منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 12 May 2018, 08:39 PM
أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 196
افتراضي 3- شرط خلفي: إشتراط الإجماع في قبول الأحكام (التَّبديع أنموذجا).



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبعد:
فهذه مواصلة لما كنت شرعت فيه من الجمع الذي أسميته " قواعد وضوابط ومسالك وعبارات مدسوسة في منهج خير البريات " والذي بدأت كان أوله:
1- ضابط سلفي: أسباب تزكية شيخٍ سلفيٍ لشخصٍ منحرف
2- ضابط سلفي: أسباب سكوت العالم السَّلفي عن جرح منحرفٍ مع جرح آخرين له

واليوم مع:
3- شرطٌ خلفيٌ: إشتراط الإجماع في قبول التَّبديع.

معنى هذ الشرط في الظَّاهر:
معنى هذا الشَّرط في الظَّاهر أنَّه لا يحكم على الشَّخص بالتَّبديع إلَّا من بعد أن يُجمع كلُّ العلماء على ذلك.

الغرض الحقيقي منه:
مرادهم من هذه الشَّرط حماية أهل البدع من أحكام العلماء، ووضع شبهةٍ لصدِّ السَّلفين عن قبولها.

عبارات باطلةٌ تصبُّ في معنى الشَّرط:
لكن الشَّيخ الفلاني لم يبدِّعه!، لكن الشَّيخ الفلاني يزكِّيه!، هل اتَّفقوا على تبديعه؟!، ما دام اختلفوا فيه فالأمر لم يُفصل بعدُ!، الأمر فيه سعةٌ لأنَّهم ما أجمعوا !، هل خفي حاله عن الشَّيخ الفلاني! ، لا إلزام إلَّا بإجماعٍ،،، وغيرها من العبارات الَّتي تقارب هذا المعنى.

وهذا باطلٌ من وجوهٍ:
- ما دليلكم على هذا الشَّرط؟ وإلَّا فهو شرطٌ باطلٌ ! وهو كذلك بالفعل.
- من سلفكم من العلماء بالقول بهذا الشرط؟
- العبرة بانطباق الشُّروط وإنتفاء الموانع في حقِّه لا بالإجماع.
- هذه القاعدة تصادم تطبيقات السَّلف الصَّالح، لَمَّا بدعوا أشخاصًا قبل تحقُّق الإجماع فيهم ؟
- كما أنَّ لازم قولهم الطَّعن في منهج السَّلف المتقدِّمين والعلماء المعاصرين بأنَّهم يتسرَّعون في إطلاق الحكم قبل انعقاد الإجماع !.
- في هذا إهدارٌ لأحكام العلماء وعدم الاتفات إليهم، ونحن المأمرون بمتابعتهم فيما وافقوا فيه الحقَّ.
- علماء الجرح والتَّعديل لم يشترطوا العدد في إثبات الجرح، فضلًا على أن يشترطوا الإجماع !!
- من تتبَّع كتب الجرح والتَّعديل يجد أنَّه من النَّادر اتفاقُهُم على تبديع شخصٍ-إن لم يكن مستحيلًا-، فيكون لازم هذا القول تعطيل حكم التَّبديع أصلًا.
- لم يُشترط هذا حتَّى فيما هو أعظم من التَّبديع وهو القتل الَّذي يكتفى فيه بشاهدين عدلين !
- هذا الشَّرط مصادمٌ لقاعدة: ( من عَلِمَ، حُجَةٌ على من لم يعلم ).
- هذا الشَّرط مصادمة لقاعدة: ( المثبت مقدَّم على النَّافي ).
- هذا الشَّرط ضرب لقاعدة: ( الجرح المفسِّر مقدَّم على التَّعديل المجمل ).
- هذا الشَّرط فيه نسفٌ لأصل ( وجوب قبول خبر الثِّقة ) وقبول أخبار العلماء في المجروحين منه.
- هذا الشرط فيه إبطالٌ لأصل (زيادة الثِّقة مقبولةٌ).
- هذه القاعدة فيها إبطالٌ لمبدإ الولاء والبراء وكذا الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، لأنَّك لن تفعل أيَّ شيءٍ حتَّى ينعقد الإجماع، وبالتَّالي الوقوعنا في قاعدة الإخوان المفلسين (يعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه)!!!.
- هذه من أشهر قواعد أهل التَّمييع وأشهر من دعا إليها: (علي الحلبي) و(عبد المالك رمضاني).
- أنتم أنفسكم لا تتحاكمون إليها وأوَّل من لا يعمل بها، فتكلَّمتم في أهل السُّنَّة من غير إجماعٍ.
