منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 24 Jan 2016, 07:32 PM
اسماعيل بلخيري اسماعيل بلخيري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
الدولة: الجزائر
المشاركات: 30
افتراضي أثر الاعتقاد الصحيح السليم على عمل العبد و سلوكه


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه أجمعين، أما بعد،
ففي الصحيحين عن جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذْ نَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ فَقَالَ « أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ لاَ تُضَامُّونَ فِى رُؤْيَتِهِ فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا ». يَعْنِى الْعَصْرَ وَالْفَجْرَ ثُمَّ قَرَأَ جَرِيرٌ (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا
قال الشيخ عبد الرزاق البدر : ففي هذا الحديث إشارة إلى الصلة بين الصلاة والرؤية، قال ابن رجب رحمه الله : " وقد قيل في مناسبة الأمر بالمحافظة على هاتين الصلاتين عقيب ذكر الرؤية : أن أعلى ما في الجنة رؤية الله عز وجل ، وأشرف ما في الدنيا من الأعمال هاتان الصلاتان ، فالمحافظة عليهما يرجى بها دخول الجنة ورؤية الله عز وجل فيها" وفي الحديث دلالة على أنَّ الاعتقاد الصحيح السليم يؤثر على عمل العبد وسلوكه، فكلما ازداد إيمانه وقوي يقينه ازداد استقامة وجِداً وعملاً وبذلاً ومحافظة على طاعة الله..اهـ باختصار.
حضرني كلام الشيخ أعلاه و الذي كنت قد قرأته في هذا المنتدى المبارك- بإذن الله- أمس في درس لأحد إخواننا و هو إمام مسجد حينا في شرحه للامية شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله و ذلك عند قوله :
وَالمْؤْمِنُونَ " يَـرَوْنَ " حَقّـاً ربَّهُمْ*** وَإلَى السَّمَـاءِ بِغَيْرِ كَيْفٍ " يَنْزِل
وأُقِرُ بـ" الْمِيـزَانِ " وَ "الْحَوضِ" الَّذِي*** أَرجُـو بأَنِّي مِنْـهُ رَيّاً أَنْهَـل

