منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام » ركن الخطب المنبريّة والدروس العلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 Sep 2012, 10:15 PM
أبو نعيم إحسان أبو نعيم إحسان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 1,898
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو نعيم إحسان
افتراضي محاضرات ملتقى سيرة خلفاء سيد المرسلين بجامع الأمير فيصل بن فهد للمشايخ الكبار


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله؛ أما بعد:

فيسرني أن أرفع صوتيات الملتقى المقام حاليا بالمملكة و الذي يشارك فيه كبار العلماء بعنوان " ملتقى سيرة خلفاء سيد المرسلين"

و هذا جدول المحاضرات المتبقية، و في المشاركات الآتية سأضع المحاضرات التي تُلقى -صوتية و مفرغة- في يومها إن شاء الله تعالى


الاثنين 08 ذو القعدة : مكانة الخلفاء -رضي الله عنهم- و حكم تمثيلهم؛ للعلامة صالح اللحيدان -حفظه الله-

الثلاثاء 09 /11 : أصحاب الرسول و الواجب لهم على الأمة، لفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك -حفظه الله-

الأربعاء 10 /11: عقيدة أهل السنة في الخلفاء الراشدين -رضي الله عنهم-، لفضيلة الشيخ عبد العزيز الراجحي -حفظه الله-

الخميس 11 /11: سيرة الخليفتين أبي بكر الصديق و عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-، لمعالي الشيخ صالح بن حميد -حفظه الله-

كل المحاضرات تكون بعد صلاة المغرب بتوقيت المملكة، و يكون البث المباشر عبر الموقع الرسمي للملتقى http://www.kholfa.af.org.sa/

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23 Sep 2012, 10:18 PM
أبو نعيم إحسان أبو نعيم إحسان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 1,898
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو نعيم إحسان
افتراضي

عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين
لسماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ -حفظ الله-


بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صلى وسلم وبارك على سيد ولد آدم سيد الأولين والآخرين محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه أبداً دائما إلى يوم الدين وبعد:
إن الله جل وعلا خلق الخلق لعبادته: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ)، ولما خلقهم لهذه العبادة وجعلها العلة في خلقهم أرسل الرسل إليهم ليُضحوا عبادة الله ويقيموا حجة الله قال جلَّ وعلا: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)، وأخبرنا تعالى الرسل جميعاً دعوتهم واحدة دعوة إلى توحيد الله، وإخلاص الدين لله: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ)، بعث الله الرسل مبشرين ومنذرين ليقوموا حجة الله على العباد:(رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لأَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)، وهؤلاء الرسل متفاوتون في الفضل قال الله جلَّ وعلا: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ)، واختار الله أولي العزم منهم وهم نوح عليه السلام وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم، هؤلاء أولوا العزم من الرسل قال جل وعلا: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنْ الرُّسُلِ)، فهؤلاء أفضل الأنبياء على الإطلاق نوح عليه السلام وإبراهيم الخليل، وموسى وعيسى وسيدهم وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم، اختار الله الخليلين إبراهيم ومحمداً صلى الله عليه وسلم، ثم اختار محمداً صلى الله عليه وسلم فجعله أفضل الأنبياء، وجعله سيد ولد آدم صلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين، بعثه الله رحمةً للعالمين: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)، فهو رحمة للأرض كلهم جميعا، لأنه لما بعث وكان في الأرض ملل متصارعة كل ملة تقضي على الأخرى إذا ظفرت بها ،والناس في ضلال وجهل ومصائب عظيمة، الأرض طبقها جهل عظيم وضلال مبين، فبعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم على حين فترة من الرسل، وندراس من العلم والهدى بعثه بهذه الملة الحنيفية الخالصةً لله جل وعلا، وأمتن الله على بعثته فقال جل وعلا: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)، إنها منة كبرى، ونعمة عظيمة من الله، أن بعث فينا محمداً صلى الله عليه وسلم، لقد كان الناس في ضلال وظلمات الجهل بعضها فوق بعض: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)، كانوا غارقين في جهلاتهم، غارقين في ضلالاتهم، متفاوتين في معبوداتهم، يعبدون الأشجار والأحجار والجنَّ والملائكة وكل ضلال يعلق في نفوسهم، فجاء الله بهذا النبي الكريم ليرحم به أهل الأرض رحمةً واسعة، فمن تبعه واقتبس سنته، وعمل بشريعته، فإنه رحمة له في الدنيا والآخرة، ومن خضع لحكمه ولم ينقد لشريعته لكنه خضع لحكمه فقد رحمه بحقن دمه، وحفظ ماله وعرضه قال جلَّ وعلا: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)، وقال في الحج: (وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنْ الضَّالِّينَ)، فهذه نعمة من الله على العباد مبعث محمد صلى الله عليه وسلم، هذا النبي الكريم، الذي منَّ الله ببعثته، وهدانا الله على يده وجعله سببا لكل خير لنا من رب العالمين صلوات الله وسلامه عليه، له على أمته حقوق متعددة وواجبات متعددة، فأعظم حق له علينا أن نؤمن به ونصدق رسالته، ونعتقد حقا أنه رسول الله وخاتم أنبياء الله ورسُله، لا نبيا بعده ولا شريعةً بعد شريعته: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ)، فهو آخر خاتم جميع الأنبياء، فلا نبياً بعد نبوته، ولا شريعةً بعد شريعته، لأن شريعته أكمل الشرائع: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً)، ولأن الشرائع السابقة قد حرفت وبدلت وغيرت فيها ونقص فيها فلم تؤدي غرضها، فجاء هذا الدين كامل من كل أحوله ليكون منهاجاً للناس في هذه الحياة، فأكلمه الله وأتمه ورضي له دينا: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً)، فلما أكمل هذا الدين جعله نعمة علينا من نعم الله علينا، فما أنعم الله من نعمة أعظم من مبعث هذا النبي صلوات الله وسلامه عليه، وصفه الله بأنه رحيم بهم يعزوا عليهم: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)، فهو يحرص على هداية الخلق، عزيز عليهم ما عنتم قال جل وعلا: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ)، فمن حقه علينا أن نتبعه ونصدق به، أنه رسول الله حقا، جاءنا من عند الله بالهدى ودين الحق، وأنه رسولنا إلى قيام لساعة، فمنذ أن بعث إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، فهو نبيها صلوا ت الله وسلامه عليه، لقد كان الرسل قبل محمد كل رسول يخص بدعوته لقومه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وَكَانَ النَّبِىُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً ، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً"، كل النبي لقومه ومحيطه أما هو صلى الله عليه وسلم فمبعوث لجميع الثقلين الجن والإنس منذ بعث إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، يقول صلى الله عليه وسلم: "لاَ يَسْمَعُ بي يَهُودِي وَلاَ نَصْرَانِي مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ ثُمَّ لا يُؤْمِنْ بي إِلاَّ دخل النَّارِ"، فمسمى الإسلام كان يطلق قبل الإسلام على اتباع الأنبياء، وبعد بعثت النبي صلى الله عليه وسلم اختص الإسلام بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم قال الله جل وعلا: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ)، وقال: (أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ)، فالدين الحق، والدين الصدق هو الذي بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم، شرائع الأنبياء حق وصدق ونؤمن بها لكنها انتهى دورها بانتهاء أهلها، أما هذا النبي الكريم فشريته للثقلين الجن والإنس عامة وشاملة، وقد أوجب الله على أهل الأرض اتباع هذا النبي الكريم الانقياد له قال تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ)، وقال: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)، فهو مبعوث لكل الخلق جميعا جِنَّهِم وإنَّسهم، من حقه علينا صلى الله عليه وسلم أن ننصره ونذب عن شريعته ونحميها ونصونها عن كل ما علق فيها قال جل وعلا: (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ)، فتباعه وعزره والدفاع عن سنته وعن ذاته الكريمة، خلق أهل الإيمان، فالذب عن سنته وحميتها من قدح القادحين، وكراهية الكارهين، أمر مطلوب من المسلم على قدر استطاعته، ومن حقه علينا صلى الله عليه وسلم أن نحبه المحبةً الصادقة، محبةً فوق محبة النفس والولد والوالد والناس أجمعين، فمحبته صلى الله عليه وسلم أصلها أساس الإيمان، وكمالها أن تحبه محبة فوق محبة الأهل والنفس والولد والوالد والناس أجمعين يقول صلى الله عليه وسلم: "لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ"، والله جل وعلا يقول: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ)، فعلامة محبته صلى الله عليه وسلم إنما تكون باتباع سنته والعمل بشريعته وتطبيقها في كل قليل وكثير قال الله جل وعلا: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً)، فامتحن الله من أدعى محبته باتباع هذا النبي صلى الله عليه وسلم، فمن أدعى محبة الله لابد ان يطبقها على أرض الواقع بأن يتبع محمداً صلى الله عليه وسلم ليبرهن أن محبته محبةً صادقة لا محبة إدعاء وافتراء، فالكل يدعي المحبة ولهذا امتحنهم الله بقوله: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، قال رجل يا رسول الله: إني أذكرك فلا استقر في بيتي حتى أراك ولكن إذا ذكرت بعد الموت وعلوا منزلنا حتى حزنت على ذلك فأنزل الله: (وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً)، محبته صلى الله عليه وسلم يبينها واقع الإنسان من اتباع سنته والعمل بشريعته وتطبيقها التطبيق التام، فعلى تطبيق السنة وعملك بها والتزامك بها تكون محبتك الصادقة لمحمد صلى الله عليه وسلم، ومن حقه علينا صلى الله عليه وسلم أن نحكم سنته ونتحاكم إليها ونرضى بحكمه ونسلم وننقاد ولا يكون في صدورنا حرج ولا ضيق بل نحكم السنة ونتحاكم إليها ونحكمها على أنفسنا ونرضى بها ولا يكون في صدورنا حرج ولا مشقة؛ بل تنشرح صدورنا بذلك: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)، (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ) أي في الخلافة بينهم وما تنازعوا فيه قال جل وعلا: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)، فمن حقه علينا أن نحكم سنته ونتحاكم فيها ثم نرضى بحكم ذلك، ونطمئن بذلك وتنشرح صدورنا بذلك، ولا يكن تردد ولا توقف ولا شك ولا ارتياب؛ بل نعلم أن حكمه الحكم العادل وقضاه هو الحق لأن: (وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى)، ومن حقه علينا أن نخضع أهوائنا ومرادنا لسنته صلى الله عليه وسلم، يقول صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به"، فيكون هوى الإنسان تابعا لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، لا يكون هوا غير ذلك؛ بل هواه وميوله ومراده خاضع لهذه السنة فما قاله صلى الله عليه وسلم فهو حق وهو عدل وما أمر به فهو واجب الأمر، ومن حقه علينا صلى الله عليه وسلم أن نقبل سنته ولا نردها للأهواء قال جل وعلا: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)، فإذا قضى الله أمرا أو رسوله ما في تخير؛ بل عندنا الالتزام والاستجابة والسمع والطاعة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ)، فالواجب علينا أن نقبل قوله ولا تكون خيرة في ذلك؛ بل نعلم أن قوله حق وحكمه العدل لا شك ولا ارتياب عند المسلم في ذلك، ولها كان الصحابة رضي