منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02 Apr 2015, 04:21 PM
أبوعبدالرحمن عبدالله بادي
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي [الحلقة الثانية] هدم التأصيل البدعي عند عبد الرحمن بن عمر بن مرعي كتبه أبو محمد صلاح كنتوش العدني حفظه الله



الحلقة الثانية:

هدم
التأصيل البدعي
عند عبد الرحمن بن عمر بن مرعي
كتبه
أبو محمد صلاح كنتوش
العدني
وفقه الله وسدده وعصم قلبه

بسم الله الرحمن الرحيم


الصورة الثانية:


ما قرره من أمور المعتقد ولم يرجع عنه.


المخالفة الأولى: قوله الله تعالى معنا بذاته سبحانه.

اعلم وفقني الله وإياك للثبات على دينه حتى نلقاه أن من أعظم البلاء أن العبد إذا أخطأ وزلت قدمه أنه يلتمس له من أهل العلم من وافقه على قوله؛ ويحتج بذلك على صحة قوله وأن ما قرره ليس من الباطل ولا من الغلط, وإنما يعد من أنكر عليه مقاله هو المبطل وهو المخطئ, ومن باب رمتني بدائها وانسلت, وقع من أخينا عبد الرحمن بن مرعي جملة من هذا الباطل, ومن ذلك تقريره لأصل عظيم من أصول المبتدعة وهو القول بأن الله تعالى معنا بذاته, وهذا منكر عظيم وخطأ جسيم.
فبادر بعض المشايخ وطلاب العلم بالنصح والإرشاد لأخينا عبد الرحمن بن مرعي فأصر على قوله وزعم أن العلامة ابن عثيمين يقرر هذا, وردَّ بأن العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى وغفر له وأدخله في الصالحين قد بين تراجعه عن إطلاق هذه الكلمة وقال لا نقول: إن الله تعالى معنا بذاته؛ لأنه يفهم من قولنا بذاته الحلول, ولذلك نتحاشى ذلك, وأما الذي أدين الله به أن الله معنا هو نفسه..., لكنه في السماء مستوٍ على عرشه, وإنما نحن لا ننطق بها حتى لا يتوهم واهم ما ذهبت إليه الجهمية المعطلة( )...اهـ

قلت: وكلام العلامة ابن عثيمين ظاهر في ترك التصريح بهذا اللفظ حتى لا يتوهم القول بالحلول؛ لأنه من عقائد الجهمية الكفار, إذًا يجب ترك التعرض لذكر هذه الكلمة نفيًا وإثباتًا بهذا المعنى المعين, فإطلاق هذه الكلمة يوهم القول بالحلول والمخالطة, وهذا ما نفى تقريره العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى, ويؤيد ذلك ما قاله الإمام ابن باز رحمه الله تعالى وغفر له وأدخله في الصالحين حين سئل عمن يقول: إن الله في السماء على العرش وهو معنا بذاته ؟
فقال رحمه الله غفر الله له: هذا غلط هو معنا بعلمه, الذي يقول هذا جهمي( )...اهـ

فيجب على أخينا عبد الرحمن أن يترك هذا الإطلاق وعليه أن يتوب إلى الله تعالى, فهل يا ترى هو فاعل, أم أنه سيلج في البحث عن مخرج له وتقرير لما يعتقد في هذا الأصل العظيم, والله يعصمنا من الزلل.



المخالفة الثانية: قوله من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من سيدخل النار

اعلم وفقك الله لمرضاته أن السلف رضي الله تعالى عنهم مجمعون على أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هم خير بني آدم بعد الأنبياء والمرسلين وقد نص النبي صلى الله عليه وسلم على هذا في مواضع من السنة, وهذا الفضل في الجملة والتفصيل, فكل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة جملة وتفصيلًا, وكل صحابي منهم على التفصيل خير من كل أحد جاء بعده من السلف والخلف, وهذا محل وفاق عند سلفنا الصالحين ومن تبعهم إلى يوم الدين بغير خلاف معتبر, نحن نجزم أنه لن يدخل النار أحد منهم لا ابتداء ولا انتهاء.

