منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07 May 2015, 10:39 AM
أبوعبدالرحمن عبدالله بادي
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي [الحلقة الثالثة] هدم التأصيل البدعي عند عبد الرحمن بن عمر بن مرعي كتبه أبو محمد صلاح كنتوش العدني حفظه الله.




الحلقة الثالثة:

هدم
التأصيل البدعي
عند عبد الرحمن بن عمر بن مرعي

كتبه
أبو محمد صلاح كنتوش
العدني
وفقه الله وسدده وعصم قلبه



بسم الله الرحمن الرحيم


2- القاعدة الثانية: «الكلام في أهل البدع لا يكون إلا عند الاضطرار».



اعلم أيها القارئ اللبيب أن من جملة ما يدرج عليه أخونا عبد الرحمن بن مرعي العدني هداه الله, ووفقه وأصلحه وطهّر قلبه, تحاشي الكلام في أهل البدع والتحزب وهذا مشاهد ملموس لا ينكره إلا مكابر.
ولئن قال قائل: إن عبد الرحمن سلفي بعيد عن أهل البدع من وجهين:

الوجه الأول:
أنه يتكلم فيهم, وإن كان كلامه فيهم قليل!!!.

الوجه الثاني: أنه لا يزورهم ولا يزورونه, ولا يثني عليهم ولا يثنون عليه!!.

فأقول: نعم قد صرح عبد الرحمن هداه الله وأصلحه بهذا في بعض مجالسه المسجلة, وقبل الجواب أحب أن أعرض مقالته المسجلة, التي يقرر فيها أن الكلام في المخالفين من أهل البدع لا يكون إلا على وجه الاضطرار, فاقرأ ما يأتيك أيها المنصف الموفق وتأمل.

قال عبد الرحمن العدني –هداه الله تعالى وأخذ بناصيته للحق-: فهذا شيء مشاهد, وملاحظ أنك تجد كثيراً من الشباب في أيام الفتن, يعزفون عن حلق العلم, ولكن يتهافتون ويتسابقون إلى مجالس القيل والقال, ولا أحب من نفسي ومن إخواني, أن نكون مهرولين إلى هذه المجالس, تكون مجالسنا مجالس علم ووعظ وتعليم, «وإذا جاء الوقت الذي يضطر فيه اضطراراً إلى بيان الحق والتحذير من بدعة أو التحذير من ضلالة وزيغ وانحراف فلكل مقامٍ مقال», فهكذا يحذر الشباب من هذه الصوارف ومن نزغات الشيطان ومن كيده ومن دسائسه ومن غروره ومن تلاعبه بعباد الله سبحانه وتعالى ( )...اهـ

والجواب عن هذا من وجوه ثلاثة:

الوجه الأول:
أقول يا أبا عبد الله وفقك الله تعالى لمرضاته, هل تعتبر الكلام في المنحرفين اضطرارًا, رغم أنك قلت جاء الوقت, بمعنى حان وقت البيان, لم لا تقول فإذا جاء الوقت وجب بيان الحق والتحذير من البدعة.
واعلم هداك الله للحق أنك بهذا التأصيل والتقعيد قد وقعت في باطلين:

أحدهما: جعلك الكلام في أهل البدع والانحراف اضطرارًا, وهذا فاسد باطل, بل إن الكلام على أهل البدع من أوجب الواجبات ابتداء, وليس هو مما أصله المنع؛ لأن المضطر إليه أصله ممنوع ولا يصار إليه في حال عدم الاضطرار إليه.
فإن باب الاضطرار ضيق كما لا يخفى عليك وفقك الله, الإنسان إذا أصابته المخمصة حتى شارف على الهلاك جاز له الأكل من الميتة اضطرارًا, فإذا ذهب الاضطرار عاد الحكم بالنسبة إليه إلى ما كان من المنع, فهل يحل لك أن تعتقد أن الكلام في أهل البدع والأهواء كذلك!!!.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: وقال بعضهم لأحمد بن حنبل رحمه الله تعالى: إنه يثقل عليَّ أن أقول فلان كذا وفلان كذا، فقال: إذا سكت أنت وسكت أنا، فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم؟!.

ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة، فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين، حتى قيل لأحمد بن حنبل رحمه الله تعالى: الرجل يصوم ويصلي ويعتكف، أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: إذا قام وصلى واعتكف, فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين هذا أفضل.

فبيَّن أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله، إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته، ودفع بغي هؤلاء وعداوتهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب، فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعاً، وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداءً( )...اهـ

وقال رحمه الله تعالى في موضع قبله: وإذا كان مبتدعاً يدعو إلى عقائد تخالف الكتاب والسنة أو يسلك طريقاً يخالف الكتاب والسنة، ويخاف أن يضلَّ الرجلُ الناسَ بذلك، بُيِّن أمره للناس ؛ ليتقوا ضلاله ويعلموا حاله، وهذا كله يجب أن يكون على وجه النصح وابتغاء وجه الله تعالى، لا لهوى الشخص( )...اهـ

أقول: فتبين لك رعاك الله وسددك أن الكلام على أهل البدع من أوجب الواجبات نصحًا للأمة والناشئة, وقد أُبْلِغ عبد الرحمن هداه الله وأصلحه مقالًا ونصيحة من الوالد العلامة ربيع بن هادي:
«قل: للأخ عبد الرحمن يحرص على الكلام على البدع فإنه أشد عليهم من الضرب بالسيوف» ثم لم نره أحدث تغيرًا في سلوكه وطريقته والله تعالى المستعان.

الوجه الثاني:
أنا رأيناك قد عقدت مجلسًا تدفع فيه تهمتك بعدم الكلام في أهل البدع, فذكرت فيه أنك تحذر من أهل البدع, وتبين عوارهم, واحتججت على ذلك بوجه بيِّن الضعف, ومن كلامك في ذلك المجلس ما نصه: «لكن في حدود الاستطاعة, على ما آتاني الله من قوة وبصيرة, ومع هذا أشعر بأني مقصر, فإذا ذكر هؤلاء الأعلام أقول: أين أنا وأين هؤلاء, ولكن ليس معناه أني لست سائرًا على طريقتهم, وأني لست سائرًا على منهاجهم, هل في كلامي الانتقاد على يقول بالجرح والتعديل, هل لي كلام في مدح أهل البدع, هل لي زيارات لأهل البدع»( )...اهـ

والجواب: اعلم أخي المبارك وفقك لمرضاته أن قولك واعترافك بالتقصير, دليل عليك لا لك!!.
فإني مضطر أن أقلب عليك استدلالك, فأقول: يعلم كل إنسان أن التقصير في الشرع والعرف واللغة مذموم لا ممدوح, فلو قال قائل أنا أصلي صلاتي لكني مقصر فيها, وأصوم شهري لكني مقصر فيه, وأبتعد عن الحرام لكني مقصر فيه ابتعادي!!!.

أيكون محمودًا أم مذمومًا؟!!!

ولو جاءت عجوز من عجز المسلمين, وقالت يا شيخ أنا أصلي صلاتي ولكني أشعر بأنني مقصرة فيها, وأصوم شهري, ولكني أشعر بأنني مقصرة فيه؟!!!.

