منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام » ركن الخطب المنبريّة والدروس العلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 Mar 2012, 05:56 PM
أبو نعيم إحسان أبو نعيم إحسان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 1,898
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو نعيم إحسان
افتراضي عناية الإسلام بالمال؛ للعلامة عبد العزيز آل الشيخ -حفظه الله-

خطبة الجمعة 23-04-1433هـ

الخطبة الأولى
إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه، ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا؛ ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ؛ فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل؛ فلا هاديَ له، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه صلَّى اللهُ عليه، وعلى آلهِ وصحبِهِ، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدين، أمَّا بعد:

فيا أيُّها الناسَ، اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ التقوى، عباد الله،
إن هذا المال عصم الحياة وله في شأن حياة الإنسان شأنٌ عظيم فهو يحتاج إليه في مأكله ومشربه ومسكنه ومنكحه ولباسه، وبالمال يجذب الناس مصالح أنفسهم، وبالمال يدفعون الضرر عن أنفسهم، وبالمال قيام العبادات والمعاملات، وقد نوه الله بذكر المال في كتابه العزيز وقارنه مع الأولاد فقال: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً)، وأخبر عن حب المال بالنفوس وأن حبه غريزة في النفوس فقال: (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً)، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن ابن آدم محاسب عن ماله من أين اكتسابه وفيما أنفقه فقال صلى الله عليه وسلم: "لا تَزَلَ قَدِمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ: عَنْ عُمُرُهِ فِيمَا أَفْنَاهُ؟ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاهُ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ عَلِمهِ فيما عَمِلَ فِيهِ؟".
أيها المسلم،
لقد اعتنى الإسلام بالمال عناية عظيمة لمن تدبر وتعقل، فمن عنايته بالمال أنه جعل المال أحد الضروريات الخمس التي هي الدين والنفس والمال والعرض والعقل، أمر بالمحافظة عليها ووضع من التشريعات في المحافظة عليها والعناية بها، ورتب العقوبة اللازمة لمن أخل بشيء منها، ومن ذلكم العناية أنه أرشد المسلم أن يكون كسبه كسباً حلال من بيع وشراء وتجارة وصناعة وزراعة وعمل يجني بيده سئل صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الْكَسْبِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ"، وقال صلى الله عليه وسلم: "مَا أَكَلَ إنسان طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ، وَإِنَّ نَبِىَّ اللَّهِ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ" وقال: "كان زكريا نجارا" وأخبر صلى الله عليه وسلم أن هذا المال نعمة للعبد يقيه من مني الناس فقال: "لأَنْ يأخذ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ فيبعها خَيْرٌ له مِنْ أَنْ يَسْأَلَ إنسانا، أعطاه أَوْ منعه" وقال صلى الله عليه وسلم: "ما بعث الله من نبي إلا رعى الغنم" قالوا: وأنت يا رسول الله، قال: "لقد رعية الغنم لأهل مكة على قراريط" صلوات الله وسلامه عليه، ومن عناية الإسلام بالمال أنه حذر المسلم من المكاسب الخبيثة المحرمة كالربا والرشوة والاختلاس والغش والتدليس والخيانة وأكل أموال اليتامى، والمكاسب المحرمة كثمن الكلب والخنزير والأصنام وكحلوان الكاهن ومهر البغي والمكاسب الخبيثة يقول الله جلَّ وعلا: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) ويقول صلى الله عليه وسلم: "لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ" ويقول صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأَصْنَامِ" وقال فيمن باع الكلب وطلب ثمنه: "فملئوا كفه ترابا" وحرم المكاسب الخبيثة كالخمر وسائر المخدرات فقد لعن الخمر وشاربها وساقيها وعاصرها وبايعها ومشتريها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها، كل ذلك حماية للمسلم في أي يكون في مكاسبه الخبيثة من أي طريقة كان، ومن عناية الإسلام بالمال أيضا أنه اوجب فيه النفقات الواجبة فأوجب على المسلم أن يؤدي الزكاة المفروضة إن كان يملك نصاب مضى عليه الحول وجعل أداء الزكاة الركن الثالث من أركان الإسلام: "بُنِىَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ" الحديث، وذلك النفقات الواجبة على الزوجة والأولاد قال الله جلَّ وعلا: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) وقال: (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ) وشرع في المال الصدقات المستحبة وحث عليها ورغب فيها (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ) وقال: (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ) وقال: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)، ومن عناية الإسلام بالمال أيضا أنه أوجب التوثقة في البيوع والمدينات فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) وأمر بالإشهاد في البيع فقال: (وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ) وشرع الرهن عند تعذر الكتاب: (وَإِنْ كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ) وشرع الوصية لمن له حقوق وعليه حقوق يقول صلى الله عليه وسلم: "مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ وَعنده شَيءٌ يُوصِى فِيهِ إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَ رأسه"، ومن عناية الإسلام بالمال أنه حرم التعدي على أموال الناس سوا كان التعدي بالسرقة فرتب على ذلك العقوبة العظيمة: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، وحرم التعدي على أملاك الناس ظلماً وعدوانا "مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الأَرْضِ طُوِّقَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ"، وحرم على المسلم أن يتعدى على أخذ أموال الناس بقرض أو نحو ذلك وهو لا يرد أداءها فيقول صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَها يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ"، ومن عناية الإسلام بالمال أنه حرم الصيانة عليه والتعدي عليه بل أمر بالدفاع على المسلم مدافعةً عن ماله ولو أداء إلى ما أداء إليه فقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ"، ومن عناية الإسلام بالمال أنه أوجب ضمان الإثبات سوا كان عوري أو أمان أو غير ذلك يقول صلى الله عليه وسلم: "الْعَارِيَةُ مُؤَدَّاةٌ وَالزَّعِيمُ غَارِمٌ" ويقول صلى الله عليه وسلم: "أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ" والله يقول: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)، ومن عناية الإسلام بالمال أنه حرم على المسلم الغش سواء كان بائع أو مشتري يقول صلى الله عليه وسلم: "الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَ الله بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا"، ومن عناية الإسلام بالمال إضاعة المال يقول صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاَثاً قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ" فمن إضاعة المال الإسراف فيه ومجاور الحد في ذلك يقول الله جلَّ علا: (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً)، يقول الله في وصف عباد الرحمن: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً)، ومن عناية الإسلام بالمال أنه حرام إعطاء المال لمن لا يعرف قدره ولا يصرفه في مصارفه من صغير أو سفيه أو فاقد العقل يقول الله جلَّ وعلا: (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً)، وأمر بامتحان الأيتام قبل إعطاءهم حقوقهم فإن كانوا أهل رشد فأعطوه وإلا منعوا (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا)، ومن عناية الإسلام بالمال أنه أيضاً أنه حرام على المسلم استعماله في الأمور المحرمة كالقمار فإن القمار والميسر بلاء عظيم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، ومن عناية الإسلام بالمال أنه أمر بالمحافظة على النعم وعدم أهانتها فإن نعم الله لها حق ترعها حق الرعاية فلا تسرف بتناولها، ولا وضع مالا يؤكل بل العناية بذلك وإيصال هذا للمستحقين خير من أن تلقى في الزبالة والعياذ بالله، فإن للنعم حقاً أن ترعها حق الرعاية وتحفظها حق الحفظ، وتحمد الله الذي أعطاك هذه النعمة، وتشكر الله عليها فتحافظ على هذه النعمة محافظةً عظيمة والله سألك عنها.
أيُّها المسلم،
هكذا عناية الإسلام بالمال ليكون المسلم على بصيرة في هذا المال الذي خوله الله إياه ومنحه إياه وتفضل به عليه فيقابل ذلك بشكر الله والقيام بما أوجب الله هكذا المسلم مطيعاً لله في فقره وغناه في يسره وعسره، أسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد والعون على كل خير، أقولٌ قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه إنَّه هو الغفورٌ الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ، أما بعدُ:

فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى، أيُّها المسلم،
هذا المال الذي خولك الله إياه ومنحك إياه هو مال الله أعطاك هذا المال (وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ)، أعطاك هذا المال وبتلك به لينظر أتكون من الشاكرين أم من الطاغين الكافرين، فإن كنت من الشاكرين شكرت الله على هذه النعمة وسخرت المال فيما ينفعك في دينك ودنياك وترفعت عن الحرام وطرق الحرام، وإن كنت من الخاسرين للطغيان والهلاك والضلال والكبرياء نسأل الله السلامة والعافية.
