منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07 Aug 2013, 07:29 PM
بلال بريغت بلال بريغت غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: قسنطينة / الجزائر.
المشاركات: 436
إرسال رسالة عبر Skype إلى بلال بريغت
افتراضي إعلان النكير على الطاعنين في تفسير الحافظ ابن كثير.



إعلان النكير

على الطاعنين في تفسير الحافظ ابن كثير


الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:

فقد ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه القيم مفتاح دار السعادة وصية قيمة جليلة في قدرها عظيمة في بابها، وصية تكتب بماء العيون لا بماء الذهب كما يقال ، فعلى كل عاقل أن يحفظها و يتأملها لعظمها و لحاجة الكثير إليها ، يقول ابن القيم : (قال لي شيخ الإسلام – رضي الله عنه – وقد جعلت أورد عليه إيراد بعد إيراد: لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة، فيتشربها؛ فلا ينضح إلا بها ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة، تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها؛ فيراها بصفائه ويدفعها بصلابته، وإلا فإذا أَشربت قلبك كل شبهة تمر عليها صار مقراً للشبهات، أو كما قال.
ما أعلم أني انتفعت بوصية في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك)([1])
بدأت بهذه الوصية لما رأيت كثرة القلوب الإسفنجية التي تمتص كل شيء دون تمييز بين النافع و الضار ، و هاهي شبهة جديدة تخرجها لنا فئة من الناس أقل ما يقال فيهم همج رعاع ، كيف لا وهم لا للعلماء ينتسبون و لا هم من المتعلمين البارزين ، بل متبعين لكل ناعق أينما زجرهم انساقوا ، و هذه الشبهة الجديدة التي فاجئونا بها قولهم أن تفسير الحافظ ابن كثير مليء بالإسرائليات و لا يمكن الأخذ عنه!قالوها بتكبر و استهزاء لمن نصحهم بذاك التفسير العظيم ، و لو سألتهم عن التفسير الذي يريدونه لقالوا لك تفسير الشعراوي أفضل و أحسن لأن العقل يقبله! ، و أما ما في تفسير ابن كثير فالعقل لا يقبله ، و الإنسان مكرم بالعقل على سائر المخلوقات فالواجب عليه أن يستعمله على الوجه الصحيح و لا يجعله مزبلة تلقى فيها ما هو غير صالح!! و نقول لهؤلاء أصحاب العقل السليم كيف تعتدون بعقولكم و تزعمون أنكم و جدتم إسرائليات في تفسير الحافظ لا يقبلها العقل و لم تستطيعوا أن تميزوا ما في تفسير شعراويكم من زندقات و قول بوحدة الوجود و تفسير الإستواء بالإستولاء و غيرها من الطامات؟؟!!! ، و لكن العجب ينقضي حين تعرف أن هؤلاء ما هم إلا الهمج الرعاع الذين يتبعون كل ناعق و نصبوا أنفسهم للطعن في العلماء لغاية خبيثة لا يعلمها إلا الله ، و عن مثل هؤلاء روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه انه قال : ( الناس ثلاثة : فعالم رباني ، ومتعلم على سبيل نجاة ، وهمج رَعاع أتباع كل ناعق ، يميلون مع كل ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق ...)([2])
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في مفتاح دار السعادة : ( القسم الثالث : الهمج الرعاع وهم الجهلة والحمقى المحروم المعرض ، فلا عالم ، ولا متعلم ، بل همج رعاع ، والهمج من الناس حمقاؤهم وجهلتهم ، وأصله من الهمج ، جمع همجة ، وهو ذباب صغير كالبعوض ، يسقط على وجوه الغنم والدواب وأعينها ، فشبه همج الناس به . والهمج أيضا مصدر .
قال الراجز :
قد هلكت جارتنا من الهمج **** وإن تجع تأكل عتودا أو ثلج .
والهمج هنا مصدر ، ومعناه : سوء التدبير في أمر المعيشة . وقولهم : همج هامج ، مثل : ليل لايل .
والرعاع من الناس : الحمقى الذين لا يعتد بهم.
وقوله : أتباع كل ناعق ، أي من صاح بهم ودعاهم تبعوه ، سواء دعاهم إلى هدى أو إلى ضلال ، فإنهم لا علم لهم بالذي يدعون إليه ، أحق هو أم باطل ، فهم مستجيبون لدعوته ، وهؤلاء من أضر الخلق على الأديان ، فإنهم الأكثرون عدداً ، الأقلون عند الله قدراً ، وهم حطب كل فتنة ، بهم توقد ، ويشب ضرامها ، فإنها يهتز لها أولو الدين ، ويتولاها الهمج الرعاع ، وسمي داعيهم ناعقاً تشبيهاً لهم بالأنعام التي ينعق بها الراعي ، فتذهب معه أين ذهب. قال تعالى : (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ )[البقرة:171].
