منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 26 Dec 2011, 08:46 PM
نقادي محمد سفيان نقادي محمد سفيان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
الدولة: الجزائر، تلمسان
المشاركات: 41
افتراضي مذهب السلف في صفات الكمال. شرح الأصفهانية لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-

مذهب السلف في صفات الكمال

ومن المعلوم في بداية العقول أن المخلوق لا يكون أكمل من الخالق إذ الكمال لا يكون إلا بأمر وجودي والعدم المحض ليس فيه كمال وكل موجود للمخلوق فالله خالقه ويمتنع أن يكون الوجود الناقص مبدعا وفاعلا للوجود الكامل إذ من المستقر في بداية العقول أن وجود العلة أكمل من وجود المعلول دع وجود الخالق الباري الصانع فإنه من المعلوم بالاضطرار إنه أكمل من وجود المخلوق المصنوع المفعول.
وقد بسطنا الكلام على مثل هذه الطريقة في غير هذا الموضع وبينا أن الله سبحانه وتعالى يستعمل في حقه قياس الأولى كما جاء بذلك القرآن وهو الطريق التي يسلكها السلف والأئمة كأحمد وغيره من الأئمة فكل كمال ثبت للمخلوق فالخالق أولى به وكل نقص ينزه عنه مخلوق فالخالق أولى أن ينزه عنه كما قال تعالى:" ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم" الروم:28 ، وقال تعالى:" وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم * يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون * للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم" النحل:58-60، وقوله تعالى:" ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون" النحل:62
وذلك لأن صفات الكمال أمور وجودية أو أمور سلبية مستلزمة لأمور وجودية كقوله تعالى ." الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم"البقرة:25 فنفي السنة والنوم استلزم كمال صفة الحياة والقيومية وكذلك قوله :"وما ربك بظلام للعبيد" فصلت:46 استلزم ثبوت العدل وقوله تعالى:" ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض" سبأ:3 استلزم كمال العلم ونظائر ذلك كثيرة وأما العدم المحض فلا كمال فيه وإذا كان كذلك فكل كمال لا نقص فيه بوجه ثبت للمخلوق فالخالق أحق به من وجهين:
أحدهما: أن الخالق الموجود الواجب بذاته القديم أكمل من المخلوق القابل للعدم المحدث المربوب،
الثاني: أن كل كمال فيه فإنما استفاده من ربه وخالقه فإذا كان هو مبدعا للكمال وخالقا له كان من المعلوم بالاضطرار أن معطي الكمال وخالقه ومبدعه أولى بأن يكون متصفا به من المستفيد المبدع المعطي، وقد قال الله تعالى :"ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون * وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما بوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو من يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم" النحل:75-76
وهذا المثل وإن كان يفيد الدعاء إلى عبادة الله وحده دون عبادة ما سواه ونفى عبادة الأوثان لوجود هذا الفرقان فإذا علم انتفاء التساوي بين الكامل والناقص وعلم أن الرب أكمل من خلقه وجب أن يكون أكمل منهم وأحق منهم بكل كمال بطريق الأولى والأحرى.
الطريق في إثبات السمع والبصر والكلام إن نفي هذه الصفات نقائص مطلقا سواء نفيت عن حي أو جماد وما انتفت عنه هذه الصفات لا يجوز أن يحدث عنه شيء ولا يخلقه ولا يجيب سائلا ولا يعبد ولا يدعى كما قال الخليل:" يا أبت لم تعبد مالا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنك شيئا" مريم:42 وقال إبراهيم لقومه:" هل يسمعونكم إذ تدعون * أو ينفعونكم أو يضرون * قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون"الشعراء:72-74 ،وقال تعالى:" واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين"الأعراف:147 وقال تعالى:" فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسى * أفلا يرون أن لا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا" طه88-89
وهذا لأنه من المستقر في الفطر أن مالا يسمع ولا يبصر ولا يتكلم لا يكون ربا معبودا كما أن مالا يغنى شيئا ولا يهدى ولا يملك ضرا ولا نفعا لا يكون ربا معبودا ومن المعلوم أن خالق العالم هو الذي ينفع عباده بالرزق وغيره ويهديهم وهو الذي يملك أن يضرهم بأنواع الضرر فإن هذه الأمور من جملة الحوادث التي يحدثها رب العالمين فلو قدر أنه ليس محدثا لها كانت حادثة بغير محدث أو كان محدثها غيره وإذا كان محدثها غيره فالقول في إحداث ذلك الغير كالقول في سائر الحوادث فلا بد أن تنتهي إلى قديم لا محدث ولذلك من المستقر في العقول أن مالا يسمع ولا يبصر ولا يتكلم ناقص عن صفات الكمال لأنه لا يسمع كلام أحد ولا يبصر أحد ولا يأمر بأمر ولا ينهى عن شيء ولا يخبر بشيء فإن لم يكن كالحي الأعمى الأصم كان بمنزلة ما هو شر منه وهو الجماد الذي ليس فيه قبول أن يسمع ويبصر ويتكلم ونفي قبول هذه الصفات أبلغ في النقص والعجز وأقرب إلى إنصاف المعدوم ممن يقبلها واتصف بأضدادها إذ الإنسان الأعمى أكمل من الحجر والإنسان الأبكم أكمل من التراب ونحو ذلك مما لا يوصف بشيء من هذه الصفات وإذا كان نفي هذه الصفات معلوما بالفطرة إنه من أعظم النقائص والعيوب وأقرب شبها بالمعدوم كان من المعلوم بالفطرة أن الخالق أبعد عن هذه النقائص والعيوب من كل ما ينفى عنه وإن اتصافه بهذه العيوب من أعظم الممتنعات وهذه الطريق ليست الثانية ولا الثالثة فإن الثانية مبنية على أنه حي فلا بد من اتصافه بها أو بضدها والثالثة مبنية على أنها صفات كمال فيجب اتصاف الرب بها وأما هذه فمبنية على أن نفي هذه الصفات نقائص ومعايب ومذام يمتنع وصف الرب بها والله سبحانه وتعالى أعلم
شرح العقيدة الأصفهانية
لشيخ الإسلام إبن تيمية
151-154

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013