منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 17 Nov 2017, 07:26 PM
أبوعبيد الله عبد الله مسعود أبوعبيد الله عبد الله مسعود غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2016
المشاركات: 76
افتراضي انصحه!!

لبسم الله الرحمن الرحيم




انصحه!!


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين أما بعد :

فإن نُصْح المسلم للمسلم معلم بارز من معالم الأخوة يكون بأساليب متعددة ولأغراض متنوعة ومن تلكم الأساليب أن يكلف الناصح شخصاً لينوب عنه في توجيه النصح للمخطئ فيقول له فلان فعل كذا أو قال كذا أو لم يفعل كذا أو لم يقل كذا "انصحه " وهذه الطريقة تعتريها بعض المُكدِّرات التي تُعكِّر صفوها و تُغير وُجْهتها.
وقد سمعنا ورأينا من أساء استعمال هذا المسلك فوجهه لتحقيق مقاصد تنافي مقصد الشريعة ومغزى النصيحة .

والإساءة في استعمال أسلوب "انصحه " تتجسد في صور أهمها :

أولا: أن يكون الناصح ممن يُريد الخير للمنصوح لكن من وقع إختياره عليه لينصح بدلا منه ليس أهلا لذلك.
والطامة الكبرى والبلية العظمى إذا كان ممن لا يُمسك لسانه فيجري بها في الشوارع و الطرقات والجوامع والأسواق فتصبح النصيحة فضيحة والأمانة خيانة ومن يعلم بالخطأ العشرات بعد أن كان من يعلم به واحد "وكم من مريدٍ للخير لن يصيبه" كما قال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه.

ثانيا:ً وهي متفرعة عن الصورة الأولى أن يُخبِر المُكَلَّف بالنصيحة المنصوح بأن فلان هو الذي أعلمه بالخطأ وقال له انصحه.
وفي هذه الحالة قد يقع في قلب المنصوح شيء من هذه النصيحة سيما إذا كان لا شيء يمنع أن يوجهها له الناصح مباشرةً دون وسيط فتضيع النصيحة وتذهب أدراج الرياح والله المستعان .

ثالثاً: أن يريد من وراء اتِّبَاعِ هذا الأسلوب في النصيحة إظهار عيب المنصوح والتشهير به .
فتجده كلما سمحت له الفرصة كلف أحدهم بالنصح مكانه والغرض التشهير والإهانة ، فينتشر الكلام بين الناس و لا ناصح ،حتى يكون المنصوح المسكين آخر من يسمع و قد لا يسمع .
فشتان بين الناصح الأمين و الفاضح المهين.
يقول ابن رجب عليه رحمة الله :" فإن الناصح ليس له غرض في إشاعة عيوب من ينصح له وإنما غرضه إزالة المفسدة التي وقع فيها . وأما إشاعة وإظهار العيوب فهو مما حرمه الله ورسوله قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[ النور:19].....
فلهذا كان إشاعة الفاحشة مقترنة بالتعيير وهما من خصال الفجار لأن الفاجر لا غرض له في زوال المفاسد ولا في اجتناب المؤمن للنقائص والمعايب إنما غرضه في مجرد إشاعة العيب في أخيه المؤمن وهتك عرضه فهو يعيد ذلك ويبديه ومقصوده تنقص أخيه المؤمن في إظهار عيوبه ومساويه للناس ليُدخل عليه الضرر في الدنيا .
وأما الناصح فغرضُه بذلك إزالة عيب أخيه المؤمن واجتنابه له وبذلك وصف الله تعالى رسوله فقال: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}[ التوبة:128]" (الفرق بين النصيحة والتعيير 10-9)

رابعاً: أن يريد التنقص من المنصوح مخافة مزاحمته على مال أو رئاسة وهذا من الحيل الدنيئة والخدع الذميمة في التحايل باسم النصيحة فشتان بين من قصده النصيحة و من قصده التنقص والفضيحة .
يقول ابن رجب رحمه الله : " ومِن أظهرِ التعيير: إظهارُ السوء وإشاعتُه في قالب النصح وزعمُ أنه إنما يحمله على ذلك العيوب إما عاماً أو خاصاً وكان في الباطن إنما غرضه التعيير والأذى فهو من إخوان المنافقين الذين ذمهم الله في كتابه في مواضع فإن الله تعالى ذم من أظهر فعلاً أو قولاً حسناً وأراد به التوصل إلى غرض فاسد يقصده في الباطن وعدَّ ذلك من خصال النفاق كما في سورة براءة التي هتك فيها المنافقين وفضحهم بأوصافهم الخبيثة: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادَاً لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}[ التوبة:107].....
فهذه الخصال خصال اليهود والمنافقين وهو أن يظهر الإنسان في الظاهر قولاً أو فعلاً وهو في الصورة التي ظهر عليها حسن ومقصوده بذلك التوصل إلى غرض فاسد فيحمده على ما أظهر من ذلك الحسن ويتوصل هو به إلى غرضه الفاسد الذي هو أبطنه ويفرح هو بحمده على ذلك الذي أظهر أنه حسن وفي الباطن شيء وعلى توصله في الباطن إلى غرضه السيء فتتم له الفائدة وتُنَفَّذُ له الحيلة بهذا الخداع .
ومن كانت هذه همته فهو داخل في هذه الآية ولا بد فهو متوعد بالعذاب الأليم ، ومثال ذلك: أن يريد الإنسان ذمَّ رجل وتنقصه وإظهار عيبه لينفر الناس عنه إما محبة لإيذائه أو لعداوته أو مخافة من مزاحمته على مال أو رئاسة أو غير ذلك من الأسباب المذمومة فلا يتوصل إلى ذلك إلا بإظهار الطعن فيه بسبب ديني..." (الفرق بين النصيحة والتعيير 14-13 )

