منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 13 Dec 2017, 10:44 AM
أبو عبد الرحمن أسامة أبو عبد الرحمن أسامة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 509
افتراضي [تفريغ]: (أهمية الفقه في الدين وفضل أهله) لفضيلة الشيخ محمد بن هادي المدخلي حفظه الله (20-3-1439)

أهميَّة الفقه في الدِّين
وفضل أهلِه

لفضيلة الشَّيخ الدُّكتور:
محمَّد بن هادي المدخلي

حفظه الله تعالى ورعاه، وثبته على الإسلام والسنة، وجزاه عنا خير الجزاء

۞ ۞ ۞

تفريغٌ لكلمةٍ ألقاها فضيلته في جامع العلامة أحمد النجمي رحمه الله
بقرية النجامية بمحافظة الطوال

وذلك يوم الجمعة 20 من ربيع الأوَّل 1439هـ
أسألُ الله سبحانه وتعالى أن ينفع بها الجميع

لتحميل الصَّوتيَّة: مِنْ هُنَا

۞ ۞ ۞

التَّفريغ:

بسم الله الرحمن الرحيم

يسرّ موقع ميراث الأنبياء أن يُقدِّم لكم تسجيلًا لكلمة بعنوان: "أهميَّة الفقه في الدين وفضل أهله"، ألقاها فضيلة الشيخ الدكتور: محمد بن هادي بن علي المدخلي -حفظه الله تعالى- في جامع العلامة أحمد النجمي -رحمه الله- بقرية النجامية بمحافظة الطوال يوم الجمعة 20 من شهر ربيع الأول 1439 للهجرة النبوية.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفع بها الجميع.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتَّقين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأوَّلين والآخرين، قيُّوم السَّماوات والأرضين، شهادة أدَّخرها ليوم الدين، يوم يُبعثَر ما في القبور ويُحصَّل ما في الصدور، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيُّه وخليله وأمينه على وحيه صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإنَّا معشر الأحبَّة لنحمد الله جلَّ وعلا على ما منَّ به علينا وعليكم من هذا اللقاء في هذا المسجد الذي كان يعمره علَم من أعلام الهُدى، وداعية من دعاة البر والتقوى، عالمٌ فقيه، ومُحدِّث جليل، وداعية مُصلِح نبيل، طار ذكره، وشاع في الآفاق شرقا وغربا خبره، وبقيت -ولله الحمد- آثاره بعد مماته -رحمة الله عليه-، باقية شاهدة على خيره وعلى إصلاحه وعلى دعوته التي هي امتداد لدعوة سلفنا الصالح -رحمهم الله تعالى-، مسجد شيخنا العلامة الجليل الشيخ: أحمد بن يحيى النجمي -رحمه الله تعالى- ورفع درجاته في جنات النعيم ونضَّر بها وجهه، وجعله مع الأنبياء والشهداء والصالحين، وألحقنا وإيَّاكم به غير مُبدّلين ولا مغيّرين، وجمعنا جميعًا مع أوليائه المفلحين وحزبه المتقين.

في هذه الليلة المباركة ليلة السبت الموافق للـ 21 من شهر ربيع الأول عام 1439، نلتقي في هذا المسجد وليس يطيبُ لي أن أتحدَّث معكم فيه عن شيء إلا عمَّا كان يعمُره به صاحبه والقائم فيه، ولله الحمد لا يزال طلبته وُرَّاثه يُواصلون مسيرته -رحمة الله تعالى عليه-.

إنَّه العِلم معشرَ الأحبَّة؛ الذي رفع الله سبحانه وتعالى به من شاء أن يرفعه كما قال جلَّ وعلا:
﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ، وما رفعهم الله جلَّ وعلا هذه المنزلة إلا لأنَّهم أتقى الناس لله، وما تقواهم لله جلَّ وعلا إلا لأنَّهم أعرف الناس بالله سبحانه وتعالى كما قال جلَّ وعلا: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ، ووصف خشيتهم وبيَّنها في قوله جلَّ وعلا: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ.

هؤلاء هم العالمون بربِّهم والعارفون بما أعدَّه لهم، هم ورثة النبي -صلى الله عليه وسلم- كما صحَّ ذلك في الحديث الصحيح عن أبي الدرداء -رضي الله تعالى عنه- أنَّه -عليه الصلاة والسلام- قال:
«العلماء ورثة الأنبياء، والأنبياء لم يُورِّثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورَّثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر».

