منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #16  
قديم 22 Apr 2010, 10:39 AM
أحمد سالم أحمد سالم غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
الدولة: الجزائري مقيم في فرنسا
المشاركات: 608
افتراضي

مكالمة مباشرة من ثوار الجزائر برؤوس الجبال مع العلاَّمة ربيع بن هادي المدخلي

قال السائل : (( لقد أدرك الإخوة عندنا هنا أنَّه لا سبيل للهدى وللحق إلاّ بالرجوع إلى العلماء ـ علماء أهل السنة ـ في هذا العصر وسؤالهم، والتزام أقوالهم بعد ذلك، وها نحن الآن نعرض عليكم أخطر قضيّة تجري اليوم على الساحة الجزائرية، ألا وهي القتال القائم بيننا وبين النظام الحاكم منذ ثمان سنوات، نريد أن نعرف رأيكم فيه مع أكبر تفصيل ممكن. عندنا تساؤلات نحتاج جداًّ أن تبيِّنوا لنا وجهَ الحق فيها، فنطمع منكم ـ يا شيخنا ـ في شرحٍ وافٍ وشافٍ، وأن تشرحوا لنا صدوركم؛ عسى الله أن يردَّ على أيديكم من شرد عن الحق ليعود إليه والله المستعان.
أوّل سؤال : ما رأيكم في هذا القتال القائم في الجزائر؟ وعلى أيِّ أساسٍ تبنون قولكم وموقفكم ـ يا شيخنا ـ عِلْماً بأنّنا ننتهج المنهج السلفي، ونرفع راية أهل السنة والجماعة، ونبرأ إلى الله من الهجرة والتكفير الذين يرتكبون المجازر والمذابح، ونبرأ إلى الله من الحزبيين الذين يُدَنْدِنون حول الانتخابات والتحزب وغير ذلك؟

قال الشيخ: جزاكم الله خيراً، أنا أولاً الآن أتهيّأ للذهاب للصلاة في المسجد الحرام. أذَكِّركم بما قد سمعتموه من فتاوى علماء وأئمّة السنة في هذا العصر مثل الشيخ الألباني والشيخ ابن باز وابن عثيمين، فهل سمعتم وقرأتم فتاواهم؟ السائل: إي نعم بلغتنا، ولكن حال دون الانتفاع بها بعضُ الشُبَه التي نحتاج إلى جوابها منكم يا شيخنا.
الشيخ: إذاً تُؤَجَّل الإجابة عن الأسئلة هذه إلى أن أعود من الصلاة من المسجد الحرام. ثم ضرب لهم الشيخ موعداً آخر من اليوم نفسه. ثم قبل انتهاء المكالمة قال الشيخ: أقول: بل أسألك سؤالاً سريعاً: كم نسبة السلفيين في هؤلاء؟
السائل: هي أمّة كثيرة ـ يا شيخنا ـ أمة كثيرة!

الشيخ: طيّب إذا كانوا سلفيّين لماذا لم يرجعوا إلى العلماء قبل أن يدخلوا في هذه المشكلة؟ السائل: هم أصلاً كانوا يعتمدون في خروجهم على فتوى للشيخ ناصر الدين الألباني ـ يعني ـ فتوى قديمة، ثم ظهر الآن أنَّها لَم تكن ـ يعنِي ـ بتلك القوة وبتلك السلامة، والله تعالى أعلم. الشيخ: خير إن شاء الله على كلِّ حال البحث يجري بعدين إن شاء الله. وعند الموعد اتّصل الثوارُ بالشيخ.
قال السائل: نحن نحيطكم علماً أنَّ الذي يكلِّمك الآن هم إخوانك المقاتلون من الجزائر، وبالضبط المقاتلون: (الجماعة السلفية للدعوة والقتال)، ونحن في إحدى كتائبها: (كتيبة الغرباء) بالبويرة.نعود طبعاً بعد أن بلغنا من كلام أهل العلم ما بلغنا أن نطرح عليكم بعض التساؤلات، وكنا قد أعطيناك بدايتها في الصباح، وها نحن نعطيك تفاصيلها إن شاء الله عزّ وجلّ. عموماً أودُّ أن نعطيك ـ يا شيخنا ـ نظرةً لمجريات الأحداث منذ أن بدأت إلى يومنا هذا؛ حتى تكون عندك صورة متكاملة عمّا جرى إن شاء الله عزَّ وجلَّ. كما تعلمون ـ شيخنا ـ القضية بدأت بظهور الجبهة الإسلامية للإنقاذ على الساحة، التحزب ـ يعني ـ المفهوم ذاك والانتخابات، ثم تَوقَّفت الانتخابات وجرى ما جرى في تلك الفترة، في 92 بدأ جماعة من التكفيريّين عمليّات القتل والجبهة الإسلامية للإنقاذ في إبّان تلك الفترة كانت تدعم القتال بشكل إعلامي فقط، وتحمِّس الشباب لذلك. بعد ذلك شيخنا انتشر عند الإخوة أنَّ الشيخ ناصر الدين الألباني قد أفتى بهذا القتال، وقال: (( عجِّلوا! عجِّلوا! ))، وهناك شريط مسموعٌ في هذه الفترة مع هذه الظروف الإعلامية ومع الظروف المتقلبة ـ يعني ـ ... أصبح الشباب يلتحق أفواجاً أفواجاً بهؤلاء المقاتلين.
قال الشيخ: أَسمعني شريط الألباني.
السائل: ماذا شيخنا؟
الشيخ: أسمعني كلام الشيخ الألباني هذا الذي يقول: (( عجِّلوا! عجِّلوا! )).
السائل: ماذا يا شيخ ماذا؟
الشيخ: أقول: أَسمعوني صوت الشيخ الألباني هذا الذي اعتمدتم على فتواه.
السائل: الشريط موجود، لكنَّ الشريط بُني على واقعٍ غير واقع الذي سأل الشيخ، لم يعطه الواقع الصحيح؛ أوهمه أنَّ ثَمَّة عُدّة، وثَمَّة (7) ملايين و(3) ملايين وهكذا، فالشيخ قال: (( عجِّلوا! عجِّلوا! )) كأنّه أوهمه غير الواقع، فكان هذا الذي كان.
الشيخ: أقول بارك الله فيكم: الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه، أمّا بعد، فأرى أنّك تفرِّق بين السلفيين وبين جماعة التكفير؟
السائل: إي نعم!
الشيخ: وفهمتُ من خلال كلامك أنَّكم تتبرَّؤون مِمَّن يكفِّر التكفير العام الشامل للشعب، فهذا يعطيني على أنكم أيضا تكفرون؟
السائل: إي نعم! إي نع! نحن ليس على هذه الصورة وإنما على صورة أخرى.
الشيخ: كيف تكفيركم؟
السائل: الجماعة يكفِّرون الحاكم، لهذا خرجوا عليه.
الشيخ: الحاكم والجيش والوزراء ومن حولهم؟
السائل: إي نعم! كلُّ من دخل في طائفة الحاكم قاتلوه معه!
الشيخ: قاتلوه على أساس أنَّه كافر؟
السائل: إي مش كفر عيني، أي على أساس ليس كفر تعيين ـ يا شيخنا ـ ليس كلّ واحد من أفراد الطائفة يكفر كفر عيني!
الشيخ: الحاكم الآن تكفِّرونه؟
السائل: أي نعم!
الشيخ: لماذا تُكفِّرونه؟
السائل: بناءً على أنَّه نَحَّى الشريعة الإسلامية وعوَّضها بقوانين وضعية، وحارب المسلمين وأنَّه أفتى فيه الشيخ ناصر الدِّين الألباني كما أسلفتُ لك سابقاً.
الشيخ: لا! الآن، الآن على فتوى الألباني الجديدة؟
السائل: الجديدة؟ ها هنا وقع استغرابنا وحيرتُنا يا شيخَنا!
الشيخ: الألباني يُكفِّر حُكَّام الجزائر ...، أو العثيمين أو الفوزان ـ يعنِي ـ قالوا بأنَّ الحُكَّام كفار؟ لا حول ولا قوة إلاَّ بالله!
السائل: لم يقولوا ذلك يا شيخنا.
الشيخ: طيِّب، وأنتم عندكم بأنَّ كفرَهم بواح وفيه من الله برهان كأن قالوا بأنَّ الإسلام هذا لا يصلح، بأنَّه رجعية، وأنَّ القوانين هذه أفضل من الإسلام، قالوا هذا؟
السائل: هذا ما سمعناه منهم يا شيخنا.
الشيخ: إذاً ما عندكم دليلٌ واضح على أنَّهم كفَّار الكفر البواح هذا يُعامل بما جاء في الأحاديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام في موقف المسلم من الحاكم المنحرف. الحكَّام الذين تعرفون وتنكرون وقال فيهم: (( يهتدون بغير هديي ويستنُّون بغير سنَّتي ))، وأحاديث كثيرة جدًّا، حتى إنَّ الرسول لَمَّا قالوا له: أنقاتلهم؟ قال: (( لا ما أقاموا فيكم الصلاة ))، يعني أنَّهم يُغيِّرون في الإسلام إلى آخر شيء. إذا بقوا يُصلُّون ويدَّعون الإسلام لا يقاتَلون ولا يُخرج عليهم، هل عرفتم هذه الأشياء؟
السائل: نحن نسمع من فضيلتكم ـ يا شيخنا ـ نتعلَّم منكم الآن.
الشيخ: إي ـ بارك الله فيكم ـ ادرسوا هذه الأحاديث وادرسوا كلام العلماء وادرسوا كلام الألباني، وعليكم بطلب العلم ... ثم أنا أسألك: هذه ثمان سنوات ما هي ثمار هذا القتال؟ ما استفاده المسلمون من هذا الجهاد؟
السائل: لحدِّ الآن لا شيء يا شيخ!
الشيخ: كم قُتل، وكم من المال، وكم من الأعراض انتُهكت، وكم، وكم ...؟
السائل: الكثير! الكثير!
الشيخ: الكثير! الكثير! أنتم أيَّدتم هذا الوضع، أيَّدتم التكفريِّين الذين يسفكون الدِّماء، وتشجَّعوا بكم، وعاضدتموهم، وإن قلتم إنَّكم سلفيُّون، وإنَّكم تخالفونهم في الرأي، ولكنهم يستفيدون من وقوفكم إلى جانبهم، وزادوا بكم جرأة على هذا الشعب فسحقوه سحقاً، فلم يبقوا له ديناً ولا دنيا! هل هذه الصفات يرضى بها الإسلام؟!
السائل: لا يا شيخنا! نحن قد جرى بيننا وبين هؤلاء قتال ونزاع طبعاً.
الشيخ: السبب الذي أوصل الشعب الجزائري الذي كان متجِّهاً إلى السلفية بأمَّته وشبابه وفتياته، جامعيين وغيرهم، متوجِّهين نحو النهج السلفي، هذا الوضع أحسن أو حينما جرت هذه الثورة وهذه الفتن؟
السائل: الوضع الآن ليس بأحسن!
الشيخ: طيِّب! أنتم قاتلتم ليكون الوضع أحسن مِمَّا كان؟
السائل: إي نعم! إي نعم!
الشيخ: فكيف كنت النتائج؟ السائل: سيِّئة ـ يا شيخنا ـ سيِّئة لحدِّ الآن!
الشيخ: أليس لكم عبرة في هذا؟! أليس هذا برهاناً على أنَّ هذا الجهاد جهادٌ كان منطلقاً من جهل، ومن فتاوى ـ يعني نسأل الله العافية ـ لم يستنجدوا بالعلماء، واتخذوا أصحاب الشرور رؤوساً جهالاً، فيُفتون بغير علم، فيَضلُّون ويُضلِّون، ولم يقفوا عند حدِّ الضلال والإضلال، بل تجاوزوه إلى سفك الدِّماء وهدم الإسلام. الإسلام هُدم في الجزائر هدماً شديداً شنيعاً؛ بفعل هؤلاء!!وربَّما لو لم يتعجلوا ومشوا بالعلم والبصيرة لربَّما كانت دولة الإسلام في الجزائر، ولكن لجهلهم وسوء نواياهم؛ لأنَّ نواياهم سيِّئة لا يريدون إلاَّ الملك فقط، لا يريدون إعلاء كلمة الله، يريدون أن يتسنَّموا هم قمة الحكم، ولهذا السبب جعلت الانتخابات والديمقراطية والكلام الفارغ. وهم ليس لهم إلاَّ مصارعة الحكام، ولا همَّ لهم إلاَّ أن يتسنَّموا قمة الحكم فقط، ثم بعد ذلك يديرون ظهورهم للإسلام، كما فعل أمثالُهم في السودان وفي تركيا وفي غيرها. فهؤلاء لو وصلوا إلى الحكم لزادوا الناسَ خوفاً وظلماً وابتعدوا عن الإسلام ... فالآن ... اعتبروا بهذا الذي حصل، وشمِّروا عن ساعد الجدِّ لتحصيل العلم ودعوة هذا الشعب الطيِّب إلى كتاب الله وسنة الرسول حتى يعود إلى ما كان عليه قبل هذه الفتنة، ثم يتقدَّم إلى تحقيق الغاية التي ينشدها الإسلام.
السائل: شيخنا! على حسب قولكم إذاً لا يمكن الحكم بكفر حاكم من الحكام وإن كان يحكم بغير ما أنزل الله حتى يحكم عليه العلماءُ بذلك.
الشيخ: نعم! حتى يرى العلماءُ فيه كفراً بواحاً، ثم بعد صدور الفتوى هل يُقاتَل أو لا يُقاتل؛ لأنَّ الله يقول: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِن قُوَّةٍ وَمِن رِبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال 60]، هذا إذا كان كافراً.أنا جاءني شبابٌ في أول هذا القتال، فقلت: أعددتم للقتال، وهم كفار عندكم؟ قال: لا! قلت: ما عندكم قوة، وهم عندهم طائرات، وعندهم دبَّابات، وعندهم كذا، من ورائهم بريطانيا وأمريكا، والدول كلّها، وأنتم ما عندكم شيء، فأنتم ما أعددتم العدَّة التي تُرهبون بها عدوَّ الله، قد أعددتم العدة التي تُطمِعون عدوَّ الله فيكم وفي الإسلام، فلو كان الحاكم كافراً كفراً بواحاً، في الجزائر وفي غيرها لكان يجب ان يُرجع في ذلك إلى العلماء، فهم الذين يُقدِّرون المصلحةَ والمفسدةَ، ومتى يُشرع القتال ومتى لا يُشرع إلخ، لا للسفهاء والجهلة وأصحاب الأهواء الطامحين إلى المُلك، فهذا من الخطأ، وقد عرفتم حصاد هذا التهوُّر. فعليكم بالتوبة إلى الله تبارك وتعالى، فقد لا تسلمون من المسئولية أمام الله في الدِّماء التي أُبيحت، وفي الأعراض التي انتُهكت، وفي الأموال التي سُلبت ونُهبت، فتوبوا إلى الله توبة نصوحاً ـ بارك الله فيك ـ فإنَّ عليكم المسئولية أمام الله عزَّ وجلَّ؛ لأنَّكم شاركتم هؤلاء. فتوبوا إلى الله توبة نصوحاً فيما وقع في حقِّ المسلمين ... مظلومين، ثم شمِّروا عن الساعد، والله يقبل التوبة. وشمِّروا عن ساعد الجدِّ في طلب العلم، ونادوا إخوانكم الذين بقوا هناك في الجبال أن يتوبوا ويعودوا إلى الله، بلِّغوهم مثل هذا ...
السائل: شيخنا! بعض الإخوة المقاتِلين عندنا طرحوا سؤالاً فقالوا: إذا كان هذا ليس بجهاد، ولكن يُفكِّرون بالبقاء في الجبال بسلاحهم، ولا ينزلون، بدعوى أنَّهم يخافون من الحكومة، ما يكون توجيهكم لهم؟
الشيخ: أولاً: جاءني سؤال ـ قبل سنة تقريباً ـ من واحد من هؤلاء التائبين.قلت له: هل تعتبر أنَّ عملكم هذا جهاد؟ قال: نعم! قلت له: يا ابْنِي! هذا خطأ، الجهاد: إذا كنتم تريدون إعلاء كلمة الله فيجب أن تزحفوا إلى دولة أوربية: إمَّا إيطاليا، أو فرنسا، أو إسبانيا ... هم كفار، تزحفون بجيشكم إلى بلد كافر فاسق بكفره حكومةً وشعباً، وتدعونهم إلى الدخول في الإسلام، ليشهدوا أن لا إله إلاَّ الله محمد رسول الله، فإن استجابوا فالحمد لله، وإن لم يستجيبوا فتطلبون منهم أداءَ الجزية، فإنْ أَبَوْا حينئذ يصحُّ القتال، ولكن قتالاً شريفاً، لا تُنتهك فيه الأعراض، ولا تقتل فيه النساء، ولا الصبيان، ولا .. ولا .. إلى آخر الشروط التي في إطار الإسلام في الجهاد الإسلامي النظيف، الذي ينفع ولا يضر. فتستفيد منه البلاد ... الفاتحون والبلاد المفتوحة. أما جهاد هؤلاء السفهاء، فوالله! لقد شقي بهم الإسلام والمسلمون، بارك الله فيكم. الآن ننصح هؤلاء بأن يعودوا، وأظنُّ أنَّ الدولةَ لن تقتلهم، وقد توجِّه لهم أسئلة ثم تتركهم كما بلغنا.ليس الخطورة ... كما يُصوِّر الشيطان لهؤلاء: أنَّهم إذا عادوا فسيُقتلون، وكذا وكذا. يا أخي! لو قُتلت أنتَ ـ بارك الله فيك ـ وسَلِم الناسُ من أذاك، هذا هو المطلوب. فليرجعوا! وثِق أنَّ النتائج ستكون طيبة. ولو فرض أنَّه سيكون هناك سجن وقتلٌ فعليهم بالصبر، عليهم بالصبر ـ بارك الله فيك ـ لمصلحة الإسلام، ولمصلحة هذا الشعب، وليستعيد أنفاسه، ويُفكِّر قليلاً، ثمَّ يعود ـ إن شاء الله ـ إلى الوجه الطيب المشرق الذي كان عليه سابقاً. السائل: إذاً ما حكم من بلغه هذا، ثمَّ بقي مُصرًّا على القتال؟
الشيخ: والله! هذا ظالم، ويُناشَد أن يتقي الله، وأن يندم على ما صنع، إن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، إن كان له عقلٌ يُدرك به ما حصل من الفساد، وما نزل بهذا الشعب من الأضرار في دينه ودنياه، إن كان فيه بقية من خير فسيعود إلى ما كان عليه من قبل. وإن كان إنساناً منحرفاً قد استولى عليه الشيطان، فهذا: الله يتولى حسابه، ولا يجوز نصره ... ولا يجوز أن تُدعم جماعتُه، ولا أن يُمَدُّوا بالعون والسلاح أو بالمال أو بأي شيء.
السائل: شيخنا! إذا رؤساء المقاتلين لم يستجيبوا لهذه الدعوات الطيبة، ما واجب كلِّ مقاتل في حقِّ نفسه؟
الشيخ: أقول ـ بارك الله فيك ـ: هؤلاء المقاتلون هل هم التكفيريُّون أم هم الذين يدَّعون السلفية؟ السائل: أقول: الذين يدَّعون السلفية.
الشيخ: الذين يدَّعون السلفية: أنا أظنُّ أنَّ في سلفيَّتهم خللاً كبيراً جدًّا، بحيث لم يَبقَ عندهم من السلفية إلاَّ الادِّعاء، وإلاَّ لو كانوا سلفيِّين ما خرجوا أولاً. وثانياً: حينما جاءتهم فتاوى العلماء لعادوا أدراجهم إلى [بيوتهم]، فأنا أعتقد أنَّ هؤلاء يحملون السلفية اسماً، وليسوا صادقين في سلفيَّتهم، ولو كانوا صادقين كما قلت ما دخلوا في هذه الفتنة، ولو دخلوها لخرجوا منها بسرعة، بمجرد [سماع] كلام العلماء، تفضل!
السائل: شيخنا! ما هو واجب كلِّ جندي الآن من المقاتِلين، إذا رؤساؤهم أَبَوْا الاستجابة لهذه الدعوة الطيِّبة؟
الشيخ: حقُّه أن يتوب إلى الله ويرجع يا أخي! هذا حقُّه يا أخي! هذا لا يجوز؛ لأنَّ الجهادَ هذا أولاً: هو يُكفِّر الحكومة، وهذا الحكم جائر، الحكم لا شك أنَّه طاغوت، القوانين طاغوتية، لكن هل كلّ واحد يؤمن بهذا الطاغوت؟ حتى الحاكم نفسه يؤمن بهذا الطاغوت؟ وهل نحن على بصيرة وعلى برهان واضح أنَّ هذا هو الكفر البواح؟ ما فيه أدلَّة بارك الله فيك، أخوه مسلم، يصلي ... على كلِّ حال عنده على الأقل كفر، وهذا ظالم لا شك، فاجر، لكن لا يخرج من دائرة الإسلام إلاَّ بدليل واضح كالشمس، وكثير ... مسلمبن مكرهين ...
القتل كلُّه في المسلمين والمساكين والضعفاء، قد يكونون مكرَهين، ينبغي إدراك هذه الأشياء، بارك الله فيك.
السائل: نعم، هذا واضح ـ يا شيخنا ـ وجيد، حفظكم الله وجزاكم عنَّا كلَّ خير.
الشيخ: أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله، والتشمير عن طلب العلم، وادرسوا هذه الأبواب خاصة دراسة واعية، ادرسوا أحاديث الرسول في صحيح مسلم وغيره من كتب السنة والعقائد السلفية، ومِن جامع المسانيد لابن كثير، وكتب الفقه، وكتب ابن تيمية وابن القيم، وادرسوا الأمور هذه واستوعبوها تماماً.وقبلها ادرسوا العقيدة، تمكَّنوا فيها، والشريعة الإسلامية، وتمكَّنوا فيها. والشعب الجزائري يحتاج إلى علماء، ما يحتاج إلى مقاتلين جهلة فجرة، ما يحتاج إلى هذا الصنف الذي أوصله إلى هذه الهوة السحيقة من الجهل والضلال والفقر والضياع، يُريد علماء حكماء يسيرون بالأمة في الطريق الإسلامي الصحيح، ويدفعون عنهم المفاسد، ويُقدِّرون المصلحة ويضعونها في موضعها، والمفسدة ويضعونها في موضعها، ما يريد هؤلاء الناس الطائشين، فتجنَّبوا هؤلاء، عليكم بالعلم ـ بارك الله فيكم ـ العلم والعمل وتقوى الله والإخلاص في كلِّ ذلك. والشعب الجزائري من أفضل الشعوب، ومن أسرعها استجابة إلى الحقِّ، وأيضاً شمِّروا عن ساعد الجدِّ لدعوتهم إلى المنهج السلفيِّ الذي هو دين الله الحق
السائل: شيخنا! بلغنا أنَّكم ممَّن يحمل لواء الجرح والتعديل في هذا الزمان( )، فنوَدُّ أن نسألكم عن بعض الأشخاص الذين لهم مكانة ههنا عن بعض المقاتلين، نبدأ بأبي قتادة الفلسطيني الماكث في بريطانيا، هل تعرفونه شيخنا؟
الشيخ: أسمع أنَّ هذا من أسوأ خلق الله وأفجرهم وأجْرئهم على الفتوى، وأنَّه يُبيح قتل الأطفال والنساء، فبئسما صنع، وبئسما أفتى هذا الرجل!! وهذا ليس من أهل العلم، هذا من أهل الأهواء؛ ومن الأدلة: أنَّه يعيش في بلاد الكفر، وأنا أشكُّ أنَّ بريطانيا تشجِّع هذه الأصناف؛ لأنَّها تريد للعالم الإسلامي دماراً، وهؤلاء أنزلوا بالشعب الإسلامي من الهلاك والدَّمار ما يشفي صدورَ الكفار. هذه النتائج التي وصلتْ إليها الجزائر، مَن يفرح بها؟ يفرح بها اليهودُ والنصارى وأعداءُ الإسلام.ومن أوصل الشعب الجزائري إلى النتائج المُرَّة غير هذه الفتاوى ...؟! هل [تعلمون] أنَّ أبا قتادة سلفي
؟ السائل: لا نعرفه سلفيًّا، شيخنا!
الشيخ: سلفي؟
السائل: لا نعرفه سلفيًّا. الشيخ: ... لاتعرفونه بالسلفية، يعني: تكفيري؟! فقال أحد المقاتلين: تكفيري إيه!
وقال السائل موافقاً زميله: أي نعم!
قال الشيخ: خلاص، تعرفه وتسألني عنه؟ قال السائل: حتى يعرفه الإخوة؛ لأنَّ الإخوة مخطئون فيه، فإذا سمعوا كلامَكم، وأنتم أهلٌ للقول فيه، فيُؤخَذ قولكم إن شاء الله عزَّ وجل.
الشيخ: جزاك الله خيراً.السائل: شيخنا! أيضاً: أبو مصعب السوري، هل تعرفونه؟
الشيخ: لا! أبو مصعب مَن؟ السائل: السوري هذا؟!
الشيخ: هو في بريطانيا يعيش؟
السائل: ربَّما، وهو يتكلَّم أيضاً في هذه المسائل: التكفير والجهاد.
الشيخ: وأيضاً هناك أبو حمزة( )! من قيادات الشر والفتن! وأظنُّ أنَّ لهم علاقات بأعداء الإسلام، بريطانيا وغيرها ـ والله أعلم ـ تشجِّعهم على هذه الفتن التي يثيرونها في بلاد الإسلام، وعلى هذه الفتاوى التي تضرُّ بالمسلمين ولا تنفعهم؟
السائل: شيخنا! ما قولكم في أسامة بن لادن؟
الشيخ: والله ! ما هو بعيد عن هؤلاء! ما هو بعيد عن هؤلاء!السائل: شيخنا! الإخوة .. نحن مثلاً .. الجماعة السلفية .. الإخوة في الجماعة السلفية ـ كما كنت أسلفتُ لك ـ خرجوا متأوِّلين؛ ظانِّين أنَّ هذا جهاد مشروع وقد أخطأوا، وقد مضى عليهم في هذه سنوات من التعب والنصب، وهناك فيهم من قُتل! فما حكم تلك السنوات التي كانوا فيها متأوِّلين من التعب والنصب؟ وما حكم من قتل أيضاً منهم؟
الشيخ: والله فهم لا تبصَّروا في الأمر، ولا رجعوا إلى العلماء، وأنت تعلم أنَّ الذي يحصل جاء هذا مصيره ـ بارك الله فيك ـ هم حكموا على الحكومة ـ والله أعلم ـ والشعب بالكفر، [وشرعوا في إراقة الدماء] هذا مصيره مصير الخوارج، والله أعلم، هذا ما أعتقد، وأعوذ بالله إن كنتُ قد أخطأتُ!
السائل: يا شيخ! هل تختمون هذه المكالمة بنصيحة توجِّهونها للإخوة؟
الشيخ: النصيحة الأولى: أوصيكم بتقوى الله تبارك وتعالى، والإخلاص لله في كلِّ قول وعمل، والتشمير عن ساعد الجدِّ في طلب العلم من مناهله ومنابعه الصحيحة من كتاب الله وسنة الرسول وكتب السلف الصالح، ثم كذلك دعوة الناس إلى هذا المنهج الصحيح، والتربية عليه تربية صحيحة، مَن يموت منهم يموت على الإسلام الحقِّ، على عقيدة صحيحة وعلى منهج صحيح وعلى بصيرة من دينه.ثم هؤلاء الذين يستقيمون على منهج الله لن يُضيِّعهم الله تبارك وتعالى، ولن يضيِّع أعمالهم إن شاء الله. ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُجنِّبنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، ومسألة الجهاد ليست مسألة سهلة ـ يعني ـ بهذه السهولة، يعني ... يَقتُل ثم يُكتب في المجتهدين وفي المؤوِّلين ... والله أعلم؟! هذا مصيرهم بيد الله عزَّ وجلَّ ... وأنَّهم مخطئون عليهم مسئولية أمام الله تبارك وتعالى.فلينصحوا أنفسهم جميعاً بتقوى الله و بلزوم كتابه وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، والسير على نهج السلف الصالح في العقيدة والعمل والمنهج، فلا سداد إلاَّ للعلم النافع، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح. السائل: يا شيخنا! ههنا أخ مقاتل يريد أن يسألكم، نحوِّل إليه المكالمة.
السائل: شيخنا! حفظك الله، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.السائل: لقد سألك أخونا ـ وكانت الأجوبة شافية كافية، وعلى أتَمِّ البيان ـ والحمد لله تبارك وتعالى ـ غير أنِّي في الختام أطلب منكم شيئاً بعد هذا الذي أصابنا وأصاب الأمة، ألا وهو أن تألِّفوا رسالة توجِّهونها إلى الشباب في الجزائر، تحثُّونهم فيها على الأخذ من أهل العلم، وتبيِّنون أسماء العلماء المعاصرين، وتبيِّنون كذلك رؤوس الخوارج؛ لأنَّ في هذه البلاد ينعدم العلماء السلفيُّون. ربَّما في بعض البلدان يجد الشباب من يوجِّههم إلى السنة ومنهجهم ويبيِّن لهم الحقَّ والباطلَ، لكن في أماكن كثيرة من هذا الوطن تجد الشباب لا يعرف، ويقرأ الرسائل ويسمع الأشرطة، وتجده في حيرة من أمره: هذا يقول هكذا، وذلك يقول هكذا، وحيثما أوقع الشباب في ضلال الجبهة الإسلامية للإنقاذ، ولذلك ـ يا شيخنا ـ نتمنى أن تجيبوا لنا هذه الدعوة وهذا الذي طلبناه منكم.
الشيخ: أرجو الله تبارك وتعالى أن يحقق هذا الأمل الذي تقترحه ... السائل: شيخنا! اذكر لنا تاريخ المكالمة والاسم حتى يتأكَّد الإخوة أنَّ هذه المكالمة حديثة.
الشيخ: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد، فهذه المكالمة جرت بيني وبين بعض الإخوة الجزائريِّين الذين يُهمّهم حقنُ دماء المسلمين، جرت هذه المكالمة في الثاني من رمضان عام 1420هـ، وأنا ربيع بن هادي عمير المدخلي، أسأل الله تبارك وتعالى أن يتقبَّل منِّي هذه النصيحة، وأن ينفع بها، وأن يهدي إخواننا الذين يخالفوننا أن يعودوا إلى الصواب والرشد والهدى )).بتاريخ 2 رمضان 1420هـ

من كتاب : فتاوى العلماء الأكابر فيما أهدر من دماء في الجزائر
للشيخ : عبد المالك رمضاني الجزائري

--------------------------------------------------------------------------------

  #17  
قديم 22 Apr 2010, 04:06 PM
أحمد سالم أحمد سالم غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
الدولة: الجزائري مقيم في فرنسا
المشاركات: 608
افتراضي

نداء الشيخ إبن عثيمين لمقاتلي الجزائر



الشيخ : الحمدُ لله ربّ العالمين وأصلي وأسلِّمُ على نبينا محمد خاتَم النبيين وإمامُ المتَّقينَ وعلى آلهِ وأصحابِهِ ومَن تبِعهُم بإحسانٍ إلى يوم الدّين .
أمّا بعد : فإنّني مَسرور في هذا اليوم المُبارك يومَ الجُمعة 13 مِن شهر صفر عامَ 1420 هـ أنْ حَضَرَ إليَّ إخوة مِن الجزائِريين في بيتي عصرَ هذا اليوم في عُنيزة إحدى مُدن القصيم في المملكة العربية السعودية ، فأشكُرُهُم على هذا اللقاء ، وقد طلبوا مِني أنْ يكونَ هذا اللقاء مُسجّلا في الفيديو ـ بالصورَةِ والصوت ـ ولكِن نظراً لِكراهةِ أن تظهَرَ صورتي طلبتُ مِنهُم أنْ يكونَ هذا اللِقاء بالصوت وفيهِ كِفايةٌ إن شاء الله .