وهذا الذي وصفهم به أمير المؤمنين ، هو من عدم علمهم وظلمة قلوبهم ، فليس لهم نور ولا بصيرة يفرقون بها بين الحق والباطل ، بل الكل عندهم سواء . وقوله رضي الله عنه : يميلون مع كل ريح ، وفي رواية : مع كل صائح ، شبه عقولهم الضعيفة بالغصن الضعيف ، وشبه الأهوية والآراء بالرياح ، والغصن يميل مع الريح حيث مالت ، وعقول هؤلاء تميل مع كل هوى وكل داع ، ولو كانت عقولاً كاملة ، كانت كالشجرة الكبيرة التي لا تتلاعب بها الرياح .
وهذا بخلاف المثل الذي ضربه النبي صلى الله عليه وسلم للمؤمنين بالخامة من الزرع ، تفيئه الريح مرة وتقيمه أخرى ، والمنافق كشجرة الأرز التي لا تقطع حتى تستحصد ([3]).
فإن هذا المثل ضرب للمؤمن ، وما يلقاه من عواصف البلاء والأوجاع والأوجال وغيرها ، فلا يزال بين عافية وبلاء ومحنة ومنحة وصحة وسقم وأمن وخوف وغير ذلك ، فيقع مرة ، ويقوم أخرى ، ويميل تارة ، ويعتدل أخرى ، فيكفر عنه بالبلاء ، ويمحص به ، ويخلص من كدره ، والكافر كله خبث ، ولا يصلح إلا للوقود ، فليس في إصابته في الدنيا بأنواع البلاء من الحكمة والرحمة ما في إصابة المؤمن .
فهذه حال المؤمن في الابتلاء .
وأما مع الأهواء ودعاة الفتن والضلال والبدع فكما قيل :
تزول الجبال الراسيات وقلبه *** على العهد لا يلوي ولا يتغير .
وقوله رضي الله عنه : لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق بين السبب الذي جعلهم بتلك المثابة ، وهو أنه لم يحصل لهم من العلم نور يفرقون به بين الحق والباطل . كما قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ)[الحديد:28] .
وقال تعالى : (أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا )[الأنعام:122].
وقال تعالى : (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)[المائدة:16] .
وقوله : (وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا)[الشورى:52] .
فإذا عدم القلب هذا النور ، صار بمنزلة الحيران الذي لا يدري أين يذهب! ، فهو لحيرته وجهله بطريق مقصوده يؤم كل صوت يسمعه ، ولم يسكن قلوبهم من العلم ما تمتنع به من دعاة الباطل .
فإن الحق متى استقر في القلب قوي به ، وامتنع مما يضره ، ويهلكه . ولهذا سمي الله الحجة العلمية سلطاناً ، وقد تقدم ذلك .
فالعبد يؤتى من ظلمة بصيرته ، ومن ضعف قلبه ، فإذا استقر فيه العلم النافع ، استنارت بصيرته ، وقوي قلبه .
وهذان الأصلان هما قطب السعادة - أعني العلم والقوة - ، وقد وصف بهما سبحانه المعلم الأول جبريل ، صلوات الله وسلامه عليه ، فقال : (إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى )[النجم:4 -5] . وقال تعالى في سورة التكوير : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ )[التكوير:19-20] ، فوصفه بالعلم والقوة .
وفيه معنى أحسن من هذا ، وهو الأشبه بمراد علي رضي الله عنه ، وهو أن هؤلاء ليسوا من أهل البصائر ، الذين استضاؤوا بنور العلم ، ولا لجؤوا إلى عالم مستبصر ، فقلدوه ، ولا متبعين لمستبصر ، فإن الرجل إما أن يكون بصيراً ، أو أعمى متمسكاً ببصير يقوده ، أو أعمى يسير بلا قائد)([4]).
و بعد ذكر كلام ابن القيم في هذا النوع من الناس سأبين في هذا البحث جهلهم بمنهج ابن كثير الذي اعتمده في تفسيره ، وقد قسمت هذا البحث لعدة فصول:
الفصل الأول : ترجمة مختصرة للحافظ ابن كثير و ثناء العلماء عليه.
الفصل الثاني: منهج ابن كثير الذي اعتمده في تفسيره.
الفصل الثالث: بعض المؤاخذات المزعومة على تفسير ابن كثير .
الفصل الرابع: ذكر بعض مجازفات الشعرواي في تفسيره و أنه صوفي أشعري محترق.
الفصل الخامس: ثناء العلماء على تفسير ابن كثير.
فأسأل الله التوفيق و السداد .