ورثةُ الأنبياء هم العارفون بميراث الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، وميراثه -صلى الله عليه وسلم- إنَّما هو هذا الدِّين الذي جاء به؛ هذه السنة النَّبويَّة التي جاء بها وتركها فينا -عليه الصلاة والسلام-، فمن عرفها ووقف على صحيحها وضعيفها وبيَّن ذلك للنَّاس ودعاهم إليه فهو وارث النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومن تعرَّى عن معرفتها ولم يَعرفها ولم يعرف صحيحها من ضعيفها ولم يُبيِّنها للناس ويدعو الناس إليها فليس هو من ورثة النبي -عليه الصلاة والسلام-، فوُرَّاثه -صلى الله عليه وسلم- هم العالمون بسنته -رحمهم الله تعالى-.

ولقد كان الشيخ أحمد بن يحيى النجمي -رحمة الله عليه- من فرسان هذا الميدان، عالما بالسنة، عارفا بصحيحها من ضعيفها؛ ثابتها من معلولها، داعيا إليها بكلّ ما يستطيع، كان باذلا وقته كله للعلم والتَّعليم -رحمة الله تعالى عليه-.

معشرَ الأحبَّة: ذُكِر هؤلاء بالعلم ورفعهم الله به؛ لأنَّهم لم يرفعوا رؤوسهم بشيء إلا به، فلمَّا رفعوا أنفسهم ورؤوسهم به رفعهم الله جلَّ وعلا
﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ، فكانت منزلتهم المنزلة الرَّفيعة، وكانت صفحتهم الصَّفحة البيضاء، وكانت آثارهم الآثار المنيرة.

أمَّا رفعتهم فقد نوَّه الله جلَّ وعلا بها فيما سمعتموه من الآيات، وقد جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الآنف الذكر قوله -عليه الصلاة والسلام- في حديث أبي الدرداء الذي تقدَّم:
«فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب»، فالبدر مُرتفِع ظاهرٌ كبيرُ الحجم عظيمُ النور، فهكذا العالم يكون في قومه ظاهرا يعرفه الناس شرقا وغربا، مُترفِّعا عن دنياهم الخسيسة لا يهبط بنفسه إليها ولا يُزاحمهم فيها، فلمَّا ترفع عنها إجلالا لهذا العلم الذي مَنَّ الله جلَّ وعلا به عليه وضمَّه بين جَنْبَيْه رفعه الله سبحانه وتعالى.

فهذه الدنيا حقيرة ليست بشيء، وأعرف النَّاس بها أنبياء الله ورسله،
«ما لي وللدنيا، إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب استظلَّ تحت شجرة ثمَّ راح وتركها»، وأعرف الناس بها بعد الأنبياء هم ورثة الأنبياء أهل العلم -رحمهم الله تعالى-.
إن لله عبادا فُطَنا *** طلَّقوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا *** أنها ليست لِحَيٍّ سكنا

جعلوها لُجَّة واتخذوا *** صالح الأعامل فيها سفنا
فتركوها ولم يأخذوا منها إلا بُلغة الراكب التي يتبلَّغ بها إلى دار مُقامه، ودار الإقامة الدَّائم إنما هو جنَّة النعيم عند رب العالمين، فلذلك ترى العلماء أكثر الناس انزواءً عن هذه الحياة الدنيا، يرغبون فيما عند الله تبارك وتعالى، مُقبِلون على ما يُصلحون به آخرتهم من دنياهم، فتبلَّغون منها بما يُصلح لهم أُخراهم، ولا يُهلكوا أنفسهم فيها، فلا يُزاحموا أهلها،
فإن تجتنبها عشتَ فيها مسالما *** وإن تجتذبها نازعتك كلابُها
كما يُنسب ذلك إلى الشافعي -رحمه الله-.

فلما طهَّروا أنفسهم عن أدناسها كانوا كالبدر صفاءً ونقاءً، صَفَتْ قلوبهم فَزَكَتْ أعمالم وزكَّتهم أعمالهم بإذن الله تبارك وتعالى عند الله وبين الناس، ولما زكوا أنار الله جلَّ وعلا قلوبَهم فأناروا للناس مع ارتفاعهم عنهم، فالنَّاس مُنتفعون بهم وهم مُترفِّعون عن دنيا النَّاس، النَّاس ينتفعون بما بين جنوبهم مِن العلم؛ في صدروهم؛ فيهدونهم ويُرشدونهم ويُدلّونهم ويَدلّونهم على الطريق إلى الله، ويُبيِّنون لهم شرعه وأحكام دينه، فترى الناس محتاجين إليهم وهم أغنى الناس عن الناس، فلذلك نبلوا.

