هذا يسأل عن بعض الناس في قريتهم يصلون الجمعة في الوقت، وقت الظهر لكن جاء بعض الطلبة وخالفوا ما عليه الناس فصاروا يصلون الجمعة في وقت الضحى واستدلوا... إلخ.
الجواب: (الشيخ: عبد الله بن عبد الرحيم البخاري حفظه الله)
هذه المسألة، هذا السؤال قد تكرر وأجبت عليه عند شرحنا لكتاب (عمدة الأحكام) فيما يتعلق في أبواب صلاة الجمعة، وبيَّنَّا خطأ هذا الفهم والصحيح فيه فراجعه بأكثر من المطول، ما هو مطول بأكثر من مطول.
يقول السائل من ألمانيا:
أنا أعمل في إحدى الشركات ولا يمكنني أداء صلاة الجمعة كلّ أسبوع، ولكن كلّ ثاني أسبوع يمكنني الذهاب؛ فما حكم ذلك؟
الجواب: (الشيخ: عبيد بن عبد الله الجابري حفظه الله)
أولًا: أطمئنك بقول الله تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}، وقوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، وبقوله – صلى الله عليه وسلّم – ((وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتم))، وقال - صلى الله عليه وسلّم – لعمران بن حصين – رضي الله عنه – حين أصابته بواسير: ((صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ)) وفي رواية ((على جَنبك)).
الأوامر معفوٌّ عن المرء ما عجز عنه منها، بخلاف النّواهي، فهي عزم من الله، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلّم – في الحديث السّابق ((ما نهيتُكم عنه فاجتنبوه))، بارك الله فيك.
هناك أمرٌ أيضًا أنبّهك إليه، هل في محل الشركة هذا للعمال المسلمين مسجد يمكن أن يُصلّوا الجمعة فيه؟
فإن كان الجواب نعم، فـسَدِّدوا وقاربوا، لو تكون الجمعة بينكم يا معشر المسلمين بالتناوب، هذا أولًا.
وثانيًا: هل المساجد التي تحبّ أن تذهب للصلاة فيها، هل يمكنك سماع الأذان منها؟ أو هي بعيدة تحتاج إلى سيارة؟ فإن كان الجواب الأول، فكما قلت لكم سدِّدوا وقاربوا، ما دمتم تسمعون النداء -الأذان- فاستعينوا بالله، ولو يذهب كلّ أسبوع طائفة منكم.
وإن كنتم لا تسمعون ذلك، ولا يمكنكم الوصول إلا بمشقة واستخدام سيارة؛ فالأمر فيه سَعَة ولله الحمد.
اعزموا على النيّة الصادقة، وأنّه لو تيسّر لكم صلاة الجمعة مع المسلمين لأدّيتموها، وابشروا، قال - صلى الله عليه وسلّم –: ((ما من مسلمٍ كان له عمل، فسافر أو مرض، إلا كتب الله له ما كان يعمل صحيحًا مقيمًا))، وقال - صلى الله عليه وسلّم – في رجالٍ تخلّفوا عنه غزوة تبوك، وهي في السنة التاسعة من الهجرة، قال: ((إن رجالًا خلفنا بالمدينة ما قطعتم واديًا، ولا سلكتم شعبًا إلا كانوا معكم)) صحيح البخاري رقم ( 2839) وفي رواية: حبسهم المرض.))
فالحمد لله الذي جعل لنا من أمرنا يسرا، فلم يكلفنا ما لا نطيق.
جزاك الله خيرًا شيخنا، هذا السؤال الثاني عشر من فرنسا ولديه السؤال الأول:
يقول هل يجوز تقديم صلاة الجمعة لساعة عن وقت صلاة الظهر علمًا أننا ننتهي من الصلاة قبل دخول وقت الظهر ؟
الجواب: (الشيخ: عبيد بن عبد الله الجابري حفظه الله)
هذا خطأ والصواب أن تكون صلاة الجمعة في أول دخول وقت الظهر، نعم هذا الصحيح من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد صح عن بعض الصحابة – رضي الله عنهم – قال: ((نخرج نتتبع الْفَيْءُ)) وعن آخر قال: ((وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ نَسْتَظِلُّ فِيهِ)) فمعنى هذا أنّهم يصلّون في أول وقت الظهر ولا يُؤخّرونها، قال بعضهم: ما كنّا نقيل ولا نتغدّى إلاّ بعد صلاة الجمعة
فالذي يظهر لي من هذه الأحاديث وأمثالها أنّهم يبكرون بصلاة الجمعة أكثر من صلاة الظهر. أمّا الساعة فلا أعلم هذا ، وإن قال بعض أهل العلم وقتها وقت صلاة العيد، يعني تبدأ من طلوع الشمس فهذا فيه نظر عندي والله أعلم.