الفصل الأول : ترجمة مختصرة للحافظ ابن كثير و ثناء العلماء عليه
هو فقيه المفسرين و مفسر المحدثين ، و أديب المؤرخين و خطيب الشاميين ، عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي ، [ ولد بقرية من أعمال مدينة بصرى سنة (701) ثم انتقل إلى دمشق سنة ست و سبعمائة ، و تفقه بالشيخ برهان الدين الفزاري و غيره ، و سمع من القاسم بن عساكر و المزي([5]) و غيرهما ]([6]) ، و سمع من الحافظ الذهبي ([7]) ، [ وبرع في الفقه و التفسير و النحو و أمعن النظر في الرجال و العلل ، و من جملة مشايخه شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية و لازمه و أحبه حبا عظيما]([8]) و امتحن لسببه([9])، وصفه الذهبي بالإمام الفقيه المحدث الأوحد البارع ... فقيه متفنن ، و محدث متقن ، و مفسر نقال ، و له تصانيف مفيدة ، يدري الفقه و يفهم العربية و الأصول و يحفظ جملة صالحة من المتون و التفسير و الرجال و أحوالهم([10]) ، و [ كان كثير الاستحضار حسن المفاكهة ، سارت تصانيفه في البلاد في حياته و انتفع بها الناس بعد وفاته و لم يكن على طريق المحدثين في تحصيل العوالي و تمييز العالي من النازل و نحو ذلك من فنونهم و إنما هو من محدثي الفقهاء ]([11]) ، وقال فيه ابن حبيب : (إمام ذوي التسبيح والتهليل، وزعيم أرباب التأويل، سمع وجمع وصنَّف، وأطرب الأسماع بقوله وشنَّف ([12])، وحدَّث وأفاد، وطارت أوراق فتاويه إلى البلاد، واشتهر بالضبط والتحرير، وانتهت إليه رئاسة العلم في التاريخ والحديث والتفسير)([13]) ، توفي رحمه الله في شعبان سنة (774) وكان قد أضر في أوخر عمره([14]) .
هذا باختصار ما جاء في ترجمة هذا العالم البارع الحافظ الفقيه المتفنن مع ذكر ثناء بعض العلماء عليه ، فأسأل الله أن يوفقني لإتمام الفصول المتبقية من هذا البحث و أن يجعل هذا العمل لوجهه الكريم و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



- يتبع إن شاء الله تعالى -




=====
[1]:مفتاح دار السعادة (1/ 443).
[2]:أخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقه (1/183) طبعة ابن الجوزي ، و أبو نعيم في الحلية (1/79- 80) و في إسناده أبو حمزة الثمالي و هو ثابت بن أبي صفيه و عبد الرحمن بن جندب الفزاري.
أما أبو حمزة فقد ضعفه أبو زرعة و ابن معين و أبو حاتم و غيره ، و قال ابن عدي: (ضعفه بين) ، انظر : تهذيب الكمال للحافظ المزي (4/357- 359) .
و أما عبد الرحمن فهو مجهول كما في لسان الميزان (3/408).
و قد رواه بن عبد البر في الجامع بصيغة التمريض برقم (143) ، (ص:47) طبعة الرسالة بتحقيق الأرنؤوط.
[3]:الحديث رواه البخاري برقم (5644)و مسلم برقم (2809).
[4]: مفتاح دار السعادة ( 1/412-416).
[5]: و تزوج بنته ، انظر طبقات المفسرين للسيوطي (ص:260) رقم (313).
[6]: البدر الطالع (1/153).
[7]: المعجم المختص (ص:75).
[8]: البدر الطالع (1/153).
[9]: الدر الكامنة (1/374).
[10]: المعجم المختص (ص: 74-75) ، و انظر : الدرر الكامنة (1/374).
[11]: الدرر الكامنة (1/374).
[12]: شنف الآذان بكلامه أي أمتعها.
[13]: شذرات الذهب (8/398) بتحقيق الأرنؤوط.
[14]: الدرر الكامنة (1/374).


التعديل الأخير تم بواسطة بلال بريغت ; 08 Aug 2013 الساعة 05:31 AM
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
بن كثير, تفسير, دفاع


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013