منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 09 May 2019, 10:30 AM
أبو معاوية محمد شيعلي أبو معاوية محمد شيعلي غير متواجد حالياً
أبو معاوية شيعلي العباسي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2019
الدولة: مدينة بلعباس
المشاركات: 93
افتراضي حقائق تاريخية و فتاوى شرعية عن الحلاج دجال الصوفية

بسم الله و الصلاة و السلام على رسوله محمد و على اله وصحبه و بعد , فانه لما استفحل ضرر القنوات التلفيزيونية و عظم شرها و خاصة في شهر رمضان الكريم لان اعداء الاسلام يهتبلون كل فرصة لتحطيم أبناؤه عقائديا و ثقافيا و كان لهاته القنوات سهم في هذا التدمير وقد قررت بعض القنوات العربية بث مسلسل حول أحد أساطين الصوفية و زنادقتها و هو الحلاج لتظهره في صورة الولي الصالح و تبث فكره الالحادي للمسلمين في مظهر الاسلام الوسطي الذي يبنبغي الالتزام به لذا استعنت بالله على نقل حقائق تاريخية من كتب التاريخ الاسلامية و كذلك فتاوى شرعية لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في هذا الدجال ليعرف الجاهل حقيقته و لا يغتر به وهو مانصحنا به شيخنا الفاضل عبد الخالق ماضي حفظه الله في درسه بوهران .
ذكر أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله في كتابه المنتظم في تاريخ الموك والأمم في المجلد العاشر حيث قال:
الحسين بن منصور بْن محمى الحلاج، ويكنى أبا مغيث، وقيل: أبا عبد الله :
وَكَانَ جده محمى مجوسيا من أهل بيضاء فارس، ونشأ الحسين بواسط، وقيل:
بتستر، ثم تتلمذ لسهل التستري، ثم قدم بغداد وخالط الصوفية، ولقي الجنيد والنوري وغيرهما، وَكَانَ مخلطا ففي أوقات يلبس المسوح، وفي أوقات يلبس الثياب المصبغة،وفى أوقات يلبس الدراعة والعمامة، ويمشي بالقباء على زي الجند، وطاف البلاد، وقصد الهند وخراسان، وما وراء النهر، وتركستان. وَكَانَ أقوام يكاتبونه بالمغيث، وأقوام بالمقيت، وتسميه أقوام المصطلم، وأقوام المخير . وحج وجاور، ثم جاء إلى بغداد واقتنى العقار وبنى دارا، واختلف الناس فيه، فقوم يقولون: إنه ساحر، وقوم يقولون: له كرامات، وقوم يقولون: منمس.
قَالَ أَبُو بكر الصولي: قد رأيت الحلاج وجالسته ، فرأيت جاهلا يتعاقل، وغبيا يتبالغ، وفاجرا يتزهد، وَكَانَ ظاهره أنه ناسك صوفي، فإذا علم أن أهل بلدة يرون الاعتزال صار معتزليا، أو يرون الإمام صار إماميا، وأراهم أن عنده علما من إمامتهم، أو رأى أهل السنة صار سنيا وَكَانَ خفيف الحركة مشعبذا، قد عالج الطب، وجرب الكيمياء، وَكَانَ مع جهله خبيثا، وَكَانَ يتنقل في البلدان.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ الْقَزَّازِ ، قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت الحافظ، قال:
حدثنا أَبُو سعيد السجزي، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عبد الله الشيرازي، قَالَ: سمعت أبا الحسن بْن أبي توبة، يقول: سمعت عَلي بْن أَحْمَد الحاسب، يقول: سمعت والدي، يقول: وجهني المعتضد إلى الهند وَكَانَ الحلاج معي في السفينة، وهو رجل يعرف بالحسين بْن منصور، فلما خرجنا من المركب، قلت له: في أي شيء جئت إلى هاهنا؟ قال: جئت لأتعلم السحر، وأدعو الخلق إلى الله تعالى.