أيُّها المسلم،
عن هذا المال حلوة خضرة من أخذه بإشراف نفسه بورك فيه، ومن أخذه بغير ذلك لم يبارك فيه، أحذر أيها المسلم أن يكون هذا المال سبباً في اشتغاله عن ذكر الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ)، أحذر أن يكون هذا المال سبباً لطغيانك وأشرك وكبرياءك وترافعك على الخلق: (كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى* أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى).
أيُّها المسلم،
أحذر أن تغترا بالمال وتظن أنك أعطيته لأمر في نفسك خاصة يقول الله راد على من تتكبروا بالأموال وظنوا أنهم أفضل الخلق: (أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ*نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لا يَشْعُرُونَ)، تدبر قصة قارون وما منحه الله من المال لم يشكر الله على هذه النعمة ونسب ذلك المال لنفسه عاقبه الله: (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنْ المُنْتَصِرِينَ).
أيُّها المسلم،
أحذر أن يكون هذا المال سبب لكبريائك على الفقراء والمساكين وإذلالهم وأهانتهم تذكر قول الله لنبيه: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ*وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ*وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)، تذكر قول الله: (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى)، اتقي الله في هذا المال واحذر المكاسب الخبيثة، أحذر المكاسب الحرام فإنه لا خير فيها في الدنيا ولا في الآخرة ملحقة للبركة ومحلقة للعمر وجالبة للبلايا، ويوم القيامة: (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، أجعل هذا المال سببا لسعادتك في الدنيا والآخرة فرج به كرب مكروب، ونفسح به إعسار معسر، وأعن على قضاء الدين وكن متواضعاً لله شاكر الله على نعمته معترفاً بأن هذا المال فضل من الله عليك تفضل به عليك: (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)، فلا يكون مالك سبب لعذابك في الدنيا والآخرة إن عصيت الله فيه أسمع الله يقول: (فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ) يعذبهم الله في الدنيا بجمعه والهم عليه والحزن عليه، ويعذبهم في الآخرة بمنعهم الزكاة وبخلهم بالواجبات: (يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ)، اتقي الربا وذراعه والموصلة إليه، وأحذر من تغترا من يتسمى بالربا فإن الربا من أعظم كبائر الذنوب وما توعد الله على معصية بعد الشرك به ما تواعد أكل الربا حيث قال: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ) وقال: (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ)، ولعن رسول الله: "أكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه"، فحذر أيها المسلم المكاسب الربوية مهما حسن لك ومهما هون عليك شأنها ومهما أفتاك من أفتاك اتقي الله في مكاسبك فأنت الذي تتأثر بالخير أو بضده فطهر مكاسبك من غش وتدليس وكذب وخيانة وأخذ أموال بغير حق وجحدن الحقوق وإنكارها فإنك مهما جحدت وأنكرت فالله مطلع عليك وعلى سريرتك وضميرك: (إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ) (وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) فحرر مكاسبك من الحرام، واتقي الله في الأموال الحرام لا يغريك الشيطان ذلك فتتهاون في المسألة وتفتي نفسك بالباطل اتقي الله وتأكد من المكاسب، احذر الحيل على استحلال الحرام فإن الله: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) يقول صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْمَيْتَةِ وبَيْعَ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأَصْنَامِ"، فقالوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: "قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ الشُحُومَ جْمَلُوهُ فذاقوه فَباعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ"، فكل حيلة إلى اكتساب حرام تتوسل بها فعلم أن الله مطلع عليك، ناقش في