فتأملت فإذا في كل ما ذكر في البيتين من مسائل الإعتقاد و في أدلتها التي يذكرها العلماء ما ينبغي أن يكون فيه أثر على سلوك العبد و عمله و لا يكتفي فيه بتعلم المسألة و حفظ دليلها من غير أن يؤثر ذلك و يظهر ذلك عليه. و لقد أجاد الشيخ عبد الرزاق في الحديث عن عظيم أثر إيمان العبد برؤية ربه يوم القيامة عند تكلمه على هذه المسألة في مقال منشور على موقعه حفظه الله , و إن في الإيمان و إعتقاد أن الله جل و علا ينزل إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر حقيقة نزولا يليق بجلاله و لا نعلم كيفيته, أثر على سلوك العبد و على عمله, فروى غير واحد من أئمة الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له. فمن أثر اعتقادك بنزول الله تبارك و تعالى في هذا الوقت الفاضل, تشميرك عن ساعد الجد, و رغبتك عن فراشك الدافئ بمناجاة ربك, فتطرق باب الغني و تدعوه و تسأله من فضله, و تسكب العبرات على ذنبك و تستغفر ربك من تقصيرك و خطأك. قال تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ *كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ . وعن أبي أمامة قال: قيل يا رسول الله : أي الدعاء أسمع ؟ قال: جوف الليل الآخر. رواه الترمذي وحسنه، وحسنه أيضا الشيخ الألباني. وقال ابن كثير: قال كثير من المفسرين في قوله تعالى إخبارا عن يعقوب أنه قال لبنيه:سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي {يوسف: 98} قالوا: أخرهم إلى وقت السحر. اهـ و نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل فكان بعد لا ينام من الليل إلا قليلا.
و إذا نظرت في أدلة أهل العلم في اثباتهم للميزان لوجدت منها حديث أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الطهور شطر الإيمان ، والحمد لله تملأ الميزان ، وسبحان الله والحمد لله تملآن - تملأ - ما بين السماوات والأرض ، والصلاة نور ، والصدقة برهان ، والصبر ضياء ، والقرآن حجة لك أو عليك ، كل الناس يغدو ، فبائع نفسه ، فمعتقها أو موبقها. رواه مسلم . و لوجدت حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلمتان حبيبتان إلى الرحمن, خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده, سبحان الله العظيم . إنه الذكر يا عبد الله و بالخصوص منه الحمد لله, و سبحان الله وبحمده, سبحان الله العظيم , ألست تبغي ثقل موازينك يوم القيامة ؟ فمالك عن الذكر غافلا ؟ و لحمد ربك و تسبيحه تاركا ؟ و هو الذكر اليسير و الكلم الطيب الخفيف و ليس يتحسر أهل الجنة إلا على ساعة مرت بهم ولم يذكروا الله فيها. فإن رمت دليلا آخر في المسألة لوجدت ما أخرجه الترمذي والإمام أحمد, عن أبي الدرداء, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من شئ أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن, وإن الله ليبغض الفاحش البذيء. إنه حسن الخلق يا من ساءت أخلاقه و شانت عند الناس طبائعه, و حسن الخلق مما ينبغي أن تخصص له المواضيع الكثيرة, لما أرى من نفسي و من إخواني تقصيرا ظاهرا في هذا الجانب . ثم إن أخذك بحثك في المسألة إلى صفة الميزان و أن له كفتان و علمت أن أهل العلم أثبتوا هذا من حديث صاحب البطاقة وهو حديث عبد الله بن عمرو‏:‏ ‏ "يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر له تسع وتسعون سجلاً كل سجل مد البصر‏.‏ ثم يقال‏:‏ أتنكر من هذا شيئًا‏؟‏ فيقول‏:‏ لا يا رب‏.‏ فيقال‏:‏ ألك عذر أو حسنة‏؟‏ فيهاب الرجل ويقول‏:‏ لا‏.‏ فيقال‏:‏ بلى إن لك عندنا حسنة‏.‏ وإنه لا ظلم عليك اليوم فيخرج له بطاقة - وهي الورقة الصغيرة - فيها‏:‏ أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله‏.‏ فيقول‏:‏ يا رب وما هذه البطاقة مع هذه السجلات‏؟‏ فيقال‏:‏ إنك لا تظلم‏.‏ فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة‏" رواه الحاكم في ‏"‏مستدركه‏", حملك ايمانك بكفتي الميزان لحفظ توحيدك من كل خدش و إقامة ركنيه و تحقيق شروطه التي ذكرها أهل العلم, قال الشيخ صالح الفوزان شارحا للحديث : فهذا الحديث الشريف فيه أن التوحيد يكفر الله به الخطايا التي لا تقتضي الردّة والخروج من الإسلام، أما الأعمال التي تقتضي الردة فإنها تناقض كلمة التوحيد وتصبح لفظًا مجردًا لا معنى له، قيل للحسن البصري رحمه الله‏:‏ إن ناسًا يقولون‏:‏ من قال‏:‏ لا إله إلا الله دخل الجنة‏.‏ فقال‏:‏ من قال‏:‏ لا إله إلا الله فأدى حقها وفرضها دخل الجنة. فكلمة لا إله إلا الله سبب لدخول الجنة والنجاة من النار، والسبب لا ينفع إلا إذا توفرت شروطه وانتفت موانعه.
و لعلك تسمع أو تقرأ أن أهل العلم في معرض كلامهم عن المسألة يقولون أن الأعمال يجعلها ربي أجساما ثم يزنها فإن قلت كيف تصير الأعمال أجساما أجابك أهل العلم عن ذلك بقولهم أن الله لا يعجزه شيئ , ثم استدلوا على ذلك بحديث أبو أمامة الباهلي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه اقرءوا الزهراوين البقرة وسورة آلعمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة. قال الإمام الترمذي في جامعه -:وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ يَجِيءُ ثَوَابُ قِرَاءَتِهِ ، كَذَا فَسَّرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ هَذَا الْحَدِيثَ وَمَا يُشْبِهُ هَذَا مِنْ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ يَجِيءُ ثَوَابُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ، وَفِي حَدِيثِ النَّوَّاسِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا فَسَّرُوا إِذْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلُهُ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَفِي هَذَا دَلَالَةٌ أَنَّهُ يَجِيءُ ثَوَابُ الْعَمَلِ.اهـ.
و قال المُناوي في فيض القدير: بضم الياء وشد الفاء أي : يُشفّعهما الله تعالى فيه ويدخله الجنة ؛ وهذا القول يحتمل أنه حقيقة بأن يجسد ثوابهما ويخلق الله فيه النطق، (والله على كل شئ قدير..))اهـ.
فهاتان سورتان من كلام ربنا جل في علاه يجعل ربي ثوابهما و أجرهما في صورة غمامتين أي سحابتين تظلان صاحبهما عن حر الموقف, فكيف يعييه أن يجعل الأعمال أجساما فيزنها, فإن حفظت هذا الدليل فاحفظه بالعمل بما فيه و اجعل له عليك أثرا , بأن تحفظ السورتين و تلتزم المواظبة على تلاوتهما والتدبر في معانيهما والعمل بما فيهما وفقني الله و إياك.

