منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 13 May 2015, 12:41 PM
أبو عبد السلام جابر البسكري أبو عبد السلام جابر البسكري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 1,229
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد السلام جابر البسكري
افتراضي ما لا يعرفونه عن الإمام البخاري صاحب (الجامع المسند الصحيح)

بسم الله الرحمن الرحيم



ما لايعرفونه عن الإمام البخاري صاحب (الجامع المسند الصحيح).


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، ورضي الله عن آله وصحبه.
أمابعد:

بعدما قرأت موضوع الشيخ خالد حمودة حفظه الله تعالى ، حفزني أحد الإخوة و إسمه كذلك خالد أن أكتب وأجمع مقالا عن الإمام البخاري ، فعزمت كتابته وجمعه ، ولكن والله لا يكفي هذا المقال والمقام لذكر محاسن ومأثر هذا الإمام الهمام ،الذي قل ان تلد النساء مثله ، فأسأل الله أن يكون لي سهم في ذكر هذا الإمام ، الذي لم يقدر قدره الجعل والجعران أصحاب الوقاحة وسليطي اللسان أمثال البحيري وعدنان وغيرهم من الأراذل ممن يدعون الدعوة والإسلام وهم يطعنون في علماء و مراجع الدين كالصحيحين ، ألا شاهت وجوه أهل الأهواء و كل طعان.
من منا لا يعرف البخاري وصحيحه ، منذ الصغر نسمع كلمة [ أصح كتاب بعد كتاب الله صحيح البخاري ] ، نعم تلقيناها وتعلمناها ، ويأتي اليوم من يشكك في ثوابت الأمة من المستشرقين وأشباه الدعاة [ دعاة الضلالة والغواية ] ومعلوم مقصودهم هو إرادة الميل عن الحق والهداية واتباع سبيل المجرمين ، فإلى كل من لا يعرف قدر الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل المعروف بالبخاري إليكم لمحة عن حياته ومقتطفات من مأثره .
يقول الشيخ بن عثيمين رحمه الله تعالى في ترجمة البخاري وكتابه :
هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه الجعفي - مولاهم - الفارسي الأصل.
ولد ببخارى في شوال سنة 194 هـ أربع وتسعين ومئة، ونشأ يتيماً في حجر والدته، وبدأ بالرحلة في طلب الحديث سنة عشر ومائتين، وتنقل في البلاد لطلب الحديث، وأقام في الحجاز ست سنين، ودخل الشام ومصر والجزيرة والبصرة والكوفة وبغداد، وكان رحمه الله غاية في الحفظ، ذكر عنه أنه كان ينظر في الكتاب فيحفظه من نظرة واحدة، وكان زاهداً ورعاً بعيداً عن السلاطين والأمراء، شجاعاً، سخيًّا، أثنى عليه العلماء في عصره وبعده، قال الإمام أحمد: ما أخرجت خراسان مثله، وقال ابن خزيمة: ما تحت أديم السماء أعلم بحديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولا أحفظ من محمد بن إسماعيل البخاري. وكان مجتهداً في الفقه، وله دقة عجيبة في استنباطه من الحديث. كما تشهد بذلك تراجمه في "صحيحه".
توفي رحمه الله في خَرْتَنْك؛ بلدة على فرسخين من سمرقند، ليلة عيد الفطر سنة 256 هـ ست وخمسين ومائتين عن اثنين وستين عاماً إلا ثلاثة عشر يوماً، وقد خلّف علماً كثيراً في مؤلفاته، رحمه الله، وجزاه عن المسلمين خيراً.
وقال عن كتابه الصحيح الجامع:
هذا الكتاب سماه مؤلفه "الجامع الصحيح" وخرجه من ستمائة ألف حديث، وتعب رحمه الله في تنقيحه، وتهذيبه، والتحري في صحته، حتى كان لا يضع فيه حديثاً إلا اغتسل وصلى ركعتين، يستخير الله في وضعه، ولم يضع فيه مسنداً إلا ما صح عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ بالسند المتصل الذي توفر في رجاله العدالة والضبط.
وأكمل تأليفه في ستة عشر عامًّا، ثم عرضه على الإمام أحمد ويحيى بن معين وعلي بن المديني وغيرهم، فاستحسنوه، وشهدوا له بالصحة.
وقد تلقاه العلماء بالقَبول في كل عصر، قال الحافظ الذهبي: هو أجل كتب الإسلام، وأفضلها بعد كتاب الله تعالى.
وعدد أحاديثه بالمكرر (7397) سبعة وتسعون وثلاثمائة وسبعة آلاف، وبحذف المكرر (2602) اثنان وستمائة وألفا حديث، كما حرر ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله. إنتهى.
قال عنه الإمام تاج الدين السبكي في كتاب: طبقات الشافعية الكبرى: هو إمام المسلمين وقدوة الموحدين وشيخ المؤمنين والمعول عليه فى أحاديث سيد المرسلين وحافظ نظام الدين أبو عبد الله الجعفى مولاهم البخارى صاحب الجامع الصحيح وساحب ذيل الفضل للمستميح
علا عن المدح حتى ما يزان به ** كأنما المدح من مقداره يضع
له الكتاب الذى يتلو الكتاب هدى ** هذى السيادة طودا ليس ينصدع
الجامع المانع الدين القويم وسنة ** الشريعة أن تغتالها البدع
قاصى المراتب دانى الفضل تحسبه ** كالشمس يبدو سناها حين ترتفع
ذلت رقاب جماهير الأنام له ** فكلهم وهو عال فيهم خضعوا
لا تسمعن حديث الحاسدين له ** فإن ذلك موضوع ومنقطع
وقل لمن رام يحكيه اصطبارك لا ** تعجل فإن الذى تبغيه ممتنع
وهبك تأتى بما يحكى شكالته ** أليس يحكى محيا الجامع البيع