أيّها الإخوةُ الجزائريون : إنّكُم مِنّا وبِنا ، الأمةُ واحِدة أمةٌ مُسلِمة ، الرسولُ واحِد محمد بن عبدِ الله بن عبدِ المطّلِب الهاشِمي القُرشي , إلهُنا واحِد وهُو ربُّ العالمين ، والمُؤمِنُ للمُؤمِنِ كالبُنيان يشدُّ بعضهُ بعضاً ، فمَثلُ المؤمِنين في توادِّهم وتراكُمِهم وتعاطُفهِم مثلُ الجسدِ الواحِد إذا اشتكى مِنهُ عضوٌ تَداعَ لهُ سائِرُ الجسد بالصحة ( ... ) ، ومازَالت مُشكِلةُ الجزائر في نفوسِنا منذُ أن قامَت الفِتنة عام1992 في السنة الميلادية وإلى يومِنا هذا ، ولا يُمكن أنْ نَظنَّ بالإخوةِ المُقاتِلين إلا أنّهُم إن شاء الله تعالى يُريدون تَثبيتَ الإسلام في الجزائر لأنّها بِلادٌ تَحرّرت مِن سيطرةِ الكُفر واتَّضحَ لها النور وفيها القوم الشُجعان الذين تَتَبيَّنُ شجاعَتُهُم حينما كانَ الاستِعمارَ الفِرنسي حتى فَكَّهُم الله تبارك وتعالى مِنهُ ، هذا ما نَظُنُّهُ في إخوانِنا المُقاتِلين ولكِنَّ النيّة تحتاجُ إلى حِكمة في مُعالجَةِ الأمور ، والحِكمةُ مُوافَقةُ الشَرع ، والشرعُ مُطابِقٌ للعَقل ولِذلِك ينعى اللهُ تبارك وتعالى على كُفار فُقدان العقل فيقولُ مثلاً : ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ﴾ وإذا كانَ هذا هو الدّينُ الإسلامي أنهُ مَبني على الحِكمة التي هِيَ الشرع والعقل فإنَّ الواجِب على مُعتَنِقي الإسلام ألاَّ تَحمِلهُ العاطفة على الخروج عن مُقتضى الشَرع والعَقل ، لأنّهُ إنْ كانَ الأمرُ كذلِك أصبحت العاطِفةُ عاصفةً مدَمِّرة ، كما يَشهَدُ بِذلِك الواقِع في قديمِ الزمان وحديثِه ، وإنّني أقدِّم لإخواني في الجزائِر المٌقاتِلين والمُسالِمين و الحُكومة والشَعب النصيحَة التي أرجوا الله تبارك وتعالى أن تكونَ خالِصةً له نافِعةً لِعِباده ، وهِيَ أن يلتَئِمُوا وأنْ يَعتَصِموا بحَبلِ الله جميعاً ولا يَتفرَّقوا وأنْ يَضعوا السيف (2) ويئوبوا إلى التفاهُم والتناصُح ، فإنّي أظن أنَّ كِلا الطائِفتين (3) قد ملّوا وسَئِموا لكِن لا يدرونَ كيفَ يعمَلون ، ولقَد بلغَني أخيراً ولا أدري هل هو واقع أو لا أنّ الحُكومة طلَبت مِن المُقاتِلين وضعَ السِّلاح ، وأنَّ مَن وضَعَ سِلاحه وآبَ إلى حظيرةِ الأمة فإنّهُ لا شيءَ عليهِ ، هكذا سَمِعتُم ؟

الإخوة : نعم صحيح .
الشيخ : إذا كانَ هذا الواقع فلم يبقى لأحدٍ عُذر ، فأقول لإخواني المُقاتلين في ( ... ) والمغارات وقِمَمِ الجِبال هاتوا ، أقبِلوا هَلِّموا إلى السِلم فالسِلمُ خير ، ثمّ بعدَ أنْ ( ... ) الأمور وتَغمَد الجِراح يكون التفاهُم ، سواءٌ كانَ التفاهُم مِن بين الجزائريين ، يَجتَمع العُلماء والأمراء ويَدرسُونَ الوضع أو كانَ الأمر يعود إلى مُحكّمينَ مِن عُلماءَ المُسلمين ورُؤساء المُسلمين حتى تَكون الأمور جارية على ما يُحِبُّهُ الله ويرضى ، أمّا البقاءُ هكذا قومٌ في الجِبال وفي بُطونِ الأودية وفي المغارات يَتربَّصونَ الدوائِر حتى قيلَ لي أنهُم يقتُلون مَن ليس بِمُقاتل كأنّما يقولونَ بقولِ القائِل : ( مَن لم يكُن معي فهوَ عليّ ) وهذا غلط ، لو أنّ هؤلاءِ المُقاتِلين وضعوا السِّلاح وسلَّموا أنفُسهُم ما دامَت العدالة قد فَتَحت لهُم الباب واغتَنموا هذِهِ الفُرصة وحضروا إلى الحُكومة ، لا أقول يحضُرون هكذا جميعاً لكِن يحضُر رؤساءهُم فإذا وجدوا الصِدقَ مِنَ الحكومة أمكَنَ أنْ يأتيَ الآخرون ، لحَصَلَ في هذا خيرٌ كبير لأنّنا لا ندري إلى أيِّ حدٍّ تَنتَهي هذِهِ المُشكِلة ، إذا لم تُعالَج وكُلُّ واحِدٍ مِنَ الخَصمين نَزَّلَ ما في نفسِه وما يُريد ، إذ لا يُمكِن الصُلح بينَ اثنين مُتَخاصِمين على أنْ يُعطى كلُّ واحِدٍ مِنهما ما يُريدُه لأنّنا لو حاوَلنا هذا لكُنّا كالذي يُريدُ أنْ يَجمَع بين النقيضينِ أو الضدّين .
أكَرِّر نصيحةِ لإخواني المُقاتِلين الذينَ فتَحَ الله لهُم الباب أن يَرجِعوا ويَضعوا السِّلاح وكما قُلت ليس على السبيل الجَماعي ولكِن
بِنزول رُؤَساءهِم وقُوّادهم حتى يَتبيَّن صدقُ الحُكومة ، فيَحصُل بِذلِك خيرٌ كثير وتُحقنُ دماء وتُحمى أموال .
نسألُ الله سبحانه وتعالى لإخوانِنا الجزائريين أنْ يَجمعَ الله كلِمتَهُم على الحق وأنْ يُوفِّقَهُم لِما فيهِ خيرُ الدّين والدنيا إنهُ على كلِّ شيءٍ قدير ونُفسِح المجال للأسئلة ونسألُ الله أنْ يُوفِّقنا للصواب وأخبِرُ إخواني المُشاهِدين أنَّ ما يُشاهِدونهُ الآن مِن الرفوف التي فيها الكُتب والدفّاية التي تدفئ الجوّ في الشتاء وكذلِكَ اللوحة التي على بابِ المجلِس كُتِبَ فيها ( كفّارةُ المجلِس ) أنَّ هذا هو بيتُنا حقاً ، وأنّنا
نتشرّف لِكلِّ الجزائريين يزورنا في هذا المكان كما قيل المُتواضِع ونسألُ الله التوفيق للجميع .
الإخوة : بارك الله فيكم ، فضيلة الشيخ ـ محمد بن صالح بن عثيمين ـ عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة وأصول الدّين ...
الشيخ ( مُقاطعا ) : غلط غلط ، أنا أستاذ وأيضاً هيئة كِبار العُلماء أهم ، رُدّها أستاذ .
الإخوة : فضيلة الشيخ ـ محمد بن صالح بن عثيمين ـ عضو هيئة كبار العلماء المملكة العربية السعودية وإمام وخطيب الجامِع الكبير
بعُنيزة في القصيم وأستاذ مُشارِك بكلّية الشريعة ...
الشيخ ( مُقاطعا ) : ما هو مُشارك ، أستاذ .
الإخوة : طيّب ، هذه كلها ...
الشيخ ( مُقاطعا ) : لا أعِد ، أعِد ..
الإخوة : فضيلة الشيخ ـ محمد بن صالح بن عثيمين ـ عضو هيئة كبار العلماء المملكة العربية السعودية وأستاذ بكلّية الشريعة وأصول
الدّين بجامِعة الإمام ـ محمد بن سعود ـ الإسلامية فرع القصيم وإمام وخطيب الجامِع الكبير بعُنيزة في القصيم ، نأمل أنْ تتفضلوا على الإجابة على بعض الأسئلة الهامة .
الشيخ ( مُقاطعا ) : كيف على بعض ، كيف على بعض .. على الأسئلة ، لأنك لو تقول على بعض معناها أن بعضها ما سئلت .
الإخوة : نعم ، عل الأسئلة الهامة الوارِدة الآن ، أوّلُها :
ما رأيُ فضيلَتِكم في ظاهِرة التكفير ؟ أي تكفير حُكام المسلمين بالجُملة ؟
الشيخ : نعم ، الحمدُ لله ، يجِب أنْ نَعلم أنَّ التكفير و التَحليل والتَحريم والإباحة وغيرَها أحكام شَرعِيّة ، لا تُتَلقَّى إلا مِن الشرع ، وإذا كانَ أحدٌ لا يُخالِف في أنَّ الإيجاب و التحليل والتحريم إلى الله ورسولِه فإنهُ يَجِب أنْ لا يُخالِف في أنَّ التكفيرَ إلى اللهِ ورسولِه لأنَّ خَطرَ التكفير أعظَم مِن خطر الإيجاب أو التَحريم أو الإباحَة ، وإنّي لأعجَب كيفَ ينفَخُ الشيطان في نفُوسِ بعض الناس فيتَهاوَنُوا
في التكفير ، ولكِنّهُم يَحتَرِمون الأحكام الشرعيّة في الواجِب والمُحرم والمُباح مع أنَّ الأول أخطَر ، فأقول : التكفير وعدم التكفير ليسَ راجِعاً إلى فُلان وفُلان ، بل هو إلى كِتاب الله وسنة رسولِهِ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فمن كفَّرهُ اللهُ وجَبَ أن نُكفِّرهُ أيَّن كان حتى لو كانَ الأب أو الأم ومَن لم يُكفِّره الله ورسوله فهو مُسلم ، والأصل في المُسلم أنهُ مسلمٌ حقيقة حتى يقومَ دليل على
أنهُ ليسَ بِمسلم حقيقة وأنهُ مُنافق ، أرأيتُم قِصةَ أسامة بن زيد ـ رضي الله عنه ـ حِبُّ رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وابن حِبِّه ، لمّا أتى لِمُشرك لِيقتله قال المُشرِك ـ لا إله إلا الله ـ فَقَتلهُ أسامة ، ظناً مِنهُ أنَّ المُشرك إنّما قالها تَعوذاً مِن القتل فبلغَ ذلِك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالَ لأسامة ﴿ أقتَلتَهُ بعدَ أنْ قالَ لا إله إلا الله ﴾ قالَ : نعم ، كَرَّر عليه قال : ﴿ أقتَلتَهُ بعدَ أنْ قالَ لا إله إلا الله ﴾قال : نعم يا رسول إنّما قالها تعوُّذاً (4) ، فقال : ﴿ أشقَقتَ عن قلبِه ، وماذا تَصنعُ بلا إله إلا الله إذا جاءت يومَ القِيامة ﴾ مع أنَّ الذي يبدوا لي كما بدا لأسامة أنَّ نُطق الرجل بِهذه الكلمة ليسَ إلا تعوُّذاً مِن القتل ومعَ ذلِك حَكَمَ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بِظاهِر اللفظ وأنهُ مَعصومُ الدم وأنّ هذا القاتِلُ سَيُسألُ يوم القِيامة ، ثمَّ إنَّ التكفير لهُ شُروط مِنها أنْ يكونَ فاعِلُ الكفرِ
أو قائلُ الكفر مُختاراً ، فإنْ كانَ غيرَ مُختار فلا حُكمَ لقولِه ولا لِفعلِه كقولِ الله تبارك وتعالى ﴿ مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ والآية لا فرقَ فيها بين القولِ والفِعل ، ثمَّ إنَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حدّثناَ عن رجُل كانَ مُسرِفاً على نفسِه وأمرَ أهلهُ إذا مات أنْ يُحرِقوهُ و يَذروهُ في اليَّم
وقالَ إن قدِرَ الله عليه ليُعذبنَّهُ عذاباً لا يُعذبهُ أحداً مِن العالمين ، ففعَلَ أهلهُ ذلِك ، فجَمعهُ مَن يقولُ للشيءِ كُن فيكون فهو الله عزّوجلّ وسألهُ : لِما فعلتَ هذا ؟ فأخبرهُ أنهُ فعلَ ذلِك خوفاً مِن الله (5) معَ أنَّ التعدي على ربك كلِمة كُفر لا شكَّ فِيها ، لكِن نظراً لكونِهِ لم يتصوَّر ولم يملِك نفسَه إلا أن يُعبِّرَ بهذا التعبير جعلهُ النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ خطَأً مَعفُواً عنه ، وذلِك لعدَم القصد ، ومِن شروط الكُفر أنْ لا يكونَ الإنسان مُتأوِلاً تَأويلاً له وجه خاصةً مِن شروط الكُفر في ما يكونُ تكفيره حينَ يكونُ كفراً أنْ لا يكونَ الإنسان مُتأوِلاً تَأويلاً يُعذرُ بهِ فإنْ كانَ مُتأوِلاً تَأويلاً يُعذَرُ به فقد أخبَرَ النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنَّ المُجتهِد مِن هذهِ الأمة إذا بذلَ جُهده وأخطأ فلهُ أجرٌ واحد والخطأ مغفور لكِن يجِبُ عليهِ إذا بانَ له الخطأ أنْ يَرجِعَ إلى الحق ، وحينئذٍ لا يَحِلُّ لأحَد أنْ يُكَفِّر مَن لم يدلَّ الكِتاب والسنة على كُفره فإن فعَل عادَ إليهِ لأنَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أخبر أنّ مَن دعَ رجلا بالكفر أو قال يا عدو الله ولمْ يَكُن كذلِك رجَعَ إلى القائِل ، فالمَسألةُ خطيرةً جِداً ، فإذا قالَ قائِل : إذا فعَلَ أحدٌ فِعلاً نَشُك هل هو يَكفُر بهِ أو لا يَكفُر وهو مُسلم فالأصل عدَم الكُفر ولا يجوز أنْ نُقدِمَ على تَكفيرِهِ مع الشك ، ورُبّما تكون هذِهِ هيَ نُقطة التحوُّل ، فإنَّ بعضَ الناس يحكُم على شيءٍ بأنهُ كُفر ثمَّ يُكفِّر مَن قامَ بهِ معَ أنهُ عِندَ التأمُّل ليسَ بِكُفر أو عِندَ التأمُّل لا يكونُ فاعِلهُ كافِراً أو قائِلهُ كافِراً إمّا لِغلبَة وإمّا لِجهل وإمّا لِنِسيان وما أشبَهَ ذلِك ، الجوابُ واضِح الآن .
الإخوة : نعم ، شيخ كذلِك ( ... ) لا تُسجَّل ، سَيسمَعُ ناس كثيرون فلو تَفعلون كما تفعلون في الحَرم مِن تبسيط الكلام لأنَّ فيه عوام كثيرين سيحضرون لسماع هذا الكلام لا يفهمهُ إلا طلبة العِلم فَكُلَّما بَسَّطتُم وسهَّلتُم الكلام حتى يَفهَمهُ عامة الناس أولى وأفضل ، السُؤال يا شيخ : ما حُكمُ ما يُنسبُ إليكُم ـ حفظكُم الله ـ مِن تأييد الجماعات المُسلَّحة الخارِجة على الحُكومة الجزائرية وأنّكُم معهُم إلا أنكُم عاجِزون على التصريحِ بذلِك لأسبابٍ أمنيّة وسياسية ؟
الشيخ : هذا ليسَ بِصحيح ولا يُمكِن أنْ نؤلِّب أحداً على الحُكومة لأنّ هذا تحصُلُ بِهِ فتنة كبيرة إذ أنّ هؤلاءِ الذين يريدون أن يقابلُ
الحكومة ليسَ عِندهم القدرَة ما يُمكِن أنْ يَغلِبوا الحكومَةَ بِه فلا يَبقى إلا القتل وإراقَةَ الدّماء والفِتنة كما هو الوَاقع ، وما أكثَرَ الذي يُنسَبُ إلينا هُنا في السعودية أو خارِج السعودية وليسَ لهُ أصل عِندنا ، والحَامِل لِذلك والله أعلم أنّ الناس لهُم أهواء فإذا هوّوا شيئاً نسبوهُ إلى عالِم مِن العُلماء مِن أجلِ أنْ يكونَ لهُ قبول وهذِهِ مسألة خطيرة ، وليسَ الكذِبُ عليَّ أو على غيري مِن العُلماء بِغريبٍ إذا كانَ الكَذِب وقَع على الله عزّ وجلّ ، قال الله تعالى ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءهُ﴾ فأرجوا مِن إخواننا في الجزائر وغيرِ الجزائر إذا سمِعوا عَنَّا شيئاً تُنكِرُهُ أفئِدَتهُم أنْ يتَّصِلوا بِنا ويَستَفهِمُ فرُبَّما نُسِبَ إلينا ما لم نقُلهُ .
الإخوة : بارك الله فيكم ، تتَردَّدُ كلِمة الطواغيت على ألسِنةِ كثيرٍ مِن الشباب يَصِفونَ بِها حُكَّامهُم ، فما رأيُكُم في ذلِك ؟
الشيخ : رأيِ في ذلِك أنَّ هذا غلط ، لأنّ كلِمة طاغوت عِندَ العامة كلمةٌ كبيرة تَهتَزُّ لها الجِبال ، فإذا قالوا هذا طاغوت معناه أنه لا يَتِمُّ الإيمان إلا بالكُفرِ بِهِ ﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ﴾ ، ثمَّ إنَّ كلِمة الطاغوت مشتقّة مِن الطُغيان ، والطُغيانُ قد يكونُ عاماً وقد يكونُ خاصاً بِمعنى أنهُ قد يكون الإنسان طُغيانهُ في مسألةٍ ما وهو في أخرى مُعتَدِل غير طاغي فَوَصْف الإنسان بالطاغوتيّة المُطلقة غلَط وبُهتان والواجِبُ التفصيل فيما يقتضي التفصيل ، صحيحٌ أنّ زُعماءُ الكُفر الموجودينَ الآن يُمكِن أنْ نسميهِم طواغيت لكِن رجلٌ مسلم يُصلّي ويحج ويصوم ويتصدّق أخطأ في مسألةٍ ما نقول إنهُ طاغوت على الإطلاق ؟ لا نستطيع هذا ، فالله عزّ وجلّ يقول في كِتابهِ العزيز ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ والحقّ مَقبول مِن أيِّ أحدٍ جاء بِه6)(... وفي ليلةٍ مِن الليالي جاءهُ شخص بِصفةِ فقير فأخذَ مِن الطعام فأمسَكهُ أبو هريرة ( ... ) وأطلَقه ولمّا غدا على رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قالَ لهُ ( ... ) فأطلقتُه فقالَ : ﴿ إنهُ كَذَبَكَ وسيعود ﴾ ، يقولُ أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ : فعلِمتُ أنهُ سيعود لقولِ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
وسيعود ، فارتَقبهُ تِلك الليلة الثانية وجاءَ وأخَذَ مِن الطعام وأمسَكهُ أبو هريرة فقال : إنهُ ذو عِيال وذو حاجة فأطلقهُ أبو هريرة ، وفيالصباح أتى النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فقالَ ما فعَلَ ( ... ) البارِحة ، فقال إنهُ زعَمَ أنه ذو حاجةٍ وذو عِيال فأطلَقته فقالَ ﴿ إنهُ كَذَبَكَ وسيعود ﴾ ، في الليلة الثالِثة عاد ، وأصرَّ أبو هريرة أن يَرفعهُ إلى النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فقال
لهُ : ألا أدُلُّكَ على آية إذا قرأتَها لم يَزل عليك مِن الله حافِظ ولا يَقربُك الشيطان حتى تُصبِح ، فقالَ : بلى ، قالَ : آيةُ الكرسي ﴿ اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ فلمّا أصبح أتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأخبرهُ بِما قال ، قال : ﴿ صدقَكَ وهو كذوب ﴾، فَقبِلَ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الحقّ وأقرَّ وهو مِن الشيطان ، المُشرِكون إذا فعلوا فاحِشة قالوا وَجَدنا عليها آبائنا والله أمَرنا بِها ، فاحتَجُّوا بأمرين ، أنهُم وجدوا عليها أبائهم وأنَّ الله أمرنا بِها فقال الله تعالى ﴿ قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء﴾ فنفى هذا لأنهُ باطِل وسَكَتَ عن قولِهِم وجدنا عليهِ آبائنا لأنهُ حق ، فهذا أولاً جاءَ الحق مِن قِبل الشيطان فقُبِل ومِن قِبل المُشركين فقُبل ، واستمِع إلى الثالِث ، جاءَ حبرٌ مِن اليهود إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : يا مُحمد إنّ نَجِدُ أنّ الله تعالى يَجعلُ السموات على إصبع والأراضينَ على إصبع وذكَر بقية الحديث ، فضحِكَ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تصديقاً لِقولِ الحَبر ، ثمَّ قرأ ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ فهُنا أقرَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قولَ اليهودي
لأنهُ حق ، فالمُهِّم أنَّ الواجِب علينا الرُجوعَ إلى الحقّ مِن أيّ مصدرٍ كان وأنْ نَرُدَّ الباطِل مِن أيّ مصدرٍ كان ، نعم .
الإخوة : بارك الله فيكم ، تَنطَلِق بعضُ الجماعات في مُحاربةِ أنظِمتِها مِن قاعدةٍ تقول : إنّ مُحاربةَ الدول الإسلامية أولى مِن مُحاربة الدول الكافِرة كفراً أصلياً لأنّ الدُول الإسلامية مُرتدة (7) والمُرتد مُقدمٌ في المُحاربة على الكافِر ، فما مدى صِحَّة هذِه القاعِدة ؟
الشيخ : هذهِ القاعِدة هي قاعِدة الخوارِج الذين يَقتلون المُسلمين ويدعونَ الكافرين ، وهيَ باطِلة ، والواجِب أنْ نَلتَمِسَ العُذرَ لِكلِّ مَن أخطأَ . .
  #18  
قديم 23 Apr 2010, 04:32 PM
أحمد سالم أحمد سالم غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
الدولة: الجزائري مقيم في فرنسا
المشاركات: 608
افتراضي

كلام المفتي في أحداث الجزائر


السؤال :

لعلكم إطلعتم فضيلة الشيخ ما حصل في الجزائر والمغرب من تفجيراتٍ انتحاريَّة ، أدَّت إلى قتل الأبرياء باسم الجهاد


فما توجيهكم سماحة الشيخ حِيَال ذلك ؟

جواب الشيخ
:

أقُول ما وقع في الجزائر و وقع في المغرب ليس هذا جهاد ، هذا ظلم و عدوانٌ و إجرام و الذي يسميه جهادٌ مغالط ، ما

هو الجهاد ؟ الجهاد له شأنه ،[COLOR="Red"]قتل الأبرياء قتل الأطفال و العزل و قتل الآمنين ، هذا جهاد ؟ [/

COLOR]

هذا شر و بلاء ما وقع في الجزائر من هذا الإنفجار العظيم أدى إلى مقتل ثلاث و ثلاثين و جرح أكثر من مئتين وما وقع

في المغرب هؤلاء الذين فجروا أنفسهم كُلُّ أولئك لا يسمون مجاهدين

نسميهم المفسدين ، المجرمين الآثمين المخطئين



ولا يمكن نسميه جهاد لا نكون مغالطين نقلب الحقائق ، و نعطيهم ثوب المجاهدين لا . المجاهد من جاهد في الحق

بلسانه و دعا إلى الله و بذل نفسه و ماله في سبيل الله و دعا إلى الله و جاهد بنفسه في سبيل الله بالدعوة إلى الله و

إصلاح الأخطاء ، تبصير الأمة بواقعهم بالحكمة و الرفق ، أما القتل و سفك الدماء و التفجيرات هذه يا إخواني من

الجرائم يجب على العالم الإسلامي أن يستشعر أن هذه التفجيرات ما هي إلا مخططٌ إجرامي يقوم عليه من لا خوفٌ من الله

في قلبه ولا إيمان عنده ، من يستحل دماء المسلمين المستحل لدماء المسلمين كافرٌ ، الذي يعتقد حل دماء المسلمين و

سفك دماء الأبرياء و يراه حلالاً هذا أحل ما حرّم الله هذا كفر و العياذ بالله



فيجب الموقف الصَّريح الحق أنّنا لا نبرر إجراماً و لا نعطيه ثوباً غير ثوبه ، نكون مزورين إذا كنّا مزورين مبطلين ،

لا ، بل نقول هم مبطلُون مجرمُون ،نسأل الله أن يَكفيَ من شرّهُم و باطلهُم .
http://www.sahab.net/forums/showthread.php?t=346548
  #19  
قديم 23 Apr 2010, 04:44 PM
أحمد سالم أحمد سالم غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
الدولة: الجزائري مقيم في فرنسا
المشاركات: 608
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





نداء إلى أهل الجزائر

حول التفجيرات الإرهابية







مذيع برنامج ( مع سماحة المفتي ) :نعود إلى الجزائر معنا أبو حذيفة السلام عليكم ورحمة الله.

السائل من الجزائر أبو حذيفة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مفتي المملكة عبد العزيز آل الشيخ-حفظه الله- : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أبا حذيفة .

السائل: حياكم الله يا شيخ .

مفتي المملكة عبد العزيز آل الشيخ-حفظه الله- : تفضل .

السائل من الجزائر أبو حذيفة : فإنّا نحبكم في الله تعالى ونتقرب إلى الله بسؤالكم واستنصاحكم ولنا سؤالان لو تكرمتم أكرمكم الله وزادكم الله علماً وعملا آمين.
فإن لكم في قلوب أهل السنة منزلةً رفيعة نسأل الله الحي القيوم أن يثبتكم على الحق حتى الممات وأن يختم بالصالحات أعمالكم إنه جوادٌ كريم .
مازال أهل الشر والفساد والإرهاب بل كما سماهم النبي صلى الله عليه وسلم: »كلاب جهنم « يقومون بالأعمال الشيطانية في البلاد الإسلامية وخاصةً بلاد الجزائر البلد المسلم بلد المليون ونصف مليون شهيد يقومون بالتفجيرات وقتل الأبرياء من الشرطة والدرك والجيش الوطني وغيرهم من عامة الناس بل ويخربون ممتلكات الدولة –يحفظها الله من كل سوء- فنريد من شيخنا الكريم عبد العزيز آل الشيخ -يحفظه الله- أن يرد على هذه الشرذمة الشريرة وجزاكم الله خيراً ؟


المذيع : و جزاك الله خيراً وشكر الله لك.


مفتي المملكة عبد العزيز آل الشيخ-حفظه الله- : يا أخي أولاً : أشكر لك هذه العواطف الطيبة , وأشكر لك هذه المودة والمحبة , وأسأل الله أن يجعلنا وإياكم من المتحابين في الله , والمؤمن أخوا المؤمن في أي قطر من أقطار الدنيا , يَحِنُ للمسلم ويحبه {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ }(2)والله يقول في حق الأنصار:{ وَالَّذينَ جَاءُو مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا اغْفِرْ لَنا وَلإِخوانِنا الَّذينَ سَبَقُونا بِالإِيمان وَلا تَجْعَل في قُلُوبِنا غِلاً لِلَّذينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤوفٌ رَحيم}(3) ونحن مع إخواننا الجزائريين نتعاطفوا معهم ونشكر لهم جهودهم وما هم عليه من خير وأن البلد إسلامي عربي أرجوا الله أن يثبتهم على الحق وأن يقوي فيهم الخير والهدى وأن يجمع قلوبهم على طاعته .