فهل ترى جوابك يخرج عن أحد وجهين: فإما أن تقول لها أنت عندك وسوسة فليس مجرد شعورك بالتقصير أنك مقصرة, فهل تعد قولك هنا وسوسة بالتقصير أم لا!!.
فلتقل لها اتركي الوسوسة «لا عليك ما دمتي تصلين وتصومين»!!.
وإما أن يكون جوابك لها: إن كان تقصيرك من المُخِل فصلاتك باطلة وصيامك فاسد, وإن كان تقصيرك غير مخل فعباداتك صحيحة, فيا ترى ما تعد تقصيرك في الكلام عن أهل البدع, أهو من التقصير المخل أو من غير المخل؟!!.
فإن قلت وفقك الله وأصلحك: بل من غير المخل؛ لأني من أهل السنة ولا يقدح هذا في سلفيتي!!.
فأقول: بل هذا من التقصير المخل؛ لأنك راع, ومسؤول عمن استرعاك الله تعالى, فكم من الناشئة تحت يدك ونصحك, وهذا من الغش أن تقصر في نصحهم والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ الله رَعِيَّةً, يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلاَّ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّة»( ), وفي رواية «فَلَمْ يَحُطْهَا بِنُصْحِهِ لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الجَنَّة»( ).
فإن قلت: إنما ذكرت كوني مقصرًا في هذا الباب تواضعًا!!.

قلنا: لا يجوز أن تتواضع في هذا الموضع بارك الله فيك, وإنما حق هذا الموضع البيان والإفصاح, فإنك في موطن نقد وريبة, فإن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لما عاب عليه المبطلون وانتقصوه, وزعموا أنه مقصر حتى في الصلاة, لم يكن الموضع موضع استكانة وتواضع بل قالها بملء فيه «إني لأصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم», وكان الواجب عليك بعد اعترافك بالتقصير أن تسعى جاهدًا في إصلاح نفسك من هذا التقصير المخل, وفقك الله لطاعته.

الوجه الثالث:
إن ألححت على أنك لم تغفل هذا الجانب العظيم, فَسَلْ طلابك من الناشئة كم مرة سمعوك وأنت تحذرهم من تنظيم القاعدة, وهواتفهم ملغمة بأناشيد القاعدة, بل وبكل أسف وحزن هذا في جوالات حراسك الأشاوس!!
ولعلك ربما تحيلهم على شريط قديم فيهم, قبل ثنتي عشرة سنة!!!.
وسل الناشئة من منهم يرى إقرار أفعال تنظيم داعش الخبيث, ويدعو الله لهم بالنصر والتأييد, وسل الناشئة كم مرة سمعوك وأنت تحذر من الذهاب إلى ساحات التغيير, والسيارات تخرج من دار الحديث بالفيوش حرسها الله من كل سوء ومكروه محملة بالشباب المتحمس للحراك, بل سل الناشئة كم مرة سمعوك وأنت تحذرهم من الكلام في ولاة الأمر, حين يقول قائلهم: «هذا عبد ربه مركوز, وأنا خير ممن يكفره».
فإن أبيت أن تسألهم, فاستسمحك عذرًا أن أوجه السؤال لهم أنا بدلًا عنك, فأقول: يا معشر الناشئة من طلاب العلم يا من مضى عليه الخمس السنوات والأربع والثلاث, هل سمعتم من شيخكم وفقه الله يومًا من الدهر قد حذركم من محمد العريفي أو خالد الراشد أو من الدويش أو نبيل العواضي أو يحي الحجوري أو أبي الحسن المصري المأربي وأضرابهم ممن تستمعون لهم في الليل والنهار, هل سمعتموه يحذركم من تنظيم القاعدة أو تنظيم داعش أو تنظيم الإخوان أو ذكر لكم يومًا من الأيام شيئًا من أصولهم الفاسدة, وأشر من هذا جماعة الحوثيين الأرجاس الأنجاس, هل سمعتموه يحذركم من الأناشيد الجهادية التي صنعها أفراخ القاعدة, وجوالاتكم ملغمة بها؟؟!!!.

والله يا أبا عبد الله حرام حرام هذا من الغش والخيانة لهذه الأمانة, التي قبلت أن تتحملها, وإن من الإنصاف أن تقول لإخوانك وزملاء الطلب جزاكم الله خيرًا على تنبيهي ونصحي لما فيه الخير لدار الحديث حرسها الله من كل سوء ومكروه.

ولله در شيخ الإسلام ابن تيمية القائل رحمه الله تعالى: فالاعتذار عن النفس بالباطل والجدال عنها لا يجوز، بل إن أذنب سراً بينه و بين الله, اعترف لربه بذنبه، وخضع له بقلبه، وسأله مغفرته وتاب إليه؛ فإنه غفور رحيم تواب، وإن كانت السيئة ظاهرة تاب ظاهرًا، وإن أظهر جميلاً وأبطن قبيحاً تاب في الباطن من القبيح، فمن أساء سراً أحسن سراً، ومن أساء علانية أحسن علانية, فـ ( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ) [هود: 114] ( )...اهـ

واعلم أنه قد ابتلي بعض المتعصبة إذا أرادوا التشكيك في النقل, قالوا: إن فلانًا وفلانًا بتروا الكلام ولم يأتوا بسباقه ولحاقه, فحتى تسقط شبهتهم إليك لفظ عبد الرحمن هداه الله وأصلحه, حيث قال ما نصه: «بالنسبة للإخوة العزاب, أنا أنصح لهم حفظهم الله أن لا يشغل الواحد نفسه بقيل وقال, ومهاترات أو امتحانات وابتلاءات للآخرين, فالمكان لا يحتمل ذلك يا إخواني, المكان لا يحتمل ذلك, أي قضية يعني تثار ستكون محل تجاذب بين الطلاب, وهذا يؤدي إلى حصول تكتلات, وحصول عداوات وشحناء وبغضاء, فأنا أدعو إخواني حفظهم الله إلى لزوم الهدوء والسكينة, والأدب والاحترام للمركز وللقائمين على المركز, وهناك أمور يعني بتَّ فيها العلماء وذكرها العلماء, يا أخي نحن لا ننقب عما في القلوب, نأتي نقول لك ماذا تقول في المسألة الفلانية, هذه المسألة التي قال فيها بعض العلماء كذا. وقال الآخرون كذا, يا أخي «لا ننقب عما في قلبك لتعتقد ما شئت طالما جاء عن بعض العلماء, لكن أن يتطور الأمر إلى أنك تخرج ما في قلبك وتختبر به الآخرين» ماذا تقول ماذا تقول في الأمر الفلاني ماذا تقول ثم تحصل فتن والمشاكل والمهاترات وتكتلات وضياع الأوقات والعداوات..., أنا أعرف أن من إخواني الكبار من يكون عنده شيء من هذه الأشياء, لكن لا ننقب عما في القلوب نحب أن نبقى ولو كان في الظاهر متآخين متواددين متعاونين على البر والتقوى, هذا أدعى لإبقاء الخير فينا أما إذا فتحنا باب المناقشات فإن القلوب تقسوا والمشاكل تقبل والخير يدبر من بين أظهرنا..., حرام حرام إخواني في الله أن ننشغل بالفتن والقيل والقال والمهاترات والعداوات, فينشغل بعدنا النساء والفتيات والصغار, ويدبر الخير ويقبل الشر ويبتلينا الله, نحن في أيام الفتن علينا أن نقوي الرابط فيما بيننا, ونتآخى ونتوادد وننصح بديننا وبدعوتنا, وهذا لا يمنع من إنكار المنكر وإصلاح الخطأ, لكن على الضوابط الشرعية.

