني وصالح الفوزان وعبد الله الغديان وعبد العزيز آل الشيخ وغيرهم وغيرهم من علماء السنة والتوحيد.
وهل سيحكم هذا الخارجي بالكفر والتجهّم والزندقة والبدعة على العلامة ابن باز وصالح الفوزان وغيرهم ؟
حيث سبق العلامة ابن باز وابن عثيمين وصالح الفوزان وعبد الله بن غديان وعبد العزيز آل الشيخ وغيرهم الشيخ ربيع حفظه الله فيما ذهب إليه من إنكار صفة إقعاد الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم على العرش وذلك لعدم وجود نص شرعي يثبت ذلك.
جاء عن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واللإفتاء السؤال التالي رقمه (19346) :
هل تتفضلون بإيراد الحديث الدال على إقعاد النبي صلى الله عليه وسلم على العرش ؟
الجواب :
لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر شيء يجب اعتقاده فيما نعلم ، وأما الأثر المروي عن مجاهد رحمه الله تعالى فهو أثر منكر كما نص على ذلك غير واحد من أهل العلم بالحديث.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو/بكر أبوزيد
عضو/صالح الفوزان
عضو/عبد الله بن غديان
نائب الرئيس/عبد العزيز آل الشيخ
الرئيس/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "شرح عقيدة أهل السنة والجماعة"شريط رقم (12) ما نصه :
هل يصح تفسير المقام المحمود بجلوسه صلى الله عليه وسلم مع الله على العرش ؟
فأجاب بقوله : هذا غير صحيح، المقام المحمود جلوسه مع الله على العرش هذا غير صحيح، وهذا لا يثبت لأحد سوى رب العالمين.اهـ
فعلماء اللجنة وابن عثيمين مسبوقون إلى تضعيف أثر مجاهد وإثبات أنه منكر.
رابعا :
هذه الأقوال التي ساقها هذا المتلوّن كلها مدارها على الليث بن أبي سليم وواحد منها عن عبد الله بن السلام.
أما الليث بن أبي سليم ضعيف جدا و لا يجوز قبول روايته عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فضلا عن مجاهد و غيره
و هاك بيان حاله و كلام الأئمة فيه :
ليث بن أبي سليم بن زنيم أبو بكر القرشي قال أحمد مضطرب الحديث وهذا من رواية عبد الله بن أحمد عن ابنه
قال الشيخ يوسف بن عبد الهادي في "بحر الدم"(ص : 360): ليث بن أبي سليم بن زنيم، أبو يكر القرشي: قال أحمد : مضطرب الحديث، ولكن حدث عنه الناس.
وقال في رواية المروذي: ليس هو بذاك.
وقال في رواية الميموني : ضعيف الحديث عن طاوس وإذا جمع طاوسا وغيره زياد هو ضعيف.
و انظر "العلل" رواية عبد الله (4691)
و قال الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (8/466)
قال عبد الله بن أحمد عن أبيه مضطرب الحديث وقال أيضا ما رأيت يحيى بن سعيد أسوأ رأيا منه في ليث بن أبي سليم وابن إسحاق وهمام لا يستطيع أحد أن يراجعه فيهم
وقال عثمان بن أبي شيبة سألت جريرا عن ليث ويزيد بن أبي زياد وعطاء بن السائب فقال كان يزيد أحسنهم استقامة ثم عطاء وكان ليث أكثر تخليطا قال عبد الله بن أحمد سألت أبي عن هذا فقال أقول كما قال.
وقال أحمد بن سنان عن بن مهدي ليث أحسنهم حالا عندي وقال بن أبي حاتم عن أبيه قال ليث أحب إلي من يزيد كان أبرأ ساحة وكان ضعيف الحديث قال فذكرت له قول جرير فقال أقول كما قال قال وقلت ليحيى بن معين ليث أضعف من يزيد وعطاء قال نعم وقال معاوية بن صالح عن بن معين ضعيف إلا أنه يكتب حديثه وقال إبراهيم بن سعيد الجوهري عن يحيى بن معين كان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه وكذا قال عمرو بن علي وابن المثنى وعلي بن المديني وزاد عن يحيى مجال أحب إلي من ليث وحجاج بن أرطاة وقال أبو المعتمر القطيعي كان بن عيينة يضعف ليث بن أبي سليم وقال الميموني عن بن معين كان ليث ضعيف الحديث عن طاوس فإذا جمع إلى طاوس غيره فالزيادة هو ضعيف وقال علي بن محمد سألت وكيعا عن حديث من حديث ليث فقال ليث ليث كان سفيان لا يسمي ليثا وقال مؤمل بن الفضل قلنا لعيسى بن يونس لم تسمع من ليث قال قد رأيته وكان قد اختلط وكان يصعد المنارة ارتفاع النهار فيؤذن.
وقال بن أبي حاتم سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ليث لا يشتغل به هو مضطرب الحديث.اهـ
و هناك آخرون من العلماء تكلّموا في ليث بن أبي سليم.
فمن حاله عند أئمة النقد و على رأسهم الإمام أحمد و يحيى القطان تقبل روايته في باب العقيدة عن مجاهد رحمه الله تعالى الذي يروي الإسرائيليات ؟
فمن لا يقبلها رواية هذه حالها يرمى بالتجهّم ؟
بل هو سائر على منهج أئمة الحديث في ردّ روايات المنكرة ولو نسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فعلى منهج من قبل رواية ليث و طعن في من ردّها.
يلزمنا أن نقبل ونتديّن بالروايات المنكرة والإسرائيليات الباطلة ؟
غفر الله للإمام الخلال الذي قبل هذه الرواية ونقل طعون من قبلوها و طعنوا في من يردّونها و رموهم بأنهم جهيمة والجهيمة يعطّلون صفات الله و ينكرون استواء الله على عرشه و لهم عقائد أخرى كفرية.
فهل يجوز أن يجعل منهم من يسير على منهج السلف في عقائدهم و منهجهم و حربهم للبدع و أهلنا وفي ردهم للروايات الضعيفة و المنكرة و الباطلة ؟
خامسا :
وسأضرب مثالين باطلين فيما نقله هذا المتلوّن عن الخلال قال (ص :18): وقال محمد بن يونس البصريّ : ( من ردّ هذه الأحاديث ، فقد أزرى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وطعن على مجاهد ، وهو من عالية التابعي ن، قد صحب جمعاً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحفظ عنهم، وما سمعنا أحداً من شيوخنا المتقدمين من أهل السّنّة ذكر هذه الأحاديث إلا بالقبول لها، ويحتجّون بها على الجهميّة ، ويقمعونهم بها ويكفرونهم ، ولا يردّها إلا رجل معطل جهميّ ؛ فمن ردّ هذه الأحاديث ، أو طعن فيها فلا يكلم ، وإن مات لم يصل عليه..) [ السنة للخلال 268 ] .
أتدري من هو محمد بن يونس البصري ؟
إنه من الكذابين قال الذهبي في "الميزان" (4/74-75) محمد بن يونس بن موسى القرشي السامي الكديمي البصري الحافظ أحد المتروكين.
وقال ابن حبان : لعلّه وضع أكثر من ألف حديث.
قال ابن عدي في "الكامل في الضعفاء"(7/279):قد اتهم الكريمي بالوضع و قال ابن جنان لعله وضع أكثر من ألف حديث و قال ابن عدي محمد بن يونس بن موسى أبو العباس الكديمي البصري اتهم بوضع الحديث وبسرقته وادعى رؤية قوم لم يرهم ورواية عن قوم لا يعرفون وترك عامة مشايخنا الرواية عنه ومن حدث عنه نسبه إلى جده موسى بأن لا يعرف سمعت محمد بن سعيد يقول سمعت موسى بن هارون الجمال يقول تقرب إلى الكديمي بالكذب قال لي كتبت عن أبيك في مجلس محمد بن سابق وسمعت أبي يقول ما كتبت عن محمد بن سابق شيئا ولا رأيته سمعت عبدان الأهوازي يقول كتبت عن الكديمي بالأهواز سنة خمس وثلاثين وكان عنده عن أبي سلمة ونحوه وما كان عنده من ذي الحديث الذي حدث ببغداد شيء قلت له أليس كان مستوى الأمر في ذلك الوقت قال نعم سمعت عمر بن محمد الفقيه يقول سمعت جعفر الطيالسي يقول دخلت البصرة ومفيدها الكديمي قال عمر بن محمد أبو حفص الوكيل لعله سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة ثنا حمدان بن مجاهد النسوي ثنا محمد بن يونس ثنا أبو نعيم سنة ثلاث ومائتين وسأله عنه أبو داود ثنا عبد الرحمن بن سعيد بن خليفة ثنا محمد بن موسى ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ثنا قيس بن الربيع عن أبي إسحاق عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا قال إبليس قال الشيخ ولم يحدث عن أبي نعيم بهذا الإسناد غير الكديمي ثنا سهل بن يحيى بن سهل الصيرفي ثنا محمد بن يونس الكديمي ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :أكذب الناس الصباغون والصواغون ثنا علي بن أحمد بن مروان ثنا أبو يوسف القلوسي قال ثنا بكر بن يحيى بن زبان ثنا الأحول وسألته عن اسمه فلم يحفظ اسمه وهو كوفي جاء إلى حيان ومندل عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلح الكذب في جد ولا هزل وأكذب الناس الصناع وقيل وما الصناع قال العامل بيديه قال الشيخ وهذا عن أبي نعيم عن الأعمش كان يقال عن أبي صالح عن أبي سعيد فهو في هذا أعذر ثنا محمد بن منير ثنا محمد بن يونس ثنا خالد بن عبد الرحمن المخزومي ثنا سفيان الثوري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء غطى رأسه وإذا أتى أهله غطى رأسه قال الشيخ وهذا لا أعلمه رواه غير الكديمي بهذا الإسناد والكديمي أظهر أمرا من أن يحتاج أن يتبين ضعفه وقد حدثت عن أزهر عن بن عون عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن قال الشيخ وهذا باطل ثنا عصمة البخاري ثنا محمد بن يونس ثنا روح بن عبادة ثنا شعبة عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعان بالخيار ما لم يتفرقا قال الشيخ وإنكار هذا الحديث من حديث شعبة عن ابن عون وأما عن نافع عن ابن عمر فقد رواه جماعة وروى عن أزهر عن بن عون عن نافع عن ابن عمر غير حديث باطل وكان مع وضعه للحديث وادعائه مشايخ لم يكتب عنهم يخلق لنفسه شيوخا حتى كان يقول حدثنا شاصويه بن عبيد منصرفنا من عدن أبين فذكر عنه حديثا وكان ابن صاعد وشيخنا عبد الملك ابن محمد كانا لا يمنعان الرواية عن كل ضعيف كتبنا عنه الا عن الكديمي فكانا لا يرويان عنه لكثرة مناكيره وإن ذكرت كل ما أنكر عليه وادعاه ووضعه لطال ذاك.اهـ