- ما الَّذي نفعله للَّذي لم يعلم بأخطاء هذا المبتدع ؟ ! أو لم يقتنع بها ؟ ! أو حتَّى سكت عنها ؟
- الواجب على أهل العلم هو تبديع الشَّخص بعد إقامة الحجَّة عليه.
- وعليه فيكون الرَّدُّ على أهل البدع والحكم عليهم من فروض الكفايات فلا يلزم الجميع .

الأدلَّة وأقوال الأئمَّة:
- جاء في قصَّة ابن عمر  مع نفاة القدر، أنَّه حكم عليهم بالكفر، واستجاب له التَّابعيان، ولم ينتظروا حتَّى يتحقق الإجماع !.
- قال الخطيب البغدادي ـ رحمه الله ـ :" اتَّفق أهل العلم على أنَّ من جرحه الواحد والإثنان، وعدَّله مثل عدد من جرَّحه فإنَّ الجرح به أولى، والعلَّة في ذلك : أنَّ الجارح يخبر عن أمرٍ باطنٍ قد علمه ويُصَدِّقُ المعدِّل ويقول له: قد علمتُ من حاله الظَّاهرة ما علمتَها، وتفردتُ بعلمٍ لم تعلمه من اختبار أمره، وإخبار المعدِّل عن العدالة الظَّاهرة لا ينفى صدق قول الجارح فيما أخبر به، فوجب لذلك أن يكون الجرح أولى من التَّعديل " [الكفاية (ص 105)].
- وقال الحافظ ابن الصَّلاح -رحمه الله- : " اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ هَلْ يَثْبُتُ الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ بِقَوْلِ وَاحِدٍ، أَوْ لَا بُدَّ مِنَ اثْنَيْنِ؟ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَثْبُتُ ذَلِكَ إِلَّا بِاثْنَيْنِ كَمَا فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ فِي الشَّهَادَاتِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي اخْتَارَهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَثْبُتُ بِوَاحِدٍ، لِأَنَّ الْعَدَدَ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي قَبُولِ الْخَبَرِ، فَلَمْ يُشْتَرَطْ فِي جَرْحِ رَاوِيهِ وَتَعْدِيلِهِ، بِخِلَافِ الشَّهَادَاتِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ " [المصدر السَّابق ص98-99].
- وقال -رحمه الله ـ أيضًا : " إذا اجتمع في شخصٍ جرحٌ وتعديلٌ: فالجرح مقدَّمٌ، لأنَّ المعدِّل يخبر عمَّا ظهر من حاله، والجارح يخبر عن باطنٍ خفيٍ على المعدِّل، فإنْ كان عددُ المعدِّلين أكثر: فقد قيل: التَّعديل أولى، والصَّحيح - والَّذي عليه الجمهور - أنَّ الجرح أولى، لما ذكرناه، والله أعلم " [المقدمة (ص99)].
- وقال الحافظ الزَّركشي معلِّقاً : " يعني لأنَّ الكثرة تقوي الظَّنَّ والعمل بأقوى الظَّنين واجبٌ كما في تعارض الحديثين والأمارتين؛ والصَّحيح: تقديم الجرح لما ذكرنا، يعني لأنَّ تقديم الجرح إنَّما هو لتضمُّنه زيادةً خفيت على المعدِّل، وذلك موجودٌ مع زيادة عدد المعدل ونقصه ومساواته، فلو جرحه واحدٌ وعدَّله مائةٌ قدِّم قول الواحد لذلك " [النُّكت على مقدمة ابن الصَّلاح 3/361-362].
- وقال الحافظ السَّخاوي : " إنْ كان المعدِّلون أكثر عددًا فهو –أي: التَّعديل- معتبرٌ!!، حكاه الخطيب عن طائفةٍ وصاحب المحصول؛ لأنَّ الكثرة تقوي الظَّن، والعمل بأقوى الظَّنين واجبٌ كما في تعارض الحديثين؛ قال الخطيب: وهذا خطأٌ وبُعد ممَّن توهَّمه؛ لأنَّ المعدِّلين وإنْ كثروا ما لبثوا يخبرون عن عدم ما أخبر به الجارحون، ولو أخبروا بذلك وقالوا نشهد أنَّ هذا لم يقع منه لخرجوا بذلك عن أن يكونوا أهل تعديلٍ أو جرحٍ لأنَّها شهادةٌ باطلةٌ على نفي ما يصحُّ ويجوز وقوعه، وإنْ لم يعلموه فثبت ما ذكرناه، وإنَّ تقديم الجرح إنَّما هو لتضمُّنة زيادةٍ خفيت على المعدِّل، وذلك موجودٌ مع زيادة عدد المعدِّل ونقصه ومساواته، فلو جرحه واحدٌ وعدَّله مائةٌ قُدِّم الواحد لذلك ! " [فتح المغيث 2/191].
