منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 08 Aug 2015, 04:41 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي خزانة تحف العناية بكتاب "البداية والنهاية" (4) (فوائد متعلقة بكتاب الله تعالى)

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد لله وحده، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبيَّ بعده.

أمَّا بعد:

فهذه هي الحلقة الرَّابعة من «خزانة تُحف العناية بكتاب "البداية والنِّهاية"» ولا يزال الكلام متواصلا عن (الفوائد المتعلِّقة بكتاب الله تعالى) وأوَّلها:

· فائدة تخصيص يعقوب عليه السَّلام بالذِّكر والتنصيص عليه من دون سائر نسل إسحاق

«فقوله تعالى: ﴿فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب﴾ [هود: 71] دليل على أنَّها تستمتع بوجود ولدها إسحاق، ثم من بعده يولد ولده يعقوب أي: يولد في حياتهما لتقرَّ أعينهما به كما قرت بوالده؛ ولو لم يرد هذا لم يكن لذكر يعقوب وتخصيص التنصيص عليه من دون سائر نسل إسحاق فائدة، ولما عين بالذكر دل على أنهم يتمتعان به ويسران بمولده، كما سرا بمولد أبيه من قبله، وقال تعالى: ﴿ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا﴾ [الأنعام: 84]، وقال تعالى: ﴿فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب﴾[مريم: 49]، وهذا إن شاء الله ظاهر قوي.

ويؤيده ما ثبت في "الصَّحيحين" من حديث سليمان بن مهران الأعمش، عن إبراهيم بن يزيد التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر قال: «قلت: يا رسول الله أي مسجد وضع أول؟ قال: المسجد الحرام. قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى. قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون سنة. قلت: ثم أي؟ قال: ثم حيث أدركت الصلاة فصل فكلها مسجد».

وعند أهل الكتاب أن يعقوب عليه السَّلام هو الَّذي أسَّس المسجد الأقصى، وهو مسجد إيليا، وهو مسجد بيت المقدس شرفه الله، وهذا متَّجه، ويشهدُ له ما ذكرناه من الحديث».[1/ 374-375].

قُلْتُ: وقد أورد الحافظُ –رحمه الله- حديثًا فيه أنَّ سليمان عليه السَّلام لما بنى بيت المقدس سأل الله خلالا ثلاثًا...وأجاب عنه بأنَّ المقصود من البناء تجديد بناءَه.

ولعلَّ عدم مراعاةِ الإمام ابن حبان –رحمه الله- لهذا الجواب ذهَبَ إلى أنَّ بَيْنَ سليمان وإبراهيم عليهما السَّلام أربعين سنةً وهو قولٌ لم يسبقْ إليه ولم يوافقْ عليه، كما بيَّن وصف ذلك ابن كثير –رحمه الله-.

والله أعلم.

· خطأ من تمسَّك بقوله تعالى: ﴿مكان البيت﴾ على أنَّ البيتَ كان قبل إبراهيم عليه السَّلام

«ولم يجئ في خبر صحيح عن معصوم أن البيت كان مبنيا قبل الخليل عليه السلام ومن تمسك في هذا بقوله: ﴿مكان البيت﴾ [الحج: 26] فليس بناهض ولا ظاهر؛ لأنَّ المراد مكانه المقدر في علم الله، المقدر في قدره، المعظم عند الأنبياء موضعه من لدن آدم إلى زمان إبراهيم»[1/ 378].

· اشتمال دعاء إبراهيم عليه السَّلام على طلب النِّعم الدُّنيوية والدينيَّة؛ وكونُ الجزاء من جنس العمل!

«الخليل بنى أشرف المساجد في أشرف البقاع في واد غير ذي زرع، ودعا لأهلها بالبركة، وأن يرزقوا من الثمرات مع قلة المياه، وعدم الأشجار والزروع والثمار، وأن يجعله حرما محرما وأمنا محتما، فاستجاب الله - وله الحمد - له مسألته، ولبى دعوته وأتاه طلبته، فقال تعالى: ﴿أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم﴾ [العنكبوت: 67]، وقال تعالى: ﴿أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا﴾ [القصص: 57]، وسأل الله أن يبعث فيهم رسولا منهم، أي: من جنسهم وعلى لغتهم الفصيحة البليغة النصيحة، لتتم عليهم النعمتان الدنيوية والدينية، بسعادة الأولى والآخرة، وقد استجاب الله له فبعث فيهم رسولا، وأي رسول، ختم به أنبياءه ورسله، وأكمل له من الدين ما لم يؤت أحدا قبله، وعم بدعوته أهل الأرض على اختلاف أجناسهم ولغاتهم وصفاتهم في سائر الأقطار والأمصار والأعصار إلى يوم القيامة كان هذا من خصائصه من بين سائر الأنبياء لشرفه في نفسه، وكمال ما أرسل به، وشرف بقعته، وفصاحة لغته، وكمال شفقته على أمته، ولطفه ورحمته، وكريم محتده، وعظيم مولده، وطيب مصدره ومورده.