أما الفقرة الثانية : وهو وضع ما حصل في الجزائر من تفجيرات خاصةً بها نحو قوة الدرك والشرطة ونحو ذلك الذي سمعناه منذ أيام متعددة وسبقه شيء كثير لكن وقع فترة هدوء ثم عادت المصيبة.
فأنا أوجه خطابي لإخواني في الجزائر من الرياض المباركة فأقول:
أيها الإخوة في الجزائر أسأل الله أن يجمع قلوبكم على طاعته , وأن يوحد صفوفكم في الخير, لقد أبلوتم بلاءً حسنا وأخرجتم العدو الغاصب من أرضكم وعادت إليكم أرضكم ولله الحمد.
فالله الله في المحافظة على أرضكم ، المحافظة على دياركم دار الإسلام , المحافظة عليها من أن تكون مسرحاً للنزاعات السياسية , والاختلافات السياسية .
الله الله في الثبات على الحق , تبصروا في واقعكم , ويا أيها المستبيح دماء إخوانه المسلمين , إتقوا الله في أنفسكم , واعلموا أن سعيكم سعياً خاطئا , وتصرفاتكم تصرفات ضارة, وفعلكم فعلٌ شنيع ,إستباحة قتل الأبرياء بلا حق وبلا سبب وبلا موجب, ما هذا إلا والعياذ بالله خروج عن الطريق المستقيم , الخوارج وصفهم رسول صلى الله عليه وسلم بأنهم (يقتلون أهل الإيمان ويتركون أهل الأوثان )(4) , وصفهم بأنهم (كلاب النّار )(5)وقال لأن أدركتهم لأقتلنهم قتل عادٍ و إرم)(6) , وحث على قتلهم والقضاء عليهم .
مذهب الخوارج المستحل لدماء المسلمين وأموالهم , مذهب خاطئ سيء, الله اللهَ يا إخواني في الجزائر, ليكن التفاهم بينكم سائدا, وليكن التفاهم والتوصل فيما بينكم , عُودُوا إلى رشدكم , واجعلوا التفاهم محل السلاح , واجعلوا التعاون على مصلحة الحاضر والمستقبل فوق كل اعتبار , وإياكم أن يستغلكم الأعداء , لتنفيذ أغراضهم ومقاصدهم الخبيثة ,إياكم أن يتخذوكم جسورا ليعبروا عليها , نحو تدمير الأمة , وتدمير كِيانها , والقضاء على مصالحها , إن استهداف قوى الأمن والقتل فيهم ,إنما هي خطوة سيئة , ومكرٌ وخديعة , ومؤامرات دنيئة ,يجب أن تترفعوا عن هذه الخصال الذميمة .
اسمعوا مني يا إخواني في الجزائر,ويا شباب المسلمين في الجزائر, إتقوا الله في أنفسكم , واحذروا الإستمرار على هذه الفتن والمصائب, وحرمة دماء المسلمين أمرٌ عظيم في شـرع الله {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}(7) وفي الحديثلا يزال العبد في فسـحة من دينه ما لم يصب دماً حراما)(.
بالأمس تجتمعون على قتال عدوكم واليوم تلتقون على أن يقتل بعضكم بعضا ,ويدمر بعضكم بعضا , ويواجه بعضكم بعضا بالسلاح ,إنها لجريمة, إنها لمصيبة, إنها لبلية , فانتبهوا واستيقضوا من غفلتكم , وعودوا إلى رشدكم , واجعلوا التفاهم والتعاون بينكم وسيلة لحل مشاكلكم , أخرجوا من هذه المخبئات , وانزلوا من قمم الجبال, وتصافحوا وتعاونوا على الخير , وليحن بعضكم المحبة والمودة , ومن يريد الإصلاح والتوجيه , فللإصلاح قنواته المعروفة , وللقصد الحسن أسبابه , وأما هذه الدماء تراق, قتل قريب أربعين وجرح مئة وأربعين في يوم واحد , مصلحة من ؟ من يستفيد منها؟ ليست دولة الجزائر ولا حكومة الجزائر, وإنما يستفيد العدو المتربص ,الذي يغيضه أن يرى الأمة مستقرة , ومستتباً أمنها ,ومتوافرٌ خيرها ,يغيضه ذلك , أعدائنا يريدون أن ينقلوا كل بلاء لأرضنا , ويبقون في أرضهم متفرجين علينا بما يحصل بيننا من تناحر, هم [..]كل الخلافات ويؤصلون كل التفرق ويعمقون كل إختلاف حتى يدربوا الأمة بعضها ببعض فتنسى الأمة مصالحها, وتتأخر عن نهضتها , كل مقتلة تأخر الأمة زمناً عن تقدمها ورُقيها , فهم لا يريدون قيما ولا نموا ولا يريدون تقدما , يريدون أن نعيش كما تعيش الحيوانات , نعيش بشريعة الغاب , يقتل بعضنا بعضاً لا؛ ديننا أنقضنا من هذه الضلالات ,وخلصنا من هذه الغوايات , فوصيتي لكم تقوى الله , والعود إلى الخير والتعاون والتفاهم فيما بينكم ,وأن لا تمكنوا للعدو فرصة أن يبث سمومه بين صفوفكم , حفظ الله الجميع بالإسلام وحفظ الله بلادنا وسائر بلاد المسلمين , من كيد الكائدين وحقد الحاقدين ومكر الماكرين وصلى الله على محمد.

المذيع: اللهم صل وسلم على رسول الله , شكر الله سماحة المفتي هذا التوجيه الكريم .


----------------------------------------------

1)- قناة المجد من برنامج مع سماحة المفتي ، بتاريخ : يوم الجمعة 28شعبان 1429 .
2)- سورة التوبة ،الآية [71] .
3)- سورة الحشر ، الآية [10] .
4))- أخرجه الإمام البخاري في صحيحه ،كتاب الأنبياء ، باب:قول الله عز وجل:{وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر}وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه ،كتاب الزكاة ، باب ذكر الخوارج وصفاتهم ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه .
5)- رواه الإمام أحمد في مسنده ، مسند الكوفيين ،حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه .
6)- جزء من حديث سبق تخريجه في الصفحة الثانية وأورده الإمامان البخاري ومسلم دون زيادة (إرم ) .
7)- سورة النساء ، الآية [93] .
- أخرجه الإمام البخاري في صحيحه ، كتاب الدّيات وقول الله تعالى : {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ}،عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما .



الملف الصوتي:


http://www.salafishare.com/arabic/26...GN/E0HUC2C.mp3

الملف ورد وpdf :


http://www.salafishare.com/arabic/26...XY/83KVXL8.rar
  #20  
قديم 23 Apr 2010, 05:43 PM
أحمد سالم أحمد سالم غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
الدولة: الجزائري مقيم في فرنسا
المشاركات: 608
افتراضي

نـصيحـة الشيخ عبد المـالك رمـضاني لبقايـا المـفـتـونـيـن،*أُجرِيَت عبرَ الإذاعة*

--------------------------------------------------------------------------------


-
(حوار أجرته إذاعة القرآن الكريم الوطنية الجزائرية)
ــــــــــ

هذا الرابط لتحميلها صوتيا: http://www.rayatalislah.com/Sounds/mp3/1.mp3
ـــــ
- المقدم: الآن أحاول أن أربط الاتصال بمدينة الرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام، مع فضيلة الشيخ عبد المالك رمضاني الجزائريّ إمام سابق، إمام أستاذ سابق بمسجد البدر بحيدرة بالجزائر العاصمة، وهو الآن مقيم بالمدينة المنورة؛ شيخ هل تسمعني؟
السلام عليكم ورحمة الله،

- الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله، أهلا وسهلا بكم،

- المقدم: شيخنا تقبل الله منا ومنك ورمضان كريم، إني أعلم علم يقين أنكم تتألمون بما تسمعون من أعمال تفجيرية انتحارية تقع في بلد الجزائر، وأنتم وقفتم مع الجزائر دائما، وأذكر منذ سنة أربع وتسعين بمؤلفاتكم: مع كتاب مدارك النظر، بمؤلفاتكم: فتاوى العلماء الأكابر بما أهدر من دماء في الجزائر، مع مؤلفكم الأخير: تخليص العباد من فتنة أبي القتاد -على أبي قتاد الفلسطيني -، شيخنا بارك الله فيكم، هل من كلمة توجهونها عبر: "إذاعة القرآن الكريم بالجزائر" لهؤلاء الشباب لمراجعة النفس والتوبة إلى الله من هذه الأفكار المنحرفة والأعمال النكراء، بارك الله فيكم.

- الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
- نشكركم بارك الله فيكم على هذه الجهود الطيبة في حقن دماء المسلمين ورأد الصدع ولَمِّ الشَّمل ومحاولة النهوض بهذه الأمة نحو الأصلح، وهذا الواجب واجب كل مصلح؛

- مسائل التفجير العشوائيّ والتفجير الجماعيّ لا أظنها تحتاج إلى فتوى ولا إلى رأي، لأنها لو عرضت على أيّ آدميّ من أيّ دين كان، من أيّ نبةٍ كان، لأنكرها،

الله ربنا عزّ وجلّ يقول: "وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى" يعني: لا يحاسب شخص بذنب آخر، كلٌّ كما قال تعالى: "كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ" كل نفس تحاسب يوم القيامة بذنبها؛
كيف تفجر تفجيرا عشوائيّاً لتصيب زيدا أو عمرا ثم تصيب معهم من لا ناقة له ولا جمل مما أنت فيه؟!! هذه من مصائب هذا العصر والتكفير هذا الذي لا كوابح له، مجرد أوهام؛
أنا أنصح هؤلاء الشباب بتقعيدٍ أراه عظيما إن شاء الله تعالى:

الأوّل: أن يدعوا التكفير للحكام، هذا التكفير بـ: الكوم! كما يقال، يعني بلا عدٍّ ولا حسابٍ، يُكَفِّرون مباشرة حتى يسألوا أهل العلم، أهل العلم لا نعلم فيهم اليوم من يكفر حكام هذا الزمان، أما من كفر منهم في بعض البلدان بتصريح وجه ذلك، هذا بينه وبين ربه لسنا عليه وُكلاءَ ولا ندافع عنه، لكن التكفير العامّ للحكام لحكام المسلمين ووزراءهم ولمن يسمونهم هم بـ:سياجهم أي الجند والشرطة والعساكر، هذا أمر ما أنزل الله تعالى به من سلطان وليس بعمل المتورعين الخائفين أن يقوموا يوم القيامة بين يدي الله، وتقوم لهم هذه الدماء عند الدماء عند رؤوسهم يحاسبون عليها، و كثرون لأنفسهم الخصماء يوم القيامة؛
- فقد روى عبد الرزاق في مصنفه أن بعض الرجال أتوا الحسن البصريّ رحمه الله يدعونه إلى أن يخرج على الحكام، فقال لهم: ما الإسلام؟ قالوا: شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وحج البيت وصوم رمضان وذكروا أشياء، فأصابوا، فقال الحسن لرجل منهم: إنك لتقتل من هذا دينه، أنت الآن تقتل من هذا دينه، {كلمة غير مفهومة}الإسلام هي هذه الأركان التي ذكرتها، وأنت الآن تقتل من يُقرّ بهذه الأشياء ويعمل بها، كيف تقتله وبأي حقٍّ تستبيح دمه؟
ولذلك لما قيل لعبد الله بن عمر في فتنة ابن الزبير رضي الله عنهما وكان يواجه الحجاج بن يوسف، والحجاج بن يوسف مشهور بأنه مسرف في الدماء، فقال له:" إن الناس صنعوا، الناس خرجوا، وأنت عبد الله بن عمر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، فما يمنعك أن تخرج؟! قال يمنعني أن الله حرَّم دمَ أخي" رواه البخاريّ، "يمنعني أن الله حرم دم أخي" لماذا لم يقف عبد الله بن عمر إلى جنب عبد الله بن الزبير، وكلٌّ منهما صحابيٌّ جليل، وعبد الله بن الزبير لا يقارن أبدا بالحجاج بن يوسف، لأنه لو قام إلى جنب عبد الله بن الزبير وقاتل الحجاج سيقتل معه مسلمين، وهذا حرام، أين ورع هؤلاء من هؤلاء؟

- ولذلك ننصح هؤلاء الشباب قبل أن يَدعُوا إلى التكفير أن يسألوا العلماء، حاكمنا فلان، هل تكفرونه؟ هذه واحدة،
ثانيا: فرضاً أن العلماء يكفرونه، وهذا لم يحصل والحمد لله، لكن فرضا ذلك، لا يلجؤون إلى حمال السيف حتى يسألوا العلماء الكبار: هل نحمل السيف في وجوه هؤلاء ونقاتل؟

- لذلك اليوم تجدون هؤلاء الشباب الذين يظنون بأنهم يقاتلون في سبيل الله حملوا السيف على غير هدى من الله، لم يسألوا العلماء، والعلماء الذين بلغتهم فتاواهم واضحة جلية، زعموا أنهم أذناب سلطان!! وأنهم خوّارون خوافون جبناء!! كذا، هكذا تُهم بلا دليل، وإنما مجرد أهواء واتهامات، فننصح هؤلاء الشباب أن يكونوا صادقين وأن يكون متّبعين للحقّ، الحقّ أحقّ أن يتبعَ؛
- الله عزّ وجلّ في أمر الدماء وأمر التكفير أحالنا على العلماء الكبار المجتهدين وذلك في قوله: "وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ" وأنتم تعلمون بارك الله فيكم أن التكفير وما يتبعه من قتل هو أمرُ أمنٍ أو خوفٍ، طيب، ثم جاءت النصيحة القرآنية، ماذا قال ربنا عزّ وجلّ؟ "وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ"،
إذن، يوم القيامة إذا قال لك ربك لماذا لم تكفر الحاكم الفلانيّ وقد كان كافرا؟ قل له: يا رب أنت أحلتني على العلماء المجتهدين، وقد رجعت إليهم فلم يكفروا هذا الحاكم، فأنا كنت تابعا لحكمك متّبعا لأمرك، هذا الذي ننصح به هؤلاء؛
- ما يأخذون فتاواهم عن أصحاب المواقع الأنترنتية، لأن هؤلاء جبناء يفجرون ويختفون ويتركون إخوانهم يتقاسمون ميراث المحاسبة والعتاب والمتابعة والسؤال؛ ثم يكتبون على مواقع الأنترنت يكتبون بأسماء مستعارة ويختفون وراءها، إذا كنت مجاهدين فأظهروا أنفسكم وكونوا على الشجاعة التامة، وبيِّنوا وجهاتكم ثم هؤلاء الذين يكتبون لكم على هذه المواقع لا يُعلم منهم عالم واحد، أيعقل أن يكون الحق معكم والعلماء في جانب وأنتم في جانب؟!! ما يعقل هذا أبدا، فالعلماء ليسوا معكم، والحق حينئذ لن يكون معكم فكيف نَتَّبِعُكم؟!!
- أنتم أهل القرآن إن شاء الله تعالى، تقرؤون في القرآن الكريم أشياء كثيرة؛
- وما دام الوقت الآن قد ضاق بنا أنا أذكركم بشيء قد رواه سعيد بن منصور بسند صحيح، حذيفة بن اليمان رضي الله عنه امتحن أبا موسى الأشعريّ رضي الله عنه، قال: "أرأيت لو أن رجلا خرج بسيفه يبتغي وجه الله، فضرب فقُتِل أكان يدخل الجنة؟ -تأملوا- خرج يبتغي وجه الله بسيفه، ضرب حتى قُتل، أيدخل الجنة؟ قال أبو موسى -طبعا الإجابة المعروفة- قال: نعم، قال حذيفة: لا، ولكن إذا خرج بسيفه يبتغي به وجه الله ثم أصاب أمر الله فقُتل دخل الجنة"، ومعنى أصاب أمر الله، أي: أصاب السنة، كان جهاده في حقّ وبحقّ، لا في أن تزعم لنفسك النّيَّة الحسنة وأنك تريد شريعة الله ثم تخرج على الأمة بسيف... ولا تتحاشى لذي عهدها وما إلى ذلك، ما يمكن أن يكتب لك الفلاح، ولا أن تؤيد ولا أن يكون جهادك شرعيّا، تأملوا كلمة حذيفة هذه: لا يكون من أهل الجنة حتى يخرج يبتغي وجه الله و يصيب أمر الله أي السنة، ولذلك قال ابن مسعود كما روى ذلك ابن وضّاح في: "البدع والنهي عنها"، قال: "على سُنّة ضرب أم على بدعة؟"، إذن هناك ناس يضربون بسيوفهم على بدعة، فاعتبروا، قال الحسن البصري رحمه الله لما نظر إلى قوم من السائرين ساروا على بعض حكامهم، قال: "فإذا بالقوم قد ضربوا بأسيافهم على البدع"، إذن هناك جهاد بدعيّ حتى قال حذيفة رضي الله عنه: "والذي نفسي بيده ليدخلن النار في مثل الذي سألتُ عنه أكثر كذا وكذا" يعني هناك ناس يدخلون النار في هذا الذي خرج يقاتل ويزعم أنه يقاتل في سبيل الله، حتى ولهذا قال ابن تيمية، ابن تيمية رحمه الله بيّن أن هناك جهاد بدعي وجهاد شرعيّ، قال: الكتاب والسنة مملوءان بالأمر بالجهاد وذكر فضيلة الجهاد، لكن ينبغي أن يعرف الجهاد الشرعيّ الذي أمر الله به ورسوله من الجهاد البدعيّ جهاد أهل الضلال الذين يجاهدون في طاعة الشيطان وهم يظنون أنهم يجاهدون في طاعة الرحمن كجهاد أهل البدع و الأهواء كالخوارج ونحوهم.. إلى آخر كلامه رحمه الله، فيتأمل هذا كلُّ امرأ ناصح لنفسه، والله وليّ التوفيق.

- المقدم:شيخنا بارك الله فيكم، أنتم في مدينة النبي عليه الصلاة والسلام؛ الأُمَّة عندنا حكومة وشعباً انطلاقا من قول الله تعالى: "لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ" و ... نتمسك بخيار السلم والمصالحة كخيار استراتيجيّ، فهل من كلمة ونداء توجهون من بقي من .. هؤلاء على شعاب الجبال؟

- الشيخ: أنا أقول لهؤلاء: لو كنتم في عصر الحجاج والله ما بقي منكم أحدٌ نصف نهار يعيش، لو كنتم في دولة الحجاج ما كان ليسمح لأحد منكم أن يعيش، لو ضُبط وتُمُكن منه، أنتم الآن في نعمة، دُعيتم إلى مصالحة وإلى الرجوع، أنصحكم بأن ترجعوا؛ وما بقي عندكم من مسائلات وشبهات وما إلى ذلك اسألوا أهل العلم وأنتم في كامل أمنكم وتمام عقولكم، اسألوا أهل العلم واحدا واحدا، ولا تقدموا أنفسكم هكذا هدية للشيطان تموتون بلا فائدة، كما سمعتم في الأثر السابق أثر حذيفة، هذه المصالحة -وطالت مدتها- هذه نعمة من الله لكم، مع أن الذي أحدثتم والله إنه لعظيم، إراقة الدماء، ما أشدها عند الله عزّ وجلّ أعظم ذنب بعد الشرك بالله تبارك وتعالى، ثم يَمُنُّ الله عزّ وجلّ عليكم بأن يُعطف الدولة عليكم، فتدعون إلى المصالحة، المصالحة كما قال ربنا عزّ وجلّ: "وَالصُّلْحُ خَيْرٌ" ثم ادرسوا هذه الموضوعات وحاولوا واحدة واحدة، وهذا حقيقة من شرع الله، فارجعوا بارك الله فيكم، وتوبوا إلى الله، واعلموا أن الإنسان إذا عاند لم يصلح الله رأيه، الرأي الصحيح أن يقول: تبت ورجعت، أما العناد فهذا ليس بطيب،

- لكن الذي أنصح الجانب الآخر: ألا تكتفي الدولة بأن ترجع هؤلاء حتى تٌمكن أهل النصح حقيقة من المنابر ليبينوا لهؤلاء الحقّ فيما هم فيه، ويزيلوا عنهم الشبهات، هذا ضروري، وإلا الواحد منهم ينزل من جحره الذي كان فيه، ثم يدخل آمنا مع الناس ثم لا يجد من يبين له وجهة الحق، هذا يبقى على شبهاته، وربما يفسد المجتمعات بأفكاره، والله تعالى أعلم.

- المقدم:أشكر فضيلة الشيخ عبد المالك رمضاني الجزائريّ من مدينة النبي عليه الصلاة والسلام على هذه المداخلة، تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام.
أعود إلى الأستوديو، وإذا أمكن إذا فيه اتصالات من مداخلة.
ـــــــــــــــــ

هذا الرابط لتحميلها صوتيا: http://www.rayatalislah.com/Sounds/mp3/1.mp3
  #21  
قديم 25 Apr 2010, 08:36 PM
أحمد سالم أحمد سالم غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
الدولة: الجزائري مقيم في فرنسا
المشاركات: 608
افتراضي

الشيخ عائد الشمري

بسم الله الرحمن الرحيم




شهدت الجزائر مؤخراً تصاعداً في الاعتداءات والتفجيرات الإجرامية
التي أُهْدِرَت بسببها دماء بريئة ومعصومة باسم الجهاد في الدين ، فهل الإسلام يقر هذه الأعمال ؟!




*****

التفريغ:

المتصل: السلام عليكم

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

المتصل: الشيخ عائد الشمري؟

الشيخ: معاك أخوك عائد الشمري.

المتصل: حياكم الله يا شيخ، كيف حالكم؟

الشيخ: أهلا وسهلا

المتصل: معكم شباب من الجزائر يا شيخ.

الشيخ: حياكم الله يا أهل الجزائر

المتصل: بخير أنتم يا شيخ؟

الشيخ: أبشرك، لله الحمد والمنة.

المتصل: الحمد لله، الحمد لله؛ يا شيخ،

الشيخ: تفضل.

المتصل: نستأذنكم في تسجيل كلمة حول أحداث الجزائر، يا شيخ.

الشيخ: تفضل.

المتصل: بسم الله الرحمن الرحيم، شهدت الجزائر مؤخرا تصاعدا في الاعتداءات والتفجيرات الإجرامية التي أهدرت بسببها دماء بريئة ومعصومة باسم الجهاد في الدين، فهل الإسلام يقر هذه الأعمال، يا شيخ؟

الشيخ: الإسلام لا يقر مثل هذه الأعمال، وذلك لأن هذه الأعمال لا علاقة لها بالجهاد لا من قريب ولا من بعيد.
فإن الجهاد ينقسم إلى قسمين، الجهاد ينقسم إلى قسمين، الجهاد ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: وهو جهاد الطلب.
والقسم الثاني: وهو جهاد الدفع.
- فأما جهاد الطلب، فإنه شُرع من أجل نشر الإسلام، ومن أجل تأمين الناس على أن يدخلوا الإسلام، وذلك لأن هناك من الكفار من يمنع الناس من الدخول في الإسلام، فعند القوة وعند القدرة فإنه يجوز جهاد الطلب بشرط ألا يكون بيننا وبين من نجاهدهم عهود أمان سابقة، فإذا جاهدنهم كان الجهاد لنشر الإسلام، وكان الجهاد لتأمين المسلمين، وكان الجهاد لرفع راية الإسلام وزيادته قوة؛ وإذا طبقنا هذا المفهوم على جهاد هؤلاء أو ما يسمونه بالجهاد فإنه لا علاقة له بجهاد الطلب، فإنهم يقاتلون أبناء جلدتهم من المسلمين، ويقتلون الناس غدرا وخيانة وغيلة، وهذه لا علاقة لها بالإسلام، ولا علاقة لها بجهاد الطلب، فإن جهاد الطلب -كما هو معلوم- وكما هي الفتوحات الإسلامية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي عهد الخلفاء الراشدين من بعده، وفي عهد الدولة الأموية والعباسية، وفي دولة المماليك، تجد أنها -التي كانت منتشرة هذه الدول- تجد أن جهاد تلكم الدول السابقة إذا أردت المقارنة بينه وبين قتال هؤلاء فلا علاقة لهؤلاء بهذا الجهاد، فإن الجهاد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي عهد الخلفاء الراشدين، كان من أجل نشر الإسلام، وكان من أجل تأمين المسلمين، وكان من أجل تأمين الناس لكي يدخلوا دين الله عز وجل؛ وأما فعل هؤلاء فهو فيه إرهاب المسلمين، وفيه قتل المسلمين، وفيه قتل المعاهدين، وفيه قتل المستأمِنين، وفيه الغدر، وفيه الخيانة، وفيه الغيلة، وفيه نقض العهود ونقض المواثيق، وفيه المخادعة، وهذا كله لا علاقة له بالإسلام ولا بالأخلاق التي أمر بها الله أو أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم؛ هذا بالنسبة إذا أدرنا جهاد الطلب.
- وأما جهاد الدفع، فإن جهاد الدفع إنما شُرع لحماية بلاد المسلمين، وشُرع من أجل تأمين الناس في مساجدهم، وتأمين الناس في جمعهم وجماعاتهم وصلواتهم، وتأمينهم لكي يخرجوا زكواتهم، وتأمينهم لكي يحجوا بيت الله، وتأمينهم لكيلا ينتشر القتل ولا سفك الدماء ولا هتك الأعراض ولا سلب الأموال؛ فهذا هو جهاد الدفع، عندما شُرع لحماية بلاد الإسلام وحماية المسلمين؛ فإذا أردنا أن ننظر إلى قتال هؤلاء نجد أن قتالهم بعكس جهاد الدفع.
جهاد الدفع من أجل حماية المسلمين، وقتالُ هؤلاء الذين عندكم من الإرهابيين من أجل قتل المسلمين.
جهاد الدفع من أجل حماية بلاد المسلمين، وقتال هؤلاء الخوارج الذين عندكم من أجل إلحاق الأذى وعدم الأمن في بلاد المسلمين.
جهاد المسلمين من أجل إبعاد القتل عن المسلمين، وقتالُ هؤلاء الخوارج عمل القتل في المسلمين.
جهاد الإسلام من أجل حماية أموال المسلمين، وقتالُ هؤلاء الخوارج عندكم من أجل سلب أموال المسلمين.
جهاد المسلمين من أجل تأمين الناس للوصول إلى الجُمع والجماعات وعدم الخوف، وقتالُ هؤلاء تخويف المسلمين من الوصول إلى المساجد، وتخويفهم من الوصول إلى الجمع والجماعات.
فنجد أن جهاد الدفع لحماية الإسلام والمسلمين، حمايتهم في دينهم، حمايتهم في أعراضهم، حمايتهم في أنفسهم، حمايتهم في أمولهم، وأما هؤلاء فإن قتالهم يهدد كل هذه الأمور الضرورات الخمس، فهو يهدد دين الناس، ويهدد أعراض الناس، ويهدد أموال الناس، ويهدد أرواح الناس، ويهدد أموال الناس، فكيف يقال: إن هذا جهاد الدفع؛ لينظر هؤلاء إلى جهاد النبي صلى الله عليه وسلم، النبي صلى الله عليه وسلم وضع خندقا على المدينة من أجل أن يحميها، فكان جهاد الدفع؛ والنبي صلى الله عليه وسلم ذهب وفتح مكة جهاد الطلب، من أجل أن يبعد هؤلاء الطواغيت عن الناس لكي يدخلوا في الإسلام، فدخل الناس في الإسلام، وكان فتح مكة؛ أين هذا من قتال هؤلاء؟!
هؤلاء قتالهم مردود، ولا علاقة له بالجهاد، لا بجهاد الطلب ولا بجهاد الدفع، ولا علاقة له بالأدلة الشرعية الواردة في الجهاد، ولا ينطبق عليه أي علة ولا أي مفهوم من مفاهيم الجهاد التي ذكرها أهل العلم والتي أوردها النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث والتي ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه؛ هؤلاء لا علاقة لهم بالجهاد، هؤلاء إذا أردت أن تقرأ التاريخ تجد أن لا يشبه أفعالهم هذه إلا الباطنية والإسماعيلية والحشاشين، هم الذين كانوا عندهم إمارة باطنية وعندهم قيادة باطنية، وعندهم جنود باطنيين، وينفذون القتل غيلة، وينفذون القتل بالمسلمين وبعلماء المسلمين وبأنحاء المسلمين، إذا قرأت التاريخ لا تجد لهم مشابها، حتى الخوارج! حتى الخوارج الأوائل كانوا إذا أرادوا قتال المسلمين -والعياذ بالله- فإنهم يخرجون إلى مكان ويجتمعون على أمير وبجيش ويقاتلون، هؤلاء لم يفعلوا حتى فعل الخوارج، تعدَّوا حتى على الخوارج، فهؤلاء يعيشون في وسطنا يختفون فيما بيننا، هذا الفعل لم يكن إلا فعل الباطنية، لم يفعل هذا الفعل وهذه الطريقة من التخفي ومن المخادعة، وإلى الوصول للهدف ثم تفجيره وقتل الناس غيلة وغير ذلك، هذا لا يعرف إلا عند الحشاشين وعند الباطنية وعند الإسماعيلية وغيرهم، كما هو مذكور في كتب التاريخ، كما هو في البداية والنهاية لابن كثير، وكما هو في غيرها من الكتب التي نصت على هذا.
هؤلاء وضعوا لهم دولة وهمية، إمارة وهمية، قيادة للجيوش وهميين، أين دولتهم؟ إنما هي فقط في عقولهم، ولكن لا نرى من أثرها إلا هذا القتل وإلا هذا الدمار، ولا نرى من أثر هذه الدولة إلا هذه العمليات الانتحارية والتفجير الذي شوه صورة الإسلام.
فهؤلاء، الجهاد لا يشوه صورة الإسلام الجهاد الشرعي، ولكن قتال هؤلاء الذين يسمونه جهادا زورا وبهتانا وينسبونه إلى الإسلام شوهوا صورة الإسلام، وجعل أعداء الإسلام من النصارى ومن اليهود يستغلون هذا القتل ويصفونه بأن هذا هو جهاد المسلمين.
لقد عاش اليهود النصارى والمستشرقون لسنوات لا يستطيعون أن يلقوا أي شبهة أو يشوهوا صورة جهاد النبي صلى الله عليه وسلم أو جهاد الخلفاء أو جهاد الصحابة، ولكن عندما أتى هؤلاء بقتلهم وغيلتهم وخداعهم ومكرهم وخفائهم وسريتهم وغموضهم وقتلهم هم الذين أرادوا أن يوحوا للناس أن هذا هو الجهاد، هذا ليس جهادا، هذا تشويه لصورة الجهاد.
- ولذلك تجد أن علماء الدعوة السلفية سواء المتقدمين أو المتأخرين، فالإمام ابن حنبل واجهه من الأذى ما واجهه وسُجن وضُرب وجُلد أيام المأمون وأيام الواثق وأيام المعتصم، ومع ذلك لم يفعل أي شيء من هذه الأفاعيل، ولم يطلب من طلابه أن يقوموا بأي اغتيال، لا لأمير ولا لرجل أمن في دولة المأمون، وكذلك حصل ما حصل لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من سجن ومن جلد ومن تعزير، ومع ذلك لم يطلب من أحد من تلاميذه أن يفعل ما يفعل هؤلاء.
- وعلماء الدعوة السلفية في هذا العصر،كـ: ابن باز وابن عثيمين والألباني والشيخ صالح اللحيدان والشيخ صالح الفوزان وغيرهم كثير، كلهم تبرؤوا من هذه الأفعال، وبيّن الشيخ عبد العزيز بن باز في زمانه قبل أن يتوفى بطلان هذه الأفعال، والألباني كذلك بين بطلانها وابن عثيمين بين بطلانها، والآن علماء الدعوة السلفية عندنا كهيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة وغيرها بيّنوا أيضا بطلانها، فهذه لا علاقة لها بالسلفية، ولا علاقة لها بالدعوة السلفية، وإنما هي دعوة خارجية تتلبس لباس السلفية كذبا وزورا وبهتانا؛ والدليل أنهم ليس لديهم أي مرجع من مراجع كتب السلفيين لا المتقدمة ولا المتأخرة يؤيدهم، وليس هناك أي عالم من علماء الدعوة السلفية لا المتقدمين ولا من المتأخرين في هذا الزمن كابن باز وابن عثيمين والألباني يؤيدهم، وإنما هؤلاء يؤيدهم جماعة الجهاد والجماعة الإسلامية التي خرجت من رحم الإخوان المسلمين والتي يعتبر سيدها وإمامها ومفتيها سيد قطب، فهؤلاء إمامهم سيد قطب ومفتيهم سيد قطب، وعلماؤهم هم علماء الجماعة الإسلامية والجهاد وغيرهم، ولا علاقة لهم لا بالدعوة السلفية ولا بعلماء الدعوة السلفية ولا لهم أي امتداد تاريخي سلفي يؤيدهم في هذه الأعمال التي فعلوها، ولذلك لا تجد أنهم يرجعون الشباب إلى كتب الفقه ولا يرجعون الشباب إلى كتب الحديث ولا يرجعون الشباب إلى علماء الدعوة السلفية المتقدمين لكي يبرهنوا على ... العالم، وإنما يكتفون فقط بأوراق على الإنترنت يكتبها بعض الخوارج والجهلة الذين يصرفون النصوص عما دلت عليه، ويتعاملون معها بالتأويل الذي سبقهم إليه تأويل الخوارج وغيرهم، ولذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بين في كتاب الفرقان أن الخوارج إنما أُتوا من سوء فهمهم للقرآن، فهؤلاء الذين يقومون بهذه الأعمال أدعوهم إلى الاستغفار، وإلى التوبة، وإلى إلقاء السلاح، وإلى الرجوع إلى كتب السلف، وإلى الرجوع إلى كتب الفقه والعلم، وإلى الدعوة إلى الله على بصيرة وبينة، وإلى نشر الإسلام بالحجة والبرهان والحكمة والرحمة والموعظة الحسنة، فإنهم آذوا الإسلام وآذوا المسلمين، وإن الله سبحانه وتعالى لا يرضى عن هذه الأفعال لأنها تخالف الكتاب وتخالف السنة ولم يكن هكذا دأب السلف، لذلك يجب على الناس أن تعرف هذا، الدعوة السلفية الحقة التي على الكتاب والسنة على فهم السلف تتبرأ من هذه الأفعال، وهذه فتاوى علماء الدعوة السلفية المتأخرين، وهذه فتاوى الشيخ ابن تيمية وأحمد بن حنبل وغيرهم لم يقم بهذه الأفعال، وإذا رجعت إلى التاريخ، لن تجد مثالا لأفعال هؤلاء إلا عند الباطنية والإسماعيلية والقرامطة وغيرهم، هم الذين كانوا يتخفون، ولهم أمراء مخفيون، ولهم بيعات مخفية، ويقومون بالقتل في الخفاء وبالغيلة وبالخداع وبالغدر، وأما المسلمون الخُلّص هم الذين تكون دعوتهم ظاهرة وجهادهم ظاهرا وأمرهم بيّن وعملهم كله علانية؛ أسأل الله عز وجل أن يجزكم خير الجزاء، وأن يهدي هؤلاء، وأن يرحم الأموات، وأن يكفي المسلمين شر هؤلاء.
- ثم أقول لهؤلاء: عندما يقتلون رجال الأمن، أليس رجال الأمن هؤلاء هم الذين يجاهدون لحماية بلادهم؟ وهم الذين يجاهدون للدفاع عن الجزائر؟ وهم الذين يجاهدون لاستتباب الأمن في الدولة الجزائرية؟ وهم الذين يجاهدون من أجل أن يصل الناس إلى الجمع والجماعات؟ أليس رجال الأمن في الجزائر هم الذين يطاردون القتل ويمنعون القتل بإذن الله؟ وهم الذين يمنعون بإذن الله كثرة الأموات؟ وهم الذين إذا ارتكب الشخص جريمة فإنهم يدافعون عن المظلوم ويدافعون (عن) الأشرار، أليس الناس في الجزائر بحماية من الله عز وجل ثم بسبب وجود رجال أمن الذين يسهرون لحماية أموال الناس وحماية أعراض الناس وحماية دين الناس وحماية أنفس الناس وأرواحهم؟ هل أمثال هؤلاء يقتّلون؟ أم أنهم يُشكرون على جهادهم وعلى سهرهم وعلى مرابطتهم في أعمالهم من أجل الحفاظ على أمن المسلمين والحفاظ على عقائد المسلمين والحفاظ على أرواح المسلمين والحفاظ على أعراض المسلمين والمسلمات؟ بأي شرع يجيزون لأنفسهم هذا؟ ولكن هذه الأفعال الغيلة؛ وأنا أقول لهم: ارجعوا إلى الله عز وجل، واقرؤوا الكتاب والسنة، وارجعوا إلى كتب الفقه وما ورد فيه في أبواب الجهاد، وارجعوا إلى كتب الفقه وكتب المحدثين وأهل الحديث وما ورد فيه في جهاد الطلب وجهاد الدفع، والأدلة ال في ذلك، وكيفية جهاد النبي صلى الله عليه وسلم وجهاد الصحابة وجهاد الخلفاء الراشدين، وليتقوا الله عز وجل في أنفسهم وليعودوا إلى ربهم سبحانه وتعالى بالتوبة والاستغفار، فإن الله غفور رحيم، نعم.