خبرنا القزاز، قال: أخبرنا أحمد بن علي، أخبرنا علي بن أبي علي، عن أبي الحسن أَحْمَد بْن يُوسُف، قَالَ: كَانَ الحلاج يدعو كل قوم إلى شيء على حسب ما يستبله طائفة طائفة، وأخبرني جماعة من أصحابه أنه لما افتتن الناس بالأهواز وكورها بالحلاج، وما يخرجه لهم من الأطعمة والأشربة في غير حينها، والدراهم التي سماها دراهم القدرة، حدث أَبُو عَلي الجبائي بذلك، فَقَالَ لهم : هذه الأشياء محفوظة في منازل تمكن الحيل فيها، ولكن أدخلوه بيتا من بيوتكم لا من منزله وكلفوه أن يخرج منه خرزتين سوداء ، فإن فعل فصدقوه، فبلغ الحلاج قوله وأن قوما قد عملوا على ذلك، فخرج عن الأهواز.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بن علي بن ثابت ، قال: حدثني مسعود بْن ناصر، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابن باكويه، قال: سمعت أبا زرعة الطبري، يقول: سمعت مُحَمَّد بْن يحيى الرازي، يقول: سمعت عمرو بْن عثمان يلعن الحلاج، ويقول لو قدرت عليه لقتلته بيدي : قرأت آية من كتاب الله تعالى، فَقَالَ: يمكنني أن أؤلف مثله وأتكلم به.
قَالَ أَبُو زرعة: وسمعت أبا يعقوب الأقطع يقول: زوجت ابنتي من الحسين بْن منصور الحلاج لما رأيت من حسن طريقته، فبان لي بعد مدة يسيرة أنه ساحر محتال خبيث كافر. اه
وذكر ابن الأثير رحمه الله في كتابه الكامل في التاريخ في ذكر الحوادث و الوقائع التي جرت سنة تسع و ثلاثمائة السنة التي قتل فيها الحلاج فقال :
وَأَمَّا سَبَبُ قَتْلِهِ فَإِنَّهُ نُقِلَ عَنْهُ) عِنْدَ عَوْدِهِ إِلَى بَغْدَاذَ إِلَى الْوَزِيرِ حَامِدِ بْنِ الْعَبَّاسِ أَنَّهُ أَحْيَا جَمَاعَةً، وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى، وَأَنَّ الْجِنَّ يَخْدِمُونَهُ، وَأَنَّهُمْ يُحْضِرُونَ عِنْدَهُ مَا يَشْتَهِي، وَأَنَّهُ قَدَّمُوهُ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ حَوَاشِي الْخَلِيفَةِ، وَأَنَّ نَصْرًا الْحَاجِبَ قَدْ مَالَ إِلَيْهِ وَغَيْرَهُ، فَالْتَمَسَ حَامِدٌ الْوَزِيرُ مِنَ الْمُقْتَدِرِ بِاللَّهِ أَنْ يُسَلِّمَ إِلَيْهِ الْحَلَّاجَ وَأَصْحَابَهُ، فَدَفَعَ عَنْهُ نَصْرٌ الْحَاجِبُ، فَأَلَحَّ الْوَزِيرُ، فَأَمَرَ الْمُقْتَدِرُ بِتَسْلِيمِهِ إِلَيْهِ، فَأَخَذَهُ، وَأُخِذَ مَعَهُ إِنْسَانٌ يُعْرَفُ بِالشِّمْرِيِّ، وَغَيْرِهِ، قِيلَ إِنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ إِلَهٌ فَقَرَّرَهُمْ، فَاعْتَرَفُوا أَنَّهُمْ قَدْ صَحَّ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ إِلَهٌ، وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى، وَقَابَلُوا الْحَلَّاجَ عَلَى ذَلِكَ، فَأَنْكَرَهُ وَقَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَدَّعِي الرُّبُوبِيَّةَ، (أَوِ النُّبُوَّةَ) ، وَإِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ أَعْبُدُ اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ! فَأَحْضَرَ حَامِدٌ الْقَاضِيَ أَبَا عَمْرٍو وَالْقَاضِيَ أَبَا جَعْفَرِ بْنَ الْبُهْلُولِ، وَجَمَاعَةً مِنْ وُجُوهِ الْفُقَهَاءِ وَالشُّهُودِ، فَاسْتَفْتَاهُمْ، فَقَالُوا: لَا يُفْتَى فِي أَمْرِهِ بِشَيْءٍ إِلَّا أَنْ يَصِحَّ عِنْدَنَا مَا يُوجِبُ قَتْلَهُ، وَلَا يَجُوزُ قَبُولُ قَوْلِ مَنْ يَدَّعِي عَلَيْهِ مَا ادَّعَاهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إِقْرَارٍ.
