منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 25 Mar 2018, 10:52 AM
أبو عبد الرحمن كمال بن خميسي أبو عبد الرحمن كمال بن خميسي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2018
المشاركات: 21
افتراضي أسباب التناقض والإضطراب عند أهل الهوى والارتياب

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الْحمد للَّهِ نحمده، ونستعينه، ونستغفرهُ، ونعوذ بِاللهِ من شرور أَنفسِنا، ومن سيئات أَعمالنا من يهدِه الله فَلا مضل لَه ومن يضلِلْ فَلا هادِي لَه، وأشهد أَن لا إِلَهَ إِلا الله - وحده لا شرِيك لَه-، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد:
اعلم أخي القارئ - هديت للرشد وجنبت مسالك أهل الهوى واللدد- أن من المهمات الوقوف عليها هو العلم بأوصاف الزائغين وأحوالهم، فهذا مما يعين المرء في الكشف على رزاياهم، وحصول الدراية بأغوار شرورهم، وبيان سوء طريقتهم، وهذا على نسق ما ساقه العلامة الإمام ابن بطة العكبري رحمه الله تعالى في تحذيره من أهل الضلال المنحرفين، حيث قال:"... أنا أذكر طرفا من أسمائهم، وشيئا من صفاتهم، لأن لهم كتبا قد انتشرت ومقالات قد ظهرت لا يعرفها الغر من الناس ولا النشء من الأحداث تخفى معانيها على أكثر من يقرؤها، فلعل الحدث يقع إليه الكتاب لرجل من أهل هذه المقالات قد ابتدأ الكتاب بحمد الله والثناء عليه والأطناب في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أتبع ذلك بدقيق كفره وخفي اختراعه وشره فيظن الحدث الذي لا علم له، والأعجمي والغمر من الناس أن الواضع لذلك الكتاب عالم من العلماء أو فقيه من الفقهاء، ولعله يعتقد في هذه الأمة ما يراه فيها عبدة الأوثان ومن بارز الله ووالى الشيطان". [الإبانة الصغرى (ص326)]
ولهذا كانت هذه المعرفة لأوصاف المخالفين للمحجة الناصعة، تعد من مسالك العلوم النافعة التي يحصل من ورائها العبد على فوائد جليلة، يقول العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:" العلم النافع، هو العلم المرشد إلى الخير، فكل علم يكون فيه رشد، وهداية لطريق الخير، وتحذير عن طريق الشر، أو وسيلة لذلك، فإنه من العلم النافع، وما سوى ذلك، فإما أن يكون ضارا، أو ليس فيه فائدة لقوله: { أن تعلمن مما علمت رشدا } ". [تفسير السعدي (ص 482) ].
ومن هذه الأوصاف الذميمة الملازمة لأهل الهوى خاصة زمن هبوب نذر الفتن وقلاقلها، ووضعهم على المحك" وقوعهم في الإضطراب، والتناقض المخزي، وعدم الثبات على حال، وكل هذا لا يصدر إلا من جمع بين صفتين، وهما:
1 - الغواية، أي : المخالفة للحق، والإتباع للهوى.
2 - الضلال، وهو: الجهل بالحق، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:" فكل من أعرض عن الطريقة السلفية النبوية الشرعية الإلهية، فإنه لابد أن يضل، ويتناقض، ويبقى في الجهل المركب، أو البسيط". [درء تعارض العقل والنقل (5 /356)] .
والسبب المؤدي لهذا الإضطراب، والتناقض، يرجع إلى أحوال ثلاثة :
الحال الأول : اتباع أهويتهم الفاسدة، وهي من أعظم الآفات الهالكة، قال عبد الله بن عون البصري:" إذ غلب الهوى على القلب استحسن الرجل ما كان يستقبحه" ، [الشرح والإبانة لابن بطة (84) ].
وقال العلامة الشاطبي رحمه الله تعالى:" فأهل الأهواء إذا استحكمت فيهم أهواؤهم، لم يبالوا بشيء، ولم يعدوا خلاف أنظارهم شيئا، ولا راجعوا عقولهم مراجعة من يتهم نفسه، ويتوقف في موارد الإشكال"، [الإعتصام (3 /319)] .
ومن مضار استحكام الهوى على صاحبه، هو الآتي:
1 - عبادة الهوى، كما يدل عليه قول الله تعالى:{أفرءيت من اتخذ إلهه هواه، وأضله الله على علم وختم الله على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة} ، [سورة الجاثية الآية: (23)] يقول العلامة الشيخ صالح الفوزان رحمه الله تعالى:" فالهوى إله آخر، وليس الشرك مقصورا على عبادة الصنم أو الوثن، بل هناك شيء آخر وهو الهوى، فقد لا يعبد الإنسان الأصنام، والأشجار، والأحجار، ولا يعبد القبور، لكن يتبع هواه، فهذا عبد لهواه، فعلى الإنسان أن يحذر، ولا يتبع إلا ما وافق الكتاب والسنة". [إتحاف القاري (1/71)] .
