منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 28 Feb 2011, 07:33 AM
ام عبد الله الجزائرية ام عبد الله الجزائرية غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
الدولة: أرض الله الواسعة
المشاركات: 81
افتراضي ضوابط لتجنب الفتن للشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:



ضوابط لتجنب الفتن


لقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " إن السعيد لمن جُنِّبَ الفتن " رواه أبو داوود وغيره عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه.



وهاهنا يتساءل كثير من الغيورين والناصحين ، ممن يريدون لأنفسهم السلامة ويريدون لأمتهم أمة الإسلام الرفعة والعلو، عن هذه السعادة بما تُنال ، وكيف يُظفَرُ بها وكيف تُتَقَى الفتُن وكيف يجنَّبُها المرء المسلم، ويسلم من أوضارها وشرورها وأخطارها، لأنَّ كلَّ مسلم ناصح غيور لا يريد لنفسه ولا لأمته الفتنة ، لِمَا قام في قلبه من النصيحة لنفسه ولعباد الله متمثلاً في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: " الدين النصيحة، قلنا لمن يا رسول الله، قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" رواه مسلم ، إذ مقتضَى النصيحة للنفس وللغير أن يحذر العبد من الفتن وأن يسعَى جاهدا في البعد عنها والتخلص منها وعدم الوقوع فيها أو إيقاع الغير فيها والتعوذ بالله تبارك وتعالى من شرّها ما ظهر منها وما بطن.


وفي هذا المقام أُنَّبهُ على نقاط مهمة وأسس عظيمة وضوابطَ قويمة، يكون للمسلم بمراعاتها والتزامها التخلُّصُ من الفتن بإذن الله تبارك وتعالى، وهي ضوابطُ قويمةٌ مستقاة من كتاب الله العزيز وسنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
إنَّ أهم ما تُتَقَى به الفتن ويتجنب به شرها وضررها، تقوى الله جلّ وعلا وملازمة ذلك في السر والعلانية والغيب والشهادة، والله تعالى يقول: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يَحتسب) الطلاق: 2 - 3 ، أي: يجعل له مخرجاً من كلِّ فتنة وبلية وشر في الدنيا والآخرة، ويقول الله تعالى: (ومَن يتق الله يجعل له من أمره يُسرًا) الطلاق: 4 ، والعاقبة دائمًا وأبدًا لأهل التقوى.



ولما وقعت الفتنة في زمن التابعين، أتَى نفر من النصحاء إلى طلق بن حبيب رحمه الله وقالوا: قد وقعت الفتنة فكيف نتقيها قال: اتقوها بتقوى الله جلّ وعلا، قالوا له: أجمل لنا التقوى ، فقال: "تقوى الله جلّ وعلا العمل بطاعة الله على نور من الله رجاء ثواب الله، وترك معصية الله على نور من الله خيفة عذاب الله". وبهذا نعلم أن تقوى الله جلّ وعلا ليست كلمة يقولها المرء بلسانه أو دعوى يدعيها، وإنما هي جدٌّ واجتهاد ونصح للنفس بطاعة الله والتقرب إليه جلّ وعلا بما يرضيه، مع لزوم فعل الفرائض والواجبات والبعد عن المعاصي والمحرمات ، فمن كان هذا شأنه وصفه فإنَّ العاقبةَ الحميدةَ والمآل الرشيد يكون له في الدنيا والآخرة.


ومن الضوابط المهمة لاجتناب الفتن لزوم الكتاب والسنة والاعتصام بهما ، فإنَّ الاعتصام بالكتاب والسنة سبيل العزّ والنجاة والفلاح في الدنيا والآخرة، وقد قال الإمام مالك إمام دار الهجرة رحمه الله: "السنة سفينة نوح فمن ركبها نجا ومن تركها هلك وغرق". ومن أَمَّرَ السنة على نفسه نطق بالحكمة وسلِمَ من الفتنة وحصّل خير الدنيا والآخرة، وقد ثبت في حديث العرباض بن سارية المُخَرَّجِ في السنن أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنَّه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإنَّ كلَّ محدثة بدعة وكلَّ بدعة ضلالة "، فالنجاة إنما تكون بالتمسك بالسنة والبعدِ عن البدع والأهواء، وأن يحكم المرء السنة على نفسه، فيما يأتي ويذر في حركاته وسكناته وقيامه وقعوده وجميع شؤونه، ومن كان هذا شأنه فإنه يُعصم ويُوقَى بإذن الله من كلِّ شر وبلاء وفتنة، وأما من يطلق لنفسه العِنان و يرخي لهواه الزِّمام فإنَّه يجر على نفسه و على غيره من عباد الله البلاء والشر.