نفسك في أرصدتك وفيما يدخل عليك من المال، اتقي الله في الأموال العامة ولا تعدي عليها ظلماً وعدوانا، واتقي الله فيما وليت عليه من الأموال واعلم أن الله سألك في يوم لا ينفع مال ولا بنون يقتص من حسناتك وتحمل سيئات الآخرين، فتخلص من المظالم والمكاسب الخبيثة ما دمت في هذه الحياة تخلص منها وأوصي بما عجزت عنه لعل الله يرسل من يخلصك المهم أن تنقذ نفسك من عذاب الله يقول صلى الله عليه وسلم: "يَتْبَعُ الْمَيِّتَ ثَلاَثَةٌ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ ، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى وَاحِدٌ ، يَرْجِعُ الأَهْلَ وَالمَالَ ، وَيَبْقَى العَمَلَ" وقال صلى الله عليه وسلم: "أيكم مال خير مورثه" قالوا: كلنا خير مال مورثه، قال: "إن مالك ما أنفقت ومال وارثك ما خلفت"، فتقي الله في نفسك وحاسب نفسك حساباً دقيقاً لعل الله أن يعلم منك حسن القصدِ والنية فيعينك على نفسك ويخلصك من الحرام ما دمت أنت في الحياة تخلص منها قيل أن تواجه الحساب فإنك تندم ولا ينفع الندم، تندم عند ساعة الاحتضار ورأيت منزله في الجنة أو في النار عند ذلك تزاد حسرةً وكآبه وتتمنى أن ترد إلى الدنيا لتخلص هذه المكاسب الخبيثة وتنجو منها فما دمت حيا قادراً سميعاً بصيرا فأدي الحقوق والأمانات وتخلص منها قبل الممات تخلص منها قبل أن يفوتك الأجل تندم ولا ينفع الندم، أسأل الله أن يعننا على أنفسنا ويطهر مكاسبنا من المكاسب الخبيثة إنه على كل شيء قدير.
واعلموا رحمكم اللهُ أنّ أحسنَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ اللهِ على الجماعةِ، ومن شذَّ شذَّ في النار.
وصَلُّوا رحمكم الله على عبد الله ورسوله محمد كما أمركم بذلك ربكم قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمة المهدين، أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التَّابِعين، وتابِعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعنَّا معهم بعفوِك، وكرمِك، وجودِك، وإحسانك يا أرحمَ الراحمين.
اللَّهمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمَّر أعداء الدين، ونصر عبادك الموحدين، وجعل هذا البلاد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين، اللَّهمَّ أمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمرنا، وفقهم لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين، اللَّهمَّ أنصر المجاهدين في سبيلك، اللَّهمَّ أنصر المجاهدين في سبيلك وأعنهم على عدوهم إنك على كل شيء قدير، اللَّهمّ وفِّقْ إمامَنا إمامَ المسلمينَ عبدَ الله بنَ عبدِ العزيزِ لكلِّ خير، اللَّهمّ أمده بعونك وتوفيقك وتأيدك، وألبسه ثوب الصحة والسلامة والعافية، وبارك له في عمره وعمله وأعنه على كل خير، وجعله بركته على نفسه وعلى المجتمع المسلم، اللَّهمَّ وفق ولي عهده نايف بن عبد العزيز لكل خير، وسدده في أقواله وأعماله وأعنه على مسئوليته إنك على كل شيء قدير، (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)، (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، اللَّهمّ أنت اللهُ لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفقراء، أنَّزل علينا الغيثَ، واجعل ما أنزلتَه قوةً لنا على طاعتك، وبلاغاً إلى حين، اللَّهمّ أنت اللهُ لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفقراء، أنَّزل علينا الغيثَ، واجعل ما أنزلتَه قوةً لنا على طاعتك، وبلاغاً إلى حين، اللَّهمَّ أغثنا، اللّهمَّ أغثنا، اللهمَّ أغثتنا، اللَّهمَّ سقي رحمة لا سقي بلاء ولا هدم ولا غرق، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
عبادَ الله
، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكُرْكم، واشكُروه على عُمومِ نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرَ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
http://www.mufti.af.org.sa/sites/def...14330423_0.mp3

رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013