وَكَانَ حَامِدٌ يُخْرِجُ الْحَلَّاجَ إِلَى مَجْلِسِهِ، وَيَسْتَنْطِقُهُ، فَلَا يَظْهَرُ مِنْهُ مَا تَكْرَهُهُ الشَّرِيعَةُ الْمُطَهَّرَةُ.
وَطَالَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ وَحَامِدٌ الْوَزِيرُ مُجِدٌّ فِي أَمْرِهِ، وَجَرَى لَهُ مَعَهُ قِصَصٌ يَطُولُ شَرْحُهَا وَفِي آخِرِهَا أَنَّ الْوَزِيرَ رَأَى كِتَابًا حَكَى فِيهِ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا أَرَادَ الْحَجَّ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ، أَفْرَدَ مِنْ دَارِهِ بَيْتًا لَا يَلْحَقُهُ شَيْءٌ مِنَ النَّجَاسَاتِ، وَلَا يَدْخُلُهُ أَحَدٌ، فَإِذَا حَضَرَتْ أَيَّامُ الْحَجِّ طَافَ حَوْلَهُ، وَفَعَلَ مَا يَفْعَلُهُ الْحَاجُّ بِمَكَّةَ ثُمَّ يَجْمَعُ ثَلَاثِينَ يَتِيمًا، وَيَعْمَلُ أَجْوَدَ طَعَامٍ يُمْكِنُهُ، وَيُطْعِمُهُمْ فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ، وَيَخْدِمُهُمْ بِنَفْسِهِ، فَإِذَا فَرَغُوا كَسَاهُمْ، وَأَعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَبْعَةَ دَرَاهِمَ فَإِذَا، (فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ كَمَنْ حَجَّ) فَلَمَّا قُرِئَ هَذَا عَلَى الْوَزِيرِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو عَمْرٍو لِلْحَلَّاجِ: مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟ قَالَ: مِنْ كِتَابِ " الْإِخْلَاصِ لِلْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ "، قَالَ لَهُ الْقَاضِي: كَذَبْتَ يَا حَلَالَ الدَّمِ! (قَدْ سَمِعْنَاهُ بِمَكَّةَ وَلَيْسَ فِيهِ هَذَا، فَلَمَّا قَالَ لَهُ: يَا حَلَالَ الدَّمِ) ، وَسَمِعَهَا الْوَزِيرُ قَالَ لَهُ: اكْتُبْ بِهَذَا، فَدَافَعَهُ أَبُو عَمْرٍو، فَأَلْزَمَهُ حَامِدٌ، فَكَتَبَ بِإِبَاحَةِ دَمِهِ، وَكَتَبَ بَعْدَهُ مَنْ حَضَرَ الْمَجْلِسَ.
وَلَمَّا سَمِعَ الْحَلَّاجُ ذَلِكَ قَالَ: مَا يَحِلُّ لَكُمْ دَمِي وَاعْتِقَادِي الْإِسْلَامُ وَمَذْهَبِي السُّنَّةُ، وَلِي كُتُبٌ مَوْجُودَةٌ، فَاللَّهَ اللَّهَ فِي دَمِي! (وَتَفَرَّقَ النَّاسُ) وَكَتَبَ الْوَزِيرُ إِلَى الْخَلِيفَةِ يَسْتَأْذِنُ فِي قَتْلِهِ وَأَرْسَلَ الْفَتَاوَى إِلَيْهِ، فَأَذِنَ فِي قَتْلِهِ، فَسَلَّمَهُ الْوَزِيرُ إِلَى صَاحِبِ الشُّرْطَةِ، فَضَرَبَهُ أَلْفَ سَوْطٍ فَمَا تَأَوَّهَ ثُمَّ قَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ رِجْلَهُ، ثُمَّ يَدَهُ، ثُمَّ رِجْلَهُ، ثُمَّ قُتِلَ وَأُحْرِقَ بِالنَّارِ فَلَمَّا صَارَ رَمَادًا أُلْقِيَ فِي دِجْلَةَ، وَنُصِبَ الرَّأْسُ بِبَغْدَاذَ، وَأُرْسِلَ إِلَى خُرَاسَانَ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ بِهَا أَصْحَابٌ، فَأَقْبَلَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ يَقُولُونَ: إِنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ، وَإِنَّمَا أُلْقِيَ شَبَهُهُ عَلَى دَابَّةٍ، وَإِنَّهُ يَجِيءُ بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: لَقِيتُهُ عَلَى حِمَارٍ بِطَرِيقِ النَّهْرَوَانِ، وَإِنَّهُ قَالَ لَهُمْ: لَا تَكُونُوا مِثْلَ هَؤُلَاءِ الْبَقَرِ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنِّي ضُرِبْتُ وَقُتِلْتُ. اه
