منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام » ركن الخطب المنبريّة والدروس العلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 Feb 2017, 07:29 PM
أبو الرميصاء مصطفى قلي أبو الرميصاء مصطفى قلي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2016
المشاركات: 56
افتراضي تفريغ لخطبة بعنوان: " خطر الدَّين " لفضيلة الشيخ محمد بوسنة - حفظه الله -


• الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتَّبع هداه. أمَّا بعدُ:
• فهذا تفريغ لخُطبة جمعة : ٢ ربيع الأول ١٤٣٨ هـ
• لفضيلة الشيخ محمد بوسنة - حفظه الله -
• المكان : مسجد مبارك الميلي - حي عين النعجة القديمة - الجزائر العاصمة
• تحت عنوان : خطر الدَّين



الْخُطْبَةُ الْأُولَى

إِنَّ الْحَمْدَ لله نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوْذُ باللهِ مِنْ شُرُوْرِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ الله فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:١٠٢].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:١].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:٧٠-٧١].


أمَّا بَعْدُ:
فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ الله تعالى، وأحسن الهدى هدى محمد ـــ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـــ، وشرّ الأمور محدثاتها وكلَّ محدثة بدعة وكلَّ بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

أما بعد: فقد بات يتقلب على فراشه طوال الليل قد علاه الهم وكساه الغم وأما في النهار فهو على صفيحٍ من نار إذا خرج من بيته التحف الهوان وارتدى ثوب الذل يخيفه الهواء والأصوات والظل يشعر أنه عليه من الناس رقيب وشبحُ أناسٍ ليس عن خياله يغيب وإذا جلس في البيت فهو حائفٌ مرتاب ذهنه سارح وعينه على الباب قد اعتزل الناس والأقارب والأحباب إذا وعد أخلف وإذا حدث كذب فلعلكم عرفتموه أيها الناس إنه - صاحب الدَّيْن - وقديمًا قالوا: (الدَّيْنَ همٌ بالليل ومذلةٌ بالنهار) مابين حاجات ونفقات وفواتير وطلبات وما بين غريمٍ متربصٍ في جميع الأوقات.

ألا ليت النهار يعود ليلًا *** فإن الصبح يأتي بالهمومِ
حوائجُ ما نطيقُ لها قضاءً *** ولا دفعًا وروعات الغريم

ولقد نصح الرسول الأمين - صلوات ربي وسلامه عليه - أمته حين قال لها: (لَا تُخِيفُوا أَنْفُسَكُمْ بَعْدَ أَمْنِهَا) قَالُوا: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: (الدَّيْنُ). أخرجه أحمد والبيهقي وقال الألباني حديث حسن.

ولذلك كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كثيرًا ما يتعوذ من الدين فقد أخرج الأئمة أحمد والبخاري ومسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: قَالَ كُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ كَثِيرًا أَنْ يَقُولَ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالبُخْلِ وَالجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ) وضَلع الدَّين: هو شدته وغلبته وثقله.

وأخبر - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن أثر الدين على إيمان الرجال فقد أخرج الشيخان البخاري ومسلم عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يدعوا في الصلاة: (اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ) والمغرم: هو الدين.

-يا عبد الله - اعلم أنك لن تزال حميمًا كريمًا، حبيبًا صحيبًا، صديقًا عريقًا، محترمًا مكرمًا، مادمت غنيًا عما في أيدي الناس وصدق القائل: (من احتجت إليه هنت عليه)، واعلم أن الدين رقٌ تأسِرُ به نفسك، وغِلٌ يوضع في عُنقك، وقيدٌ تُربط به يدك ورجلك، فانظر إلى من تُملِّكُه أمرك فإذا احتجت دَيْنًا فاختر من هو كريم غيرُ منان، يحتسب الأجر من الملك الديان، وتعجل - يا عبد الله - السداد، فإن الدين لا يسقط بين العباد، ولو كنت شهيدًا في الجهاد.

فاسمع - يا صاحب الدين - إلى هذا الحديث، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ فِيهِمْ فَذَكَرَ لَهُمْ أَنَّ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَالْإِيمَانَ بِاللهِ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللهِ، تُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (نَعَمْ، إِنْ قُتِلْتَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ)، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (كَيْفَ قُلْتَ؟) قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَتُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (نَعَمْ، وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ، إِلَّا الدَّيْنَ، فَإِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لِي ذَلِكَ).

