منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 05 Feb 2011, 12:57 AM
أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 196
افتراضي [كتاب إلكتروني] قطع التراهات والتفاهات بدلائل بينات وحجج ساطعات على من أباح المظاهرات


بسم الله الرحمن الرحيم



قطع التراهات والتفاهات بدلائل بينات وحجج ساطعات على من أباح المظاهرات

منقول لكبير الفائدة من منتديات الإمام الآجري


عناصر سلسلة الكتاب :


المقدمة


المقدمةالفصل الأول: المظاهرات وأصلها
الفصل الثاني: الأدلة على تحريم المظاهرات
الفصل الثالث: فتاوى كبار أهل العلم في المظاهرات
الفصل الرابع: كشف الشبهات ودحض الشبهات ورد الإعتراضات.


صورة الكتاب






رابط التحميل
اضغط هنا لتحميل



----------------------------------------------------------------------


قطع التراهات والتفاهات بدلائل بينات وحجج ساطعات على من أباح المظاهرات


((قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا))

بسم الله الرحمان الرحيم


مدخل:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم.. أما بعد:
فإن الله ـ سبحانه وتعالى ـ قد خلق الخلق لحكمة عظيمة بينها في كتابه العزيز،

فقال تعالى:

"وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"

,والمعنى أن الله لم يخلق الثقلين إلا لعبادته وحده لا شريك له، فلا يصرفون شيئا من أنواع العبادة لغير الله تعالى،

كما قال تعالى:

"واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا" (النساء: 36)،

فهذا النهي قد عم أنواع الشرك كلها صغيرة وكبيرة، ويدخل فيه كل ما عبد من دون الله.
ثم إن هذه العبادة قد حدها بعض أهل العلم بقوله: العبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.
وأنواع العبادة كثيرة: لكنها لا تقبل إلا بشرطين:



الأول: إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له،


كما قال ـ عز وجل ـ:

"وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة" البينة: 5.


الثاني: المتابعة للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ


بأن لا يعبد إلا الله بما جاء من طريق هذا الرسول الكريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ من كتاب الله والسنة الصحيحة،

قال الله ـ سبحانه وتعالى:

"يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا" النساء: 59.


وقال تعالى:


"قل إن كنتم تحبون الله فاتبوعني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم" آل عمران: 31.
وقد بينت السنة هذا الأصل العظيم في غير ما حديث، من ذلك:
ـ عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت:


قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ:

ن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" متفق عليه. وفي رواية: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" أخرجه مسلم.
ـ عن العرباض بن سارية ـ رضي الله عنه ـ قال: وعظنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ موعظة بليغة، وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع فأوصنا، قال: "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة" أخرجه أبو داود والترمذي.
ـ عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال:


كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا خطب يقول:

"إن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة" أخرجه مسلم.
وكما أن المسلم لا تقبل عبادته إلا بتحقيق هذين الشرطين، فإنه لا يمكن أن يهتدي إلى الفهم الصحيح لما جاء في كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا بالأخذ بفهم السلف الصالح ـ رحمهم الله ـ وفي مقدمتهم الصحابة الكرام ـ رضي الله عنهم ـ


كما قال ـ سبحانه وتعالى ـ:

"فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اعتدوا" البقرة: 137.

وقال تعالى

"ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا" النساء: 115.
والآثار السلفية في وجوب الأخذ بكتاب الله ـ سبحانه وتعالى ـ وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بفهم سلف الأمة الصالح أكثر من أن تحصر في مثل هذا الموضع، فمن ذلك:
ـ قال عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ:


"من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه فتنة، أولئك أصحاب محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، وأقومها هديا، وأحسنها حالا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم في آثارهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم".
وما سبب هذا الضعف الموجود في الأمة إلا البعد عن الوحيين وتقديم الشرائع الغربية والعواطف النفسية عليها ظانين أنها قد تكون أحسن من الشريعة الغراء


وقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم

بأن الكثير من أمته ستتبع سنن أهل الكفر ومللهم لتتبعنَّ سنن الذين من قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع حتى لو سلكوا جُحر ضبّ لسلكتموه))،

قالوا: اليهود والنصارى؟ قال: ((فمن؟!)).
لهذا وجب التمسك بديننا الحنيف


لقول النبي صلى الله عليه وسلم

(حتى ترجعوا إلى دينكم)

أما تقديم العواطف على النصوص فهذا من الهوى وليس من الدين في شيء
قال الله تعالى


((وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ))
وقال سبحانه


((فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً))[النساء:59]
فالهوى والشرع ضدان لا يجتمعان
قال الله تعالى


(وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)
قال تعالى :


{ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهاوَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لا
يَعْلَمُونَ
}
قال الشاطبي رحمه الله في الموافقات


((هنا لقد حصر الأمر في شيئين الوحي وهو الشريعة والهوى فلا ثالث لهما، وإذا كان كذلك فهما متضادان وحين تعيّن الحق في بالوحي توجه للهوى ضده فاتباع الهوى مضادّ للحق)).
لهذا إن أردنا أن نحكم على أي مسألة بالحق أو الباطل فيجب أن يكون مرجعنا الوحي المنزل فالله الذي أنزله أعلم بمصالح العباد منا


(قل أأنتم أعلم أم الله)

إذا تقرر ما تقدم، فاعلم ـ رحمني الله وإياك ـ أن هناك أمورا كثيرة قد حدثت في زمننا هذا، ليست من شرع الله في شيء، وإنما يتعلق بها أناس يجهل الكثير منهم أو يتجاهل نصوص الشرع، وآثار السلف في النهي عن المحدثات في الدين، ويعظم الخطب حينما تنسب هذه الأمور المحدثة إلى دين الله ـ عز وجل ـ، كما يفعله بعص الناس ممن يفتي في القنوات الفضائية، مخالفين بذلك هدي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من حيث لا يشعرون.
ومن هذه الأمور المستحدثة في دين الله


"المظاهرات"،

حيث أصبحت ظاهرة مشهودة في كثير من بلاد المسلمين إلا ما ندر، ورغم صدور الفتاوى في تحريمها من قبل كبار أهل العلم المعتبرين، إلا أن أكثر الناس حيال هذه الفتاوى على قسمين:
القسم الأول: من اطلع على هذه الفتاوى، ومع ذلك يحاول ألا تظهر على الساحة، ويحول بين الناس وبين سماع وقراءة مثل هذه الفتاوى، وهذا حال كثير ممن ينتسبون إلى ما يسمى بـ "الجماعات الدعوية"، إذ إن هذه الفتاوى تصادم أهداف هذه الفرق التي أسست على أمور أهمها مصادمة الحكومات، والخصومات السياسية.
القسم الثاني: ممن لم يطلع على هذه الفتاوى، وهذا حال كثير من العوام المساكين، ممن لا يقرأ في كتب أهل العلم المعتبرين، وإنما يأخذ دينه عن طريق وسائل الإعلام التي أكثر من يظهر فيها هم ذوو الاتجاهات المنحرفة والمشبوهة إلا من رحم الله.
ولقد علم إنكار كبار أهل العلم على من حاول نسبة هذه المظاهرات


إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ

ومن العلماء الذين أنكروا ذلك سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ حيث قال في معرض رده على عبد الرحمن عبد الخالق:

"ذكرتم في كتابكم: (فصول من السياسة الشرعية) ص 31، 32: أن من أساليب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الدعوة التظاهرات (المظاهرة) ولا أعلم نصا في هذا المعنى، فأرجو الإفادة عمن ذكر ذلك؟ وبأي كتاب وجدتم ذلك؟
فإن لم يكن لكم في ذلك مستند، فالواجب الرجوع عن ذلك، لأنني لا أعلم في شيء من النصوص ما يدل على ذلك، ولما قد علم من المفاسد الكثيرة في استعمال المظاهرات، فإن صح فيها نص فلابد من إيضاح ما جاء به النص إيضاحا كاملا حتى لا يتعلق به المفسدون بمظاهراتهم الباطلة" مجموع فتاوى ومقالات ـ الجزء الثامن ص 240.
والآن دونك ـ رحمني الله وإياك ـ ما تيسر من البحث حول هذه الظاهرة الخطيرة، والتي تسمى (المظاهرات) وقد قسمت البحث إلى أربعة فصول:



الفصل الأول: المظاهرات وأصلها
الفصل الثاني: الأدلة على تحريم المظاهرات
الفصل الثالث:فتاوى كبار أهل العلم في المظاهرات
الفصل الرابع: كشف الشبهات ورد الشبهات ورد الإعتراضات.








الفصل الأول: المظاهرات وأصلها

ما المقصود بالمظاهرات؟
المقصود منها: خروج جمع من الناس مجتمعين في الطريق أو نحو ذلك، للمطالبة بشيء معين، أو لإظهار القوة، أو نحو ذلك، فهم قد ظاهر ـ أي ساعد ـ بعضهم بعضا على إظهار الشيء الذي قاموا لإظهاره، أو للدعوة إليه، فمن هنا سميت مظاهرة. هكذا عرفها صاحب كتاب نظرات وتأملات من واقع الحياة.
في «القاموس» و«تاج العروس»: وتظاهروا عليه: تعاونوا ضده.
والظهير كأمير: المعين، الواحد والجمع في ذلك سواء، وإنما لم يجمع ظهير لأن فعيلا وفعولا قد يستوي فيهما المذكر والمؤنث والجمع،

كما قال تعالى:

﴿والملائكة بعد ذلك ظهير﴾.
قال ابن سيده:


وهذا كما حكاه سيبويه من قولهم للجماعة: هم صديق، وهم فريق.
وقال ابن عرفة في قوله عز وجل:


﴿وكان الكافر على ربه ظهيرا﴾،

أي: مظاهرا لأعداء الله تعالى، كالظهرة بالضم، والظهرة بالكسر.

أصلها:

لا يشك أحد أن المظاهرات قد دخلت على المسلمين من الخارج، حيث تنتشر الأحزاب والمنظمات التي تتخذ من المظاهرات وسيلة لإبراز مطالبها السياسية ونحوها واتخاذها كوسيلة ضغط على حكومات تلك الدول. والمظاهرات في الغرب تعد من وسائل التنفيس والرد على الحكومات، إذ إن كل من لا يستطيع إيصال صوته عبر الوسائل الرسمية يلجأ إلى المظاهرات.
وقد أعجب بهذه المظاهرات كأسلوب من أساليب الضغط على الحكومات، كثير من الأحزاب والحركات المحدثة سواء كانت أحزابا سياسية أو علمانية أو ما يسمى بالجماعات (الإسلامية)، ولم يبحث أحد من أولئك في مشروعيتها أو كونها مخالفة للشرع أو موافقة له، بل كانت المطامع والأهداف الحركية والحزبية طاغية بما لا مجال معه عند هؤلاء للتوقف والبحث في مشروعيتها من عدمه.