فهذا هو الكديمي و لعله يحارب من أهل السنة و يرميهم بالتجهّم من أجل أنهم كذّبوه وتركوه و ردوا أحاديثه التي يفتريها .
سادسا :
قوله :" فقيل لأبي مسعود الجريري: إذا كان على كرسيّ الرّبّ فهو معه ؛ قال: نعم؛ مع الرّبّ ؛ ثمّ قال : هذا أشرف حديث سمعته قط ، وأنا منكر على من ردّ هذا الحديث ، وهو عندي رجل سوء متهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) [ السنة للخلال 280 ] .
أقول : انظر إلى هذا الغلو الشديد في أثر منكر هو يرى أنه أشرف حديث سمعه قط فلعله سمع ألوف الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحي.
كيف ينقل هذا المتلوّن مثل هذا الكلام الباطل الذي يخجل من نقله أهل الأهواء.
سابعا :
قول المتلون في (ص : 37 ـ 40):" و قال عبد الوهاب الوراق أيضا : ( الذي ندين الله - تعالى - به ، ونعتقده : ما قد رسمناه وبيّناه من معاني الأحاديث المسندة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم، وما قاله عبدالله بن العباس ، ومن بعده من أهل العلم ، وأخذوا به كابراً عن كابر، وجيلاً عن جيل إلى وقت شيوخنا ؛ في تفسير قوله - تعالى - " عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا " ؛ أنّ المقام المحمود: هو قعوده - صلى الله عليه وسلم - مع ربّه على العرش، وكان من جحد ذلك ، وتكلم فيه بالمعارضة ؛ إنّما يريد بكلامه في ذلك ؛ كلام الجهمية ؛ يجانب ، ويباين ، ويحذر عنه .. وعلى ذلك من أدركت من شيوخنا أصحاب أبي عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل ؛ فإنّهم منكرون على من ردّ هذه الفضيلة. ولقد بيّن الله ذلك على ألسنة أهل العلم على تقادم الأيام ؛ فتلقّاه الناس بالقبول؛ فلا أحد ينكر ذلك ، ولا ينازع فيه ) [ طبقات الحنابلة 2/9-11] .اهـ
أقول : هذا الكلام للنجاد لا الوراق.
فتأمل قول النجاد :" الذي ندين الله تعالى به ، ونعتقده ما قد رسمناه وبيّناه من معاني الأحاديث المسندة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما قاله عبدالله بن العباس ، ومن بعده من أهل العلم..."
على هذا الكلام مآخذ :
1 ـ قوله :" الأحاديث المسندة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم".
إن هذا الكلام ليوهم القارئ أن هناك أحاديث صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تنص على إجلاس الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ،وهذه دعوى عريضة تؤخذ على النجاد إن كان قال هذا الكلام.
2 ـ ماروي عن ابن عباس رضي الله عنهما في إقعاد النبي صلى الله عليه وسلم على العرش ، أورده الذهبي في "كتاب العرش" (رقم 189)وهو ضعيف جدا في إسناده الضحاك بن مزاحم يرسل عن ابن عباس .
وقد سئل هل سمعت من ابن عباس ؟، فقال : لا .
قيل له : رأيته ؟
قال : لا .[16]
وفي إسناده عباد بن أبى روق . قال يحيى بن معين : قد رأيته وليس بثقة .
وقال ابن عدى : له أحاديث ، ولأبيه أحاديث ، وما يرويانه لا يتابعان عليه.[17]
وفي إسناده أحمد بن الفرج الطائي.
3 ـ انظر في قوله :" أنّ المقام المحمود: هو قعوده صلى الله عليه وسلم مع ربّه على العرش".
بصيغة الحصر ،فأين أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم المتواترة في الشفاعة ؟
4 ـ ونقل الذهبي رحمه الله في "العلو" (2/1090 رقم 426)عن أبي بكر أحمد بن سليمان النجاد المحدث قال فيما نقله عنه القاضي أبو يعلى الفراء لو أن حالفا حلف بالطلاق ثلاثا أن الله يقعد محمدا على العرش واستفتاني لقلت له صدقت وبررت
فعلق الذهبي على هذا الأثر بقوله : "فأبصر حفظك الله من الهوى كيف آل الغلو بهذا المحدث إلى وجوب الأخذ بأثر منكر واليوم فيردون الأحاديث الصريحة في العلو بل يحاول بعض الطغام أن يرد قوله تعالى :(الرحمن على العرش استوى)".اهـ
الذين يردون أثر مجاهد لا يجوز أن يطعن فيهم ولا أن يرموا بأنهم جهمية ،فإنهم ينطلقون من منهج صحيح منهج السلف الصالح في ردّ الأحاديث والآثار المنكرة في الوقت الذين يحاربون فيه الجهمية وضلالاتهم.
أقوال الإمام أحمد في الاعتماد على الأحاديث الصحاح :
قال ابن قدامة : "قال أبو بكر الخلال أخبرنا المروذي قال سألت أبا عبد الله عن أخبار الصفات فقال نمرها كما جاءت
قال وأخبرني علي بن عيسى أن حنبلا حدثهم قال سألت أبا عبد الله عن الأحاديث التي تروى إن الله تبارك وتعالى ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا و أن الله يرى وأن الله يضع قدمه وما أشبهه فقال أبو عبد الله نؤمن بها ونصدق بها ولا كيف ولا معنى ولا نرد منها شيئا ونعلم أن ما جاء به الرسول حق إذا كانت بأسانيد صحاح ولا نرد على رسول الله قوله ولا يوصف الله تعالى بأكثر مما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله بلا حد ولا غاية :{ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }(الشورى: من الآية11) .
ولا يبلغ الواصفون صفته وصفاته منه ولا نتعدى القرآن والحديث فنقول كما قال ونصفه كما وصف نفسه ولا نتعدى ذلك نؤمن بالقرآن كله محكمه ومتشابهه ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شنعث"[18]
قال اللالكائي :" قال حنبل بن إسحاق قال : سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل عن الأحاديث التي تروى عن النبي صلى الله عليه وسلم : « إن الله ينزل إلى السماء الدنيا "؟
فقال أبو عبد الله : « نؤمن بها ونصدق بها ولا نرد شيئا منها إذا كانت أسانيد صحاح ، ولا نرد على رسول الله قوله ونعلم أن ما جاء به الرسول حق".
حتى قلت لأبي عبد الله : ينزل الله إلى سماء الدنيا قال : قلت : نزوله بعلمه بماذا ؟ فقال لي : اسكت عن هذا ، مالك ولهذا ، أمض الحديث على ما روي بلا كيف ولا حد ، إنما جاءت به الآثار وبما جاء به الكتاب قال الله عز وجل : {فلا تضربوا لله الأمثال } [سورة النحل آية: 74]
ينزل كيف يشاء بعلمه وقدرته وعظمته ، أحاط بكل شيء علما ، لا يبلغ قدره واصف ولا ينأى عنه هرب هارب."[19]
قال أبو يعلى :" وقال –أي : الإمام أحمد-في رواية حنبل في الأحاديث التي تروى: " إن الله، تبارك وتعالى، ينزل إلى سماء الدنيا " والله يرى " وأنه يضع قدمه " وما أشبه بذلك، نؤمن بها ونصدق بها ولا كيف ولا معنى ولا نرد شيئا منها، ونعلم أن ما قاله الرسول، صلى الله عليه وسلم، حق إذا كانت بأسانيد صحاح
وقال في رواية حنبل: يضحك الله، ولا نعلم كيف ذلك إلا بتصديق الرسول وقال: المشبهة تقول: بصر كبصري، ويد كيدي، وقدم كقدمي، ومن قال ذلك فقد شبه الله بخلقه فقد نص أحمد على القول بظاهر الأخبار من غير تشبيه ولا تأويل.[20]
وروى اللالكائي :أن الإمام أحمد قال في "أحاديث الرؤية":نؤمن بها ونقر وكل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بأسانيد جيدة نؤمن به ونقر.[21]
ثامنا :
أورد الشيخ ربيع حفظه الله كلام الأئمة في تفسير قول الله تعالى {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79] في كتابه " الذريعة إلى بيان مقاصد الشريعة" (4/275-292) قال حفظه الله :
ذكر المؤلف في هذا الباب في تفسير قول الله تعالى: {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79]
عددا من الأحاديث تدل على أن المقام المحمود هو الشفاعة.
1 ـ تفسير حذيفة رضي الله عنه وهو صحيح ،ومثله لا يقال من قبل الرأي ، فله حكم الرفع.
2 ـ حديث أبي هريرة رضي الله عنه ضعيف ،لكن له شواهد يتقوى بها.
3 ـ تفسير ابن عباس رضي الله عنهما ضعيف ، لكن يتقوى بما في معناه من الأحاديث.
4 ـ ومن هذا الباب حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الذي رواه مسلم بإسناده إلى يزيد الفقير قال : كنت قد شغفني رأي من رأي الخوارج فخرجنا في عصابة ذوي عدد نريد أن نحج ثم نخرج على الناس ،قال فمررنا على المدينة فإذا جابر بن عبدالله يحدث القوم جالس إلى سارية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :فإذا هو قد ذكر الجهنميين ،قال :فقلت له يا صاحب رسول الله ما هذا الذي تحدثون ؟ والله يقول { إنك من تدخل النار فقد أخزيته } [آل عمران :192 ] و{ كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها } [السجدة :20 ] فما هذا الذي تقولون ؟ قال :فقال أتقرأ القرآن ؟ قلت :نعم، قال فهل سمعت بمقام محمد عليه السلام "يعني الذي يبعثه الله فيه" ؟ قلت: نعم قال فإنه مقام محمد صلى الله عليه و سلم المحمود الذي يخرج الله به من يخرج...الحديث.[22]
وفيه بيان أن المراد بقول الله تعالى : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79] شفاعته صلى الله عليه وسلم.
5 ـ وحديث ابن عمر رضي الله عنهما الذي رواه البخاري في تفسير سورة الإسراء تحت باب: {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79] ،حديث (4718)،قال :" : إن الناس يصيرون يوم القيامة جثا كل أمة تتبع نبيها، يقولون: يا فلان اشفع ، يا فلان اشفع ،حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه و سلم فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود".