فهذا مَثَلُهُم، ارتفاعهم كالقمر، ونفعهم كالقمر، وضوؤهم للناس كالقمر، فهم مُرتفعون ارتفاع القمر، أنقياء من درن هذه الدنيا ومن وسخها ومن أهوائها وشهواتها وملذَّاتها صفاء القمر ونظافة القمر، ويُنيرون للنَّاس طريقهم إلى الله كما يُنير القمر للسَّارين طريقهم في الأسفار؛ في الليالي المقمرة يستدلُّون به، مع ارتفاعه يستدلون به في مسراهم على وجه البسيطة؛ على الأرض، فينتفعون بالعلماء ويستدلون بأقوالهم وبفتاواهم وبتعليمهم.

فالعلم -معشرَ الأحبة- يرفع الله سبحانه وتعالى به صاحبه، يرفعه في دنياه ويرفعه في أُخراه ويُخلد له الذكر الحسن،
فإن أردتَّ رُقيا نحو رتبتهم *** ورمتَ مجدًا رفيعًا مثلَ مجدهِمِ
فاعمد إلى سُلّم التقوى الذي نصبوا *** واصعد بجد وعزم مثل عزمهمِ

فيا معشر الأحبَّة: احرصوا على هذا العلم وعلى التفقه في دين الله تبارك وتعالى، واعمروا هذا المسجد وبقيَّة المساجد في بلادنا هذه؛ في منطقتنا هذه؛ اعمروها بالدروس والقعود للعامة وتفقيه العامة وتفقيه الناس؛ تفقيه أبناء المسلمين، فلعلَّ الله جلَّ وعلا أن ينفع بكم كما نفعكم بمن كان قبلنا من أشياخنا -رحمهم الله-.

واصلوا المسيرة، فإنه
«من يرد الله به خيرا يُفقهه في الدين»، فالخير كله في الفقه في دين الله تبارك وتعالى، من أراد الله به خيرا فقَّهه في هذا الدين، فمن عرف أحكام الحلال والحرام وتبيَّن ذللك انطبق عليه وصدق عليه أنَّ الله أراد به خيرًا، ومن لم يعرف ذلك فهذا ينطبق عليه بدلالة المفهوم أنَّ الله لم يُرد به خيرا.

فاحرصوا -رحمكم الله- على هذا العلم، وابذلوا ما تستيطعون في تحصيله وتوصيله إلى الناس، واقعدوا للناس معشر الإخوة الكرام طلبةَ الشيخ؛ اقعدوا لهم حتى يعلم من لا يعلم، فإنَّ العلم لا يهلك حتى يكون سِرا، والعلم يحتاج إلى مصابرة، ويحتاج إلى مجاهدة، ويحتاج إلى تضحية ببذل النفس والوقت والمال إن كان عندك مال؛ تُواسي به طلابك الضعفاء والفقراء والمحاويج فينفعهم الله جلَّ وعلا بذلك ويتفرَّغون للعلم، فرُبَّ طلبة ممن يأوون إليك ليس يوجد لديهم إلا الكفاف وربما أقل من الكفاف، فإذا تعهَّد العالم طلابَه كما يتعهَّد الوالد أولادَه نفعهم الله تبارك تعالى بذلك.

والفقه في دين الله معشرَ الأحبَّة الآن قليل عزيز في هذه الأزمان، ترون أنتم ذهاب العلماء، ترون ذهاب الفقهاء وقلَّة العلماء وقلَّة الفقهاء في هذا الزمن، وكثُر المثقَّفون الذين يهرفون بما لا يعرفون، وقلَّ العالمون العارفون بالعلم الموروث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

شهادات موجودة! لكنَّ العلم الصحيح قلَّ، وأهله أقل من القليل،
وقد كنا نعدّهمُ قليلا *** وقد أضحوا أقلَّ من القليل
هم الآن قليل جدا، المتكلِّمون كُثر والمحققون قليل، المتخرِّجون كُثر والفقهاء والعلماء منهم قليل.

