أشد ما صنعه المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم
وقال البخاري : حدثنا عياش بن الوليد، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثني الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن إبراهيم التيمي، حدثني عروة بن الزبير .
سألت ابن العاص فقلت : أخبرني بأشد شيء صنعه المشركون برسول الله ؟
تابعه ابن إسحاق قال : أخبرني يحيى بن عروة ، عن أبيه قال : قلت لعبد الله بن عمرو .
وقال : عبدة ، عن هشام ، عن أبيه قال : قيل لعمرو بن لعاص .
وقال : محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، حدثني عمرو بن العاص .(ج/ص : 3/ 61) .
قال البيهقي : وكذلك رواه سليمان بن بلال ، عن هشام بن عروة ، كما رواه عبدة .
انفرد به البخاري.
وقد رواه في أماكن من (صحيحه) ، وصرَّح في بعضها بعبد الله بن عمرو بن العاص ، وهو أشبه لرواية عروة عنه ، وكونه عن عمرو أشبه لتقدم هذه القصة .
وقد روى البيهقي ، عن الحاكم ، عن الأصم ، عن أحمد بن عبد الجبار، عن يونس، عن محمد بن إسحاق : حدثني يحيى بن عروة، عن أبيه عروة .
قال : قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص : ما أكثر ما رأيت قريشاً أصابت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كانت تظهره من عداوته ؟
فقال : لقد رأيتهم وقد اجتمع أشرافهم يوماً في الحجر، فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقالوا : ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قط ، سفَّه أحلامنا، وشتم آباءنا ، وعاب ديننا ، وفرق جماعتنا ، وسب آلهتنا ، وصرنا منه على أمر عظيم - أو كما قال - قال : فبينما هم في ذلك ، طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل يمشي، حتى استلم الركن ، ثم مرَّ بهم طائفاً بالبيت فغمزوه ببعض القول ، فعرفت ذلك في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمضى .
فلما مرَّ بهم الثانية ، غمزوه بمثلها، فعرفتها في وجهه ، فمضى فمرَّبهم الثالثة ، فغمزوه بمثلها .
فقال : (( أتسمعون يا معشر قريش ؟ أما والذي نفسي بيده لقدجئتكم بالذبح )) .
فأخذت القوم كلمته حتى ما منهم من رجل إلا وكأنما على رأسه طائر وقع حتى أن أشدهم فيه وصاة قبل ذلك ليرفؤه أحسن ما يجد من القول ، حتى إنه ليقول : انصرف أبا القاسم راشداً، فما كنت بجهول .
فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا كان الغد اجتمعوا في الحجر وأنا معهم ، فقال بعضهم لبعض : ذكرتم ما بلغ منكم وما بلغكم عنه ، حتى إذا بادأكم بما تكرهون تركتموه .
فبينما هم على ذلك طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوثبوا إليه وثبة رجل واحد ، فأحاطوا به يقولون : أنت الذي تقول كذا وكذا ؟
لما كان يبلغهم من عيب آلهتهم ودينهم .
فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( نعم أنا الذي أقول ذلك )) ولقد رأيت رجلاً منهم أخذ بمجامع ردائه ، وقام أبو بكر يبكى دونه ويقول : ويلكم (( أتقتلون رجلاً يقول ربي الله)) ثم انصرفوا عنه .
فإن ذلك لأكبر ما رأيت قريشاً بلغت منه قط . (ج/ص: 3/ 62) .
البداية والنهاية
ابن كثير