ويدخل تحت هذه الصورة من يريد أن يبين جهل المنصوح وقصوره في العلم وأنه أقل منه علما وهذه من الشهوات النفسية الخفية و المداخل الشيطانية التي قد تصدر حتى من بعض الصالحين نسأل الله السلامة والعافية .

خامساً: الجبان الذي يُفضل السكينة والدعة،فتجده يخاف مواجهة المنصوح بخطئه فيواجهه بأسلوب "انصحه " وهذا إذَا أناب من هو أهل فلا بأس بذلك مادام لم يشاغب من وراء الظهر و أخلص نيته وتأدب بآداب النصيحة.
ولكن السلفي لا ينبغي له أن يعيش طول حياته جبانا لايستطيع أن ينصح أحدا في وجهه فالحياة مليئة بالمستجدات والمتغيرات والمواقف التي يحتاج فيها أن يتكلم هو بنفسه فعليه أن يتعلم هذا الخلق النبيل و يقتدي بسيد المرسلين قال أنس رضي الله عنه:"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ".

سادساً: أن تصدر هذه الكلمة ( انصحه ) من المخذل لرد أقوال العلماء في المخالفين والتشويش بها على السلفيين.
فإذا أتيته بكلام أهل العلم في أحد المنحرفين حمل المُخذِّل مِعْوَلَهُ وجاء يصيح قائلاً:انصحه.
وإذا تعلق الأمر بواحد من الذين يرميهم بالغلو تتلاشى جميع أصول أهل التخذيل،فلا ترى نصحا ولا رفقاً ولا مراعاةً لما يؤصلون ويزعمون وربما كتبوا المقالات في ثلبه من طرفٍ خفي أو جلي!
ولا عجب فإن هذه الخصلة القبيحة لا يزال يتلقَّفُها المنحرفون جيلا بعد جيل حتَّى حطَّت رحالها في زماننا هذا عند المخذلة على اختلاف مشاربهم والواقع خير شاهد.

وختاماً يحسُن بنا أن نعرف أن أصل النُّصْح في اللُّغة: الخُلوص، وكلُّ شيءٍ خَلَصَ، فَقَدْ نَصَحَ.
قال ابنُ منظور:"نَصَحَ الشيءُ: خلص، والنَّاصح الخالِص من العمل وغيره". (لسان العرب 7/ 4438)
يقول شيخ شيوخنا العلامة ابن باز رحمه الله :" النصح هو الإخلاص في الشيء وعدم الغش والخيانة فيه . فالمسلم لعظم ولايته لأخيه ومحبته لأخيه: ينصح له ويوجهه إلى كل ما ينفعه ، ويراه خالصا لا شائبة فيه ولا غش فيه . ومن ذلك قول العرب : ذَهَبٌ ناصح ، يعني سليما من الغش . ويقال عسل ناصح ، أي : سليم من الغش والشمع " (من "مجموع فتاوى ابن باز" 90/5) .

فعلى الناصح أن يصفي ويخلص نيته من الشوائب في كل ما يريد أن يقوله للمنصوح سواء كان هو المباشر بالنصيحة أو وكل غيره .
وأن يحسن إختيار من ينصح مكانه و أن يلتزم الرفق في الحديث ويتخير الأوقات المناسبة والظروف الملائمة والله تعالى الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

كتبه: أبوعبيد الله عبد الله مسعود


التعديل الأخير تم بواسطة أبوعبيد الله عبد الله مسعود ; 17 Nov 2017 الساعة 08:55 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 17 Nov 2017, 09:29 PM
أبو ياسر أحمد بليل أبو ياسر أحمد بليل غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
الدولة: ولاية سعيدة - الجزائر
المشاركات: 405
افتراضي

أحسنت أحسنت أخي عبد الله جزاك الله خيرا على هذا الموضوع الجميل والطرح الموفق ، لاسيما ونحن في وقت قد إختلطت فيه الموازين بين النصح والتعيير وهذا ناتج عن عدم فقه آلية النصيحة .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 18 Nov 2017, 12:47 PM
عز الدين بن سالم أبو زخار عز الدين بن سالم أبو زخار غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2015
الدولة: ليبيا
المشاركات: 548
افتراضي

جزاك الله خيرا أخانا الفاضل أبا عبيد الله على هذا التوضيح والطرح المتميز وفقد أجدت النصح
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 19 Nov 2017, 08:36 PM
أبوعبيد الله عبد الله مسعود أبوعبيد الله عبد الله مسعود غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2016
المشاركات: 76
افتراضي

سررت بمروركما أخوي الحبيبين أبا ياسر وعزالدين
وفقني الله وإياكما لكل خير
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, مسائل, انصحه

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013