منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 24 Aug 2017, 07:40 AM
عز الدين بن سالم أبو زخار عز الدين بن سالم أبو زخار غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2015
الدولة: ليبيا
المشاركات: 548
افتراضي محركات القلوب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فمحركات القلوب هي من أجل العبادات القلبية ولا تتحقق العبودية الشرعية إلا بهذه المحركات: المحبة والخوف والرجاء وهي أركان العبادة.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دخل النبي على شاب وهو في الموت فقال: ((كيف تجدك ؟))
قال: أرجو الله يا رسول الله وإني أخاف ذنوبي.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وآمنه مما يخاف)).
أخرجه الترمذي وابن ماجه وقال الترمذي: هذا حديث غريب؛ وحسنه الألباني.
قال أبو علي الروذباري رحمه الله: (الخوف والرجاء كجناحي الطائر، إذا استويا استوى الطير وتم طيرانه، وإذا نقص أحدهما وقع فيه النقص، وإذا ذهبا صار الطائر في حد الموت).
ويقول ابن القيم رحمه الله في ((مدارج السالكين)): ((القلب في سيره إلى الله عز وجل بمنزلة الطائر، فالمحبة رأسه والخوف والرجاء جناحاه، فمتى سلم الرأس والجناحان فالطير جيد الطيران، ومتى قطع الرأس مات الطائر، ومتى فقد الجناحان فهو عرضة لكل صائد وكاسر.
ولكن السلف استحبوا أن يقوى في الصحة جناح الخوف على جناح الرجاء وعند الخروج من الدنيا يقوى جناح الرجاء على جناح الخوف هذه طريقة أبي سليمان.
وغيره قال: ينبغي للقلب أن تكون الغالب عليه الخوف فإن غلب عليه الرجاء فسد.
وقال غيره: أكمل الأحوال: اعتدال الرجاء والخوف وغلبة الحب فالمحبة هي المركب والرجاء حاد والخوف سائق والله الموصل بمنه وكرمه)) اهـ.
فمن عَبَدَ الله عز وجل بالحب وحده فهو زنديق، ومن عَبَدَ الله بالرجاء وحده فهو مرجئ، ومن عَبَدَ الله بالخوف وحده فهو حروري.
فما الذي يغلب: الخوف أم الرجاء؟
قال العلامة صالح آل الشيخ حفظه الله في ((التمهيد لشرح كتاب التوحيد)): ((ومن هنا اختلف العلماء في أيهما يغلب: الخوف أم الرجاء؟ هل يغلب العبد جانب الرجاء أو يغلب جانب الخوف ؟ والتحقيق: أن ذلك على حالين: الأولى: إذا كان العبد في حال الصحة والسلامة فإنه إما أن يكون مسددا مسارعا في الخيرات، فهذا ينبغي أن يتساوى في قلبه الخوف والرجاء، فيخاف ويرجو؛ لأنه من المسارعين في الخيرات . وإذا كان في حال الصحة والسلامة وكان من أهل العصيان، فالواجب عليه أن يغلب جانب الخوف حتى ينكف عن المعصية . الحال الثانية: إذا كان في حال المرض المخوف فإنه يجب عليه أن يعظم جانب الرجاء على الخوف، فيقوم في قلبه الرجاء والخوف ولكن يكون رجاؤه أعظم من خوفه، وذلك لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ((لا يمت أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه تعالى))، وذلك من جهة رجائه في الله - جل جلاله - .
ومن هنا اختلفت كلمات أهل العلم، فتجد بعضهم يقول: يجب أن يتساوى الخوف والرجاء، وبعض السلف قال: يغلب جانب الخوف على جانب الرجاء، وبعض السلف قال: يغلب جانب الرجاء على جانب الخوف، وهي أقوال متباينة ظاهرًا، ولكنها متفقة في الحقيقة؛ لأن كل قول منها يرجع إلى حالة مما ذكرنا)) اهـ.
فمحركات القلوب هي: المحبة والخوف والرجاء.
فال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في ((مجموع الفتاوى)): ((فنقول اعلم أن محركات القلوب إلى الله عز وجل ثلاثة: المحبة والخوف والرجاء.
وأقواها المحبة وهي مقصودة تراد لذاتها لأنها تراد في الدنيا والآخرة بخلاف الخوف فإنه يزول في الآخرة قال الله تعالى: ،{ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.