فاحرصوا -رحمكم الله- على هذا الأمر: الاجتهاد في التفقه في دين الله تبارك وتعالى، فالخير كل الخير إنما هو في الفقه في دين الله ومعرفة أحكامه وشرعه، وهذا يحتاج إلى جهد واجتهاد وإلى جدّ وإلى تضحية.

نسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يرزقنا وإيَّاكم جميعا الفقه في دينه والبصيرة فيه، وأن يُثبّتنا وإياكم جميعا على الحق والهدى حتى نلقاه، وأن يُعيذنا وإياكم جميعا من مضلات الفتن.

أيُّها الإخوة: أنتم ترون الآن فتن الشهوات والشبهات كيف هيَ ضاربة في أبناء المسلمين وفي مجتمعات المسلمين.

أمَّا الشبهات: فما أكثرها في هذا الوقت خاصة وما أكثر انتشارها؛ وما ذلك إلا بسبب وسائل الإعلام المتعددة المتنوعة، فاستغلَّها أهل الباطل، فإذا لم يقم أهل العلم ببيانها وتفنيدها الْتبس الحق فيها بالباطل على الناس ومَرَجوا في دين الله مرجا.
وأنتم تسمعون وترون هذه الأدوات وهذه القنوات التي ظهر فيها من يظنه من لا يعلم من عوام المسلمين يظنونهم شيوخا ويظنونهم علماء وليسوا كذلك، وكم عندهم من الضلالات فأضلّوا، كان في السابق يحصل الإضلال والشُّبَه لبعض الناس في صفّ الرجال، والصغار والكبار الذين لا يُتابعون والنساء في سلامة وعافية، أما الآن وقد غزت هذه الوسائل البيوت فصار البلاء في النساء وفي الصغار وفي العامة، وهذا مما يُؤكد عِظم المسؤولية.

وهكذا فتن الشهوات -عياذا بالله من ذلك- مما يُعرَض في هذه القنوات الخبيثة أيضًا ويراها الصغار والكبار والنساء والرجال، فتنةٌ عامة.

أصبحَ البلاءُ مع كل أحد في جَيْبه ما بينه وبينه إلا أن يفتح على هذه المواقع في هذه الهواتف التي يسمونها الهواتف الذكية، فيها من الشبهات وفيها من الشهوات ما الله به عليم، شرٌّ عظيم لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى.

فِتَنٌ عظيمة، نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يُعافينا وإياكم وسائر المسلمين منها، تهتّك، أخلاق سيِّئة وقبيحة، ورذائل، وفسق، وفجور، وعري، وعهر، كل ذلك موجود في هذه القنوات وموجود في هذه الأدوات التي قد عمَّ انتشارها وطمَّ، عياذا بالله من ذلك.

فالشَّهوات أصحابُها كثير -لا كثَّرهم الله- والدعاة إليها، والشُّبهات أصحابها كثير لكنهم في السابق كانوا مُنقمعين ليست عندهم من الوسائل ما هو الآن، فتوفَّرت هذه الوسائل فاستعان بها هؤلاء من أصحاب الشبهات والأهواء والضلالات في دين الله ومن أصحاب الشهوات كما قال الله جلَّ وعلا:
﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًايُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا.

هؤلاء الذين يتَّبعون الشهوات هم الذين يُريدون أن يضلَّ أهل الحق وأهل الباطل ضلالا بعيدًا، فيُغرقوهم في شهواتهم وفي فتن الشهوات والملذات من الفجور المتنوع، عياذا بالله من ذلك.
هؤلاء من يقوم لهم؟ لا يقوم لهم إلا أهل العلم العارفون بالله، الفقهاء في دين الله، وُرَّاث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

فاحرصوا -رحمكم الله- على تحصين المجتمع، وحثّ الناس على الخير، وتحذيرهم من الشر في الشبهات والشهوات، حذِّروهم من هذا وهذا، وبيِّنوا لهم ذلك بالأدلة الثابتة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبكلام الله الصريح أو بالمفهوم الصحيح الذي تقوم عليه الدلائل؛ من كلام الله تفسير بعضه ببعض، وهكذا كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتفسير بعضه ببعض، أو كلام العرب الفصحاء حينما يُنقل في تفسير كلام الله وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

فالأمر جدُّ خطير، ونحن بحاجة إلى الاجتهاد في هذا الباب، نجتهد أولا في تعليم الناشئة، فإذا علَّمنا الناشئة وحصَّنَّاهم وثبَّتناهم على دين الله تبارك وتعالى خرجت الأجيال النافعة الصالحة؛ صالحة في أنفسها يُصلح الله بها مجتمعاتها فيما بعد.