الفصل الثاني:الأدلة على تحريم المظاهرات

1-المظاهرات بدعة:
المظاهرات لم تثبت في الشرع ولا عن السلف ألبتة فهي إذن وسيلة محدثة في شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ,

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول

(شر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)

ويقول

( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) أخرجه مسلم
وقد اشتد نكير السلف على بدع أقل مفسدة من المظاهرات كبدعة القصاصين الذين يستعملون القصص وسيلة للدعوة فكيف بالمظاهرات؟!!
قال الحافظ زين الدين العراقي – رحمه الله تعالى – في كتابه المسمى :


(( الباعث علي الخلاص من حوادث القصاص )) بعد أن ساق حديث العرباض بن سارية المشهور :
فكان مما أحدث بعده صلى الله عليه وسلم ما أحدثه القصاص بعده ، مما أنكره جماعة من الصحابة عليهم كما سيأتي .
وفي الصحيحين عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ))
وروى ابن ماجه في سنده عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – قال :
(( لم يكن القصص في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا زمن أبي بكر ولا زمن عمر )).
وروى الإمام أحمد والطبراني عن السائب بن يزيد ، قال


(( إنه لم يكن يقص على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا زمن أبي بكر ولا زمن عمر )) اه.
فتأمل أيها اللبيب هذا الكلام ، وانظر فيه بعين الإنصاف ، يتجلى لك ما كان عليه السلف – رضي الله عنهم– من إنكار كل وسيلة ليس فيها أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ولو كانت نافعة ، تُلين القلب ، وترغب المعرض عن الحق فيه ... ونحو ذلك من الفوائد : لأننا نقطع بأن النبي صلى الله عليه وسلم بين لنا كل شيء ولو كانت هذه الوسيلة مصلحة للعباد لما تركها الشارع ، بل لأمر بها أمر إيجاب أو استحباب فكيف بالمظاهرات التي جاءتنا من الغرب ولا فائدة منها ألبتة ومفاسدها أكبر من مصالحها!!!.
والمؤمن الذي عظمت في نفسه السيرة المحمدية ، ورأى فيها الكمال المطلق : هو الذي يقبل هذا الكلام ، ويسلم به .
أما من انطوت نفسه على غير ذلك ، فهو الذي يبحث عن وسائل محدثة ليتم بها الشرع ، وليكمل بها الدين . فإنا لله وإنا إليه راجعون .
يقول الله تعالى :
)إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ /وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ( (النور:51 ،52 )

وقال تعالى :
) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً( (النساء:61)
قلت: وهذا ينطبق على المظاهرات بل المظاهرات أولى منها بلا شك لمفاسدها الكثيرة ولكونها جاءتنا من الغرب!!

2-المظاهرات تشبه بالكفار:
من المعلوم أن المظاهرات كانت بوسع النبي صلى الله عليه وسلم ومع هذا لم يعمل بها وقد أتتنا عن طريق الكفار وأتباع الدمقراطية والعلمانية وهي من خصوصياتهم في إنكار المنكر


والنبي صلى الله عليه وسلم يقول

((" من تشبه بقوم فهو منهم" رواه أبو داود (4031) وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير.
وقال عليه أفضل الصلاة والسلام


(( لتتبعنَّ سنن الذين من قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع حتى لو سلكوا جُحر ضبّ لسلكتموه))،

قالوا: اليهود والنصارى؟ قال: ((فمن؟!)).
لله درك قلت ـ يا رسول الله ـ حقًا، وتلفّظت صدقًا، خرجت أجيال من المسلمين لا تفكّر إلا بعقول الأعداء، ولا تبصر إلا بأعينهم، راسخٌ في نفوسها ـ شعرت أم لم تشعر ـ أن الحق ما جاء من عند عدوها، والباطل لا يكون عندهم، مقاييس الحق والصدق والأدب ما قررته نظريات الغرب ومناهجه وما المظاهرات التي يعتبرها الكثيرون نصرة للإسلام إلا دليل على هذا ولا إله إلا الله .

3-المظاهرات مخالفة للشرع في أسلوب إنكار المنكر وطعن في الدين:
إن ديننا حنيف قد إكتمل


كما قال تعالى

((اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا))

و معلوم أنه (خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم) ولم يترك صلى الله عليه وسلم خيرا إلا دعا الناس إليه ، أو شرا إلا حذرهم منه ،

كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :

" ((قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك))رواه ابن ماجه."

وعن أبي ذر – رضي الله عنه – قال :
(( لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا ذكرنا منه علماً ))رواه أحمد والطبراني


وقال صلى الله عليه وسلم :

(( ما بعث الله من نبي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم )) خأرجه مسلم في صحيحه .
وقال صلى الله عليه وسلم :


(( تركت فيكم أمرين لن تضلوا أبدا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي )) رواه الطبراني
قال الإمام مالك - رحمه الله تعالي - :
(( من أحدث في هذه الأمة شيئاً لم يكن عليه سلفها فقد زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خان الدين ، لأن الله تعالى يقول : : ) الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً ( (المائدة: من الآية3)
وقد حدد الشرع المطهر الوسائل الشرعية في التعامل مع مثل هذه الأحداث وخصص لكل عبد مسؤولية حسب مكانه وموقعه فإن كان حاكما فهو ملزم بالجهاد لنصرة إخوانه ودفع الظلم عنهم وإن كان محكوما واستنفره الإمام فوجب عليه الجهاد وإلا فقد اتصف بأوصاف المنافقين وإذا لم يستنفره فحسب طاقته وقدرته من إنفاق المال وتقديم الطعام وبدون أن ننسى أقوى سلاح ألا وهو الدعاء والمواضبطة عليه والتوكل على الله والصبر كما صبر أولو العزم من الرسل .
قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد – حفظه الله تعالى - :
( ومن رحمة الله تعالى بعباده ، وبالغ حكمته في تشريعه لما يصلح الله به العباد والبلاد أنه – سبحانه – لما شرع الجهاد ، وشرع للأمة وسائل متعددة في ذلك ، ولم يجعلها إلى عقولهم ، بل أحالهم على ما شرعه لهم :
فالجهاد بالنفس ، والجهاد بالمال بالقوة ... والدفاع كذلك . وتغيير المنكر باليد وهذا لذي سلطان ، كرجال الحسبة وباللسان، ومثله القلم .
وبالقلب . والأمر بالمعروف كذلك . والنصيحة لائمة المسلمين وعامتهم بالتي هي أحسن : مناصحة بالكلمة ، ومناصحة بالكتابة ، وتذكير بأيام الله . والدعوة تكون بالوظائف المرتبة في الإسلام : خطب الجمع والعيدين ، والحج ، وبالتعليم ، ومجالس الذكر والإيمان . والصدع بكلمة الحق : ببيانها حتى يكشف الله الغمة عن الأمة . وبفتوى عالم معتبر ، بغير الله بها الحال إلى أحسن ، فتعمل ما لا تعمله الأحزاب في عقودٍ . وهكذا بعمل فردي من عالم بارع ، ينشر علمه في الأمة : في إقليم ، في ولاية ، في مدينة ، في قرية ... وهكذا . وبعمل جماعي على رسم منهاج النبوية لا غير ، كجماعة الحسبة ودور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،ومراكز الدعوة ورابطة العلماء ) (1) اهـ
ولو كانت هذه المظاهرات فيها خير لقام بها النبي صلى الله عليه وسلم ولقام بها السلف الصالح فلما علم أن هذا لم يحصل تبين أنه لا يوجد فيها خير وأنها محرمة شرعا وإلا اتهمنا الدين بالنقصان والله تعالى يقول


(اليوم أكملت لكم دينكم)
فمنذ أن جهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الله تعالى؛ انفجرت في مكة مشاعر الغضب والكراهية تجاهه وتجاه أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين من قبل عامة المشركين وزعماء الكفر بصفة خاصة .
عشرة أعوام مُرَّةٍ مَرَّتْ على المسلمين في مكة وهم يعذبون ويضطهدون حتى زلزلت الأرض من تحت أقدامهم واستبيحت -في الحرم الآمن- دمائهم وأموالهم وأعراضهم. عشرة أعوام رأوا فيها ألوانًا من العذاب الجسدي والنفسي .
وممن عذب من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين :
1 ) عمار بن ياسر رضي الله عنه كان المشركون يخرجون به وبوالديه إلى الصحراء في شدة الحر فيعذبونهم أشد أنواع العذاب .
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر بهم فيقول لهم :


(( صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة ))
2 ) وهذا بلال بن رباح رضي الله عنه كان أمية بن خلف أحد زعماء الكفر في قريش يعذبه عذاباً شديداً في صحراء مكة حتى أنه كان يضع الصخرة العظيمة على صدره .
ما كانت ردة فعل بلال تجاه هذا التعذيب والاضطهاد سواء قوله : أحد أحد ...
3 ) وهذا خباب بن الأرت رضي الله عنه كان الكفار يعذبونه عذاباً شديداً لدرجة أنهم كانوا يضعون الأحجار على النار حتى تحمر ثم يفردونها على الأرض ثم يأمر بخباب ويسحب على ظهره فوق الجمر والأحجار الساخنة .

وعندما أشتد العذاب والاضطهاد :
جاء بعض الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردته في ظل الكعبة فقالوا : يا رسول الله : ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط من الحديد دون لحمه وعظمه ما يصده ذلك عن دينه والله ليتمن الله تعالى هذا الأمر حتى ييسر الراكب من صنعاء إلى حضرموت فلا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ، ولكنكم تستعجلون )) .

تأمل أخي القارئ حرم الله وجهك على النار :
لم يأمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالقيام بالمظاهرات أو الاعتصام بالمسجد الحرام احتجاجاً على هذه السياسة المستخدمة تجاههم من قبل كفار قريش وزعمائهم ولم يقم الصحابة بأي مظاهرة احتجاجية .
وقد قتل الخليفة العباسي المأمون بعض العلماء وسجن الذين لم يقولوا بقوله وهو أن القرآن مخلوق وليس كلام الله وأمر بوضع المتاريس في طرقات الناس وامتحانهم واجبرهم على أن يقولوا بهذا القول الباطل ( الذي اعتبره بعض العلماء كفر مخرجا من الملة )
لم نسمع أو نقرأ بأن العلماء كالإمام الشافعي أو أحمد بن حنبل أو غيرهما من الأئمة الذين عاصروا هذه الفتنة رحمة الله عليهم أجمعين أن أحد منهم اعتصم في مسجد ما أو خرجوا في مظاهرة احتجاجية.