قال البخاري عقبه : رواه حمزة بن عبد الله عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وإيراد البخاري لهذا الحديث في تفسير هذه الآية : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79] ،يدل على أنه يعتقد أن المقام المحمود إنما هو شفاعته صلى الله عليه وسلم.
وحديث حذيفة رضي الله عنه الذي رواه النسائي في "السنن الكبرى" رقم (11230)قال : يجمع الناس في صعيد ولا تكلم نفس، فأول مدعو محمد صلى الله عليه وسلم فيقول:" لبيك وسعديك والخير في يديك والشر ليس إليك والمهدي من هديت وعبدك وابن عبدك وبك وإليك ولا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك تباركت وتعاليت"، فهذا قوله {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79].
وحيث ابن عمر رضي الله عنهما الذي رواه النسائي في "السنن الكبرى" رقم (11231) قال: أنا العباس بن عبد الله بن العباس ، قال : حدثنا سعيد بن منصور المكي نا أبو الأحوص عن آدم بن علي ، قال : سمعت بن عمر يقول :سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن الناس يصيرون يوم القيامة جثا كل أمة تتبع نبيها يقولون أي فلان اشفع لنا حتى تنتهي الشفاعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذلك يوم يبعثه الله تبارك وتعالى المقام المحمود.[23]
إسناد حديث ابن عمر حسن إن شاء الله ،آدم بن علي الشيباني ،قال الحافظ ابن حجر:"صدوق"،
وقال الذهبي في "الكاشف":ثقة.
وفيه العباس بن عبد الله بن عباس السندي الأسدي ،أبو الحارث الأنطاكي ،قال الحافظ ابن حجر :صدوق،وقال الحافظ الذهبي في "الكاشف":صدوق.
وإيراد النسائي له ولحديث حذيفة في تفسير هذه الآية : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79]،يدل على أنه يرى أن المقام المحمود لمحمد صلى الله عليه وسلم إنما هو الشفاعة العظمى ، بل شفاعته صلى الله عليه وسلم تدخل في المقام المحمود.
وحديث جابر رضي الله عنه الذي رواه البخاري في هذا الباب حديث (4719) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من قال حين يسمع النداء :اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة".
فإيراد البخاري لهذا الحديث في تفسير هذه الآية : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79]
يدل على أنه يعتقد أن المقام المحمود إنما هو شفاعته صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن جرير رحمه الله في "تفسيره" (15/143 /137) في تفسير قول الله تعالى : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79]
"ثم اختلف أهل التأويل في معنى ذلك المقام المحمود، فقال أكثر أهل العلم: ذلك هو المقام الذي هو يقومه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة للشفاعة للناس، ليريحهم ربهم من عظيم ما هم فيه من شدة ذلك اليوم".
ذكر من قال ذلك :حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن حذيفة، قال: يجمع الناس في صعيد واحد، فيسمعهم الداعي، وينفذهم البصر، حفاة عراة كما خلقوا، قياما لا تكلم نفس إلا بإذنه، ينادى: يا محمد، فيقول: لبيك وسعديك والخير في يديك، والشر ليس إليك، والمهدي من هديت، عبدك بين يديك، وبك وإليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، تباركت وتعاليت، سبحانك رب هذا البيت "، فهذا المقام المحمود الذي ذكره الله تعالى.
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر عن حذيفة قال : يجمع الناس في صعيد واحد فلا تكلم نفس فأول ما يدعو محمد[24] النبي صلى الله عليه وسلم، فيقوم محمد النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول: " لبيك "، ثم ذكر مثله.
حدثنا سليمان بن عمرو بن خالد الرقي، قال: ثنا عيسى بن يونس، عن رشدين بن كريب، عن أبيه عن ابن عباس قوله: {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79] قال: المقام المحمود: مقام الشفاعة.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن سلمة بن كهيل، قال: ثنا أبو الزعراء، عن عبد الله في قصة ذكرها، قال: ثم يؤمر بالصراط فيضرب على جسر جهنم، فيمر الناس بقدر أعمالهم، يمر أولهم كالبرق، وكمرّ الريح، وكمرّ الطير، وكأسرع البهائم، ثم كذلك حتى يمر الرجل سعيا، ثم مشيا، حتى يجئ آخرهم يتلبّط على بطنه، فيقول: رب لما أبطأت بي، فيقول: إني لم أبطأ بك، إنما أبطأ بك عملك، قال: ثم يأذن الله في الشفاعة، فيكون أول شافع يوم القيامة جبرائيل عليه السلام روح القدس، ثم إبراهيم خليل الرحمن، ثم موسى، أو عيسى، قال أبو الزعراء: لا أدري أيهما قال، قال: ثم يقوم نبيكم عليه الصلاة والسلام رابعا[25]، فلا يشفع أحد بعده فيما يشفع فيه، وهو المقام المحمود الذي ذكر الله {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79]
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا ابن أبي عدي، عن عوف، عن الحسن في قول الله تعالى :{ومن الليل فتهجد به نا فلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79]قال: المقام المحمود: مقام الشفاعة يوم القيامة.
حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى: وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله تعالى: (مقاما محمودا) قال: شفاعة محمد يوم القيامة.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو معاوية، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان، عن سليمان، قال: هو الشفاعة، يشفعه الله في أمته، فهو المقام المحمود.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، ثنا سعيد، عن قتادة قوله: {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79]
وقد ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم خيّر بين أن يكون نبيا عبدا، أو ملكا نبيا، فأومأ إليه جبرائيل عليه السلام: أن تواضع، فاختار نبيّ الله أن يكون عبدا نبيا، فأعطي به نبيّ الله ثنتين: إنه أول من تنشق عنه الأرض، وأوّل شافع. وكان أهل العلم يرون أنه المقام المحمود الذي قال الله تبارك وتعالى {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79] شفاعة يوم القيامة.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة :(مقاما محمودا) ،قال: هي الشفاعة، يشفّعه الله في أمته.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر والثوري، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، قال: سمعت حذيفة يقول في قوله: {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79]
قال: يجمع الله الناس في صعيد واحد حيث يسمعهم الداعي، فينفذهم البصر حفاة عراة، كما خلقوا سكوتا لا تكلم نفس إلا يإذيه، قال: فينادى محمد، فيقول: لبيك وسعديك، والخير في يديك، والشر ليس إليك، والمهدي من هديت، وعبدك بين يديك، ولك وإليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، تباركت وتعاليت، سبحانك رب البيت، قال: فذلك المقام المحمود الذي ذكر الله: {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79]
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، قال حذيفة: يجمع الله الناس في صعيد واحد، حيث ينفذهم البصر، ويسمعهم الداعي حفاة عراة كما خلقوا أول مرة، ثم يقوم النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: " لبيك وسعديك "، ثم ذكر نحوه، إلا أنه قال: هو المقام المحمود.
وقال آخرون: بل ذلك المقام المحمود الذي وعد الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبعثه إياه، هو أن يقاعده[26] معه على عرشه.
ذكرمن قال ذلك: حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي، قال: ثنا ابن فضيل، عن ليث، عن مجاهد، في قوله: {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79]
قال: يجلسه معه على عرشه. وأولى القولين في ذلك بالصواب ما صح به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وذلك ما حدثنا به أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن دواد بن يزيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79] سئل عنها، قال: " هي الشفاعة "
حدثنا على بن حرب، قال :ثنا مكي بن إبراهيم، قال: ثنا داود بن يزيد الأودي، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79] قال: " هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي ".
حدثنا أبو عتبة الحمصي أحمد بن الفرج، قال: ثنا بقية بن الوليد، عن الزبيدي، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن كعب بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يحشر الناس يوم القيامة ، فأكون أنا وأمتي على تل فيكسوني ربي حلة خضراء ، ثم يؤذن لي ، فأقول ما شاء الله أن أقول ، فذاك المقام المحمود".
حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: ثنا شعيب بن الليث، قال: ثني الليث، عن عبيد الله بن أبي جعفر، أنه قال: سمعت حمزة بن عبد الله بن عمر يقول: سمعت عبد الله ابن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشمس لتدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن، فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم عليه السلام فيقول: لست صاحب ذلك، ثم بموسى عليه السلام، فيقول كذلك، ثم بمحمد فيشفع بين الخلق فيمشي حتى يأخذ بحلقة الجنة، فيومئذ يبعثه الله مقاما محمودا.
حدثني أبو زيد عمر بن شبّة، قال: ثنا موسى بن إسماعيل، قال: ثنا سعيد بن زيد، عن علي بن الحكم، قال: ثني عثمان، عن إبراهيم، عن الأسود وعلقمة، عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني لأقوم المقام المحمود"، فقال رجل: يارسول الله، وما ذلك المقام المحمود ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ذاك إذا جئ بكم حفاة عراة غرلا فيكون أول من يكسى إبراهيم عليه السلام، فيؤتى بريطتين بيضاوين، فيلبسهما، ثم يقعد مستقبل العرش، ثم أوتى بكسوتي فألبسها، فأقوم عن يمينه مقاما لا يقومه غيري يغبطني فيه الأولون والآخرون، ثم يفتح نهر من الكوثر إلى الحوض".
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري، عن علي بن الحسين، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا كان يوم القيامة مد الله الأرض مد الأديم حتى لا يكون لبشر من الناس إلا موضع قدميه "، قال: النبي صلى الله عليه وسلم: " فأكون أول من يدعى وجبرائيل عن يمين الرحمن، والله ما رآه قبلها، فأقول: أي رب إن هذا أخبرني أنك أرسلته إليّ، فيقول الله عزوجل: صدق، ثم أشفع، قال: فهو المقام المحمود ".
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن علي بن الحسين، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا كان يوم القيامة "، فذكر نحوه، وزاد فيه: " ثم أشفع فأقول: يا رب عبادك عبدوك في أطراف الأرض، وهو المقام المحمود ".
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا إبراهيم بن طهمان، عن آدم بن علي، قال: سمعت ابن عمر يقول: إن الناس يحشرون يوم القيامة، فيجئ مع كل نبي أمته، ثم يجئ رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر الأمم هو وأمته، فيرقى هو وأمته على كوم فوق الناس، فيقول: يا فلان اشفع، ويا فلان اشفع، ويا فلان اشفع، فما زال يردّها بعضهم على بعض يرجع ذلك إليه، وهو المقام المحمود الذي وعده الله إياه.
حدثنا محمد بن عوف، قال: ثنا حيوة وربيع، قالا: ثنا محمد بن حرب، عن الزبيدي، عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن كعب بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يحشر الناس يوم القيامة فأكون أنا وأمتي على تل فيكسوني ربي عز وجل حلة خضراء، ثم يؤذن لي فأقول ما شاء الله أن أقول، فذلك المقام المحمود".
وهذا وإن كان هو الصحيح من القول في تأويل قوله :{عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79] لما ذكرنا من الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين، فإن ما قاله مجاهد من أن الله يقعد محمدا صلى الله عليه وسلم على عرشه، قول غير مدفوع صحته، لا من جهة خبر ولا نظر".
ساق ابن جرير رحمه الله الأحاديث والآثار التي تدل على أن المقام المحمود إنما هو الشفاعة.
منها : أثر :حذيفة السابق وتفسير ابن عباس .
ـ ثم قول ابن مسعود رضي الله عنه.
ـ ثم قول الحسن رحمه الله.
ـ ثم ساق روايتين عن مجاهد ، فيها أن المقام المحمود هو الشفاعة ، وهما أصح من رواية ليث بن أبي سليم.
ـ ثم ساق رواية سلمان رضي الله عنه.
ـ ثم رواية قتادة رحمه الله.
ـ ثم ساق رواية ليث بن أبي سليم عن مجاهد ،وهي الرواية التي بيّننّا ضعفها.
ـ ثم ساق حديث أبي هريرة رضي الله عنه السابق ذكره في أن المقام المحمود هو الشفاعة ، وقد بينا درجته.
ـ ثم ساق حديثا عن كعب بن مالك مرفوعا، يفيد أن المقام المحمود هو الشفاعة.
ـ ثم ساق رواية عن علي بن الحسين عن النبي صلى الله عليه وسلم تفيد أن الشفاعة هي المقام المحمود ، وهي رواية مرسلة تعضدها الأحاديث السابقة.
ـ ثم ساق حديث ابن عمر السابق ، وقد بيّناّ درجته.
ثم قال في (ص :147):" وهذا وإن كان هو الصحيح من القول في تأويل قوله
{عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79]لما ذكرنا من الرواية عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين، فإن ما قاله مجاهد من أن الله يقعد محمدا صلى الله عليه وسلم على عرشه، قول غير مدفوع صحته، لا من جهة خبر ولا نظر.
أقول: –أي:الشيخ ربيع-:
1 ـ إن ماتضمنه القول المنسوب إلى مجاهد ليس مستحيلا ، لكنه لم يصح ، وقد عرف القارئ ضعفه.
2 ـ ونقول للإمام ابن جرير : أنت نقلت عنه روايتين تدل أنه يقول مثل غيره ، ومثل مادلت عليه الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الشفاعة هي المقام المحمود .
3 ـ لقد صححت القول بأن المقام المحمود إنما هو الشفاعة.
فقلت : بعد أن سقت الأدلة الكثيرة على هذا القول.
قلت : "وهذا وإن كان هو الصحيح من القول في تأويل قوله تعالى : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79] لما ذكرنا من الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين".
وإذن فما نسبه إلى مجاهد لم يثبت عنه وحاشاه أن يتعمد مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين ،فما بالك وقد روي عنه قول يوافق فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وأكثر المفسرين.
قال الإمام البغوي في "تفسيره"(3/130)في تفسير هذه الآية: {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79]
"عسى من الله تعالى واجب لأنه لا يدع أن يعطي عباده أو يفعل بهم ما أطمعهم فيه.
والمقام المحمود هو: مقام الشفاعة لأمته لأنه يحمده فيه الأولون والآخرون".
ثم ساق عددا من أحاديث الشفاعة عن عدد من الصحابة تأكيدا لقوله.
وقال ابن عبد البر رحمه الله في "التمهيد"(6/141 ـ 142): فإن قيل فقد روى سفيان الثوري عن منصور عن مجاهد في قول الله عز وجل{ وجوه يومئذ ناضرة} قال حسنة {إلى ربها ناظرة} قال تنظر الثواب ،ذكره وكيع وغيره عن سفيان ،فالجواب: أنا لم ندّع الإجماع في هذه المسألة، ولو كانت إجماعا ما احتجنا فيها إلى قول ،ولكن قول مجاهد هذا مردود بالسنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأقاويل الصحابة وجمهور السلف، وهو قول عند أهل السنة مهجور، والذي عليه جماعتهم ما ثبت في ذلك عن نبيهم صلى الله عليه وسلم، وليس من العلماء أحد إلا وهو يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومجاهد وإن كان أحد المقدمين في العلم بتأويل القرآن فإن له قولين في تأويل اثنين هما مهجوران عند العلماء مرغوب عنهما: أحدهما هذا، والآخر قوله في قول الله عز وجل {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [الإسراء:79] حدثنا أحمد بن عبد الله حدثنا أبو أمية الطرسوسي حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا محمد ابن فضيل عن ليث عن مجاهد {عسى أن يبعثك ربك مقاما} قال يوسع له على العرش فيجلسه معه، وهذا قول مخالف للجماعة من الصحابة ومن بعدهم، فالذي عليه العلماء في تأويل هذه الآية أن المقام المحمود الشفاعة، والكلام في هذه المسألة من جهة النظر يطول ،وله موضع غير كتابنا هذا وبالله التوفيق.
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير قول الله تعالى: قوله عز وجل: {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79]
" وقوله : { عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا } أي :افعل هذا[27] الذي أمرتك به لنقيمك يوم القيامة مقاما محمودا يحمدك فيه الخلائق كلهم وخالقهم تبارك وتعالى.
قال ابن جرير: قال أكثر أهل التأويل: ذلك هو المقام الذي يقومه محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة للشفاعة للناس، ليريحهم ربهم من عظم ما هم فيه من شدة ذلك اليوم "
ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر عن حذيفة قال: يجمع الناس في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر حفاة عراة كما خلقوا قياما لا تكلم نفس إلا بإذنه ،ينادى: يا محمد فيقول: " لبيك وسعديك، والخير في يديك، والشر ليس إليك، والمهدي من هديت، وعبدك بين يديك ،وبك وإليك ،لا منجى ولا ملجأ منك إلا إليك، تباركت وتعاليت سبحانك رب البيت " فهذا المقام المحمود الذي ذكره الله عز وجل
ثم رواه عن بندار عن غندر عن شعبة عن أبي إسحاق به، وكذا رواه عبد الرزاق عن معمر والثوري عن أبي إسحاق به
وقال ابن عباس: هذا المقام المحمود مقام الشفاعة، وكذا قال ابن أبي نجيح عن مجاهد وقاله الحسن البصري.
وقال قتادة :هو أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة وأول شافع، وكان أهل العلم يرون أنه المقام المحمود الذي قال الله تعالى {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79]