الله عنهم أحرص الناس على تطبيق هذه السنة حدث عبدالله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا استأذنت أحدكم على امرأته المسجد فلا تمنعها"، فقال ابن عبدالله: والله لأمنعهم، غيرة لله وخوفاً على النساء، قال عبدالله: أقول لك قال رسول الله وأنت تقول لأمنعهم، والله لا أكلمك أبدا، وإن كان قصده غيرة لكن لا يريد أن يقابل السنة برفضها وردها لا؛ بل يستجيب ويطيع ولو عبر بأخرى لكان أولى، وما قال أحد الصحابة لابنه إن النبي منع الخذف وقال: إنه يفقه العين ويقهر السن ولا يقتل صيدا ولا يكون عدوا، فخذف ابنه بالحصاة فقال: أحدثك عن رسول الله وتعلم خلاف والله لا أكلمك أبدا، كل ذلك حرصا منهم على تطبيق السنة والمحافظة عليها والخضوع لها والاستسلام لها، وأن لا نقد رأي عليها، قال رجل لابن عمر رضي الله عنهما إنك تأمر بالحج وإن أباك ينهى عنها، قال: أسنة رسول الله أحق أن تتبع أو عمر، وقال عباس رضي الله عنهما لما أمر بالمتعة ورغب بالحج فقال: إن السنة وعرض من عرض يوشك أن يوقع عليكم حجارة من السماء أقول قال رسول الله وتقولون قال أبو بكر وعمر، فإذا كان أبو بكر وعمر لا يقدمون على السنة فكيف بتقديم من دونهم وسواهما أضعاف أضعاف، إذا فمن حقه علينا أن نقدم سنته وحكمه على حكم أي حاكم ورأي أي رأي نطرح الأراء والأهواء إذا خالفت السنة لأنها الميزان العادل، فكل قول أو رأي يعرض على الكتاب والسنة فما وافق الكتاب والسنة فهو الحق المقبول وما خالفه فهو الباطل المردود مهما قال قائله ومهما كان منسب إليه.
أيها المسلم، إن السنة يجب العمل بها وتطبيقها نهى النبي رجل يأكل بشماله قال:" كُلْ بِيَمِينِكَ". قَالَ لاَ أَسْتَطِيعُ قَالَ: "لاَ اسْتَطَعْتَ، مَا مَنَعَهُ إِلاَّ الْكِبْرُ"، قال بعضهم: ما رفع يديه اليمنى قط، لأن رد السنة قال: لا استطعت لأنه لم يأكل بيمنه أكل بشماله، قال: لا استطعت قال فما رفع إلا عوقب والعياذ بالله بأن شلت يمنه حتى لا يرفع إلا فيَّه، عقوبة عاجلة لمن خالف السنة وتكبر عليها وردها، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الكبر قال:" الكبر بطر الحق وغمط الناس" فالكبر مذموم أن تبطر الحق وترده ولا تقبله وتقد على أي رأي أو هوى، فلواجب على المسلم أن يؤمن برسول الله أن يقبل قوله وأن يحكمه على نفسه ويقول سمعنا وأطعنا، أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم: (إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ)، فجاء الصحابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: كلفنا من العمل ما نطيق الصلاة والصيام وقد أنزل الله عليك آية، قال:" ما هي؟" قال: (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ)، قال: "أتريدون أن تقول سمعنا وعصينا، قولوا سمعنا وأطعنا"، فلما اقترأها القوم وذلت به ألسنتهم، قال الله بقوله: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا) الآية.
أيها المسلم، ومن حقه علينا صلى الله عليه وسلم أن نصليه ونسلم عليه دائما أبدا إلى يوم الدين، فإن الصلاة عليها عبادة وطاعة لله يقول الله جل وعلا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)، ويقول صلى اله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بها عَشْرًا"، الذي يتبع سنته وينصرها ويعليها ويرفعها لابد أن ينال الخير في الدنيا والآخرة، والذي يذل سنته أو يسخر بها أو يسيء الظن بها فلابد أن يبتره الله في الدنيا والآخرة: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ)، فالمبغض للسنة والمعادي لها والكاره لها لابد أن يعاقب والعياذ بالله لأن هذا دليل على عدم الإيمان الصادق بمحمد صلى الله عليه وسلم ولذا قال: (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ)، ورسول الله صلى الله عليه وسلم محبته ونصرته يدين الله به.
أيها الأخوة، ما يخفى على الجميع ما حصل من قيل وقال، وما تفوت ألسنة الحاقدين والكارهين له صلى الله عله وسلم من حقد دفين وغل في نفوسهم حيث طعنوا في هذا الرسول الكريم وصوروا صورا قبيحة ولمزا بها ونسبوا إليه وافتروا عليه ما افتروا لاشك أن هذا ليس بغريب فأعداءه صلى الله عليه وسلم دائما كذا، في عهد قالوا: ساحر، قالوا: مجنون، قالوا: كذاب، قالوا: مفتر، قالوا ما قالوا ولكنها قول ولله الحمد كلها ضلال وباطل فهذه الدعاية المظللة من هنا وهناك يقصد بها أولا: الإساءة للمسلمين، وإلحاق الضرر بهم، الحط من قدر الإسلام، لما رأوا الإسلام في تقدم وانتشار وعز وأن الدخول فيه كثير وأن هذا الدين اكتسح كثير من العالم، وأصبح السنة واضحة، وأصبح الحق واضحاً، أرادوا صرف الناس عن هذا الحق بما فعلوه وبما قالوا، ولكنها ولله الحمد لا تؤثر على الجانب النبوي ولا تنقص من قدره ولا تؤذي المسلم، المسلم يعلم أن هذا غيظ من فيض والله يقول: (قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ)، يعني أن هؤلاء ما ظهر من ألستتهم قليل وفيض من غيظ، وما يكون من بغض لهذا النبي الكريم وكرية له ليس بهذا بأمر خافي، والله جل وعلا قال عن كفار قريش: (فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ)، فالمسلم موقفه من هذه الأمور أن يعلن السنة ويرد على هذه المقالات الباطلة بمناقشة هادفة يدحض بها حجج المبطلين وأراء الكذابين بالحق المبين بدون أي أمور تخل وإنما ينشر السنة ويعليها ويظهرها تبينا للحق ودحضاً للباطل.