هذا شيئ من سيرته و أحواله التي نقلها بعض العلماء في كتبهم و أما عن كلام العلماء و حكمهم فيه فقد ذكرفي مجموع الفتاوى في الفصل الثاني لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله عن الحلاج ما مفاده :
سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ -:

مَا تَقَوُّلُ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ فِي الْحَلَّاجِ؟ وَفِيمَنْ قَالَ: أَنَا أَعْتَقِدُ مَا يَعْتَقِدُهُ الْحَلَّاجُ مَاذَا يَجِبُ عَلَيْهِ؟ وَيَقُولُ: إنَّهُ قُتِلَ ظُلْمًا كَمَا قُتِلَ بَعْضُ الْأَنْبِيَاءِ؟ وَيَقُولُ: الْحَلَّاجُ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ فَمَاذَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِهَذَا الْكَلَامِ وَهَلْ قُتِلَ بِسَيْفِ الشَّرِيعَةِ؟

فَأَجَابَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ، مَنْ اعْتَقَدَ مَا يَعْتَقِدُهُ الْحَلَّاجُ مِنْ الْمَقَالَاتِ الَّتِي قُتِلَ الْحَلَّاجُ عَلَيْهَا فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ إنَّمَا قَتَلُوهُ عَلَى الْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ مَقَالَاتِ أَهْلِ الزَّنْدَقَةِ وَالْإِلْحَادِ كَقَوْلِهِ: أَنَا اللَّهُ. وَقَوْلِهِ: إلَهٌ فِي السَّمَاءِ وَإِلَهٌ فِي الْأَرْضِ. وَقَدْ عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَكُلُّ مَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ وَ {إنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إلَّا الْحَقَّ} الْآيَاتِ وَقَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} الْآيَتَيْنِ. فَالنَّصَارَى الَّذِينَ كَفَّرَهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَاتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى كُفْرِهِمْ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ: كَانَ مِنْ أَعْظَمِ دَعْوَاهُمْ الْحُلُولُ وَالِاتِّحَادُ بِالْمَسِيحِ ابْنِ مَرْيَمَ فَمَنْ قَالَ بِالْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ فِي غَيْرِ الْمَسِيحِ - كَمَا تَقُولُهُ الْغَالِيَةُ فِي عَلِيٍّ وَكَمَا تَقُولُهُ الْحَلَّاجِيَّةُ فِي الْحَلَّاجِ وَالْحَاكِمِيَّةُ فِي الْحَاكِمِ وَأَمْثَالُ هَؤُلَاءِ - فَقَوْلُهُمْ شَرٌّ مِنْ قَوْلِ النَّصَارَى لِأَنَّ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ أَفْضَلُ مِنْ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ. وَهَؤُلَاءِ مِنْ جِنْسِ أَتْبَاعِ الدَّجَّالِ الَّذِي يَدَّعِي الْإِلَهِيَّةَ لِيُتْبَعَ مَعَ أَنَّ الدَّجَّالَ يَقُولُ لِلسَّمَاءِ أَمْطِرِي فَتُمْطِرَ وَلِلْأَرْضِ أَنْبِتِي فَتَنْبُتَ: وَلِلْخَرِبَةِ أَخْرِجِي كُنُوزَك فَتَخْرُجَ مَعَهُ كُنُوزَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَيَقْتُلُ رَجُلًا مُؤْمِنًا ثُمَّ يَأْمُرُ بِهِ فَيَقُومُ وَمَعَ هَذَا فَهُوَ الْأَعْوَرُ الْكَذَّابُ الدَّجَّالُ فَمَنْ ادَّعَى الْإِلَهِيَّةَ بِدُونِ هَذِهِ الْخَوَارِقِ: كَانَ دُونَ هَذَا