ومن الضوابط العظيمة لاتقاء الفتن وتجنبها الرفقُ والأناة والبعد عن التسرع وعدم استعجال العواقب والنظر في عواقب الأمور، فإنَّ العجلة لا تأتي بخير والأناة فيها الخير والبركة ، ومن كان عجولاً في أموره فإنَّه لا يأمن على نفسه من الزلل والوقوع في الانحراف ، ومن كان رفيقًا في أموره متأنيًا في سيره بعيدًا عن العجلة والتهور والاندفاع ناظرًا في عواقب الأمور فإنَّه بإذن الله عز وجلّ يصل إلى العاقبة الحميدة التي يسعد بها في الدنيا والآخرة، وقد ورد عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنَّه قال: "إنها ستكون أمور مشتبهات فعليكم بالتُؤَدَة"ـ أي:عليكم بالأناة والبعد عن العجلة ـ "فإنَّك أَن تكون تابعًا في الخير، خيرٌ من أن تكون رأسًا في الشر". فمن يندفع ويتهور في معالجة الأمور ويبتعد عن سبيل الأناة يفتح على نفسه وعلى غيره من عباد الله باباً من الشر والبلاء يتحمل وزره ويبوء بإثمه ويُحَصِّلُ عاقبته الوخيمة ،وفي سنن ابن ماجة عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّ من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر . وإنَّ من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير ، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه . وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه".


فليتأمل عبدُ الله المؤمن في الأمور ولينظر في العواقب وليكن حليمًا رفيقًا متأنيًا، بعيدًا عن الاندفاع والعجلة والتسرع، فإنَّ العجلة والتسرع والاندفاع لا يجر لصاحبه إلا العواقب الوخيمة والأضرار الأليمة والنتائج السيئة التي تجر عليه وعلى غيره الوبال .



ومن الضوابط المهمة التي يحصل بها اتقاءُ الفتن واجتناب شرها لزومُ جماعة المسلمين، والبعدُ عن التفرق والاختلاف، فإنَّ الجماعة رحمة و الفرقة عذاب ، الجماعة يحصل بها لحمة المسلمين وشدة ارتباطهم وقوة هيبتهم ، ويتحقق بها التعاون بينهم على البر والتقوى وعلى ما فيه سعادتهم في الدنيا والآخرة، وأما الخلاف فإنَّه يجر عليهم شرورًا كثيرة وأضرارًا عديدة وبلاء لا يحمدون عاقبته في الدنيا والآخرة، ولهذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، في غير ما حديث الوصيةُ بلزوم الجماعة والتحذير من الفرقة.



ومن الضوابط العظيمة التي يلزمُ مراعاتها لاتقاء الفتنة واجتناب شرها الأخذُ عن العلماء الراسخين والأئمة المحققين وترك الأخذ عن الأصاغر من الناشئين في طلب العلم والمقلّين في التحصيل منه، يقول صلى الله عليه وسلم كما في سنن أبي داوود وغيره: " البركة مع أكابركم " والأكابر هم الذين رسخت أقدامهم في العلم وطالت مدتهم في تحصيله وأصبح لهم مكانة في الأمة بما آتاهم الله عز وجلّ من العلم والحكمة والرزانة والأناة والنظر في عواقب الأمور ، فمن كان مُعَوِّلاً على كلمة هؤلاء العلماء المحققين والأئمة الراسخين فإنَّه بإذن الله يحمد العاقبة ، وإلى هذا وجه الله عز وجلّ في محكم تنزيله، قال الله تعالى: (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا) النساء: 83.



و من الضوابط المهمة لتجنب الفتن حسنُ الصلة بالله ودعاؤه جلّ وعلا فإنَّ الدعاء مفتاح كلِّ خير في الدنيا والآخرة، ولاسيما سؤال الله تبارك وتعالى أن يجنب المسلمين الفتن ما ظهر منها وما بطن والتعوذ به تبارك وتعالى من الفتن كلِّها فإن من استعاذ بالله أعاذه ومن سأل الله أعطاه فإنَّه تبارك وتعالى لا يخيب عبدا دعاه ولا يرد مؤمنًا ناداه وهو القائل عز وجلّ: (وإذا سألك عبادي عني فإنِّي قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) البقرة: 186، وإنا لنسأل الله الكريم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجنب المسلمين الفتنَ ما ظهر منها وما بطنَ وأن يحفظ على المسلمين أمنهم وإيمانهم وأن يقيَهُم الشرور كلّها وأن يُحمِدَهم العواقب وأن يرزقهم المآلات الحميدة والنهايات الرشيدة وأن يهدي ضال المسلمين بمنه وكرمه ولا حول ولا قوة إلا بالله وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013