سؤاله الثالث يقول: قرأت في أحد الكتب الدينية حديثاً عن النبي ﷺ يقول فيه ما معناه: أنّه مَن صلَّى علي يوم الجمعة مائتي مرة، غفر الله له ذنب مائتي عام، فما درجة صحة هذا الحديث، وكيف تكون المغفرةُ مائتي عام، مع أن الإنسان قد لا يعيش إلى هذه السن؟
الجواب:
هذا الخبر لا نعلم له أصلاً، بل هو فيما يظهر موضوع مكذوب على النبي ﷺ، لا أصل له، هو نعم صحّ عن النبي ﷺ أنّه حثّ على الصّلاة عليه وقال: "مَن صلّى علي واحدة صلّى الله عليها بها عشراً". وجاء في بعض الرواية: "كتب الله له عشر حسنات ومحى عنه عشر سيّئات".
والله قال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" [(56) سورة الأحزاب].
قبلها يقول : "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" [(56) سورة الأحزاب]. ويقول النبي ﷺ: "مَن صلّى علي واحدةً صلّى الله عليه بها عشراً"، هذا هو السُنَّة، أمّا هذا الخبر فلا أصل له.
أيضاً هنا سؤال تقول فيه: أحفظ قولاً عن الرسول ﷺ: مَن صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرًا -اللهم صل عليه- هل يجب أن تكون تلك الصلاة على النبي ﷺ كما هو في الصلاة الإبراهيمية، أم أنّ هناك طريقة أخرى وكيفية أخرى، جزاكم الله خيرًا؟
الجواب:
هذا هو الأفضل: الصلاة الإبراهيمية، إذا مرّ ذكره ﷺ يقول: (اللّهم صَلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد)، هذا نوع.
أو يقول: (اللّهم صَلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد)، هذا نوع ثاني.
نوع ثالث: (اللهم صَلِّ على محمد عبدك ورسولك كما صلّيت على إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد).
نوع آخر: (اللّهم صَلِّ على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد)،
وهكذا كل نوع ثبت عن النبي ﷺ إذا أتى به حصل به المقصود، وإن اختصر وقال: اللهم صَلِّ وسلّم على رسول الله، كفى الحمد لله، اللهم صل وسلم على رسول الله، عند ذكره.
وهكذا بعد الفراغ من الأذان. إذا أذن المؤذن يصلي على النبي ﷺ ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آتت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محمودًا الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد، هذا مشروع بعد الأذان وبعد الإقامة، إذا قال: لا إله إلا الله، مثلما قال المؤذن يقول بعدها: اللهم صل وسلم على رسول الله، أو يأتي بـالصلاة الإبراهيمية ثم يقول: اللّهم ربّ هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدًا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته. رواه البخاري في الصحيح، زاد البيهقي بإسناد جيد: إنك لا تخلف الميعاد، وفي الحديث: مَن قال حين يسمع النداء حلّت له شفاعتي يوم القيامة، وفي اللفظ الآخر يقول ﷺ: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول، ثم صلّوا عليّ، فإنّه مَن صلّى عليّ واحدة صلّى الله عليه بها عشرًا، ثم سَلُوا الله لي الوسيلة فإنّها منزلة في الجنّة لا تنبغي إلاّ لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمَن سأل لي الوسيلة حلّت له الشفاعة".
فهذا هو المشروع للمؤمن: للمؤذن ولمن سمع الأذان، للمؤذن والمستمع والمقيم ومن سمع الإقامة يقول هذا الذكر، يصلّي على النبي ﷺ بالصلاة الإبراهيمية أو بقوله: اللّهم صلِّ وسلّم على رسول الله، ثم يقول: (اللّهم ربّ هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد)، بعض الناس يقول: (والدرجة الرفيعة) وهي ما هي بواردة الدرجة الرفيعة ما هي في الرواية ، الدرجة الرفيعة هي الوسيلة هي نفس الوسيلة درجة في الجنة رفيعة عظيمة، فإذا قال: آت محمداً الوسيلة والفضيلة كفى ما يحتاج (والدرجة الرفيعة)، لأنّ الدرجة الرفيعة هي الوسيلة هي نفس المسئول وليس لها ذكر في الحديث (الدرجة الرفيعة)، لكن في بعض الكتب تقع غلطًا، نعم.
[..ولهذا أحيانا، بعض النّاس قد يستكثر من العلوم، والحفظ والمذاكرة لكن تفقده خاصَّةً في صلاةِ الْفَجْر ، تفقِده كثيراً.
إذا كانتِ الفريضة العظيمة التي، أعْظم أركان الإسلام بعد الشهاديتن، وأوّل ما يُسْأَل عنه يوم القيامة، أول ما يُسأل عنه: الصّلاة، إذا كان مُضيِّعاً لها، هذه الفريضة، أَيْنَ أثَر العِلم؟
يُفْتَقَد في صلاةِ الْفَجر، والصحابة -رضي الله عنهم- كما جاء عن ابن مسعود، كانوا إذا افتقدوا الرجل في صلاة الفجر إتَّهَموه بالنفاق، (أثقل الصلوات على المنافقين: صلاة الفجْر وصلاة العشاء.
