منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 16 May 2017, 09:20 PM
أبو ياسر أحمد بليل أبو ياسر أحمد بليل غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
الدولة: ولاية سعيدة - الجزائر
المشاركات: 405
افتراضي شؤم الهوى

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين ، حمدا يليق بجلاله ، وعظيم سلطانه ، وأشهد أن لا له إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن إقتفى أثرهم إلى يوم الدين ، اما بعد :
لقد تظافرت النصوص الشرعية والآثار السلفية في ذم الهوى والتحذير منه
قال ابن القيم رحمه الله :
" لم يذكر الله تعالى الهوى في كتابه إلا ذمه ، وكذلك في السنة لم يجئ إلا مذموما إلا ما جاء منه مقيدا كقوله : (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به) - حديث ضعيف - وقد قيل الهوى كمين لا يؤمن ، قال الشعبي : وسمي هوى لأنه يهوي بصاحبه ، ومطلقه يدعو إلى اللذة الحاضرة من غير فكر في العاقبة ، ويحث على نيل الشهوات عاجلا وإن كانت سببا لأعظم الآلام عاجلا وآجلا ، فللدنيا عاقبة قبل عاقبة الآخرة ، والهوى يعمي صاحبه من ملاحظتها " .
انتهى من "روضة المحبين"
ومن ذلك ما خاطب الله تعالى به نبيه داود عليه السلام بقوله : " يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ " [ص: 26] وقال في حق نبيه محمد صلى الله عليه وسلم : " ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ " [الجاثية: 18] وقال : " وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ " [البقرة: 145]وقال تعالى : " قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ " [الأنعام: 56] وقال تعالى مخاطبًا عباده المؤمنين ومحذرًا لهم من اتباع الهوى : " فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا " [النساء: 135] .
وأخبرنا تعالى بأنه لا أحد أضل ممن يتبع هواه بغير هدى ولا علم كما قال – تعالى - " وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ "[القصص: 50] وقال تعالى : " وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ " [الأنعام: 119] والآيات في ذم الأهواء الباطلة والتحذير من اتباعها كثيرة جدًا .
وأما الأحاديث فمن ذلك ما رواه الإمام أحمد عن أبي برزة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن مما أخشى عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ومضلات الهوى» (رواه الإمام أحمد في مسنده وقال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح "مجمع الزوائد" .
وأخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن اتباع الهوى من المهلكات فقال : «ثلاث منجيات : خشية الله تعالى في السر والعلانية، والعدل في الرضا والغضب، والقصد في الفقر والغنى ، وثلاث مهلكات : هوى متبع، وشح مطاع، وإعجاب المرء بنفسه» (الحديث حسنه المحدث الألبانى انظر صحيح الجامع الصغير)
ولخطورة اتباع الهوى وشدة مجاهدته على النفس فقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مجاهدة الرجل لهواه أفضل الجهاد فقال : «أفضل الجهاد أن يجاهد الرجل نفسه وهواه» (الحديث صححه المحدث الألباني انظر صحيح الجامع الصغير) .
ولقد حذر السلف – رحمهم الله – من الهوى واتباعه، ورهبوا من مجالسة أهله وأصحابه، ومن ذلك ما ذكر عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – قال : «إن أخوف ما أخاف عليكم اثنتان : طول الأمل واتباع الهوى، فأما طول الأمل فينسي الآخرة، وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق» (رواه الإمام أحمد في الزهد )
ولما قال رجل لابن عباس – رضي الله عنهما - : «الحمد لله الذي جعل هوانا على هواكم» قال ابن عباس : «الهوى كله ضلالة» (رواه ابن بطة في الإبانة )
وقال ابن عباس – أيضًا - : «لا تجالسوا أصحاب الهوى فإنهم يمرضون القلوب» « رواه ابن بطة في الإبانة «
وقال معاوية : (المروءة ترك اللذة وعصيان الهوى (رواه ابن الجوزي في ذم الهوى) .
وقال ميمون بن مهران : ( إياكم وكل هوى يسمى بغير الإسلام (رواه ابن بطة في الإبانة .
وعن الحسن أنه كان يقول : (اتهموا أهواءكم ورأيكم على دين الله وانتصحوا كتاب الله على أنفسكم ) رواه ابن بطة في الإبانة
وقال أبو قلابة : «لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم، أو يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون» (رواه الدارمى، وابن بطة في الإبانة ).
وقال إبراهيم النخعي : «لا تجالسوا أهل الأهواء فإن مجالستهم تذهب بنور الإيمان من القلوب وتسلب محاسن الوجوه، وتورث البغضة في قلوب المؤمنين» (رواه ابن بطة في الإبانة )