ثم قال : قلت :لرسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما تشريفات يوم القيامة لا يشركه فيها أحد، وتشريفات لا يساويه فيها أحد ،فهو أول من تنشق عنه الأرض ،ويبعث راكبا إلى المحشر ،وله اللواء الذي آدم فمن دونه لوائه، وله الحوض الذي ليس في الموقف أكثر واردا منه، وله الشفاعة العظمى عند الله ليأتي لفصل القضاء بين الخلائق ،وذلك بعد ما تسأل الناس آدم ثم نوحا ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى، فكل يقول :"لست لها "،حتى يأتوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم فيقول: " أنا لها، أنا لها " ،كما سنذكر ذلك مفصلا في هذا الموضع إن شاء الله تعالى، ومن ذلك أنه يشفع في أقوام قد أمر بهم إلى النار فيردون عنها، وهو أول الأنبياء يقضي بين أمته ،وأولهم إجازة على الصراط بأمته ،وهو أول شفيع في الجنة كما ثبت في "صحيح مسلم"،وفي حديث الصور أن المؤمنين كلهم لا يدخلون الجنة إلا بشفاعته ،وهو أول داخل إليها وأمته قبل الأمم كلهم، ويشفع في رفع درجات أقوام لا تبلغها أعمالهم، وهو صاحب الوسيلة التي هي أعلى منزلة في الجنة لا تليق إلا له، وإذا أذن الله تعالى في الشفاعة في العصاة شفع الملائكة والنبيون والمؤمنون، فيشفع هو في خلائق لا يعلم عدتهم إلا الله تعالى ولا يشفع أحد مثله ولا يساويه في ذلك، وقد بسطت ذلك مستقصى في آخر كتاب "السيرة" في باب الخصائص ولله الحمد والمنة،
ثم قال : لنذكر الآن الأحاديث الواردة في المقام المحمود وبالله المستعان :
قال البخاري حدثنا إسماعيل بن أبان حدثنا أبو الأحوص عن آدم بن علي سمعت ابن عمر يقول: إن الناس يصيرون يوم القيامة جثا، كل أمة تتبع نبيها ،يقولون يا فلان اشفع يا فلان اشفع حتى تنتهي الشفاعة إلى محمد صلى الله عليه وسلم فذلك يوم يبعثه الله مقاما محمودا.
ورواه حمزة بن عبد الله عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن جرير : حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، حدثنا شعيب بن الليث، ثنا الليث ،عن عبيد الله بن أبي جعفر أنه قال: سمعت حمزة بن عبد الله بن عمر يقول: سمعت عبد الله بن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الشمس لتدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن ،فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم، فيقول: لست بصاحب ذلك، ثم بموسى فيقول كذلك، ثم بمحمد صلى الله عليه وسلم فيشفع بين الخلق ،فيمشي حتى يأخذ بحلقة باب الجنة ،فيومئذ يبعثه الله مقاما محمودا "(يحمده أهل الجمع كلهم).
وهكذا رواه البخاري في "الزكاة" عن يحيى بن بكير ،وعلقمة عن عبد الله بن صالح كلاهما عن الليث بن سعد به. وزاد :"فيومئذ يبعثه الله مقاما محمودا يحمده أهل الجمع كلهم".
قال البخاري: وحدثنا علي بن عياش، حدثنا شعيب بن أبي حمزة ،عن محمد بن المنكدر ،عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة ،والصلاة القائمة ،آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة " انفرد به دون مسلم.
(حديث أبي بن كعب): وقال الإمام أحمد حدثنا أبو عامر الأزد ي، حدثنا زهير بن محمد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن الطفيل بن أبي بن كعب ،عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا كان يوم القيامة كنت إمام الانبياء وخطيبهم وصاحب شفاعتهم غير فخر".
وأخرجه الترمذي من حديث أبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي، وقال حسن صحيح. وابن ماجه من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل به، وقد قدمنا في حديث:" أبي بن كعب" في قراءة القرآن على سبعة أحرف، قال صلى الله عليه وسلم في آخره :" فقلت: اللهم اغفر لأمتي، اللهم اغفر لأمتي ،وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي فيه الخلق، حتى إبراهيم عليه السلام ".
وقال الحافظ الذهبي:"فأما قضية قعود نبّينا على العرش فلم يثبت في ذلك نص ،بل في الباب حديث واه".[28]
وقال الإمام العلامة عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ كما في "الدرر السنية"(1/227):
" وأما ما أعطى الله نبيه صلى الله عليه وسلم من الخصائص إكراما له، وزيادة في فضله، فهي كثيرة، كما قال تعالى: {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79]، وهو مقام الشفاعة، كما عليه أكثر المفسرين ،وأحاديث الشفاعة معروفة لا مطمع فيها لأهل الغلو، ولا أهل الإشراك : بل هي مختصة بأهل الإخلاص من أمته صلى الله عليه وسلم، وهم في القرون المفضلة لا يحصيهم إلا الله، ومن كان على التوحيد والسنة ممن بعدهم.
جعلنا الله وإخواننا المسلمين، ممن تناله شفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ووفقنا للإخلاص لله، وإنكار الشرك والغلو الذي نهى عنه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ فهو الذي عرفنا بالله، ودعانا إلى توحيده، وأن لا نتخذ معبودا سواه، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير".
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في "تفسيره"(ص:464): وقوله: { ومن الليل فتهجد به } أي: صل به في سائر أوقاته. { نافلة لك } أي: لتكون صلاة الليل زيادة لك في علو القدر، ورفع الدرجات، بخلاف غيرك، فإنها تكون كفارة لسيئاته.
ويحتمل أن يكون المعنى: أن الصلوات الخمس فرض عليك وعلى المؤمنين، بخلاف صلاة الليل، فإنها فرض عليك بالخصوص، ولكرامتك على الله، أن جعل وظيفتك أكثر من غيرك، ،وليكثر ثوابك، وتنال بذلك المقام المحمود، وهو المقام الذي يحمده فيه الأولون والآخرون، مقام الشفاعة العظمى، حين يتشفع الخلائق بآدم، ثم بنوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى، وكلهم يعتذر ويتأخر عنها، حتى يستشفعوا بسيد ولد آدم، ليرحمهم الله من هول الموقف وكربه، فيشفع عند ربه فيشفعه، ويقيمه مقاما يغبطه به الأولون والآخرون، وتكون له المنة على جميع الخلق.اهـ
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله كما في "فتاوى نور على الدرب"(2/103 ـ 104) السؤال التالي : حدثونا عن شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم إذ أني سمعت عن هذا بعض الشيء، وأريد أن أستدرك كثيراً مما فاتني حول هذا الموضوع، جزاكم الله خيراً؟
فأجاب بقوله :
النبي صلى الله عليه وسلم له شفاعات: منها: شيء يختص به، ومنها: شيء يشترك معه الناس فيها، فأما الشفاعة التي تختص به فهي الشفاعة العظمى لأهل الموقف يشفع لهم ، يسجد عند ربه ويحمده بمحامد عظيمة، ثم يأذن الله له في الشفاعة فيشفع لأهل الموقف حتى يقضى بينهم، وهذه من خصائصه عليه الصلاة والسلام، وهذا هو المقام المحمود الذي ذكر الله في قوله جل وعلا في سورة بني إسرائيل: {ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79]وهذا المقام هو مقام الشفاعة، يحمده فيه الأولون والآخرون عليه الصلاة والسلام، فإنه تتوجه إليه الخلائق في يوم القيامة، المؤمنون يتوجهون إليه بعدما يتوجهون إلى آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى فكلهم في يعتذرون ، ثم يقول لهم عيسى : (اذهبوا إلى عبد قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) يعني: محمدا عليه الصلاة والسلام، فيتوجهون إليه فإذا طلبوا منه تقدم عليه الصلاة والسلام إلى ربه وسجد بين يدي العرش، وحمده سبحانه بمحامد عظيمة يفتحها الله عليه، ثم يقال له: (يا محمد! ارفع رأسك وقل يسمع وسل تعط واشفع تشفع) فيشفع عند ذلك بعد إذن الله سبحانه وتعالى؛ لأنه يقول جل وعلا: (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) [البقرة:255]، فلا أحد يشفع عنده إلا بإذنه سبحانه وتعالى.
وهناك شفاعة أخرى خاصة به عليه الصلاة والسلام، وهي الشفاعة في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة؛ فإنهم لا يدخلون ولا تفتح لهم إلا بشفاعته عليه الصلاة والسلام، فهذه خاصة به أيضاً عليه الصلاة والسلام ،وهناك شفاعة ثالثة خاصة به وبـأبي طالب عمه، وهو أنه شفع له حتى صار في ضحضاح من النار، وهو مات على الكفر بالله، وصار في غمرات من نار، فشفع له صلى الله عليه وسلم أن يكون في ضحضاح من النار؛ بسبب نصره إياه؛ لأنه نصره وحماه لما تعدى عليه قومه، فشفع له صلى الله عليه وسلم أن يكون في ضحضاح من النار.اهـ
وبهذه الأحاديث الصحيحة وأقوال المفسرين يظهر جليا أم المقام المحمود لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو الشفاعة ، لا سيما والقول المنسوب إلى مجاهد لم يثبت ، ولو فرضنا ثبوته ، فلا يجوز أن يعارض بمثل هذه الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم ،وتفسير جابر الصحيح وغيره من الصحابة والتابعين لهذه الآية الكريمة : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79].
و لا أستبعد أن هذا المتلوّن اطلّع على هذا البحث الشافي فتهرّب عنه ليشغّب على الشيخ ربيع والسلفيين السائرين على منهج السلف في اتباع عقائدهم ومنهجهم على نصوص الكتاب ونصوص السنة الصحيحة .
كتبه : عبد الحميد الهضابي
1435/09/01