- وقال النَّووي ـ رحمه الله ـ : ...ولو تعارض جرحٌ وتعديلٌ قدِّم الجرح على المختار الَّذي قاله المحقِّقون والجماهير، ولا فرق بين أن يكون عدد المعدِّلين أكثرَ أو أقلَّ ، وقيل إذا كان المعدِّلون أكثر قدِّم التَّعديل ، والصَّحيح الأوَّل لأنَّ الجارح اطلع على أمرٍ خفيٍ جهله المعدِّل " [شرح مسلم (1 /125)].
- ولمَّا ذكر بعض أهل العلم أنَّ الرَّجل لا يترك حتَّى يجتمع العلماء على تركه، ونُسِب هذا القول للإمام النَّسائي!، عدَّه الحافظ العراقي في ألفيته مذهبًا متسعًا!!، لكنَّ الحافظ ابن حجر -رحمه الله- فسَّره بخلاف ما يظهر منه فقال: " وما حكاه ابن الصَّلاح عن البارودي أنَّ النَّسائي يخرِّج أحاديث مَنْ لم يُجمع على تركه، فإنَّما أراد بذلك إجماعًا خاصًا؛ وذلك: أنَّ كل طبقةٍ من نقاد الرِّجال لا تخلو من متشددٍ ومتوسطٍ، فمن الأولى: شعبة وسفيان الثَّوري أشدُّ منه، ومن الثَّانية: يحيى القطَّان وعبد الرَّحمن بن مهدي؛ ويحيى أشدُّ من عبد الرَّحمن، ومن الثَّالثة: يحيى بن معينٍ وأحمد؛ ويحيى أشدُّ من أحمد، ومن الرَّابعة: أبو حاتمٍ والبخاريُّ؛ وأبو حاتمٍ أشدُّ من البخاريِّ.
وقال النَّسائي: (لا يترك رجلٌ عندي حتَّى يجتمع الجميع على تركه)؛ فأمَّا إذا وثَّقه ابن مهدي وضعَّفه يحيى القطَّان مثلًا فإنَّه لا يتركه لِمَا عُرِف من تشديد يحيى ومن هو مثله في النَّقد، وإذا تقرَّر ذلك ظهر أنَّ الَّذي يتبادر إلى الذِّهن من أنَّ مذهب النَّسائي في الرِّجال مذهبٌ متَّسعٌ ! ليس كذلك، فكم من رجلٍ أخرج له أبو داود والتِّرمذي تجنَّب النَّسائي إخراج حديثه، كالرِّجال الَّذين ذكرنا، قيل: أنَّ أبا داود يخرج أحاديثهم وأمثال من ذكرنا، بل تجنَّب النَّسائي إخراج حديث جماعةٍ من رجالِ الصَّحيحين، وحكى أبو الفضل ابن طاهر قال: سألتُ سعد بن علي الزنجاني عن رجلٍ فوثَّقه، فقلتُ له: إنَّ النَّسائي لم يحتجَّ به؟ ! فقال: يا بنيَّ؛ إنَّ لأبي عبد الرَّحمن شرطًا في الرِّجال أشدُّ من شرط البخاريِّ ومسلمٍ " [النُّكت ص115].
- وقال الإمام ابن كثيرٍ ـ رحمه الله ـ: " وأمَّا إذا تعارض جرحٌ وتعديلٌ، فينبغي أن يكون الجرح حينئذٍ مفسَّرًا، وهل هو المقدَّم ؟ أو التَّرجيح بالكثرة أو الأحفظ ؟…والصَّحيح أن الجرح مقدَّمٌ مطلقًا إذا كان مفسَّرا " [اختصار علوم الحديث (ص134ـ135)].
- قال السُّيوطي ـ رحمه الله ـإذا اجتمع فيه جرحٌ مفسَّرٌ والتَّعديل ، فالجرح مقدَّمٌ ولو زاد عدد المعدِّل ، هذا هو الأصحُّ عند الفقهاء والأصوليين " [التَّدريب].
- قال الشَّوكاني ـ رحمه الله ـ: " وعندي أنَّ الجرح المعمول به هو أن يصفه بضعف الحفظ أو بالتَّساهل في الرِّواية أو بالإقدام على ما يدلُّ على تساهله بالدِّين…فاشدد على هذا يديك تنتفع به عند اضطراب أمواج الخلاف " [إرشاد الفحول (1/145)].