وأما أخونا عبد الرحمن بن مرعي هداه فقد جزم بأن بعض الصحابة سيلج النار, ثم مثل بأبي الغادية وزعم أنه في النار, وهذا غلط كبير ومنكر جسيم, وأعوذ بالله من أن يذهب بعض من يتعصب له أن يأتي بأقوال بعض الناس ممن قال بهذا القول, وربما قال قد قال به فلان وفلان وفلان, فالحق أكبر من الرجال, وعليه أن يتوب إلى الله تعالى من هذا القول ويرجع عنه

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: وَقَدْ ثَبَتَ بِالنُّصُوصِ الْمُسْتَفِيضَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِخْرَاجُ قَوْمٍ مِنَ النَّارِ بَعْدَ مَا امْتُحِشُوا, وَثَبَتَ أَيْضًا شَفَاعَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِهِ..., لَكِنْ هَذَا الْأَصْلُ لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي مِثْلِ عُثْمَانَ وَأَمْثَالِهِ مِمَّنْ شُهِدَ لَهُ بِالْجَنَّةِ، وَأَنَّ اللَّهَ رَضِيَ عَنْهُ، وَأَنَّهُ لَا يُعَاقِبُهُ فِي الْآخِرَةِ، بَلْ نَشْهَدُ أَنَّ الْعَشَرَةَ فِي الْجَنَّةِ، وَأَنَّ أَهْلَ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَنَّ أَهْلَ بَدْرٍ فِي الْجَنَّةِ، كَمَا ثَبَتَ الْخَبَرُ بِذَلِكَ عَنِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ، الَّذِي لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى.
وَقَدْ دَخَلَ فِي الْفِتْنَةِ خَلْقٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ، وَالَّذِي قَتَلَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ هُوَ أَبُو الْغَادِيَةِ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ حَزْمٍ.
فَنَحْنُ نَشْهَدُ لِعَمَّارٍ بِالْجَنَّةِ، وَلِقَاتِلِهِ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ بِالْجَنَّةِ( )...اهـ
وقال رحمه الله تعالى في موضع آخر: وَذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ قَتَلَهُ أَبُو الْغَادِيَةِ، وَأَنَّ أَبَا الْغَادِيَةِ هَذَا مِنَ السَّابِقِينَ، مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ, وَأُولَئِكَ جَمِيعُهُمْ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ النَّارَ مِنْهُمْ أَحَدٌ.
فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " «لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ».
وَفِي الصَّحِيحِ «أَنَّ غُلَامَ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِيَدْخُلَنَّ حَاطِبٌ النَّارَ. فَقَالَ: " كَذَبْتَ ; إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ».
وَحَاطِبٌ هَذَا هُوَ الَّذِي كَاتَبَ الْمُشْرِكِينَ بِخَبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِسَبَبِ ذَلِكَ نَزَلَ: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ) [الممتحنة: ١] الْآيَةَ، وَكَانَ مُسِيئًا إِلَى مَمَالِيكِهِ، وَلِهَذَا قَالَ مَمْلُوكُهُ هَذَا الْقَوْلَ، وَكَذَّبَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَالَ: « إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ» وَفِي الصَّحِيحِ: «لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ».
وَهَؤُلَاءِ فِيهِمْ مِمَّنْ قَاتَلَ عَلِيًّا، كَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، وَإِنْ كَانَ قَاتِلُ عَمَّارٍ فِيهِمْ فَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ غَيْرِه( )ِ...اهـ
قلت: وقد ناقشه بعض إخواننا المشايخ بهذا الخصوص حتى طرقت المسألة بين يدي العلامة ربيع بن هادي حفظه الله تعالى, فأنكر عليه مقاله هذا لكن عبد الرحمن بن مرعي هداه الله أصر على اعتقاده واستدل على ذلك ببعض الأمور, وعلل بأنه طالب علم وقد بحث المسألة فكان من كلام العلامة ربيع حفظه الله تعالى أن هذا من أمر الاعتقاد والاعتقاد جادة مسلوكة لا يحل أن يجتهد العبد فيه, وإنما هي قضية مبنية على التسليم المطلق للوحيين, فهل سيتوب عبد الرحمن من هذا الأصل الفاسد, وعندي بهذا الخصوص بحث مستوفى وخلاصة ما فيه, أن الشهادة له بالنار ليست ثابتة, بل هي من المنكر الكبير والجرم العظيم, فعلى عبد الرحمن أن يتوب إلى الله تعالى من هذا الزلل والباطل.
