منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 31 Jul 2017, 04:19 PM
أبو البراء
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي التَّكلُّفُ سِمَةُ العَاطِلِين



التَّكلُّفُ سِمَةُ العَاطِلِين

اللَّهم إنَّا نحمدك ونستعينك ونستغفرك، ونعوذ بك من شرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا.
وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله.
أمَّا بعد:
فإنَّ لكلِّ شيء حِلْيَةً، وحِلْيَةُ أهل العلم وطلَّابه الوقارُ والتَّواضع واطِّراح التَّكلُّف، وهذه الحِلْيَةُ هي فرقانٌ مُبينٌ بين من كان من أهل العلم حقّا، ومن كان فيهم مُلْصَقا.
وعلى هذا، فإذا وجدت رجلًا ينتسب إلى العلم وهو طيَّاش هَيَّاش فإنَّه لصيقٌ.
وإن رأيته يُنسَبُ إلى العلم وهو متكلِّفٌ متفيهقٌ فاعلم أنَّه دَعِيٌّ.
قال الله تعالى لنبيِّه صلَّى الله عليه وسلم: «قل ما أسألكم عليه من أجرٍ وما أنا من المتكلِّفين».
وإنَّ من التكلُّف الثَّقيل أن يأتي الرَّجل إلى كلام صوابٍ صَدَر ممَّن لا يحبّ، فيبحث فيه عن وجهٍ من النَّقد والعَيْبِ فلا يجد إلَّا أن ينقده بما لا ينجو منه متكلِّم ولا هو نفسه منه يَسْلَم، أو بإلزامه ما لا يلزم.
ومن هذا أنِّي وقفت أمسِ على مقالةٍ لأحد الكَتَبَة ينقد فيها كلمةً لشيخنا أبي عبد الله أزهر ـ حفظه الله ـ، فرأيت فيها من التَّكلُّف والتَّفيهق ما أحْزَنَنِي على الكاتِب وأشْكَالِه.
وسأبيِّن له وجهَ التَّكلُّف في كلامه، نصيحةً له ولمن اغتر به، وتسليةً لمن تأذى من تكلُّفه.

الكلمة الَّتي انتقدها هذا المتكلِّف من كلام شيخنا أبي عبد الله هي قولُه في درسٍ له: «المجهول في الأسانيد عند علماء الحديث هذا نوعٌ من أنواع الضعيف، إذا كان في السنَّد هو فقط مجهول يُطرَح السند لأجله وبسببه».
فيقول المتكلِّف إنَّه «ليس هناك نوع من أنواع الحديث يسمى بالحديث المجهول، وإنما الجهالة وصف في الراوي، فعندما يقول الشيخ أزهر هذا نوع من أنواع الضعيف ـ والإشارة هنا إلى قوله: "المجهول في الأسانيد" ـ يتبين لنا الركة العلمية في ظاهر عبارته، وإن كان ـ فيما يظهر ـ أنه غير قاصد لذلك».
أقول: نعم، هو غير قاصد لذلك كما استظهرت، فما حاجتك إلى تكلُّف النَّقد!!
قد تقول: النقد متوجِّه إلى اللَّفظ، لأنَّ المتكلِّم في العلم لا بدَّ أن يضبط العبارة، وإلَّا لم يكن أهلا للكلام في العلم، أو ـ بتعبيرك ـ : يحتاج إلى أن يتأصَّل في العلم قبل أن يتكلَّم فيه.
فالجواب: نعم، هذا صحيح، لكن الغلط في اللَّفظ لا يدلُّ في كلِّ الأحوال على ضعف التَّأصيل لأنَّك تعلم العجمة الَّتي دخلت على الألسن، فلا يكاد يسلم من الغلط وبعض الرِّكَّة أكابر علماء العربيَّة فضلًا عمَّن دونهم.
ثمَّ هو يتكلَّم في درسٍ، ولا يحرِّر في كتاب، ومع ذلك لم يقم له العذر عندك، فهاك جوابًا ناجزًا غير مؤجَّل:
قد والله قرأت مقالك أوَّل ما قرأته واستثقلت عبارته من أوَّل جملة فيه، لكنِّي غضضت عنها الطَّرف، وقطعتُ الأسطر قراءةً لأصل إلى فهم الغرض من المقال، فلمَّا وجدته تكلُّفًا لإظهار العيبِ، رجعتُ إلى أوَّل المقال أقرءُه قراءةً كقراءتك لكلام الشَّيخ، أستخرج بها الرِّكَّة كما تقول، مع التَّنبيه على أنَّه يتكلَّمُ وأنت تكتب، ويرتجلُ وتُحَرِّر.
تقول في عنوان الكلمة: «هل يرد حديث من فيه راوٍ مجهول مطلقا عند علماء الحديث»؟
فيا أيُّها المتكلِّف! في هذه العبارة فساد بيِّنٌ وهو أنَّك تقول: «حديث من فيه» فالضمير في «فيه» عائد على «مَن»، فصار معنى الكلام: هل يُرَدُّ حديثُ راوٍ فيه راوٍ مجهول؟
وحقُّ الكلام أن تقول: هل يُرَدُّ حديثٌ فيهِ راوٍ مجهول، ليكون الضَّمير عائدًا على الحديث لا على الرَّاوي.
فهذا في العنوان.
وفي المقال مواطنُ كثيرة من هذا الضَّرب لا أتكثَّر باستخراجها، غير أنِّي أنبِّه على ما في كلامه الَّذي سبق نقله.
فقوله: «ليس هناك نوع من أنواع الحديث يسمى بالحديث المجهول» فيه ركَّة، لأن «يُسَمَّى» يتعدَّى بنفسه، فالجادة أن يقول: «يسمى الحديثَ المجهول» بغير باء التَّعدية، قال الشَّاعر يهجو كعب بن جعيل:
وسُمِّيتَ كَعْبًا بشرِّ الْعِظَام ... وَكَانَ أَبوك يُسمَى الْجُعَلْ
ثمَّ قوله:«وإن كان ـ فيما يظهر ـ أنهَّ غير قاصد لذلك» فيه ركَّة شديدة، أقحم «أنَّه» ولا محلَّ لها هنا إلَّا إفساد الكلام.

أمَّا إلزامه للشَّيخ مَا لا يلزمه، ففي بقيَّة كلامه، إذ ألزم الشَّيخ أن يُفَصِّل في رواية المجهول ويُبيِّن اختلافَ العلماء فيها، ويُفَرِّق بين مجهول العين ومجهول الحال، وهذا مِنَ التَّكلُّف البيِّن، لأنَّ الغرض من استجلاب الشَّيخ لهذه المسألة أن يُبيِّن أنَّ عدم معرفة النَّاقل قدحٌ في المنقول، وأنَّ الجهالة طعنٌ في الإسناد، وهذا متَّفق عليه في الجملة، ولو أنَّ كلَّ متكلِّم استجلب مسألةً ما لتثبيت غرضٍ يريدُه يلزمُه أن يستوفيها تقسيمًا وخلافًا لَمَا انتهى الكلام إلى حدٍّ، وقد قيل قديمًا: «العلم نقطة كثرها الجهَّال» فهذا منه، والله المستعان، وأستغفرُ الله من قطع الزَّمان فيما غيره أولى منه.

التعديل الأخير تم بواسطة أبو معاذ محمد مرابط ; 31 Jul 2017 الساعة 04:46 PM
رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013