أيها المسلم، إن محمداً صلى الله عليه وسلم أكمل الحقل على الإطلاق قال الله جل وعلا: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، فخلقه عظيم، خلق عظمه الله ووصفه بأنه عظيم، فخلقه وسيرته في نفسه، سيرته مع أصحابه، سيرته مع أهل بيته، سيرته مع عماله، سيرته مع كل من تعامل معه، هي السيرة الكاملة الحياة الطيبة صلوات الله وسلامه عليه، فعلى المسلم حقا أن يؤمن به، ويصدق به ويسأل الله الثبات على هذا الدين والاستقامة على هذه الشريعة والثبات عليها.
أيها الأخوة، نحن في زمن كثر فيها المغريات ومضلات الفتن والمصائب العظيمة، من قنوات فاسدة ودعايات مظللة، ومواقع إجرامية، تحمل في طياتها كل البلاء، وكل الشر، وكل العداء لهذا الدين وأخلاقه وقيمه؛ ولكن على المسلم أن يجتنب هذه المواقف قدر ما يستطيع وأن لا ينظر إليها لأن في النظر إليها شبها عظيمة قد تنقد شبهة في قلبه يعجز عن ردها وإلا فيها في ضلال، ويجب الحذر منها ورد هذا الباطل ودحض هذه الحجج الباطلة بأسلوب مؤثر مبني على الحق لا تشنج؛ ولكن بأسلوب جيد مبني على حقائق ليرد بها الباطل ليدحض بها الباطل الذي نسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى سنته، إن تمسكنا بسنته وعملنا بها وتحكيمنا بها والرضا بأحكامها هو من أقوى الأسباب لدحض المبطلين، الذين ربما لما رأوا بعض المسلمين قد أخلوا بهذه السنة النبوية طعنوا في الدين من باب إهانة بالمسلمين والحط من قدر هذه النبي الكريم؛ لكن موقف الإسلام من بين أمرهم يرون الحق باطلا ويرون الباطل حقا، يدحضون الباطل بالحق: (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً)، فالحق يعلا ولا يعلى عليه، لكن بأمس الحاجة إلى رجل صادقين فيما يقولون وفيما يكتبون، لأن الصدق والإخلاص من أسباب نصر هذه الدين، والذب عنه، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أنصار دينه.
إن محبة المسلم لرسول الله تكون في جميع شؤون حياته، في أكله، في شربه، في نومه، في يقظته، في جميع أحواله، يطبق السنة على قدر ما يستطيع ويعمل بها ويؤمن بها ويطبق آدابها ويتلقها بالقبول، ويعلم أنها حق، شهد رجل يغطى رجل بكيس فقال: يا رجل ما لك؟، قال: إني بلغت السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول رأسه رأس حمار"، وكأني سخرت بهذا فعقبت بأن حول رأسي إلى رأس حمار، لأن مخالف السنة مصيبة، السنة إن عملت أجرت، إن تركتها قصرت؛ لكن السخرية بها والاستهزاء بها وتنقصها وعدم الإتيان بها هذه مصيبة عظيمة، فعلى المسلم أن يعلم السنة ويعمل بها وإن لم يعمل فليتقي الله وإياه أن يسخر بها أو يستهزئوا بها أو يحط من قدرها، لان الاستهزاء بها ضلال قال الله جل وعلا: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ* لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ)، فالذين استهزئوا بهذا النبي وقالوا عنه ما قالوا من أصحابه كفرهم الله إيمانا، وبعد هذه الاستهزاء والسخرية كفروا بذلك، بأن سب هذا الكريم ردة على الإسلام؛ بل يرى بعض العلماء أن هذا الساب لرسوله لا يقبل توبته يقتل فورا لأنها حق لرسول الله لو كان في حياته له الحق أن يتنازل؛ لكن بعد موته حقه أن ينفذوه ليقيموا الحجة على العباد لأن هذا النبي نبي أمة أشرف الخلق وأفضله، فلا يجوز النيل منه صلى الله عليه وسلم؛ بل يجب احترام سنته واحترام ذاته، نحن لا نغلوا في غلو النصارى، نحبه ونجله ونواليه صلى الله عليه وسلم؛ لكنها محبةً إيمانية، أما أولئك الذين يغلون في ذاته ويطرينه كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم هذا خلاف أمر الشرع، يقول صلى الله عليه وسلم: " لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ"، ويقول صلى الله عليه وسلم: "لا تتخذوا القبور ولا تتخذوا قبري عيدا"، وقال: "صلوا علي فإن صلاتكم تبلغون أينما كنتم"، وقال: "إن لله ملائكة سياحين يبلغون عن أمتي السلام"، فمن صلى عليه في شرقها أو غربها بلغوه الله بلاغ المصلي عليه صلوات الله وسلماه عليه أبدا دائما إلى يوم الدين، والمسلم يؤمن به، ويرجو من الله أن يكون معه في دار كرامته، وان يشرب حوضه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، لأن المسلم كلما عظم السنة في نفسه وقام بها تقربا واحتسابا لله فإن الله يثيبه على العمل بالسنة وإحياءها خيرا كثير، فينال خير كثير، يقوى إيمانه ويقوى يقينه، فنسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، وصلى الله وسلم على محمد.