قال الإمام الصابوني رحمه الله تعالى: ويَرون الكفَّ عمَّا شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتطهير الألسنة عن ذكر ما يتضمَّن عيباً لهم أو نقصاً فيهم ويرون التَّرحُّم على جميعهم والموالاة لكافَّتهم( )...اهـ
وكذا نقل الحافظ ابن حجر عن أبي المظفَّر السمعاني رحمه الله تعالى :أنَّه قال: «التعرُّضُ إلى جانب الصحابة علامةٌ على خذلان فاعله، بل هو بدعةٌ وضلالةٌ»( )...اهـ
المخالفة الثالثة: وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بالإفراط في الحزن .
قال عبد الرحمن بن مرعي في درس التفسير عند تفسير قوله تعالى: {ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر } من سورة آل عمران, فقال: «وتأمل وانظر هذه الآية الكريمة معناه كما عبر بعض أهل التفسير أفرط النبي صلى الله عليه وسلم في الحزن عليهم وإلا الحزن على كفر الكافر يعتبر طاعة وقربة لكن إذا حصل إفراط كما في الآيات الأخرى { فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا} فهكذا يأخذ المسلم القدوة...»( )...اهـ
قلت: ولا يشك مسلم يعظم النبي صلى الله عليه وسلم وينزله المنزل الذي أنزله الله تعالى أن وصف النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الوصف يتضمن تنقصًا عظيمًا للنبي صلى الله عليه وسلم سواء شعر المتكلم به أو لم يشعر, لأن الإفراط في الشيء لا يخرج إلا على جهة الذم والنقص.
فهل يليق يا أبا عبد الله أن تصف حِبَّكَ ومن تفديه بأبيك وأمك بهذا الوصف القبيح, وأنت تظن أنك لم تمس جناب النبوة بأذى, تأمل في كلام أهل التفسير من سلفك أصحاب العقيدة المصونة النقية, وما الذي قرروه في معنى الآيات التي ذكرتها ها هنا, لكن المؤسف أنك تنطلق كالسهم اعتمادًا على بلوغك رتبة الاجتهاد, وقديمًا قيل تزبب قبل أن يتحصرم, فانتبه من الهرولة بغير فرامل فلعلك تنقلب على عقبيك وتنكسر عنقك وقاك الله سوء المنقلب.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى: الإفراط والتفريط وله طرفان هما ضدان له تقصير ومجاوزة, فالمقتصد قد أخذ بالوسط وعدل عن الطرفين قال تعالى والذين {إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قوامًا} وقال تعالى {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط} وقال تعالى {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا} والدين كله بين هذين الطرفين, بل الإسلام قصد بين الملل, والسنة قصد بين البدع, ودين الله بين الغالي فيه والجافي عنه, وكذلك الاجتهاد هو بذل الجهد في موافقة الأمر, والغلو مجاوزته وتعديه, وما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان؛ فأما إلى غلو ومجاوزة, وإما إلى تفريط وتقصير, وهما آفتان لا يخلص منهما في الاعتقاد والقصد والعمل إلا من مشى خلق رسول الله وترك أقوال الناس وآراءهم, لما جاء به لا من ترك ما جاء به لأقوالهم وآرائهم.
وهذا أن المرضان الخطران قد استوليا على أكثر بني آدم؛ ولهذا حذر السلف منهما أشد التحذير وخوفوا من بُلِيَ بأحدهما بالهلاك وقد يجتمعان في الشخص الواحد, كما هو حال أكثر الخلق يكون مقصرًا مفرطًا في بعض دينه غالبًا متجاوزًا في بعضه والمهدي من هداه الله( )...اهـ
قلت: فإذا كان الإفراط مرض خطير فهل يجوز أن تصف النبي صلى الله عليه وسلم الذي سلمه الله تعالى من مرض الغلو في الدين الذي ابتلي به اليهود والنصارى راجع حساباتك لدرك خطر لسانك, ولقبح هذا التقرير لا أظن أن أخانا عبد الرحمن يلتزم القول به ثم يزعم أنا حملنا كلامه ما لا يحتمل, كما لا يجوز له ولا لمن يدفع عنه أن يقول ما أراد عبد الرحمن المعنى الفاسد, وإنما أراد الحرص على هداية الناس, وانتبهوا يا قوم من قواعد أبي الحسن فتقولوا يحمل المجمل على المفصل, فتأمل والله تعالى يعصمنا من الزلل.