والخوف المقصود منه الزجر والمنع من الخروج عن الطريق فالمحبة تلقى العبد في السير إلى محبوبه وعلى قدر ضعفها وقوتها يكون سيره إليه والخوف يمنعه أن يخرج عن طريق المحبوب والرجاء يقوده فهذا أصل عظيم يجب على كل عبد أن يتنبه له فإنه لا تحصل له العبودية بدونه وكل أحد يجب أن يكون عبدا لله لا لغيره . فإن قيل فالعبد في بعض الأحيان قد لا يكون عنده محبة تبعثه على طلب محبوبه فأي شيء يحرك القلوب؟
قلنا يحركها شيئان:
أحدهما: كثرة الذكر للمحبوب لأن كثرة ذكره تعلق القلوب به ولهذا أمر الله عز وجل بالذكر الكثير فقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا}، {وسبحوه بكرة وأصيلا} الآية.
والثاني: مطالعة آلائه ونعمائه قال الله تعالى: {فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون} وقال تعالى: {وما بكم من نعمة فمن الله}. وقال تعالى: {وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة} وقال تعالى: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها} فإذا ذكر العبد ما أنعم الله به عليه من تسخير السماء والأرض وما فيها من الأشجار والحيوان وما أسبغ عليه من النعم الباطنة من الإيمان وغيره فلا بد أن يثير ذلك عنده باعثا وكذلك الخوف تحركه مطالعة آيات الوعيد والزجر والعرض والحساب ونحوه وكذلك الرجاء يحركه مطالعة الكرم والحلم والعفو وما ورد في الرجاء والكلام في التوحيد واسع . وإنما الغرض مبلغ التنبيه على تضمنه الاستغناء بأدنى إشارة والله - سبحانه وتعالى - أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم)) اهـ.
أما ما أخرجه الخطيب في ((تاريخ بغداد)) وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) عن شداد بن أوس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بكى شعيب النبي صلى الله عليه وسلم من حب الله حتى عمي فرد الله إليه بصره، وأوحى إليه: يا شعيب ما هذا البكاء؟ أشوقا إلى الجنة، أم خوفا من النار، قال: إلهي وسيدي أنت تعلم ما أبكي شوقا إلى جنتك، ولا خوفا من النار، ولكني اعتقدت حبك بقلبي، فإذا أنا نظرت إليك فما أبالي ما الذي يصنع بي، فأوحى الله إليه: يا شعيب إن يك ذلك حقا، فهنيئا لك لقائي يا شعيب لذلك أخدمتك موسى بن عمران كليمي)).

قال العلامة الألباني رحمه الله في ((الضعيفة)): ضعيف جدا .
ثم قال رحمه الله: ((ومما ينكر في هذا الحديث قوله: (( ما أبكي شوقا إلى جنتك، ولا خوفا من النار))! فإنها فلسفة صوفية)) اهـ.
وبهذا يعرف خطأ قول رابعة العدوية: (ما عبدتك طمعا في جنتك ولا خوفا من نارك، ولكن لوجهك الكريم).
قال العلامة الألباني رحمه الله في ((الضعيفة)): ((اشتهرت بها رابعة العدوية، إن صح ذلك عنها، فقد ذكروا أنها كانت تقول في مناجاتها: (رب ! ما عبدتك طمعا في جنتك ولا خوفا من نارك). وهذا كلام لا يصدر إلا ممن لم يعرف الله تبارك وتعالى حق معرفته، ولا شعر بعظمته وجلاله، ولا بجوده وكرمه، وإلا لتعبده طمعا فيما عنده من نعيم مقيم، ومن ذلك رؤيته تبارك وتعالى وخوفا مما أعده للعصاة والكفار من الجحيم والعذاب الأليم، ومن ذلك حرمانهم النظر إليه كما قال: {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون}، ولذلك كان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام - وهم العارفون بالله حقا - لا يناجونه بمثل هذه الكلمة الخيالية، بل يعبدونه طمعا في جنته - وكيف لا وفيها أعلى ما تسموإليه النفس المؤمنة، وهو النظر إليه سبحانه، ورهبة من ناره، ولم لا وذلك يستلزم حرمانهم من ذلك، ولهذا قال تعالى بعد ذكر نخبة من الأنبياء: {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين}، ولذلك كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أخشى الناس لله، كما ثبت في غير ما حديث صحيح عنه. هذه كلمة سريعة حول تلك الجملة العدوية، التي افتتن بها كثير من الخاصة فضلا عن العامة، وهي في الواقع {كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء}، وكنت قرأت حولها بحثا فياضا ممتعا في ((تفسير العلامة ابن باديس)) فليراجعه من شاء زيادة بيان)) اهـ.
هذا والله أعلم وبالله التوفيق وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
العلوص: يوم الجمعة 12 ذي القعدة سنة 1438 هـ
الموافق لـ: 4 أغسطس سنة 2017 ف

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مميز, تزكية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013