الدَّجَّالِ. وَالْحَلَّاجُ: كَانَتْ لَهُ مخاريق وَأَنْوَاعٌ مِنْ السِّحْرِ وَلَهُ كُتُبٌ مَنْسُوبَةٌ إلَيْهِ فِي السِّحْرِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا خِلَافَ بَيْنِ الْأُمَّةِ أَنَّ مَنْ قَالَ بِحُلُولِ اللَّهِ فِي الْبَشَرِ وَاتِّحَادِهِ بِهِ وَأَنَّ الْبَشَرَ يَكُونُ إلَهًا وَهَذَا مِنْ الْآلِهَةِ: فَهُوَ كَافِرٌ مُبَاحُ الدَّمِ وَعَلَى هَذَا قُتِلَ الْحَلَّاجُ. وَمَنْ قَالَ: إنَّ اللَّهَ نَطَقَ عَلَى لِسَانِ الْحَلَّاجِ وَأَنَّ الْكَلَامَ الْمَسْمُوعَ مِنْ الْحَلَّاجِ كَانَ كَلَامَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ هُوَ الْقَائِلَ عَلَى لِسَانِهِ: أَنَا اللَّهُ فَهُوَ كَافِرٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَحِلُّ فِي الْبَشَرِ وَلَا تَكَلَّمَ عَلَى لِسَانِ بَشَرٍ وَلَكِنْ يُرْسِلُ الرُّسُلَ بِكَلَامِهِ فَيَقُولُونَ عَلَيْهِ مَا أَمَرَهُمْ بِبَلَاغِهِ فَيَقُولُ عَلَى أَلْسِنَةِ الرُّسُلِ مَا أَمَرَهُمْ
بِقَوْلِهِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَمَا إنَّ اللَّهَ قَالَ عَلَى لِسَانِ نَبِيهِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ} . فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُرْسَلِ وَالرَّسُولِ: قَدْ يُقَالُ إنَّهُ يَقُولُ عَلَى لِسَانِ الْآخَرِ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ للمروذي: قُلْ عَلَى لِسَانِي مَا شِئْت وَكَمَا يُقَالُ: هَذَا يَقُولُ عَلَى لِسَانِ السُّلْطَانِ كَيْتَ وَكَيْتَ فَمِثْلُ هَذَا مَعْنَاهُ مَفْهُومٌ. وَأَمَّا إنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُتَكَلِّمُ عَلَى الْبَشَرِ كَمَا يَتَكَلَّمُ الْجِنِّيُّ عَلَى لِسَانِ الْمَصْرُوعِ: فَهَذَا كُفْرٌ صَرِيحٌ وَأَمَّا إذَا ظَهَرَ مِثْلُ هَذَا الْقَوْلِ عَنْ غَائِبِ الْعَقْلِ قَدْ رُفِعَ عَنْهُ الْقَلَمُ لِكَوْنِهِ مُصْطَلِمًا فِي حَالٍ مِنْ أَحْوَالِ الفنا وَالسُّكْرِ فَهَذَا تَكَلَّمَ بِهِ فِي حَالٍ رُفِعَ عَنْهُ فِيهِمَا الْقَلَمُ فَالْقَوْلُ وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَكِنَّ الْقَائِلَ غَيْرُ مُؤَاخَذٍ. وَمِثْلُ هَذَا يَعْرِضُ لِمَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ سُلْطَانُ الْحُبِّ مَعَ ضَعْفِ الْعَقْلِ كَمَا يُقَالُ: إنَّ مَحْبُوبًا أَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْيَمِّ فَأَلْقَى الْمُحِبُّ نَفْسَهُ خَلْفَهُ فَقَالَ: أَنَا وَقَعْت فَلِمَ وَقَعْت خَلْفِي؟ قَالَ: غِبْت بِك عَنِّي فَظَنَنْت أَنَّك أَنِّي. وَقَدْ يَنْتَهِي بَعْضُ النَّاسِ إلَى مَقَامٍ يَغِيبُ فِيهِ بِمَعْبُودِهِ عَنْ عِبَادَتِهِ وَبِمَذْكُورِهِ عَنْ ذِكْرِهِ وَبِمَعْرُوفِهِ عَنْ مَعْرِفَتِهِ. فَإِذَا ذَهَبَ تَمْيِيزُ هَذَا وَصَارَ غَائِبَ الْعَقْلِ - بِحَيْثُ يُرْفَعُ عَنْهُ الْقَلَمُ - لَمْ يَكُنْ مُعَاقَبًا عَلَى مَا تَكَلَّمَ بِهِ فِي هَذِهِ الْحَالِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ خَطَأٌ وَضَلَالٌ وَأَنَّهُ حَالٌ نَاقِصٌ؛ لَا يَكُونُ لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ.