القسم الثاني: قواعده وتأصيلاته المنحرفة.

1- القاعدة الأولى: اعتقد ما شئت فلا إنكار.


اعلم وفقك الله لطاعته أن هذه القاعدة من أعظم أخطاء عبد الرحمن هداه الله, وقد يستعظم القارئ اللبيب خروج مثل هذا التقعيد من مثل هذا الشيخ وفقه الله تعالى, وربما يقول: هل من المعقول أن يقوم عبد الرحمن بتقرير العقائد والمناهج الموجودة في المعمورة, التي منها الشرك والكفر بكل صوره وأشكاله, ومنها البدع والخرافات بكل صورها وأشكالها!!!.
لكننا نقول -وبكل مرارة وحزن-: إن إطلاق عبد الرحمن هداه الله وأصلحه لهذه القاعدة, هي التي جعلت بعض الناس يصفون عبد الرحمن بـ«السلفي المعتدل» وأنت خبير أيها القارئ بمعنى هذه الكلمة إن خرجت من بعض الناس!!!.
وتأمل عباراته لتعلم خطرها, ولا يجوز لقائل أن يقول: إن الشيخ لا يعني بهذا الإطلاق ما قد يفهم, فهو ممن ينكر الشرك والكفر والبدع والانحرافات والحزبيات, وله في ذلك الكلام المنشور المسجل!!.
فأقول: انتبه أيها السلفي الحصيف من قاعدة الإخوان المسلمين وقاعدة أبي الحسن وعدنان عرعور وأضرابهما «يحمل المجمل على المفصل» وهذه القاعدة سيأتي طرقها في حينها إن شاء الله, فاجعلها على ذهن منك, والله المستعان.
قال عبد الرحمن هداه الله وأصلحه, ما نصه: «يا أخي لا ننقب عما في قلبك لتعتقد ما شئت؛ طالما جاء عن بعض العلماء, لكن أن يتطور الأمر إلى أنك تخرج ما في قلبك وتختبر به الآخرين»( )...اهـ
اعلم أيها الموفق المسدد في طاعة الله تعالى أن عبد الرحمن قد أتى بهذه القاعدة العجيبة والخطيرة, التي تنذر بشر مستطير, والتي تعتبر إحدى صور قاعدة الإخوان المسلمين القائلين: «لنتعاون فيما اتفقنا فيه وليعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه».
وقد تقول أيها القارئ اللبيب لعلك قد بالغت في دعواك هذه, وقد رأينا عبد الرحمن ينكر هذه القاعدة شديد الإنكار, وقد أفصح بذلك!!.
فأقول: أيها القارئ اللبيب لا تعجل عليّ, وأتني منصتًا؛ لتعلم هل جاء بعين القاعدة بمعناها أم لا, وإن كان قد أنكر على الإخوان المسلمين قاعدتهم هذه لفظًا, لكنه وافقهم في معناها ومحصلها بقوله: «لا ننقب عما في قلبك لتعتقد ما شئت طالما جاء عن بعض العلماء, لكن أن يتطور الأمر إلى أنك تخرج ما في قلبك وتختبر به الآخرين», فهذه العبارة توافق الجزء الثاني من قاعدة حسن البنا «ليعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه», لأنه إذا سكت عن أمور يعلمها موجودة في قلوب بعض من يعارضه من الناس فقد عذره في اعتقاده المباين له, ويوضح هذا المعنى قوله: «أنا أعرف أن من إخواني الكبار من يكون عنده شيء من هذه الأشياء» فهو يدرك إذًا أن من الناس من في قلبه من الأشياء ما يباينه فيها, فهذه تبين وجه المشابهة بين قاعدته والجزء الثاني من قاعدة حسن البنا, تأمل.
