منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 01 Nov 2010, 11:33 PM
أبو عبد الحق أمين المشرفي أبو عبد الحق أمين المشرفي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 19
افتراضي الانطلاقة الكبرى ... العلم

بسم الله الرحمن الرحيم

الانطلاقة الكبرى...العلم

الحمدُ للهِ العليِّ الكبيرِ الذِي أنزلَ الكتابَ هُدًى ورحمةً، واختارَ محمدًا رسولاً خاتماً بأقومِ شرعةٍ لأفضلِ أمةٍ، وجعلَ العلمَ نورًا يكشفُ كلَّ ظلمةٍ، والرفعةَ تُرتقَى بِمَاضِي العزيمةِ والهمةِ، فلهُ كلُّ الحمدِ مَا تلاَ القرآنَ تالٍ، مهرَ بهِ أو لَعْثَمَهُ، ولهُ كلُّ الشكرِ ما انشرحتْ لهُ الصدورُ وضاقت، أهلُ الميمنةِ و المشأمةِ، فالثناءُ والحمدُ والمجد كلها له بتمامها والقوة والعظمة، والصلاة والسلام على القدوة الأكمل نبي الرحمة والملحمة، والناطق بالحق والمعصمة، وعلى آله المَسَمَّة[قال في الصحاح في اللغة (1/332):أهل المَسَمَّةِ: الخاصّةُ والأقارِبُ] وأصحابه الأئمة وأتباعهم بإحسان أهلِ الجَرْذَمَةِ["الجَرْذَمَةُ: السُّرْعَةُ في المَشْيِ والعَمَلِ". المحيط في اللغة(2/149)] اللَّذَمَة ["يقال للأرنب حذمة لذمة تسبق الجمع بالأكمة فلذمة ثابتة العدو لازمة له". تاج العروس(1 /7892)وقصدي بالوصفين أن أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم بإحسان هم أهل استمرار وثبات بعد تشميرهم على الصالحات.] وبعد:
فحيا الله أهلَ الإيمان، وجعلنا وإيّاكم من أهل الإكرام والجنان، وفتح علينا وعليكم باب التوفيق لكل فضيلةٍ، وعصمنا وإيّاكم من كل زلةٍ و رذيلةٍ.
ثم لنعلم ـجميعاً أيها الأحبةـ أنه ليس كالعلم ـوالنافع منه أقصد ـ نورٌ يشع على الأرواح فيغمُرَها بالإصباح والإشراق، ولا كَهُ زَنْدًا يقدحُ في العقول فيثير لها لهيباً وأي لهيبٍ، بل ما أطلت شمسُه على أمةٍ من الأمم أو بلدٍ من البلاد أو أسرةٍ من الأسر أو فردٍ من الناس إلا كان الزمانُ زمانهم وهم رجالُه وملوكُه وتيجانُه، وحتى لو قلنا أن لقاءَه كان على وجهِ الصدفةِ أو السُّرعةِ فلا بُدَّ أن يُنال من ثمرهِ الأحلى أو ريحهِ الأخَّاذِ.
سَلِي هَلْ قَلاَنِي مِنْ عَشِيرٍ صَحِبْتُهُ ... وهَلْ ذَمَّ رَحْلِي فِي الرِّفاقِ رَفيقُ
فهو الوجه الذي يجيء بالخير، ويبشر بالسعد، ويقبل بالعز، فإذا أدبر فالمَهلك لا محالة.
ومما لابد وأنه يكفي العاقل، وينبه الغافل، على عظيم موقعه، وجليل شرفه،ـ وإن كان ذلك لا يختلف فيه اثنان ـ أنه ما ذكر العلم في وحي رب العالمين إلا مُدِح ومُدح أهلُه، وأُشيد بفضلهما، ورُتّب عليهما أجلُّ الآثار، وأما عدوه الجهل فليس لحظه وحظ أهله في الكتاب والسنة إلا الذم والعيب في الدنيا والآخرة، أورد البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه [برقم: 79] عن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لَا يُحَدِّثُكُمْ أَحَدٌ بَعْدِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَقِلَّ الْعِلْمُ وَيَظْهَرَ الْجَهْلُ وَيَظْهَرَ الزِّنَا وَتَكْثُرَ النِّسَاءُ وَيَقِلَّ الرِّجَالُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ"، وما مصيبةُ رفعِ العلمِ الدهياءِ هذِهِ ـ حِينَهَاـ ، وهلاك الناس بالجهل الأطمِّ ـ إخوتي في الله ـ إلا لما أَغرقوا في الغواية والضلالة، وضربوا بالإعراض، ونكصوا عن الهدى، ومالوا مع مَنْ يُريد للأمة أن تتبع الشهوات وتميلَ ميلاً عظيماً.
فكفى بهذا الحديث الكريم وأمثاله نذيرًا يصيح على أهل الإيمان، أن لا تسعَوْا لدفع الشرور ـأولاً وقبل كل شيءـ إلا بالعلم النافع المبارك تعلماً وتعليماً، وإعدادًا لأهله، وإكثارًا لهم، دفعاً لما يحاوله الجهل من العبث بديننا وأخلاقنا وأمتنا وشبابنا، وكم وكم ـ للأسف البالغ ـ قد عَبَثَ واجْتال، وضيّع من النساء والرجال ولا حول ولا قوة إلا بالله الكبير المتعال.
و لهذا إخوتي الكرام حاول الإمام ابنُ القيم رحمه الله تعالى في مفتاح دار السعادة ـكما حاول غيرهـ وما أكثرهمـ جمعَ مآثره، وحِوايةَ فضائله، وبيانَ مساوئ العار المَجْنية مِن تنكبِ سُبله، مما يُؤكد بلا امتراءٍ أنه ركنٌ للنجاة وثيقٌ، وبأخذ الأمة إلى بَرِّ الأمان والعزّ و الازدهار حقيقٌ، على أنهم في جمعهم قد ذَكرُوا ـوالأكثر مما ذكرواـ الأهم والأقرب الظاهر، وأما خفي مصالحه، ودقيق منافعه، فلا يحيط به علما إلا الله تعالى.
وَسِعتَ الفضلَ أجمعه وكنت... كغيثٍ هامعٍ في أرض قفرٍ
فتحيي في المفاوز كل ميتٍ ... وتنمي في المفاوز كل خيرٍ