4-الإنكار العلني على ولاة الأمر :
إذ من المتقرر شرعا أن الإنكار على الحكام إنما يكون في السر دون علن والمظاهرات تعتبر من الإنكار العلني
ويدل عليه ما رواه عِيَاض


قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :

" مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِسُلْطَانٍ بِأَمْرٍ فَلَا يُبْدِ لَهُ عَلَانِيَةً وَلَكِنْ لِيَأْخُذْ بِيَدِهِ فَيَخْلُوَ بِهِ فَإِنْ قَبِلَ مِنْهُ فَذَاكَ وَإِلَّا كَانَ قَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ لَهُ "(رواه أحمد) .
وروى شَقِيق عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ :


قِيلَ لَهُ أَلَا تَدْخُلُ عَلَى عُثْمَانَ فَتُكَلِّمَهُ فَقَالَ أَتَرَوْنَ أَنِّي لَا أُكَلِّمُهُ إِلَّا أُسْمِعُكُمْ وَاللَّهِ لَقَدْ كَلَّمْتُهُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ دُونَ أَنْ أَفْتَتِحَ أَمْرًا لَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ "رواه البخاري ومسلم.
وعن سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ أنه قَالَ لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى فقُلْتُ له :


إِنَّ السُّلْطَانَ يَظْلِمُ النَّاسَ وَيَفْعَلُ بِهِمْ قَالَ فَتَنَاوَلَ يَدِي فَغَمَزَهَا بِيَدِهِ غَمْزَةً شَدِيدَةً ثُمَّ قَالَ وَيْحَكَ يَا ابْنَ جُمْهَانَ عَلَيْكَ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ عَلَيْكَ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ إِنْ كَانَ السُّلْطَانُ يَسْمَعُ مِنْكَ فَأْتِهِ فِي بَيْتِهِ فَأَخْبِرْهُ بِمَا تَعْلَمُ فَإِنْ قَبِلَ مِنْـكَ وَإِلَّا فَدَعْـهُ فَإِنَّكَ لَسْتَ بِأَعْلَمَ مِنْهُ " (رواه أحمد).
فتأملوا كيف أن الصحابي الجليل ابن أبي أوفى رضي الله عنه منعه من الكلام في السلطان وأمره بنصيحته سراً دون العلانية .
وقال سعيد بن جبير : قلت لابن عباس : آمر السلطان بالمعروف ، وأنهاه عن المنكر ؟
فقال ابن عباس : إن خفت أن يقتلك فلا .
قال سعيد : ثم عدت فقال لي مثل ذلك . ثم عدت فقال لي مثل ذلك .
وقال ابن عباس : إن كنتَ لا بُدَّ فاعلاً ففيما بينك وبينه "(رواه البيهقي) .
فتدبروا موقف هذا الصحابي الجليل حبر الأمة وترجمان القرآن ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم من هذه المسألة العظيمة حيث أمره بالسرية في النصح .
وقيل لمالك بن أنس : إنك تدخل على السلطان وهم يظلمون ويجورون ؟
فقال : يرحمك الله فأين التكلم بالحق .
وقال الشوكاني :


" ينبغي لمن ظهر له غلط الإمام في بعض المسائل أن يناصحه ولايظهر الشناعة عليه على رؤوس الأشهاد بل كما ورد في الحديث أنه يأخذ بيده ويخلو به ويبذل له النصيحة ولا يذل سلطان الله " ( 2)..
ولا يعني هذا أننا ضد الإنكار على الحكام إنما ضد هذه الوسيلة فقط والإنكار يكون في السر بالحكمة والموعظة
قال ابن مفلح في (( الآداب الشرعية )) والمراد :


ولم يخف منه بالتخويف والتحذير، وإلا سقط المنكر مع السلاطين : التعريف والوعظ فأما تخشين القول نحو : يا ظالم، يا من لا يخاف الله، فإن كان ذلك يحرك فتنة يتعدى شرورها إلي الغير لم يجز، وإن لم يخف إلا على نفسه فهو جائز عنه جمهور العلماء.))

وقال العلامة ابن عثيمين-رحمه الله-


((وقد أمر النبي عليه الصلاة و السلام من رأى من أميره شيئا يكرهه أن يصبر و قال : ((من مات على غير أمام مات ميتة الجاهلية ))
الواجب علينا أن ننصح بقدر المستطاع ، أما أن نظهر المبارزة و الاحتجاجات علناً فهذا خلاف هدي السلف ،وقد علمتم الآن أن هذه الأمور لا تمت إلى الشريعة بصلة ولا للإصلاح بصلة وما هي إلا مضرة ، الخليفة المأمون قتل العلماء الذين لم يقولوا بقوله في خلق القرآن، قتل جمعاً من العلماء وأجبر الناس على أن يقولوا بهذا القول الباطل، ما سمعنا عن الإمام أحمد وغيره من الأئمة أن أحدا منهم اعتصم في أي مسجد أبدا ولا سمعنا أنهم كانوا ينشرون معايبه من أجل أن يحمل الناس عليه الحقد والبغضاء والكراهية ، ولا نؤيد المظاهرات أوالاعتصامات أو ما أشبه ذلك ولا نؤيدها إطلاقاً ويمكن الإصلاح بدونها لكن لا بد أن هناك أصابع خفية داخلية أو خارجية تحاول بث مثل هذه الأمور))


فتاوى العلماء الأكابر ص140

5-مفاسدها أكبر من مصالحها:

إن المتأمل لمفاسد المظاهرات مقارنة بمصالحها يجد أن الفرق شاسع فمصالحها لا تعدوا على التعبير عن الرأي لا أكثر ولا أقل ومن زعم أنها تضغط على الدول المحتلة فهذا مالم يحدث في التاريخ إلا نادرا ولا النادر لا يلتفت إليه فحتى الخمر يشفي نادرا وقد صرح أحد المجيزين لها بأنها وسيلة تعبيير لا تغيير فمالفائدة إذن وهل نحن نحتاج إلى تعبير أم تغيير؟!!.

مفاسد المظاهرات:
لا شك أن أعظم مفسدة من مفاسد المظاهرات هي مخالفتها الشرع، وكونها دائرة بين التشبه بالكفار، وبين البدعة والإحداث في الدين وكفى والله بهذا مفسدة تمنع المسلم من ارتكاب هذا الأمر المشين.
ومخالفتها الكتاب والسنة يتضح أيضا فيما يلي:
المفسدة الأولى: زهد الناس في الوسائل المشروعة وانصرافهم عنها إلى المحدثات فيتحقق قول ابن عباس ـ رضي الله عنه أنه ما أحدثت بدعة إلا وأميتت سنة، وصدق رضي الله عنه فهاهم يستحقرون الدعاء ولا يلتفتون لقوته ويستحقرون من ينادي للعودة للدين وتربية الناشئة على ذلك ويصفونهم بالمخذلة والمنبطحة ولا إله إلا الله.
المفسدة الثانية: الشعارات القبيحة التي يرددها بعض المتظاهرين والكلمات النابية والسباب والشتائم كلها تخالف هدي الإسلام،


فعن عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ

قال: لم يكن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فاحشا ولا متفحشا وكان يقول: إن من خياركم أحسنكم أخلاقا" متفق عليه.

وعن ابن مسعود ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ

"ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء" أخرجه الترمذي.
المفسدة الثالثة:إستخراج الغضب والغيض كله مما يجعل الإنسان المتظاهر بعدها وكأنه قد أدى الذي عليه فيعود لمنزله وكان المراد قد تم وهذا ما يضعفه في الدعاء والمساندة الحقيقية الملموسة .
المفسدة الرابعة: اظهار الإسلام على أنه دين فوضى وطيش :
فالمتظاهرون يغلب عليهم الطيش والسفه خصوصا وهم يتصايحون ويتنادبون ، ديننا والحمد لله دين انضباط .
المفسدة الخامسة:إظهار المسلمين في مظهر العجز والذل :
فالمتظاهر لم يستطع تحقيق ما يريده ويرمو إليه بوسائل القوة فاتجه نحو المظاهرات التي تعد ملاذه الأخير في حين تعتبر صورة من صور العجز والذل بخلاص الصبر والدعاء والإلتزام بالوسائل المادية والمعنوية حسب القدرة من تقديم المال وغيرها (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون).
المفسدة السادسة:إندساس أصحاب النوايا الفاسدة بين المتظاهرين :
وهذا لا يخفى على أحد ، فهناك بعض العصابات لا يتيسر لها العمل إلا في مثل هذه المواقف التي يحتشد فيها الناس وخصوصا إن كانوا من المسلمين فيجعلونهم كغطاء وستر ليتمكنوا من تحقيق مآربهم .
المفسدة السابعة:تقوم المظاهرات على الصياح والهتاف والصراخ وربنا أدبنا بغير ذلك فقال سبحانه (واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير).


ومن صفات نبينا صلى الله عليه وسلم السكينة والوقار و

(ليس بسخاب في الأسواق).
المفسدة الثامنة:المظاهرات ضرر عظيم ومنه تعطيل مصالح الناس، بصدهم عن مساجدهم ومدارسهم وأسواقهم ومستشفياتهم، وتعطيل الطرق، وإلحاق العنت والمشقة بالمسلمين، والدين جاء بنفي الضرر فقال صلى الله عليه وسلم


(لا ضرر ولا ضرار)

وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم جعل قضاء الحاجة في طريق الناس وظلهم من أسباب اللعنة فما ظنك بالأذى الذي يسببه المتظاهرون في طرق الناس العامة، أليس فسادهم أعظم من الفساد المذكور في الحديث الشريف؟!.
المسلم الحق (من سلم المسلمون من لسانه يده) والمؤمن الحق(من أمنه الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم).
المفسدة التاسعة: حمل المتظاهرين الصور المحرمة كصور القتلى وصور الأعداء المشبوهة، وهذا مخالف


لما جاء عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال سمعت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول

"إن أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة المصورون" متفق عليه.

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ

أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير فلما رآها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل فعرفت في وجهه الكراهية، قالت: قلت: يا رسول الله أتوب إلى الله ورسوله ماذا أذنبت؟ قال: ما بال هذه النمرقة؟ قالت اشتريتها لتقعد عليها وتوسدها، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ "إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتم، وقال إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة" متفق عليه.
قلت: فهؤلاء المتظاهرون الذين يحملون هذه الصور إذا لم تصحبهم الملائكة فجدير أن تصبحهم الشياطين والعياذ بالله.
المفسدة العاشرة: الاختلاط الحاصل بين النساء والرجال ولا يقال نحن نفصل بين النساء والرجال فأهل الشر أدرى بطرق تحصيل ما ينشدونه من السوء وسط هذه الجموع البشرية الكثيرة.
المفسدة الحادية عشر: ما أكثر المظاهرات التي خرج فيها المسلم والنصراني والرافضي متماسكين يعضد بعضهم بعضا، يصرخون بصوت واحد، فإن كان هذا ليس مما يخدش مظاهر الولاء والبراء عند المسلم، فأي شيء يسمى هذا التعاضد والتكاتف؟


ويقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم

لأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف" أخرجه مسلم.
المفسدة الثانية عشر:فتح الباب أمام الفسقة والكفرة للتعبير عن آرائهم والمطالبة بمعتقداتهم وأسوتهم في ذلك صاحب المظاهرات لأنك إنا طالبت بما تريده وتراه حقا ووجدت آذاننا صاغية وأقلام سيالة وأيدن قوّاّمة
تحقق مطلوبك إقتدى بك هؤلاء لأنك كنت لهم خير دليل .
المفسدة الثالثة عشر:تسويد الأمر إلى غير أهله :في مثل هذه المواقف والتجمعات يتيسر لكل أحد إبداء رأيه ولو كان من أراذل الناس وسفهائهم ، وهذا من الأمور التي لا تحمد عقباها


وكما قال صلى الله عليه وسلم :

( إذا سود الأمر إلى غير أهله فارتقب الساعة ).
المفسدة الرابعة عشر: أنها تحولت من عادات دخيلة على المجتمع المسلم إلى عبادات يؤجر من خرج ويأثم من قعد ، وإلى الله المشتكى .