ولهذا استحق إبراهيم الخليل عليه السلام إذ كان باني كعبة أهل الأرض أن يكون منصبه ومحله وموضعه في منازل السماوات، ورفيع الدرجات عند البيت المعمور الذي هو كعبة أهل السماء السابعة المبارك المبرور الذي يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة يتعبدون فيه، ثم لا يعودون إليه إلى يوم البعث والنشور»[1/ 380-381].

· كون لوط من ذريَّة إبراهيم عليهما السَّلام مع أنَّه ابن أخيه

«قال تعالى: ﴿ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم﴾ [الأنعام: 84] فالضمير في قوله: ﴿ومن ذرِّيته﴾ عائد على إبراهيم على المشهور ولوط، وإن كان ابن أخيه إلا أنه دخل في الذرية تغليبا، وهذا هو الحامل للقائل الآخر أن الضمير على نوح».[1/ 384].

· كلُّ كتاب أنزل من السَّماء على نبي من الأنبياء بعد إبراهيم الخليل فمن ذريته وشيعته وبيان عِظَمِ هذه المرتبة

قال تعالى: ﴿ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب﴾ [الحديد: 26] الآية.

فكل كتاب أنزل من السماء على نبي من الأنبياء بعد إبراهيم الخليل فمن ذريته وشيعته، وهذه خلعة سنية لا تضاهى، ومرتبة علية لا تباهى، وذلك أنه ولد له لصلبه ولدان ذكران عظيمان؛ إسماعيل من هاجر، ثم إسحاق من سارة، وولد لهذا يعقوب وهو إسرائيل الذي ينتسب إليه سائر أسباطهم فكانت فيهم النبوة، وكثروا جدا بحيث لا يعلم عددهم إلا الذي بعثهم، واختصهم بالرسالة والنبوة حتى ختموا بعيسى ابن مريم من بني إسرائيل.

وأما إسماعيل عليه السلام فكانت منه العرب على اختلاف قبائلها، كما سنبينه فيما بعد إن شاء الله تعالى، ولم يوجد من سلالته من الأنبياء سوى خاتمهم على الإطلاق وسيدهم، وفخر بني آدم في الدنيا والآخرة؛ محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي المكي ثم المدني صلوات الله وسلامه عليه، فلم يوجد من هذا الفرع الشريف والغصن المنيف سوى هذه الجوهرة الباهرة، والدرة الزاهرة، وواسطة العقد الفاخرة، وهو السيد الذي يفتخر به أهل الجمع، ويغبطه الأولون والآخرون يوم القيامة.

وقد ثبت عنه في صحيح مسلم، كما سنورده أنه قال: «سأقوم مقاما يرغب إلي الخلق كلهم حتى إبراهيم» . فمدح إبراهيم أباه مدحة عظيمة في هذا السياق، ودل كلامه على أنه أفضل الخلائق بعده عند الخلاق في هذه الحياة الدنيا ويوم يكشف عن ساق.

قلت: وهذه الفقرة قد نشرتها من قبلُ في هذا المنتدى المبارك، وعلَّقت عليها بما رأيته مناسبًا في مقال بعنوان: "تأملات في فقرات من كتاب "البداية والنهاية" للحافظ ابن كثير رحمه الله".

· نبيُّ الأمَّة بمنزلة الوالد

قال الله تعالى حاكيًّا قول لوط عليه السَّلام لقومه: ﴿قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم [هود: 78]، يرشدهم إلى غشيان نسائهم، وهن بناته شرعا؛ لأنَّ النَّبي للأمَّة بمنزلة الوالد، كما ورد في الحديث، وكما قال تعالى: ﴿النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم﴾ [الأحزاب: 6]، وفي قراءة بعض الصحابة والسلف: "وهو أب لهم".

قلت: يشير بقوله: «كما ورد في الحديث» إلى قوله صلى الله عليه وسلَّم: «إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم فإذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ولا يستطب بيمينه» وقد حسَّنه العلامة الألباني –رحمه الله- كما في "صحيح سنن أبي داود –الأم-"(1/ 30).

فتحي إدريس
22/شوال/1436

يتبع إن شاء الله.
رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
فوائد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013