وقال يونس بن عبيد : «أوصيكم بثلاث فخذوها عني حييت أو مت : لا تمكن سمعك من صاحب هوى، ولا تخل بامرأة ليست لك بمحرم ولو أن تقرأ عليها القرآن، ولا تدخلن على أمير ولو أن تعظه « " رواه ابن بطة في الإبانة "
وقال الشعبي : «إنما سمي الهوى لأنه يهوي بصاحبه» (رواه الدارمي في سننه)
وقال مالك بين دينار : «بئس العبد عبد همه هواه وبطنه» (رواه ابن الجوزي في ذم الهوى)
وقال بشر : « اعلم أن البلاء كله في هواك، والشفاء كله في مخالفتك إياه» (رواه ابن الجوزي في ذم الهوى)
قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في تفسيره "أضواء البيان" : " قوله تعالى : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا ). قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه ) أي : مهما استحسن من شيء ، ورآه حسنا في هوى نفسه : كان دينه ومذهبه . إلى أن قال : قال ابن عباس : كان الرجل في الجاهلية يعبد الحجر الأبيض زمانا ، فإذا رأى غيره أحسن منه عبد الثاني وترك الأول . انتهى منه .
وقال العلامة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في تفسير قوله تعالى : ( أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ . مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ . الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ) ق/24- 26 : " ( الذي جعل مع الله إلهاً ءاخر ) : ما أوسع هذه الكلمة ، وإذا كانت هذه الكلمة وصفاً للكفَّار العنيد ، فالمعنى أنه يعبد مع الله غيره ، وكلنا يعلم أن المشركين كانوا يعبدون مع الله غيره ، فيعبدون اللات ، ويعبدون العزى ، ويعبدون مناة ، ويعبدون هبل ، وكل قوم لهم طاغية يعبدونها كما يعبدون الله ، يركعون لها ، ويسجدون لها ، ويحبونها كما يحبون الله ، ويخافون منها كما يخافون من الله - نسأل الله العافية - هذا إذا جعلنا قوله تعالى : ( مع الله إلهاً آخر ) وصف لهذا الكفَّار العنيد.
أما إذا جعلناه أشمل من ذلك ، فإنها تعم كل إنسان تعبد لغير الله ، وتذلل لغير الله ، حتى التاجر الذي ليس له هم إلا تجارته وتنميتها ، فإنه عابد لها ، حتى صاحب الإبل الذي ليس له هم إلا إبله هو عابد لها ، والدليل على أن من انشغل بشيء عن طاعة الله فهو عابد له ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة ) . عبد الدينار هذا تاجر الذهب ، وعبد الدرهم تاجر الفضة ، وعبد الخميصة تاجر الثياب ؛ لأن الخميصة هي الثوب الجميل المنقوش ، وعبد الخميلة تاجر الفرش ، أو ليس بتاجر ، يعني لا يتجر بهذه الأشياء لكن مشغول بها عن طاعة الله ، إن أُعطي رضي ، وإن لم يعط سخط، ، فسمى النبي صلى الله عليه وسلم من اشتغل بهذه الأشياء الأربعة عبداً لها ، وفي القرآن الكريم ما يدل على أن العبادة أوسع من هذا ، قال الله تعالى : ( أرءيت من اتخذ إلهه هواه ) فدل ذلك على أن كل من قدم هوى نفسه على هُدى ربه ، فهو قد اتخذ إلهاً غيره . ولهذا يمكننا أن نقول : إن جميع المعاصي داخلة في الشرك في هذا المعنى ؛ لأنه قدمها على مرضاة الله تعالى وطاعته ، فجعل هذا شريكاً لله - عز وجل - في تعبده له ، واتباعه إياه ، فالشرك أمره عظيم ، وخطره جسيم ، حتى الرجل إذا تصدق بدرهم وهو يلاحظ لعل الناس ، يرونه ليمدحوه ، ويقولون : إنه رجل كريم ، يعتبر مشركاً مرائياً ، والرياء شرك ، وأخوف ما خاف النبي عليه الصلاة والسلام على أمته الشرك الخفي ، وهو الرياء . فعلى هذا نقول: ( الذي جعل مع الله إلهاً ءاخر ) إن كانت وصفاً خاصًّا بالكفَّار العنيد ، فإنها تختص بمن يعبد الصنم والوثن ، وإن كانت للعموم فهي تشمل كل من اشتغل بغير الله عن طاعته ، وتقدم ذكر الأمثلة والأدلة على ما ذكرنا " . انتهى من "تفسير القرآن" لابن عثيمين (8/ 23) وهو في "لقاء الباب المفتوح" (136/ 4).

والله أعلم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 17 May 2017, 07:39 AM
أبو عبد السلام جابر البسكري أبو عبد السلام جابر البسكري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 1,229
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد السلام جابر البسكري
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي أحمد ، جمع طيب نافع .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 17 May 2017, 01:17 PM
أبو ياسر أحمد بليل أبو ياسر أحمد بليل غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
الدولة: ولاية سعيدة - الجزائر
المشاركات: 405
افتراضي

أميـــــــن شكــرا أخي العزيز جابــــر وفقـــك الله
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013