الأشياء التي هي مسار جدل وخلاف, التي لم تتفق فيها الكلمة, فهذا خطأ من الحكمة أنك تأتي البيوت من أبوابها, وأنك تعرف كيف تنكر وكيف تأمر( )...اهـ

فاقرأ متأملًا لتعلم الخطر الداهم والشر المستطير, والله المستعان.
وأقول في مقامي هذا يا أبا عبد الله والله إني لك ناصح وأحب توبتك ورجوعك, فتأمل نصيحة الشيخ العلامة الوالد ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله ورعاه وسدده ومتعنا بحياته ونصر السنة به ونصره بالسنة, حين قال لك: «احرص على الرد على أهل البدع فإنه أشد عليهم من الضرب بالسيوف», وكان تحت هذه النصيحة جملة من الفوائد منها:

الفائدة الأولى:
أنك لو حرصت هديت ووقيت على الرد على أهل البدع, فإنه يحصل الخير لك ولطلابك من الناشئة, بالبعد عن المنحرفين.

الفائدة الثانية:
أنك إن حرصت على هذا سيكون عندك ملكة تؤهلك لمعرفة الانحراف عند الطوائف والرجال مما يعطيك الوقاية من الوقوع في مزالقهم, ورحم الله حذيفة بن اليمان القائل رضي الله عنه: كان الناس يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني...الحديث.
وصدق القائل: تعلمت الشر لا للشر ولكن لتوقيه... ومن لا يعرف الخير من الشر يقع فيه.



3- القاعدة الثالثة: «لا يتكلم في الجرح والتعديل إلا العلماء».

اعلم أن مما توافق عليه بعض علماء اليمن إنكارهم أن يقوم طلاب العلم بنقل ما قرره علماء الأمة الكبار وأئمتها الأبرار من جرح المجروحين والتحذير من أهل البدع والضلال.

وهذه القاعدة من الحق الذي أريد به الباطل, فإن من الحق أن لا ينبري الناشئة من طلاب العلم للكلام في الأشخاص ابتداء بغير وجه من الحق, وبغير إلمام بوجوه الجرح وأسبابه فإن هذا يفتح عليهم شرًا كبيرًا, لكن القوم لم يريدوا هذا المعنى وإنما يريدون إغلاق الباب مطلقًا, فليس لطلاب العلم أن يتكلموا فيمن تكلم فيه أهل العلم والسنة, ولا أن يبينوا لآحادهم من قاله أهل العلم والسنة في الأشخاص الذين خرجوا من السنة إلى البدعة ومن الهدى إلى الضلالة, وربما قالوا ليس للطالب إلا أن يشتغل بتحصيل العلم الشرعي فحسب, ولا يشتغل بمعرفة الأشخاص المطعون فيهم ليحذر الأخذ منهم!!!.

وهذا هو وجه الشر والغلط في هذه القضية, ووجه ذلك أن من منع الطلاب من الاشتغال بمعرفة الرجال والطوائف فقد منعه من أحد فروع العلم النافع, وهم يدندون صباح مساء اهتموا بالعلم النافع عليكم بالعلم النافع أليس معرفة الرجال وأحوالهم والطوائف وأصولها من العلم النافع أم أنكم تعدونها من العلم الضار!!!.
وهذه من القواعد تشبه القواعد التي درج عليها علي الحلبي ومن وافقه حيث قال:
«أنا لا اقرأ إلا للعلماء وأما طلاب العلم فلا يشتغلون بالردود, وليس فيهم من يحفظ كتاب الله..., [ولا] كتاب البخاري, [ولا] متنًا في العقيدة, ولن تسأل في قبرك عن فلان وفلان, ولمَ لم تبدع فلانًا, وكفى اشتغالًا بالأشخاص وعليكم بالعلم النافع, وخذ منه العلم وإن لم يبدع الجهم»( )...اهـ

وأما عبد الرحمن بن مرعي وفقه الله وسدده وعصم قلبه فقد جرى على هذه الطريقة من القدم ونحن في دماج لم نر له نشاطًا في معرفة أصول الفرق والطوائف المعاصرة, وإني لأظن أنه لا يعرف أصول علي الحلبي أو عدنان عرعور أو المغراوي وأضرابهم إلا أن يقرأ عنها شيئًا الآن بعض حصول هذا الهجوم عليه, ومما يؤيد هذا أن العلامة ربيع حفظه الله ومتعنا بحياته سأله ذات مرة أتعرف ما عند الحلبي؟!! فقال: أحرجني الشيخ!!!.

أقول: نعم نعم أحرجك لأنك لا ترفع رأسًا لمعرفة ما يدور حولك, والله المستعان.

ثم إن عبد الرحمن هداه الله لما رأى الإخوة قد أكثروا عليه التنبيه عمد إلى الشكوى عند شيخنا ووالدنا العلامة الوصابي أن طلاب العلم لا يحل لهم أن يشتغلوا بالجرح والتعديل, وإنما يقبلون على طلب العلم والجرح والتعديل هو للعلماء فقط!!.

وإليك مقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي شفاه الله ووفقه للخير, بنصه, حيث قال:
«بعض الطلاب عندهم الجرح والتعديل, فلان كذا وفلان كذا, «هذه أيضًا ملاحظة طيبة»( ), وهذه أيضًا من الأسباب التي خربت دماج, هذه من ضمنها, فتح باب الجرح والتعديل على مصراعيه يلجه من هَبَّ ودَبَّ, يجرّحون من أرادوا ممن خالفهم لو يكون من كان, ويعدّلون من يريدون ممن وافقهم لو يكون تعبان في الحضيض..., هذا سبب في دمار دماج من أسباب عدة, لا نريد الخطأ يتكرر, هذا الخطأ لا نريد أن يأتي إلينا, أي خطأ وقع فيه الحجوري ومن تعصب له, العقلاء من الطلاب والدعاة وأهل العلم يتوقون هذا الخطأ, ويحذرون من الوقوع فيه؛ لأن العاقل والبصير والحليم من اتعظ بغيره, العاقل من اتعظ بغيره, وإذا كانت الموعظة تمر ولا نتعظ, فنسأل الله العافية والسلامة, هذه قلوب فاسدة وقلوب عمياء, موعظة مثل الجبل بل مواعظ وما نعتبر, فما الذي دمر دماج!!, علامة الاستفهام, ما هو الجواب: كل واحد عاقل فطن عنده عدة عناصر في دمار دماج منها هذا الباب فتح باب الجرح والتعديل على مصراعيه لمن هَبَّ ودَبّ,َ جرّحوا من أرادوا وعدّلوا من أرادوا, هذا واحد من كذا وكذا, منها القول على الله بغير علم, سواء يحي الحجوري أو من شيخهم, فلان حزبي وفلان وفلان, كم من كلام قول على الله بغير علم, يعني كأنه يوحى إليه, أمور غيبة وكلام عن القلوب, كأنه يوحى إليهم كما يوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فلان كذا وفلان كذا, أشياء كثيرة كانت في دمار دماج, علينا أن نعتبر باب الجرح والتعديل بالنسبة لك يا طالب العلم حسبك أن تكون ناقلًا, حسبك أن تكون ناقلًا, تقول قال الشيخ ربيع في فلان كذا وكذا, أو قال الشيخ مقبل في فلان كذا وكذا, أو قال الشيخ البرعي في فلان كذا وكذا, أو قال الشيخ ابن بار في فلان كذا وكذا, ناقل لا حرج, لكن لا تشغل وقتك وتقول أنا ناقل؛ فتضيع الحفظ والمراجعة, وكتابة الفوائد والأعمال الصالحة, هذا بحدود, أما أن تكون ياطالب العلم أنت المعدِّل وأنت المجرِّح, ممن أخذت الشهادة وأنك تستحق أن تكون مجرِّحًا ومعدِّلًا, من شهد لك من العلماء؟!.