- قال ابن القيم : " واعلم أنَّ الإجماع والحجَّة والسَّواد الأعظم هو العالم صاحب الحقِّ وإن كان وحده وإن خالفه أهل الأرض قال: عمرو بن ميمون الأودى: صحبتُ معاذًا باليمن فما فارقته حتَّى واريته في التُّراب بالشَّام ثمَّ صحبتُ من بعده أفقه النَّاس عبد الله ابن مسعود فسمعته يقول: " عليكم بالجماعة فإنَّ يد الله مع الجماعة " ثمَّ سمعته يومًا من الأيام وهو يقول: " سيولَّى عليكم ولاةٌ يؤخِّرون الصَّلاة عن مواقيتها فصلُّوا الصَّلاة لميقاتها فهي الفريضة وصلُّوا معهم فإنَّها لكم نافلةٌ "، قال قلتُ: " يا أصحاب محمد ما أدري ما تحدِّثون " قال: وما ذاك قلتُ تأمرني بالجماعة وتحضُّني عليها ثمَّ تقول لي صلِّ الصَّلاة وحدك وهي الفريضة وصلِّ مع الجماعة وهي نافلة " قال: " يا عمرو بن ميمون قد كنت أظنُّك من أفقه أهل هذه القرية ! أتدري ما الجماعة؟ !، قلتُ: لا قال: (إنَّ جمهور الجماعة هم الَّذين فارقوا الجماعة، الجماعة ما وافق الحقَّ وإن كنتَ وحدك)، وفي لفظٍ آخر (فضرب على فخذي وقال: ويحك ! إنَّ جمهور النَّاس فارقوا الجماعة؛ وإنَّ الجماعة ما وافق طاعة الله تعالى).
وقال نعيمٌ بن حمَّاد: " إذا فسدت الجماعة فعليك بما كانت عليه الجماعة قبل أن تفسد وإن كنتَ وحدك فإنَّك أنت الجماعة حينئذٍ " ذكرهما البيهقيُّ وغيره، وقال بعض أئمَّة الحديث وقد ذُكِرَ له السَّواد الأعظم فقال: أتدرى ما السَّواد الأعظم؟ ! هو محمدٌ بن أسلم الطُّوسي وأصحابه، فمسخٌ المختلفون الَّذين جعلوا السَّواد الأعظم والحجَّة والجماعة هم الجمهور وجعلوهم عيارًا على السُّنَّة، وجعلوا السُّنَّة بدعةً والمعروف منكرًا لقلَّة أهله وتفرُّدهم في الأعصار والأمصار، وقالوا: من شذَّ شذَّ الله به في النَّار، وما عرَف المختلفون أنَّ الشَّاذ من خالف الحقَّ وإن كان النَّاس كلُّهم عليه إلَّا واحدًا منهم، فهم الشَّاذُّون وقد شذَّ النَّاس كلُّهم زمن أحمد بن حنبلٍ إلَّا نفرًا يسيرًا فكانوا هم الجماعة، وكانت القضاة حينئذٍ والمفتون والخليفة وأتباعه كلُّهم هم الشَّاذون وكان الإمام أحمد وحده هو الجماعة، ولمَّا لم يتحمَّل هذا عقول النَّاس قالوا: للخليفة يا أمير المؤمنين أتكون أنت وقضاتك وولاتك والفقهاء والمفتون كلُّهم على الباطل وأحمد وحده هو على الحقِّ ! فلم يتِّسع علمه لذلك فأخذه بالسِّياط والعقوبة بعد الحبس الطَّويل، فلا إله إلا الله ما أشبه اللَّيلة بالبارحة وهي السَّبيل المهيع لأهل السُّنَّة والجماعة حتَّى يلقوا ربَّهم مضى عليها سلفهم وينتظرها خلفهم " [إعلام الموقعين 3/308].
- قال عبد الرَّحمن المعلِّمي ـ رحمه الله ـ: " الجرح إذا كان مفسَّرًا فالعمل عليه، و هذه القضيَّة يُعرف ما فيها بمعرفة دليلها " [التَّنكيل (1\95)].
- قال الشَّنقيطي ـ رحمه الله ـ: " الجرح إذا تعارض مع التَّعديل قُدم الجرح، لأنَّ المجرِّح اطَّلع على أمرٍ خفيٍ.. فإن كان المعدِّلون أكثر من المجرِّحين فكذلك في الصَّحيح لأنَّ سبب تقديم الجرح: علمُ المجرِّحِ بما خفي على المعــدِّل، وذلك لا ينتفي بكثرة عدد المعدِّلين، وقيل: يقدَّم التَّعديل للكثرة وهو ضعيفٌ " [المذكرة(ص123)].
- قال الشَّيخ أحمد شاكر ـ رحمه الله ـ :إذا اجتمع في الرَّاوي جرحٌ مُبيَّن السَّبب وتعديلٌ، فالجرحُ مُقدّمٌ، وإن كثُر عدد المُعدِّلين، لأنَّ مع الجارح زيادةُ علمٍ لم يطَّلع عليها المُعدِّل، ولأنَّه مصدِّقٌ للمُعدِّل فيما أخبر به عن ظاهر حاله، إلَّا أنَّه يخبر عن أمرٍ باطنٍ خفيٍ عنه..." [الباعثُ الحثيث (ص :89)].
