أَوَّلُ سُؤَالٍ طَرَحْتُهُ عَلَى شَيْخِنَا أَبِي عَبْدِ المُعِزّ حَفِظَهُ الله

أَوَّلُ سُؤَالٍ طَرَحْتُهُ عَلَى شَيْخِنَا أَبِي عَبْدِ المُعِزّ
حَفِظَهُ الله

بسم الله الرحمن الرحيم

منذ ما يقرب الإحدى عشرة سنة، توجهت إلى مسجد الهداية بمدينة القبة بالجزائر العاصمة، فأديت صلاة العصر ثم دخلت مكتبة شيخنا محمد علي فركوس ( الرغائب والنفائس سابقاً/ العواصم حالياً ).

كنت آخر الداخلين، فانتهى بي الموقف عند خزانة الكتب وذلك أن المكتبة امتلأت عن آخرها.

كانت الأسئلة تطرح على الشيخ من طرف الطلبة، في الأمام، في الوسط، في الأخير.

رفعت يدي، وكانت المفاجأة...

شيخُنا حفظه الله: نعم، في الأخير -وقد رُفِعَت أيدٍ- ففصل الشيخ بيننا: صاحب الخاتم.

الخاتم في يدي !!، أحسست أن الوقت توقف، وتساءلت: ما الذي فعلته؟!، بالعامية عندنا: وش اداك ترفع يدك ؟!
ولكني استعنت الله في طرح سؤالي..

فقلت: شيخنا حفظكم الله، هل الشرط داخل في ماهية الشيء ؟

فسكت شيخنا -حفظه الله- قليلاً، ثم قال: ستسألني بعدها عن الركن..

فقلت: سؤالي عن الشرط شيخنا.

فقال الشيخ: سمعت ذلك، ولكنني إذا أجبتك عن الشرط، ستقول لي في الأخير، وماذا عن الركن؟!!

فأصررت قائلاً: لا شيخنا، أستفسر عن الشرط فقط..

المعروف عن شيخنا -حفظه الله- أنه لا يستطيع الوقوف، فيكون جالساً أثناء الإجابة، فيحجب عنه الطلبة رؤية الصفوف الأخيرة..

فقال الشيخ -بعد إصراري-: من السائل ؟

!!!.. حدثت نفسي بالفرار، لأني كنت الأخير إلى جانب الباب، وبدأ الطلبة يفسحون للشيخ مجال رؤية من في الأخير، الكلّ يلتفت إليّ، وقبل أن ينتهي إليَّ نظرُ الشيخ، فكرت في الالتفات كحال الجميع، ولكن... لم تكن خلفي سوى خزانة الكتب !!

عندها، رفعت يدي إلى الشيخ وقلت: أنا السائل..

سكت الشيخ هنيهة، ثم جادت قريحته بمناقشة المسألة بـ ( أسلوب الحكيم ) فأجاب عن مسألة الشرط، ثم مسألة الركن، ثم عرّج على أهم شطر في الجواب، وهو مسألة الإيمان: ( هل العمل شرط في الإيمان أم ركن )، وفصل تفصيلاً قوياً، ودافع عن الشيخ الألباني رحمه الله، وحذر من التكفيريين الذين يرمون أئمة السنة بالباطل..

أطال الشيخ -حفظه الله- في الجواب عن سؤالي، وختم به المجلس.

أدركت يومها أن هذا الشيخ فريد من نوعه، كيف أدرك المقصد من السؤال دون أيّ إيحاء مني إليه..

أسأل الله تعالى بفضله ومنه وكرمه، أن يبارك لنا في شيخنا أبي عبد المعز، وفي جميع شيوخ بلدنا، وأن يزيدهم من واسع فضله، إنه جواد كريم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

أبو حـــاتم البُلَيْـــدِي