«هذا ما نقبله في أوساطنا, نعتبره مخربًا, وأنا من زمان بعيد ما أقبل الطالب عندي يطعن حتى لو كان في الحزبيين», يا أخي أنت جئت تطلب العلم, فمتى كان يتنقل من هذا إلى هذا, فلان كذا وكذا, وفلان كذا, نقول هذا كأن وراءه شيء, هذا ما جاء للعلم, لا, فلان حزبي قد تكلم فيه العلماء يكفي, فلان الصوفي فلان الشيعي فلان المنحرف, قد تكلم فيه أهل العلم بكافية, وأنت اهتم بطلب العلم, «ما نقبل جرحًا ولا تعديلًا من الطالب», ولا الفتاوى من الطالب, حتى لو كان لهذا الطالب عندنا حلقة, حلقة يدرس في حدود حلقته لا يفتي, يدرس في حدود درسه, درسك في المصطلح جاءك سؤال حول الطلاق, قل يا أخي أنا أدرس في المصطلح, أسألني في المصطلح وفي حدود هذا الدرس أيضًا ما هو في المصطلح في مسائل كبيرة في المصطلح, وفي حدود هذا الدرس, وهذا الذي في المواريث, والذي في التجويد, والذي في القراءات, كل واحد ينحصر في حدود, هذا إن أردتم دارًا عامرة بالعلم والدعوة, والسكينة والألفة والأخوة, والخير العظيم العاجل والآجل, أما من أراد أن يلحق مسجده بمسجد كتاف أو دماج, فلا حول ولا قوة إلا بالله اللهم اشهد أنا بلغناهم, بأنا لا نريد أن يتكرر الخطأ, دماج جعلوها شعلة من نار بعد أن كانت شعلة من نور, النور طيب النور هادئ والنار محرقة..., ولولا الضرورة ما تكلمت بهذا لكن ضرورة, ورأيت من المهم أن أمثل بالذي قد حصل حتى لا يتكرر الخطأ, وحتى لا يقول من وقّفناه عن الخطبة ليش وقفتموني, نقول له اعتبر بمشايخ الدار الذين شيخهم الحجوري, شيخ شيخ وفتوى فتوى, وانظر النتائج وحتى لا يقول أيضًا من منعناه من الجرح والتعديل في العلماء والدعاة وفي الأمة, ليش منعتموني نقول اعتبر بالذي قد حصل في دماج من سباب وشتام, والجرح والتعديل, والقيل والقال, والخروج بالدعوة عن طورها, وخروج بالدعوة عن طورها, وخروج بالمركز التعليمي( ) عن طوره, وبدلًا من أن تتظافر الجهود في التحذير من أصحاب البدع والمعاصي والمخالفات, صاروا يحذرون من أهل السنة من المشايخ, ويصفونهم بالأوصاف الرذيلة الكثيرة, والآن ما زالت مسجلة عليهم ( سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ) [الزخرف: 19] ( إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُون ) [السجدة: 25] هل طلبوا من إخوانهم العفو, انظروا إلى الخذلان, وإلى عدم التوفيق هل طلبوا من إخوانهم العفو..., من رأيناه يجرِّح ويعدِّل وهو ليس من الشيوخ المعتبرين عندنا, سننزله من الدرس ونمنعه من الدرس, في أي مركز ما نقبل درس بأدب, يكفي الذي قد حصل في دماج وفي كتاف, يكفي الذي قد وقع وزيادة, كان المتكلم يتكلم بملء فيه, والحجوري يضحك نظمًا أو نثرًا يسب من سب, وهو يضحك جزاك الله خير, وإلا نقول له لو سمحت وقّف الدرس, هذا الذي خربهم, عندنا نريد مدرس يدرس مؤدب محترم يحترم نفسه, ويحترم الدرس..., ونقول له هذا ما هو لك, حتى لو قال أنا أتكلم في فلان, طيب حتى لو تكلم فعلًا في المجروحين ما نقبل منه, لو تكلم في المجروحين ما نقبل؛ لأنها حيلة منه قد تكون حيلة, أنا ما تكلمت إلا في فلان وفي فلان, نقول لا, درس فقط, تلقي درسك وجزاك الله خير, وهذه الأمور على غيرك, لها علماء, لها مشايخ, لهم خبرة بالدعوة وخبرة بتعليم الناس, ولهم شهادات من العلماء, درسوا عند أهل العلم منهم الشيخ مقبل رحمه الله تعالى واختبرهم, ما هو من جاء جرّح وعدّل, ولا من جاء أفتى, ولا من جاء أفتى, انتبهوا, ولا من جاء جرّح وعدّل, حافظوا على مراكزكم, واتقوا الله في أنفسكم يا طلاب العلم, ويا مشايخ, هذه النصيحة حتى هي للمشايخ, اتقوا الله يا مشايخ في المراكز, اتقوا الله يا طلاب العلم في المراكز, وفي أنفسكم, وفي إخوانكم, وفي مساجدكم, والتزموا الاحترام, ما في كلام على العلماء, ولا في كلام على الدولة, ولا على فلان ولا على فلان, كل طالب يلزم لسانه ويلزم الأدب ..., والشيخ القائم على المركز هو الذي يقدر المصالح والمفاسد ما الذي ينفع وما الذي يضر ما الذي يقدم ما الذي يؤخر هذا يكون على المشايخ, أسأل الله أن يأخذ بأيدينا إلى ما يحبه ويرضاه( )...اهـ بنصه.


أقول: وبعد العرض لكلام الشيخ محمد الوصابي شفاه الله وفقه الله لما يحب ربنا ويرضى, إليك أيها القارئ اللبيب بيانًا لما جاء في كلمة الشيخ الوصابي من وجوه خمسة:
الوجه الأول: اعلم أيها المسدد الموفق لمرضاة الله تعالى أن كلام الشيخ الوصابي كان في مدينة الحديدة بعد استدعاء خاص لغالب إخواننا المشايخ وطلاب العلم في عدن, وكان الاستدعاء بالأسماء وممن استدعوا بأسمائهم المشايخ التالية أسماؤهم:

علي الحذيفي, عباس الجونة, ياسين العدني, صلاح كنتوش, عبد الله بن سعيد, منير السعدي, لبيب العدني, وغيرهم.

فاعتذر بعضهم عن الحظور لأسباب خاصة, وحضر بعضهم بصعوبة تعود لأمور مادية, يعرفها بعض الإخوة, وكان ممن حضر إخواننا المشايخ:

ياسين العدني وصلاح كنتوش وعبد الله بن سعيد ولبيب العدني وعدنان بن بريك وجمال الدين اليماني وآخرون.

وأرسل عبد الرحمن بن مرعي وفقه الله تعالى أبناءه بعد المحاضرة إلى الإخوة المشايخ وطلاب العلم [أهل عدن] الذين حضروا بأن الشيخ محمدًا الوصابي يريد الجلوس معهم في مجلسه الخاص, فتردد بعضهم من الجلوس بعد أن سمع ما سمع من الكلام الشديد الذي لم يرض به العلماء الكبار والأئمة الأبرار, وبعد إلحاح عليهم جلسوا في المجلس الخاص, وجعل الشيخ الوصابي شفاه الله يردد كلامًا حول قضية الحسد وأنه يهدم الأخوة الإسلامية, والحسد كذا وكذا.

فإذا علمت أن هذا الاستدعاء الخاص قصد به أن يسمع إخواننا المشايخ وطلاب العلم هذه التقريرات, والمقصود بها أعيانهم لأنهم يشتغلون بالجرح والتعديل, ويا ترى هل يصدق عليهم أنهم ممن هب ودب, وهذا ما سنعرفه في الوجوه المقبلة, إن شاء الله تعالى.