الفصل الثالث: فتاوى وأقوال كبار علماء العصر في تحريم المظاهرات

فتوى سماحة الشيخ الإمام عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله تعالى:
قال رحمه الله

"فالأسلوب الحسن من أعظم الوسائل لقبول الحق، والأسلوب السيء العنيف من أخطر الوسائل في رد الحق وعدم قبوله أو إثارة القلاقل والظلم والعدوان والمضاربات ويلحق بهذا الباب ما يفعله بعض الناس من المظاهرات التي تسبب شرا عظيما على الدعاة، فالمسيرات في الشوارع والهتافات ليست هي الطريق للإصلاح والدعوة، فالطريق الصحيح بالزيارة والمكاتبات بالتي هي أحسن فتنصح الرئيس، والأمير وشيخ القبيلة بهذه الطريقة، لا بالعنف والمظاهرة، فالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مكث في مكة 13 سنة لم يستعمل المظاهرات ولا المسيرات ولم يهدد الناس بتخريب أموالهم واغتيالهم، ولا شك أن هذا الأسلوب يضر بالدعوة والدعاة، ويمنع انتشارها ويحمل الرؤساء والكبار على معاداتها ومضادتها بكل ممكن، فهم يريدون الخير بهذا الأسلوب ولكن يحصل به ضده، فكون الداعي إلى الله يسلك مسلك الرسل وأتباعهم ولو طالت المدة أولى به من عمل يضر بالدعوة ويضايقها، أو يقضي عليها، ولا حول ولا قوة إلا بالله" أ. هـ

مجلة "البحوث الإسلامية" العدد 38 ص 210.
وسئل ـ رحمه الله ـ هل المظاهرات الرجالية والنسائية ضد الحكام والولاة تعتبر وسيلة من وسائل الدعوة؟ وهل من يموت فيها يعتبر شهيدا في سبيل الله؟
فأجاب ـ رحمه الله تعالى


"لا أرى المظاهرات النسائية والرجالية من العلاج ولكنها من أسباب الفتن، ومن أسباب الشرور ومن أسباب ظلم بعض الناس والتعدي على بعض الناس بغير حق. ولكن الأسباب الشرعية المكاتبة والنصيحة والدعوة إلى الخير بالطرق السلمية، هكذا سلك أهل العلم وهكذا أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأتباعهم بإحسان، بالمكاتبة والمشافهة مع المخطئين ومع الأمير والسلطان، بالاتصال به ومناصحته والمكاتبة له دون التشهير في المنابر وغيرها بأنه فعل كذا وصار منه كذا، والله المستعان"

نقلا عن شريط بعنوان مقتطفات من أقوال العلماء.


فتوى فضيلة الشيخ العلامة محمد بن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ :
سئل ـ رحمه الله تعالى ـ هذا السؤال: هل تعتبر المظاهرات وسيلة من وسائل الدعوة الشرعية؟
فقال ـ رحمه الله ـ


"الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإن المظاهرات أمر حادث، لم يكن معروفا في عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا في عهد الخلفاء الراشدين ولا عهد الصحابة ـ رضي الله عنهم.
ثم إن فيه من الفوضى والشغب ما يجعله أمرا ممنوعا حيث يحصل فيه تكسير الزجاج والأبواب وغيرها. ويحصل فيه أيضا اختلاط الرجال بالنساء والشباب بالشيوخ وما أشبه من المفاسد والمنكرات، وأما مسألة الضغط على الحكومة فهي إن كانت مسلمة فيكفيها واعظا كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهذا خير ما يعرض على المسلم، وإن كانت كافرة فإنها لا تبالي بهؤلاء المتظاهرين وسوف تجاملهم ظاهرا وهي ما هي عليه من الشر في الباطن، لذلك نرى أن المظاهرات أمر منكر.
وأما قولهم إن هذه المظاهرات سلمية فهي قد تكون سلمية في أول الأمر أو في أول مرة ثم تكون تخريبية، وأنصح الشباب أن يتبعوا سبيل من سلف فإن الله ـ سبحانه وتعالى ـ أثنى على المهاجرين والأنصار وأثنى على الذين اتبعوهم بإحسان"


انظر: "الجواب الأبهر" لفؤاد سراج ـ ص 75.

فتوى الشيخ صالح الفوزان:
وسئل الشيخ صالح الفوزان ـ حفظه الله ـ هل من وسائل الدعوة القيام بالمظاهرات لحل مشاكل الأمة الإسلامية؟


الجواب:

ديننا ليس دين فوضى، ديننا دين انضباط، دين نظام ودين سكينة، المظاهرات ليست من أعمال المسلمين وما كان المسلمون يعرفونها، ودين الإسلام دين هدوء ودين رحمة لا فوضى فيه، ولا تشويش ولا إثارة فتن، هذا هو دين الإسلام والحقوق يتوصل إليها دون هذه الطريقة بالمطالبة الشرعية والطرق الشرعية، هذه المظاهرات تحدث فتنا، وتحدث سفك دماء وتحدث تخريب أموال فلا تجوز هذه الأمور" أ. هـ "الإجابات المهمة في المشاكل الملمة" محمد الحصين ص 100.


فتوى فضيلة الشيخ عبدالعزيز الراجحي حفظه الله
السؤال: مارأيكم فيمن يجوز المظاهرات للضغط على ولي الأمر حتى يستجيب له ؟

الجواب:


المظاهرات هذه ليست من أعمال المسلمين ، هذه دخيلة، ماكانت معروفة إلا من الدول الغربية الكافرة "من مقطع صوتي منشور على الشبكة.".

فتوى العلامة مقبل بن هادي الوادعي
سؤال: ما حكم المظاهرات في الإسلام؟ ألها أصل شرعي أم أنها بدعة اقتبسها المسلمون من أعداء الإسلام؟

جـواب:


لا، هي بدعة وقد تكلمنا على هذا في

«الإلحـاد الخميني في أرض الحرمين»،

وذكرنا أن الآيات القرآنية تدل على أن التظاهر يكون على الشر، وهناك آية وهي قوله تعالى: ( وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ) (التحريم: 4) والظاهر أنها من باب المشاكلة، فليراجع في مقدمة «الإلحـاد الخميني في أرض الحرمين»، وهي نعرة جاهلية اقتدى المسلمون بأعداء الإسلام، وصدق الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ يقول: «لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه» .
وإنني أحمد الله سبحانه وتعالى فما تجد سنيًّا يحمل لواء هذه المظاهرة، ولا يدعو إلى هذه المظاهرات إلا الهمج الرعاع، وماذا يستفيد المجتمع، فالعراق يقصف بالطائرات والمظاهرات في شوارع اليمن أو غيره،
ولقد أحسن أحدهم إذ يقول:

هيهات لا ينفع التصفيق ممتلأ = به الفضاء ولا صوت الهتافات
فليحي أو فليمت لا يستقيم بها = شعب ولا يسقط الجبار والعاتي
يا أسكت الله أفواهًا تصيح له = فكم بلينا بتصفيق وأصوات
وكم خطيب سمعنا وهو مندفع = وما له أثر ماضٍ ولا آ ت.


كلام العلامة المحديث ناصر الدين الألباني-رحمه الله-
قال رحمه الله بعد أن تكلم عن قصة عمر ابن خطاب الضعيفة((

ولعل ذلك كان السبب أو من أسباب استدلال بعض إخواننا الدعاة على شرعية ( المظاهرات ) المعروفة اليوم، وأنها كانت من أساليب النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة! ولا تزال بعض الجماعات الإسلامية تتظاهر بها، غافلين عن كونها من عادات الكفار وأساليبهم التي تتناسب مع زعمهم أن الحكم للشعب، وتتنافى مع قوله صلى الله عليه وسلم : "خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم ".السلسلة الضعيفة.



كلامة العلامة يحي بن أحمد النجمي-رحمه الله-
قال – حفظه الله – في معرض ملاحظاته على جماعة ( الإخوان المسلمين ) :

( الملاحظة الثالثة والعشرون: تنظيم المسيرات والتظاهرات والإسلام لايعترف بهذا الصنيع ولا يقره بل هو محدث من عمل الكفار وقد انتقل من عندهم إلينا، أفكلما عمل الكفار عملا جاريناهم فيه وتابعناهم عليه.

إن الإسلام لا ينتصر بالمسيرات والتظاهرات، ولكن ينتصر بالجهاد الذي يكون مبنيا على العقيدة الصحيحة والطريقة التي سنها محمد بن عبد الله – صلى الله عليه وسلم - ولقد ابتلي الرسل وأتباعهم بأنواع من الابتلاءات فلم يؤمروا إلا بالصبر فهذا موسى عليه السلام يقول لبني إسرائيل رغم ما كانوا يلاقونه من فرعون وقومه من تقتيل الذكور من المواليد واستحياء الإناث يقول لهم: ما أخبر الله عزّ وجلّ به عنه قال موسى لقومه : {استعينوا بالله واصبروا إنّ الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين} [ سورة الأعراف : 128] .

وهذا رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يقول لبعض أصحابه لما شكوا إليه ما يلقونه من المشركين


(إنّ من كان قبلكم كان يؤتى بالرجل منهم فيوضع المنشار في مفرقه حتى يشق ما بين رجليه ما يصده ذلك عن دينه وليتمنّ الله هذا الأمر حتى يسير الرجل من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلى الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون)

فهو لم يأمر أصحابه بمظاهرات ولا اغتيالات [ المورد العذب الزلال : 228 ] .