2- رد الحق، وهذا - والعياذ بالله - يعاقب صاحبه بفساد قلبه، وعقله، ورأيه، قال الله تعالى:{ وإذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم، فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم، والله لايهدي القوم الفاسقين} ، [سورة الصف الآية: (5)] ، قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى:" ... رد الحق لمخالفته هواك فإنك تعاقب بتقليب القلب، ورد ما يرد عليك من الحق رأسا ولا تقبله إلا إذا برز في قالب هواك، قال تعالى:{ نقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لو لم يؤمنوا به أول مرة }، [سورة الأنعام الآية: (110)] .فعاقبهم على رد الحق أول مرة بأن قلب أفئدتهم وأبصارهم بعد ذلك". [بدائع الفوائد (3 /1128-1129)]
3 - الوقوع في الحيرة.
4 - موت القلب .
5 - الإمتناع عن النطق بالحق .
6- طمس نور العقل.
7- عمي بصيرة القلب.
8- يصد عن اتباع الحق.
9- يضل صاحبه عن الطريق المستقيم.
وكل هذه الظلمات تجتمع في معشر أهل التمييع، ومحيطة بهم، وبسببها حلت بدارهم الهلكات، فأودت بهم إلى الأخطاء، والبدع، والشطحات، كما هو ظاهر للعيان، غني عن البرهان من دفاعهم عن أهل الضلال، والعمل على مدحهم، والثناء عليهم، مع علمهم بتحذير أئمة السنة السلفيين منهم، وحكمهم عليهم، المبني على الحجج بخروجهم عن الجادة المستقيمة، ومن أمثلتهم: المغرواي، ومحمد حسان، وأبي الحسن المأربي، وأبي إسحاق الحويني، وعدنان عرعور، وعلي الحلبي، وعبد المالك رمضاني وغيرهم، قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى، عن مثل هذا الصنف:" ومعلوم أنه إذا ازدوج التكلم بالباطل، والسكوت عن بيان الحق، تولد بينهما جهل الحق، وإضلال الخلق"، [مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة(ص 52) ].
الحال الثاني: التلون، والتقلب، والتذبذب، حسب كل هوى، وكل داع، فحالهم كما قال الشاعر:
فيوما بحزوى، ويوما بالعقيق ويوما بالعذيب، ويوما بالــخليصاء
وتارة ينتحى بنجد وآونــــــة شعب الحزون، وحينا قصر تيّمـاء
وأحسن منه وأبلغ ما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين، تعير إلى هذه مرة، وإلى هذه مرة"، [أخرجه مسلم في صحيحه(2784 )]، وهذا الحديث الجليل يرشدنا إلى فائدتين:
الفائدة الأولى : سلوك المميعة لسنن من كان قبلهم من الزائغين، وهذا كحال المختار بن أبي عبيد الثقفي، الذي عرف بالكذب والتلون؛ فمما ذكروه عنه أنه كان خارجيا، ثم صار زبيريا، ثم صار شيعيا، وصار يتظاهر بالدعوة إلى خلافة محمد ابن الحنفية، ولكن ابن الحنفية تبرأ منه، وكان يدعي أنه يعلم الغيب، وأنه يأتيه الوحي من السماء إلى آخر ما هو معروف عن عقائده الضالة" . [ ينظر مقالات الإسلاميين (1/91)، والفرق بين الفرق (318)، والملل والنحل(147) ].
ومن الآثار السلفية التي وردت في النهي عن التلون، والتقلب في دين الله تعالى، الآتي:
1 - عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال:" إن الضلالة حق الضلالة، أن تعرف ما كنت تنكر، وأن تنكر ما كنت تعرف، وإياك والتلون في دين الله تعالى، فإن دين الله واحد". [شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي(120)، والإبانة الكبرى لابن بطة(572) ].
2 - عن إبراهيم النخعي رحمه الله تعالى قال:" كانوا يرون التلون في الدين من شك القلوب في الله". [ الإبانة الكبرى لابن بطة (580) ].
3 - قال الإمام مالك رحمه الله تعال :" الداء العضال: التنقل في الدين". [نفس المصدر(581) ].
4 - عن يحيى ابن أبي عمرو السيباني رحمه الله تعالى قال:" كان يقال: يأبى الله لصاحب بدعة توبة، وما ينتقل صاحب بدعة إلا إلى شر منها". [ البدع والنهي عنها لابن وضاح (152) ].