وهذه قصة بداية البخاري في الحفظ:
قال أبو جعفر محمد بن أبي حاتم تلميذ البخاري وورّاقه وصاحبه: «قلت للبخاري: كيف كان بدء أمرك؟ قال: ألهمت حفظ الحديث فى المكتب ولى عشر سنين أو أقل، وخرجت من الكتّاب بعد العشر، فجعلت أختلف إلى الداخليّ وغيره، فقال يوماً فيما يقرأ على الناس: سفيان عن أبى الزبير عن إبراهيم. فقلت له: إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم. فانتهرني. فقلت له: ارجع إلى الأصل. فدخل ثم خرج فقال لي: كيف يا غلام؟ قلت: هو الزبير بن عدى عن إبراهيم. فأخذ القلم مني وأصلحه. وقال: صدقت.» قال: «فقال للبخاري بعض أصحابه: ابن كم كنت؟ قال: ابن إحدى عشرة سنة. فلما طعنت فى ست عشرة سنة حفظت كتب ابن المبارك ووكيع وعرفت كلام هؤلاء، ثم خرجت مع أمى وأخى أحمد إلى مكة فلما حججت رجع أخى بها وتخلفت فى طلب الحديث، فلما طعنت فى ثماني عشرة سنة جعلت أصنف قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم وذلك أيام عبيد الله بن موسى وصنفت كتاب التاريخ إذ ذاك عند قبر النبى صلى الله عليه وسلم فى الليالى المقمرة وقل اسم فى التاريخ إلا وله عندى قصة، إلا أنى كرهت تطويل الكتاب.» [طبقات الشافعية الكبرى - تاج الدين عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي (طبعة دار هجر:ج2 ص216)].إنتهى
يحفظ سبعين ألف حديث وأكثر:
قال أبو جعفر : سمعت أبا عمر سليم بن مجاهد يقول : كنت عند محمد بن سلام البيكندي ، فقال : لو جئت قبل لرأيت صبيا يحفظ سبعين ألف حديث . قال : فخرجت في طلبه حتى لحقته . قال : أنت الذي يقول : إنى أحفظ سبعين ألف حديث ؟ قال : نعم ، وأكثر . ولا أجيئك بحديث من الصحابة والتابعين إلا عرفتك مولد أكثرهم ووفاتهم ومساكنهم ، ولست أروي حديثا من حديث الصحابة أو التابعين إلا ولي من ذلك أصل أحفظه حفظا عن كتاب الله ، وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم . [ سير أعلام النبلاء ترجمة :أبو عبد الله البخاري ].
رؤية أمه لإبراهيم عليه السلام في المنام:
وروى المؤرخون أن بصره أصيب وهو صغير فرأت أمه إبراهيم عليه السلام في المنام فقال لها:«يا هذه قد رد الله على ابنك بصره لكثرة بكائك ولكثرة دعائك» فأصبح وقد رد الله عليه بصره. [طبقات الحنابلة - ابن أبي يعلى، أبو الحسين محمد بن محمد (طبعة دار المعرفة:ج1 ص274)].
من أقواله رحمه الله تعالى :
«ما وضعت في كتابي الصحيح حديثا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين.»[ طبقات الحفاظ - عبد الرحمن بن أبو بكر، جلال الدين السيوطي (طبعة دار الكتب العلمية:ج1 ص253)]
«لا أعلم شيئا يُحتاج إليه إلا وهو في الكتاب والسنة.»[ تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - شمس الدين الذهبي (طبعة دار الغرب الإسلامي:ج6 ص140)]
«ما جلست للحديث حتى عرفت الصحيح من السقيم وحتى نظرت في عامة كتب الرأي وحتى دخلت البصرة خمس مرات أو نحوها فما تركت بها حديثًا صحيحًا إلا كتبته إلا ما لم يظهر لي.»[ كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري - محمَّد الخَضِر بن سيد عبد الله بن أحمد الجكني الشنقيطي (طبعة مؤسسة الرسالة:ج1 ص101)]
«ما أردت أن أتكلم بكلامٍ فيه ذكر الدنيا إلا بدأت بحمد الله والثناء عليه.»[ طبقات الشافعية الكبرى - تاج الدين عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي (طبعة دار هجر:ج2 ص226)]
ومن أقواله رحمه الله تعالى : «أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحدا.»
فيا من إغتبتم وطعنتم في البخاري سيأتي خصمكم يوم القيامة ويقتص منكم وتندمون حينها ولا ينفع الندم.