وَمَا يُحْكَى عَنْ الْحَلَّاجِ مِنْ ظُهُورِ كَرَامَاتٍ لَهُ عِنْدَ قَتْلِهِ مِثْلِ كِتَابَةِ دَمِهِ عَلَى الْأَرْضِ: اللَّهُ اللَّهُ وَإِظْهَارِ الْفَرَحِ بِالْقَتْلِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ: فَكُلُّهُ كَذِبٌ. فَقَدْ جَمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَخْبَارَ الْحَلَّاجِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ كَمَا ذَكَرَ ثَابِتُ بْنُ سِنَانٍ فِي أَخْبَارِ الْخُلَفَاءِ - وَقَدْ شَهِدَ مَقْتَلَهُ - وَكَمَا ذَكَرَ - إسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ الحطفي فِي تَارِيخِ بَغْدَادَ - وَقَدْ شَهِدَ قَتْلَهُ - وَكَمَا ذَكَرَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ فِي تَارِيخِهِ وَكَمَا ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي الْمُعْتَمَدِ وَكَمَا ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الطَّيِّبِ وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهُمْ وَكَمَا ذَكَرَ أَبُو يُوسُفَ الْقَزْوِينِيُّ وَأَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ؛ فِيمَا جَمَعَا مِنْ أَخْبَارِهِ. وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِي فِي طَبَقَاتِ الصُّوفِيَّةِ: إنَّ أَكْثَرَ الْمَشَايِخِ أَخْرَجُوهُ عَنْ الطَّرِيقِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو الْقَاسِمِ القشيري فِي رِسَالَتِهِ مِنْ الْمَشَايِخِ؛ الَّذِينَ عَدَّهُمْ مِنْ مَشَايِخِ الطَّرِيقِ. وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ ذَكَرَ الْحَلَّاجَ بِخَيْرِ لَا مِنْ الْعُلَمَاءِ وَلَا مِنْ الْمَشَايِخِ؛ وَلَكِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَقِفُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ أَمْرَهُ وَأَبْلَغُ مَنْ يُحْسِنُ بِهِ الظَّنَّ يَقُولُ: إنَّهُ وَجَبَ قَتْلُهُ فِي الظَّاهِرِ فَالْقَاتِلُ مُجَاهِدٌ وَالْمَقْتُولُ شَهِيدٌ وَهَذَا أَيْضًا خَطَأٌ. وَقَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّهُ قُتِلَ ظُلْمًا قَوْلٌ بَاطِلٌ فَإِنَّ وُجُوبَ قَتْلِهِ عَلَى مَا أَظْهَرَهُ مِنْ الْإِلْحَادِ أَمْرٌ وَاجِبٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ؛ لَكِنْ لَمَّا كَانَ يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَيُبْطِنُ الْإِلْحَادَ إلَى أَصْحَابِهِ: صَارَ زِنْدِيقًا فَلَمَّا أُخِذَ وَحُبِسَ أَظْهَرَ التَّوْبَةَ وَالْفُقَهَاءُ مُتَنَازِعُونَ فِي قَبُولِ تَوْبَةِ الزِّنْدِيقِ فَأَكْثَرُهُمْ لَا يَقْبَلُهَا وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ وَمَذْهَبُ أَحْمَدَ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَوَجْهٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ؛ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ. وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إذَا قُتِلَ مِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ قُتِلَ ظُلْمًا.

وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّ الْحَلَّاجَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ.

