4- تسمية العقيدة بعلم الكلام : وهذه أيضًا يراد منها شوبُ العقيدة الصحيحة بعلم الكلام الَّذي ذمه السَّلف وأنكروه على الخلف ، فعن أبي يوسف رحمه الله قال : " العلم الكلام هو الجهل والجهل بالكلام هو العلم ، وإذا صار الرَّجل رأسًا في الكلام قيل زنديق أو رُمِيَ بالزَّندَقَة " (6)
وعنه أيضًا : " من طلب العلم بالكلام تَزَنْدَق " .
وقال الشَّافعي رحمه الله : " حكمي في أهل الكلام أن يُضْرَبُوا بالجريد والنِّعال ، ويُطافَ بهم في العشائر والقبائل ويقال : هذا جزاءُ من تركَ الكتابَ والسُّنَّة وأقبل على الكلام " (7)، إذن فهؤلاء مزجوا علم الكلام بعلم العقيدة الصَّحيحة حتَّى يتسنَّى لهم ترويجُ بدعِهم ومقالاتِهم الفاسدة كالتَّأويل الَّذي هو في الحقيقة تحريف
قال سليمان بن سحمان : " وخلف من بعدهم خلف على طريقهم عبَّروا عن هذه المعاني الفلسفيَّة بعباراتٍ إسلاميَّة ، يخاطبون بها من لا يعرف معاني هذه الأوضاع ، ويجعلون مراد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من الآيات والأحاديث على ما أرادوا من معاني هذه الأوضاع الّتي تخالف كتاب الله وسنَّةَ رسولِه صلى الله عليه وسلم وأقوال سلف الأمَّة وأئمَّتها .... " (8)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " إنَّ طائفةً من أهل العلم يسمَّي ما وضعه " أصول الدين " وهذا اسم عظيم والمسَّمى به فيه من فساد الدِّين ما الله به عليم ، فإذا أنكر أهل الحقِّ والسُّنَّة ذلك ، قال المبطل : قد أنكروا أصول الدِّين ... " (9)
والمقصود أنَّ أهلَ الكلام خلطوا الحقَّ بالباطل فسَّموا كتبَهم الَّتي ألَّفوها "بأصول الدين " مع ما فيها من تلبيسٍ وتحريفٍ وما ذاك إلاَّّّّّّّّ ليروَّجوا باطلهم في تلكُم القوالبِ ، والله المستعان .
5- تسمية المسمَّيات بغير أسمائها : وهذا من شوبِ الحقِّ بالباطل ، ومن صور الكثيرة في عصرنا قول بعضهم عن الخمر : مشروبات روحيَّة ، وعن الرِّشوة : هديَّة ، وعن التِّوَله الَّتي هي نوع من السِّحر يجعلونه بين المرأة والرَّجل ، يزعمون أنَّه يحبِّب بعضهما إلى بعض ، طيبٌ، وتراهم يذهبون إلى السَّحرة وإذا أنكرت عليهم يقولون : فلان لا يعمل إلاَّ الطَّيب ومرادهم أنَّ هذا السَّاحر يفعل ذلك من أجل تلاحُم الزَّوجين ونحوه لا من أجل افتراقهما ، ويرونه شيئًا ممدوحًا وهو عين السِّحر ويسمِّيه العلماء مسألة الصَّرف والعطف ، وهي محرَّمة لقول النَّبيِّ عليه الصَّلاة والسَّلام :" إنَّ الرُّقَى والتَّمائِمَ والتِّولَةَ شِرْكٌ " وجه شوبِ الحقِّ بالباطل في هذه المسألة ، أنَّ النَّاس سَمَّوا عمَل هذا السِّحر طيِّبًا ، والسِّحر لا يكون طيِّبًا أبدًا ، بل هو كفر بالله تعالى .
هذا ما يسَّر الله جمعه، نسأل الله تعالى أن ينفعَ به كاتبَه وقارئَه ، وأن يجعلَه خالصًا لوجهه الكريم إنَّه وليُّ ذلك والقادر عليه ، والحمد لله ربِّ العالمين
وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمَّد وآله وصحبه أجمعين .
(1): مجموع الفتاوى (35/190)
(2): تفسير ابن كثير (1/10 ط.مكتبة الصَّفا .ت1425هـ .2204م )
(3): أخرجه أبوداود (3883) وابن ماجه (3530) ، وابن حبان (1412) ،وأحمد (3615) ، وصححه الألباني في الصحيحة (1/584)
(4): رواه البخاري (3226)، ومسلم (2106)
(5): رواه البخاري (5963) ومسلم (2110)
(6): انظر الإبانة لابن بطَّة (671) ، وشرح الطَّحاويَّة (69)
(7): شرح العقيدة الطَّحاوية (ص75) لابن أبي العز ط. المكتب الإسلامي.(ت1416هـ ،1996م)
(8): الصَّواعق المرسلة على الشُّبه الدَّاحضة الشَّامية (ص6) للشَّيخ سليمان ابن سحمان . دراسة وتحقيق عبد السَّلام بن برجس دار العاصمة / الرياض. الممكلة العربيَّة السُّعوديَّة
(9): مجموع الفتاوى (4/56)
المصدر: العدد الحادي والعشرون لمجلة الإصلاح السَّلفية الجزائرية
صانها الله من كل سوء
كتبه على الجهاز في مجالس متفرقة كان آخرها:
الثلاثاء 28 رمضان 1431هـ الموافق لـ 07 سبتمبر2010م
سفيان ابن عبد الله الجزائري - غفر الله له