الفصل الرابع:كشف الشبهات ورد الإعترضات

أولا: كشف الشبهات

في هذا المبحث نناقش أناسا تكلموا أخيرا عن هذه المظاهرات مجوزين لها، لما تواردت عليهم أسئلة من بعض من اطلع على فتاوى تحريمها، فكان من أولئك أن استدلوا على جوازها بما يلي:
دليلهم الأول:
ـ إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ خرج بعد إسلام عمر ـ رضي الله عنه ـ على رأس صفين من أصحابه، وعلى الأول منهما عمر ـ رضي الله عنه ـ وعلى الثاني حمزة ـ رضي الله عنه ـ رغبة في إظهار قوة المسلمين، فعلمت قريش أن لهم منعة.
(الحلية لأبي نعيم 1/40)، (الإصابة لابن حجر 2/512 ونسبه لمحمد بن عثمان في تاريخه)، (الفتح لابن حجر 7/59 ونسبه إلى البزار).
الرد:
بالنسبة للدليل الأول:

هو خبر لا يثبت، ومدار هذا الحديث على رجل اسمه اسحاق بن أبي فروة، وهو منكر الحديث لا يحتج به، فيبطل الاستدلال به على جواز المظاهرات، قال العلامة المحدث عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ في معرض رده على الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق الذي استدل بهذه الرواية على جواز (المظاهرات) "وما ذكرتم حول المظاهرة فقد فهمته وعلمت ضعف سند الرواية بذلك كما ذكرتم، لأن مدارها على إسحاق ابن أبي فروة، ولو صحت الرواية فإن هذا أول الإسلام قبل الهجرة وقبل كمال الشريعة. ولا يخفى أن العمدة في الأمر والنهي وسائر أمور الدين على ما استقرت به الشريعة بعد الهجرة" مجموع فتاوى ومقالات ـ الجزء الثامن
246.
دليلهم الثاني:
ومن أدلتهم أن رجل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يشكو جاره فقال له اذهب فاصبر ‏,‏ فأتاه مرتين أو ثلاثا ‏,‏ فقال اذهب فاطرح متاعك في الطريق ففعل،‏ فجعل الناس يمرون ويسألونه ويخبرهم خبر جاره فجعلوا يلعنونه فعل الله به وفعل،‏ وبعضهم يدعو عليه فجاء إليه جاره فقال ارجع فإنك لن ترى مني شيئا تكرهه.
وجه الاستدلال:
خروج الرجل إلى الطريق.
والجواب على هذا الإستدلال أنه قياس مع الفارق وذلك من أوجه:
1-المظاهرات معناها خروج الناس جماعات بهتفات تنديدا-بزعمهم- لمنكر بخلاف هذا الرجل فإنه كان وحيدا ولم يقم بهتافات ولا أعلام ولا تنديد بمنكر إنما إمتثل لأمر النبي صلى الله عليه وسلم .
2-هذا الرجل خرج بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم الذي يتكلم عن طريق الوحي فهل هؤلاء خرجوا بأمر من الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم؟!!
3-هذه الحادثة متعلقة بمن ظلمه جاره الذي يعتبر من أقرب الناس إليه بعد أن صبر عليه عدة مرات ولا علاقة لها بظلم الحكام أو الكفار الذين هم أبعد الناس علينا .
4-معاملة الجار في الإسلام تختلف عن معاملة الكفار فالجار يعامل بالعفو والصبر إلا إذا طغى في الظلم ففي هده الحالة تكون هذه المعاملة الحكيمة أما الكفار فإن الوسيلة الشرعية معهم في حالة ظلمهم لنا هو الجهاد ولا يمكن إستبداله بالمظاهرات بسبب تفريطنا في إعداد العدة المعنوية والمادية للجهاد وكذلك تفريط الحكام ,فالوسيلة الشرعية إذا لم تتوفر تسقط ولا تستبدل بغيرها .
دليلهم الثالث:
-ومن أدلتهم أنه لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة خرج الناس وكان النساء والولدان يرددون طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ما دعا لله داع.

والجواب على هذا:
أولا:رغم إشتهار هذه القصة عند الناس إلا أنها لا تصح
قال الألباني
في تخريج الحديث :
. ضعيف ، رواه أبو الحسن الخلعي في الفوائد وكذا البيهقي في دلائل النبوة ، عن الفضل بن الحباب قال سمعت عبد الله بن محمد بن عائشة يقول ، فذكره
وهذا إسناد ضعيف رجاله ثقات ، لكنه معضل ، سقط من إسناده ثلاثة رواة أو أكثر ، فإن ابن عائشة هذا من شيوخ الإمام أحمد وقد أرسله ، وبذلك أعله الحافظ العراقي في تخريج الإحياء
ثم قال
البيهقي كما في تاريخ ابن كثير ( 5 / 23 ) : وهذا يذكره علماؤنا عند مَـقْـدَمِه المدينة من مكة لا أنه لما قَدِم المدينة من ثنيات الوداع عند مَـقْـدَمه من تبوك ) . وهذا الذي حكاه البيهقي عن العلماء جزم به ابن الجوزي في " تلبيس إبليس " ص 251 تحقيق صاحبي الأستاذ خير الدين وائلي ) ، لكن رده المحقق ابن القيم فقال في " الزاد " ( 3 / 13 ) : وهو وهم ظاهر ؛ لأن " ثنيات الوداع " إنما هي ناحية الشام لا يراها القادم من مكة إلى المدينة ولا يمر بها إلا إذا توجه إلى الشام ) . ومع هذا فلا يزال الناس يرون خلاف هذا التحقيق ، على أن القصة بِرُمّـتها غير ثابتة كما رأيتَ
ثانيا: على فرض ثبوتها فإنه لا حجة فيها على المظاهرات فكل مافيها هي إستقبال لزائر ألا وهو النبي صلى الله عليه وسلم ولا علاقة لهذا بالمظاهرات كما لا يخفى.
دليلهم الرابع:
هجرة عمر رضي الله عنه العلنية !
الرواية :
((و لم يهاجر أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا متخفياً غير عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد روى علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه لما هم بالهجرة تقلد سيفه و تنكب قوسه و انتضى في يده أسهماً – (و فيه أنه قال: ((من أراد أن يثكل أمه، أو يوتم ولده، أو ترمل زوجته، فليلقني وراء هذا الوادي)) قال علي: فما اتبعه إلا قوم من المستضعفين علمهم ما أرشدهم ثم مضى لوجهه. أسد الغابة ج4 ص 58).
الرد
أولا:
قال شيخنا الألباني :
و عليه مؤاخذتان:
أولاً: قوله: ((و لم يهاجر …)) هذا النفي ما مستنده؟ فإن الرواية التي ذكرها عن علي رضي الله عنه ليس فيها شيء من ذلك، و إن كان عمدة الدكتور فيه إنما هو أنه لم يعلم ذلك إلا عن عمر، فالجواب أن العلماء يقولون: إن عدم العلم بالشيء لا يستلزم العلم بعدمه. و هذا إذا صدر النفي من أهل العلم، فكيف إذا كان من مثل الدكتور البوطي؟!
ثانياً: جزمه بأن عمر رضي الله عنه هاجر علانية اعتماداً منه على رواية علي المذكورة، وجزمه بأن علياً رواها و ليس صواباً، لأن السند بـها إليه لا يصح، و صاحب ((أسد الغابة))، لم يجزم أولاً بنسبتها إليه رضي الله عنه، و هو ثانياً قد ساق إسناده بذلك إليه لتبرأ ذمته، و لينظر فيه من كان من أهل العلم، و قد وجدت مداره على الزبير بن محمد بن خالد العثماني: حدثنا عبد الله بن القاسم الأملي (كذا الأصل و لعله الأيلي) عن أبيه بإسناده إلى علي، و هؤلاء الثلاثة في عداد المجهولين، فإن أحداً من أهل الجرح و التعديل لم يذكرهم مطلقاً، فهل وجدهم الدكتور، و عرف عدالتهم و ضبطهم، حتى استجاز لنفسه أن يجزم بصحة الرواية عن علي أم شأنه فيها كشأنه في غيرها إنما هو جماع حطاب، أو كما تقول العامة عندنا في الشام: (خبط لزء)! ثم هو إلى ذلك يدعي أنه اعتمد على الروايات الصحيحة!
" الرد على البوطي " .
ثانيا:
قد سقنا كلام الشيخ الألباني في تضعيف قصة هجرة عمر علانية ، فمن أراد أن يثبت عكس ذلك وأنه خرج في مظاهرة ! فعليه الدليل ! وكان الكلام واضحاً والرد عليه غير واضح إنما هي احتمالات لا يثبت بها دليل فضلا عن استدلال ، بل إن عمر رضي الله عنه لما أعلن إسلامه ثار عليه المشركون فقاتلوه ! حتى أصابه الإعياء فقعد ! بل ثبت أن عمر رضي الله عنه كان خائفاً من المشركين أن يقتلوه لذا لزم بيته ، ولولا إجارة العاص بن وائل السهمي له لهموا بقتله ، ولعل هذا مما يرجح أنه لم يهاجر علانية – ولا أجزم به –
عن زيد بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال بينما هو – أي : عمر - في الدار خائفاً إذ جاءه العاص بن وائل السهمي أبو عمرو ، عليه حلة حبرة وقميص مكفوف بحرير ، وهو من بني سهم ، وهم حلفاؤنا في الجاهلية ، فقال له : ما بالك ؟ قال : زعم قومك أنهم سيقتلوني إن أسلمت ! قال : لا سبيل إليك ، بعد أن قالها أمِنتُ !
فخرج العاص فلقي الناس قد سال بهم الوادي ، فقال : أين تريدون ؟ فقالوا : نريد هذا ابن الخطاب الذي صبا ، قال : لا سبيل إليه فكرَّ الناس .
رواه البخاري ( 3651 ) .
فتأمل !
دليلهم الخامس:
فلما سمع أهل المدينة بجيش مؤتة قادمين، تلقوهم بـ (الجرف)، فجعل الناس يحثون في وجوههم التراب و يقولون: يا فرار (!) أفررتم من سبيل الله؟! فيقول رسول الله صلى الله عليه و سلم: ليسوا بفرار، و لكنهم كرار إن شاء الله.
وجه الاستدلال:
قول الصغار والمراهقين ! لجيش مؤتة لما رجع للمدينة : يا فرار يا فرار مع ضربهم بالحصى .