5 - عن عبد الله بن شوذب قال : سمعت عبد الله بن القاسم يقول:" ما كان عبد على هوى فتركه إلا ما هو شر منه، قال: فذكرت هذا الحديث لبعض أصحابنا، فقال: تصديقه في حديث النبي صلى الله عليه وسلم:" يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية ثم لا يرجعون إليه حتى يرجع السهم إلى فوقه" . [البدع والنهي عنها (154)، والحديث أخرجه البخاري في صحيحه (3611-6930)، ومسلم في صحيحه ( 1066) عن علي رضي الله عنه ].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:" إنك تجد أهل الكلام أكثر الناس انتقالا من قول إلى قول، وجزما بالقول في موضع، وجزما بنقيضه، وتكفير قائله في موضع آخر، وهذا دليل عدم اليقين، فإن الإيمان، كما قال فيه قيصر لما سأل أبا سفيان عمن أسلم مع النبي صلى الله عليه وسلم:" هل يرجع أحد منهم عن دينه سخطة له بعد أن يدخل فيه؟" قال: " لا " قال: " وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب لا يسخطه أحد"، ولهذا قال بعض السلف عمر بن عبد العزيز أو غيره:" من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر التنقل"، [ الفتاوى (4 / 50 – 51) ] .
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله: "ومن صفاتهم :كثرة التلون وسرعة التقلب، وعدم الثبات على حال واحد: بينا تراه على حال تعجبك من دين، أو عبادة، أو هدي صالح، أو صدق، إذا انقلب إلى ضد ذلك، كأنه لم يعرف غيره فهو أشد الناس تلونا وتقلبا وتنقلا، جيفة بالليل قطربا بالنهار". [طريق الهجرتين (2/888) ].
الفائدة الثانية: الدلالة على عدم رسوخهم في العلم، يقول العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى:" وقد قيل: من أخذ العلم من عين العلم ثبت، ومن أخذه من جريانه أخذته أمواج الشبه، ومالت به العبارات، واختلفت عليه الأقوال". [مدارج السالكين (2 /8) ].
وأما حال الراسخ في العلم، فالأمر كما قال العلامة الشاطبي رحمه الله تعالى:" الراسخون في العلم، وهم الثابتو الأقدام في علم الشريعة". [الإعتصام (2 /6) ].
ولذلك كان من صفاته: رسوخ قدمه في مواطن الفتن، وتعاظم الشبهات حين تضل الأفهام، وتتزلزل الأقدام، قال العلامة الشاطبي رحمه الله تعالى:" أن البدع لا تقع من راسخ في العلم، وإنما تقع ممن لم يبلغ مبلغ أهل الشريعة المتصرفين في أدلتها"، [نفس المصدر السابق (3 /250)] .
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى:" إن الراسخ في العلم لو وردت عليه من الشبه بعدد أمواج البحر، ما أزالت يقينه، ولا قدحت فيه شكا، لأنه قد رسخ في العلم فلا تستفزه الشبهات، بل إذا وردت عليه ردها حرس العلم وجيشه مغلولة مغلوبة". [مفتاح دار السعادة (1 /442)] .
وحرس العلم وجيشه إنما أثمر عند هؤلاء الراسخين في العلم بأمرين:
الأولى : اليقين والثبات.
الثانية : الصبر عن الأهواء المخالفة للشرع، ويدل لهذين الأمرين، قول الله تعالى:{ وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون}،[ سورة السجدة الآية: (24)] قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:" بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين"، [المستدرك على فتاوى ابن تيمية (1/145)],
ومما يزيد هذا إيضاحا ويبينه ما جاء في هذين الحديثين :
1 - عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك " . [ أخرجه مسلم في صحيحه(1920)]
2 - عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم:" لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله ما يضرهم من كذبهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك"، [أخرجه البخاري في صحيحه (7460) واللفظ له، ومسلم في صحيحه (1037)] .
فهذه الأوصاف والملامح النبوية لطائفة الحق، ترشد لشيئين:
أ - أنها لم تسلك بنيات الطريق التي تورث التلون، والتقلب، والإهتزاز، بل إنما سلكت الصراط المستقيم المبني على اليقين والثبات والإعتزاز، قال العلامة عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله تعالى:" وإنما ظهر فضل هذه الفرقة بتمسكها بالحق، وصبرها على مخالفة هذه الفرق الكثيرة، والإحتجاج بالحق ونصرته، وما ظهر فضل الإمام أبي حنيفة، والإمام أحمد، ومن قبلهما من الأئمة، ومن بعدهما، إلا بتمسكهم بالحق، ونصرته وردهم الباطل، وما ضر شيخ الإسلام أحمد بن تيمية وأصحابه، حين أجلب عليهم أهل البدع، وآذوهم، بل أظهر الله بهم السنة، وجعل لهم لسان صدق في الأمة، وكذلك من قبلهم، ومن بعدهم، كشيخنا شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، لما دعا إلى التوحيد وبين أدلته، وبين الشرك وما يبطله، وفيه قال الإمام العلامة الأديب، أبو بكر ابن غنام رحمه الله تعالى:
وعاد به نهـــــج الغواية طامسا وقد كــان مسلوكا به الناس تربــــــع
وجرت به نجد ذيول افتخارها وحق لها بالألــــمعي ترفـــــــــــــع
فآثاره فيهـــــــا سوام سوافر وأنواره فيهـــــــــــــــا تضيء وتسطع". [الدرر السنية في الأجوبة (1 /177- 178) ].
ب - يتضمن في طيه آية عظمى حيث أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سيواجه طائفة الحق أشكال من الناس، وهم:
1- أهل التخاذل، وهم: ممن كانوا مع طائفة الحق على نفس الخط، لكن لم يصبروا ويثبتوا على الطريق، فركنوا إلى داعي أهوائهم.
2- أهل التكذيب: وهم: المنابذون لأهل دعوة الحق بالكذب، والإفتراء على دعوتهم البيضاء النقية.
3 - أهل المخالفة، وهم: المعادون لهم جملة وتفصيلا في المسلك المتبع.
وموقف طائفة أهل الحق الموصوفة بالقلة؛ فإنهم مهما خذلهم المتخاذلون، وكذبهم الكاذبون، وخالفهم الخصوم، والمناوئون، فذلك لا يضرهم، بل يبقون متماسكين بالحق ثابتين عليه، لما قام عندهم من تحقيق جانب الصبر واليقين، يقول العلامة محمد صالح العثيمين رحمه الله تعالى:" قوله: " لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم " خذلهم: أي: لم ينصرهم، ويوافقهم على ما ذهبوا إليه، وفي هذا دليل على أنه سيوجد من يخذلهم، لكنه لا يضرهم، لأن الأمور بيد الله، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك "، وكذلك " لا يضرهم من خالفهم" : لأنهم منصورون بنصر الله: فالله عز وجل إذا نصر أحدا فلن يستطيع أحد أن يذله". [القول المفيد على كتاب التوحيد(1 /480-481) ].
وحاصل ما أرشدت إليه الفائدة الثانية أن وقوع المميعة في الفتن، والأهواء الردية، يرجع لأمرين :
أ - ضعف العلم، الذي ضده الرسوخ في العلم ومن ثماره الثبات، والإستقرار.
ب – ضعف الصبر، وضده العجلة والطيش ومن نتائجه فقدان الفرقان والبصيرة فتصير الأعين عن الحق كليلة.
الحال الثالث: الإستخفاف بخطر ما تؤدي إليه البدع من أخطار، ويتبين هذا الخطر فيما حصل للخوارج الأنجاس الأرجاس، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى عنهم :" ولا ريب أن الخوارج كان فيهم من الإجتهاد في العبادة والورع، ما لم يكن في الصحابة كما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم، لكن لما كان على غير الوجه المشروع أفضى بهم إلى المروق من الدين، ولهذا قال عبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب:" اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة" . [الإستقامة (1/258-259) ].
ومن شواهد ما جاء من أخبار مروقهم : قصة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مع أصحاب الحلق، حيث قال عمرو بن سلمة رضي الله عنه عن عاقبتهم الوخيمة:" فرأينا عامة أولئك يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج " ،[ سنن الدارمي(204)، وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة(2005) ].
فمن هذا يتجلى نهاية مسالك البدع المظلمة، فإن الخوارج الجهال أدى بهم الإستخفاف بالبدع إلى نهاية سيئة، تكمن في تكفير الصحابة الأخيار، والخروج عليهم، وقتالهم بالسيف، يقول الإمام البربهاري رحمه الله": واحذر صغار المحدثات من الأمور، فإن صغير البدع يعود حتى يصير كبيراً، وكذلك كل بدعة أحدثت في هذه الأمة كان أولها صغيراً يشبه الحق فاغتر بذلك من دخل فيها، ثم لم يستطع الخروج منها، فعظمت وصارت ديناً يدان بها فخالف الصراط المستقيم فخرج من الإسلام"، [شرح السنة (ص37-38)] ، وقال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى:" أن البدع ما تزال تخرج صاحبها من صغير إلى كبير، حتى تخرجه إلى الإلحاد والزندقة". [الفتاوى 22/306) ] .