ودونك هذه سيرة الإمام الفذ البحر إمام المسلمين أمير المؤمنين في الحديث ( الإمام البخاري رحمه الله )أنقلها كما ذكرت في كتاب" البداية والنهاية "(11/28-31) للإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله

((هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بزدزبه الجعفي مولاهم أبو عبدالله البخاري الحافظ إمام أهل الحديث في زمانه والمقتدى به في أوانه والمقدم على سائر أضرابه وأقرانه وكتابه الصحيح يستقى بقراءته الغمام وأجمع العلماء على قبوله وصحة ما فيه وكذلك سائر أهل الإسلام ،
ولد البخاري رحمه الله في ليلة الجمعة الثالث عشر من شوال سنة أربع وتسعين ومايه ومات أبوه وهو صغير فنشأ في حجر أمه فألهمه الله حفظ الحديث وهو في المكتب وقرأ الكتب المشهورة وهو ابن ست عشر سنة حتى قيل إنه كان يحفظ وهو صبي سبعين ألف حديث سردا وحج وعمره ثماني عشرة سنة فأقام بمكة يطلب بها الحديث ثم رحل بعد ذلك إلى سائر مشايخ الحديث في البلدان التي أمكنته الرحلة إليها وكتب عن أكثر من ألف شيخ وروى عنه خلائق وأمم وقد روى الخطيب البغدادي عن الفربري أنه قال سمع الصحيح من البخاري معي نحو من سبعين ألفا لم يبق منهم أحد غيري ،وقد روى البخاري من طريق الفربري كما هي رواية الناس اليوم من طريقه وحماد بن شاكر وإبراهيم بن معقل وطاهر بن مخلد وآخر من حدث عنه أبو طلحة منصور بن محمد بن علي البردى النسفي وقد توفي النسفي هذا في سنة نسع وعشرين وثلاثمائة ووثقه الأمير أبو نصر بن ماكولا ، وممن روى عن البخاري مسلم في غير الصحيح وكان مسلم يتلمذ له ويعظمه وروى عنه الترمذي في جامعه والنسائي في سننه في قول بعضهم ، وقد دخل بغداد ثمان مرات وفي كل منها يجتمع بالامام أحمد فيحثه أحمد على المقام ببغداد ويلومه على الاقامة بخراسان وقد كان البخاري يستيقظ في الليلة الواحدة من نومه فيوقد السراج ويكتب الفائدة تمر بخاطرة ثم يطفىء سراجه ثم يقوم مرة أخرى وأخرى حتى كان يتعدد منه ذلك قريبا من عشرين مرة ، وقدكان أصيب بصره وهو صغير فرأت أمه إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام فقال يا هذه قد رد الله على ولدك بصرة بكثرة دعائك أو قال بكائك فأصبح وهو بصير ،
وقال البخاري فكرت البارحة فإذا أنا قد كتبت لي مصنفات نحوا من مائتي ألف حديث مسندة وكان يحفظها كلها ودخل مرة إلى سمرقند فاجتمع بأربعمائة من علماء الحديث بها فركبوا أسانيد وأدخلوا إسناد الشام في إسناد العراق وخلطوا الرجال في الأسانيد وجعلوا متون الأحاديث على غير أسانيدها ،ثم قرؤها على البخاري فرد كل حديث إلى إسناده وقوم تلك الأحاديث والأسانيد كلها وما تعنتوا عليه فيها ولم يقدروا أن يعلفوا عليه سقطة في إسناد ولا متن وكذلك صنع في بغداد ، وقد ذكروا أنه كان ينظر في الكتاب مرة واحدة فيحفظه من نظرة واحدة والأخبار عنه في ذلك كثيرة ،