الوجه الثاني:
اعلم أيها القارئ اللبيب أن كلمة الشيخ الوصابي شفاه الله وأعزه بالسنة كانت بكل أسف إملاء من عبد الرحمن هداه الله وأصلحه, فتأمل قول الشيخ الوصابي: «بعض الطلاب عندهم الجرح والتعديل, فلان كذا وفلان كذا, هذه أيضًا ملاحظة طيبة...», فقد كانت هذه الملاحظات مرفوعة من عبد الرحمن هداه الله وأصلحه, إذ كان بجانب الشيخ الوصابي يملي عليه الملاحظات شفويًا, وربما كان يجثو على ركبتيه ليقرقرها في أذن الشيخ الوصابي شفاه الله وأعزه بالسنة, والإخوة المشايخ ينظرون إلى عبد الرحمن يكلم الشيخ الوصابي بملاحظاته, والشيخ الوصابي يهز رأسه ويقول: «هذه ملاحظة طيبة» وقد رأى هذا الموقف جمع من إخواننا الحضور, والله المستعان.

الوجه الثالث: اعلم أيها القارئ أن ما تقدم من الكلام لم يرض به علماؤنا الكبار عندما أبلغوا به, وأنكروه شديد الإنكار؛ لأنه من الحق الذي أريد به الباطل, فقرر مشايخ عدن أن يناصح والدهم وشيخهم الوصابي وفعلًا وافوه في صلاة الصبح, ودخلوا عليه, وتردد في الجلوس معهم واعتذر بالإرهاق والسهر, فأصروا على الجلوس ولو لمدة عشر دقائق فوافق بعد إلحاح, فذكروا له ثلاثة أمور:

الأمر الأول:
فيما يتعلق بالجرح والتعديل, وقالوا له: شيخنا إن كلامك ظاهر وبين في إغلاق باب الجرح والتعديل ولو فيمن جرحه أهل العلم والسنة, ونحن مدرسون فربما نرى أن بعض الناشئة قد تأثر ببعض الحزبيين والمبتدعة والطوائف أفنسكت عن تحذيره منهم, أين قول النبي صلى الله عليه وسلم «من رأى منكم منكرًا, فليغيره», أفيجوز لنا أن نمر على المنكر ولا ننكره, فقال: شيخنا لالا بينوا لهم ذلك, فقالوا: شيخنا شريطك فيه المنع المطلق, فقال: اعملوا به قليلًا ثم اتركوه, فقالوا: وي وعجبًا كيف نصنع!!.

وقالوا شيخنا: إن أخانا عبد الرحمن لم يعرف بكلامه في أهل البدع والتحزبات وقد غر هذا السكوت كثيرًا من الناشئة حتى أصبح عندهم شيء من أفكار القاعدة وغيرهم, فلو أنه يبين للناشئة هذه الأمور لسكتنا نحن اكتفاء بكلامه لكنه لا يفعل, فقال شيخنا: الله المستعان الله المستعان, أنا أعرف عن عبد الرحمن بعض هذه الأمور وأنا عازم على نصحه ...اهـ

الأمر الثاني:
فيما يتعلق بالفتوى والمنع منها إلا لمشايخ المراكز, فقالوا له شيخنا: من تعرف من إخواننا من نصب نفسه مفتيًا دون أن ينظر في فتوى الأئمة وكبار علماء الأمة, هذا من جهة, ومن جهة أخرى شيخنا إن ما يفعله أبناؤك طلاب العلم وقد تربوا على عدم التقليد, ينظرون في أقوال أهل العلم والسنة من سلفنا الصالحين ويرجحون بين أقوالهم لا على أنهم يتسورون أسوار الفتاوى من رؤوسهم وعقولهم, وهذا من جهة أخرى, ولا يَعْدُو أحد من أبناءك شيخنا أن يكون ناقلًا فتاوى الأئمة لا غير, فهل تمنع من هذا وفقكم الله لمرضاته, فقال لالا, فقالوا: فعلاما هذا الكلام, فأطرق برأسه, وهو يهزه !!!.

الأمر الثالث:
أن مشايخ عدن ذكروا له المعاملة السيئة التي يلقاها الإخوة طلاب العلم من أخيهم وزميلهم عبد الرحمن بن مرعي هداه الله وسدده وأصلحه, فتألم الشيخ مما سمع, وقال: إذًا أكتبوا لي هذه الملاحظات واجمعوا لي الإخوة في عدن وأنا إن شاء الله سوف أزوركم وأجلس معكم وأنصح لعبد الرحمن فيما يتعلق بما ذكرتم!!.

أقول: هذا ملخص ما دار في جلوس مشايخ عدن وفقهم الله وسددهم مع والدهم الشيخ العلامة محمد بن عبد الوهاب شفاه الله وسدده وأعزه بالسنة, وإنا في مقامنا هذا نوجه لشيخنا العلامة الوصابي عين السؤال الذي وجهه إليه أبناؤه مشايخ عدن في صباح تلك الليلة, فنقول: شيخنا هل تعرف عن أبناءك طلاب العلم الحضور أنهم يشغلون أنفسهم بالقيل والقال والدخول في إضاعة الأوقات وهل تعرف أن عندهم من الضعف العلمي في بقية أبواب العلوم الشرعية؟!!.

وأحبّ في مقامي هذا أن أذكر لإخواني المنصفين كلامًا ذكرته في إحدى محاضراتي, وهذا الكلام دار بيني وبين شيخنا الإمام المجدد والدنا مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله وغفر له وأدخله في الصالحين, قلت: شيخنا ثلاثة؛ أحدهم: يهتم بعلم الفقه والنحو المصطلح وأصول الفقه, لكنه لا يرفع رأسه لمعرفة ما يدور حوله من أمر الفرق والأحزاب المعاصرة, ومعرفة أهل التحزب والانحراف.

والثاني: دأبه وديدنه هذا فلا تراه إلا وهو فلان حزبي فلان منحرف, وإذا فتشت عن حصيلته العلمية في الفقه والمصطلح وبقية العلوم تجده ضعيفًا.

والثالث: يهتم بهذا وهذا, فقال شيخنا مقبل رحمه الله وغفر له -مقاطعًا إياي-: الثالث أحب إلي الثالث أحب إلي, فقلت: شيخنا إن أخانا عليًا الحذيفي من القسم الثالث, فقال هكذا قلت نعم شيخنا فقال خيرًا إن شاء الله.

وكان هذا في سنة خمسة عشر وأربعمائة وألف يعني قبل عشرين سنة تقريبًا تزيد قليلًا, فتأمل.

الوجه الرابع : إنا نقول: لأخينا الشيخ الفقيه عبد الرحمن بن مرعي وفقه الله وسدده وأصلحه, من تعرف من إخوانك وزملائك من طلاب العلم من هو يصدق عليه وصف «هبّ ودبّ» حتى نمنعه من الكلام في الجرح والتعديل الذي فتح عليكم باب الشر على حد تعبير بعضكم.

هل يصدق هذا الوصف على أخيك الشيخ علي الحذيفي الذي ما عرف إلا بطلب العلم وتحصيله وعرف بصفاء المنهج, وأنت خبير بأنه من أوائل إخوانك المشايخ الذين أبانوا عوار أبي الحسن المأربي بينما تأرجح بعضكم, وترك أخوك الشيخ علي الحذيفي دماج لما رأى من حال الحجوري قبل فتنته وقبل أن يتكلم فيك, وما أرى ذلك إلا لبصيرة أخيك الشيخ علي الحذيفي وفقه الله وسدده.