لتحميل الصوتية
http://www.kholfa.af.org.sa/sites/de...--14331106.mp3
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23 Sep 2012, 10:20 PM
أبو نعيم إحسان أبو نعيم إحسان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 1,898
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو نعيم إحسان
افتراضي

سيرة الخليفتين عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما، للعلامة صالح الفوزان -حفظه الله-


سيرة الخليفتين عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، ورضي الله عن خلفائه الراشدين الأئمة المهدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين.
أيها الأخوة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
الموضوع لاشك موضوع مهم جدا، لاسيما ما يتعلق بالخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم قال الله سبحانه وتعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)، وقال سبحانه: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، إن الصحابة لهم فضل عظيم لما خصهم الله به من صحبة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وتعلمهم منه، وجهادهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثناء الله عليهم وثناء الرسول عليهم، حتى قال صلى الله عليه وسلم:"لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَو الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ"، والصحابة جمع صحابي، والصحابي هو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على ذلك، هذا هو تعريف الصحابي، الصحابة يشتركون في فضل الصحبة التي لا يساويهم فيها أحد من الأمة، ولكنهم يتفاضلون فيما بينهم فأفضلهم الخلفاء الراشدون ثم بقية العشرة المبشرين بالجنَّة، ثم هم يتفاضلون فيما بعد ذلك، والله فضل بعضهم على بعض بما فعلوا وبما قدموا للإسلام والمسلمين، والخلفاء الراشدون هم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم وأرضاهم، والنبي صلى الله عليه وسلم أثناء عليهم خصوصا لقوله صلى الله عليه وسلم: "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ من بعدي تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ" هؤلاء هم الخلفاء الراشدون، أفضلهم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي على هذا أجمع المسلمون في هذا الترتيب في الفضيلة وإن كان حصل خلاف في علي وعثمان، أيهما أفضل؟ ولكن الراجح أن عثمان أفضل رضي الله عنهما جميعا، لأمور كثيرة، وأما في الخلافة فلاشك أنهم على هذا الترتيب أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فمن طعن في خلافة واحد من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله، لأن المسلمين أجمعوا على ترتيبهم في الخلافة، لا أحد يشك في هذا الترتيب، الذي أجمع عليه الصحابة وأجمع عليه من بعدهم من هذه الأمة.
الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه:
هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي رضي الله تعالى عنه وأرضاه، أسلم قديماً فهو من السابقين الأولين، السابقين إلى الإسلام فهو أسلم قديماً، وهاجر الهجرتين الهجرة إلى الحبشة لما ضايقهم المشركون في مكة أذن لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى الحبشة فرارا بدينهم عند النجاشي ملك الحبشة وكان رجلاً لا يظلم أحد عنده كما قال الرسول الله صلى الله عليه وسلم، فهاجروا بزوجاتهم وأهليهم إلى الحبشة فرارا بدينهم، ثم هاجر رضي الله عنه مع المهاجرين الهجرة الثانية قيل المدينة النبوية، تزوج بنتي الرسول الله صلى الله عليه وسلم رقية وأم كلثوم كلتهما توفيتا معه وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "لو كان لي ابنة ثالثة لزوجتك إياها"، ولهذا يسمى ذو النورين لأنه تزوج بنتي الرسول الله صلى الله عليه وسلم.
من فضائله رضي الله عنه: أنه جهز جيش العسرة في غزوة تبوك، لما أحتاج المسلمون إلى من يجهزهم في الغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه رضي الله عنه جهز ثلاثمائة بعير بما يلزمها من عتاد وغير ذلك من ماله الخاص، وأتى بألف دينار من الذهب فوضعها في يدي النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها ويقول: "ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم"، ولما قتل عمر رضي الله عنه قتله المجوسي أبو لؤلؤة المجوسي غدراً وهو يصلي بالمسلمين صلاة الفجر، عند ذلك لما أحس بالوفاة رضي الله عنه فقيل له: أوصي يا أمير المؤمنين عهد إلى ستة من بقية العشرة المبشرين بالجنة، عهد إليهم أن يختاروا خليفة من بعده للمسلمين، وهم عثمان وعلي وطلحة والزبير، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم، تشاور هؤلاء الستة فيما بينهم فيمن يتولى منهم الخلافة، تشاوروا فيما بينهم ووقع اختيارهم على عثمان رضي الله عنه لأنه هو أفضلهم، فبايعوه بالخلافة وتتابع المسلمون بعدهم على مبايعته رضي الله عنه فكانت خلافته بإجماع من أصحاب الشورى الستة، بمبايعة بقية الأمة له يعني أهل الحل والعقد بايعوه رضي الله عنه فتمت بيعته وصار خليفة المسلمين الثالث، وسار على سيرة من سبقه من الصحابة.