ومن هنا إخوتي المسلمين كان حثيث السير في دروبه شأن العاقلين كما قال بعض الراوين:
العلم في العالم مبثوث ... ونحوه العاقل محثوث
وكان ـ لهذاـ أمنة هذه الأمة وأئمتها، و قلوبها التي لا تنبض بدونها، وعُقُولها التي تُنير دُروبَها، قد خاضُوا غَوْرَ بِحارِه، واحْتَزَبُوا كل مزية من فَخاره، سلالةٌ ـ يا الله ـ ما أشرفها، وأصولٌ كرُمت معادنها فما أطيبها، قد أثبتت بالصبر واليقين في أعماق الثرى الصَّلد عمود رايتها الخفاق في أعالي المجد، فلا تفتأ ترفرف في كتابات الناسِ وألسنتِهم كل يوم بخبرٍ عجيبٍ، وأثر يا صاحبي يفلق دمعاً قسوة القلب الجديب،
كم مِن أبٍ لي يا جريرُ كأنه... قمرُ المجرة أو سراجُ نهارٍ
ورثَ المكارمَ كابرًا عن كابرٍ...ضخمَ الدَّسِيعَةِ كُلّ يوم فَخَارٍ.

فالنهوظ ـ يا معاشرَ الإخوان، وأصفياءَ بني الإنسان ـ إنما يكون به ولا شأن بسواه، "...إِذ آثرَ النَّومَ والدِّفْءَ المناجِيبُ"
وليس يا قومُ ـأبدًاـ في ذكر القوم فخرٌ، ولا في تعداد مناقبهم وتردادها عذرٌ، ما لم يكن لنا فيما نحكيه عنهم مُحاكات، وفيما ننقله لهم شحذ العزائم إقداما على تلك العتبات.
ردد علي كلامهم يا حادي ... إن كلامهم يجلي الفؤاد الصادي.
فما يُورد خبرُهم إلا ليُقتفي أثرُهم، وما تُذكر مآثرُهم إلا ليُصنَع من النشأ أمثالُهم، وليكن لسان حالنا يُردد ويُعيد، بهمةٍ تُذيب الجليد:
لسنا وإن أحسابنا كرمت... يوما على الأحساب نتكل
نبني كما كانت أوائلنا ... تبني و نفعل مثل ما فعلوا