فَالْمُتَكَلِّمُ بِهَذَا جَاهِلٌ قَطْعًا مُتَكَلِّمٌ بِمَا لَا يَعْلَمُ لَوْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْ الْحَلَّاجِ أَقْوَالُ أَهْلِ الْإِلْحَادِ - فَإِنَّ وَلِيَّ اللَّهِ مَنْ مَاتَ عَلَى وِلَايَةِ اللَّهِ يُحِبُّهُ وَيَرْضَى عَنْهُ وَالشَّهَادَةُ بِهَذَا لِغَيْرِ مَنْ شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجَنَّةِ: لَا تَجُوزُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ. وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ كَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ: إلَى أَنَّهُ لَا يُشْهَدُ بِذَلِكَ لِغَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ مَنْ اسْتَفَاضَ فِي الْمُسْلِمِينَ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ شُهِدَ لَهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ {النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةِ فَأَثْنَوْا خَيْرًا فَقَالَ: وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَمُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةِ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ: وَجَبَتْ وَجَبَتْ قَالَ: هَذِهِ الْجِنَازَةُ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهَا خَيْرًا فَقُلْت وَجَبَتْ لَهَا الْجَنَّةُ وَهَذِهِ الْجِنَازَةُ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهَا شَرًّا فَقُلْت وَجَبَتْ لَهَا النَّارُ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ} . فَإِذَا جُوِّزَ أَنْ يُشْهَدَ لِبَعْضِ النَّاسِ أَنَّهُ وَلِيُّ اللَّهِ فِي الْبَاطِنِ إمَّا بِنَصِّ وَإِمَّا بِشَهَادَةِ الْأُمَّةِ - فَالْحَلَّاجُ: لَيْسَ مِنْ هَؤُلَاءِ؛ فَجُمْهُورُ الْأُمَّةِ يَطْعَنُ عَلَيْهِ وَيَجْعَلُهُ مِنْ أَهْلِ الْإِلْحَادِ - إنْ قَدَرَ عَلَى أَنَّهُ يَطَّلِعُ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ أَنَّهُ وَلِيُّ اللَّهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَخْتَصُّ بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الصَّلَاحِ. فَهَذَا الَّذِي أَثْنَى عَلَى الْحَلَّاجِ وَوَافَقَهُ عَلَى اعْتِقَادِهِ ضَالٌّ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ فِيمَنْ قُتِلَ بِسَيْفِ الشَّرْعِ عَلَى الزَّنْدَقَةِ أَنَّهُ قُتِلَ ظُلْمًا وَكَانَ وَلِيًّا لِلَّهِ فَقَدْ قُتِلَ الْجَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ وَالْجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ وَغَيْلَانُ الْقَدَرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَصْلُوبُ وَبَشَّارُ بْنُ بُرْدٍ الْأَعْمَى وَالسُّهْرَوَرْدِي وَأَمْثَالُ هَؤُلَاءِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَقُلْ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالدِّينِ فِي هَؤُلَاءِ إنَّهُمْ قُتِلُوا ظُلْمًا وَأَنَّهُمْ كَانُوا مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ فَمَا بَالُ الْحَلَّاجِ تَفَرَّدَ عَنْ هَؤُلَاءِ. وَأَمَّا الْأَنْبِيَاءُ فَقَتَلَهُمْ الْكُفَّارُ وَكَذَلِكَ الصَّحَابَةُ الَّذِينَ اُسْتُشْهِدُوا قَتَلَهُمْ الْكُفَّارُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَالْحُسَيْنُ وَنَحْوُهُمْ قَتَلَهُمْ الْخَوَارِجُ الْبُغَاةُ لَمْ يُقْتَلُوا بِحُكْمِ الشَّرْعِ عَلَى مَذَاهِبِ فُقَهَاءِ أَئِمَّةِ الدِّينِ كَمَالِكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ. فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ مُتَّفِقُونَ عَلَى تَحْرِيمِ دِمَاءِ هَؤُلَاءِ وَهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى دَمِ الْحَلَّاجِ وَأَمْثَالِهِ. الْوَجْهُ الثَّانِي: إنَّ الْإِطْلَاعَ عَلَى أَوْلِيَاءِ اللَّهِ لَا يَكُونُ إلَّا مِمَّنْ يَعْرِفُ طَرِيقَ الْوِلَايَةِ وَهُوَ الْإِيمَانُ وَالتَّقْوَى. وَمِنْ أَعْظَمِ الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى أَنْ يَجْتَنِبَ مَقَالَةَ أَهْلِ الْإِلْحَادِ - كَأَهْلِ الْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ - فَمَنْ وَافَقَ الْحَلَّاجَ عَلَى مَثَلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا بِالْإِيمَانِ
وَالتَّقْوَى فَلَا يَكُونُ عَارِفًا بِطَرِيقِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ؛ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُمَيَّزَ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَغَيْرِهِمْ. الثَّالِثُ: إنَّ هَذَا الْقَائِلَ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ يُوَافِقُهُ عَلَى مَقَالَتِهِ فَيَكُونُ مِنْ جِنْسِهِ فَشَهَادَتُهُ لَهُ بِالْوِلَايَةِ شَهَادَةٌ لِنَفْسِهِ كَشَهَادَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالرَّافِضَةِ لِأَنْفُسِهِمْ عَلَى أَنَّهُمْ عَلَى الْحَقِّ وَشَهَادَةُ الْمَرْءِ لِنَفْسِهِ فِيمَا لَا يُعْلَمُ فِيهِ كَذِبُهُ وَلَا صِدْقُهُ مَرْدُودَةٌ فَكَيْفَ يَكُونُ لِنَفْسِهِ وَلِطَائِفَتِهِ الَّذِينَ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ أَنَّهُمْ أَهْلُ ضَلَالٍ؟ . الرَّابِعُ: أَنْ يُقَالَ: أَمَّا كَوْنُ الْحَلَّاجِ عِنْدَ الْمَوْتِ تَابَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ أَوْ لَمْ يَتُبْ: فَهَذَا غَيْبٌ يَعْلَمُهُ اللَّهُ مِنْهُ وَأَمَّا كَوْنُهُ إنَّمَا كَانَ يَتَكَلَّمُ بِهَذَا عِنْدَ الِاصْطِلَامِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ بَلْ كَانَ يُصَنِّفُ الْكُتُبَ وَيَقُولُهُ وَهُوَ حَاضِرٌ وَيَقْظَانُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ غَيْبَةَ الْعَقْلِ تَكُونُ عُذْرًا فِي رَفْعِ الْقَلَمِ وَكَذَلِكَ الشُّبْهَةُ الَّتِي تُرْفَعُ مَعَهَا قِيَامُ الْحُجَّةِ: قَدْ تَكُونُ عُذْرًا فِي الظَّاهِرِ. فَهَذَا لَوْ فُرِضَ: لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ قُتِلَ ظُلْمًا وَلَا يُقَالَ إنَّهُ مُوَافِقٌ لَهُ عَلَى اعْتِقَادِهِ وَلَا يُشْهَدُ بِمَا لَا يُعْلَمُ: فَكَيْفَ إذَا كَانَ الْأَمْرُ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَغَايَةُ الْمُسْلِمِ الْمُؤْمِنِ إذَا عَذَرَ الْحَلَّاجَ أَنْ يَدَّعِيَ فِيهِ الِاصْطِلَامَ وَالشُّبْهَةَ. وَأَمَّا أَنْ يُوَافِقَهُ عَلَى مَا قُتِلَ عَلَيْهِ فَهَذَا حَالُ أَهْلِ الزَّنْدَقَةِ وَالْإِلْحَادِ وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يُجَوِّزْ قَتْلَ مِثْلِهِ فَهُوَ مَارِقٌ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ.
وَنَحْنُ إنَّمَا عَلَيْنَا أَنْ نَعْرِفَ التَّوْحِيدَ الَّذِي أُمِرْنَا بِهِ وَنَعْرِفَ طَرِيقَ اللَّهِ الَّذِي أُمِرْنَا بِهِ وَقَدْ عَلِمْنَا بِكِلَيْهِمَا أَنَّ مَا قَالَهُ الْحَلَّاجُ بَاطِلٌ وَأَنَّهُ يَجِبُ قَتْلُ مِثْلِهِ وَأَمَّا نَفْسُ الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ؟ هَلْ كَانَ فِي الْبَاطِنِ لَهُ أَمْرٌ يَغْفِرُ اللَّهُ لَهُ بِهِ مِنْ تَوْبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا؟ فَهَذَا أَمْرٌ إلَى اللَّهِ وَلَا حَاجَةَ لِأَحَدِ إلَى الْعِلْمِ بِحَقِيقَةِ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اه

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013