ثم هل يصدق هذا الوصف على أخيك الشيخ عباس الجونة, الذي ما عرف إلا بطلب العلم وتحصيلة, وعرف بصفاء المنهج, وأنت تعرف بعض جهوده الطيبة في التعليم, وغيرهما هل يصدق عليهما وعلى غيرهما أنهما ممن هبّ ودبّ.

الوجه الخامس:
لئن قال قائل إن المشايخ لا يقصدون الإخوة العقلاء من طلاب العلم, وإنما يعنون المتهورين من الناشئة نقول: إن تمثيل شيخنا ووالدنا الوصابي وفقه الله وسدده بما حصل من الحجوري وطلابه من الاعتداء على علماء السنة في المعمورة لا ينطبق في الوصف على إخواننا المشايخ وطلاب العلم في عدن إطلاقًا لما سبق بيانه من صفاتهم الطيبة, ليسوا هم من الطائشين ولا من المتهورين كما يشهد لهم الواقع, ويشهد لهم شيخنا الوالد الوصابي سدده الله, فكيف ينزل حال أولئك الظلمة على من قام ببيان سبيل المنحرفين بعدل وإنصاف هل تعلمون أن أخواننا طلاب العلم في عدن قد جرحوا من أرادوا دون الرجوع إلى أهل العلم والخبرة أمثال شيخنا الإمام الوادعي وأمثال الشيخ العلامة ربيع وأمثال الشيخ العلامة الوصابي, من هو الذي جرحه هؤلاء الإخوة دون أن يسبقهم إليه عالم معتبر من علماء الجرح والتعديل ( نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) [الأنعام: 143] , وإذا استبان لكم هذا سقط الشريط كله من أسه وأساسه, والله المستعان.

واعلم أيها الموفق عصم الله قلبك من الزيغ والانحراف أن ما قرره شيخنا الوالد الوصابي وفقه الله وسدده عليه مؤاخذات:

المأخذ الأول:
قوله: «فتح باب الجرح والتعديل على مصراعيه يلجه من هَبَّ ودَبَّ, يجرّحون من أرادوا ممن خالفهم لو يكون من كان, ويعدّلون من يريدون ممن وافقهم لو يكون تعبان في الحضيض»...اهـ

أقول: لو أن شيخنا محمدًا وفقه الله وسدده أوضح أن الجرح والتعديل علم جليل القدر والمكانة, وأنه من أعظم العلوم الشرعية التي حفظت للأمة الثوابت والأصول العامة؛ لما فيه من التنبيه للأمة على مواطن العطب في المخالفين.

ولا يخفى فضل هذا العلم على أمثال شيخنا ووالدنا وفقه الله, فمن العجيب أن تمتلأ كلمته هجومًا كاسرًا على من يشتغل به دون ثناء ولا مدح للقائمين به من أهل العلم والسنة!!!.

ثم إنه ليس من الصواب أن هذا الباب قد ولجه من هبّ ودبّ, فإن من هب أو دب ليس إلا رويبضة وأحمق يهرف بما لا يعرف, ويرمي بما لا ينوي, ولا يوجد مثل هذا الصنف في طلاب العلم العقلاء إطلاقًا كما لا يخفى على كل ذي عينين مبصرتين, والله تعالى المستعان.

ثم من هو الذي جرحه هؤلاء وهو لا يستحق الجرح, ومن هو الذي عدله هؤلاء وهو لا يستحق التعديل؟!!
فإن مثلتم بعلماء السنة الذين جرحهم الحجوري وطلابه الظلمة, فنقول: إن المثال لا ينطبق كما تقدم على أبنائكم ممن عرفتموهم بالعقل والتروي, وعدم السفه, تأمل هذا تنتفع, والله تعالى أعلم.

المأخذ الثاني:
قوله «بالنسبة لك يا طالب العلم حسبك أن تكون ناقلًا, حسبك أن تكون ناقلًا, تقول قال الشيخ ربيع في فلان كذا وكذا, أو قال الشيخ مقبل في فلان كذا وكذا, أو قال الشيخ البرعي في فلان كذا وكذا, أو قال الشيخ ابن بار في فلان كذا وكذا, ناقل لا حرج, لكن لا تشغل وقتك وتقول أنا ناقل؛ فتضيع الحفظ والمراجعة, وكتابة الفوائد والأعمال الصالحة, هذا بحدود.
أما أن تكون ياطالب العلم أنت المعدِّل وأنت المجرِّح, ممن أخذت الشهادة وأنك تستحق أن تكون مجرِّحًا ومعدِّلًا, من شهد لك من العلماء؟!».

أقول: شيخنا تقدم أن قررنا لكم وفقكم الله بالسؤال: هل علمتم طالبًا من أبنائكم قد اعتلى منبرًا تكلم فيه عن رجل جرحه أو عدّله من كيسه ومن مزاجه دون أن يكون مسبوقًا بعالم معتبر, وهل تجاوز طلاب العلم كونهم نقلة عن الأئمة الأعلام والجبال الراسية, من الذي قد سابق أهل العلم فجرحوا من ليس مجروحًا عند أهل العلم, أو عدلوا من هو مجروح عند أهل العلم.
ومن هو الذي قضى وقته وأضاع زمانه في هذا الباب, ولا تمثل لنا بالحجوري وزمرته الآثمة, فالفرق واضح وضوح الشمس في رابعة النهار, وظاهر بأدنى نظر, والله تعالى المستعان.

المأخذ الثالث:
قوله «هذا ما نقبله في أوساطنا, نعتبره مخربًا, وأنا من زمان بعيد ما أقبل الطالب عندي يطعن حتى لو كان في الحزبيين, يا أخي أنت جئت تطلب العلم, فمتى كان يتنقل من هذا إلى هذا, فلان كذا وكذا, وفلان كذا, نقول هذا كأن وراءه شيء, هذا ما جاء للعلم, لا, فلان حزبي قد تكلم فيه العلماء يكفي, فلان الصوفي فلان الشيعي فلان المنحرف, قد تكلم فيه أهل العلم بكافية, وأنت اهتم بطلب العلم, ما نقبل جرحًا ولا تعديلًا من الطالب, ولا الفتاوى من الطالب, حتى لو كان لهذا الطالب عندنا حلقة, حلقة يدرس في حدود حلقته».

أقول: عجبًا شيخنا هل تعدّ ذكر الحزبيين والمبتدعة تخريبًا حتى لا تقبل الطالب الذي يتقرب إلى الله بثلب المبتدعة, وهو من أصول ديننا وثوابته,
لقد كان شيخنا الإمام المجدد مقبل بن هادي رحمه الله وغفر له وأدخله في الصالحين يؤتى بالطفل الصغير فيصرح بعلو صوته في مكبر الصوت قائلًا: «الصوفية حمقاء, والشيعة حمقاء, والحزبية حرام», ويسأل الطفل الصغير -ولد البيضاني- ما حال أبيك؟ فيقول: الطفل أبي «حزبي», أكان إمامنا رحمه الله مخطئًا يوم أن كان يلقن الطالب من نعومة أظفاره تنقص المبتدعة وثلبهم والطعن عليهم, فلو كان قائل هذا المقال غيركم شيخنا لقلنا إنه لم يعرف مقبلًا ولا دعوة مقبل, فكيف نرى هذا المقال يخرج من فيكم وفقكم الله وسددكم!!!.

ألست شيخنا قد طلبت من أبنائك مشايخ عدن وغيرهم أن يبينوا حال الحجوري وطائفته, فامتثلوا أمرك وحصل الخير برد الكثير عن غيهم وانحرافهم, ونفع الله بتوجيهك إياهم سددكم الله ووفقكم!!!.