- قال الشَّيخ محمد ناصر الدِّين الألباني ـ رحمه الله ـ : " ولذلك لا ينبغي أن يغترَّ أحدٌ بما ذهب إليه ابن سيد النَّاس في مقدمة كتابه "عيون الأثر" من توثيق الواقدي!؛ فإنَّه خالف ما عليه المحقِّقون من الأئمَّة قديمًا وحديثًا، ولمنافاته علم المصطلح على: "وجوب تقديم الجرح المفسر على التَّعديل"؛ وأي جرحٍ أقوى من الوضع؟!، وقد اتَّهمه به أيضًا الإمام الشَّافعي الَّذي يزعم البوطي أنَّه يقلِّده، وأبو داود وأبو حاتم، وقال أحمد: كذَّاب " [حاشية كتابه "دفاعٌ عن الحديث النَّبوي" (ص21)].
- وقال الشَّيخ زيد بن محمَّد المدخلي : " ويُقبل الجرح من العدل العارف بأسباب الجرح، ولو كان واحدًا، وإن تعارض جرحٌ وتعديلٌ قُدِّم الجرح المفسَّر على التَّعديل، لأنَّ الجارح عنده زيادة علمٍ، وهذا هو قول الجمهور، ولاعبرة بكثرة العدد أو قلَّته... " [الأجوبة الأثريَّة ص 58].
- وسُئِلَ الشَّيخ صالح الفوزان –حفظه الله-: هذا سائلٌ يقول -حفظكم الله- هل يشترط في الجرح الإجماع؟
الجواب : " هذا من شئون الحُفَّاظ ، حفَّاظ الحديث ، وليس من شرطهم أن يُجمع من أنَّ هذا مجروحٌ ، بل المثبت مقدَّم على النَّافي، فالمزكِّي هذا نافي، والَّذي عند جرحٌ هذا مثبتٌ مقدَّمٌ " [الموقع الرَّسمي للشَّيخ – حفظه الله-].
- قال الشَّيخ الهمام ربيع بن هادي -حفظه الله- رادًا على من أكثر من الشُّروط الباطلة: " وكُتُبُ السَّلف – على كثرتها وكثرة ما فيها من الأقوال في الرَّدِّ على البدع والمنكرات – لم نجد فيها هذه القيود الشَّديدة! " [بيان ما في نصيحة إبراهيم الرُّحيلي من الخلل والإخلال ص51].
- وقال أيضًا: " والَّذي يراجع كتب أئمَّة السُّنَّة في بيان عقيدة أهل السُّنَّة وبيان بطلان عقائد أهل البدع كثيرًا ما يجد الأقوال الشَّديدة في أهل البدع جماعاتهم وأعيانهم، ولا يجد مثل أساليب الدُّكتور إبراهيم وشروطه وضوابطه الَّتي تجعل نقد أهل البدع والمخالفين من المستحيلات! " [المصدر السَّابق ص47].
- وقال الشَّيخ أيضًا : " و من البلاء الآن في هذه الفتن حتَّى عند بعض السَّلفيين يتمسَّكون بقال فلانٌ وقال فلانٌ !. و لو كان من يخالفهم معه الدَّليل و البرهان، و هذا من سلوك طرق أهل الضَّلال و المنهج السَّلفي لا يعترف بهذه الطُّرق مهما بلغ الإنسان من منزلة.
أفتى فتوى أو قال قولاً ليس له دليلٌ فلا يجوز قبول كلامه، نحترمه ونعتذر له وما شاكل ذلك ، لكن كلٌّ يؤخذ من قوله و يردُّ إلَّا رسول الله ﷺ، ومن معه الحجَّة من الله ومن رسوله ﷺ لا يجوز ردُّ قوله ... " [المجموع الرَّائق (ص 376 )].
- وسُئِلَ الشَّيخ ربيع - حفظه الله - : هل يشترط في جرح أهل البدع إجماع أهل العصر ؟ أم يكفي عالمٌ واحدٌ فقط ؟
الجواب : هذه من القواعد المميعة الخبيثة _ بارك الله فيكم _ في أيِّ عصرٍ اشترطوا هذا الإجماع وما الدَّليل على هذا الشَّرط، كلُّ شرطٍ ليس في كتاب الله فهو باطلٌ، إن كان هنالك شرطٌ وإذا جرح الإمام أحمد بن حنبل أو يحيي بن معين جَرَحَ مبتدعًا أقول: لابد أن يجمعوا أئمَّة السُّنَّة في العالم كلُّه على أنَّه مبتدع !! ، إذا قال الإمام أحمد هذا مبتدعٌ انتهى كلُّ شيءٍ ، فإذا قال الإمام أحمد: هذا مبتدعٌ سلَّم النَّاس كلُّهم له وركضوا ورائه، وإذا قال ابن معين: هذا مبتدعٌ ما أحد ينازعه، أمَّا شرط الإجماع هذا مستحيلٌ في كلُّ الأحكام الشَّرعيَّة، طيب؛ إذا جاء شاهدين على فلان أنَّه قتل يجب أن نشترط إجماع الأمَّة على أنَّه قَتَل! يعني شهادة فلان على فلان أنَّه قتل فلان، يجب على الحاكم أن يحكم بشرع الله إمَّا الدِّيَّة وإمَّا القصاص يجب تنفيذ شرع الله عزَّ وجل، هل يشترط الإجماع في هذه القضيَّة وهي أخطر من تبديع المبتدع!، هؤلاء هم المميِّعون وأهل الباطل ودعاة الشَّر وأهل الصَّيد في الماء العكر -كما يقال-، فلا تسمعوا لهذه التُّرَّهات، فإذا جرح عالمٌ بصيرٌ شخصًا _بارك الله فيك_ يجب قبول هذا الجرح، فإذا عارضه عالمٌ عدلٌ مقتدرٌ فحين إذا يُدرس ما قاله الطَّرفان ويُنظر في هذا الجرح وهذا التَّعديل فإذا كان الجرح مفسًرا مبيَّنًا قُدِّم على التَّعديل؛ ولو كثُر عدد المعدِّلين، إذا جاء عالمٌ بجرحٍ مفسرٍ وخالفه عشرة !، خمسون عالمًا !! ما عندهم أدلَّة، ما عندهم إلَّا حسن الظَّن والأخذ بالظَّاهر وعنده الأدلَّة على جرح هذا الرَّجل فإنَّه يقدَّم الجرح لأنَّ الجارح معه حجَّةٌ والحجَّة هي المقدَّمة، وأحيانًا نقدِّم الحجَّة ولو خالفها ملءُ الأرض !، ملء أهل الأرض خالفه والحجَّة معه !! ، فالحقُّ معه، الجماعة من كان على الحقِّ ولو كان وحده، لو كان إنسانٌ على السُّنَّة وخالفه أهل مدينتين، ثلاثةُ مبتدعةٍ، الحقُّ معه ويقدَّم ما عنده من الحجَّة والحقُّ على ما عند الأخرين من الأباطيل، فيجب أن نحترم الحقَّ وأن نحترم الحجُّة والبرهان {قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ}، فالكثرة لا قيمة لها إذا كانت خاليةً من الحجَّة، فلو كان اجتماع أهل الأرض إلَّا عددًا قليلًا على باطلٍ وليس معهم حجَّة فلا قيمة لهم، ولو كان الَّذي يقابلهم شخصٌ واحدٌ أو عددٌ قليلٌ، فالله الله في معرفة الحقِّ والتَّمسك به وقبول الحقِّ إذا كان ترفقه الحجَّة، وفق الله الجميع " [" شريط المنهج التَّميعي وقواعده " للشَّيخ حفظه الله].
- وسُئِلَ أيضًا: " رجلٌ بعض العلماء يبدِّعه وبعضهم لا يبدِّعه وبعض الطُّلاب يتَّبعه اتِّباعًا لقول من لا يبدِّعه فهل يجوز عليَّ الإنكار عليه؟
الجواب: " هذا من الفتن الموجودة الآن على السَّاحة وقد طالت، وقد طالت، رغم أنَّ كثيرًا من الشَّباب يعرفون الحقَّ، بارك الله فيك، وأنَّه لا يشترط في تبديع أحدٍ أو الجرح فيه الإجماع، بل يكتفى بقول الرَّجل الواحد في الجرح والتَّعديل، فإذا جرَّحه جماعةٌ وبدَّعوه فهذا يكفي المسلم الطَّالب للحقِّ، أمَّا صاحب الهوى فلا يكفيه شيءٌ ويتعلَّق بخيوط العنكبوت، فناسٌ قد ما علموا هذا الجرح، ومشغولون، وناسٌ درسوا وعرفوا أنَّ هذا رجلٌ مجروحٌ ويستحقُّ الجرح، لأنَّه كذَّاب، ساقط العدالة، لأنَّه يطعن في العلماء، لأنَّه يؤصِّل أصولًا فاسدةً لمناهضة المنهج السَّلفيِّ وأهله، عرفوا هذا كلَّه، وبعد النُّصح الَّذي لا يلزمهم، نصحوا وبيَّنوا وأبى هذا الإنسان، فاضطَّروا إلى تبديعه !، فما هو عذر من يبقى هكذا يتعلَّق بخيوط العنكبوت: (والله فلان زكاه!) (والله ما أجمعوا على تبديعه!؟)، الَّذين ما بَّدعوه يتقسَّمون: ناسٌ ما درسوا ومعذورون، وناسٌ درسوه ويدافعون عن الباطل، ناسٌ درسوا وعرفوا ماذا عنده من الباطل وأبوا إلَّا المحاماة عن هذا المبتدع؛ هؤلاء لا قيمة لهم، والسَّاكتون لا حجَّة في سكوتهم، والَّذين جرحوا وبيَّنوا ما في هذا الإنسان من الجرح، يجب على المنصف أن يأخذ بالحقِّ لأنَّ الحُجَّة معهم، وليس لمن يتعلَّق بخيوط العنكبوت الَّتي أشرتُ إليها، ليس له أيُّ عذرٍ أمام الله عزَّ وجلَّ، بارك الله فيكم " [شريط بعنوان: التَّعليق على كتاب الفتن من صحيح البخاري].