المتصل: أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ، ونستسمحكم في سؤال أو سؤالين في نفس الموضوع إذا أمكن؟

الشيخ: تفضل.

المتصل: يا شيخ، يوجد من يقسم هنا في الجزائر السلفية إلى ثلاثة أقسام، يقولون: سلفية جهادية، ويعنون بها هؤلاء الخوارج، وسلفية سياسية، ويعنون بها الأحزاب المسماة بالإسلامية، وسلفية علمية، ويعنون بها أهل السنة أصحاب الحديث، فهل في شرع الله عز وجل وفي علم السلف وما خلّفوه في كتبهم دليل على هذا التقسيم؟ أحسن الله إليكم.

الشيخ: السلفية واحدة، وهي الإسلام الحق، كما أن الإسلام الحق واحد، فكما أن هناك من ينتسب إلى الإسلام، ويقول: إن هذا هو الإسلام، ويقصد به عقيدة الرافضة، ويأتي الخوارج ويقولون: هذا الإسلام، ويقصدون به عقيدة الخوارج، ويأتي المعتزلة ويقولون: هذا هو الإسلام، ويقصدون به عقيدة المعتزلة، ويأتي الصوفية على اختلاف فرقهم وطوائفهم، ويقولون: هذا الإسلام ويقصدون به التصوف، ويأتي المرجئة ويقولون: هذا الإسلام، ويقصدون به الإرجاء؛ فكذلك في هذا العصر يأتي من الناس من يقول: هذه السلفية، وهو لا علاقة له بالسلفية، فهذه السلفية التي يسمونها: سلفية جهادية، هذه عندما تنظر إلى رموزهم وتنظر إلى مرجعيهم العلمية وتنظر إلى الكتب التي يرجعون إليها وتنظر إلى الرموز التي يرجعون إليها، كلها رموز الإخوان المسلمين ورموز القطبيين وسيد قطب والتكفيرين ورموز الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد وغيرها، فلا علاقة لها بالسلفية لا من بعيد ولا من قريب، قد يوافقون الدعوة السلفية في باب الأسماء والصفات، لكن ليس كل من وافق السلفية في باب الأسماء والصفات يعني ذلك أنه سلفي، وهناك من وافق السلفية في باب الأسماء والصفات ولكنه خالف في باب الإيمان فأصبح مرجئا، وهناك من وافق السلفية في باب الأسماء والصفات ولكنه خالفها في التصوف فأصبح صوفيا مبتدعا، وهناك من قد يوافق السلفية في جوانب ويخالف في جوانب أخرى مما يجعله ينتمي إلى الفرقة الأخرى الضالة، وبالتالي ينتمي إلى فرقته تلك، هؤلاء لأنهم وافقوا السلفية في باب إثبات الأسماء والصفات أو كذلك في باب توحيد الألوهية، ثم بعد ذلك ظنوا أن هذا يجعلهم ينتسبون للسلفية بشكل عام، وهم لم يوافقوا السلفية في باب الحاكمية ولا في باب الجهاد ولا غيرها وابتدعوا في دين الله، هذا، وأخذوا بعقائد الخوارج، فهل إذا أتاني خارجي يستحل قتال المسلمين وشهر السيف عليهم يقول: أنا سلفي لأني أثبت أسماء الله وصفاته؟ هو يصبح خارجيا؛ هؤلاء لم يفهموا معنى السلفية، السلفية -بارك الله فيك- أنك في أبواب العقيدة كلها تكون على طريقة السلف، في باب الحاكمية في باب الأسماء والصفات في باب القدر، ولذلك تجد أن كل من هذه الأبواب خرج ناس عن السلفية وانتسبوا إلى فرقة، خرج ناس في باب القدر فعندنا قدرية وعندنا جبرية، خرج ناس في باب الأسماء والصفات فعندنا معتزلة وجهمية وأشاعرة ومفوضة ومشبهة، خرج أناس في باب الإيمان فعندنا مرجئة الجهمية الذين يقولون: الإيمان المعرفة، وعندنا مرجئة الكرامية الذين يقولون: الإيمان القول، وعندنا مرجئة الأحناف الذين يقولون: الإيمان اعتقاد وقول، هؤلاء كلهم خرجوا وأصبحوا مرجئة، إذا ليس كل من وافق السلفية في باب واحد معنى ذلك أنه يبتدع في الأبواب الأخرى ويوالي ويعادي عليها ثم يقحم نفسه في السلفية، هؤلاء الذين يدّعون أنهم سلفية جهادية أليس أئمة الدعوة السلفية في هذا العصر ابن باز وابن عثيمين والألباني، هؤلاء العلماء الثلاثة كلهم خطؤوا هؤلاء وضللوهم وبيّنوا بطلان أفعالهم وبطلان عقائدهم وأن فعل الخوارج، فمن رموزهم في هذا العصر؟ هل كتب شيخ الإسلام ابن تيمية يجدون فيها جوزا القتل هذا الذي يفعلونه؟ جواز الغيلة والانتحار وقتل الناس وقتل رجال الأمن وقتل المسلمين الذين يشهدون ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وقتل المعاهدين والمستأمِنين؟ أنجد هذا في كتب ابن القيم؟ أنجد هذا في كتب ابن قدامة؟ هل هذا في مذهب ابن حنبل؟ في الشافعي؟ مالك؟ عند أئمة الإسلام والمتقدمين؟ عند الأوزاعي؟ عند الثوري؟ عند الحسن البصري؟ عند ابن عباس وابن مسعود وغيرهم؟ من أين أتوا بهذا كله؟ هذه كتب العقيدة عندنا: الشريعة للآجري والسنة للآلكائي والإيمان لابن بطة والسنة للبربهاري وغيرها، هل يوجد مثل هذه الأمور فيها التي هم يفعلونها الآن؟ غير موجود، هل علماء الدعوة السلفية في هذا العصر والذين يمثلون الدعوة السلفية كابن باز وابن عثيمين والألباني والفوزان يرون شرعية هذه الأمور؟ الجواب: لا، لكن من الذي يرى هذه الأمور؟ أليس أيمن الظاهري وأسامة بن لادن وسيد قطب وجماعة التكفير والهجرة وجماعة الإخوان المسلمين عندما أنشأت الجناح العسكري والتنظيم الخاص أيام عبد الرحمن السندي ومحمود الصبار، هذه كتبهم موجودة الآن: "حقيقة التنظيم الخاص" لمحمود الصبار، "النقط فوق الحروف" لأحمد عادل كمال، كلها فيها مثل هذه العلميات وعمليات القتل وقتل الشرطة، وأحمد عادل كمال ذكر في كتابه: "نقط فوق الحروف" أنهم كانوا يهاجمون مراكز الشرطة ويفجرونها من أيام الأربعينات بقيادة عبد السندي وبأمر حسن البنا، هذه لا علاقة لها بالسلفية هذه من الأخوان المسلمين ومشتقات الإخوان المسلمين، وأما هؤلاء الذين يقولون: السلفية السياسية، السلفية ترى السياسة، والسياسة من الدين، وليست السياسة خارج الدين، ولكن هؤلاء يطبقون نظريات الإخوان المسلمين السياسية والجناح السياسي للإخوان المسلمين الذي يرى الديمقراطية ويرى التعددية الحزبية ويرى التعددية السياسية، ويرى الأعمال هذه، وهذه ليس من السلفية في شيء، ليس الديمقراطية من السلفية في شيء، وهذا هو الذي يتبناه القرضاوي وتبناه حسن البنا وتبناه مرشد الإخوان المسلمين كعمر التلمساني ومحمد مهدي عاكف وغيرهم، هذا لا علاقة له بالسلفية، هذه الديمقراطية وهذه السياسة التي: "الغاية تبرر الوسيلة" وهذا التلاعب والتحالف مع أهل الباطل، وكذلك التلاعب السياسي عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أجل المكتسبات السياسية، هذه كلها من خطط وبرامج وعقائد ومبادئ الإخوان المسلمين، لا علاقة لها بالسلفية، فهؤلاء الذين يسمون أنفسهم بالسلفيين، سواء السلفية الجهادية أو السلفية السياسية هم الإخوان المسلمون، هم الإخوان المسلمون، ولكن هؤلاء الآن يريدون العمل السياسي وهو الجناح السياسي وهو الذي يتبناه الآن القرضاوي وهو يعتبر الآن حامل لوائه، واضح ولاّ لا؟ فساروا بركابه، والآخرين يسيرون بركاب أسامة بن لادن وأيمن الظواهري الذين هم من أتباع سيد قطب وأتباع الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد، وكلها من جماعة الإخوان المسلمين، سواء الأصل أو المشتقات.
- أما السلفية، السلفية -ولله الحمد والمنة- السلفية لها أقوالها ولها مبادئها ولها أصولها، سواء في الجانب السياسة أو سواء في جانب العقائد أو سواء في جانب العبادات أو سواء في جانب المعاملات أو الدعوة أو الجهاد، وهذه أقوال السلفيين منتشرة قديما وحديثا، وهذه أقوال علمائنا في جميع الأبواب تكلموا، تكلموا في الحاكمية سواء المتقدمين من السلف كالآجري في الشريعة وغيره وعقدوا أبوابا في هذا، أو من المتأخرين كالشيخ ابن باز والألباني العثيمين، وهذه فتاواهم موجودة ومطبوعة في هذا الباب، كذلك فتاواهم موجود ومطبوعة في عدم جواز قتل المستأمِنين أو المعاهدين، كذلك فتاواهم موجودة ومطبوعة في عدم جواز قتل الذميين، كذلك فتاواهم موجودة ومطبوعة في عدم جواز قتل المسلمين، وكذلك في عدم جواز الخروج على الحكام واستحلال دماء رجال الأمن وغيرهم، هذه فتاوى السلفيين الآن موجودة وفتاوى السلفيين المتقدمين موجودة، فأين تجد هذا؟ إنما إذا أردت أن تبحث عن هذه الذي سمى نفسه سلفي سياسي عندكم أو الذي سمى نفسه سلفي جهادي، إذا أردت أن تعرض عقائدهم وأقوالهم فإنك تجدها موجودة في كتب الإخوان المسلمين، سواء في شق الإخوان المسلمين السياسي أو في الشق والجناح العسكري الخاص الذي أسسه حسن البنا، نعم.

المتصل: أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ، سؤال آخر: هنالك بعض الشباب يدّعون السلفية وغيرهم من العوام يؤيدونهم في الجبال ويفرحون بما بفعل هؤلاء الإرهابيون الخوارج من عمليات تفجيرية، فما نصيحتكم لهؤلاء؟ أحسن الله إليكم.

الشيخ: هؤلاء يجب أن يتقوا الله عز وجل، الله سبحانه وتعالى يقول: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ"، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"، هؤلاء أقل شيء ينكرون هذه الأفعال ولو بقلوبهم، وأما أنهم يفرحون بها فهم -والعياذ بالله- يشاركونهم في هذا الجرم، يشاركونهم في هذا الجرم -والعياذ بالله-، الذي يفرح بقتل المسلمين، الذي يفرح بتشويه صورة جهاد الإسلام، الذي يفرح بقتل هؤلاء المسلمين والمسلمات، وهذا التفجير الذي هو فعل الإسماعيلية وفعل الباطنية فإن هذا لا يجوز، وهؤلاء سبب فرحهم أنهم منهم، ولكنهم لا يستطيعون أن يفعلوا فعلهم ولكنهم يرضون بفعلهم ويؤيدونه، نعم.

المتصل: جزاكم الله خيرا فضيلة الشيخ على هذه الكلمة، ونستسمحكم على الإطالة.

الشيخ: أنا أوصيكم في الجزائر أن تشغلوا نفسكم بطاعة الله وفي دراسة التوحيد ودراسة العبادات والأخلاق والسلوك، وأن تنشروا دين الله بين الناس بالحكمة والموعظة الحسنة والرحمة، وأسأل الله أن يوفقكم ويبارك فيكم وأن يهدي ضال المسلمين.

المتصل: آمين آمين، بارك الله..

الشيخ: وأن يحفظ الجزائر وأن يحفظ الجزائريين من كل سوء وأن يبعد عن الجزائر هذه الفتنة وغيرها من الفتن سواء كانت هذه الفتنة تتعلق بالعلمانية أو اللبرالية أو الصوفية أو الشيعة أو الخوارج أو الباطنية أو غيرهم، نسأل الله أن يحمي الجزائر وسائر بلاد المسلمين، بارك الله فيكم.

المتصل: بارك الله فيكم فضيلة الشيخ.

الشيخ: حياك الله يا أخي.

المتصل: السلام عليكم والرحمة!

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله.

------
)


منقول
  #22  
قديم 25 Apr 2010, 09:28 PM
أحمد سالم أحمد سالم غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
الدولة: الجزائري مقيم في فرنسا
المشاركات: 608
افتراضي

فهذه كلمة الشيخ الفاضل عز الدين رمضاني الجزائري -حفظه الله تعالى- إثر التفجيرات الإرهابية الأخيرة في الجزائر التي خلفت قرابة 60 قتيلا مسلما أو أكثر ، و ناهيك عن الجرحى و الخسائر المادية ، مصداقا لقوله -صلى الله عليه و سلم : (( يقتلون أهل الإسلام و يدعون أهل الأوثان ))

تفريغ الكلمة:


تعلمون معشر الحضور ما يحدث في بلاد المسلمين -على وجه العموم ، وفي بلادنا على وجه الخصوص من الأمور التي يستنكرها العاقل ، فضلا عن المسلم الفقيه البصير بأحكام وتعاليم دينه .

ولا يخفى عليكم ما للمؤمن من حُرمة عظيمة عند الله -سبحانه وتعالى- ؛ ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يستغل المجامع العظيمة كالجمعة و أيام الحج نالحج الأكبر ؛ فكان النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يذكرهم بهذا الأمر ، وهو وجوب الحفاظ وعدم الاعتداء على حرمة المسلم في ماله وفي عرضه وفي دمه .

هذه ثلاثة أمور جاء الشرع بالتنبيه عليها ؛ إذ لا يجوز لمسلم أن يأخذ مال أخيه المسلم نهبا أو سرقة أو غشا أو احتيالا ؛ لأنه لا يحل لمسلم أن يأخذ مال أخيه إلا بطيب نفسٍ ، حتى ولو أعطاه ذلك المال وهو مُكرِه أو مُكرَه لهذا الفعل ، فإن هذا لا يكون حلالا على الآخذ ؛ والله – سبحانه وتعالى – في آية عظيمة في سورة البقرة -وهي أطول آية في القرآن الكريم- في قوله – جل وعلا- :﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ﴾ هذه الآية قال عنها بعض أهل العلم أنها أرجى آية في كتاب الله ؛ وقالوا أن وجه الرجاء فيها أن الله -سبحانه وتعالى- حافظ فيها على مال المسلم ، صغيرا كان أو كبيرا ، قليلا كان أو كثيرا ؛ فأوجب ما أوجب من الأحكام في حفظه والمحافظة عليه ؛ قالوا إذا كان هذا في المحافظة على مال المسلم -الذي هو في الأصل مال الله- يأتي وينهب ، فما بالكم بحرمة دم المسلم .

وكذلك ما جاء في الحفاظ على عرض المسلم ؛ عرض المسلم مصان ، سواءً في نفسه أو في أهله ؛ وتعلمون ما جاء من النصوص الكثيرة نصوص الوعيد في من يغتاب المسلمين ويتعرض لنهب أعراضهم ويتكلم فيهم بغير حق ، أو يتكلم في أهلهم وذويهم ، ما جاء من الوعيد الشديد في ذلك .

وكل هذا فإنه لا يصل ذلك التحذير الذي جاء في عدم الاعتداء أو المساس بحرمة المسلم في دمه ؛ ولهذا حرم الله -سبحانه و تعالى- لغير الحاكم أن ينفذ الحدود ؛ فبعض الحدود فيها إزهاق للنفس أو إزهاق للروح ، ولكن هذا بحق ؛ لأن الله - سبحانه وتعالى – شرع القصاص لتكون الحياة في ناس كما قال الله – سبحانه وتعالى - : ﴿ ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ﴾ ومع ذلك فإن الحاكم إذا لم ينفذ هذه الحدود -لسبب أو لآخر- فإنه لا يجوز لأحد غيره أن يتولى هذه المهمة ؛ ولهذا لابد أن يصبر الناس على ما ينالهم من الأذى ؛ ولهذا لا يستطيع الإنسان أن يقيم الحد بنفسه .

هذا إذا كان الإنسان معتديا ، إذا كان الإنسان ظالما ،إذا كان الإنسان يسرق ، ويفعل و إلى غير ذلك ؛ لا يجوز للناس أن يقيموا عليه الحد ؛ لا يجوز أن يقطعوا يده ولا أن يزهقوا روحه ، إلا للحاكم الذي يرى المصلحة في إقامة الحد عليه .

إذن فما بالكم -أيها الإخوة- إذا كان الإنسان هكذا من تلقاء نفسه يزهق أرواح إخوانه المسلمين بغير ذنب وبغير حق .
لا شك أن مثل هذا الأمر لا يخاطب به أمثالكم ممن يفهمون هذه الأمور ؛ ولكن أنا أريد أن أبين أمرا مهما جدا ،وهو أن الناس قد لا يصلون إلى مثل هذه الأمور ؛ لا يصلون إلى مثل هذه الانحرافات في السلوكات وفي العمل وفي التنفيذ ، إلا بعد أن يستقر في أذهانهم ذلك الفهم الرذيل المذلول المعوج ، الذي ليس عليه أثرة من علم ، ولا يبنى على أساس فهم سليم من علماء هذه الأمة من الأولين والآخرين ،و من المتقدمين والمعاصرين .

الإنسان- أيها الإخوة- لا يجوز له أن يجتهد في فهم النصوص بنفسه ؛ الله – سبحانه وتعالى – جعل لهذه الأمة علماء وفقهاء ودعاة ح وقد يجتمعون على بعض الأمور ، وقد يتفقون وقد لا يتفقون ، وهم يبينون أحكام الله – سبحانه وتعالى - ؛ إذن فيجب على غيرهم أن يطيعوهم ويتبعوهم .

ولذلك جاء في أصل من أصول أهل السنة والجماعة كما يقول " ابن أبي زيد القيراوني " وغيرهم ممن كتبوا في عقيدة المسلمين : وتجب الطاعة لأئمة المسلمين ـمن حكامهم وعلمائهم لأن الله – سبحانه وتعالى – يقول : ﴿ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم ﴾ ؛ وقد ذهب كثير من العلماء إلى أن قول الله – عز وجل- : ﴿ و أولي الأمر منكم ﴾ المقصود بهم: الأمراء والعلماء .
فالصلاح وإزالة الفساد والتقويم هذا كله راجع إلى هذين الصنفين ؛ إلى الأمراء و إلى الحكام .
إذن فما على الناس إلا أن ينصاغوا وينقادوا و يطيعوا وأن لا يجتهدوا بأهوائهم .

أقول لعل الأمر الذي أوصل كثيرا من الناس إلى مثل هذه الانحرافات في السلوكات وفي العمل هو جهلهم بأحكام دينهم ؛ ولهذا لابد علينا -نحن الآن- حتى يعمل الإنسان للمدى البعيد أن يستأصل مثل هذه الفهوم الضالة ؛ وذلك بنصح الناس ،وتعليمهم ، وهدايتهم إلى الأصل الأصيل ، إلى القرآن وإلى السنة كما فهمها الأسلاف ؛ إلى أقوال أهل العلم الذين كانوا كثيرا ما يُذَكِّرون في كتبهم وفي مقالاتهم و في أحاديثهم يحذرون من مجالسة أهل البدع و الأهواء ، ويجمعون على وجوب هجر أهل البدع و أهل الأهواء ، لأن في مجالستهم ضرر على الإنسان .

كل ما وقع فيه كثير من الناس -من الفساد والإفساد في الأرض- فهو نتيجة هذه الخلطة السيئة لمن هب ودب ؛ فكل من سُمع له كلام أو خطبة أو حديث ، ربما قد يسحر العقول ويأخذ بالألباب ؛ ترى الناس يأتون إليه من كل حدب وصوب ؛ ويلقون أسماعهم وقلوبهم لسماع هذا الحديث ؛ ولعل قد يكون فيه من الفساد ومن البعد عن فهم الدين الصحيح ما الله – سبحانه وتعالى – به عليم .

إذن أيها الإخوة إذا أردنا أن نزيل مثل هذه الرواسب مثل هذه المفاهيم الضالة من عقول شبابنا خاصة ، فعلينا أن نبذل ما في وسعنا من الجهود في العلم والتعليم وبذل النصيحة لهؤلاء حتى نتمكن من استئصال هذه الأفكار الضالة ؛ وحينئذ ، وربما بعد وقت طويل يفهم الناس ما الذي يجب عليهم في دين الله – سبحانه وتعالى – وأن كثيرا من الأمور لا يصلح للإنسان أن يجتهد فيها ، وإنما هي من نصيب ، و من عمل العلماء والحكام والأمراء.

وهذا ربما الحديث قد يكون فيه الكلام كثير ، ولكن حسبي أن ننبه إلى هذا الذي جرى وتعلمون ما وقع في هذا الأسبوع المنصرم من هذا التقتيل الأعمى والإبادة وإزهاق أرواح المؤمنين بغير ذنب ولا سبب في ذلك ولا ذريعة تشفع لهم في مثل هذا الفعل .

فلا شك أن المؤمن بعيد عن مثل هذه الأمور و لا يمكن له أن يرضى بها ؛ بل عليه أن يسأل الله- سبحانه وتعالى - ويدعو الله – سبحانه وتعالى – بأن يزيل عنا مثل هذه الانحرافات ومثل هذه الأفكار الضالة وأن يستأصلها من عقول شبابنا ؛ وأن يهدي إخواننا وجميع الناس من هذه الأمور التي تقود بهم إلى مثل هذه الأفعال الشنيعة حين يرتكبون مثل هذه المجازر هنا وهناك في حق الصغير والكبير ؛ وهذا -كما قلنا- لاشك أنه ليس من عمل المسلمين وليس من عمل الذي يخاف الله – عز وجل – ويرجو لقاء الله – سبحانه وتعالى - ؛ لأن المؤمن يعلم أن الله – سبحانه وتعالى - لما نصح ولما ذكر صفات عباد الرحمن ، قال من جملة صفاتهم : ﴿ والذين لا يدعون مع الله إله آخر و لا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ﴾ فكان من أعظم الذنوب: قتل النفس التي حرم الله بغير حق ؛ الذي جعله الله – سبحانه وتعالى – بعد نهيه عن الشرك ؛ فدل أنه من أكبر الذنوب وأعظم العظائم قتل النفس , ولهذا كما جاء في الحديث :(( لو أن أهل الأرض والسماء اجتمعوا على قتل امرئ مسلم لأكبهم الله – سبحانه وتعالى – على وجوههم في النار )) أو كما قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- .

فحرمة المؤمن عظيمة ح فعظموا هذه الحرمات عباد الله ؛ و لا تستطيلوا في ذكر أعراض المسلمين والتهوين من حرماتهم ؛ فإن هذا الأمر يؤدي بكم إلى غضب الله – سبحانه وتعالى –

واللهَ – سبحانه وتعالى – نسأل أن يوفقنا لما فيه الخير ؛ وأن يجعل بلدنا وسائر بلاد المسلمين آمنا مطمئنا ، وأن يرزقنا الهداية والعمل الصالح إنه – سبحانه وتعالى – ولي ذلك والقادر عليه .

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ؛ والحمد لله رب العالمين .

http://www.sahab.net/forums/showthread.php?t=360820
  #23  
قديم 29 Apr 2010, 04:40 PM
أحمد سالم أحمد سالم غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
الدولة: الجزائري مقيم في فرنسا
المشاركات: 608
افتراضي

الشيخ فركوس يفتي ببطلان الاعتداءات الإنتحارية بالجزائر


في حكم التفجيرات ومخلفاتها السيِّئة

السـؤال:

ما حكم التفجيرات والعمليات الانتحارية التي تعرَّضت لها الجزائر خاصَّةً وسائر بلدان المسلمين عاَّمةً، وما حكمُ تدميرِ مُنشآتِ الكفار وترهيبِهم في بلادهم أو في بلاد المسلمين؟ وهذا بغضِّ النظر عن الجهة التي تقف وراءَ هذه العمليات، فإن كانت الجهة إسلاميةً، فهل هذا العمل يعدُّ من الجهاد في سبيل الله؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا. والرجاء تأصيل المسألة وتفصيلُها بالأدلة كما عوّدتمونا.

الجـواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:

فالمعلوم أنَّ مِنْ شرط الوسيلة الدعوية أن يكون المقصود منها مشروعًا، فإن كان ممنوعًا فلا يتوسَّل إليه بأيِّ وسيلة؛ لأنَّ النهي عن المقصد نهي عن جميع وسائله المؤدِّية إليه، كما أنَّ من شرطها -أيضًا- أن تكون في ذاتها غير مخالفة لنصوص الشرع أو لقواعده العامَّة، فلا يجوز أن يتوسَّل بها إلى المقاصد والغايات، ومخالفة الشرع في باب الوسائل كمخالفته في باب المقاصد، لقوله تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 63]، فالآية دلَّت على التحذير من مخالفة أمره وهو عامٌّ شاملٌ لباب الوسائل والمقاصد على حدٍّ سواء؛ لأنَّ النكرة المضافة تفيد العموم.

ولا يخفى أنَّ شريعة الإسلام تأمر بالمحافظة على الضروريات الخمس، ودماءُ المسلمين وأموالهم وأعراضهم محرَّمة لا يجوز الاعتداء عليها بنصِّ قوله تعالى: ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 93]، وقوله تعالى: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة: 32]، وقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ»(١- أخرجه مسلم في «صحيحه» كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه: (6706)، وأبو داود في «سننه» كتاب الأدب، باب في الغيبة: (4884)، والترمذي في «سننه» كتاب البر والصلة، باب ما جاء في شفقة المسلم على المسلم: (2052)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.)، وقولِه صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا»(٢- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب العلم، باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب: (105)، ومسلم في «صحيحه» كتاب القسامة والمحاربين، باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال: (4383)، من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.)، وقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عِنْدَ اللهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ»(٣- أخرجه الترمذي في «سننه» كتاب الديات، باب ما جاء في تشديد قتل المؤمن: (1395)، والنسائي في «سننه» كتاب تحريم الدم، باب تعظيم الدم: (3987)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. وأخرجه ابن ماجه في «سننه» كتاب الديات، باب التغليظ في قتل مسلم ظلمًا: (2619)، من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، والحديث صححه ابن الملقن في «البدر المنير»: (8/347)، والألباني في «صحيح الجامع»: (5077).)، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: «رَأَيْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ بالكَعْبَةِ وَيَقُولُ مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ، مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لحرْمَةُ المؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ الله حُرْمَةً مِنْكِ مَالُهُ وَدَمُهُ وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلاَّ خَيْرًا»(٤- أخرجه ابن ماجه في «سننه» كتاب الفتن، باب حرمة دم المؤمن وماله: (3932)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. والحديث حسنه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (7/2/1250).).