المأخذ الرابع:
قوله: «وحتى لا يقول أيضًا من منعناه من الجرح والتعديل في العلماء والدعاة وفي الأمة, ليش منعتموني نقول اعتبر بالذي قد حصل في دماج من سباب وشتام, والجرح والتعديل, والقيل والقال, والخروج بالدعوة عن طورها, وخروج بالدعوة عن طورها, وخروج بالمركز التعليمي عن طوره, وبدلًا من أن تتظافر الجهود في التحذير من أصحاب البدع والمعاصي والمخالفات, صاروا يحذرون من أهل السنة من المشايخ, ويصفونهم بالأوصاف الرذيلة الكثيرة».

أقول: وكذلك نردد عليك شيخنا وفقكم الله وسددكم من هو السفيه الأحمق الذي يجرح علماء السنة ودعاة السنة الذين ارتضاهم علماء الإسلام وأئمته, من هو من أبنائكم من طعن على عالم سلفي زكاة الأئمة المعتبرون.

فطلاب العلم لا يذكرون مجروحًا إلا وقد جرحه المعتبرون من أهل التحقيق والسنة, كما لا يخفى على أمثالكم وفقكم الله شيخنا.

المأخذ الخامس:
من رأيناه يجرِّح ويعدِّل وهو ليس من الشيوخ المعتبرين عندنا, سننزله من الدرس ونمنعه من الدرس.

أقول: مؤكدًا ما سبق ليس في طلاب العلم من له الحق المطلق في جرح من لم يستوجب الجرح, ولا أن يعدل من استوجب الجرح, وهذا كله لأهل التحقيق كما تقدم.

المأخذ السادس:
ونقول له هذا ما هو لك, حتى لو قال أنا أتكلم في فلان, طيب حتى لو تكلم فعلًا في المجروحين ما نقبل منه, لو تكلم في المجروحين ما نقبل؛ لأنها حيلة منه قد تكون حيلة, أنا ما تكلمت إلا في فلان وفي فلان, نقول لا, درس فقط, تلقي درسك وجزاك الله خير.

أقول: شيخنا أعيدك إلى ما ذكرته لكم وفقكم الله في المأخذ الثالث, لو تكلم طالب العلم وحذر في درس له من بعض المجروحين ليس هنالك ما يمنع شرعًا بل قد يتوجب عليه أن يبلغ ما قد قرره أهل التحقيق من جرحهم لفلان وفلان, وأنتم وفقكم الله تعلمون أن طلاب العلم يخالطون الناس ويخالطون الناشئة وهم بحاجة أن يغرسوا فيهم محبة السنة وبغض البدعة, وهل المشايخ الذين ترتضيهم أنت وفقكم الله وسددكم قادرون على أن يوصلوا تحذيرهم لكل أحد!!!.

ثم ما الحيلة في جرح من جرحه أهل العلم والسنة, هل تمنعون من هتك عرض من هتك الله عرضه, تأملوا وفقكم الله وسددكم, فإن الأمر خطير!!.

المأخذ السابع:
قوله: «وهذه الأمور على غيرك, لها علماء, لها مشايخ, لهم خبرة بالدعوة وخبرة بتعليم الناس, ولهم شهادات من العلماء, درسوا عند أهل العلم منهم الشيخ مقبل رحمه الله تعالى واختبرهم, ما هو من جاء جرّح وعدّل, ولا من جاء أفتى, ولا من جاء أفتى, انتبهوا, ولا من جاء جرّح وعدّل, حافظوا على مراكزكم, واتقوا الله في أنفسكم يا طلاب العلم, ويا مشايخ, هذه النصيحة حتى هي للمشايخ, اتقوا الله يا مشايخ في المراكز, اتقوا الله يا طلاب العلم في المراكز, وفي أنفسكم, وفي إخوانكم, وفي مساجدكم, والتزموا الاحترام, ما في كلام على العلماء, ولا في كلام على الدولة, ولا على فلان ولا على فلان, كل طالب يلزم لسانه ويلزم الأدب ..., والشيخ القائم على المركز هو الذي يقدر المصالح والمفاسد ما الذي ينفع وما الذي يضر ما الذي يقدم ما الذي يؤخر هذا يكون على المشايخ».

أقول: هذا الإطلاق فيه تأكيد ما سبق والجواب عنه أيضًا قد سبق, لكن الجدير بالذكر في هذا الموضع أن نقول: لو أن من ارتضيتموهم وفقكم الله وسددكم وحملتموهم أمانة البيان هل قاموا بكل ما يجب عليهم في هذا الصدد, أم أن تقصيرهم أظهر من عين الشمس, وعد معي إلى صدر هذه الرسالة في موقف القوم من فتنة أبي الحسن والحجوري, وأضرابهم من غير أهل اليمن كالمغراوي وعدنان عرعور وعلي بن حسن الحلبي ومشهور بن حسن وأسامة القوصي, غيرهم, هل تعلم لمشايخنا الموقرين وفقهم الله كلامًا فيهم أم أن فتح باب الجرح والتعديل لا يصار إليه إلا عند الضرورة القصوى فإن القلب قد يموت ويشرب الفتنة ونحن نزعم التأني والصبر وعدم التسرع حتى تأكل الفتنة الأخضر واليابس ويصبح الناس في عماء لا يرون ولا يبصرون, والله تعالى المستعان.

وأعود فأقول: لأخينا عبد الرحمن هداه الله وأصلحه راجع حساباتك عسى أن تجد في نفسك التقوى التي تحملك على التوبة والرجوع, وتأمل في قاعدتك هذه «لا يتكلم في الجرح والتعديل إلا العلماء» لتعلم أنك سلكت مسلكًا فيها يشبه إلى حد بعيد قاعدة الحلبي ««أنا لا اقرأ إلا للعلماء وأما طلاب العلم فلا يشتغلون بالردود, وليس فيهم من يحفظ كتاب الله..., [ولا] كتاب البخاري, [ولا] متنًا في العقيدة, ولن تسأل في قبرك عن فلان وفلان, ولمَ لم تبدع فلانًا, وكفى اشتغالًا بالأشخاص وعليكم بالعلم النافع, وخذ منه العلم وإن لم يبدع الجهم» فإن قاعدتك يا أبا عبد الله هاهنا من الحق الذي أريد به الباطل, عصم الله قلبك وعقلك, والله من وراء القصد.

وأختم كلامي ها هنا بكلام والدنا وإمامنا شيخنا مقبل بن هادي الوادعي حامل لواء الجرح والتعديل بحق في بلادنا اليمنية رحمه الله وغفر له وأدخله في عباده الصالحين, حيث سئل فقيل: هل التكلم في الحزبيين أو التحذير منهم يعد حرامًا؟ وهل هذا الأمر خاص بالعلماء دون طلبة العلم؟ وإن تبيّن لطلبة العلم الحق في هذا الشخص؟.

الجواب: ينبغي أن يسأل أهل العلم عن هذا الأمر، لكن الشخص الذي ينفر عن السنة وعن أهل السنة وعن مجالس أهل العلم؛ يحذّر منه، والجرح والتعديل لا بد أن يكون الشخص عارفًا بأسبابهما، ولا بد أن يتقي الله سبحانه وتعالى فيما يقول، فإن الأصل في أعراض المسلمين أنّها محرمة، كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «فإنّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا?».

لكن المبتدعة لا بأس أن يحذر منهم طالب العلم في حدود ما يعلم بالعدالة (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا) [الأنعام: 152]، ( وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) [المائدة: 8] ، ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ) [النحل: 90].

والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يأمر أبا ذر أن يقول الحق ولو كان مرًا.
بل الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ) [النساء: 135].
فلا بد من العدالة في الكلام على الحزبيين، ولست أقصد أنك تنظر إلى مبتدع وتذكر ما له من حسنات وسيئات، فالمبتدع ليس أهلاً لأن تذكر له حسنات، وليس لنا وقت أن نذكر حسناته.
وقد قلنا قبل إن أصحاب جمعية الحكمة، وأصحاب جمعية الإحسان مماسح للإخوان المسلمين، والإخوان المسلمون مماسح للحكومات، وهاتان الجمعيتان مدخل إلى الإخوان المسلمين؛ لأن الشخص يذهب ويدخل مع أصحاب هذه الجمعيات مدة يسيرة ثم يراهم لا علم ولا عمل أعني عمل حركي في مجال الدعوة ولست أعني أنّهم لا يصلون فيذهب إلى الإخوان المسلمين وخصوصًا إذا كانت المادة أكثر مع الإخوان المسلمين، والأماني بالرتب العسكرية، وإدارات المعاهد( )...اهـ

أقول: فهل يحق بعد هذا أن تمنعوا طلاب العلم العقلاء من التحذير من أهل البدع والضلال بينما جبن من جبن أو تخاذل من تخاذل والله أعلم بذات الصدور.


4- القاعدة الرابعة: «التفريق بين علم الجرح والتعديل والعلم النافع».

اعلم يرعاك الله ويوفقك لمراضيه أن مما ابتلي به بعض مشايخ اليمن ومنهم عبد الرحمن بن مرعي وفقه الله وأصلحه أنهم يفرقون بين العلم النافع وبين الاهتمام بالجرح والتعديل, ويجعلون الأخير من العلوم التي لا يصار إليها إلا اضطرارًا كما يضطر الإنسان لأكل الميتة وشرب الخمر, وربما صرحوا بذلك في كلامهم, وتراهم يقولون اتركوا هذه الأمور أقبلوا على طلب العلم, أقبلوا على طلب العلم, ولا يعدون الاشتغال بمعرفة أحوال الفرق والجماعات والأشخاص من العلم, بل يعدونه من الصوارف عن العلم الشرعي النافع, وعجبًا كل العجب, فإن الطريقة التي تربينا عليها في حياة شيخنا الإمام الوادعي غفر الله له ورحمه وأدخله في الصالحين لم تكن كذلك كما لا يخفى على كل ذي عينين, والله المستعان.

وهذه القاعدة خطيرة لما تحويه من صد الناشئة وطلاب العلم عن الاهتمام بمعرفة أحوال الرجال والطوائف؛ فيبقى الواحد منهم أعمى ربما قال: «إن عبد المجيد الزنداني خير من ملء الأرض من هؤلاء يعني بعض طلاب العلم» وهذه المقالة عرفت عمن قد مضى له في طلب العلم أكثر من خمس وعشرين سنة وهو لا يعرف أو يتجاهل حال الزنداني؛ لأنه يوافقه في دينه, والله يعصمنا من الزلل.

وسبق أن ذكرت لك أيها القارئ اللبيب مقال شيخنا ووالدنا إمام أهل اليمن وتاج رؤوسهم في الكلام عن القاعدة الثالثة, وقوله رحمه الله وغفر له وأدخله في الصالحين «الثالث أحب إلي».

ثم ما الدليل على هذا التفريق الذي ما أنزل الله به من سلطان, ( نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) [الأنعام: 143], ومن المعلوم أن العلوم الشرعية أقسام منها علوم غايات ومنها علوم وسائل, فعلم الجرح والتعديل من علوم الوسائل, يقصد به حماية العقيدة والمنهج وحماية الأمة من خطر الانجرار وراء الدعاة المفسدين والدعاة إلى النار حتى لا يصيبهم ما أصابهم, ولا يتكلم علماء السنة في الرجال لخصومة بينهم على مال أو دنيا ولكن خصومتنا معهم على الدين الذي يريدون تغيير معالمة وتبديل ثوابته التي تركنا عليها محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم جميعًا, فافهم هذا هديت ووقيت, والله تعالى المستعان.

قال عبد الرحمن بن مرعي هداه الله ووقاه الشرور, مقعدًا التفريق بين الاهتمام بما يصلح القلب من معرفة أحوال الفرق والفتن وبين العلم الشرعي, فقال: «وهكذا من آثار الفتن عباد الله انشغال الناس عن العلم والتعليم والدعوة وانشغالهم أيضاً بالقيل والقال وانشغالهم بما لا يعود عليهم بالنفع, وهذه من الآثار الظاهرة , وصدق النبي صلى الله عليه وسلم إذ يقول «ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل إلا أوتوا الجدل, ثم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم قول الله عز وجل ( مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ) [الزخرف: 58] فهذا شيء مشاهد وملاحظ أنك تجد كثيراً من الشباب في أيام الفتن يعزفون عن حلق العلم, ولكن يتهافتون ويتسابقون إلى مجالس القيل والقال, ولا أحب من نفسي ومن إخواني أن نكون مهرولين إلى هذه المجالس, تكون مجالسنا مجالس علم ووعظ وتعليم, وإذا جاء الوقت الذي يضطر فيه اضطراراً إلى بيان الحق والتحذير من بدعة أو التحذير من ضلالة وزيغ وانحراف فلكل مقامٍ مقال , «فهكذا يحذر الشباب من هذه الصوارف ومن نزغات الشيطان ومن كيده ومن دسائسه ومن غرورة ومن تلعبه بعباد الله سبحانه وتعالى» أن يكون الشيطان قد رأى كثيراً من الشباب قد أقبلوا على حلق العلم قد أقبلوا على حفظ كتب الله قد أقبلوا على العناية بسنة رسول الله قد أقبلوا على تعلم العلوم الشرعية من تفسير أو عقيدة أو فقه أو فرائض أو علوم الآلة من علم المصطلح أو علم اللغة العربية أو علم الأصول أو علم أصول التفسير إلى غير ذلك من العلوم, فيحسدهم؛ لأنه كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم «إذا مر قارئ بآية سجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي ويقول يا ويلاه أُمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة, وأُمرت بالسجود فلم أسجد فلي النار» فالشيطان حريص وهو الذي أخبر الله عز وجل عنه أنه قال ( لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) [ص: 82 – 83] وهو القائل ( ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِين ) [الأعراف: 17] وهو القائل ( لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا ) [الإسراء: 62] فالشيطان قد غلط وقد هلك ويريد أن يهلك غيره, وأن يغرك غيره وأن يحرف ويصد غيره عن طريق الخير والهدى ( )...اهـ

أقول: ولا يخفى فساد كلام شيخنا ووالدنا محمد بن عبد الوهاب وفقه الله وسدده السابق في الحث على طلب العلم دون حثه على الاهتمام بالجرح والتعديل, وقد تقرر أن هذه التفرقة فاسدة باطلة وفي فتح بابها من الشر ما لا يدرك غوره, والله يعصمنا من الزلل.





يتبع مع الحلقة الرابعة بإذن الله تعالى


التعديل الأخير تم بواسطة أبوعبدالرحمن عبدالله بادي ; 07 May 2015 الساعة 10:52 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07 May 2015, 02:28 PM
أبو أنس يعقوب الجزائري أبو أنس يعقوب الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 382
افتراضي

حفظ الله الشيخ صلاح كنتوش وبقية المشايخ في جبهات القتال ضد الحوثي
جزاك الله خيرا أبو عبد الرحمن
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12 May 2015, 09:22 AM
أبوعبدالرحمن عبدالله بادي
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي


أحسن الله إليك أبا أنس

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, مسائل


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013