وقوله: «لا ننقب عما في القلوب نحب أن نبقى ولو كان في الظاهر متآخين متواددين متعاونين على البر والتقوى» يوافق بها الجزء الأول من قاعدتهم الفاسدة «نتعاون فيما اتفقنا عليه», فأوجز وألخص لك مقالته كلها فأقول: «لا إنكار على ما تحويه القلوب», والله المستعان.
فأقول: أخي القارئ اللبيب أرجو أن تمعن النظر وتترك التعصب ورد الحق, وتدقق في العبارات السابقة, واقرأها بعين المتأمل المتفحص, لتعلم الخطر والشر المستطير في هذا التقعيد.
والجدير بالذكر في هذا الموضع أن تعلم أن الإخوة الإيمانية في ديننا لها مفسدات كما أن لها ما يقويها ويصلحها, فكيف نكون إخوة متعاونين, والقلوب تغلي بالمباغضة والعداوات, ثم نطلب إغفال ما في القلوب والسكوت عما وقع فيها من الاختلاف, وعدم الدعوة إلى إصلاح ما في القلوب, بل صارت الدعوة إلى عدم البحث عن إصلاح خلل القلوب وانحرافها, ثم دعوى إمكان التعاون على البر والتقوى, بعد أن اعتقد كل إنسان ما يشاء!!!.
فإنك إن أتيتني وزعمت أنك ترجو التعاون على البر والتقوى, وتظهر لي خلاف ما في قلبك, فإن الكذب أن تخبر عن الشيء بخلاف الواقع.
قلت: وتأمل مقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في معرض كلامه عن التحليل في النكاح, حيث قال: «واعلم أن الكذب -وإن كان يغلب في صيغ الأخبار-..., فإن الصيغ الدالة على الطلب والإرادة, إذا لم يكن المتكلم بها طالبًا مريدًا, كان عابثًا مستهزئًا أو ماكرًا خادعًا, وأن الرجل لو قال لعبده اسقني ماء وهو لا يطلبه بقلبه ولا يريده فأتاه , فقال ما طلبت ولا أردت , كان مستهزئًا به كاذبًا في إظهاره خلاف ما في قلبه, وإن قصد أن يجيبه ليضربه كان ماكرًا خادعًا , فكيف بمن يقول تزوجت ونكحت وفي قلبه أنه ليس مريدًا للنكاح ولا راغبًا فيه , وإنما هو مريد للإعادة إلى الأول فهو متصور بصورة المتزوج كما أن الأول متصور بصورة الآمر, وبصورة المؤمن( )...اهـ
فأقول: ألا يكون ترك الكذب والمكر والخداع في أمر الدعوة إلى الله أولى من ترك ذلك كله في بضع امرأة, تأمل.
فإن كنت قد علمت أن في قلوب بعض إخوانك المشايخ وكبار طلاب العلم بعض الأمور التي يباينونك فيها, ثم تظهر لهم خلاف ما في قلبك وتحب منهم أن يظهروا خلاف ما في قلوبهم, فإن هذا من المكر والخداع, واعلم أنه لابد من أحد أمرين:
فإما أن تكون هذه الأمور مما تعتقد أن إخوانك على حق وصواب فيها وإما لا!
فإن كان الأول- وهو في نظرك بعيد- فيلزمك الرجوع عما يحويه قلبك من الغلط والباطل, وإن كان الثاني: فيقال لك لم تسكت عن الباطل الذي عندهم دون نصح لهم أو توجيه, إلا إن كنت تجوِّز أن يعتقد كل إنسان منهم ما يشاء ما دام أن هنالك من العلماء من قرر له اعتقاده, وهذا ما أفصحت به وفقك الله وسددك, أليس هذا الكلام هو بعينه مقال الإخوان المسلمين «ليعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه» لأنك تعتقد شيئًا لا يعتقده غيرك, فلتعذره وليعذرك في هذا الخلاف والاعتقاد.