وعليه، فإنَّ اتخاذ وسيلةِ التفجير والتدمير والتخريب والاغتيال والانتحار يهدم هذا الأصلَ المقاصديَّ ويخالف نصوص الشرع الآمرةَ بوجوب المحافظة عليه، ومن هنا يظهر أنَّ «الوَسِيلَة المحُرَّمة حرام»، و«الوَسيلة إلى الحرام حرامٌ»، فمن اعتبر مقاصد الشرع دون مراعاة وسائله، أو بالعكس اعتبر وسائل الشرع دون مقاصده فقد أخذ بجزء الدِّين وأهمل الآخر، وقد قال الله تعالى: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [البقرة: 85]، وخالف الهديَ النبويَّ، حيث كان صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم يوصي المجاهدين على الأعداء بوصايا أخلاقيةٍ كالوفاء بالعهد، وعدم الغدر، وينهى عن قتل النساء والشيوخ والصبيان، ونحو ذلك. قال أبو حامدٍ الغزالي -رحمه الله- في معرِض الحديث على التوسُّل إلى الحسنة بالسيئة: «فهذا كلُّه جهل، والنية لا تؤثِّر في إخراجه عن كونه ظلمًا وعدوانًا ومعصيةً، بل قصده الخير بالشر -على خلاف مقتضى الشرع- شر آخر، فإن عَرَفَه فهو معاندٌ للشرع، وإن جَهِله فهو عاصٍ بجهله، إذ طلبُ العلم فريضةٌ على كلِّ مسلم»(٥- «إحياء علوم الدين» (4/368).)، ويؤكِّده قولُ ابن تيمية -رحمه الله-: «ليس كلُّ سببٍ نال به الإنسان حاجتَه يكون مشروعًا ولا مباحًا، وإنما يكون مشروعًا إذا غلبت مصلحته على مفسدته ممَّا أَذِن فيه الشرع»(٦- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (27/177).).

هذا، وتحريم هذه الأساليب التدميرية والأعمال التهديمية والعمليات الانتحارية ليست قاصرةً على حقِّ المسلم بل تتعدَّى إلى الكافر، سواء كان ذِمِّيًّا أو معاهدًا أو مستأمنًا لقوله تعالى: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ﴾ [التوبة: 6]، والأمان إذا ما أعطي لكافرٍ ولو كان محاربًا سواء أعطاه هذا العهد شخصٌ طبيعي من المسلمين، أو شخص معنوي كالدولة أو الهيئات، رسمية أو غير رسمية، فلا يجوز الغدر به، سواء دخل بلاد المسلمين لحاجتهم، أو لحاجة نفسه، لقوله تعالى: ﴿وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ﴾ [النحل: 91]، وقوله تعالى: ﴿وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً﴾ [الإسراء : 34]، وقوله تعالى: ﴿وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُواْ﴾ [الأنعام: 152]، وقد شهد الكفار للنبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أنه لا يغدر، بل جعله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم من صفات المنافقين في قوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ»(٧- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الإيمان، باب علامة المنافق: (34)، ومسلم في «صحيحه» كتاب الإيمان، باب بيان خصال المنافق: (210)، من حديث ابن عمرو رضي الله عنهما.)، وأكّد وجوب احترام العهد بقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مَسِيرَةَ أَرْبَعِينَ عَامًا»(٨- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الجزية والموادعة، باب إثم من قتل معاهدا بغير جرم: (2995)، وابن ماجه في «سننه» كتاب الديات، باب من قتل معاهدًا: (2686)، من حديث ابن عمرو رضي الله عنهما.)، ويدخل في عقد الأمان مع الكافر أي مسلم ولو كان المؤمِّنُ امرأةً، لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «المُسْلِمُونَ تَتَكَافَأ دِماَؤُهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ -أي: العَهد- أَدْنَاهُمْ»(٩- أخرجه أبو داود في «سننه» كتاب الجهاد، باب في السرية ترد على أهل العسكر: (2751)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. والحديث صححه الألباني في «الإرواء»: (7/265).)، ولما أجارت أمُّ هانئ رضي الله عنها رجلاً مشركًا عامَ الفتح أراد عليٌّ بن أبي طالب رضي الله عنه أن يقتله، ذهبت إلى النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم فأخبرته فقال: «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ»(١٠- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الجزية والموادعة، باب أمان النساء وجوارهن: (3000)، ومسلم في «صحيحه» باب استحباب صلاة الضحى: (1669)، من حديث أم هانئ رضي الله عنها.)، ولا شكّ أنَّ وسيلة التفجير والتدمير والانتحار والاغتيال وغيرها فاسدة بهذا الاعتبار، واستخدامها عملاً دعويًّا تأباه شريعة الإسلام بما تجرُّه من مهلكات عظام، ومفاسد وآثام، فمن جملتها:

- هلاك الناس بالاعتداء على حرمة بلاد المسلمين، وترويع الآمنين فيها، وإزهاق أرواح الأبرياء والأنفس المعصومة، وإتلاف لأموالهم وجهودهم، وتضييع ممتلكاتهم.

- كما أنَّ استخدام وسائل العنف والبطش يؤدي إلى ردِّ فعلٍ عنيفٍ مضادٍّ، وبطشٍ يعادله أو أقوى منه، الأمر الذي يسبب نشر الفتن والفوضى في الأُمَّة، وإضعافًا لقوتها وشَقًّا لترابطها وتلاحمها، ويفتح ثغرًا على المسلمين يتسلط منه أعداء الأمة والدِّين. كما تنعكس سلبياته على مجال الدعوة إلى الله تعالى، وتتقهقر بالتضييق على أهلها وروادها بشتَّى أنواع الأساليب.

هذا، وبالمقابل فإنَّ المسلمين الذين لهم دولة ذات سيادة ومَنَعَة فمن حقِّهم الأكيدِ أن يسوسَهم ولاةُ الأمور بالحقِّ والعدل، بأن يحموا لهم دينَهم -الذي هو عصمة أمرهم- بكافة محاسنه وقِيَمه من أي تبديل أو تغيير أو تشويه أو تحريفٍ، وأن يحفظوا ديارَهم وأموالهم من كيد الأعداء والتسلُّط على بلادهم واستغلال خيراتهم، وأن يصونوا أعراضهم المعصومةَ، لأن أعراض المسلمين متكافئة، ذلك لأنّ حِفْظَ هذه الضروريات من مسؤولية ولاة الأمر لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»(١١- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب العتق، باب العبد راع في مال سيده: (2419)، ومسلم في «صحيحه» كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر: (4724)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.)، فإنَّ من ثمرات إقامة العدل بالحقِّ تحقيق طمأنينة نفس المؤمن، وسكون قلبه، وإحلال المحبة محلَّ البغض، والرضا محلَّ السَّخَط، وقد أخبر النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم عن كرامتهم عند ربهم بقوله: «إِنَّ المُقْسِطِينَ -عِنْدَ اللهِ- عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا»(١٢- أخرجه مسلم في «صحيحه» كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر: (4721)، والنسائي في «سننه» كتاب آداب القضاة، باب فضل الحاكم العادل في حكمه: (5379)، وأحمد في «مسنده»: (6449)، من حديث ابن عمرو رضي الله عنهما.)، وبقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ..»(١٣- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الجماعة والإمامة، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة: (629)، مسلم في «صحيحه» كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة: (2380)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. ).

وأخيرًا، فإنَّ حاجة الأُمَّة شديدةٌ إلى دعوةٍ علميةٍ صادقةٍ مؤصَّلةٍ على الكتاب والسُّنَّة وَفق فهم سلف الأُمَّة، وحاجتُها اليومَ إليها أكثرُ من أيِّ وقتٍ مَضَى، لذلك يجب الحِرص على تحصيل العلم الشرعي النافعِ، والعناية بمداركه وموارده، مع التحلي بأخلاق الشريعة وآدابها، والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، مع الصبر على المعارضين والمغرضين، والناوئين، والشانئين، عملاً بقوله تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [يوسف: 108].

إنَّ القيام بالمهمة الدعوية على بصيرةٍ والتحلي بالصبر عليها لَهُوَ أعظم الجهاد في سبيل الله، فقد ذكر ابن القيم -رحمه الله- أنَّ الجهاد بالحُجَّة واللسان مقدَّمٌ على الجهاد بالسيف والسِّنان، حيث قال: «وهذا جهاد الخاصة من أتباع الرسل، وهو جهاد الأَئمَّة، وهو أفضل الجهادين، لعظم منفعته، وشِدَّة مُؤْنَتِه، وكثرةِ أعدائه»(١٤- «مفتاح دار السعادة» لابن القيم (1/271).)، وقال يحي بن يحي شيخِ البخاري: «الذَّبُّ عن السُّنَّةِ أفضل من الجهاد في سبيل الله»(١٥- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (4/13).)، وقال أبو عبيدٍ القاسم بن سلاَّم: «المُتَّبِعُ للسُّنَّة كالقابض على الجمر، وهو اليومَ عندي أفضل من الضرب بالسيوف في سبيل الله»(١٦- «تاريخ بغداد» للخطيب البغدادي (12/410).).

أصلحَ اللهُ أحوالَ المسلمين، ووقاهم كيدَ أعداء الدِّين، والمسلمُ إذا كان يحب لنفسه الخيرَ، فليحبَّه لإخوانه، ويجتهد في جلبه لهم، وإذا كان يكره لنفسه الشرَّ، فليكرهه لإخوانه، فيصرف شره عنهم، ويجتهد في صرف شرِّ غيره عن إخوانه، مصداقًا لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»(١٧- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الإيمان، باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه: (13)، ومسلم في «صحيحه» كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير: (170)، من حديث أنس رضي الله عنه. وزاد النسائي في «سننه» كتاب الإيمان وشرائعه، باب علامة الإيمان (5017) في آخر الحديث: «من الخير»، وصححها الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (73).)

.

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.



الجزائر في: 20 رمضان 1429ﻫ
الموافق ﻟ: 20 سبتمبر 2008م

١- أخرجه مسلم في «صحيحه» كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه: (6706)، وأبو داود في «سننه» كتاب الأدب، باب في الغيبة: (4884)، والترمذي في «سننه» كتاب البر والصلة، باب ما جاء في شفقة المسلم على المسلم: (2052)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

٢- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب العلم، باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب: (105)، ومسلم في «صحيحه» كتاب القسامة والمحاربين، باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال: (4383)، من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.

٣- أخرجه الترمذي في «سننه» كتاب الديات، باب ما جاء في تشديد قتل المؤمن: (1395)، والنسائي في «سننه» كتاب تحريم الدم، باب تعظيم الدم: (3987)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. وأخرجه ابن ماجه في «سننه» كتاب الديات، باب التغليظ في قتل مسلم ظلمًا: (2619)، من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، والحديث صححه ابن الملقن في «البدر المنير»: (8/347)، والألباني في «صحيح الجامع»: (5077).

٤- أخرجه ابن ماجه في «سننه» كتاب الفتن، باب حرمة دم المؤمن وماله: (3932)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. والحديث حسنه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (7/2/1250).

٥- «إحياء علوم الدين» (4/368).

٦- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (27/177).

٧- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الإيمان، باب علامة المنافق: (34)، ومسلم في «صحيحه» كتاب الإيمان، باب بيان خصال المنافق: (210)، من حديث ابن عمرو رضي الله عنهما.

٨- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الجزية والموادعة، باب إثم من قتل معاهدا بغير جرم: (2995)، وابن ماجه في «سننه» كتاب الديات، باب من قتل معاهدًا: (2686)، من حديث ابن عمرو رضي الله عنهما.

٩- أخرجه أبو داود في «سننه» كتاب الجهاد، باب في السرية ترد على أهل العسكر: (2751)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. والحديث صححه الألباني في «الإرواء»: (7/265).

١٠- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الجزية والموادعة، باب أمان النساء وجوارهن: (3000)، ومسلم في «صحيحه» باب استحباب صلاة الضحى: (1669)، من حديث أم هانئ رضي الله عنها.

١١- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب العتق، باب العبد راع في مال سيده: (2419)، ومسلم في «صحيحه» كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر: (4724)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

١٢- أخرجه مسلم في «صحيحه» كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر: (4721)، والنسائي في «سننه» كتاب آداب القضاة، باب فضل الحاكم العادل في حكمه: (5379)، وأحمد في «مسنده»: (6449)، من حديث ابن عمرو رضي الله عنهما.

١٣- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الجماعة والإمامة، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة: (629)، مسلم في «صحيحه» كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة: (2380)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

١٤- «مفتاح دار السعادة» لابن القيم (1/271).

١٥- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (4/13).

١٦- «تاريخ بغداد» للخطيب البغدادي (12/410).

١٧- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الإيمان، باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه: (13)، ومسلم في «صحيحه» كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير: (170)، من حديث أنس رضي الله عنه. وزاد النسائي في «سننه» كتاب الإيمان وشرائعه، باب علامة الإيمان (5017) في آخر الحديث: «من الخير»، وصححها الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (73).
---------------------------------
http://www.ferkous.com/rep/M32.php
-----------
بارك الله لنا في الشيخ فركوس
وربي يحفضوا ان شاء الله
ونسال الله ان يرجع هاؤلاء القوم علي يد الشيخ
  #24  
قديم 01 May 2010, 11:55 AM
أحمد سالم أحمد سالم غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
الدولة: الجزائري مقيم في فرنسا
المشاركات: 608
افتراضي

هل أَمَر ابنُ عثيمين بِمُواجهة النِّظام الجزائر؟
· وسُئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين في شوال (1414هـ) عمَّا يأتي
وهل كذلك أنكم قلتم باستمرار المواجهة ضد النظام بالجزائر؟
فأجاب: (( ما قلنا بشيء من ذلك! )).
قال السائل: في اشتداد هذه المضايقات هل تُشرَع الهجرة إلى بلاد الكفر؟
قال: (( الواجبُ الصبر؛ لأن البلاد بلاد إسلام، يُنادَى بها للصلوات وتقام فيها الجمعة والجماعات، فالواجب الصبر حتى يأتي الله بأمره

فتوى نقلت عن الشيخ العثيمين رحمه الله في كتاب فتاوى العلماء الأكابر لعبد المالك الجزائري
  #25  
قديم 08 May 2010, 11:45 AM
أحمد سالم أحمد سالم غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
الدولة: الجزائري مقيم في فرنسا
المشاركات: 608
افتراضي

الأَقْوَالُ الشَّرْعِيَّة حَوْلَ مَا حَدَثَ فِي الجَزَائِرِ مِنْ أَفْعَالٍ إِجْرَامِيَّة
للشيخ الفاضل الدكتور محمد بن هادي المدخلي - حفظه الله تعالى -



بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة حول الأحداث التي وقعت في الجزائر من أعمال إجرامية تبناها جماعة من الخوارج
نسبوا أعمالهم إلى الجهاد في سبيل الله
فما قولكم في ذلك فضيلة الشيخ ؟


www.salafiduroos.net/MohammedHadi.mp3


تفريغ الكلمة :

الشيخ: نعم
المتصل: نستأذنكم في التسجيل يا شيخ.
الشيخ: من أنت؟
المتصل: شباب من الجزائر، يا شيخ.
الشيخ: طيب، نعم، في ماذا؟
المتصل: كلمة حول الأحداث التي وقعت في الجزائر من أعمال إجرامية تبناها جماعة من الخوارج، نسبوا أعمالهم إلى الجهاد في سبيل الله، فما قولكم في ذلك فضيلة الشيخ؟
الشيخ: من هم الجماعة هؤلاء؟
المتصل: هؤلاء الجماعة ينتسبون إلى تنظيم القاعدة يا شيخ.
الشيخ: التنظيم هذا الذي هم فيه من هم؟ هذه الجماعة التي قامت بهذه الأعمال من هي من الجماعات في الجزائر؟
المتصل: هي -يعني- تسمى الجماعة السلفية للدعوة والقتال.
الشيخ: إي نعم، قل هكذا حتى يتبين الأمر الله يبارك فيك.
المتصل: إيه نعم نعم يا شيخ، تفضل بارك الله فيك يا شيخ.
الشيخ: حياكم الله.
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وليّ الصالحين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن الله جل وعلا قد أنعم علينا بنعم عظيمة، ومنها، بل أعظمها على الإطلاق نعمة الإسلام والإيمان، وهذه النعمة التي امتنّ بها علينا ببعثة نبيه صلى الله عليه وسلم رسولا من أنفسنا نعرفه ونعرف نسبه وحسبه وصدقه وأمانته عليه الصلاة والسلام، بعثه الله في هذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس، فأمر عليه الصلاة والسلام بتوحيد الله وعبادته وطاعته، وأمر بكل معروف ونهى عن كل منكر، وأكبر المنكرات الشرك بالله تبارك وتعالى؛ بعد ذلك امتنّ الله سبحانه وتعالى علينا بالائتلاف على هذا الدين، قال جل وعلا: "هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ"، فألف الله سبحانه وتعالى بين القلوب بهذا الدين الذي جاء به هذا النبي العظيم الخاتم صلى الله عليه وسلم؛ والله جل وعلا قد نهانا وأمرنا، فأمرنا باتباعه صلى الله عليه وسلم، فلا خير إلا وقد بيّنه لنا، ولا شر إلا وقد بيّنه له صلوات الله وسلامه عليه، بل كما قال أبو ذر رضي الله عنه: "لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما خرج طائر يقلّب جناحيه في السماء إلا وكان أخبرنا منه خبرا -أو قال: أعطانا منه علما-"؛ ومما جاء في هذا النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب الله تبارك وتعالى الذي أنزله الله عليه وفي سنة النبي النهي عن الفساد والإفساد، قال الله جل وعلا: "وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا"، فأمرنا بأن نصلح ونهانا عن الإفساد، فنهيه لنا عن الإفساد باللفظ الصريح هذا واضح، ومفهوم المخالفة أن نركب الصلاح والإصلاح وأن نأتي ما يَصلُح ويُصلِح؛ الإفساد في الأرض إنما هو من طبائع اليهود ومن أخلاقهم الخبيثة كما قصّ الله سبحانه وتعالى عنهم ذلك في كتابه العزيز فقال جل وعلا: "وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً"، وأخبر عنهم أنهم كلما هدأت فتنة أقاموا أخرى، قال جل وعلا: "كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ"، فإقامة الحروب بغير موجب في الأرض هذا من فعل اليهود ومن خصالهم الخبيثة اللعينة، لأنهم متعطشون إلى سفك الدماء المحرمة التي حفظها الله جل وعلا إما بالإسلام وإما بالعهود والمواثيق التي يبرهما على الإسلام، مع من؟ مع غيرهم من الكفار؛ فالواجب على المسلم الذي يخاف الله ويتّقيه أن يسلك طريق الإصلاح وعمارة الأرض بالخير وأن يبتعد عن صفات هؤلاء المفسدين الذين ذمّهم الله جل وعلا بأقبح ذم ووصفهم بهذا الوصف القبيح: أنهم يشعلون نيران الفتن ويسعون في الأرض بالفساد، فمن اقتفى أثرهم فهو على سيرهم وعلى طريقتهم، والنبي صلى الله عليه وسلم قد حذّر من القتل واللهُ جل وعلا قبل ذلك في كتابه، قال جل وعلا: "وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ" فماذا يريدون؟"وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً"، فغضب من الله تبارك وتعالى ولعن وعذاب والجزاء في جهنم نسأل الله العافية والسلامة؛ فهؤلاء الذين يتعمدون قتل الأبرياء من المسلمين الذي حرم الله دمائهم ويتعمدون قتل الأبرياء أيضا من المعاهدين الذين أعطاهم المسلمين العهود والمواثيق، هؤلاء يسعون في الأرض فسادا، وليسوا على طريقة النبي صلى الله عليه وسلم، بل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في قصة عمرو بن أمية الضبي رضي الله عنه لما قتل أقواما قد عاهدهم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو لا يعلم بذلك، وداهم النبي صلى الله عليه وسلم ودفع ديتهم ولام عمرو بن أمية رضي الله تعالى عنه، فكيف بهؤلاء الذين يفعلون هذا الفعل المنكر إذ يقتّلون أبناءهم وإخوانهم وأقاربهم وذويهم، "لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً" هؤلاء يرتكبون أخبث الطرائق، وهؤلاء دين الله منهم بريء، وطريقة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله تعالى عنهم بريئة من هؤلاء كل البراءة، هؤلاء منتسبون لطريق الخوارج وهم خوارج ... لا يرضون بهذا الاسم، وهم كذابون أفاكون دجالون في انتسابهم إلى السلف، وهم في الحقيقة سلفهم الخوارج، أما أئمة الهدى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين فهم برآء منهم كل البراءة، فسلف هؤلاء في المفسدين الخوارج، والله جل وعلا قد حذّر من طريقة هؤلاء وبيّن جزاءهم العظيم في كتابه، هؤلاء المفسدون إن قاموا بحرابة وإن قاموا بتكفير، إن كفروا المسلمين فهم خوارج، وإن لم يكفروهم فهم محاربون مفسدون في الأرض، قال الله تعالى: "إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ"، فهؤلاء إذا لم يكونوا من الخوارج فهم من المحاربين أهل الحرابة، هذا أقل أحوالهم، وهذا الحكم الشرعي فيهم، أما إذا نظرت إلى مقالات هؤلاء الكذبة الفجرة، فإنك تجدهم خوارج ولا يشك في هذا من آتاه الله شيئا من علم وشيئا من عقل، فالواجب علينا جميعا أن نحذّر من هؤلاء وأن نقف في وجوههم، لأن هؤلاء يريدون إزالة الخير من بلاد الإسلام والمسلمين، وهؤلاء يسيئون إلى الإسلام ويسيئون إلى أهله ويسيئون إلى سمعة الإسلام ويسيئون إلى سمعة المسلمين، نسأل الله جل وعلا أن يقطع دابرهم، والنبي صلى الله عليه وسلم قد حذّر منهم وأخبر أنهم: "كلما قطع منهم سرب خرج سرب آخر حتى يخرج في أعراضهم الدجال"، هذا ابتلاء من الله تبارك وتعالى لعباده المؤمنين بمثل هؤلاء الفاسقين، فالواجب علينا جميعا أن نحذّر الناس منهم ومن طريقتهم، وهؤلاء الجماعة "جماعة حطاب" التي تزعم زورا وبهتانا أنها سلفية وهم كاذبون والله، قد أرسلنا عدة رسائل مع الإخوان، ومرة من المرات سجلنا لهم تسجيلا وطالبناهم فيه بالتوبة والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى وحقن دماء المسلمين ويتّقوا الله في أنفسهم، فما سمعنا لهم تراجعا، ما نسمع إلا الازدياد في الشر نسأل الله العافية والسلامة، فنحن نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يقطع دابرهم وأن يكسر شوكتهم وأن يستأصل شأفتهم، وأن يعين إخواننا المسلمين في بلاد الجزائر على الإحاطة بهم وأخذهم الأخذ الذي لا هوادة فيه حتى تستريح منهم البلاد ويرتاح منهم العباد، و... سمعة الإسلام منهم ومن أمثالهم، فلا هم ولا تنظيم القاعدة عن الخير القائمة والنشيطة في الشر، هؤلاء كلهم شر على الإسلام والمسلمين، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لمن مات على أيديهم من المسلمين وأن يعين المسلمين عليهم وأن يظهرهم عليهم وأن يقطع دابرهم وأن يكسر شوكتهم، والذي أحثّ عليه إخواني في الجزائر أن يبيّنوا عوار هؤلاء بكل ما يستطيعون، طالب العلم يبيّنه بالعلم ويظهره، والعامّي يساعد في نشر هذا العلم بنشر الشريط والكتاب الذي يقطع مثل هؤلاء المفسدين الذين يسعون في الأرض بالفساد ولا يصلحون نسأل الله العافية والسلامة، فيجب علينا جميعا أن نتعاون في كشف باطل هؤلاء، سواء كانوا في الجزائر أو في السعودية أو في المغرب أو في أي بلد كان، فإن هؤلاء مجرمون يسيئون إلى أهل الإسلام عموما ويسيئون إلى دين الله وإلى شرعه الحنيف المطهّر، فالواجب علينا أن نساعد وأن نبادر في كشف هؤلاء وأن نعين على أن نمكّن منهم، نعين على الأسباب التي تمكن منهم، ومن ذلك إعانة الحكومات المسلمة القائمة في بلدان المسلمين على مثل هؤلاء والتآزر معها وشدّ الأزر بالكلمة توحيد الكلمة وشد الصف حتى يقوى أهل الإسلام ويظهروا على هؤلاء المجرمين الآثمين فيدفعوهم وينحروهم ويقطعوا دابرهم، فنسأل الله سبحانه وتعالى لنا ولكم ذلك، نسأل الله جل وعلا أن يجعلنا وإياكم جميعا من أنصار دينه ومن حملة كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومن الدعاة إليهما، كما نسأله سبحانه وتعالى أن يثبّتنا وإياكم جميعا على الحق حتى نلقاه وأن يعين المسلمين على أعدائهم وخاصة هؤلاء الأعداء الذين هم في الداخل الذين يتربصون بأهل الإسلام الدوائر، كما أسأله سبحانه وتعالى أن يصلح أحوال المسلمين جميعا حكاما ومحكومين، وأن يوفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتحكيم شرعه في بلدان المسلمين، إنه وليّ ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المتصل: أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ، ونستسمحكم في سؤالين في نفس الموضوع إذا أمكن؟
الشيخ: نعم.
المتصل: يوجد بعض الأشخاص يروجون لأصحاب الفكر الثوري ويتبنّون منهجهم وأعمالهم الإجرامية، فما هو واجبنا نحو هؤلاء، خاصة وأنهم يخالطون العوام؟
الشيخ: الحمد لله، الواجب على طالب العلم أولا، وعلى العاقل ثانيا أن ينهر هؤلاء وأن ينكر عليهم وأن يبيّن لهم سوء ما هم عليه ومغبّة وسوء حال ومآل ما ينتهي إليه فعلهم، فإن انتصحوا وكفّوا فالحمد لله، وإن لم ينتصحوا ولم يكفّوا واستمرّوا في غيّهم فالواجب إبلاغ الحكومة عن هؤلاء، لأن هؤلاء أهل إفساد، وإذا لم يؤخذ على أيديهم أهلكوا الحرث والنسل، هذا هو الواجب لأن الله جل وعلا يقول: "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"، فمن طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقام في وجه هؤلاء إذا لم يعتدلوا وإذا لم يرجعوا، فيوقف في وجههم بكل قوة، وتخبَر الجهات المسئولة عنهم حتى يأخذوا على أيديهم، ففي ذلك الخير للناس عموما ولهم أنفسهم خصوصا، يخففون عليهم الآثام قبل أن يرتكبوا المحرمات العظيمة والتي من أعظمها بعد الشرك سفك الدماء المعصومة، فالواجب على من رأى من هؤلاء من طلاب علم أو عقلاء فالواجب عليه أن ينصح لهؤلاء وأن يحذّرهم وأن يبيّن لهم سوء حالهم ومغبّة ما هم فيه، فإن رجعوا فالحمد لله، وإلا بلّغ الحكومة عنهم وهو في ذلك على خير ومأجور إن شاء الله، لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى، وأما تركهم هذا إعانة لهم على الباطل، قال الله سبحانه وتعالى: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ"، فإن السكوت على هؤلاء وأمثالهم إعانة على الباطل وإعانة على الإثم وإعانة على العدوان، نعم.
المتصل: أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ، سؤال آخر، هناك بعض الناس يطعنون في علماء الدعوة السلفية ويقولون: بأنهم هم سبب فتنة الخوارج في العالم الإسلامي، فما قولكم في هذه الفرية؟ أحسن الله إليكم.
الشيخ: ليس عندي جواب على هذا إلا كلمة واحدة: هؤلاء كذابون.
المتصل: نعم، أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ.
الشيخ: وإليكم.
المتصل: نشكر لكم صبركم، وإن كان لكم كلمة تختمون بها هذه الكلمة؟ أحسن الله إليكم.
الشيخ: الذي أوصي به نفسي وإياكم جميعا وعموم إخواننا المسلمين ممن يصلهم إليهم كلامنا تقوى الله تبارك وتعالى، فهي وصية الله لنا كما هي وصية الله للأولين قبلنا: "وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ"، فأوصي نفسي وإياكم بلزوم التقوى، ثم الذي أوصي به: العلم، طلب العلم النافع الذي يبيّن لطالبه طريق الحق من طريق الباطل، فلا يمكن أن يُعرف الحق على وجهه الصحيح ويلتزمه الإنسان على الوجه الصحيح إلا إذا عرف ضده، إذا عرف ال الذي يلبس به أهل الباطل، فحينئذ يعرف الحق ومعه يعرف الباطل حتى يستطيع، لأن الإنسان مطالب بركوب الصالح وتجنّب الطالح، فأوصي إخواني وأبنائي أوصيهم بالتعلم بطلب العلم الشرعي من أهله الموثوقين، هذا شيء، الشيء الثالث: أوصي بالاجتماع على الكتاب والسنة ونبذ الفرقة، فإن الكتاب والسنة سبب الخير، والالتفاف عليهما سبب الخير، والكتاب والسنة بحاجة إلى من يقوم بهما، ولا يقوم بهما إلا أهل العلم أصحاب العقيدة السلفية الصحيحة والمنهج السلفي القويم، فعليكم بهؤلاء تلقّوا عنهم، وإن لم تستطيعوا الرحيل إليهم فخذوا من أشرطتهم والاتصال بهم وسماع محاضراتهم ودروسهم وقراءة كتبهم، فإن هذا الطريق هو طريق الأمان بإذن الله تبارك وتعالى لعموم المسلمين وللناشئة من شباب المسلمين خاصة، كما أوصيكم أيضا بالتعاون مع ولاة الأمر على البرّ والتقوى، فإن الواجب على المسلم أن يسمع ويطيع ما لم يؤمر بمعصية كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "على المرء المسلم السمع والطاعة ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة"، ولكن لا ينزع يدا من طاعة، يصبر ويحتسب، والله سبحانه وتعالى كفيل له بأن يظهره على كل من خالفه، فإن الولاة إذا رأوا صدقك سيعرفون أنه ناصح لهم، فيقبلون منه بعد ذلك النصيحة، لو كان عندهم غلط إذا رأوا صدق وقوفه معهم ضد أهل الباطل وأهل الفساد والإفساد يعرفون أنه صادق وناصح لهم ويقبلون منه بإذن الله تبارك وتعالى، فيكون هذا سبب خير عليه وعلى المسلمين عموما، هذا الذي أوصي به، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد.
المتصل: جزاكم الله خير الجزاء فضيلة الشيخ ونشكركم على صبركم ومآزرتكم لإخوانكم في الجزائر، وتقبّلوا تحيات إخوانكم هنا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأبلّغ الإخوان جميعا سلامنا.
المتصل: حياكم الله يا شيخ.
الشيخ: مرحبا بكم، حياكم الله، سلام ورحمة الله
  #26  
قديم 09 May 2010, 10:17 AM
أحمد سالم أحمد سالم غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
الدولة: الجزائري مقيم في فرنسا
المشاركات: 608
افتراضي

ثم يشاء الله أن يتأخَّر نشر هذا البحث حتى يُسمعني أحد الإخوة شريطا سُجِّل مع الشيخ (ابن عثيمين) في شوال (1414هـ) فيه قول السائل:
وهل كذلك أنكم قلتم باستمرار المواجهة ضد النظام بالجزائر؟ فأجاب: " ما قلنا بشيء من ذلك! ".
قال السائل: في اشتداد هذه المضايقات هل تُشرَع الهجرة إلى بلاد الكفر؟
قال: " الواجب الصبر؛ لأن البلاد بلاد إسلام، يُنادَى بها للصلوات وتقام فيها الجمعة والجماعات، فالواجب الصبر حتى يأتي الله بأمره ".
قلت: فلمَ هذا التّمويه وهذه الخيانة في النّقل؟! ألا يعلمون أنّ الله لا ينصر إلا الصادقين؟! قال الله تعالى: {فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ}. أما يخافون أن يكون الشيخ خصمهم يوم القيامة؟! ما هذه الغفلة عن المعاد؟! {أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونُ. لِيَوْمٍ عَظِيمٍ. يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالَمِينَ}. هؤلاء ـ يا محاضرنا! ـ هم ثقاتك؟! وعلى كواهلهم تقوم وزارة الإعلام في دولة الإسلام؟!، وهذا هو فقه الواقع؟!
ثم لما كان احتراف الكذب لتأييد الرأي صنعة الحزبيين، ولمعرفتي بأنه قد نُسِب للشيخ إباحةُ المظاهرات والاعتصامات وغيرها من مبتدعات الغرب الكافر، فلا بدّ من نقل كلامه ـ حفظه الله ـ في ذلك، فقد سئل في محرّم (1416هـ) عما يأتي:
ـ ما مدى شرعية ما يسمّونه بالاعتصام في المسـاجــد وهم ـ كما يزعمون ـ يعتمدون على فتوى لكم في أحوال الجزائر سابقا أنها تجوز إن لم يكن فيها شغب ولا معارضة بسلاح أو شِبهِه، فما الحكم في نظركم؟ وما توجيهكم لنا ؟ فأجاب:
ـ أما أنا، فما أكثر ما يُكْذَب عليَّ! وأسأل الله أن يهدي من كذب عليَّ وألاّ يعود لمثلها. والعجب من قوم يفعلون هذا ولم يتفطَّنوا لما حصل في البلاد الأخرى التي سار شبابها على مثل هذا المنوال! ماذا حصل؟ هل أنتجوا شيئاً؟ بالأمس تقول إذاعة لندن: إن الذين قُتلوا من الجزائريين في خلال ثلاث سنوات بلغوا أربعين ألفا! أربعون ألفا!! عدد كبير خسرهم المسلمون من أجل إحداث مثل هذه الفوضى! والنار ـ كما تعلمون ـ أوّلها شرارة ثم تكون جحيماً؛ لأن الناس إذا كره بعضُهم بعضاً وكرهوا ولاة أمورهم حملوا السلاح ـ ما الذي يمنعهم؟ـ فيحصل الشرّ والفوضى ... وقد أمر النبيّ عليه الصلاة والسلام من رأى من أميره شيئا يكرهه أن يصبر، وقال: » من مات على غير إمام مات ميتة جاهلية «. الواجب علينا أن ننصح بقدر المستطاع، أما أن نظهر المبارزة والاحتجاجات عَلَناً فهذا خلاف هَدي السلف، وقد علمتم الآن أن هذه الأمور لا تَمُتّ إلى الشريعة بصلة ولا إلى الإصلاح بصلة، ما هي إلا مضرّة ... الخليفة المأمون قَتل من العلماء الذين لم يقولوا بقوله في خَلْق القرآن، قتل جمعاً من العلماء وأجبر الناس على أن يقولوا بهذا القول الباطل، ما سمعنا عن الإمام أحمد وغيره من الأئمة أن أحدا منهم اعتصم في أي مسجد أبدا، ولا سمعنا أنهم كانوا ينشرون معايبه من أجل أن يَحمل الناسُ عليه الحقد والبغضاء والكراهية ... ولا نؤيِّد المظاهرات أو الاعتصامات أو ما أشبه ذلك، لا نؤيِّدها إطلاقا، ويمكن الإصلاح بدونها، لكن لا بدّ أن هناك أصابع خفيّة داخلية أو خارجية تحاول بثّ مثل هذه الأمور ".