- قال الشَّيخ ـ حفظه الله ـ أيضًا : " علماء الجرح والتَّعديل وعلماء الشَّريعة الإسلاميَّة فصَّلوا في هذا الأمر، منهم الحافظ ابن كثيرٍ في مختصر مقدِّمة ابن الصَّلاح ، إذا جرح عالمٌ معتبرٌ يعلم أسباب الجرح والتَّعديل والخلاف في هذه الأمور ولم يعارضه أحدٌ في هذا الجرح فإنَّه يُقبل – بارك الله فيكم –، أمَّا إذا عارضه عالمٌ معتبرٌ مثله بتزكيةٍ؛ فحينئذ يُطلب من المجرح أن يقدِّم الأدلَّة على ثبوت جرحه وأسبابه، فإذا قدَّم الأدلَّة فلو عارضهُ مائة عالمٍ من كبار العلماء وأبرزهم فلا قيمة لمعارضتهم لأنَّهم يعارضون الحجَّة والبرهان ، وهم يعارضون بغير حجَّةٍ ولابرهانٍ، والله يقول : {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} [سورة البقرة آية : 111] فالبرهان يُسكت الألوف من الَّذين خلت أيديهم من الحجج ولو كانوا علماء، فهذه قواعد يجب أن تعرف وعليكم بمراجعة كتب علوم الحديث ولا سيما الموسَّعة منها مثل: تدريب الرَّاوي ومثل: فتح المغيث للسَّخاوي شرح ألفية العراقي ، فهذه أمورٌ بديهية عند أهل العلم، فالمنازعة فيها والكلام فيها بالباطل لا يجوز لأنَّه يفسد العلوم الإسلاميَّة ويخرب القواعد و…….إلى آخره بمثل هذه الأساليب ، فلا يجوز للمسلم أن يطرح للنَّاس إلَّا الحقَّ ويبتعد عن التَّلبيس والتَّحيل " [شريط " التَّحذير الحسن من فتنة أبي الحسن " الوجه الأول].
- وقال –حفظه الله- أيضًا : أؤكِّد أنَّه لو زكَّى أبا الحسن أحدٌ من النَّاس فإنَّنا نتعامل مع هذه التَّزكيات بمنهج الله الحقِّ ليتبيَّن للنَّاس الصَّواب من الخطأ ، والله لو زكَّاه مثل أحمد بن حنبل وليس معه حجَّة فإنَّ تزكيته لا يجوز قبولها أبدًا، لأنَّ الجروح موجودةٌ الَّتي نادى بها أسلافنا الكرام وتعاملوا بها في دينهم وفي سنَّة نبيِّهم وفي رواة حديثهم وفي شهاداتهم، وفي غيرها من أبواب دين الله وستردُّها الأدلَّة والبراهين ، فلا يفرح أبو الحسن ولا يفرح غيره ……فإنَّا رأينا القطبيين وعدنان عرعور والمغراوي يلجئون إلى هذه الوسائل الَّتي لا تغني في دين الله وعند الله وعند أهل السُّنَّة لا تغني شيئًا " [المصدر السَّابق].
- وسُئِلَ أيضًا ـ حفظه الله ـ ما نصُّه : يقولون يعني مثلًا الشَّيخ أبا الحسن والشَّيخ علي حسن؛ ما داموا يزكُّون المغراوي فنحن نأخذ بقولهم !