وعليه يلزمك أن تجيب بأحد جوابين وأحلاهما مرٌ بل علقمٌ, وهو هل تعتقد جواز أن يعتقد الإنسان ما شاء على طريقة الإخوان المسلمين وطريقة جماعة التبليغ الذين يقررون قاعدة تشبه قاعدتك وهي «تحاشي الكلام عما أسموه أمراض الأمة المتمثل بوجوه الخلاف العقدي والمنهجي وغيره» وهي بعينها مقالة عبد الرحمن هداه الله «لا ننقب عما في القلوب ما دام أن هنالك من أهل العلم من قال بذلك!!» وإن كان ثَمَّ فرق فهو لفظي مجرد, تأمل.
لأن قولك يفيد العموم, فقد شمل كل اعتقاد, فقولك «اعتقد ما شئت» فإن «ما» هنا موصولة تعم كل اعتقاد سواء كان صحيحًا أو فاسدًا, فإن قلت: أنا لا أقصد كل عالم بل أقصد علماء السنة, فيقال لك يا أخانا عبد الرحمن ليس في كلامك لا في سباقه ولا لحاقه, ما يفيد هذا القصد, وإن أبيت إلا هذا القصد, فنقول لك والسؤال يطرح نفسه لزامًا هل علماء السنة قد اختلفوا في العقيدة؛ حتى تسوغ الأخذ بأي اعتقاد شئت؟!!!.
فإن قلت: لا, معاذ الله أنا لا أقصد العقائد, وإنما أقصد هذا الخلاف الحال والحاصل بين أهل السنة!!.
فيقال لك أبا عبد الله أنت أطلقت وعممت القول, أم أنه لزامًا علينا أن نرجع إلى قاعدة «حمل المجمل والمفصل», لكنك فعلت ذلك بدهاء, وقد استعملت تطبيق هذه القاعدة أعني «المجمل والمفصل» بلغة جديدة وهي لغة ما يطلق عليه انظروا السياق وانظروا سباق الكلام ولحاقه, وهي نفس القاعدة لكن بلغة المكر والدهاء, وإن كنا لا ننكر أن الكلام له سباق ولحاق يتميز به المعنى لكنها لا تنطبق هنا على ما يقرره أخونا عبد الرحمن هداه الله تعالى, فهي من الحق الذي يراد به الباطل, فانتبه!!!.
وأعيذك بالله تعالى من موافقه مذاهب وعقائد المبتدعة الضلال.
واسمع ما يقوله بعض المبطلين والملحدين, حيث قال: «وبالجملة فلابد لكل شخص من عقيدة في ربِّه, يرجع بها إليه ويطلبه فيها..., فإيَّاك أن تتقيَّد بعقد مخصوص وتكفر بما سواه فيفوتك خير, بل يفوتك العلم بالأمر على ما هو عليه, فكن في نفسك هيولياً لصور المعتقدات كلها, فإنَّ الله تعالى أوسع وأعظم أن يحصره عقد دون عقد»( )...اهـ
هل تعرف سددك الله كلام من هذا!!! إنه كلام زنديق من الزنادقة وهو ابن عربي الملحد صاحب الفصوص والحكم, فتأمل كلامه وتأمل في كلامك وانظر وجه الشبه لتعلم أنك وقعت في خطأ كبير وباطل جسيم, فاستعتب وتب إلى الله تعالى, تفلح في الدنيا والآخرة عصم الله قلبك وعقلك من الخطل والزلل.


يتبع إن شاء الله مع الحلقة الثالثة


رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, ردود, كنتوش

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013