ومن فضائله رضي الله عنه أنه جمع المسلمين على مصحف واحد يسمى بالمصحف العثماني، وذلك لأن الصحابة تفرقوا في الأمصار، وكل واحد منهم معه مصحف كتبه خاصا به وكانوا مختلفين في القراءات كل يقرأ بما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم اختلاف في القراءات، وعند ذلك أدرك حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أدرك هذا الاختلاف في قراءة القرآن بين الصحابة، وهذا الاختلاف في المصاحف التي معهم، فخشي على الأمة أن تختلف في القرآن، فجاء إلى عثمان رضي الله عنه فقال له: أدرك الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى، فجمعهم عثمان رضي الله عنه على مصحف واحد يوافق العرضة الأخيرة التي عرضها جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم والتي هي على لغة قريش، التي نزل القرآن بها، فأمر زيد بن ثابت وجماعة معه من الثقات صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتبوا المصحف العثماني على الرسم المعهود الآن، وأمر ببقية المصاحف فحرقت وبقي هذا المصحف الذي هو مصحف المسلمين إلى اليوم وإلى ما شاء الله عز وجل، فجمع الأمة على مصحف واحد خشية التفرق بينهم فهذا من فضائله رضي الله تعالى عنه ومن مشاريعه العظيمة، هذا بعض مناقب عثمان رضي الله عنه، وسار بالمسلمين السيرة الحسنة، وتوسعت المملكة الإسلامية في عهد، انتشرت الفتوحات، وفاضة الأموال، فغاظ ذلك اليهود، غاظ اليهود انتشار الإسلام: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)، فدسوا على المسلمين واحداً منهم يقال له عبدالله بن سبأ اليهودي، أظهر الإسلام خدعة تظاهر بالإسلام فجاء إلى المدينة، فجعل يشكك المسلمين في أمر عثمان ويلتمس له المعايب، فلما انتبه له هرب عن المدينة إلى بلاد أخرى، وصار ينشر رأيه الفاسد، ويشكك في خلافة عثمان وفي تصرفاته، ويثير المسلمين عليه، فاجتمع عليه أهل الفتنة من صغار السن، ومن الجهال ومن الحاقدين اجتمعوا عليه، ثم جاءوا إلى عثمان رضي الله عنه يريدون التفاوض معه في الظاهر، في الأمور التي انتقدوه عليه، فحاصروا بيته على أنهم يريدون التفاوض معه هذا ظاهرهم، وهم يضمرون غير هذا يضمرون قتل عثمان رضي الله عنه، فلما صار في الليل إحدى الليالي تسوروا عليه بيته فقتلوه رضي الله عنه شهيدا، قتلوه شهيدا وصبر رضي الله عنه على الفتنة ولقي ربه راضياً مرضياً شهيداً في سبيل الله، اختار الله له ما عنده، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن مقتله، فأخبر عن هذه الفتنة حين بشره بالجنة، فقال له: "على بلوى تصيبك"، أخبره أنه سيبتلى فوقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم فقتل شهيدا رضي الله عنه مغدوراً به، والمسلمون في الحج يعني اختاروا هذا الوقت وقت ذهاب المسلمين للحج ليغدروا بأمير المؤمنين نفذا قضاء الله وقدره واختار الله له الشهادة في سبيله، بقي المسلمون بلا خليفة، وكانوا يريدون من علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يتولى بعد عثمان ولكن علياً تهرب منهم وآباء أن يقبل، فألحوا عليه مع بعض كبار الصحابة لما رأوا أن الخليفة قتل فتداركوا الأمر وأشاروا على علياً رضي الله عنه بالالتزام هذا الأمر إنقاذا للمسلمين من هذه الفتنة، فقبل رضي الله عنه البيعة، بايعوه بعد عثمان رضي الله عنه وصار هو الخليفة الراشد الأخير من الخلفاء الراشدين، ولكن بقية أمامه مشكلتان: المشكلة الأولى: الذين يطالبون بدم عثمان ويطالبون القصاص من القتلة، وقال لهم رضي الله عنه: إن هؤلاء لهم قبائل ولهم يتبعهم ناس، ولا يقدر على أنه يعني يقدمهم للقصاص لأن وراءهم من وراءهم من القبائل ومن الأتباع، فحصل ما حصل بينه وبين أهل الشام بقيادة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه يطالبون بدم عثمان، يطالبون بالقصاص، فحصلت وقعت صفين بين علي وبين أهل الشام بقيادة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، لا يريدون الطعن في خلافة علي، ولكن يريدون القصاص من الظلمة الذين قتلوا أمير المؤمنين رضي الله عنه، هكذا الأمر فدارت المعركة بينهم بين أهل الشام وبين جيش علي رضي الله عنه وصارت الغلبة لعلي رضي الله عنه، عند ذلك أهل الشام رفعوا المصاحف على الرماح وطلبوا التحكيم بينهم وبين علي، فعلي رضي الله عنه أدرك أن هذه خدعة فلم يقبل؛ ولكن في جيشه من انخدع بهذه الخدعة، فألزموا علياً رضي الله بقبول التحكيم، فحصل التحكيم، عند ذلك ظهرت الخوارج هذه المشكلة الثانية، ظهرت الخوارج الذين يكفرون علياً ويقولون أنه حكم الرجال والله جل وعلا يقول: (إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ) وأنت حكمة الرجال فكفروا علياً رضي الله عنه، خرجوا عليه وشقوا عصا الطاعة فسموا بالخوارج، وكانوا عددا كثيرا تجمعوا وتألبوا في مكان يقال له حرورا يسمون بالحرورية، لأنهم اجتمعوا في مكان يسمى حرورا تجمعوا على قتال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وكانوا من أشد الناس عبادةً وتلاوةً للقرآن وصياماً؛ ولكنهم جهال بأمور الدين لم يأخذوا العلم عن العلماء، إنما أخذوه من أنفسهم ومن بعضهم مع بعض، حملهم التشدد والجهل على الخروج على أمير المؤمنين وشق عصا الطاعة، فانتدب لهم ابن عمه عبدالله بن عباس رضي الله عنه حبر الأمة، فناظرهم ناظرهم وأجاب عن شبهاتهم رجع منهم عدد كثيرا وأصر البقية الكثيرة على القتال وعلى ما هم عليه، عند ذلك قاتلهم علي رضي الله عنه في وقعت النهروان فنصره الله عليهم، وقتل منهم مقتل عظيمة، قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن مقتل الخوارج وعن الذي يقتلهم وأن له الجنة، فعلي رضي الله عنه لما انتهت المعركة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر أن فيهم رجلاً صفته كذا وكذا له ثدي كثدي المرأة، فأرسل علي رضي الله عنه من يتفحص القتلى فوجدوا هذا الرجل الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم فتحققت بذلك بشارة النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب أنه هو الذي يقتل هذه الفئة الضالة الباغية الخوارج فهذه من فضائله رضي الله عنه.
الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