الحواشي :
[1] ـ انظر: "سير أعلام النبلاء": (7/450)
[2] ـ "طبقات الحنابلة" ( 1/199-200 ) ].
[3] " تاريخ بغداد" (6/348)، و"تاريخ دمشق" (8/132) ].
[4] ـ"مقدمة الجرح والتعديل" ( ص:308-309)، وتاريخ دمشق (5/294)].
[5] ـ "تاريخ بغداد" (10/329)، و"تاريخ دمشق" ( 38/31)].
[6] ـ "شرح أصول الإعتقاد" للالكائي (1/179)].
[7] ـ "عقيدة السلف" (101)].
[8] ـ" لوائح الأنوار" (2/355)] .
[9] ـ "الطرق الحكمية" (ص: 146-147).
[10] ـ "الطرق الحكمية" (ص: 145-147).
[11] ـ انظر :"مجموعة الرسائل و المسائل النجدية" (5/521 ـ 522)
[12] ـ انظر :"مجموعة الرسائل و المسائل النجدية" (5/521)
[13] ـ مجموع الفتاوى"(4/96).
[14] ـ قائل هذه الأبيات الشركية هو الحسن الميرغني أحد زعماء الطرق في السُّودان.
[15] ـ ذكر ياقوت الحموي في كتابه معجم الأدباء (6/245): أن الإمام الطبري قال: وأما حديث الجلوس على العرش فمحال، ثم أنشد:
سبحان من ليس له أنيس *** ولا له في عرشه جليس"
وذكر االسيوطي (تـــ 911 ه) في كتابه تحذير الخواص من أحاديث القصاص (1/161 ):
وفي بعض المجاميع أن قاصاً جلس ببغداد فروى في تفسير قوله تعالى [عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا] أنه يجلسه معه على عرشه فبلغ ذلك الإمام محمد بن جرير الطبري فاحتد من ذلك وبالغ في انكاره وكتب على باب داره:
(سبحان من ليس له أنيس ** ولا له في عرشه جليس).