وهاأنتم ترون التأثر بهذه الحضارة الغربية -عياذا بالله من ذلك-، فترى الشباب وقد انماع كثير منهم حتى لكأنَّهم بنات! وربما فاقوا البنات في التثني والتكسر! بل وتشبهوا بأعداء الله الكفرة في بلاد الغرب لِما يرونه في هذه الوسائل، فلبسوا لباسهم، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قد قال عن لباس أهل الكفر:
«إنما يلبس هذه من لا خلاق له»، فَلَبِسَ لباسهم من لا خلاق لهم، وتشبَّهوا بهم في الظاهر حتى تأثروا بهم في الباطن، عياذا بالله من ذلك.

وأنتم تسمعون ظهور ظاهرة الإلحاد في بلاد المسلمين في الآونة المتأخرة والعياذُ بالله، وهكذا ظهور النساء مع الرجال مختلطين بعضهم ببعض؛ هذه مصيبة عظيمة، قلَّ الحياء كما قال القائل قديما:

مدنيَّة لكنها جوفاءُ *** وحضارة لكنَّها أفياء
أوحت إلى الجنس اللطيف بأنه *** هو والرجال لدى الحقوق سواء

فالشَّاهد عباد الله: أن هؤلاء يُريدون منا كما أخبرنا ربنا جلَّ وعلا أن نميل ميلا عظيما، وهنا يجب علينا جميعا أن نَّجِدَّ وأن نبذل الجهد بقدر ما نستطيع في تحصين أبناء المسلمين حتى يستقيموا على دين الله جلَّ وعلا، وأن يُعرَّفوا بخطر التّشبّه بأعداء الله الكفرة في دينهم وعقائدهم وفي أخلاقهم وأفعالهم، ويُحذَّروا من ذلك، ويُبيَّن لهم هذا، ويُبيَّن لهم أنَّ هؤلاء إنما يُريدون أن يُضعفوهم فإذا أضعفوهم ركبوا عليهم، وما الحال الواقع في المسلمين الآن منا ببعيد، ما لم ننتصر عليهم بفضلنا لن نغلبهم بقوتنا، والفضل الذي فضَّلنا الله جلَّ وعلا به عليهم إنَّما هو هذا الدِّين ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ.

فالذي فضّلنا الله به سبحانه على غيرنا من الأمم هو: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذه الشعيرة العظيمة التي هي ذروة سنام الإسلام لا يقوم بها إلا أهل العلم العارفون بشرائط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ متى يُنكرون، ومى يُبيّنون ويُصرّحون بالإنكار، ومتى يُسرّون بالإنكار، ومتى يرون الإجهار به شرا والإسرار به خيرا، ومن الذي يُسَرّ معه ومن الذي يُجهر معه في هذه الباب، هذا لا يقوم به إلا العالمون.

فالفقه في دين الله ملاك كل شيء معشرَ الأحبة،
«من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين»، فإن الفقه في دين الله هو الخير كله كام قال -عليه الصلاة والسلام-: «إن الله لا يقبض هذا العلم انتزاعا من صدور الرجال، وإنما يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبقِ عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسُئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا» خرَّجه في الصحيح.

فالواجب علينا جميعا: التظافر معشر الأحبة، وعلى الأولاد أن يحرصوا على حضور هذه الحلق حلق التعليم عند أشياخ السنة ومشايخ السنة أصحاب العقيدة الصحيحة والطريقة الصافية الصحيحة، فإن هؤلاء هم المأمونون على تربية الناشئة.

أسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يجعلنا وإياكم ممن يقول القول ويستمعه ويتبع أحسنه، كما أسأله سبحانه وتعالى أن يُعيذنا وإيَّاكم من مضلات الفتن، وأن يرزقنا وإيَّاكم الفقه في الدين والبصيرة فيه، وأن يُصلح أحوالنا وأحوالكم وأحوال جميع المسلمين في كل مكان حُكاما ومحكومين، إنه جواد كريم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.اهــ

فرَّغه:/ أبو عبد الرحمن أسامة

24 / ربيع الأوَّل / 1439هــ

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
أهميةالفقه في الدين, محمدالمدخلي, تزكية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013