بارك الله فيك على هذا الموضوع الماتعة الرائعة
وهذه ما اختاره الإمام الخطابي في المسألة .
الصلاة الوسطى هي صلاة العصر :
٭ الدليل الأول: قد وردت عدة أحاديث عن الصحابة رضي الله عنهم تدل على أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر:
1- حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
له عنه طريقان:
أ- عن شُتَيْر بن شَكَل، عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - يوم الأحزاب -: «شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارًا»، ثم صلاها بين العشاءين؛ بين المغرب والعشاء(1).
ب- وعن عبيدة، عن علي رضي الله عنه ؛ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال - يوم الخندق -: «حبسونا عن صلاة الوسطى حتى غابت الشمس، ملأ الله قبورهم وبيوتهم - أو أجوافهم - نارًا»(2 ). وفي رواية زيادة: «وهي صلاة العصر»( 3).
2- حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
عن مُرة، عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: حبس المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة العصر حتى احمرَّت الشمس أو اصفرَّت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله أجوافهم وقبورهم نارًا - أو قال: حشا الله أجوافهم وقبورهم نارًا -»( 4).
3- حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
وله عنه طريقان:
أ- عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الوسطى صلاة العصر»( 5).
ب- عن موسى بن وردان، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الوسطى صلاة العصر»(6 ).
4- حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما:
وله عنه طريقان:
أ- عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قاتل النبي صلى الله عليه وسلم عدوًّا فلم يفرغ منهم حتى أخَّر العصر عن وقتها، فلما رأى ذلك قال: «اللهم من حَبَسنا عن الصلاة الوسطى فاملأ بيوتهم نارًا، واملأ قبورهم نارًا - ونحو ذلك -»(7 ).
ب- وعن مقسم، عن ابن عباس قال: شُغل النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة العصر حتى غربت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «شغلونا عن الصلاة الوسطى ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارًا»( 8).
5- حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه:
عن الحسن، عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «صلاة الوسطى صلاة العصر»( 9).
6- حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما:
عن زرّ بن حبيش، عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - يوم الأحزاب -: «شغلونا عن الصلاة الوسطى، ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارًا - يعني صلاة العصر -»( 10).
وجه الاستدلال: هذه الأحاديث مصرِّحة بأن الصلاة الوسطى: صلاة العصر( 11)، فهي نصٌّ في المقصود.
قال الطحاوي: «فهذه الآثار قد تواترت وجاءت مجيئًا صحيحًا عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن الصلاة الوسطى هي العصر»( 12) اهـ.
وقال الماوردي: «وردت الأخبار نقلا صحيحًا بأنها صلاة العصر»(13 ).
وقال ابن المنذر: «دلت الأخبار الثابتة على أن صلاة الوسطى صلاة العصر»(14 ).
وقال ابن حزم: «فهذه آثار متظاهرة متواترة لا يسع الخروج عنها»( 15).
وقال ابن قدامة: «وهذا نص لا يجوز التعريج معه على شيء يخالفه»(16 ).
وقال النووي: «والذي تقتضيه الأحاديث الصحيحة أنها العصر»( 17).
وقال ابن تيمية: «فقد ثبت بالنصوص الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، وهذا أمر لا يشكُّ فيه من عرف الأحاديث المأثورة، ولهذا اتفق على ذلك علماء الحديث وغيرهم»( 18).
وقال الخطابي - بعد حكاية الأقوال في تحديد الصلاة الوسطى -: «وإن كان الصحيح من جملتها هو القول الأول - أنها صلاة العصر -؛ لصحة الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو حديث علي رضي الله عنه»( 19).
وهذا هو مستند الخطابي في هذه المسألة.
---------------------------------------------------------------
( 1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر (1/437) رقم (627) (205).
(2 ) أخرجه البخاري كتاب التفسير، باب: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى (8/43)
(4533) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر (1/436) رقم (627) (202). واللفظ للبخاري.
( 3) أخرجه البخاري كتاب الدعوات، باب: الدعاء على المشركين (11/197) رقم (6396).
( 4) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب: الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر (1/437) رقم (628).
( 5) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة، باب: من قال: هي صلاة العصر (1/675) رقم (2165)، وابن جرير الطبري في تفسيره (2/559).
(6 ) أخرجه الطحاوي في معاني الآثار كتاب الصلاة باب الصلاة الوسطى أي الصلوات ؟
(1/174).
( 7) أخرجه أحمد في مسنده (1/301)، وابن جرير الطبري في تفسيره (2/559)، والطحاوي في معاني الآثار كتاب الصلاة باب الصلاة الوسطى أيُّ الصلوات؟ (1/174)، والطبراني
في الكبير (11/260) رقم (11905)، والأوسط (2/284) رقم ( 1995 ).
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/309): «ورجاله موثقون».
وقال أحمد شاكر في تحقيقه لمسند أحمد (4/262) رقم (2745): «إسناده صحيح».
( 8) أخرجه ابن جرير في تفسيره (2/559)، والطحاوي في معاني الآثار كتاب الصلاة باب الصلاة الوسطى أيُّ الصلوات؟ (1/174)، والطبراني في الكبير (11/304) رقم (2069)، وفي رواية الطحاوي قرن مع مقسم سعيد بن جبير.
وفي إسناده محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى، قال ابن حجر في تقريب التهذيب رقم (6121): «صدوق سيئ الحفظ جدًّا». ويشهد له ما قبله.
( 9) أخرجه أحمد في مسنده (5/12، 13، 22)، والترمذي كتاب الصلاة، باب: ما جاء في صلاة الوسطى أنها العصر وقد قيل: إنها الظهر (1/340-342) رقم (182)، وأعاد إخراجه في كتاب تفسير القرآن، باب: من سورة البقرة (5/217) رقم (1983)، والطحاوي في معاني الآثار كتاب الصلاة باب الصلاة الوسطى أيُّ الصلوات؟ (1/174)، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة، باب: من قال: هي صلاة العصر (1/675) رقم (2164).
وقال الترمذي في الموضع الأول: «حديث سمرة في صلاة الوسطى حديث حسن».
وقال أيضًا: «قال محمد - يعني البخاري -: قال علي بن عبد الله - يعني ابن المديني -: حديث الحسن عن سمرة بن جندب حديث صحيح، وقد سمع منه».
وقال في الموضع الثاني: «هذا حديث حسن صحيح».
وإن قال غير واحد من العلماء: إنَّ الحسن لم يسمع من سمرة، خلافًا لابن المديني. انظر تفسير ذلك في نصب الراية (1/89-90).
قال الألباني في تعليقه على مشكاة المصابيح (1/199): «ولكنه صحيح لشواهده».
( 10) أخرجه ابن حبان في صحيحه (1/931) رقم (270)، والبزار في البحر الزخار (7/308) رقم (2906)، والطبراني في الأوسط (2/27) رقم (1118).
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/309): «رجاله رجال الصحيح».
وقال الصنعاني في حاشية العدة (2/42): «أخرجه البزار بسند صحيح».
(11 ) نيل الأوطار (1/388).
(12 ) معاني الآثار (1/175).
( 13) الحاوي (2/10).
( 14) الأوسط (2/367 ).
(15 ) المحلى (4/253).
( 16) المغني (2/22).
(17 ) المجموع (3/16).
( 18) مجموع الفتاوى (32/106).
( 19) أعلام الحديث (1/435).
|