هذا والله أعلم، ونسأله جل وعز الثبات على الحق، والهدى، وأن يجنبنا طرائق أهل الزيغ والردى، آمين

انتقيت هذا من كتابي : البراهين المرصعة في كشف حال الحدادية والمميعة" بتصرف وزيادة .


التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الرحمن كمال بن خميسي ; 25 Mar 2018 الساعة 11:57 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 25 Mar 2018, 12:12 PM
صديق جعيط صديق جعيط غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2014
المشاركات: 46
افتراضي

جزاك الله خيرا، أخي كمال، لقد أجدت وأفدت ، مقال سلفي طيب
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 25 Mar 2018, 12:38 PM
زين الدين صالحي
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

جزاكم الله خيرا وبارك فيكم ونفع بكم أخي الكريم
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 25 Mar 2018, 01:11 PM
نبيل باهي نبيل باهي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
الدولة: الجزائر -أم البواقي-
المشاركات: 53
افتراضي

مقال مفيد أخي كمال،بارك الله فيك فما أحوجنا لمعرفة هذه الأسباب وآثارها.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 25 Mar 2018, 05:14 PM
أبو عبد الرحمن كمال بن خميسي أبو عبد الرحمن كمال بن خميسي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2018
المشاركات: 21
افتراضي

بارك الله تعالى في الجميع .
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, مميز, مسائل, التناقض

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013