العلاَّمة صالح بن سعد السُّحَيْمِيّ لأهل ليبيا:
"الزموا بُيُوتَكُم وأَغْمِدُوا سُيُوفَكُم حتَّى يقضِيَ اللهُ أمرًا كانَ مَفْعُولاً"
(كان هذا في درس الشّيخ يوم: 19 / رمضان / 1435هـ بالمسجد النّبويّ)
قال فضيلةُ الشّيخ العلاّمة صالح بن سعد السُّحَيْمِيّ -حفظهُ اللهُ-:
الآن تكثُر الأسئلة من ليبيا ومن غير ليبيا؛ تكثر أسئلة: هل يجوز أن أنضمَّ إلى فلان وأُقاتِل فلان؟ لا واللهِ يا عبدَ اللهِ، دَعُوا عنكُم هذهِ الفتاوى المُتسرِّعة، أنا أرى أن تلزموا بُيوتَكُم حتَّى تهدأ الفِتْنَة كما فعل سعد بن أبي وقَّاص وكما فعل أبو بكرة وكما فعل غيرهم من الصّحابة ومن بعدهم من السَّلف.
اِلْزَم بَيْتَكَ، لكِن إن اعتُدِيَ عليك دافِع عن نَّفْسِكَ بما تستطيع دُونَ القَتْل، فإن أصرَّ إلى القِتال فقاتِلْهُ، فإن قتلكَ فأنت شهيدٌ –إن شاءَ اللهُ-، وإن قتلته فهو في النَّار.
أمَّا أنَّك تقول: أنا أُقاتِل مع الجماعة الفلانيَّة؛ هذه الجماعات المُتناحِرة عُبَّاد الكراسِي الذينَ في ليبيا وغير ليبيا وفي اليمن وغير اليمن لا تَقْرَبْهُم ابْتَعِد عنهُم، وإن كان الأولى بالنِّسبة لليمن أن تقفُوا مع دولتكم لأنّها تختلف عن ليبيا فيها دولة قائمة إلى حدٍّ ما؛ تقفوا معهم ضدَّ الرَّافضة وغيرهم وضدَّ كُلّ من يُريد أن يَشُقَّ عصا الطَّاعة.
أمَّا وجهة نظري في الفتنة الجارية الآن في ليبيا أن يبقى كُلٌّ في بيتِهِ حتّى يستريح بَرٌّ أو يُستراح من فاجرٍ، وأغمدوا سيوفكم، والْزَمُوا بُيوتَكُم حتَّى يقضِيَ اللهُ أمرًا كان مفعولاً.
لا تَلْتَفِتُوا للفتاوى التي تصدُر من بعض الشَّباب الصِّغار: لا قاتلوا مع حفتر! لا مع أعداء حفتر! لا مع فلان! لا .. يا أخي دَعْ حفْتَر وَبفْتَر؛ أَرِحْ نَفْسَكَ حتَّى تتجلَّى الأمور، الأمور الآن غير جليَّة.
ابن عمر –رضيَ اللهُ عنهُ- توقَّف في البيْعَة حتَّى استقرَّ .. لَمْ يُبايِع حتَّى ابن الزُّبير على الرّغم من صلاح ابن الزُّبَيْر –رضي الله عنهما-؛ ابن الزُّبَيْر رجلٌ صالحٌ وهُوَ لم يطلُب الخلافة لكنَّهُ طُلِبَ بعد أن كادَتْ دولة الإسلام أن تسقُط في الشَّام ما بقي معهم إلاَّ دمشق عندها بايع المُسلمون عبد الله بن الزُّبَيْر، مع ذلك فإنَّ عبد الله بن عُمَر ومن معهُ من الصَّحابة لمْ يُبايعوا عبد الله بن الزُّبَير أبدًا، وإنَّما لزموا بيوتَهُم حتَّى استقرَّ الأمرُ لِمَن؟ لعبد الملك بن مروان –رحمهُ اللهُ-؛ عندها لمّا استقرَّ الأمر ودانت له العراق والحجاز والشَّام ومصر جمعَ أولاده وأرسل البيْعَة إلى من؟ إلى عبد الملك، مع أنّه لو جئنا للمحبَّة لا شكَّ أنّ ابن الزُّبَيْر أحبّ إليه ممَّن؟ من عبد الملك، فهذا صحابيٌّ جليلٌ لكن لم يرتض عبد الله بن عُمَر في وقت الفتنة أن يقف مع أحدٍ ضدَّ الآخر لاسيَّما أنّ أصل الخلافة كانَت في بني أُميَّة، فما أحبَّ أن ينقُضَ عهدًا، فماذا فعل؟ سكَتَ وبقي وأغلق على نفسهِ بَيْتَهُ حتَّى انقضت المعارك واستقرَّ الأمر لعبد الملك بن مروان عندها أرسل بيْعَته وبيْعَة أولاده إلى عبد الملك.
أنا أقول للإخوة في ليبيا أيضًا: الْزَمُوا هذَا الطَّريق، الزموا بُيُوتكم، لا تقُل لِي: أنا أقف مع فلان وعلاَّن! حتَّى يقضيَ اللهُ أمرًا كان مفعولاً، وإلى درسِ الغد.اهـ (1)
فرّغه:/ أبو عبد الرحمن أسامة
20 / رمضان / 1435هـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
(1) من شرحِ فضيلة الشّيخ العلاّمة: صالح بن سعد السّحيميّ -حَفِظَهُ اللهُ- لـ: (أصول السُّنّة للإمام أحمد / الدَّرس الخامس عشر) يوم: 19 / رمضان / 1435هـ، بالمسجد النّبويّ ..
[مفرغ] العلامة صالح السحيمي لأهل ليبيا: "الزموا بيوتكم وأغمدوا سيوفكم حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا"
العرض العادي