وقد أثنى عليه علماء زمانه من شيوخه وأقرانهقال الإمام أحمد ما أخرجت خراسان مثله وقال علي بن المديني لم ير البخاري مثل نفسه وقال إسحاق بن راهويه: لو كان في زمن الحسن لاحتاج الناس إليه في الحديث ومعرفته وفقهه وقال أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبدالله بن نمير :ما رأينا مثله وقال علي بن حجر :لا أعلم مثله وقال محمود بن النظر بن سهل الشافعي :دخلت البصرة والشام والحجاز والكوفة ورأيت علماءها كلما جرى ذكر محمد بن إسماعيل البخاري فضلوه على أنفسهم وقال أبو العباس الدعولي: كتب أهل بغداد إلى البخاري ... المسلمون بخير ما حييت لهم ... وليس بعدك خير حين تفتقد ... وقال الفلاس: كل حديث لا يعرفه البخاري فليس بحديث وقال أبو نعيم أحمد بن حماد: هو فقيه هذه الأمة وكذا قال يعقوب بن إبراهيم الدورقي ومنهم من فضله في الفقه والحديث على الإمام أحمد بن حنبل واسحاق بن راهويه وقال قتيبة بن سعيد رحل إلي من شرق الأرض وغربها خلق فما رحل إلى مثل محمد بن إسماعيل البخاري، وقال مرجى بن رجاء فضل البخاري على العلماء كفضل الرجال على النساء يعني في زمانه وأما قبل زمانه مثل قرب الصحابة والتابعين فلا ،وقال هو آية من آيات الله تمشي على الأرض ،وقال أبو محمد عبدالله بن عبدالرحمن الدرامي :محمد بن إسماعيل البخاري أفقهنا وأعلمنا وأغوصنا وأكثرنا طلبنا ،وقال إسحاق بن راهويه: هو أبصر مني ،وقال أبو حاتم الرازي :محمد بن إسماعيل أعلم من دخل العراق، وقال عبدالله العجلي رأيت أبا حاتم وأبا زرعة يجلسان إليه يسمعان ما يقول ولم يكن مسلم يبلغه وكان أعلم من محمد بن يحيى الذهلي بكذا وكذا وكان حييا فاضلا يحسن كل شيء وقال غيره رأيت محمد بن يحيى الذهلي يسأل البخاري عن الأسامي والكنى والعلل وهو يمر فيه كالسهم كأنه يقرأ قل هو الله أحد وقال أحمد بن حمدون انتصار :رأيت مسلم بن الحجاج جاء إلى البخاري فقبل بن عينيه وقال دعني أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين وطبيب الحديث في علله ثم سأله عن حديث كفارة المجلس فذكر له علته فلما فرغ قال مسلم لا يبغضك إلا حاسد وأشهد أن ليس في الدنيا مثلك ،وقال الترمذي لم أر بالعراق ولا في خراسان في معنى العللل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من البخاري وكنا يوما عند عبدالله بن منير فقال للبخاري جعلك الله زين هذه الأمة، قال الترمذي :فاستجيب له فيه .وقال ابن خزيمة: ما رأيت تحت أديم السماء أعلم بحديث رسول الله ولا أحفظ له من محمد بن إسماعيل البخاري ،
ولو استقصينا ثناء العلماء عليه في حفظه وإتقانه وعلمه وفقهه وورعه وزهده وعبادته لطال علينا ونحن على عجل من أجل الحوادث والله سبحانه المستعان ، وقد كان البخاري رحمه الله في غاية الحياء والشجاعة والسخاء والورع والزهد في الدنيا دار الفناء والرغبة في الآخرة دار البقاء .