[16] ـ انظر :"المراسيل"لأبن أبي حاتم (ص : 94).
[17] ـ انظر : "ميزان الإعتدال"للذهبي (2/365).
[18] ـ "ذم التأويل"(ص : 28)
[19] ـ "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة"(رقم 777).
[20] ـ "إبطال التأويلات"(ص : 45).
[21] ـ "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" (1/322)
[22] ـ رواه مسلم في "الإيمان"حديث (191 /320)،وأبوعوانة في "مستخرجه"حديث (448)،والبيهقي في "السنن الكبرى"حديث (21297).
[23] ـ أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط"حديث (8725) بلفظ أوسع إلى حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه مرفوعا.
[24] ـ كذا ،وفي "مسند الطيالسي"حديث (141):"فيكون أول مدعوّ محمد صلى الله عليه وسلم".
[25] ـ هذا مع أنه يدل على أن المقام المحمود هو الشفاعة، إلا أن فيه مخالفة للأحاديث الصحيحة في الشفاعة،وأن الأنبياء آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام كلهم يعتذر عن الشفاعة عندما يستشفع بهم الناس ، ثم يأتون محمدا صلى الله عليه وسلم فيقول : أنا لها ، ثم يذهب فيشفع فيهم عند ربه ، فيقبل الله شفاعته صلى الله عليه وسلم ، وهذه هي شفاعته العظمى ثم له شفاعات أخرى يشاركه في بعضها الأنبياء والملائكة والمؤمنون.
[26] ـ كذا
[27] ـ إشارة إلى قول الله تعالى : {ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79]
[28] ـ انظر :"مختصرالعلو"(ص:183)للعلامة الألباني.