بل جاء في الدين من التشديد ما هو أكبر وأعظم فما رأيكم - يا عباد الله - ما رأيكم في رجلٍ قُتل في سبيل الله - تعالى -؟!، فقد أخرج أحمد والنسائي من حديث مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ وَضَعَ رَاحَتَهُ [أي:بطن كفه] عَلَى جَبْهَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: (سُبْحَانَ اللَّهِ، مَاذَا أنُزِّلَ مِنَ التَّشْدِيدِ الدَّيْن؟) فَسَكَتْنَا وَفَزِعْنَا، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ، سَأَلْتُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا التَّشْدِيدُ الَّذِي نُزِّلَ؟ فَقَالَ - عليه الصلاة والسلام -: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ رَجُلًا قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيِيَ، ثُمَّ قُتِلَ ثُمَّ أُحْيِيَ، ثُمَّ قُتِلَ وَعَلَيْهِ الدَيْنٌ، مَا دَخَلَ الْجَنَّةَ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ دَيْنُهُ) وهذا الحديث حسن.

فتخيل - يا عبد الله - تخيل لماذا امتنع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الصلاة على أحد الصحابة هل يا ترى هو سارق؟! أو هو قاتل نفسٍ بغير حق؟! أو هو زانٍ؟! أو ماذا فعل من الموبقات؟!.
عَنْ جَابِرٍ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: (تُوُفِّيَ رَجُلٌ فَغَسَّلْنَاهُ، وَحَنَّطْنَاهُ، وَكَفَّنَّاهُ، ثُمَّ أَتَيْنَا بِهِ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فقلنا: تصلِّي عليه؟، فَخَطَا خُطًى، ثُمَّ قَالَ: (أَعَلَيْهِ دَيْنٌ؟)، قُلْنَا: دِينَارَانِ، فَانْصَرَفَ، رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَحَمَّلَهُمَا أَبُو قَتَادَةَ، فَأَتَيْنَاهُ، فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: الدِّينَارَانِ عَلَيَّ، فَقَالَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أُحِقَّ الْغَرِيمُ وَبَرِئَ مِنْهُمَا الْمَيِّتُ؟)، قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: نَعَمْ، فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ: (مَا فَعَلَ الدِّينَارَانِ؟)، فقَالَ: إنَّمَا مَاتَ أَمْسِ، قَالَ: فَعَادَ إلَيْهِ مِنْ الْغَدِ، فَقَالَ: لَقَدْ قَضَيْتُهُمَا، يا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (الآنَ بَرَدَتْ عَلَيْهِ جِلْدُهُ)، فاللهمَّ من الدَّين سلامًا سلامًا، واجعل قبورنا بردًا وسلامًا.

وأما يوم القيامة وما أدراكم ما يوم القيامة فلا دخول للجنَّةِ والفِداءِ حتى تسدد الحقوق للغرمَّ.
فَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الْفَجْرَ، فَقَالَ: أَهَاهُنَا مِنْ بَنِي فُلانٍ أَحَدٌ؟، أهَاهُنَا مِنْ بَنِي فُلانٍ أَحَدٌ؟، أَهَاهُنَا مِنْ بَنِي فُلانٍ أَحَدٌ؟، فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا، فقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّ صَاحِبَكُمْ مَحْبُوسٌ عَنِ الْجَنَّةِ بِدَيْنهِ، فَإِنْ شِئْتُمْ فَافْدُوهُ، وَإِنْ شِئْتُمْ فَأَسْلِمُوهُ). أخرجه أبو داود والنسائي والحاكم وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.

فيا من ابتلي بالدين، لا تنسى فضل من أقرضك عليك، أتَذْكُر؟!! حين جئته مدينًا حزينًا، حسيرًا كسيرًا، مهمومًا مغمومًا، قد نكس رأسك، وخشع صوتك، وخَفضَ بصرك، تشكو إليه الحال، وتسأله بعض المال، وتعده بسرعة الوفاء، وتشهد على ذلك من في السماء، يا صاحب الدين، يا صاحب الدين، يا صاحب الدين، إن صدقة نيتك فعلى الله إعانتك، قال عليه الصلاة والسلام: (مَنْ أخَذَ أمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أدَاءَهَا أدَّى اللهُ عنهُ، ومَنْ أخَذَ يُرِيدُ إتْلافَها أتْلَفَهُ اللهُ). والحديث أخرجه أحمد والبخاري وابن ماجة.
فعجل في سداد الدين قبل أن ينقطع حبل المحبين كما قال القائل:

بَنُــو عَمِّنَا أَدُّوا الدَّرَاهِــمَ إِنَّمَـا ... يُفَـرِّقُ بَيْنَ النَّـاسِ حُــبُّ الدَّرَاهِــمِ

اعتذر يا صاحب الدين، اعتذر لصاحب المال عن التأخير وابعث إليه بالمعاذير أجب يا - عبد الله - أجب على اتصالاته، أجب على اتصالاته وأعطه ما تيسر من أمواله واشكره وادعوا له وادعوا لنفسك وادع ربك لنفسك بمثل هذا الدعاء الذي علمه النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أبا أمامة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فقَالَ له: قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ والْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ. قَالَ أبو أمامة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللَّهُ هَمِّي وَقَضَى عَنِّي دَيْنِي.

أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه كان غفارا


الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد ألا إله إلا الله ولي الصالحين وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله خاتم الأنبياء والمرسلين أما بعد:

فإليك يا صاحب اليد العليا يا من أعطيت وما بخلت يا من يسرت وما عسرت يا من لحاجة أخيك قضيت يا من لكربته نفست أبشر فإن الجزاء من جنس العمل قال - عليه الصلاة والسلام -:(مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ).
وإذا رأيت من أخيك عسرًا فأنظره أي:زد له في الأجل إلى أن يجد شيئا كما أمرك ربك - عز وجل - بهذا فقال: ﴿وإِنْ كان ذو عسْرةٍ فنظِرةٌ إِلىٰ ميْسرةٍ﴾[ البقرة:٢٨٠]، واسمع لما في ذلك من الأجور، عَنْ بُرَيْدَةَ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: (مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلِهِ صَدَقَةٌ)، قَالَ: ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ)، قُلْتُ: سَمِعْتُكَ يَا رَسُولَ اللهِ تَقُولُ: (مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلِهِ صَدَقَةٌ)، ثُمَّ سَمِعْتُكَ تَقُولُ: (مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ)، قَالَ - عليه الصلاة والسلام - لَهُ: (بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الدَّيْنُ أي:الأجل، فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ فَأَنْظَرَهُ أي:زاده في الأجل فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ)، واسمع أيها الدائن لأثر أجر إنظار المعسر على أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: لَقِيَنَا أَبَا الْيَسَرِ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَمَعَهُ غُلَامٌ لَهُ فَقَالَ لَهُ أَبِي: يَا عَمِّ، إِنِّي أَرَى فِي وَجْهِكَ سَفْعَةً مِنْ غَضَبٍ؟ أي:حمرة من غضب قَالَ أَجَلْ، كَانَ لِي عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مَالٌ، فَأَتَيْتُ أَهْلَهُ فَسَلَّمْتُ، فَقُلْتُ: ثَمَّ هُوَ؟يعني:أين هو يعني:هل هو في البيت قَالُوا: لَا فَخَرَجَ عَلَيَّ ابْنٌ لَهُ فَقُلْتُ له: أَيْنَ أَبُوكَ؟ قَالَ: سَمِعَ صَوْتَكَ فَدَخَلَ أَرِيكَةَ أُمِّي. فَقُلْتُ: اخْرُجْ إِلَيَّ فَقَدْ عَلِمْتُ أَيْنَ أَنْتَ، فَخَرَجَ، فَقُلْتُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنِ اخْتَبَأْتَ مِنِّي؟ قَالَ: أَنَا وَاللَّهِ أُحَدِّثُكَ ثُمَّ لَا أَكْذِبُكَ، خَشِيْتُ وَاللَّهِ أَنْ أُحَدِّثَكَ فَأَكْذِبَكَ، وَأَنْ أَعِدَكَ فَأُخْلِفَكَ، وكنت صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكنت والله مُعْسِرًا قَالَ: قُلْتُ: آللَّهِ؟ قَالَ: اللهِ. قلتُ: آللَّهِ، قَالَ: اللهِ. قلتُ: آللَّهِ؟ قَالَ: اللَّهِ. قَالَ: فَأَتَى بِصَحِيفَتِهِ فَمَحَاهَا بِيَدِهِ، فَقَالَ: إِنْ وَجَدْتَ قَضَاءً فَاقْضِنِي، وَإِلَّا فَأَنْتَ فِي حَلٍّ أي:أتجاوز عنك هذا الدين، فَأَشْهَدُ أن بَصَرَ عَيْنَيَّ هَاتَيْنِ وَسَمِعَ أُذُنَيَّ هَاتَيْنِ، وَوَعَاهُ قَلْبِي هَذَا أَنْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا، أَوْ وَضَعَ عَنْهُ أي:تجاوز عنه وأسقط عنه هذا الدين أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ).
وإذا كانَ رَجلٌ لم يعملْ خيراً قطْ قالَ لربِّه: لا أعلمُ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا، إلا أني كُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ [يعني:أُقرض الناس] فَآمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا الْمُعْسِرَ وَيَتَجَاوَّزُوا عَنه، قَالَ اللَّهُ تعالى: تَجَاوَّزُوا عَنْهُ، فكيفَ بكَ - يا عبد الله - إذا فعلتها وأنتَ قد جئتَ بالباقياتِ الصَّالحاتِ.

فاللهم فرج هم المهمومين ونفس كرب المكروبين واقض الدين عن المدينين إنك على كل شيء قدير وبالإجابة أهلٌ وجدير.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
_______________________________
وفرغه: أبو الرميصاء مصطفى قلي

رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013