الرد
أولا:
قال شيخنا الألباني – رحمه الله - :
فقلت : فهذا منكر بل باطل ظاهر البطلان، إذ كيف يعقل أن يقابل الجيش المنتصر مع قلة عدده و عدده على جيش الروم المتفوق عليهم في العَدد و العُدد أضعافاً مضاعفة، كيف يعقل أن يقابل هؤلاء من الناس المؤمنين بحثو التراب في وجوههم و رميهم بالفرار من الجهاد و هم لم يفروا، بل ثبتوا ثبوت الأبطال حتى نصرهم الله و فتح عليهم، كما في حديث البخاري: ((… حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم))؟!
و من العجائب أن الدكتور – أي : البوطي – بعد أن ذكر هذا الحديث الصحيح و أتبعه بقوله:
((و هذا الحديث يدل كما ترى أن الله أيد المسلمين بالنصر أخيراً)). فإنه مع ذلك أورد هذه الزيادة المنكرة فقال (2/180):
((و أما سبب قول الناس للمسلمين بعد رجوعهم إلى المدينة: يا فرار … فهو أنـهم لم يتبعوا الروم و من معهم في هزيمتهم …))!
فنقول: إن هذا التأويل بعيد جداً، ثم إن التأويل فرع التصحيح، كما هو مقرر في ((الأصول))، فهلا أثبت هذه الرواية يا فضيلة الدكتور! حتى يسوغ لك أن تتأولها لتقضي به على هذا المعنى المستنكر الظاهر منها؟! و إلا فالواقع أن الأمر كما تقول العامة: هذا الميت لا يستحق هذا العزاء!
و إن كان هذا التأويل يدل على شيء، فهو أن الدكتور، لا يفرق بين ما صح و ما لم يصح من الأخبار، فهو يسوقها كلها مساقاً واحداً، و يعاملها معاملة واحدة! فهو مثلاً لا يفرق بين ما رواه البخاري و ما رواه ابن سعد و لو بدون إسناد؟ و ما هكذا يكون صنيع العلماء!
و إذا شئت مثالاً على نقيض صنيعه، مصدره حافظ من حفاظ المسلمين، فخذ الحافظ ابن كثير مثلاً، فإنه ذكر هذه الرواية المستنكرة، في كتابه ((البداية))، (4/248) من رواية ابن إسحاق عن عروة مرسلاً، ثم قال: ((و هذا مرسل من هذا الوجه، و فيه غرابة، و عندي أن ابن إسحاق قد وهم في هذا السياق، فظن أن هذا الجمهور: الجيش، و إنما كان الذين فروا حين التقى الجمعان، و أما بقيتهم فلم يفروا، بل نصروا كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم المسلمين و هو على المنبر، فما كان المسلمون ليسمونـهم فراراً بعد ذلك، و إنما تلقوهم إكراماً و إعظاماً)).
فليت أن الدكتور رجع إلى كتاب هذا الحافظ، فاستعان به على تجلية ما قد يغمض عليه من الحقائق و المعارف، لا سيما و موضوعه في نفس موضوع كتابه و في متناول يده، ولكن العجلة في التأليف و عدم التروي في البحث، و العجز عن التحقيق فيه و شهوة التأليف فيما ليس من اختصاصه هو الذي يوقع صاحبه في مثل هذه الأخطاء الظاهرة، و الله المستعان.
" الرد على البوطي " .
ثانيا:


على فرض ثبوت القصة فلا يوجد فيها ما يدل على المظاهرات فمن الذي يمنع من استقبال الجيش العائد ليسارع كل واحد برؤية أهله فيه ؟ وهل يقول عاقل فضلا عن عالم إنه عليهم أن يمكثوا في بيوتهم حتى يأتيهم الجيش ؟ هذا الخروج – ولا يمنع منه شيء – هو أمر فطري لا يمكن أن تأتي الشريعة بما يضاده ، وليس خروجهم خروجَ عبادة ولا خروج مظاهرة للإنكار عليهم في رجوعهم ، كيف والرسول صلى الله عليه وسلم قد أخبر على منبره أن الراية أخذها سيف من سيوف الله ، وأنه قد فتح الله عليهم أي : أنهم منتصرون ، فأين المظاهرة ؟
دليلهم السادس:
أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما أرسل معاذًا إلى اليمن قال: ((بم تقضي فيهم)) قال: بكتاب الله تعالى. قال: ((فإن لم تجد))؟ قال: فبسنّة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. قال: ((فإن لم تجد))؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو جهدا.

الرد
أولا: الحديث لا يصح
قال بن حزم رحمه الله: إنه نفق عليهم الحديث وتناقلوه من كتاب إلى كتاب، حتى ظنوه أنه متلقى بالقبول، مع أنه يدور على الحارث بن عمرو بن أخي المغيرة، وهو مجهول العين. وقد قال البخاري: إن حديثه لايصح. وله طرق أخرى ذكرها الشيخ ناصر الدين الألباني حفطه الله تعالى، ذكره في "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" وبيّن طرقه، وما فيها من الضعف.
ثانيا: هناك فرق بين الرأي المحمود والرأي المذموم وإلا لفتحنا الباب للبدع بحجة الرأي والإجتهاد والذي أقر معاذ على كلامه(إن ثبت) هو الذي قال (كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) والمظاهرات لا أصل لها في الدين وتأخذ حكم البدع المستحدثة التي لا يصح إستعمال الرأي فيها والقياس إنما القياس يكون في الأمور التي لم تكن بوسع النبي صلى الله عليه وسلم كالدخان مثلا فهو محرم رغم أنه لا يوجد إسمه في كتاب الله ولا في سنة رسوله عليه الصلاة والسلام لكن الرأي المحمود المتسمتد من النصوص الشرعية يرى حرمته لما فيه من أضرار وكذلك المظاهرات لكونها من المستحدثات في الدين التي تأخذ حكم المستحدثات في الدين فهناك فرق بين الأمور المستحدثة في الدين وبين الأمور التي تدخل في العادات .
وإلا فحتى أهل البدع يدخلون بدعهم تحت حجة الرأي والإجتهاد
قال الشاطبي((إذ ليس لأحد من خلق الله أن يخترع في الشريعة من رأيه أمر لا يوجد عليه دليل لأنه عين البدعة) وقال أيضا((زيادة إلى القول بالرأي غير الجاري على العلم وهو بدعة أو سبب البدعة..) وقال(والرأي إذا عارض السنة فهو بدعة وضلالة).
ومعلوم أن المظاهرات تدخل في البدع المستحدثة في الدين ومن أحلها إستنادا لرأيه فقد وقع في البدعة .
ثالثا:هذا صحابي جليل ورأي الصحابة من الرأي الحسن الذي يستمد أصوله من الكتاب والسنة فليس معنى الرأي المحمود أننا نقول بعقلنا ونترك الكتاب والسنة .
رابعا: الحديث حجة عليكم فقد وجدنا في كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام الصبر و الدعاء والجهاد في حالة ظلم الكفار وتسلطهم علينا ولم نجد المظاهرات فلماذا تلزموننا بترك السنة والذهاب للبدعة؟!.
دليلهم السابع:
قال الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام((فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ)) (94).


الرد:
لا يوجد في الآية دليل على المظاهرات إنما دليل على تبيليغ الرسالة والدعوة إلى الله والإعراض عن المشركين ولو كانت الآية تحث على المظاهرات لقام به النبي صلى الله عليه وسلم وهذا مالم يحدث بل السيرة على خلاف ذلك.
دليلهم الثامن:
ومن أدلتهم أن فيها من المصالح: إظهار الحق، وإنكار المنكر، والتعبير عن الرأي الصحيح، وإظهار قوة الدين، وإحياء الوحدة الإسلامية، وغيرها من المصالح.

الرد:
بالنسبة لما ذكر من المصالح لا يسوغ المظاهرات بحال، لأمور كثيرة منها:
أولا: أن ما ذكر من المصالح إنما هو تخمين، وظن ضعيف، والواقع يشهد بخلاف ما ذكر، فهل منعت المظاهرات في العالم كله أمريكا من أن تعتدى على العراق، أم هل ألغت المظاهرات والمسيرات قرار منع الحجاب في فرنسا؟؟
ثانيا: إن المفاسد المترتبة على المظاهرات أعظم، وأكبر من هذه المصالح المزعومة. والقاعدة الفقهية تقول (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح).
ثالثا: السكوت عن المظاهرات التي يدعي أصحابها (تحقيق أهداف إصلاحية) فيه فتح باب على مصراعيه لأصحاب الأهداف السيئة، والتي قد يكون ظاهرها الخير بينما هي في الحقيقة شر ووبال، ولا يستطيع أحد في وقتنا هذا أن يزعم السيطرة على هذا الباب إن فتح.
رابعا: إن كل ما ذكر من المصالح لا يجيز لنا إحداث شيء في الدين لم يشرعه الله لنا ولا رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ولم يسبقنا إليه أحد من سلف هذه الأمة، بل هو من محدثات الأمور التي نهينا عنها والعبرة بالوسائل الشرعية لا بغايتها لأن الغاية لا تبرر الوسيلة وإلا لأبحنا السرقة لغاية سد الفقر ومعاونة الفقراء ولأبحنا الخمر لغاية التداوي والنبي صلى الله عليه وسلم يقول((لا تداوو بالحرام)).
قال الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله((إذن ماذكر من أن الغاية تبرر الوسيلة هذا باطل وليس في الشرع ، وإنما في الشرع أن الوسائل لها أحكام المقاصد بشرط كون الوسيلة مباحة أما إذا كانت الوسيلة محرمة كمن يشرب الخمر للتداوي فإنه ولوكان فيه الشفاء ، فإنه يحرم فليس كل وسيلة توصل إلى المقصود لها حكم المقصود بل بشرط أن تكون الوسيلة مباحة ليست كل وسيلة يظنها العبد ناجحة بالفعل يجوز فعلها مثال ذلك المظاهرات, مثلاً : إذا أتى طائفة كبيرة وقالوا: إذا عملنا مظاهرة فإن هذا يسبب الضغط على الوالي وبالتالي يصلح وإصلاحه مطلوب

والوسيلة تبرر الغاية نقول :هذا باطل ، لأن الوسيلة في أصلها محرمة فهذه الوسيلة وإن صلحت وإصلاحها مطلوب لكنها في أصلها محرمة كالتداوي بالمحرم ليوصل إلى الشفاء فثم وسائل كثيرة يمكن أن تخترعها العقول لاحصر لها مبررة للغايات وهذا ليس بجيد ، بل هذا باطل بل يشترط أن تكون الوسيلة مأذوناً بها أصلاً ثم يحكم عليها بالحكم على الغاية إن كانت الغاية مستحبة صارت الوسيلة مستحبة وإن كانت الغاية واجبة صارت الوسيلة واجبة.))
دليلهم التاسع:
ـ ومن أدلتهم: قياسهم المظاهرات على اجتماعات المسلمين في الأعياد والحج والبيعات والمعاهدات.

الرد:
هذا باطل من وجوه:
أولا: أنه قياس مع الفارق، ولا علة صحيحة تجمع بين الأمرين، قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ: "أما ما يتعلق بالجمعة والأعياد ونحو ذلك من الاجتماعات التي قد يدعو إليها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كصلاة الكسوف وصلاة الاستسقاء. فكل ذلك من باب إظهار شعائر الإسلام وليس له تعلق بالمظاهرات كما لا يخفى" فتاوى ومقالات الجزء الثاني 240.
ثانيا: إن تلك الاجتماعات الإسلامية أمر قد قرره الشارع الحكيم، بينما المظاهرات أمر دخيل على الأمة الإسلامية مأخوذ من غير المسلمين.
ثالثا: شتان بين الآثار المترتبة على اجتماع المسلمين في الأعياد والحج وبين الآثار السيئة الناتجة عن المظاهرات، كما سيأتي بيانه.
رابعا: لا تشابه ألبتة بين تجمعات للبعية والخطبة وبين التجمعات للمظاهرات فالأولى شرعية دلت عليها النصوص والسنة النبوبية وأما الثانية فلم تثبت ألبتة.
دليلهم العاشر:
ـ ومن أدلتهم أن المظاهرات التي تعمل إنما هي مظاهرات سلمية.