أو ما سمعت حديث صدق قد*** أتى في سورتين من أول القرآن
فرقان من طير صواف بينهما*** شرق ومنه الضوء ذو تبيان
شبههما بغمامتين وان تشا*** بغيابتين هما لذا مثلان
هذا مثال الأجر وهو فعالنا*** كتلاوة القرآن بالاحسان

و أما حوضه صلى الله عليه و سلم فقد أثبته العلماء من غير ما حديث و النصوص فيه متواترة, منها قوله صلى الله عليه وسلم : لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ – الْحَوْضَ- رِجَالٌ حَتَّى إِذَا رُفِعُوا إِلَيَّ وَعَرَفْتُهُمْ حُجِبُوا دُونِي، فَأَقُولُ: أَصْحَابِي أَصْحَابِي فتقول الملائكة يا محمد إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ قَالَ فَأَقُولُ بُعْدًا بُعْدًا أَوْ قَالَ سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِي. ففي الحديث دليل في إثبات حوض النبي صلى الله عليه و سلم في المحشر , و لا شك أن كل مسلم يرجوا أن لا يذاد عنه و لا يبعد و أن ينهل منه ريا فلا يعطش بعد ذلك و يسعد, فلزمه حين ذلك أن يلتزم بسنة نبيه و أن يقتفي هديه و أن لا يبتدع في دين الله شيئا لا قولا و لا عملا , لا اعتقادا و لا منهجا و لا طريقة ليس له فيها عن رسوله الكريم أو عن صحابته الغر الميامين دليلا , هذا و لتعلم أيها المؤمن بحوض النبي صلى الله عليه و سلم أن رسولك قد أرشدك - إن كنت في الورود عليه في حوضه راغبا و لشربة لا تظمأ بعدها طالبا - قائلا : إنكم ستلقون بعدي أثرة فأصبروا حتى تلقوني على الحوض. و الأثرة هنا أي من الولاة و أولي الأمر أي يستأثروا بمال الناس لمصالح أنفسهم الخاصة , فأرشد النبي صلى الله عليه و سلم للصبر على ذلك و أن لا تٌنزع يد من طاعة و أن لا ينابذ الأمر أهله ونهى عن مقاتلتهم ومنازعتهم الأمر مع ظلمهم لأن الفساد الناشىء من القتال في الفتنة أعظم من فساد ظلم ولاة الأمر فلا يٌزال أخف الفسادين بأعظمهما, و أجر ذلك الصبر و جزاء الله عليه هو الورود على حوض النبي صلى الله عليه و سلم و الشرب منه حين يشتد بالناس الهم و الغم و الكرب و الحر و العرق يوم القيامة , سقاني الله و إياك من حوض النبي صلى الله عليه و سلم.

وهذا ختام ما أردت مشاركتكم به وإلاً فإن في جميع مسائل العقيدة أثر ينبغي أن يظهر على سلوك العبد وعمله, و ليس لعامي مثلي أن يحصيها كلها , و الحمد لله رب العالمين.


التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر ; 22 Jan 2018 الساعة 11:47 AM
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أخلاق, تزكية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013