الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه . أما بعد :
أيها الأخوة الكرام ؛ يقول ربنا جلّ جلاله في كتابه العزيز : ﴿
وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم قال : (
الدين النصيحة ، قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه البخاري ومسلم .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (
من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ) . رواه مسلم .
إنطلاقا مما سبق من النصوص و غيرها ، ولما لا يخفى علينا ما قد فتن به العالم بلعبة كرة القدم و ربما الأصح أن تسمى كما سماها البعض كرة الندم بمشاهدتها و تتبعها ، و الأدهى و الأمر أن من الذين منّ الله عليهم بنعمة الاستقامة لم يسلموا منها ولم ينجوا من بلائها و ذلك بلعبها أو مشاهدتها و متابعتها و الله المستعان .
نسأل الله أن يثبتنا على دينه و أن يصرف عنا جميعا هذا البلاء لما فيه من شرور و آثام إبتداءا من تضييع للأوقات الذي يصل الى التهاون في الصلاة بتأخيرها عن آدائها في وقتها و عدم صلاتها جماعة في المساجد ، و كذلك النظر في أفخاذ اللاعبين و غير ذلك من المخالفات الشرعية.
فألتمس من جميع الإخوة فضلا لا امرا اعزكم الله من باب التعاون على البر و النصيحة المشاركة بما تيسر بجمع كلام أهل العلم و فتاويهم في ما تعلق بكرة القدم سواء لعبها أو مشاهدتها أو تشجيع الفرق سواء كانت مسلمة أو غير مسلمة ، و ذلك نصيحة لجميع المسلمين لعل الله أن ينفع بها، إنه سميعٌ مجيب .
و أذكر من ذلك جواب الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن سؤال:
" ما حكم ممارسة الرياضة بالسراويل القصيرة وما حكم مشاهدة من يعمل ذلك ؟
فأجاب : " ممارسة الرياضة جائزة إذا لم تله عن شيء واجب ، فإن ألهت عن شيء واجب فإنها تكون حراماً ، وإن كانت ديدن الإنسان بحيث تكون غالب وقته فإنها مضيعة للوقت ، وأقل أحوالها في هذه الحال الكراهة . أما إذا كان الممارس للرياضة ليس عليه إلا سروال قصير يبدو منه فخذه أو أكثره فإنه لا يجوز ، فإن الصحيح أنه يجب على الشباب ستر أفخاذهم ، وأنه لا يجوز مشاهدة اللاعبين وهم بهذه الحالة من الكشف عن أفخاذهم "
انتهى نقلا عن "فتاوى إسلامية" (4/431).
و كذلك ما نقل عن الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله إذ قال:
"
اللعب بالكرة الآن يصاحبه من الأمور المنكرة ما يقضي بالنهي عن لعبها ، هذه الأمور نلخصها فيما يأتي :
أولاً : ثبت لدينا مزاولة لعبها في أوقات الصلاة مما ترتب عليه ترك اللاعبين ومشاهديهم للصلاة أو للصلاة جماعة أو تأخيرهم أداءها عن وقتها ، ولا شك في تحريم أي عمل يحول دون أداء الصلاة في وقتها أو يفوت فعلها جماعة ما لم يكن ثَمَّ عذر شرعي .
ثانياً : ما في طبيعة هذه اللعبة من التحزبات أو إثارة الفتن وتنمية الأحقاد ، وهذه النتائج عكس ما يدعو إليه الإسلام من وجوب التسامح والتآلف والتآخي وتطهير النفوس والضمائر من الأحقاد والضغائن والتنافر .
ثالثاً : ما يصاحب اللعب بها من الأخطار على أبدان اللاعبين بها نتيجة التصادم والتلاكم ، فلا ينتهي اللاعبون بها من لعبتهم في الغالب دون أن يسقط بعضهم في ميدان اللعب مغمى عليه أو مكسورة رجله أو يده ، وليس أدل على صدق هذا من ضرورة وجود سيارة إسعاف طبية تقف بجانبهم وقت اللعب بها .
رابعاً : الغرض من إباحة الألعاب الرياضية تنشيط الأبدان والتدريب على القتال وقلع الأمراض المزمنة ، ولكن اللعب بالكرة الآن لا يهدف إلى شيء من ذلك فقد اقترن به مع ما سبق ذكره ابتزاز المال بالباطل ، فضلاً عن أنه يعرض الأبدان للإصابات وينمي في نفوس اللاعبين والمشاهدين الأحقاد وإثارة الفتن ، بل قد يتجاوز أمر تحيز بعض المشاهدين لبعض اللاعبين إلى الاعتداء والقتل كما حدث في إحدى مباريات جرت في إحدى المدن منذ أشهر ويكفي هذا بمفرده لمنعها ، وبالله التوفيق " انتهى .
" فتاوى ابن إبراهيم " ( 8 / 116 ، 117 ) .
و الله أعلم
.