وقال البخاري إني لأرجو أن ألقى الله ليس أحد يطالبني أني اغتبته، فذكر له التاريخ وما ذكر فيه من الجرح والتعديل وغير ذلك فقال ليس هذا من هذا قال النبي ( إيذنوا له فلبئس أخو العشيرة ) ونحن إنما روينا ذلك رواية ولم نقله من عند أنفسنا ، وقد كان رحمه الله يصلي في كل ليلة ثلاث عشرة ركعة وكان يختم القرآن في كل ليلة رمضان ختمة ، وكانت له جدة ومال جيد ينفق منه سرا وجهرا وكان يكثر الصدقة بالليل والنهار وكان مستجاب الدعوة مسدد الرمية شريف النفس بعث إليه بعض السلاطين ليأتيه حتى يسمع أولاده عليه فأرسل إليه في بيته العلم والحلم يؤتى يعني إن كنتم تريدون ذلك فهلموا إلي وأبى أن يذهب إليهم والسلطان خالد بن أحمد الذهلي نائب الظاهرية ببخارى فبقى في نفس الأمير من ذلك فاتفق أن جاء كتاب من محمد بن يحيى الذهلي بأن البخاري يقول لفظه بالقرآن مخلوق وكان وقد وقع بين محمد بن يحيى الذهلي وبين البخاري في ذلك كلام وصنف البخاري في ذلك كتاب أفعال العباد فأراد أن يصرف الناس عن السماع من البخاري وقد كان الناس يعظمونه جدا وحين رجع إليهم نثروا على رأسه الذهب والفضة يوم دخل بخارى عائدا إلى أهله وكان له مجلس يجلس فيه للإملاء بجامعها فلم يقبلوا من الأمير فأمر عند ذلك بنفيه من تلك البلاد فخرج منها ودعا على خالد بن أحمد فلم يمض شهر حتى أمر ابن الظاهر بأن ينادى على خالد بن أحمد على أتان وزال ملكه وسجن في بغداد حتى مات ولم يبق أحد يساعده على ذلك إلا ابتلي ببلاء شديد .
فنزح البخاري من بلده إلى بلدة يقال لها خرتنك على فرسخين من سمرقند فنزل عند أقارب له بها وجعل يدعو الله أن يقبضه إليه حين رأى الفتن في الدين ولما جاء في الحديث ( وإذا أردت بقوم فتنة فتوفنا إليك غير مفتونين ) ثم اتفق مرضه على إثر ذلك فكانت وفاته ليلة عيد الفطر وكان ليلة السبت عند صلاة العشاء وصلي عليه يوم العيد بعد الظهر من هذه السنة أعنى سنة ست وخمسين ومائتين وكفن في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة وفق ما أوصى به وحين ما دفن فاحت من قبره رائحة غالية أطيب من ريح المسك ثم دام ذلك أياما ثم جعلت ترى سواري بيض بحذاء قبره وكان عمره يوم مات ثنتين وستين سنة وقد ترك رحمه الله بعده علما نافعا لجميع المسلمين فعلمه لم ينقطع بل هو موصول بما أسداه من الصالحات في الحياة وقد قال رسول الله ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث علم ينتفع به ) الحديث رواه مسلم وشرطه في صحيحه هذا أعز من شرط كل كتاب صنف في الصحيح لا يوازيه فيه غيره لا صحيح مسلم ولا غيره .
وما أحسن ما قال بعض الفصحاء من الشعراء
صحيح البخاري لو أنصفوه ... لما خط إلا بماء الذهب
هو الفرق بين الهدى والعمى ... هو السد بين الفتى والعطب
أسانيد مثل نجوم السماء ... أمام متون لها كالشهب
بها قام ميزان دين الرسول ... ودان به العجم بعد العرب
حجاب من النار لا شك فيه ... يمز بين الرضى والغضب
وستر رقيق إلى المصطفى ... ونص مبين لكشف الريب
فيا عالما أجمع العالمون... على فضل رتبته في الرتب
سبق الأئمة فيما جمعت ... وفزت على زعمهم بالقصب
نفيت الضعف من الناقل ... ين ومن كان منهما بالكذب
وأبرزت في حسن ترتيبه ... وتبويبه عجبا للعجب
فأعطاك مولاك ما تشتهيه ... وأجزل حظك فيما وهب .
[ البداية والنهاية (11/28-31) ].
نسأل الله أن يجزيه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء ويحشرنا معه في زمرة العلماء والصديقين والشهداء.