منقول من كتاب مدارك النظر للشيخ عبد المالك رمضاني
  #27  
قديم 09 May 2010, 10:22 AM
أحمد سالم أحمد سالم غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
الدولة: الجزائري مقيم في فرنسا
المشاركات: 608
افتراضي

تكذيب الألباني وابن باز فيما ادّعاه عليهما سلمان من تأييد الجماعة الإسلامية المسلّحة بالجزائر

--------------------------------------------------------------------------------

نقلاً عن الكتاب القيم "مدارك النظر في السياسة"لصاحبه: عبد المالك رمضاني الجزائري


قد سئل الشيخ نفسه عما يلي

قال السائل: قال بعض الدعاة في شريط له عندنا هنا في السعودية بعنوان » كلمة حق في المسألة الجزائرية «()، قال هذا الداعية إنكم أرسلتم رسالة إلى جبهة الإنقاذ في الجزائر تؤيِّدونها فيما قامت به، وتحثونها على الاستمرار، وأن تلك الرسالة قد قُرئت على الناس في المساجد، وقد كان لها أثر كبير في صفوف جبهة الإنقاذ، فالسؤال: هل هذا حصل منكم، نرجو التوضيح؟
الجواب: " إذا كان هذا الداعية تعرفه فاقرأ عليه قوله تعالى: {يَأَيُّهَا الَّذِين ءَامَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} إلى آخر الآية، وقال عليه السلام: » بحسْب امريء من الكذب أن يحَدِّث بكل ما سمع «، هذا أولا، ليطلب مِن الذي أخبره بهذا الخبر الزور النصَ الذي أرسلتُه إليهم بخطي، هذا الجواب عما سألتَ ". واقرأ الآن ـ يا سلمان! ـ هذا النص إن لم يسبق لك أن قرأته، ثم ضع فقهك للواقع في ميزان الصائغ، فهل تراه يزن شعرة؟!
‏هذه صورة كلمة الشيخ الألباني التي أرسلها بواسطة ( الفاكس ) إلى جبهة الإنقاذ الجزائرية

نص فاكس الشيخ الألباني إلى جبهة الإنقاذ
الجزائرية
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد؛ فإلى لجنة الدعوة والإرشاد في الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وبعد؛ فقد تلقيت أَصِيلَ هذا اليوم الثلاثاء الموافق للثامن عشر من شهر جمادى الآخرة سنة ( 1412هـ ) رسالتكم المرسلة إليّ بواسطة ( الفاكس ) فقرأتها وعلمتُ ما فيها من الأسئلة المتعلقة بالانتخابات التي قلتم إنها ستجري عندكم يوم الخميس أي بعد غد، ورغبتم مني التعجيل بإرسال أجوبتي عليها، فبادرت إلى كتابتها ليلة الأربعاء لإرسالها إليكم بـ ( الفاكس ) أيضاً صباح هذا اليوم ـ إن شاء الله ـ شاكراً لكم حسن ظنكم بأخيكم وطيب ثنائكم عليه الذي لا يستحقه، سائلا المولى سبحانه وتعالى لكم التوفيق في دعوتكم وإرشادكم.
وإليكم الآن ما يَسَّر الله لي من الإجابة عل أسئلتكم، راجيا من المولى سبحانه وتعالى أن يلهمني السداد والصواب في ذلك:
السؤال الأول: ما الحكم الشرعي في الانتخابات التشريعية ( ما يسمى بالبرلمان ) التي نسعى من خلالها إلى إقامة الدولة الإسلامية، وإقامة الخلافة الراشدة ؟
الجواب : إنّ أسعد ما يكون المسلمون في بلادهم يوم ترفع راية ( لا إله إلا الله ) وأن يكون الحكم فيها بما أنزل الله، وإن مما لا شك فيه أن على المسلمين جميعا ـ كل حسب استطاعته ـ أن يسعوا إلى إقامة الدولة المسلمة التي تحكم بكتاب الله وسنة رسول الله وعلى منهج السلف الصالح، ومن المقطوع به عند كل باحث مسلم أن ذلك لا يمكن أن يتحقق إلا بالعلم النافع والعمل الصالح، وأول ذلك أن يقوم جماعة من العلماء بأمرين هامين جدا:
الأول: تقديم العلم النافع إلى من حولهم من المسلمين، ولا سبيل إلى ذلك إلا بأن يقوموا بتصفية العلم الذي توارثوه مما دخل فيه من الشركيات والوثنيات حتى صار أكثرهم لا يعرفون معنى قولهم :( لا إله إلا الله )، وأن هذه الكلمة الطيبة تستلزم توحيد الله في عبادته تعالى وحده لا شريك له، فلا يستغاث إلا به، ولا يذبح ولا ينذر إلا له، وأن لا يعبدوه تعالى إلا بما شرع الله على لسان رسول الله ، وأن هذا من مستلزمات قولهم: ( محمد رسول الله )، وهذا يقتضيهم أن يُصَفُّوا كتب الفقه مما فيها من الآراء والاجتهادات المخالفة للسنة الصحيحة حتى تكون عبادتهم مقبولة، وذلك يستلزم تصفية السنة مما دخل فيها على مر الأيام من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، كما يستلزم ذلك تصفية السلوك من الانحرافات الموجودة في الطرق الصوفية، والغلو في العبادة والزهد، إلى غير ذلك من الأمور التي تنافي العلم النافع.
والآخر: أن يُرَبُّوا أنفسهم وذويهم ومن حولهم من المسلمين على هذا العلم النافع، ويومئذ يكون علمهم نافعاً وعملهم صالحاً؛ كما قال تعالى:{فمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً}، وحينئذٍ إذا قامت جماعة من المسلمين على هذه التصفية والتربية الشرعية فسوف لا تجد فيهم من يختلط عليه الوسيلة الشركية بالوسيلة الشرعية؛ لأنهم يعلمون أن النبي قد جاء بشريعة كاملة بمقاصدها ووسائلها، ومن مقاصدها مثلا النهي عن التشبه بالكفار وتبني وسائلهم ونظمهم التي تتناسب مع تقاليدهم وعاداتهم، ومنها اختيار الحكام والنواب بطريقة الانتخابات، فإن هذه الوسيلة تتناسب مع كفرهم وجهلهم الذي لا يفرق بين الإيمان والكفر ولا بين الصالح والطالح ولا بين الذكر والأنثى؛ وربنا يقول:{أَفَنَجْعلُ المُسْلِمِينَ كَالمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمون} ويقول:{ولَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى}.
وكذلك يعلمون أن النبي إنما بدأ بإقامة الدولة المسلمة بالدعوة إلى التوحيد والتحذير من عبادة الطواغيت وتربية من يستجيب لدعوته على الأحكام الشرعيةحتى صاروا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى كما جاء في الحديث الصحيح، ولم يكن فيهم من يُصِرُّ على ارتكاب الموبقات والربا والزنا والسرقات إلا ما ندر.
فمن كان يريد أن يقيم الدولة المسلمة حقا لا يُكتِّل الناس ولا يجمعهم على ما بينهم من خلاف فكري وتربوي كما هو شأن الأحزاب الإسلامية المعروفة اليوم، بل لا بد من توحيد أفكارهم ومفاهيمهم على الأصول الإسلامية الصحيحة: الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح كما تقدم، {ويَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُون بِنَصْرِ الله}، فمن أعرض عن هذا المنهج في إقامة الدولة المسلمة وسلك سبيل الكفار في إقامة دولتهم فإنما هو ( كالمستجير بالرمضاء من النار )! وحسبه خطأ ـ إن لم أقل: إثماً ـ أنه خالف هديه e ولم يتخذه أسوة والله تعالى يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآخِرَ وذَكَرَ اللهَ كَثِيراً}.
السؤال الثاني: ما الحكم الشرعي في النصرة والتأييد المتعلقين بالمسألة المشار إليها سابقاً ( الانتخابات التشريعية )؟
الجواب : في الوقت الذي لا ننصح أحدا من إخواننا المسلمين أن يرشِّح نفسه ليكون نائبا في برلمان لا يحكم بما أنزل الله، وإن كان قد نص في دستوره (دين الدولة الإسلام) فإن هذا النص قد ثبت عمليا أنه وضع لتخدير أعضاء النواب الطيِّبي القلوب!! ذلك لأنه لا يستطيع أن يغيِّر شيئاً من مواد الدستور المخالفة للإسلام، كما ثبت عمليا في بعض البلاد التي في دستورها النص المذكور.
هذا إن لم يتورط مع الزمن أن يُقر بعض الأحكام المخالفة للإسلام بدعوى أن الوقت لم يحن بعدُ لتغييرها كما رأينا في بعض البلاد؛ يُغَيرِّ النائب زيّه الإسلامي، ويتزيّا بالزي الغربي مسايرة منه لسائر النواب! فدخل البرلمان ليُصْلِح غيره فأفسد نفسه، وأوَّل الغيث قطرٌ ثم ينهمر! لذلك فنحن لا ننصح أحدا أن يرشح نفسه؛ ولكن لا أرى ما يمنع الشعب المسلم إذا كان في المرشَّحين من يعادي الإسلام وفيهم مرشَّحون إسلاميون من أحزاب مختلفة المناهج، فننصح ـ والحالة هذه ـ كل مسلم أن ينتخب من الإسلاميين فقط ومن هو أقرب إلى المنهج العلمي الصحيح الذي تقدم بيانه.
أقول هذا ـ وإن كنت أعتقد أن هذا الترشيح والانتخاب لا يحقق الهدف المنشود كما تقدم بيانه ـ من باب تقليل الشر، أو من باب دفع المفسدةالكبرى بالمفسدة الصغرى كما يقول الفقهاء.
السؤال الثالث : حكم خروج النساء للانتخابات ؟
الجواب : يجوز لهن الخروج بالشرط المعروف في حقهن وهو أن يتجلببن الجلباب الشرعي، وأن لا يختلطن بالرجال، هذا أولا.
ثمَّ أن ينتخبن من هو الأقرب إلى المنهج العلمي الصحيح من باب دفع المفسدة الكبرى بالصغرى كما تقدم.
السؤال الرابع : الأحكام الشرعية المتعلقة بأنماط العمل الشرعي في ( البرلمان ) ورجالاته ؟
الجواب :فنقول: هذا سؤال غامض مرادكم منه غير ظاهر لنا، ذلك لأن المفروض أن النائب المسلم لا بد أن يكون عالما بالأحكام الشرعية على اختلاف أشكالها وأنواعها، فإذا ما طرح أمر ما على بساطِ البحث فلا بد أن يوزن بميزان الشرع، فما وافق الشرع أيده وإلا رفضه؛ كالثقة بالحكومة، والقَسَم على تأييد الدستور ونحو ذلك !!
وأما رجالات البرلمان! فلعلكم تعنون: ما موقف النواب الإسلاميين من رجالات البرلمان الآخرين؟ فإن كان ذلك مرادكم فلا شك أنه يجب على المسلمين نوابا وناخبين أن يكونوا مع من كان منهم على الحق كما قال رب العالمين:{وكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}.
وأما السؤال الخامس والسادس : فجوابهما يُفهم مما تقدم من الأجوبة.
ونضيف إلى ذلك أن لا يكون همُّكم ـ معشر الجبهة الإسلامية! ـ الوصول إلى الحكم قبل أن يصبح الشعب مهيَّئًا لقبول الحكم بالإسلام، ولا يكون ذلك إلا بفتح المعاهد والمدارس التي يتعلم فيها الشعب أحكام دينه على الوجه الصحيح ويربَّى على العمل بها ولا يكون فيهم اختلاف جذري ينشأ منه التحزب والتفرق كما هو الواقع الآن مع الأسف في الأفغان، ولذلك قال ربنا في القرآن : {ولاَ تَكُونُوا مِنَ المُشْرِكِينَ. مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُون}، وقال رسول الله e: » لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا إخوانا كما أمركم الله « رواه مسلم.
فعليكم إذن بالتصفية والتربية، بالتأني؛ فإن » التأني من الرحمن والعجلة من الشيطان «، كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام، ولذلك قيل: من استعجل الشيئ قبل أوانه ابتلي بحرمانه، ومن رأى العبرة بغيره فليعتبر، فقد جرب بعض الإسلاميين من قبلكم في غير ما بلد إسلامي الدخول في البرلمان بقصد إقامة دولة الإسلام، فلم يرجعوا من ذلك ولا بخفي حنين ! ذلك لأنهم لم يعملوا بالحكمة القائلة : " أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم في أرضكم "، وهكذا كما قال :» إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم « رواه مسلم.
فالله سبحانه وتعالى أسأل أن يلهمنا رشدنا، وأن يعلمنا ما ينفعنا، ويهدينا للعمل بشرعةِ ربنا، متبعين في ذلك سنة نبينا ومنهج سلفنا، فإن الخير كله في الاتباع والشر كله في الابتداع، وأن يفرج عنا ما أهمَّنا وأغمَّنا وأن ينصرنا على من عادانا، إنه سميع مجيب.
عمان صباح الأربعاء 19 جمادى الآخرة سنة 1412هـ.
وكتب
محمد ناصر الدين الألباني أبو عبد الرحمن.
أقول: فالصدقَ الصدقَ ـ يا سلمان! ـ قبل يوم تعذر الاعتذار، قَالَ الله تعالى: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِيَن صِدْقُهُم}.
قال سلمان: " وكذلك اجتمعنا مع سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز منذ زمن ـ مِن منذ نحو شهرين، وكان الشيخ متعاطفاً معهم، وحدثنا أنّه يهمُّ بإرسال رسالة إليهم لتأييدهم والدّعاء لهم، ودعوة المسلمين إلى تأييدهم، وذلك قبل أن يجري ما جرى، ولكنّني علمتُ فيما بعد أنّ الشيخ لم يفعل ذلك لبعض الأسباب الخاصة ".
النقد: إنّ ما نقلته عن الشيخ هنا لا يستدعي النّقد؛ لأنك نقضت أوّله بآخره فلم تأت بشيءٍ، وأستدرك هنا فأقول: لم تأت بشيءٍ من العلم، وإلا فقد أتيت عظائم، لأنك تنسب ما لا حقيقة له إلى العلماء، وأيّ علماء! لا تُغْفِل ـ يا سلمان! ـ أنك تتحدّث عمن حمى الله بهم دعوة السّلف؛ لا تُغفِل ـ ياسلمان! ـ أنك تتحدّث عمن لا يُعرف لهم نظير في العالم الإسلامي؛ لا تُغفِل ـ يا سلمان! ـ أنك تخبر عمّن قيّض الله لفتاواهم نقلة أمناء، ينفون عنهم تزوير المزوِّرين، وتحريف الغالين.
لو رأيتنا ـ ياسلمان! ـ ونحن نتردد على الشيخ العلاّمة عبد العزيز بن باز ـ حفظه الله ـ ثلاث مرّات؛ نسأله عن أوضاع الجزائر، وفي كل مرّة لا يزيد على قوله: " الله أعلم، حتى تنظر اللجنة الدّائمة للإفتاء ".
قلت: الله أكبر! هذا ورع مفتي المسلمين، بل هذا هو العلم، قال ابن مسعود: " ياأيّها الناس! اتقوا الله، مَن عَلِم منكم شيئاً فليقل به، ومن لم يعلم، فليقل: الله أعلم، فإنّ من العلم أن يقول الرجل لِما لا يعلم: الله أعلم، فإنّ الله تعالى قال لنبيِّكم : {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِفِين} ".
ثم أبى الله U إلا أن يتم نوره ولو كره المهرِّجون، وكما بينت آنفاً تكذيب العلامة الألباني لما نُسِب إليه، أبيّن الآن تكذيب الشيخ ابن باز لِما نسبه إليه سلمان؛ فقد سئل بمكة يوم (26) من ذي الحجة (1414هـ) ـ وهو مسجل في التوعية الإسلامية ـ عمّا يأتي:
السؤال الأول:
الجماعة الإسلامية المسلّحة بالجزائر قَوَّلَتْكم أنكم تؤيّدون ما تقوم به من اغتيالات للشرطة وحمل السّلاح عموما، هل هذا صحيح؟ وما حكم فعلهم مع ذكر ما أمكن من الأدلّة جزاكم الله خيرا؟
الجواب من سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز:
" بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلّى الله وسلّم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد:
فقد نصحنا إخواننا جميعا في كل مكان ـ أعني الدّعاة ـ نصحناهم أن يكونوا على علم وعلى بصيرة وأن ينصحوا الناس بالعبارات الحسنة والأسلوب الحسن والموعظة الحسنة وأن يجادلوا بالتي هي أحسن، عملا بقول الله سبحانه: {ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وجَادِلْهُم بِالَّتي هِيَ أَحْسَنُ}، وقوله سبحانه: {ولا تُجَادِلُوا أَهْلَ الكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتي هِيَ أَحْسَنُ إلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُم}، فالله جلّ وعلا أمر العباد بالدعوة إلى الله وأرشدهم إلى الطريقة الحكيمة، وهي الدعوة إلى الله بالحكمة يعني بالعلم: قال الله، قال رسوله، وبالموعظة الحسنة وجدالهم بالتي هي أحسن، عند الشّبهة يحصل الجدال بالتي هي أحسن والأسلوب الحسن حتى تزول الشّبهة.
وإن كان أحد من الدّعاة في الجزائر قال عنّي: قلت لهم: يغتالون الشّرطة أو يستعملون السّلاح في الدعوة إلى الله هذا غلط ليس بصحيح بل هو كذب، إنما تكون الدعوة بالأسلوب الحسن: قال الله، قال رسوله، بالتّذكير والوعظ والتّرغيب والتّرهيب، هكذا الدعوة إلى الله كما كان النبي وأصحابه في مكّة المكرمة قبل أن يكون لهم سلطان، ما كانوا يدعون الناس بالسّلاح، يدعون الناس بالآيات القرآنية والكلام الطيّب والأسلوب الحسن لأنّ هذا أقرب إلى الصّلاح وأقرب إلى قبول الحق، أما الدعوة بالاغتيالات أو بالقتل أو بالضرب فليس هذا من سنّة النبي ولا من سنّة أصحابه، لكن لمّا ولاّه الله المدينة وانتقل إليها مهاجرا كان السّلطان له في المدينة وشرع الله الجهاد وإقامة الحدود، جاهد عليه الصلاة والسلام المشركين وأقام الحدود بعد ما أمر الله بذلك.
فالدّعاة إلى الله عليهم أن يدعوا إلى الله بالأسلوب الحسن: بالآيات القرآنية والأحاديث النّبوية، وإذ لم تُجدِ الدعوة رفعوا الأمر للسّلطان ونصحوا للسّلطان حتى ينفّذ، السّلطان هو الذي ينفّذ، يرفعون الأمر إليه فينصحونه بأنّ الواجب كذا والواجب كذا حتى يحصل التّعاون بين العلماء وبين الرؤساء من الملوك والأمراء ورؤساء الجمهوريّات، الدّعاة يرفعون الأمر إليهم في الأشياء التي تحتاج إلى فعل: إلى سجن، إلى قتل، إلى إقامة حدّ، وينصحون ولاة الأمور ويوجّهونهم إلى الخير بالأسلوب الحسن والكلام الطيّب، ولهذا قال جلّ وعلا: {ولاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الكِتابِ إلاَّ بِالَّتي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُم}، فلو ظلم أحد من أهل الكتاب أو غيرهم فعلى وليّ الأمر أن يعامله بما يستحق، أما الدّعاة إلى الله فعليهم بالرّفق والحكمة لقول النبي : " إنّ الرّفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا يُنزَع من شيء إلا شانه «، ويقول عليه الصلاة والسلام: » مَن يُحْرَم الرّفق يحرم الخير كله «، فعليهم أن يَعِظوا الناس ويذكّروهم بالعذاب والأحاديث ومن كان عنده شبهة يجادلونه بالتي هي أحسن: الآية معناها كذا، الحديث معناه كذا، قال الله كذا، قال رسوله كذا، حتى تزول الشّبهة وحتى يظهر الحق. هذا هو الواجب على إخواننا في الجزائر وفي غير الجزائر، فالواجب عليهم أن يسلكوا مسلك الرسول عليه الصلاة والسلام حين كان في مكّة والصّحابة كذلك، بالكلام الطيّب والأسلوب الحسن؛ لأنّ السلطان ليس لهم الآن لغيرهم، وعليهم أن يناصحوا السلطان والمسؤولين بالحكمة والكلام الطيب والزّيارات بالنيّة الطيبة حتى يتعاونوا على إقامة أمر الله في أرض الله، وحتى يتعاون الجميع في ردع المجرم وإقامة الحق؛ فالأمراء والرّؤساء عليهم التّنفيذ، والعلماء والدّعاة إلى الله عليهم النصيحة والبلاغ والبيان. نسأل الله للجميع الهداية ".
السؤال الثاني:
قامت الجماعة الإسلامية المسلّحة بتهديد أئمّة وزارة الشّئون الدينيّة بالجزائر، الذين لا يصرّحون بسبّ الحكّام على المنابر؛ إمّا توقيف صلاة الجماعة والجمعة وإمّا القتل بحجّة أنّه موظّف لدى الطّواغيت، وقد نفّذوا القتل في مجموعة من الأئمّة الذين لم يستجيبوا لهم كما تعطّلت صلاة الجماعة في بعض المدن فما حكم هذا الفعل؟
الجواب: " ما يصلح هذا! هذا أيضا غلط، هذا ما يصلح! الواجب على الدّعاة أن ينصحوا الناس بالكلام الطيب ينصحوا الخطباء وينصحوا الأئمّة حتى يستعملوا ما شرع الله، أما سبّ الأمراء على المنابر فليس من العلاج، فالعلاج الدّعاء لهم بالهداية والتّوفيق وصلاح النّيّة والعمل وصلاح البطانة، هذا هو العلاج،لأنّ سبّهم لا يزيدهم إلا شرّا، لا يزيدهم خيرا، سبّهم ليس من المصلحة، ولكن يُدعَى لهم بالهداية والتّوفيق والصّلاح حتى يقيموا أمر الله في أرض الله وأنّ الله يصلح لهم البطانة أو يبدلهم بخير منهم إذا أبوا، أن يصلحهم أو يبدلهم بخير منهم، أما سبّهم ولعنهم أو سب الشّرطة أو لعنهم أو ضربهم أو ضرب الخطباء كل هذا ليس من الإسلام. الواجب النصيحة والبلاغ والبيان قال الله جلّ وعلا: {هذا بَلاَغٌ لِلنَّاسِ}، فالقرآن بلاغ والسنة بلاغ، قال جلّ وعلا: {وأُوحِيَ إليّ هذا القرءانُ لأُنْذِرَكم به ومَن بَلَغ}، قال جلّ وعلا: {وأَنذِرِ الناّسَ}، {إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ واللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}، فالعلماء هم خلفاء الرّسل، ينذرون الناس و يحذّرونهم من عقاب الله ويرشدونهم إلى طاعة الله ويأمرونهم بتقوى الله ويحذّرونهم من معاصي الله، وينصحون ولاة الأمور من الأمراء وغيرهم، ينصحونهم، يوجّهونهم إلى الخير ويدعون لهم بالهداية لأنّ هذا أقرب إلى النّجاح وأقرب إلى الخير حتى تنتشر الدعوة، وحتى يتفقّه الناس في الدين، وحتى يعلموا أحكام الله، أما إذا عوملوا بالضّرب أو بالوعيد للخطباء وغيرهم كان هذا من أسباب ظهور الشّرّ وكثرة الشّرّ وقلّة الخير. لا حول ولا قوّة إلا بالله. نعم؟ ".
السؤال الثّالث:
كما قامت هذه الجماعة بقتل بعض النساء اللاّئي أبين ارتداء الحجاب، فهل يسوغ لهم هذا؟
الجواب: " هذا أيضا غلط، لا يسوغ لهم هذا، الواجب النصيحة، النصيحة للنّساء حتى يحتجبن والنصيحة لمن ترك الصلاة حتى يصلّي، والنصيحة لمن يأكل الرّبا حتى يدع الرّبا، والنصيحة لمن يتعاطى الزّنى حتى يدع الزّنى، والنصيحة لمن يتعاطى شرب الخمر حتى يدع شرب الخمر، كل يُنصح، ينصحون: قال الله وقال رسوله: بالآيات القرآنيّة والأحاديث النبوية، ويحذّرونهم من غضب الله ومن عذاب يوم القيامة، أما الضّرب أو القتل أو غير ذلك من أنواع الأذى فلا يصلح للدّعاة، هذا ينفّر من الدعوة، ولكن على الدّعاة أن يتحلّوا بالحلم والصبر والتّحمّل والكلام الطيب في المساجد وفي غيرها حتى يكثر أهل الخير ويقلّ أهل الشّرّ، حتى ينتفع الناس بالدعوة ويستجيبوا ".
السؤال الأخير:
يا شيخ! سؤال أخير ـ بارك الله فيكم ـ: لعلّ بعض الإخوة ممّن يميل إلى السلفية ويحبّ العلماء يصغي إلى كلام العلماء، فماذا تنصحون من تورّط في هذه الاغتيالات أو شيء من هذا يا شيخ؟
الجواب: " أنصحهم بالتوبة إلى الله وأن يلتزموا الطريقة التي سار عليها السّلف الصّالح بالدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، الله يقول: {ومَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّن دَعَا إلى اللهِ وعَمِلَ صَالِحاً}، فلا يوَرّطون أنفسهم في أعمال تسبّب التّضييق على الدعوة وإيذاء الدّعاة
وقلّة العلم، لكن إذا كانت الدعوة بالكلام الطيب والأسلوب الحسن
كثر الدّعاة وانتفع الناس بهم، وسمعوا كلامهم واستفادوا منهم وحصل
في المساجد وفي غير المساجد الحلقات العلميّة والمواعظ الكثيرة حتى ينتفع النّاس.
الله يهدي الجميع، نسأل الله للجميع الهداية والتّوفيق " اهـ.
قال سلمان: " والجبهة في حقيقة الأمر ما كانت مؤيّدة للعراق!! "‍.
النقد: قال الله تعالى: {ولاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْئُولاً}.
أما سمعت أو رأيت في الرّائي والجرائد الكثيرة علي بن حاج في بدلة عسكريّة إفرنجيّة ومعه محمد سعيد والهاشمي سحنوني وغيرهم، يسوقون قطيعاً كبيراً من الأتباع الحاملين العَلَم العراقي متوجّهين إلى وزارة الدّفاع بالجزائر، طالبين السّلاح للقتال مع العراق؟! رافعين أصواتَهم بهتافات السّبّ للسّعوديّة والكويت؟! ومنهم من كان يَحمل صورة الخميني؟!!
أما سمعت بالجيش الغفير الذي بعثته جبهة الإنقاذ إلى العراق للجهاد تحت راية صدّام؟ لم أكن أدري ـ يا سلمان! ـ أنّ غفلتك عن واقع الجزائر بلغت بك هذا الحدّ! أما تدري أنّ هذا الجيش ـ عند مروره بالأردن ـ صلّى الجمعة بمسجد خطب فيه أسعد التّميمي ووصف يومها الشيخ ابن باز في خطبة ناريّة تهجّميّة بأعمى البصر والبصيرة، بل بالكفر المخرج من الملّة بزعم موالاة الكفار؟! ولم ينكر ذلك أحد بتصريح أو كتابة .. لا النّاطق الرّسمي للجبهة ولا نائبه! بل تغدّى جمع من ( الجيش الإسلامي! ) عنده في انبساط وغرور كبير، ووقع في تلك الغزوة!! من منكرات سرقات الأموال وغيرها ما لا أحبّ ذكره. أخبرنا به أعضاء الجبهة أنفسهم حين تنبّهوا، وهو خبر متواتر بالجزائر، على الرغم من تواصي مسئوليهم بالكتمان.
أما سمعت ـ يا سلمان! ـ خطبة علي بن حاج في أوّل جمعة ألقاها بعد رجوعه من رحلته هذه ـ أيّام الاحتلال العراقي للكويت ـ في مسجد السنة بباب الوادي، وأوّل درس ألقاه في اليوم نفسه بين المغرب والعشاء في مسجد الشّافعي بالحرّاش بالجزائر العاصمة؟ لقد وصف مشايخ السّعوديّة ـ بدون استثناء ـ بعلماء البلاط، ولعلّه نسي أن يستثنيك منهم فاعذره !! وقال مخاطبا لهم بلهجة شديدة ـ ما معناه ـ: " أنتم تتورّعون من التّكفير لأنكم تزعمون أنكم أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فلماذا في قضيّة الخليج صرتم تكفّرون صدّاما؟! "، وقنت في صلاة الجمعة ودعا فيها للعراق بالنصر، ودعا على آل صباح وآل سعود بالهلكة، وكان من دعائه المسجوع: اللهم عليك باليهود، وآل سعود!! وبكى بكاءً شديدا، تحوّل فيه المسجدكله إلى نحيب وعويل، أشدّ ممّا عرف عن الشّيعة عند حسيْنيّاتهم، كل هذا مسجّل في أشرطة يوزّعونها.
وقال في الشّريط نفسه: " عندي حلّ: في هذا الحجّ نمشي جميعاً إلى البيت الحرام ونعتصم به فلا نخرج حتى تخرج أمريكا من الخليج وآلُ سعود!! " أو كلمة نحوها، وكذَب عندها على الشيخ الألباني حين نسب إليه تراجعاً عن فتياه في قضيّة الخليج، وأنّ الشيخ الآن يرى وجوب الخروج إلى العراق لنصرتهم، وأطلق الأمر هكذا ليوهم أنه ناقش الشيخ حتى أقنعه بوجوب القتال مع العراق! فكيف إذا جمعك الله به عنده {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ}؟
ثم ساق قطعانه إلى العراق بهذا التّمويه، الذي كان من أكبر أسباب نفير كثير من السلفيين معه استبعاداً منهم لكذبه، قال الله: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ ونَجْوَاهُمْ وأَنَّ اللهَ عَلاَّمُ الغُيُوبِ}!
وأزيدك علماً بأنّ خطبته هذه نقلت مباشرة بالتّلفزيون العراقيّ وفيها شبّه ابن حاج صدّاماً بخالد بن الوليد! {فإنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ ولَكِن تَعْمَى القُلُوبُ الَّتي في الصُّدُورِ}.
فهل فقهت هذا الواقع يا سلمان؟