في زماننا هذا؛ زمن السَّهر بالليل، كثيراً ما تُضيّع صلاة الفجر، وكثيراً ما يُفرط فيها. وربّما بعضهم يسهر الليل في مناقاشات علمية، في بعض المسائل أو في بعض الموضوعات ثُم يَنَام عن صَلاَةِ الْفَجْرِ.
لو كان يَسهر بالليل على القرآن، حِفظًا له وقراءةً له، إذا كان على حِساب صلاة الفجر، فإنّ سَهَرَهُ مُحرَّم، ولاَ يَحِلُّ له، وَيَأثَم على ذلك السَّهَر. وأكثر صلاة تُضَيَّع في هذا الزمان، هي أفضل الصّلوات على الإطلاق. أَتدرونَ ما هِي ؟
جاء في الحديث وقد حسَّنه الألباني –رحمه الله- في بعض كُتُبه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أفضل الصّلوات صلاة الفجر يوم الجُمُعَة في جماعة)). حسنه الألباني بهذا اللفظ.
وصلاة الفجر يوم الجُمُعَة في جماعة هي أكثر صلاة تُضَيَّع الآن، وليُسأل عن هذا أئمّة المساجد.(
لأنّ ليلة الجمعة، ليلة إجازة، ليلة سهر، يسهر الناس إلى وقت متأخّر ثم ينامون في وقت متأخّر من الليل وينامون عن هذه الصلاة.
والجيّد منهم يأتي لهذه الصلاة متأخِّراً كسلاناً، يأتي وَرَأسُه مُثقَل بالنَّوم مُتعب، فلا يُؤدِّي هذه الصلاة كما يَنْبَغِي.
وإذا كان يعلم من إمامِ مَسْجِدِه أنَّه يَقِرأ في ذَلِكَ اليَوْم (السَّجِدة)، و(هل أتَى)، فإنّه لا يأتي، إذا كان يُواضب، إلاَّ في نهاية الركعة الثانية.
أين ثَمَرَةُ العِلْم إذا كان المقام والخَطب مُتعلَّق بفريضة، هي أول ما يُسْأل عنه العبد يوم القيامة ؟
وَمَن ضَيَّعها كان لما سِواها أَضْيَع.]انتهـ
فرَّغته / أم محمد بنت تيم الله السلفية،بارك الله فيها، وقد تصرّفتُ في التفريغ بتعديل بعض النّقاط، تصحيحا من سماع صوتية الشيخ مباشرةً. وبالله التوفيق للعمل بها، والله المعين.
-----------------------------------------------------------
(1) ربّما الشيخ بارك الله فيه،لم ينتبه حين ذكر "صلاة الجمعة في جماعة"، والأصحّ "صلاة الفجر يوم الجمعة في جماعة"، لأنّ هذه الصلاة هي المضيّعة يوم الجمعة، والله المستعان.
من صفات المنافقين التخلف عن صلاة الفجر جماعة
لفضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله
س: سائل يقول:
أنام في بعض الليالي متأخرًا وأنا تعبان ومرهق ولا أستطيع أداء صلاة الفجر إلا في البيت فهل يجوز ذلك؟ وآخر يرجو توجيه نصيحة لمَن يتكاسل عن أداء صلاة الفجر في المسجد مع الجماعة.
الجواب:
الواجب على المكلف من الرجال أن يصلي الصلوات الخمس كلها في المسجد مع إخوانه المسلمين ولا يجوز له التّساهل في ذلك، والتّخلّف عن ذلك في الفجر أو غيرها من صفات النفاق، كما قال الله : (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى..) [النساء:142]. وقال النّبي ﷺ: (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا)[1] متفق على صحته.
وقال عليه الصلاة والسلام: (مَن سمع النّداء، فلم يأته، فلا صلاة له إلاّ من عذر) أخرجه ابن ماجة والدارقطني والحاكم بإسناد صحيح.
وجاءه ﷺ رجل أعمى فقال: يا رسول الله ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال النبي ﷺ: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم قال: فأجب) خرجه مسلم في صحيحه.
فإذا كان الأعمى الذي ليس له قائد يلائمه، ليس له عذر في ترك الصلاة في الجماعة، فغيره من باب أولى.
فالواجب عليك أيّها السائل أن تتّقي الله ، وأن تحافظ على الصلاة في الجماعة في الفجر وغيرها، وأن تبادر بالنوم مبكرًا حتى تستطيع القيام لصلاة الفجر وليس لك الصلاة في البيت إلاّ من عذر شرعي كمرض أو خوف.
وفّق الله الجميع للتّمسّك بالحق والثّبات عليه[2].
--------------------------------------------------------------------
-رواه البخاري في (الأذان) برقم (617)، ومسلم في (المساجد ومواضع الصلاة) برقم (1041).
-نشرت في (المجلة العربية) في ربيع الآخر 1413 هـ. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 12/71)