التعديل الأخير تم بواسطة عبد الحميد الهضابي ; 01 Jul 2014 الساعة 06:25 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01 Jul 2014, 04:39 AM
أبو عبد الرقيب محمد حافظ أبو عبد الرقيب محمد حافظ غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jun 2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 118
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي عبد الحميد وذب الله عن وجهك النار

جزا الله الشيخ ربيع السنة خير الجزاء و ثبتنا الله وإياه على عقيدة السلف حتى نلقاه

حَسَدوا الفَتى إِذ لَم يَنالوا سَعيهُ,,, فَالقَومُ أَعداءٌ لَهُ وَخُصومُ
كَضَرائِرِ الحَسناءِ قُلنَ لِوَجهِها ,,, حَسداً وَبَغيـاً إِنَّهُ لَدَميمُ
وَكَذاكَ مَن عَظُمَت عَليهِ نِعمَةٌ ,,, حُسّادُه سَيفٌ عَليهِ صَرومُ


إن من أصول منهج السلف: البعد عن التحريف في الدين، وتحريف النصوص، وهذا حال أهل الزيغ وأهل الأهواء، يحرفون النصوص، ويتبعون المتشابه، ويتركون المحكم,

ومن أصول منهج السلف: احترام علماء أهل السنة، وتبجيلهم، ومعرفة حقهم، وذكرهم بخير، وذكرهم بالجميل, والبعد عن الطعن فيهم، كما يقول رب العزة والجلال: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [ النحل : 43 ]، ويقول سبحانه وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [ النساء : 59 ]، وأولوا الأمر هم العلماء والأمراء.
فالعلماء من أولي الأمر، فلا بد أن يُحْتَرموا، أن يبجلوا، والمراد بهم علماء أهل السنة، العلماء السلفيون، ويجب أن يُعرف حق هؤلاء العلماء، قال عليه الصلاة والسلام: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا، ويعرف لعالمنا حقه».

التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الرقيب محمد حافظ ; 01 Jul 2014 الساعة 04:53 AM
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 02 Jul 2014, 06:00 AM
أبو إبراهيم هارون رشيد الجزائري أبو إبراهيم هارون رشيد الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2013
المشاركات: 7
افتراضي

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا.

التعديل الأخير تم بواسطة أبو إبراهيم هارون رشيد الجزائري ; 02 Jul 2014 الساعة 06:12 PM
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 02 Jul 2014, 11:57 AM
لزهر سنيقرة لزهر سنيقرة غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 343
افتراضي

جزاك الله خيرًا أخي عبدالحميد على كسرك لشوكة هذا الدعي المفتري الكذاب الذي أعيته طريقة الفحول للوصول فعمد إلى طريقة العجول التي أصيبت بداء الجنون، بانغماسه في وحل التكفير إلى الأذقان،و الظاهر أن دروس الحقوق التي نشأ عليها وتخرج من مدرجات معاهدها بدأت تظهر آثارها المسمومة ونتائجها المذمومة، وما تكفير الأكابر إلا واحدة من هذه السموم، وعلى شاكلته ومثل فساد معتقده الغير موفق الذي سماه أبوه توفيق ـ المغيري ـ وما هو كذلك، الذي يتجرَّؤ ويجهر بتكفير الألباني رحمه الله.
وأخيرًا حبذا أخي عبد الحميد لو اختصرت في الموضوع ليكون أدعى لقراءة الجميع.

التعديل الأخير تم بواسطة أبو البراء ; 02 Jul 2014 الساعة 12:19 PM
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 02 Jul 2014, 02:34 PM
عبد الحميد الهضابي عبد الحميد الهضابي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Dec 2013
المشاركات: 300
افتراضي

جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل وبارك الله فيك على هذه الكلمات النيرات الموجزة وبارك الله في الإخوة الفضلاء
قال عثمان بن عفان رضي الله عنه :"ماأسر أحد سريرة إلا كشفها الله على صفحات وجههه وفلتات لسانه"، حفظ الله -دولة الجزائر-وبلاد المسلمين من أمثاله من الخوارج المارقين والمتعالمين المتحذلقين ، ولله الحمد قد بان حاله إلا من أعمى الله بصره وبصيرته .
سوّد مقالا عنونه بــ " كيف مات الجهاد" جاء فيه :
أولا :
اتهّم دولة التوحيد والسنة المملكة العربية السعودية بأنها أماتت الجهاد في سبيل الله وحام حول تكفيرها بل حكم بكفرها على طريقة صاحب "الكواشف الجلية في تكفير الدولة السعودية" أخزاهما الله.
قال في أثناء ردّه على الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله في الكلمة التي ألقاها في أمريكا قبل أكثر من ثمان وستين سنة -
قال فضّ الله فاه :"لا تعجب أخي الموحّد ، فالجهاد حذف من القاموس منذ انضمام الدّول العلمانيّة الكفريّة العربيّة إلى هيئة الأمم .".
ثانيا :
حكم على ولاة أمور المسلمين شرقا غربا جنوبا شمالا بدون استثناء بالعلمنة وبأنهم طواغيت قال :
:"فكل الدّول العربيّة العلمانيّة وافقت على هذه البنود ، أرادوا تعطيل الجهاد بل حذفه من الشّريعة ..هل علمت أخي الموحّد منذ متى عُطل الجهاد ، و من كان السبب في ذلك ؟ -أي:السعودية-
اعلم علم اليقين أنّه كلما ظهر رائحة الدّولة الإسلاميّة إلا و سعى في إجهاضها قبل ميلادها ممّن ينتسب إلى الإسلام ، فإذا ولدت تكالب عليها الكفّار الأصليّون و المرتدّون و هي في مهدها ، أمّا لو ترعرعت و شبّت و اشتدّ عودها ، فاعلم أنّ الإسلام قد عاد بخلافته الرّاشدة ، حيث تعلو راية التوحيد عالية مدوّية ".اهـ

ثالثا :
ثناؤه وتبجيله لإخوانه الخوارج في الشام والعراق -جبهة النصرة الخارجية ومن حذا حذوها- بقوله قبّحه الله :"الدّولة الإسلاميّة في العراق و الشّام تسعى جاهدة لإقامة شرع الله ، مع دحض المارقين و الكافرين على السّواء ، فيأبى أصحاب الكراسي في الدّول العربيّة العلمانيّة إعانتها ، بل هبّوا عن بَكرة أبيهم لاستئصالها من جذورها ، كي يبقى الكفر مخيّما على المعمورة بحكم الطواغيت ".
فائدة : خوارج العصر يدندنون دوما ودائما بالخلافة الراشدة متأثرين بذلك بسيدهم قطب ، وقصدهم في ذلك أن الأمة في جاهلية القرن العشرين ، وهنا سؤال مهم : هل الحكم بما أنزل الله ركن ؟
جوابهم بلا شك ولا ريب : أنه لا .
إذن هو واجب من الواجبات ، وإذا كان الحاكم الشرعي لم يقم بما أوجبه الله عليه لماذا يحكمون عليه بالكفر ؟
وبسط هذه المسألة ليس هذا موضعه والله أعلم.

التعديل الأخير تم بواسطة عبد الحميد الهضابي ; 04 Jul 2014 الساعة 04:46 AM
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 03 Jul 2014, 06:23 AM
يوسف صفصاف يوسف صفصاف غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: اسطاوالي الجزائر العاصمة
المشاركات: 1,199
إرسال رسالة عبر MSN إلى يوسف صفصاف إرسال رسالة عبر Skype إلى يوسف صفصاف
افتراضي

بارك الله فيك أخي عبد الحميد على ردك و بيان عوار الرجل، جزاك الله خيرا.
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, مناصرة, ردود


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013