من كتاب مدارك النظر في السياسة
  #28  
قديم 16 May 2010, 03:13 PM
أحمد سالم أحمد سالم غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
الدولة: الجزائري مقيم في فرنسا
المشاركات: 608
افتراضي

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

هذا تفريغ لمحاضرة مهمّة للشيخ محمد سعيد رسلان بعنوان: و في أحداث الجزائر عبرة



عناصر المحاضرة :

الخِصاء العقلي الذي يمارسه أقوام !!
الإمام الجويني وتصور خلو الزمان من الإمام.
حديث حذيفة - رضي الله عنه -.
هل الفِرق في حديث حذيفة هي الفِرق النارية في حديث الافتراق ؟
انهيار السُّلطة المركزية, وانتشار الفوضى.
واقعة الاحتلال الأجنبي للعراق, وما كان من انهيار السُّلطة, وما نتج عنه.
ما يجب على المسلمين حال انهيار السُّلطة المركزية, وشغور الزمان من السُّلطان.
الخروج على الحاكم, وشروطه التي وضحها أهل السُّنَّة.
من أنواع الخروج على الحاكم.
حكم العمل الجماعي التنظيمي, وما يُبنى عليه.
لمَ التركيز على هذا الأمر في هذا الوقت بالتحديد ؟؟
وفي أحداث الجزائر عبرة.
العاقل من اتعظ بغيره.
منقول
التفريغ

http://www.archive.org/download/fi_a...ra/jazaier.pdf

أو
http://www.archive.org/download/fi_a...ra/jazaier.doc

للإستماع للمحاضرة

http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=938
  #29  
قديم 19 May 2010, 08:55 PM
أحمد سالم أحمد سالم غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
الدولة: الجزائري مقيم في فرنسا
المشاركات: 608
افتراضي

الرَّد على الاستدلاَل بِجَوازِ التَّفجير العامِّ مَع الجَوابُ الحاسِمُ لبَعض الشُّبَه القِتاليَّةِ
بحثٌ مستل مِن كِتاب الفذّ :


" تَميِيْزُ ذَوِي الْفَطن بَينَ شَرَفِ الجِهَادِ وَسَرَفِ الفِتَن "




الاستدلاَلُ على جَوازِ التَّفجير العامِّ برَمي التُّرس والرَّدُّ علَيه


ويليه


الجَوابُ الحاسِمُ لبَعض الشُّبَه القِتاليَّةِ




بقلم:


فضيلة الشَّيخ


عبد المالك بن أحمد رمضاني الجزائري


حفظه الله




بسم الله الرحمن الرحيم


وصِنفٌ لم يُظهِروا التَّكفيرَ العامَّ، لَكنَّهم أظهَروا التَّقتيلَ العامَّ، كما هوَ شَأنُ التَّفجيراتِ العَشوائيَّةِ في الأَماكنِ العامَّةِ، وقد يَكونُ فِيهم مَن يَقْصرُ تَكفيرَه على الحكَّام وحَاشيِتهم من العَساكرِ والوُزراءِ وهَذا - وإنْ كانَ بوَّابةَ التَّكفيرِ العامِّ فإنَّني ذكَرتُه لتَوضيح واقعِهم ، وقد لَجأُوا إلى هَذا التَّصرُّفِ الغَريبِ لمَّا كثُرَ المدَّعونَ للجِهادِ من الجُبناءِ العَاجزِينَ عن المُواجِهةِ وجهاً لوَجهٍ ، وهَذا النَّوعُ من القِتالِ يُفعلُ اليَومَ ولا ضَرورة مُلجِئة إلَيه وإن زَعَموا أنَّهم يُريدونَ الوُصولَ إلى بَعضِهم فقَطْ ، فلمَّا كانَ المُستَهدَفونَ مُختِلطِينَ بغَيرِهم زعَموا أنَّهم اضطُرُّوا إلى إِصابةِ الجَميع !


ودَليلُ كَونِه من قِتالِ الفِتنةِ حَديثُ أبي هُريرة أيضاً ، لأنَّ فيهِ : " وَمَنْ خَرَجَ مِنْ أُمَّتِي عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّها وَفَاجِرَهَا ، لاَ يَتَحَاشَ مِنْ مُؤْمِنهَا ، وَلاَ يَفِي بِذِي عَهْدِهَا فَلَيْسَ مِنِّي "، وكَذا النَّظرُ في مَقاصدِ الشَّريعةِ الَّتي تَنهَى عن الفَسادِ في الأَرض عُموماً ، وعن تَحْميل البَريءَ جِنايةَ الجانِي خُصوصاً كمِثل قَولهِ تَعالى : ﴿ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾[ الأنعام ] ، ومِثل مَا رَواه البخاري (3014) ومسلم (1744) عَن ابن عُمر : " أنَّ امْرَأَةً وُجِدَتْ فِي بَعْض مَغَازِي رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم مَقْتُولةً ، فَأَنْكَرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قَتْلَ النِّسَاءِ والصِّبْيَانِ " ، وبيَّن أنَّ سببَ النَّهي هوَ أنَّها مَا جاءَت لتُقاتِل المُسلمِين ، فبأيِّ حقٍّ تُقتَل ؟! وذَلك ما رَواه أبو داود (2669) وصحَّحه الألبانيُّ عن رَبَاح بنِ رَبيعٍ قَالَ : " كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ ، فَرَأَى النَّاسَ مُجتَمعِينَ عَلَى شَيْءٍ ، فَبَعَثَ رَجُلاً فَقَالَ : انْظُرْ عَلاَمَ اجْتَمَعَ هَؤُلاَءِ ؟ فَجَاءَ فَقَالَ : علَى امْرَأَةٍ قَتِيلٍ ، فَقَالَ : مَا كاَنَتْ هَذِهِ لِتُقاتلَ ! قَالَ : وعَلى المُقَدِّمَةِ خَالِدُ بنُ الوَلِيدِ ، فَبَعَثَ رَجُلاً فَقَالَ : قُلْ لِخَالِدٍ: لاَ يَقْتُلَنَّ امْرَأَةً ولاَ عَسِيفًا "


والأَصلُ في مَنع النَّاس إذَا كانُوا مُختلِطين الجَانِي والبَريء هوَ قَولُ الله عزوجل : ﴿ هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوكُم عَنِ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَ الهَدْىَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلَُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْ لاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَ نِسَآءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللهُ فيِ رَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ لَو تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [ الفتح ]


فهؤلاَءِ كفَروا وصدُّوا أهلَ الإيمانِ بما فيهم رَسول الله صلى الله عليه وسلم عن المَسجدِ الحَرام، وحالُوا دونَ رُجوعِهم إلى وطَنِهم، معَ ذَلكَ فقَد جعَلَ اللهُ اختلاَطَ بعض المُسلمين بهم سَبباً في مَنع رَميِهم وقِتالِهم فهَل من مُعتبِر ؟!


وتَشبيهُه برَميِ التُّرس في غيرِ مَحلِّه ، لأنَّه لاَ يَكادُ يوجَد التُّرسُ اليَومَ ، ولاَ نَكادُ نَعرفُ اليَومَ أنَّ الكفَّارَ جعَلوا مُسلمين واجهةً في حربٍ بحيثُ لاَ يَتمكَّن المُسلمون من إِصابتِهم إلاَّ بَعدَ إِصابةِ الوَاجهةِ ، والتُّرسُ الَّذي جاءَ فيهِ كلاَمُ العُلماءِ هوَ في أكثَر صُوَره ، أن يَتحصَّنَ الكفَّارُ بحِصنٍ ثمَّ يَجعَلونَ المُسلمين الأُسارَى في الوَاجهةِ ، فلو ترَكوهم لرَماهم الكفَّارُ وقتَلوا بعدَهم الأُسارَى ، ولو رَماهم المُسلِمون لأَمكنَ أن يُصيبوا إِخوانَهم الأُسارَى معَهم لكن لاَ يَستطعون التَّخلصَ مِن الكفَّارِ إلاَّ بذَلكَ ، ولو تركوهم لاستَأصَلوهم واستَأصَلوا الأُسارَى ، ولاَ ريبَ أنَّ الحالةَ الثَّانية حالةُ اضطِرَارٍ وهيِ أخفُّ المَفسدتين ، إذْ لاَ مفرَّ من وُقوع إِحداهما ، فأينَ هَذه الصُّورة من فِعل التَّفجريِّين الجبُناء الَّذينَ يُفجِّرونَ ليُصيبوا الأَبرياءَ ثمَّ يَختفونَ ويُولُّون الأَدبار ؟!


والأَصلُ فيهِ النَّهي عن القِتالِ عندَ اختلاَطِ المُسلمِين بالكفَّار خَشيةَ إصابةِ المُسلمِينَ، كما في الآيةِ السَّابقةِ، قالَ ابنُ كَثير في تَفسيرِه :وقَولُه : " ﴿ وَلَوَ لاَ رِجَالٌ مُّؤمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤمِنَاتٌ﴾ أي : بينَ أَظُهرهم ممَّن يَكتمُ إيمانَه ويُخفِيه مِنهم خِيفةً على أنفسِهم مِن قَومِهم ، لَكُنَّا سَلَّطناكم علَيهم فقَتَلتُموهم وأَبَدتُم خَضراءَهم ، ولَكن بينَ أَفنائِهم مِن المُؤمنين والمُؤمِناتِ أَقوامٌ لاَ تَعرفونَهم حالةَ القَتل ، ولهذا قالَ : ﴿لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئَوهُم فَتُصِيبَكُم مّنْهُم مَّعَرَّةٌ ﴾أي : ﴿ إثمٌ وغَرامةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخلَ اللهُ فيِ رَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ ﴾ أي : يؤخِّر عُقوبتهم ليُخلِّص مِن بينِ أَظهُرهم المُؤمِنين ، وليَرجعَ كَثيرٌ مِنهم إلى الإسلاَم ، ثمَّ قالَ﴿ لَوْ تَزَيَّلُوا ﴾ أي : تَميَّزَ الكفَّارُ مِن المُؤمنينَ الَّذين بينَ أَظهُرهم﴿لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا منْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ أي : لسلَّطْناكم علَيهم فلَقَتلتُموهم قَتلاً ذَريعاً " .


قالَ القرطبيُّ عندَ تَفسيرِ الآيةِ السَّابقةِ بعدَ أن نقَلَ عن مالِك رحمه الله استِدلاَلَه بها في المَنع رَمْي التُّرس ، قالَ : " قَد يَجوزُ قَتلُ التُّرس ولاَ يَكونُ فيهِ اختلاَفٌ إن شاء الله ، وذلكَ إذَا كانَت المَصلحةُ ضَروريَّةً كُلِّيَّةً قَطعيَّةً .


فمَعنَى كَونِها ضَروريَّةً: أنَّها لاَ يَحصلُ الوُصولُ إلى الكفَّارِ إلاَّ بقَتْل التُّرس.


ومَعنَى أنَّها كُلِّيَّةً:أنَّها قَاطعةٌ لكلِّ الأمَّة حتَّى يَحصلَ مِن قَتل التُّرس مَصلحةُ كلِّ المُسلمِين، فإنْ لم يَفعَل قَتَل الكفَّارُ التُّرس واستَولوا على كلِّ الأُمَّة.


ومَعنَى كَونِها قَطعيَّةً : أنَّ تلكَ المَصلحةَ حاصِلةٌ مِن قَتْل التُّرس قَطعًا .


قالَ عُلماؤُنا: وهَذهِ المَصلحةُ بهذِه القُيودِ لاَ يَنبَغي أن يُختلَف في اعتبارِها، لأنَّ الفَرضَ أنَّ التُّرس مَقتولٌ قَطعًا: فإمَّا بأَيدِي العدوِّ، فتَحصُل المَفسدةُ العَظيمةُ الَّتي هيَ استِيلاَءُ العدوِّ على كلِّ المُسلمِين.


وإمَّا بأَيدِي المُسلمِين فيَهلِك العدوُّ ويَنجُو المُسلِمون أَجمعونَ .


ولاَ يَتأتَّى لعاقِلٍ أن يَقولَ : لاَ يُقتَل التُّرسُ في هَذه الصُّورةِ بوَجهٍ ، لأنَّه يَلزمُ مِنه ذَهابُ التُّرس والإسلاَم والمُسلِمين، لكن لمَّا كانَت هَذهِ المَصلحةُ غَيرَ خاليةٍ مِن المَفسدةِ نفَرَت مِنها نَفسُ مَن لم يُمعِن النَّظرَ فيهَا ، فإنَّ تلكَ المَفسدةَ بالنَّسبةِ إلى مَا حصَلَ مِنها عدَمٌ أو كالعدَم ، واللهُ أَعلمُ "


فأينَ هيَ الضَّرورةُ هنا ؟!


وأينَ هيَ المَصلحةُ الكلِّيَّةُ بحيثُ لو لم يُفجِّر المُفجِّرونَ لقُتلَ سائرُ المُسلمِين؟!


وأينَ هيَ المَصلحةُ القَطعيَّةُ الحاصلةُ للمُسلمِين جَميعاً ، وهم لم يُحصِّلوها ولو لأَنفسِهم؟!


فإنَّهم يُفجِّرون ثمَّ يَختَفونَ اختِفاءَ الجَبانِ الذَّليلِ ، وعدوُّهم يَزدادُ بتَشغيِبهم هَذا تمكُّناً من مَنصبِه وأخذاً بالحِيطةِ لنَفسِه!


إنَّ أميرَهم في خَفاءٍ !


ورايتَهم في عَماءٍ !


ومُقاتلَهم يَرمِي إِخوانَه قَبْل الأَعداءِ !


أهَذا جِهادٌ أم تَهوُّرٌ وغَباءٌ ؟!


وقد ورَدَ أيضاً مَا يدلُّ على تَضييقِ عمليَّةِ رَمْي التُّرس ، وذَلك في قصَّة قَتْل أبي رافِع عبدِ الله بن أبي الحُقَيق اليَهوديٍّ الَّذي كانَ يَشتمُ الرَّسول صلى الله عليه وسلم ويُؤذِيه ويُحرِّضُ على قَتلِه ، ورِوايتُها في صَحيح البُخاري (4039) أنَّ عَبدَ الله بنَ عَتيك رضي الله عنه المنَتَدب لقَتلِه قالَ :


" فَانتَهَيْتُ إلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ وَسْطَ عِيَالِهِ لاَ أَدْرِي أَيْنَ هُوَ مِن البَيْتِ ؟ فَقُلْتُ: يَا أَبَا رَافِعٍ ! قَالَ : مَنْ هَذَا ؟ فَأَهْوَيْتُ نَحْوَ الصَّوْتِ فَأَضْرِبه ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ وأَنَا دَهِشٌ ! فَما أَغْنَيْتُ شَيْئًا وصَاحَ، فَخَرَجْتُ مِن البَيْتِ، فَأَمْكُثُ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمََّّ دَخَلْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا الصَّوتُ يَا أبَا رَافِعٍ ؟ فَقَالَ : لأُِمِّكَ الوَيْلُ ! إِنَّ رَجُلاً في البَيْتِ ضَرَبَنِي قَبْلُ بِالسَّيْفِ ! قَالَ : فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً أَثْخَنَتْهُ وَلَمْ أَقْتُلْهُ ، ثُمََّّ وَضَعْتُ ظبَةَ السَّيْفِ فِي بَطْنِه حَتَّى أَخَذَ فِي ظَهْرِهِ ، فَعَرَفْتُ أنِّي قَتَلْتُه " .


وهُناكَ رِوايةٌ تَزيدُ هَذا البَحثَ وُضوحاً ، رَواها الواقِديُّ في المغازي (1/392،394) وابن هشام في السيرة (2/275) والبَيهقي في دلائل النبوَّة (4/34) بإسنادٍ حَسنٍ عن عبدِ الله بن كَعب بن مالِك قالَ : " فخرَجوا إلَيه ، فلمَّا جَاؤُوه صَعدوا إلَيه في عُلِّيَّةٍ (1) له ، فنوَّهَت بهم امرَأتُه فصاحَت، وكانَ قد نَهاهُم رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم حينَ بَعثَهم عن قَتل النِّساءِ والوِلدان ، فجَعلَ الرَّجلُ يَحملُ علَيها السَّيفَ ، ثمَّ يَذكرُ نَهيَ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم عن قَتْل النِّساءِ فيُمسِك يدَه ، قالَ : فابتَدروه بأَسيافِهم وتَحامَل علَيه عَبدُ الله بن أُنَيس في بَطنِه بالسَّيفِ حتَّى قَتلَه "، قال ابنُ تَيمية في الصَّارم المَسلول (2/258) بعدَ ذِكرِ القصَّة : " وإنَّما ذَكَرنا هَذا رَفعاً لوَهم مَن قد يَظنُّ أنَّ قتلَ النِّساء كانَ مبُاحاً عامَ الفَتح ثمَّ حَرُم بعدَ ذلكَ ، وإلاَّ فلاَ ريبَ عندَ أَهْل العِلْم أنَّ قتلَ النِّساءِ لم يَكُن مُباحاً قطُّ ، فإنَّ آياتِ القِتالِ وتَرتيبِ نُزولِها كلُّها دَليلٌ على أنَّ قتْل النِّساءِ لم يَكُن جائزاً ، هَذا معَ أنَّ أُولئك النِّساءَ اللاَّتي كنَّ ي حِصن ابن أبي الحُقيق إذ ذَّاكَ لم يَكن يَطمعُ هؤلاَءِ النَّفرُ في استِرقاقِهنَّ ، بل هنَّ مُمتنِعاتٌ عندَ أَهْل خَيبر قَبل فَتحها بمدَّةٍ ، مع أنَّ المَرأةَ قد صاحَت ، وخافُوا الشَّرَّ بصَوتِها ، ثمَّ أَمسَكوا عن قَتلِها لرَجائِهم أن يَنكفَّ شرُّها بالتَّهويلِ علَيها " .


إنَّ الشَّاهدَ من هَذهِ القصَّةَ أنَّ الصَّحابيَّ وجدَ اليَهوديَّ وَسطَ أَهلِ بَيتِه، فلِماذا حرَصَ على ألاَّ يَقتلَ غَيرَه ؟! معَ أنَّ عِيالَه كلَّهم يَهودٌ والبَيتُ مُظلمٌ لاَ يُمكنُه أن يُميِّزَ المَطلوبَ من غَيرِه ، وكانَ لاَ يسَعُه أن يَقتلَ الرَّجلَ حتَّى يُصيبَ مَن معَه والوَقتُ حِرجٌ وضيِّقٌ جدًّا ، وقد أَخطأَ ضَربَه مرَّتَين، وخَوفُ مَجيءِ مدَدِ اليَهوديِّ قَويٌّ ، لأنَّه في حِصنِه وقَريتِه ، والمَرأةُ كانَت تُريدُ أن تُشغِّب علَيهم ؟ لِماذَا لم يَفعَلْ مُمارسو التَّفجيراتِ العَشوائيَّةِ اليَومَ ؟! قالَ ابنَ حجَر في الفتح (6/147) في فَوائدِ القصَّة : " وقَالَ مَالِكٌ والأَوْزَاعِيُّ : لاَ يَجُوزُ قَتْلُ النِّسَاءِ والصِّبْيَانِ بِحَالٍ حتَّى لَوْ تَتَرَّسَ أَهْلُ الحَرْب بالنِّسَاءِ والصِّبْيَانِ أَوْ تَحَصَّنُوا بِحِصْنٍ أَوْ سَفِينَةٍ وجَعَلُوا مَعَهُم النِّسَاءَ والصِّبْيَانَ لَمْ يَجُزْ رَمْيُهم ولاَ تَحرِيقُهم "


فأينَ أَهلُ التَّفجيرِ عن هَذه السِّيرةِ النَّبويَّةِ العَطِرة، وهَذا الوُقوفِ عندَ الأَمْر النَّبويِّ من هَذا الصَّحابيِّ الشُّجاع المِغوارِ ؟!


وأينَ طاعةُ التَّفجيريِّين رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم كما أطاعَه أَصحابُه رضي الله عنهم في أصعبِ حالةٍ وأَحرَجِها ؟!


فعُلِم بهَذا كلِّه أنَّ مَسألةَ رَمْي التُّرس مَسألةٌ ضيِّقةُ النِّطاقِ، فكيفَ بالتَّفجيرِ العامِّ؟! على أنَّها في وَقتِنا هَذا عِبارةٌ عن تخيُّلاتٍ وأَوهامٍ لاَ واقعَ لها، واللهُ المُستعانُ.


وأمَّا الاستِدلاَلُ لها بَرْمي أَهل الطَّائفِ بالمَنجَنيقِ ، فقَد ردَدتُ على ذَلكَ في كِتابي : تخليص العِبادِ من وَحشيَّة أبي القَتادِ الدَّاعي إلى قَتْل النِّسوانِ وفلَذاتِ الأَكْبادِ ( ص261 من الطبعة السَّادسة ) ونقلتُ تَضعيفَ أَهل العِلم لها .


الجَوابُ الحاسِمُ لبَعض الشُّبَه القِتاليَّة

تَنبيهانٌ مُهمَّانِ:


التَّنبيهُ الأَوَّل:


لقَد رَددتُ في هَذا الفَصل على مَسألةِ تَشبيهِ التَّفجيرِ العامِّ برَمْى التُّرس ، كما رددتُ على مَسألةِ الاغتِيالاَتِ وغَيرِهما بأَجوبةٍ تَفصيليَّةٍ لكن باختِصارٍ ، معَ أنَّه كانَ يَسعُني أن أُجيبَ في ذلكَ بجَوابٍ واحدٍ حَاسمٍ ، ألاَ وهوَ أن أَقولَ : إنَّ هَذه العمليَّات القِتاليَّةَ يُتكلَّمُ فيها عندَ تَوفُّرِ أمرَين :


أحدُهما: إثباتُ شَرعيَّةِ القِتالِ في الوَاقعةِ المُعيَّنةِ، لأنَّ تلكَ المَسائلَ المَردود علَيها مُتفرِّعةٌ عنه.


وثَانِيهما: أن تكونَ تلكَ بأَمرٍ مِن السُّلطانِ، وقد مرَّ دَليلُه قريباً


إنَ تلكَ القُيودَ التَّفصيليَّةَ الَّتي سبَقَ نقلُها في هَذه الفُروع الجِهاديَّةِ ذكَرَها العُلماءُ تِباعاً لفَرضيَّةِ الجِهادِ في الواقعةِ المعيَّّنةِ،أي حينَ يَكونُ الجِهادُ مشروعاً وكانَ رَميُ التُّرس مثلاً بأَمْر وتَقديرِه مع أَهْل الحلِّ والعَقدِ في هَذا الإختِصاص، وهَذانِ الأَمرانِ لاَ يَتكلَّم فيهما إلاَّ أُولُو الأَمرْ :


العُلماءُ والأمراءُ كما مرَّ قريباً، فأمَّا العُلماءُ فهُم الَّذين يَملكونَ القُدرة العلميَّةَ على الحُكم في الوَقائع والنَّوازل بما تَستحقُّه من تَشريع الجِهادِ أو عَدمِه، وأمَّا الأُمراءُ فهُم يَملكونَ النَّظرَ في الجِهةِ العَسكريَّةِ وقُدراتهم مع مَن معَهم مِن ذَوي الاختصاص كما يَملِكونَ حقَّ الأَمرَ والنَّهي.


وأمَّا إذَا حكَمَ أُولُو الأَمر بعدَم مشروعيَّةِ الجِهاد في الوَاقعةِ المُعيَّنةِ فلاَ كلاَمَ في التُّرس وقُيودِه وكَذا الاغتِيالاَت ومَا يَتبعُها ، لأنَّه يُقالُ : أَثبِتِ الأَصلَ ثمَّ أَتبِعْه بالبَحثِ العِلميِّ عن حُكْم الفَرع، أو يُقالُ: أَََثبتِ العرش ثم انقُشْ، وينبغي أن يُتنبَّهَ لهَذا ، لأنَّه الجَوابُ الحَاسمُ للمَسألةِ دونَ احتياجِ إلى التَّفصيلاَت السَّابقةِ ، فإنَّ كَثيرًا ممَّن يَطرقُها يَظلُّ يَستدلُّ لها أو علَيها غافلاً عن أصلِها الَّذي


هو حُكمُ تشريعِ القِتالِ في الواقعةِ المَبحوثةِ، فإنَّ القِتالَ حينَ لاَ يُشرَع في وَاقعةٍ مَا يَسقطُ بَحثُ رَمُي التُّرس وغَيرِه تَماماً، لأنَّه لاَ يُسألُ عنه وأَصلُ القِتالِ غيرُ مُثبتٍ، ولذَلكَ أَنصحُ كلَّ مَن يُفتَح معَه الكلامُ عن فُروعٍ جِهاديَّةٍ كهَذهِ أن يَكونَ يَقظًا حتَّى لاَ يُستدرَج لبَحثٍ فَرعيٍّ وأَصلُه غيرُ مَحرَّرٍ ولاَ مُقرَّرٍ ، ثمَّ يَخرجُ مُختلِفًا مع مُجادلةِ حولَ الخَيالاَتِ ، فمضن قالَ : لديَّ الأدلَّةُ على جَواز التَّفجيراتِ أو الاغتِيالاَتٍ، فقُلْ له قبلَ أن يَستكثِرَ أو يُثرثِر : وهَل حَكَمَ العُلماءُ الأَكابرُ على قِتالِكم مِن أصلهِ بأنَّه جِهادٌ ، أم أنَّكم تَنطلِقونَ من فَتاوَى الأَصاغرِ في المَواقع العَنكبوتيَّة؟! ولاَ يُزادُ على هَذا .


أنَا أعلمُ هؤلاَءِ المُقاتِلينَ اليَومَ الَّذينَ يَقومونَ بما ذُكِر يَعتبِرونَ العُلماءَ خَونةَ فلذَلكَ اتَّخذوا لهم رُؤوسًا غيرَهم يَرجِعونَ إليَهم في المَسائِل العِلميَّة ، كما أنَّهم يَعتبِرونَ السَّلاَطينَ اليومَ كَفَرَةً ، فلذَلكَ اتَّخذوا لهم أُمراءً يَأتمرونَ بأَمرِهم وإن كانُوا في الوَاقع مُتعدِّدِين بتَّعدُّدٍ جَماعاتِهم المختلِفَةٍ الآراء .


ولمَّا كانَ طَلبةُ العِلم الَّذينَ يَرجِعونَ إِليهم إن صحَّ اعتِبارُهم طلَبةٌ لاَ يَعرِفُونهم العُلماءُ في الغالبِ لانقِطاع أُصولهم العِلميَّةِ فَضلاً عن أن يَحظَوا مِنهم بتَزكيةٍ، ولمَّا كانَ أَميرُ هؤلاَءِ المُقاتلِين اليومَ بل أُمراؤُهم غَيرَ مُعترَف بهم عندَ العُلماءِ ، فلاَ داعيَ لبَحثِ تلكَ المَسائل ، وإنَّما بحَثتُها مِنَ قَبلُ بالتَّنفُّل، وعلى افِتراضِ التَّسليم والتَّخيُّل .


فعلى أَصحاب هَذه الأَفكارِ إِثبات المُقدِّماتِ الآتيةِ:


أ - أنَّ العُلماءَ خَونةٌ بالدَّليلِ الوَاضح لاَ الأَحاجِي المُختَرعة والحِكاياتِ المَقطوعةِ الأَسانيدِ.