والجواب:
بالنسبة لقولهم مظاهرات سلمية فنقول: حتى أصحاب الشر سيقولون مثلكم، مقاصدنا سلمية ثم من يضمن لكم ألا يخرج من بين هذه الجموع من يفسد ويخرب. وتنبه العلامة محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ لمثل هذه الشبهة فقال ردا عليها: "وأما قولهم إن هذه المظاهرات سلمية، فهي قد تكون سلمية في أول الأمر أو في أول مرة ثم تكون تخريبية" انظر: "الجواب الأبهر" لفؤاد سراج ـ ص
75.
دليلهم الحادي عشر:
ـ ومن أدلتهم مشاركة بعض المنتسبين إلى العلم فيها


والجواب:
بالنسبة لاحتجاجهم بمن شارك فيها من بعض من ينتسب إلى العلم فنقول تلك الحجة التي طنطن بها القبورية على تجويز ما وقعوا فيه من الشرك، وكذا فعل أهل البدع حينما احتجوا بمثل هذه الحجة وليست بحجة فإن المعول على كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفعل السلف الصالح، وما أجمعوا عليه فأين من كتاب الله أو السنة الصحيحة أو فعل سلف الأمة ما يجيز فعل المظاهرات وإنما شارك فيها من شارك والله أعلم إن كان من أهل العلم حقا أم لا، وليس بحجة على الأمة فضلا عن أن يكون حجة على من سبقه، والمرجع عند الاختلاف ما ذكره الله سبحانه في كتابه العزيز
دليلهم الثاني عشر:
ـ ومن أدلتهم أنها هي الطريقة الوحيدة المؤثرة في إيصال صوت الحق للناس في الداخل والخارج.


المناقشة:


بالنسبة لما قيل من أن المظاهرات هي الطريقة الوحيدة المؤثرة لإيصال صوت الحق إلى الناس في الداخل والخارج فهذا غير صحيح، فوسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة قد انفتحت انفتاحا كبيرا جدا، وإن كنا لا نرى هذا الانفتاح محمودا من جميع الجهات، ويستطيع المسلم أن يدلي بصوته ورأيه مادام مأطورا بإطار الشرع الحنيف، وللأسف أن أكثر من يتحدث باسم الدين في وسائل الإعلام اليوم أناس لا يعرفون بالتجرد في اتباع الحق والدليل، بل كثير منهم ـ إلا من رحم الله ـ ذو توجهات مشبوهة.

دليلهم الثالث عشر:
قولهم بأن المظاهرات تغيض الكفار .

الرد:
إضرار العدو والنكاية به ليس دليلا مسوغا فى فعل الأمر وحده بل لابد أن ينظر إلى مدى مصلحة المسلمين من هذا الأمر فبعض الناس قاصر النظرة ينظر إلى أمر ما فيقول هذا الأمر واجب ومطلوب شرعا لماذا؟ لأن الكفار يتأذون به وهذا خطأ، صحيح إن النكاية بالعدو مطلب شرعى لكن لا ينظر إليها وحدها بل يجمع معه النظر إلى مدى استفادة ومصلحة المسلمين من هذا الأمر فإن كانت مصلحتهم راجحة فعل وإلا ترك ومما يدل على ذلك قوله تعالى {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا له عدوا بغير علم} إن سب آلهتهم يسخطهم ويؤذيهم لكننا نهينا عن ذلك لأن فيه تعديا على الله جل جلاله وعظم سلطانه فإذن لا يكفى أن ننظر إلى مدى تأثر الكفار فحسب بل لا بد أن نجمع معه ما مصلحة المسلمين من هذا الفعل ويدل عليه أيضا صلح الحديبية فإن ظاهر الصلح إفراح للكفار وإعزاز لهم ورسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم مع ذلك لم يمتنع عن هذا الصلح ولأن فيه مصلحة للمسلمين ونفس الشيء ما يتعلق بالمظاهرات فإنها من البدع التي نهينا عنها وإلا فإن الموسيقى المزعجة قد تزعج الكفار كذلك !


دليلهم الرابع عشر:


قولهم بأن المظاهرات تدخل في الجهاد والحرب ضد الكفار
الرد:
وسائل الجهاد في سبيل الله تعالى توقيفية لا يجوز لأحد أن يدخل فيها ما لم يكن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام .
وهديه صلى الله عليه وسلم في الحرب أكمل هدي فما من صغيرة ولا كبيرة في الجهاد إلا وقد نترك لنا النبي صلى الله عليه وسلم منها علماً ، عمله من علمه ، وجهله من جهله .
ولذا اشتد نكير السلف على من أحدث شيئاً في أمور القتال والجهاد لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى - :
( وأما القتال فالسنة – أيضاً – فيه خفض الصوت ...
وهذه الدقادق والأبواق التي تشبه قرن اليهود وناقوس النصارى : لم تكن على عهد الخلفاء الراشدين ، ولا من بعدهم من أمراء المسلمين .
وإنما حدث – في ظني – من جهة بعض ملوك المشرق من أهل فارس ، فإنهم أحدثوا في أحوال الإمارة والقتال أموراً كثيرة ، وانبثت في الأرض لكون ملكهم انتشر حتى ربا في ذلك الصغير ،وهرم فيها الكبير لا يعرفون غير ذلك بل ينكرون أن يتكلم أحد بخلافه ، حتى ظن بعض الناس أن ذلك من إحداث عثمان - رضي الله عنه- .
ولكن ظهر في الأمة ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث قال :
(( لتأخذن مأخذ الأمم قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع )).
قالوا : فارس والروم ؟
قال : (( ومن الناس إلا هؤلاء ))
كما قال في الحديث الآخر :
(( لتركبن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه )) .
قالوا : يا رسول الله : اليهود والنصارى ؟
قال : (( فمن؟ )) .
وكلا الحديثين في (( الصحيح )9 : أخبر بأنه يكون في الأمة من يتشبه باليهود والنصارى . ويكون فيها من يتشبه بفارس والروم .
ولهذا ظهر في شعائر الجند المقاتلين شعائر الأعاجم من الفرس وغيرهم ، حتى في اللباس وأعمال القتال، والأسماء التي تكون لأسباب الإمرة ...
... إلى أن قال :
لكن المقصود هنا أن هذه الأصوات المحدثة في أمر الجهاد ، وإن ظن أن فيها مصلحة راجحة ، فإن التزام المعروف هو الذي فيه المصلحة الراجحة ، كما في أصوات الذكر .
إذ السابقون الأولون والتابعون لهم بإحسان: أفضل من المتأخرين في كل شيء : من الصلاة وجنسها من الذكر والدعاء وقراءة القرآن واستماعه ، وغير ذلك من الجهاد والإمارة ، وما يتعلق بذلك من أصناف السياسات والعقوبات والمعاملات في إصلاح الأموال وصرفها .
فإن طريق السلف أكمل في كل شيء ، ولكن يفعل المسلم من ذلك ما يقدر عليه ) . اهـ ([63]) (( الاستقامة )) ( 1/324-331 ).



ثانيا:رد الإعتراضات

في هذا المبحث نناقش من اعترض على أدلتنا في تحريم المظاهرات ببعض الشبه الواهية
الإعتراض الأول:
-قال أحدهم :لا يمكن أن نقول عن المظاهرات بدعة لأن وسائل الدعوة غير توقيفية وأصلها الحل مالم يأتي دليل يحرمها فهي من المصالح المرسلة وإلا لحرمنا إستخدام مكبرات الصوت للأذان وكذلك إستخدتم الأشرطة والأنترنت للدعوة إلى الله وغيرها .
المناقشة:
هناك فرق بين الوسائل التي كانت بوسع النبي صلى الله عليه وسلم وتركها وبين الوسائل التي لم تكن بوسعه عليه الصلاة والسلام ولم يعمل بها
قال الشاطبي رحمه الله :
سكوت الشارع عن الحكم على ضربين :
((أحدهما : أن يسكت عنه لأنه لا داعية له تقتضيه ، ولا موجب يقدر لأجله ، كالنوازل التي حدثت بعد ذلك ، فاحتاج أهل الشريعة إلى النظر فيها وإجرائها على ما تقرر في كلياتها ، وما أحدثه بعد السلف الصالح راجع إلى هذا القسم ، كجمع المصاحف وتدوين العلم وتضمين الصناع ، وما أشبه ذلك مما لم يجر له ذكر في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم تكن من نوازل زمانه ولا عرض للعمل بها موجب يقتضيها ، فهذا القسم جارية فروعه على أصوله المقررة شرعاً بلا إشكال ، فالقصد الشرعي فيها معروف …
والثاني : أن يسكت عنه وموجبه المقتضي له قائم ، فلم يقرر فيه حكم عند نزول النازلة زائد على ما كان في ذلك الزمان ، فهذا الضرب السكوت فيه كالنص على أن قصد الشارع أن لا يزاد فيه ولا ينقص ، لأنه لما كان هذا المعنى الموجب لشرع الحكم العملي موجوداً ثم لم يشرع الحكم دلالة عليه ، كان ذلك صريحاً في أن الزائد على ما كان هنالك بدعة زائدة ، ومخالفة لما قصده الشارع ، إذ فهم من قصده الوقوف عندما هنالك ، لا زيادة عليه ولا نقصان منه .)) (3)
وحاصل كلام ابن تيمية والشاطبي رحمهما الله : أن المصالح المرسلة تنقسم باعتبار السبب المحوج إليها إلى أقسام :
القسم الأول : أن يكون السبب أو المقتضي لفعلها موجوداً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعلوها لكن تركهم لها كان لمانع زال بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فهذا يجوز إحداثه ، الأمثلة على هذا القسم : جمع القرآن –لفظ السلفية-الأنترنت والأشرطة والإذاعة ومكبرات الصوت وغيرها