هو علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف، ابن عم الرسول الله صلى الله عليه وسلم تربى عند الرسول صلى الله عليه وسلم لأن أبا طالب كان فقيراً فضمه النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته ورباه رضي الله عنه، فتربى في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم وهذه من فضائله أيضاً، وهو أول من أسلم من الصبيان علي بن أبي طالب، وأول من أسلم من الرجال الأحرار أبو بكر الصديق، وأول من أسلم من الموالي زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأول من أسلم من النساء خديجة بنت خويلد زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، الحاصل أن علي رضي الله عنه هو أول من أسلم من الصبيان تربى في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم، وزوجه النبي صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنجبت له الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة رضي الله عن الجميع، ومن فضائله أنه رابع الخلفاء الراشدين، ومن فضائله أنه من الشجعان المجاهدين في سبيل الله، شهد المعارك كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا غزوة تبوك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم خلفه عند أهله في المدينة، وإلا فقد شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان فاتكاً شجاعاً فارساً قوياً له مواقف في المعارك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم معروفة، هو أيضاً الذي قتل بالمبارزة بارز المشركين مع حمزة ومع أبي عبيدة في بدر، بارزوا جماعة من فرسان المشركين فنصرهم الله عليهم، وهو الذي في غزوة خيبر لما طال الحصار على المسلمين شق عليهم الحصار، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لأعطينا الراية غدا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه" بشارات عظيمة، تطلع الصحابة رضي الله عنهم كل يريد هذه البشارة أيهم يحصل عليها، أمسوا ليلتهم يدكون، أيهم يعطى الراية غدا، ليحصل على هذه الفضائل العظيمة، قال عمر رضي الله عنه: ما تطلعت للإمارة إلا في هذه الليلة، يريد بذلك أن يحصل على هذه البشارة من الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى هذه الأوصاف العظيمة، فلما أصبحوا غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم مبكرين، كلهم يرجوا أن يعطى الراية، فقال صلى الله عليه وسلم: "أين علي بن أبي طالب"، قالوا يا رسول الله: إنه يشتكي عينيه أصابوه الرمد، فدعا به وجيء به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فبصق في عينيه من ريقه الطاهر الطيب الكريم، فبرأت عينيه كألم يكون به وجع، وهذا من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم أعطاه الراية وقال: "أنفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم أدعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوا الله لأن يهدي الله بك رجل واحداً خير لك من حمر النعم"، فمضى علي رضي الله عنه بالمسلمين يحمل الراية وحاصر حصن اليهود في خيبر وفتح الله على يديه وانتصر المسلمون على اليهود وسقطت خيبر بيدي المسلمين، وكان ذلك على يدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فهذا من أعظم فضائله وبشارة النبي صلى الله عليه وسلم له.
أما نهايته رضي الله عنه فهو أن الخوارج الذي قتل آباءهم وإخوانهم في النهروان أرادوا الثأر منه، فتأمروا على قتل الثلاثة علي، ومعاوية، وعمر بن العاص أن يقتلوهم في صلاة الفجر، وندبوا لكل واحد منهم واحداً من الخوارج، فأما علي رضي الله عنه فنفذ فيه قضاء الله وقدره قتله الخارجي عبدالرحمن بن ملجم قتلوه وهو ينادي للصلاة ويقيض النيام لصلاة الفجر تخبأ له وضرب له على رأسه رضي الله عنه، عند ذلك أصيب رضي الله عنه بجراح عظيمة على آثرها توفي شهيداً بأيدي الخوارج، هم كانوا معه في الأول ثم خرجوا عليه، ثم قتلوه، وأما الذي ذهب إلى معاوية فإنه طعنه في موضع غير مقتل ونجا منه معاوية وأبرآه الله من الجراحة، وأما عمر بن العاص رضي الله عنه أنهم لما يصادف حضر هذه الليلة وكان خلفه خارجه يصلي بالمسلمين فصلى بهم فتله الخارجي بصلاة الفجر قتل خارجه وهو يصلي بالمسلمين، هذه قصة نهاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب واستشهاده في سبيل الله عز وجل راضيا مرضيا وفيا لدينه ولأمته رضي الله تعالى عنه وأرضاه، فهاتان الخليفتان عثمان وعلي كل منهم قتل هذا بيد الشيعة على يد هؤلاء الخوارج الذين حاصروا بيته قتلوه، يعني بأمر من الشيعي عبدالله بن سبأ وهو يهودي تظاهر بالإسلام وهو يهودي، التشيع دسيسة يهودية، ودسيسة مجوسية أيضاً، لأن الشيعة يتقسمون إلى قسمين إلى شيعة من قبل اليهود وشيعة من قبل المجوس كلهم يريدون الحقد على الإسلام والمسلمين والقضاء على الإسلام؛ ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره، فالله ناصر دينه إلى أن تقوم الساعة مهما حاول هؤلاء، والإسلام ينتشر ويزيد ويدخل الناس فيه أفواجا، رغم محاولة اليهود والنصارى والمجوس وسائر الكفرة، الإسلام ولله الحمد يأخذ طريقه إلى القلوب، ولا يزال يدخل فيه الأعداد الكبيرة الذين يسلمون لا طمعاً في مال ولا طمعا رئاسة، وإنما يسلمون اختيارا لأن الإسلام يأخذ قلوبهم فيرغبون فيه عن رغبة وعن طواعيا، ومحبة لله ولرسوله، فالحمد هذا الدين بخير ولو كاد له المشركون، هؤلاء الخلفاء الثلاثة كلهم قتلوا عمر بن الخطاب على يد المجوس، وعثمان على يد الخوارج، وعلي أيضا على يد الخوارج، كلهم وإن قتلوا هؤلاء فإن الإسلام لم ينقتل، الإسلام باقي ولله الحمد، وهذا شيء أراده الله لهؤلاء الكرامة الشهادة، ولحقوا بربهم والحمد لله على منه وفضله، هم لم ينقطع ذكرهم والدعاء لهم والترضي عنهم إلى يوم القيامة، لأنهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاء الذي أوصى بسنتهم والاقتداء بهم، فذكرهم باقي، والدعاء لهم باقي، والترضي عنهم باقي إلى أن تقوم الساعة كلما ذكروا، والحمد لله رب العالمين، نسأل الله جل وعلا أن ينصر دينه ويعلي كلمته وأن يخذل أعداءه، وصلى وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأهله وأصحابه أجمعين.


لتحميل الملف البصوتي


http://www.kholfa.af.org.sa/sites/de...--14331107.mp3
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013