ب – أنَّ الحكَّامَ كَفَروا بالدَّليلِ الواضِح أَيضاً لاَ العَواطف.


جـ - أنَّ قِتالَهم جِهادٌ مَشروعٌ.


د – لو فُرِض ذَلك ، هُنالكَ فقَطْ يُنظَر في القُيود الَّتي نَقلتُها آنفاً عن القُرطبيِّ وغيرِه : هَل تَنطبقُ على الفُروع القِتاليَّةِ المُراد بَحثُها ؟


وإذ لم يَفعَلوا إلى الآن وأَهلُ العِلم يُخالِفونَهم إلى الآن ، فلاَ داعيَ للبَحثِ معَهم في مِثل مَا سَبَقَ ، وتَبقَى إذاً تلكَ الدِّماءُ الَّتي يَتقرَّبونَ بها إلى الله دِماءَ فِتنةٍ ، ويومَ القِيامةِ يَتعلَّقُ أَصحابُها بأَعناقِهم يَقولُ أحدُهم : " أَيْ رَبِّ سَلْ هَذا فيمَ قَتلَني ؟! " كماصحَّ ذلكَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رَواه النَّسائي (3999) وابن ماجَه (2621)، نَسألُ اللهَ العافيَةَ.


والخلاَصةُ أنَّ هؤلاَءِ أسَّسوا حُكمَهم على سِلسلةٍ من المُخالفَاتٍ :


- فخالَفوا العُلماءَ في تَخوينهم .


- وخالَفوا العُلماءَ في تَكفيرِ حكَّامِهم.


- وخالَفوا العُلماءَ في ادِّعاءِ مشروعيَّةِ بل وُجوبِ الجِهادِ فيما هُم فيهِ.


- ثمَّ خالَفوا العُلماءَ في الأَحكام القِتاليَّةِ الأَخيرةِ، والفُقهاءُ يَقولونَ : مَا بُنيَ على فاسِدٍ فهوَ فاسِدٌ ، لأنَّ اللهَ يَقولُ : ﴿ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيـَنَهُ عَلَى تَقْوىَ مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ خَيْرُ أم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيـَنَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فيِ نَارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لاَ يَهْدِى القَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [ التوبة ]


التَّنبيهُ الثَّاني:


قِتالُ المُسلمِين أَهْلَ البَغي والخَوارجَ متَى أَذن فيهِ الإمامُ لاَ يَدخلُ تحتَ قِتالِ الفِتنةِ، ودَليلُه قولُ الله تَعالى : ﴿وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِىءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ ﴾ [ الحجرات ]


وروَى البخاري (2691) ومسلم (1799) عن أنَس رضي الله عنه قَالَ: " قِيلَ للِنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: لَوْ أَتَيْتَ عَبْدَ الله بنَ أُبيٍّ، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ورَكِبَ حِمَاراً، فَانْطَلَقَ المُسْلِمُونَ يَمْشُونَ مَعَهُ وهِيَ أَرْضٌ سَبِخَةٌ، فَلمَّا أتَاهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : إِلَيْكَ عَنِّي، والله لَقَدْ أَذَانِي نَتْنُ حِمَارِكَ ! فَقَالَ رَجُلٌ مِن الأَنْصَارِ مِنْهمْ: والله ! لَحِمَارُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أطْيَبُ رِيحًا مِنْكَ ! فَغَضِبَ لِعَبْدِ الله رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ فَشَتمَهُ، فَغَضِبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْحَابُهُ، فَكَانَ بَيْنَهُمَا ضَرْبٌ بِالجَرِيدِ والأَيدِي والنِّعَالِ، فَبَلَغَنَا أَنَّهَا أُنْزِلَتْ:


﴿ وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾ [ الحجرات ] ، قالَ ابن المُنذر في الإشراف على مذاهب العُلماء (8/217): " وإذَا اعتَزلَت جَماعةٌ من الرَّعيَّة إمامَ المُسلمِينَ ومنَعوه حقًّا من الحُقوقِ، ولم يَعتلُّوا فيه بعلَّةٍ يَجبُ على الإِمام النَّظرُ فيه، ودَعاهم الإِمامُ إلى الخُروج ممَّا يجِبُ علَيهم، فلم يَقبَلوا قولَه وامتنَعوا من أَداءِ ذلكَ إلى الإِمام ، فحقٌّ على إِمام المُسلمِين حَربُهم وجِهادُهم ليَستخرج مِنهم الحقَّ الَّذي وجَبَ علَيهم ، وحقٌّ على الرَّعيَّةِ قِتالُهم مع إمامِهم إذَا استَعان الإِمامُ بهم ، كما فعلَ أبو بَكرٍ الصِّديقُ رضي الله عنه في قِتالِ مَن منَعَ الزَّكاةَ ... " ، إلى أن قالَ : " فَهذَا مع دلاَئل سُننِ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم كالإِجماع من المُهاجرين والأَنصارِ على أنَّ الصِّدِّيقَ قامَ في ذلكَ بحقٍّ وجَبَ علَيه القِيامُ به (2)، وأمَّا عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضي الله عنه فقَد بلَغَه عن القَوم الَّذينَ قاتَلوا كلاَمًا قبلَ أن يَقتُلوا عبدَ الله بنَ خبَّابٍ فلم يُقاتِِلْهم ، فلمَّا قَتلوا عبدَ الله بنَ خبَّاب قالَ لهم : أقِيدوني من ابن خبَّابٍ (3) ،قالُوا: كلُّنا قتَلَه ! فحِينئذٍ استحَلَّ قِتالَهم فقتَلَهم "


ثمَّ استدلَّ أيضًا بالحَديثِ الَّذي فيه الأَمرُ بقِتالِ الخَوَارج ، لأنَّ الغرضَ هوَ التَّنبيه فقَطْ .


واستَدلَّ ابن المُناصف في الإنجاد في أبواب الجهاد (2/652) بما نقَلتُه آنفًا عن ابن المُنذر ، وفي نُصرةِ الرَّعيَّةِ إِمامَهم على هَذا القِتالِ استدلَّ (2/653) بقَوله تَعالى : ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ ﴾[ المائدة ] ، وبحَديثِ عَبدَ بنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ : " مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللهُ في أُمَّةٍ قَبْلي إِلاَّ كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ، ثُمَّ إنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ ، وَيَفْعَلُونَ مَا لاَ يُؤْمَرُونَ ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ ، ولَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ " خرَّجَه مُسلمٌ (50) ، فجعَلَ الحَديثَ دَليلاً على قِتالِ أهل البَغي كما جعلَه دَليلاً على قِتالِ الخَوَارج .


لكن قد يُترَك قِتالُهم إذَا كانَ مُؤدِّياً إلى تَرويع عامَّةِ البلاَد ، وهَذا يَعرفُه أهلُ العِلم بالتَّشاورِ مع أُولى الأَمْر ، ونَظيرُه فِعلُ الصَّحابةِ زمَنَ اختلاَفِ ابن الزُّبِير رضي الله عنه مع بَني أميَّة ، فإنَّه قد مرَّ نقلُ امتِناعِهم من نُصرةِ إِحدَى الطَّائفَتين ، وأنَّهم اعتذَروا عن ذَلكَ بخَوفِ إراقةِ دِماءِ الأَبرِياء ، واللهُ وليُّ التَّوفيقِ .




الحواشي:


(1): العُلِّيَّة والعِلِّيَّة: هيَ الغُرفةُ كما في لسان العرب لابن منظور كلمَة ( علاَ ) .


(2): صرَّحَ بأنَّه إِجماعٌ ابنُ المناصِف في الإنجاد (2/656)


(3): أي طلَبَ مِنهم قاتِلَ ابنِ خبَّابٍ ليَقتصَّ منه .
  #30  
قديم 28 Jun 2010, 04:04 PM
أحمد سالم أحمد سالم غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
الدولة: الجزائري مقيم في فرنسا
المشاركات: 608
افتراضي

عدنَان عرعُور لا ينصَح بوَضْع السِّلاَح


مستل من كتاب الفذّ :


تخليص العباد من وحشيَّة أبي القَتَادة


للشيخ الفاضل


عبد المالك رمضاني الجزائري


حفظه الله


بسم الله الرحمن الرحيم


زار الشيخ عدنان عرعور الجزائر والأحزاب السياسية في نشوتها ، لا سيما ما كان منها ذا توجه إسلامي ، فكان له بعض الكلام الجيِّد في الموضوع ، الأمرُ الَّذي جعلني وبعض طلبة العلم نسَرُّ بذلك، لكن سرعان ما تكدَّر سرورنا ببعض التَّصرفات ، منها أنَّه لفتَ انتباهي عدَمُ رضَى الشيخ عدنان عرعور عنَّا في رُدُودنَا على جَبْهة الإنقَاذ يومها ، فكنَّا إذَا فتَحنا مَوْضوع انتقادهم نرَى علَى وَجْهه علاَمات الاستياء ، ولكنَّه لم يكن يُصرِّح لنَا بذَلكَ ، وإنَما يُعرِّض بنَا ، فاتَّهَمْنا أنفُسنا ، وحملنا الأمر علَى حسْن الظَّنِّ به .
والأمر الثاني : هو أنَّنا شرَحْنا له قصَّة حملِ السِّلاح في الجزائر مِن قِبَل المُسمَّى مُصْطفَى بُويعلي وجماعته ، فكان يحكِي لنَا أنَّه وَقَعَ في سوريا مِثْلُ ذلك ،وأنَّه استفْتاه في تلك البلاد بعض مَن يُسَمِّيهم ( مجاهدين !) في أنَّه هَمَّ بوَضْع السِّلاح، فأخبره بعدم الجواز ذلكَ ، لأنَّ من فِقْه الشَّيخ عَدنان أنَّه لاَ يحلُّ لمَن حَمَل السِّلاح ولو مخطئا ! أن يتراجع ، فقد قال في محاضرة " أهميَّة معرفة المنهاج وخطورة الخروج عنه :" إذَا تمكَّن النَّاسُ من الجهاد في بلدٍ ما فلا يحلُّ لهم أن يتركوه أبداً، ولو أخطأُوا في البَدْء به !!"
قال هذا في الجزائر في الوقت الذي كانت تضطرب ربوعها بالفتن، وهو يعلم أن جماعات فيها قد حملتِ السِّلاح باسم الجهاد !
الثَّالث: في الوقت الَّذي كان يشرح لنا - ظاهرًا -أن جهاد أولئك السوريِّين خطأٌ ، فقد كان يحكي لنا من بطُولاَتهم قصصًا عجيبةً في مدْحٍ واغتباط !
الرابع: أنه كان يتكلم بلسانٍ سلفيِّ في مساجد السَّلفيِّين فإذا خلا بغيرها لوَى لسَانَه
وهذا كلُّه تجاوزْناه يَومَها ، إلى أن مرَّت السَّنوات ، فإذا بي أُفاجَأُ بشريطٍ له بعنوان " معالم في المنهج " رقم (3) فسمعتُ الشَّيخ عدْنان عرعور يقُولُ : حزب من الأحزاب : الجبهة الإسلامية في الجزائر ، فيه عاقلٌ يقف في وجْهها ؟! لكن فيه ناس يَنصحونها ، هذا الطريق ، انتبهوا ، احذروا ، لكن هل يوجد مُسلمٌ يجئ يقف في وجهها ؟! فإذا كانت على الخطأ في هذا السَّبيلِ، ونحن ما نراه، لكن هل يجوز أن يأتي مسلم فيَقف أمام حزب إسلاميِّ، ويكون هو مشعلةً بيْنه وبينَ هَذا الِحزْب ؟! فكُلُّ على شاكلته يَعْمل ، فهذه الجَبْهة ترى الوصول الآن السَّريع بدل ما يَستَلم الشُّيوعيُّون أو العلمانيُّون أو الجزأريُّون أو غير ذلك ...!! "
قلت : ( الجزأريَّون ) هُم أحد حَناحىْ الجبْهة الإسلاميَّة للإنقاذ ، فكيف جمعَهَا الشَّيخ عَدْنان عرعور معَ الشُّيُوعيِّينَ والعلمانيِّين الَّذين يَنبَغى أن يُحارَبوا وفي الوَقْت نَفْسه يَستَغْربُ صَنيعَ مَن يُواجِهُ الجَبْهة ؟!
وعندَ سمَاعي لهَذا الهَذيَان أيقَنتُ أنَّ الرَّجُل لا يستحقُّ منَّا هَذا النَّفس كلَّه في تحسين الظَّنَّ به، والتَّغافل عَن زلاته.
ثمَّ تمرُّ السَّنواتُ أيضاً ويخبرُنا بعضُ إخواننا الَّذين كانوا يُناظِرُونَ بَعْض الجَماعات المسلَّحة في الجزائر ، أنّ منهم من كانت تحدِّثه نفسهُ بالتَّوبة والإقلاع عن إراقة الدِّمَاء ، ولكن أصحابه يثبطونه عن ذلك بفتوى من الشَّيخ عدْنان عَرْْعور!!
ثمَّ استمعتُ إلى حوارٍ بينه وبين أحد إخواننا ، ألا وهو الشَّيخ العيد بن سَعْد شَريفي ، والشريط معروف عند أهل الجزائر متداوَلٌ باسم "مكاملة هاتفيَّة بين عدْنان والعِيد "
سأله هذا الأخير بصراحةٍ محرجةً : هل افتيت الجماعة المسلَّحة بالجزائر بالبَقَاء على ما هيَ عليْه ؟فتَلَعْثم ...ثمَّ جحَدَ حين تكلَّم ..!
ثمَّ ألزمه السَّائلُ بكلامه المحفوظ عند الجماعة المسلَّحة ، فإذا بالشَّيخ عدْنان يتذكَّر أمرًا مُهمًّا عندهُ : فيَقولُ ، هَذه المكالمةُ الآنَ مُسجَّلةٌ؟
فقيلَ لَه: نعم !
فجعلَ يَلوذُ بالفِرَار مِنَ المَوْضوع بإحيَاءِ مَوْضوعاتٍ أُخرَى كموضوع التَّحزُّب والدَّعوة، بل حتى موْضوع تعدُّد الزَّوجَات !
وجعل يمنُّ على الدّعوة الإسلاميَّة بأنَّه كانَ في الجزائر ينْهى عن التَّحزُّب والفتَن (1) ، مع أنَّ كلاَمَه الَّذي نقلتُهُ عنه قَريبًا يُناقضُه، لأنَّه لم يَعتبِرْ في العُقلاء مَن يردُّ على جَبْهة الإنقَاذ ، ذلكَ الحزب السِّيَاسيّ المعرُوف ، فكيفَ يكونُ الشَّيخُ عدنَان من العُقَلاء وقد كانَ يردُّ على جَبْهةِ الإنقَادِ فيما زعَمَ ؟!
فهو بين إحدى اثنين:
إمَّا أنَّ له مذهباً قديماً، كان يَرى فيه الرَّدَّ على جبهَةِ الإنقَاذ، وذلكَ يومَ أن اختُلسَ عقْلُه، ومَن كانَ كذلكَ فقَد رُفعَ عنه القَلَم حتى يُفِيقَ!
- ثم انتحلَ مذهَبا جَديداً، ألا وهو مذَهبُ ( العُقَلاء!)، فمنَعَه ( عقلَهُ! ) من الرَّدِّ علَيْهم، لكن يُشْكلُ علَيْه أنَّه في هَذا الوَقْت يتمدَّحُ بكوْنه كانَ يردُّ علَيْهم، فبأيِّ ( العَدْنانَيْن ) نعتَدُّ ؟!!
- وإمَّا أنَّه كاذبٌ فيمَا ادَّعَى، لأنَّكَ تجِدُه في مَرَاكزِ السَّلفيِّين يّردُّ على الحِزْبيِّين، كمَا تجِدُه في مَراكزِ الحِزْبيِّين يردُّ على السَّلفيِّين ، وستَرَاه إن شاء الله، وحقيقَةُ أَمْره أنَّه يؤيِّدُ المنَاهجَ الثَّوْريَّة ، لكن على تقيَّة !!
إلاَّ أنَّ هَذا ( الذَّكاءَ ! ) لم يُفلته مِنَ القَبضة، لأنَّ الذَّنبَ لاَ يُنسى والدَّيَّان لاَ يمُوت، ففي الوَقتْ الَّذي كَانَ يُطاَلِبُهُ فيهِ السَّائِلُ بِأَن يَنْصَحَ لهَذهِ الجَمَاعَاتِ بِوَضْعِ السِّلاَحِ وَالدُّخُولِ في السِّلْمِ ، كانَ عدنَانُ يرفُضُ أن يُقدِّمَ لهم النُّصْح في ذلك، يَعْني : مَادُمْتَ تَزْعُمُ أنَّكَ لَم تَتَكَلَّم بِمَا نُسِبَ إِليكَ، فَيَسَعُكَ الآن أن تَنْصَحَ لَهُم بِخِلافِ مَا نُسِبَ إِليكَ !
بل كَرَّرَ السَّائِلُ عَلَيْه خَبَرَ أنَّ الحُكُومَةَ قَدْ أَمَّنَت المُقاتِلينَ إنْ هُمْ سَلَّمُوا أنفُسَهُم، وبَيَّنَ لَهُ صِدْقَ ذَلِكَ في الوَاقِع، فَاسْتَمَاتَ الشَّيخُ عَدْناَنُ في إِبَائِهِ ، عَلَى الرَّغم مِن مَعْرفَته بِالسَّائِلِ وَثقَتِهِ بِهِ !!
وَأصَرَّ عَلَى التَّعْميَة، إِلى أَن سَلَّ الُله لسَانَه مِن جَوْفه ، فقالَ : " أنَا قُلتُ لهُم: لاَ تَبْدؤوهُم بقتَالٍ !!! "
وقد ظنَّ أنَّه بهَذا الجَوَابِ لم يَقُلْ شيئًا ، فإذَا بها الفَضيحة الَّتي كانَ الشَّيخُ عدنَان يُريدُ كتمَانها ، ولكنَّ الله أرادَ لَها الظُّهُورَ عن طَريِقهِ هو نَفْسِهِ .
وقد قلتُ : هيَ فضِيحةٌ ، لأَنَها تتضمَّنُ ثلاَثَةَ أمُورٍ :
الأوَّل: البقاءُ في جبَالِ الإرهَابِ: إرهَابِ المسلمِينَ !
الثَّاني: المحافَظَةُ علَى السِّلاَح
الثَّالثُ: الإذنُ بالقِتَال، إن هُمْ قُوتِلوا !!
إذًا ، فما نُسب إلى الشَّيخ عَدْنان صِدْقٌ لاَ كَذِب .
وكيفَ يجوزُ له أن يَسوِّغ لهم مُقابَلةَ القتَال بقِتَال، وأَصلُ حمْلِهم للسِّلاَح حرَامٌ ؟!
وهل يُداوَى خطأُ حملِ السِّلاَح بأَفْظَع منه، ألاَ وهُو استِعْمالُ السِّلاَح واستحلاَلُ الأروَاحِ المعصُومَة؟!
وقد سبَقَ أن نقَلْتُ أنَّ القَوْل بقتَالِ السُّلْطان دِفاعاً عن النَّفْس هو مَذْهبُ بعضِ الخَوَارج، واللهُ المستَعَان.
يُضافُ إلى هَذا أنَّه سُئلَ في الجَزَائر بعدَ محاضرَة " قَوَاعد مَعرِفة الحقِّ" عن المُظَاهَرات والمسِيرَات ، بعدَ أن ظهَرَ من هَذه المُظاهَرَات والمسيرَات شرٌّ كبيرٌ من دِماءٍ وتخريبٍ وفُرْقةٍ فقَالَ :" في الأصلِ أنَّ هَذه المُظاَهرَات والمسِيرَات ليسَت مِن دينِ الله في شيءٍ ...."
ثمَّ نسخَ هَذا مُباشرَةً بقَوْله:" لكن لاَحِظْ المسألةَ، أوَّلاً: أنَّ هَذا إذَا كانَ عالماً فاضلاً راشداً، ثمَّ نظَرَ معَ الشُّورَى، فنَظَرَ في ( المصلَحة والمفسَدَة!!) ، ثمَّ اتّخذَ أمرَه بهذَا ، بالأَمْر ، فإن رأيتَ جوازَ ذلكَ فاخُرُجْ!! وإن رأيتَ عدَمَ جوَاز هَذا فلاَ تخرُجْ، لأنَّه ليسَ بملزمٍ !! لكن المسيرَة إذَا صحَّتْ – وأنا لاَ أَدْرى – إذَا صحَّتْ، أنَّ المسيرَةَ إذَا صحَّتْ (2) ، فكانَتْ مسيرَةً دعَويَّةً لاَ مسيرَةً سياسيَّة!!!
فانظُرْ إلى هَذا الجَوَاب، هَلْ تخرُجُ منه بنتِيجَةٍ ؟!
وهَلْ هَذا الجَوَاب يُخفِّفُ من شرِّ المسيرَات أو يَزيدُها؟!
وهَلْ هَذا الجَوَاب يحسِمُ مادَّةَ الحزبيَّة أو يَزيدُها ؟!
والشَّيْخ عَدْنان يَعْلَم أنَّ الحزبيَّةَ الإسلاَميَّةَ اليَوْم تتحرَّقُ على هَذه الوَسائلِ المستَوْرَدة من الكُفَّار ولاَ تُفرِّطُ فيهَا !!
لم يهمَّنا كثيراً قَوْلُه: " لاَ أَدْرى "، لأنَّه لاَ عَيْب على مَن لاَ يَدْري مَا طالباً للعِلْم، لكن العَيْب الأَكبرُ أن يُفتيَ في دينِ اللهِ مَن لاَ يَدْري ، وشرُّ مِن ذلكَ أن يُفتيَ بفَتوَى ذات لِسانَين كما ترَى !
وإن كانَ يَرى أنَّه بهَذا الجَواب المعلَّقِ بجِبَال المَكْر والخَديعَة قَد نالَ به حَظْوةً عندَ حزب ( جَبْهة الإنقَاذ ) ومَن يُسايرُها مِن أصحَاب الثَّورَات ، وأنَّه في المُقابِل قَد أَبْقَى على الشَّعْرة الَّتي بَيْنه وبينَ السَّلفيِّين ، فلْيَعلمْ أنَّ اللهَ يَغارُ علَى دِيِنه مِن أن يتلاعَب به المُتشبِّهُون بأهلِ الفَتْوَى ، فُيوشِك أن يجعلَ حامِدَهم لهم ذامًّا ، فاتَّقِ اللهَ يا عدنَان ! ولْيَكُن جوابُكَ تديُّناً ، لا تزيُّناً ، قالَ اللهُ عزوجل " يَحْلِفُونَ بِاللَه لَكُمْ لِيُرضُوكُمْ وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرضُوهُ إِن كَانُوا مُؤمِنِين " [ التوبة:62]
ومِن ذلكَ أنَّه سُئلَ في الجزائر عن جمَاعَات التَّكفير، فأَجاب ببُرُودةٍ، وسمَّاهُم إخوَاناً له، وأمَرَهم فقَطْ بأن يَكونُوا حكمَاء، كما في آخِرِ شَريط " تفسير سُورَة محمَّد رقم (1) " !
ومن ذلكَ إيجابُه على مُسْلمي الجَزَائرِ التَّعاوُن معَ الحِزْبيِّين ، وهَذا لاَ يحتَاجُ إلى أن أُحيلَ فيه على شَريطٍ ، لأنَّه في أكثرِ المحاضَرَات الَّتي أَلْقاهَا في تلكَ البِلاَد .
ومن ذلكَ أيضاً قَوْلُه : " وأنَّ كلَّ مَن يَظْلم المسلمِينَ ، وكلَّ من يُعادي دينَ الإسلاَمِ ، وكلَّ مَن لا يُقيمُ حُكْمَ الله عزوجل وجَبَ عَلَيْه أن يَتنحَّى بأيِّ وَسيلَةٍ هُو يَتنحَّى بها ، وإلاَّ نُحِّيَ إن وُجد الرِّجال !!
ثمةَ سُؤالٌ: إذَا قامَ مُسْلمونَ بانقلاَبٍ، في بَلَدٍ ما، وأنتَ تَقولُ: هَذا لاّ يجوزُ، فما عَلَيْهم ؟ أقولُ : وقَد وقَعَ الأمرُ وتمَّ ، فوجَبَ علَيْنا دعمُهم ونصرَتهم ، فهُمْ إخوَانُنَا وأحبابُنَا ، فإذَا أخطَؤُوا في الطَّريق وقَد وَصَلوا ، فالحَمدُ لله الَّذي نَجَوْا ، فيَجبُ أن نتسَارَع ونتعاوَنَ سريعاً لخَلْق هَذا المجتَمَع المُؤْمن المُسْلم الَّذي لاَ يَصْلحُ بَيْنه وبَينَ حُكُومتِهِ اختلاَفٌ ! من شَريط " براءةُ السَّلفيِّين مِن مَطاَعن المَدْخليِّين (1/1)
لقد جَعلَ الشَّيخُ عدنان مُسْتحقِّي الخُروج من الحكَّامِ ثلاَثةَ أصنَافٍ :
الأوَّل: الظَّالمُون
الثاَّني: المُعادُون لِدينِ الإسلاَم
الثَّالث : الَّذينَ لا يُقيمُونَ حُكْم الله .
وأنت ترى أخي القارئ ! أنَّ في هذا الإطلاق خطورةٍ ظاهرَةً، لأنَّ مجرَّد ظُلْم وليِّ الأَمْر لاَ يُخوِّلُ لأحَدٍ الخُرُوجَ علَيْه، فقد روَى البخَاري (7054) ومسلم (1849) عن ابنَ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عَنْهُمَا عَن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
" مَن رَأَى منْ أَميرِه شَيْئًا يَكْرَهُهُ، فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الجَماعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ، إلاَّ مَاتَ مِيتَةً جاهِلِيَّةً "
وأنَا أَعلمُ أنَّ الشَّيْخَ عدنَان يَستْعملُ هَذا الأُسلُوبَ غَير الدَّقيق ليَضْمن لنفسِه ِ المخَارجَ عندَ المضَايقِ ، فيَقُول هَذا ليحْمدَه الحركيُّونَ على أنَّه دعاَ بإطلاَق ٍ للخُرُوج ، وتكلَّمَ عن الحُكْم بغَيرِ ما أنزَلَ الله على طَريقَتِهم ، فلاَ يَنفضُّوا عنه ، وإذَا عَارضَه السَّلفيُّون بالاعترَاضِ السَّابق سارعَ للقَوْل: إنَّهم مترصِّدون ، ولا يَفْهمونَ كلاَمي، فإنَّني أقصدُ من الحكَّامِ مَن اجتمَعَ فيه تلكَ الأَوصَافُ كلُّها : ظلمٌ ، ومُعادَاةٌ للإسلاَم، وحُكْمٌ بغَير ما أنزلَ الله !
وهَذه الطَّريقةُ في التَّلبيسِ يَعرفُها كلَّ مَن يَعْرف الشَّيخَ عدنَان، ولي علَيْه مِن أمثَالها ما يُقاربُ كتاباً كاملاً ، بل لقد كتبتُ فيه هو نَفْسه هَداه اللُه كتابةً، فماَ شعَرْتُ إلاَّ وهو مجلَّدٌ ضَخْمٌ ، وقد نظَرْتُ في فصُوله ، فوَجَدتُ بينَ يديَّ فصليْن هما أطوَل فُصُول الكتَاب ، ألاَ وهما : فَصْل تلبيسَات عدنَان ، وفَصْل كذِبَات عدنَان ، وذلكَ مِن كَثْرة ما عندَ الرَّجلِ من هَذا النَّوْع ، ثمَّ لَّما رأيتُ طُولَ الكتَاب ، أعرَضْتُ عن ذلكَ كلِّه ، واعتصَرْتُ منه هَذا المُختصَر الَّذي بينَ يدَيْكَ .
ومِن ذلكَ أيضاً قَوْلُه في شَريط " معَالم في المنْهَج " (3) :" إذا جماعَةٌ مِن الجَمَاعات رفضَتْ الإنضِمَامَ للدَّوْلة الإسلاَميَّة فمَا علَى المُسْلمينَ إلاَّ أَن يُذَبحُوهم ، حتى ولَوْ يَتَّموا بأطفَالهم ، هُمْ وأطْفَالهم بيحَرِّقُوهم ويُبيدُوهم !! "
قلتُ : كيفَ تكُونُ فَرْحةُ خَوَارج هَذا الزَّمَان وهم يَسْمعونَ هَذا الكلاَم ؟! هَذه هي حجَّةُ الغُلاةِ مِنَ الخَوَارجِ عندَنا بالضَّبْط، وهيَ حجَّةُ ابن الأَزْرَق قديماً !
ثمَّ بيَّن أنَّه يَنبَغي تَعْطيل الجِهَاد مِن أجلْ هَذا، فقال:" وهَذا مِنْ أوْجب الواجبَاتِ على الدَّوْلة الإسلاميَّةِ قَبلَ مُقَارعَة الأعدَاءِ، ولا يجُوزُ للدَّوْلة
الإسلاَميَّة أن تَفْتحَ الحُصُون ، وهُناكَ حزبٌ رافضٌ البَيْعة ، اقتدَاءً بقَوْله ( عَلَيْكم بسُنَّتي وسُنَّة الخُلَفاء الرَّاشِدِين مِن بَعْدي !! )


الحواشى:


(1): كيفَ ذلكَ وقَدْ سمعتُه في مُحاضرة " صفات الطَّائفة المنصُورَة " ألقَاها في الجزَائر يَقولُ: "نتجمَّعُ على السِّياسة !!! " وقيلَ له: هَل تُعتبَرُ الأحزابُ السِّياسيَّة المَوْجودة حاليًّا من الفِرق الَّتي ذكَرَها النَّبي في حديثه الَّذي يّذكُر الفِرق؟ فقالَ: " أَقول هذه أوَّلُ زِيارَةٍ للجزائر، فأُحبُّ أن آتيَ زيارةٍ ثانيةً !! "
قلتُ : فأينَ شّجاعة عَدْنان ، وأينَ الرَّدُّ على الحزبيِّين
(2) : يُريدُ القصَّة الَّتي جاءَ السُّؤالُ عنها في المحاضَرَة ، ألاَ وهيَ خُرُوج الصَّحابَة في شِعَاب مكَّة ، وهيَ ضَعيفَةٌ، فإنَّ فيها إسحَاق بن أبي فَرْوة ، وهو لاَ يُحتجُّ به ، كمَا بيَّنَه العلاَّمةُ ابنُ بَازٍ –رحمه الله – في ردِّه على الشَّيخ عَبد الرَّحمن الخَالق لَّما استدلَّ بهَذه القصَّة ، راجعْ الفَتْوى في " مجمُوع فتَاوَى ومقَالاَت متنوِّعة " للشَّيْخ رحمَه الله (7/245-246)، وهي بتاريخ : ( 14/4/1415هـ )
موضوع مغلق

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013