القسم الثاني : أن يكون المقتضي لفعله موجوداً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعلوه وليس ثمة مانع ، فهذا ليس بمصلحة ، والقول به تغيير لدين الله كما قال ابن تيمية . إذ لو كان مصلحة أو خيراً لسبقونا إليه .
ويقال لمن استحسن مثل هذه المصالح : إن ترك السلف الصالح للأخذ بهذه المصالح المزعومة ، وأخذك بها ، راجع لأحد أمور أربعة :
الأول : أن يجهل جميعهم هذه المصالح ، وتعلمها أنت !
الثاني : أن يجتمعوا على الغفلة عن هذه المصالح ونسيانها ، وتستدركها أنت !
الثالث : زهدهم في العمل بالمصالح الشرعية ، والرغبة عنها ، وتحرص عليها أنت
الرابع : علمهم وفهمهم أن هذا العمل ليس بمصلحة شرعية،وإن بدا للخلوف أنه مصلحة .
أما الثلاثة الأولى ، فلا يسعه أن يقول بواحد منها لأنه لو فعل ذلك فقد فتح باب الفضيحة على نفسه وخرق الإجماع المنعقد على أن النبي صلى الله عليه وسلم ، الصحابة من بعده هم خير هذه الأمة علماً وعملاً ، كيف لا ؟ والله يقول عنهم : " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه " . وقال صلى الله عليه وسلم : " خير الناس قرني ".
فلو كان الخير في شيء لسبقونا إليه .
وقال عمر بن عبد العزيز : عليك بلزوم السنة ، فإن السنة إنما سنها من قد عرف ما في خلافها من الخطأ والزلل والحمق والتعمق .
فارض لنفسك بما رضي به القوم لأنفسهم ، فإنهم على علم وقفوا ، وببصر نافذ قد كفوا ، وإنهم كانوا على كشف الأمور أقوى ، وبفضل ما كانوا فيه أحرى ، فلئن قلتم : أمر حدث بعدهم ؛ ما أحدثه بعدهم إلا من اتبع غير سنتهم ، ورغب بنفسه عنهم .
إنهم لهم السابقون ، فقد تكلموا منه بما يكفي ، ووصفوا منه ما يشفي ، فما دونهم مقصر ، وما فوقوهم محسر ، لقد قصر عنهم آخرون فجفوا ، وطمح عنهم أقوام فغلوا ، وإنهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم ".
فلم يبق إلا الأمر الرابع وهو علمهم وفهمهم أن هذا العمل ليس بمصلحة شرعية ، وإن بدا للخلوف أنه مصلحة .
ومن الأمثلة على هذا القسم :
أ - التسبيح بالسبحة أو الحصى فإن الداعي لها كان موجوداً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته وليس ثمة مانع ومع ذلك لم يفعلوه ، فلا يجوز إحداثه والعمل به لأنه بدعة .
بل فيه ترك لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم فقد كان يعقد التسبيح بيمينه ويقول : " إنهن مستنطقات ".
ب – ومن ذلك أيضاً اتخاذ المزاح والضحك إلى درجة الإسفاف وسيلة من وسائل الدعوة لجذب القلوب وخصوصاً الشباب منهم ، نعم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعظم الناس خلقاً حتى قال بعض أصحابه ما رأيته إلا متبسماً ، ولكن متى كانت النكت ومتى كان التهريج من أساليب دعوته صلى الله عليه وسلم ، هل وقف صلى الله عليه وسلم يوماً بين أصحابه يذكر النكت والقصص المنسوجة والأغاني الجديدة لدعوة الشباب منهم ، حاشاه صلى الله عليه وسلم .
ج - إخراج الجهلة والطواف بهم في البلدان الإسلامية وغير الإسلامية للدعوة إلى الله ، وهم من يسمون بجماعة الدعوة أو التبليغ ، ولو كان هذا خيراً لفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم لاسيما مع حاجته إلى تكثير سواد المسلمين ، وقد أنكر فعلهم وخروجهم الشيخ محمد بن إبراهيم ، والشيخ ابن باز ، والشيخ صالح الفوزان ، والشيخ المحدث ناصر الدين الألباني ، والشيخ حمود التويجري ، والشيخ عبد الرزاق عفيفي وغيرهم .
د – الاحتفالات الدينية المبتدعة ، التي لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الاحتفال بها كالاحتفال هذه الأيام بالمولد النبوي ، أو الاحتفال بالهجرة النبوية ، أو الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج ، فإن الذين يحتفلون بهذه الأمور يجعلونها من الوسائل لتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم ، أو من الوسائل لوعظ الناس وتذكيرهم بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم .
هـ- ومن هذا القسم – مسألتنا – وهي ما أحدث في هذه الأزمان المتأخرة من اتخاذ المظاهرات والاعتصامات والإضرابات ، وسيلة من وسائل الدعوة ، أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر !!!
أوَلمْ يكن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قادرين على ذلك ؟!
فهل كانوا زاهدين في الأجر والثواب ؟!
أم كانوا مقصرين في ما أمرهم الله به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟!
أم منعهم من ذلك الخور والجبن عن مجابهة الظالمين ؟!
كلا والله ، إنهم ما تركوا ذلك إلا رغبة عنه إلى ما شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، من الوسائل المعلومة المعروفة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
و- ومن ذلك ما ابتدعته جماعة الإخوان المسلمين – بل المفلسين كما يصفهم العلامة مقبل الوادعي – ومَنْ تأثر بدعوتهم مِن اتخاذ التمثيل ، والأناشيد وسيلة من وسائل الدعوة زعموا ، فهل سيكون هؤلاء أحرص من رسول الله صلى الله عليه وسلم على هداية الناس ، فلو علم فيها رسول الله خيراً لسبقنا إليها . ولا يصح أن يحتج بما وقع من الصحابة من الإنشاد والرجز فإن ذلك حصل منهم على سبيل الترويح ، وهؤلاء جعلوه وسيلة للدعوة . فلا إله إلا الله كم بين هؤلاء وأولئك من البون والفرق.

الإعتراض الثاني:
-ومما إعترضوا به علينا في قولنا أن المظاهرات بدعة مما قالوه: اليوم لا يوجد جهاد ولا عودة إلى الدين والإستقامة لهذا ذهبنا للمظاهرات
والجواب:تفريطنا وتفريط حكامنا ليس مسوغا للإحداث في الدين
قال شيخ الإسلام ابن تيمية((وأما ما لم يحدث سبب يحوج إليه ، أو كان السبب المحوج إليه بعض ذنوب العباد ، فهنا لا يجوز الإحداث ، فكل أمر يكون المقتضي لفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم موجوداً لو كان مصلحة ولم يفعل ، يعلم أنه ليس بمصلحة . وأما ما حدث المقتضي له بعد موته من غير معصية الخلق فقد يكون مصلحة …)) انظر الاقتضاء (2/598) .

الإعتراض الثالث:
-ومما اعترضوا به علينا في قولنا المظاهرات تشبه بالكفار ماقالوه:أن الكمبوتر والجوال وغيرها جاءتنا من الكفار فلماذا لا تركبون الحمير بدلا من السيارات .
والجواب على هذا الكلام السقيم أن يقال:
1-ماذكرتموه لم يكن بوسع المسلمين آنذاك
2-ماذكرتموه يدخل في العادات (العادات حتى يكون فيها تشبه يجب أن تكون من خصوصيات الكفار) لا في العبادات وتغيير المنكر. وشريعتنا قد فصلت كل شيء في مسألة تغيير المنكر أما وسائلها فقد فصلنا فيها سابقا فليراجع.

الإعتراض الرابع:
ومما اعترضوا به علينا في قولنا أن المظاهرات مخالفة لأسلوب الشرع في الإنكار على الحكام ماقالوه: أن الحكام يأذنون بذلك .

والجواب:

وإن يكن ذلك فهي لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وقد سئل العلامة العثيمين عن حكم المظاهرات إذا أذن بها الحاكم فأجاب((
عليك باتباع السلف، إن كان هذاموجود عند السلف فهو خير، وإن لم يكن موجود فهو شر، ولا شك أن المظاهرات شر، لأنها تؤدي
إلى الفوضى لا من المتظاهرين ولا من الآخرين،وربما يحصل فيها اعتداء إما على الأعراض وإما على الأموال، وإما على الأبدان لأن الناس في خضم هذه الفوضوية قد يكون الإنسان كالسكران ما يدري ما يقول ولا ما يفعل.فالمظاهرات كلها شر، سواء أذن بها الحاكم أو لم يأذن وإذن بعض الحكام بها ما هي إلا دعاية وإلا لو رجعت لما في قلبه لكان يكرهها أشد الكراهة، لكن يتظاهر كما يقولون إنه ديمقراطي. وأنه قد فتح باب الحرية للناس وهذا ليس من طريق السلف.
(عن شريط / لقاء الباب المفتوح ( الجلسة
الثانية)

الإعتراض الخامس:
ومما اعترضوا به علينا في قولنا أن مفاسد المظاهرات أكبر من مصالحها ما قالوه: إننا ندعوا لمظاهرات سلمية خالية من الإختلاط والصور المحرمة والهتفات القومية .
والجواب:
أولا:هذا مستحيل في هذا العصر فالإختلاط أصبح عادة عند الناس فكيف ستتحكمون فيهم؟
والصور المحرمة أصبحت من الأمور المباحة عند أغلبية الناس بل عند بعض المشايخ-هداهم الله- فكيف ستتحكمون في هذا .
ثانيا : يرد عليكم بقاعدة سد الذرائع ففي مثل هذه الحالات نسد هذه الذرائع من أساسها أفضل من محاولة وضع ضوابط لا يمكن للجماهير الغفيرة اتباعها خاصة وأنها غير مقتنعة بها ولأخذنا بكلامكم لقلنا بجواز الخمر الذي يحتوي على نسبة ضئيلة من الكحول بضابط عدم الإكثار وهذا مالا يقوله أحد فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال(ماكان كثيره مسكر فقليله حرام) ونفس الشيء يقال في المظاهرات.


الإعتراض السادس:
ومما اعرتضوا به علينا في قولنا أن مفاسد المظاهرات أكبر من مصالحها ما قالوه: لنفترض أن المظاهرات سلمية خاليا من تلك المحرمات فما قولكم؟!

والجواب:
1- لو كانت المظاهرات خالية من هذه المفاسد فهذا يعني أن المسلمون على عقيدة صحيحة وعلى تسمك تام بدينهم وهذا يعني بداهة النصر وهذا يعني أنهم لا حاجة للمظاهرات أصلا فلو كان المسلمون اليوم متمسكون بدينهم لما انهزموا أمام أعدائهم-إلا لحكمة أرادها الله تعالى- ولما إحتاجوا للمظاهرات أصلا
2-هناك مفسدتين لا يمكن تركهما إلا بترك المظاهرات ألا وهما:
-المظاهرات بدعة
-المظاهرات تشبه بالكفار.

3-الوسائل مادمت محرمة لا يهم غايتها.

هذا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

------------
(1))(( حكم الانتماء )) ( ص 157 – 158 )
(2) كتاب السيل الجرار 4 / 556
(3)الموافقات (3/156)


التعديل الأخير تم بواسطة أبو نعيم إحسان ; 06 Feb 2011 الساعة 08:54 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 06 Feb 2011, 07:37 AM
معبدندير معبدندير غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
الدولة: الجزائر العاصمة الولاية
المشاركات: 2,034
إرسال رسالة عبر MSN إلى معبدندير إرسال رسالة عبر Skype إلى معبدندير
افتراضي

بارك الله فيكم
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 06 Feb 2011, 08:59 AM
أبو نعيم إحسان أبو نعيم إحسان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 1,898
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو نعيم إحسان
افتراضي

بارك الله فيك أخي و بارك في نقلك و أسأل الله أن ينفع به أقواما
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 06 Feb 2011, 10:49 PM
محمد رحيل
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

نقل موفق ,ورد محقق ,وفي كتاب إلكتروني مزوَق,جزى الله ناقله خير الجزاء.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 07 Feb 2011, 07:47 AM
أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 196
افتراضي

أسأل الله عز وجل أن ينفع به ..... و فيكم بارك الله...
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013