كتبه وجمعه : أبو عبد السلام جابر البسكري
يوم الأربعاء 24 رجب, 1436 هجري.


التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد السلام جابر البسكري ; 18 May 2015 الساعة 12:07 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14 May 2015, 05:35 AM
أبو البراء
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

بارك الله فيك أخي جابر على عنايتك ـ كعادتك ـ بهذا الموضوع المهمِّ.
أسأل الله تعالى أن يثقِّل به ميزانك، وأن يفتح لك به أبوابًا من العلم والعمل.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 14 May 2015, 07:01 AM
أبو عبد الرحمن أسامة أبو عبد الرحمن أسامة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 509
افتراضي

جزاك اللهُ خيرًا أخي جابر، مُميَّز كعادتك -وفّقك الله- ..
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 14 May 2015, 10:23 PM
مراد براهيمي مراد براهيمي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
الدولة: الدولة الجزائر/برج بوعريريج
المشاركات: 355
افتراضي

رفع الله قدرك وغفر ذنبك وأعلى مقامك في عليين
ورحم الله أمير المؤمنين في الحديث
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 20 May 2015, 05:14 PM
حسان البليدي حسان البليدي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
الدولة: وادي العلايق - البليدة
المشاركات: 340
افتراضي

أحسن الله اليك
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مميز, مصطلح, حديث

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013