ولكم يكون حظ الصابر على العلم، الجاد فيه، المشتغل به اشتغالاً ـ علماً وعملاً حِلاً وترحالاًـ وأجره كثيرًا وفيرًا، ومقامه عند ربه عاليًا كبيراً، و نصيبه من التأييد والكرامة والتوفيق والحفظ أعظم نصيبٍ، ففي الحديث القدسي الذي حكاه رسولنا عن موسى عليهما الصلاة والسلام مع ربه سبحانه أنه قال: "فأي عبادك أعلم [يا ربي]؟ قال: عالم لا يشبع من العلم يجمع علم الناس إلى علمه"[ الصحيحة برقم: (3350)]، وخاصة في زماننا هذا الذي هو بين يدي الساعة كالشمس بين يدي غروبها، حيث يتأجر المشتغل بالعلم أكثر وأكثر حسنات وحسنات، و قد حض على العلم في مثل هذه الأزمان نبينا عليه الصلاة والسلام بل جعله خيرا من الاشتغال بنافلة العمل فقال مخاطبا أصحابه رضي الله عنهم: "إنكم أصبحتم في زمان كثير فقهاؤه، قليل خطباؤه، قليل سؤاله، كثير معطوه، العمل فيه خير من العلم، وسيأتي زمان قليل فقهاؤه، كثير خطباؤه، كثير سؤاله، قليل معطوه، العلم فيه خير من العمل".[الصحيحة برقم:( 3189)]
بل العالم المبذال المطواع، المعطاء المنفاع، إنما هو كسدٍّ اشتدّت مناعته لأمة محمد صلى الله عليه وسلم من كل ما يجرف، ومن جميع ما يحرف، فشهوة تترنح بها ذات الشمال أو شبهة ترمي بها في التشدد والأغلال
وقد قيل: يا رسول الله أي الناس أحب إلى الله؟ فقال: "أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس". [صحيح الترغيب والترهيب(2 /359)]
فيا عازما على الدون أينما حطت ركائبه يصيبها، ويا مقبلا على نفسه بكل واد يُهيمها فيُهينها، وليس يفهم من العلم إلا صنعة قل درهمها الذي منه يجتنيه، وحرفة إتعاب الفكر كدحا حفظا لألفاظه و الرسوخ بمعانيه، أبشر فقد ساء ظنك وتبلد بل تجمد، ومن أساء ظنه بالعلم فهيهات أن ينتفع أو يسعد،"ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور"، وأني لضوء الشمس أن يلج القبور..."ولكن أحاظ قسمت وجدود".
ويا من اشتغل باللعب باسم الدين، وغرته الدنيا فانسجم مع الأفاكين، وأبعد الأمة إلى كل شيء غير العلم، وفتح أبواب التعاون لإقامة البدع بالظلم، فحزّب وخرّب، وأبعدَ وقرّب، فاليوم حفل وتكريم وغدا مسرح وتهييم، وبعدها منافسة في الجري على اليدين، أو جلد منفوخ يتعب الرجال جريا وراءه يضرب بالقدمين... كل ذلك لصالح المنهج الجديد على حساب الدين المجيد، أما ترون يا طائفة الطبع الغليظ، وجماعة الفهم العطيب، أنكم تؤسسون جيلا منساة العلوم مضيعة العلماء، وأوصلتم حلقة الجهل بحلقة الفن وقلدتموها عنق الأمة الحوراء، فأبرتم سلعتها بعد الرواج ، وأبقيتموها مطلقة بعد التحصن والزواج، و ما كفاكم أن طورتم الدنيا بالفتن بعدما عمرتموها بالدخن، حتى جذعتم أطراف الهمم أن تصل للقمم، ألا فاتقوا الله واحذروه وفي أمة محمد صلى الله عليه وسلم راقبوه، فقد أوكل ربه من بعده عليها، فقال: "والله خليفتي على كل مسلم" فهو حسبها ونعم الوكيل
ويقال بعد ذا أخيرا وليس آخرا لقوم هم من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا وقد قاربوا بالجهل البهائم، وكادوا في قلة الفهم مشابهة السوائم،ـ لما ادعوا بالعلم وصلا، وراموا حديثا عن الحق جهلا، ونافحوا المخالف طعنا وقتلاـ ألا بعدا ثم بعدا ثم بعدا
فما هاتيك الأمور يا محاول لباس الزور إن أبقى لك الغرور شيئا من الفهم إلا لأصحابها، وما فتيلتها التي باشتعالها تضيئ ما بين لابتي المعمورة بكل جميل إلا لأربابها، فدع عنك الحديث وإن بلسانك أحسنته، بعدما ضيعت أصوله فجهلته، و أخفقته وأخطأته، وارفع رأسك وقل بملئ فيك تُسترُ دواهيك:
أيها السائل عنهم وعني... لست من قيس ولا قيس مني
وارجع يا رعاك الله إلى روافد العلم من حيث تصل، وأخلص في ذلك واصبر تحصل و تتصل، وتواضع فما تزين المرء بمثله بعد التقوى، وليس كالكبر أعاذنا الله منه فجوة وهوى
واعلم أننا إن نترك ما ينفعنا يتسلط علينا ما يضرنا، وإن نسعى لإظهار كمالنا يأبى الله إلا أن يظهر نقصنا
وإنما الغاية في كل هذا أن يُذكر الله لا الأنفس أو العباد، وأن يَنجوَ المرءُ بكل ذلك من هول يوم التناد،
"يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار"
فانطلق أيها النشأ المبارك إلى العلم و افتح أبوابه، وانتبه إلى فضيلته الكبرى وبالعزم احذ صوابه، فلا والله ما أنت قوم في الأقوام رئيسا حتى تأخذ منه حصتك، ولا بين الأمم على كرسي الخلافة جليسا حتى تمتطيه رحلك ومركبك، ولا من الأفذاذ فيه النوابغ حتى يكون قبلتك، ومنتهى أملك، ومأكلك ومشربك، ومدخلك ومخرجك... وعندها بشراكم بشراكم... في دنياكم و أخراكم
قال زهير يصف الخيل:
وخرجها صوارخ كل يوم ... فقد جعلت عرائكها تلين
وقانا الله برحمته وعفوه مدارك المخازي ومراتع البوار، وأخذ بنا بفضله وإحسانه إلى كل نافع وعالي بلا زلل أو عثار ، وهو حسبنا ونعم الوكيل
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين
والحمد لله رب العالمين

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013