فأجاب : " اسمع !، لا قيمة لتزكيَّتهم والجرح واضحٌ، الجرح عند أطفال أهل الحديث مقدَّم على التَّعديل، الجرح المُفسَّر المُبيَّن مُقدَّم على التَّعديل، ولو كان المُعدِّل أحمد بن حنبل وأمثاله وليس هؤلاء !، هؤلاء طلاب علمٍ لا عبرة بتعديلهم ولا قيمة لهم ما دام الجرح مفصَّلًا عند من يعرف، اعرفوا هذه القواعد، هذا من فسادهم وانحرافهم في المنهج؛ تضييع مناهج الجرح والتَّعديل، هذا تخريبٌ للأصول في العقيدة وللأصول في التَّطبيق، الآن هم على حقٍ وعلى هدى حين يقولون فلان زكَّاه وفلان زكَّاه والجرح واضحٌ ؟ والحقُّ مع الجارحين؟

السَّائل: شيخنا بالطَّبع الجرح المفسر مقدَّمٌ؟
الشَّيخ: هذا تخريبٌ لأصول الدِّين وفروعه، الآن سيتوسعون في التَّخريب، اسألوا أبا الحسن وعلي حسن: أنتم
زكَّيتم بالرُّغم من الجرح ومعه أدلَّة ، الحقُّ معك أم معهم ؟ اسألوا علي حسن وأبا حسن أيُّهما يُقدَّم الجرح
المفسَّر ولَّا التَّعديل المجمل؟ !
السَّائل: يا شيخ معروفٌ يعني الجرح المفسَّر [مقدَّم]...
الشَّيخ: أشيعوا هذه القواعد، كفاكم، بارك الله فيكم، قفوا، لا تتوسَّعوا في تخريب القواعد والأصول" [شريط بعنوان " أقوال العلماء في علي الحلبي].
- وسُئِلَ الشَّيخ عبيد الجابري – حفظه الله - : هل يشترط الإجماع في التَّبديع؟
الجواب : لا هذه قضيةٌ محدثةٌ، هذه من قواعد الحلبيِّ، بل إذا أقامَ عالمٌ دليلًا على أنَّ الشَّخص مبتدعٌ وأُثبت أنَّه قامت عليه الحجَّة، إمَّا بالمناقشة، أو أنَّه ركب ما هو معلومٌ من الدِّين بالاضطرار أنَّه بدعةٌ هذا يكفي، وليس له عهدٌ عند السَّلف، الإجماع ليس له عهدٌ لكن هؤلاء القوم: يريدون أن يلمِّعوا أهل البدع، وأن يغطُّوا مخازيهم وعيوبهم وفضائحهم " [الدَّرس الثاني: من شرح أصول السُّنَّة للإمام أحمد-الدَّورة العلميَّة بالرياض].
- وسُئِلَ الشَّيخ أيضًا : أحسن الله إليكم، وبارك فيكم هذا سائلٌ يسأل ويقول: هل يشترط في الرَّدِّ على المخالف والتَّحذير منه أن يجتمع على التَّحذير منه والكلام فيه أهل العلم أم يكفي عالمٌ واحدٌ فقط ؟ !
الجواب: " هذه قاعدة الجرح والتعديل، ملخصها: أنَّ من علم حجَّةٌ على من لم يعلم، فإذا حذَّر عالمٌ من رجلٍ وأقام عليه الدَّليل بأنَّه من أهل الأهواء أو من الجهَّال الَّذين لا يستحقُّون الصَّدارة في العلم والتَّعليم، وكان هذا العالم معروفًا بين النَّاس بالسُّنَّة والاستقامة عليها، وتقوى الله سبحانه وتعالى: فإنَّا نقبل كلامه، ونَحذر مَنْ حذَّرنا منه وإن خالفه مئاتٌ؛ ما دام أنَّه أقام الدَّليل وأقام البيِّنة على ما قاله في ذلكم المحذَّر منه، فهذا وُسعُنا، بل هو فرضنا والواجب علينا، وإلَّا ضاعت السُّنَّة.
فإنَّ كثيراً من أهل الأهواء يخفى أمرهم على جمهرة أهل العلم، ولا يتمكنون من كشف عوارهم وهتك أستارهم...، فإذًا ماذا نصنع؟ ! نعمل على كلام ذلك العالم الَّذي أقام الَّدليل وأقام البيِّنة الَّتي توجب الحذر من ذلك الرَّجل من كتبه ومن أشرطته ومن شخصه.
وأمَّا ذلك العالم الجليل فهو على مكانته عندنا؛ لا نجرحه، ولا نحطُّ من قدره، ولا نقلِّل من شأنه بل نعتذر له؛ نقول ما علم، لو علِمَ ما عَلِمنا لكان عليه مثلنا أو أشدَّ منا " [الحدُّ ال-السُّؤال التَّاسع].
- وقال ـ حفظه الله ـ أيضًا: والجرح المفسَّر والتَّعديل المجمل هذان متعارضان ولهذا قدَّم أهل العلم الجرح المفسَّر ويعنون به الجرح القائم على الَّدليل من إنسانٍ ذي خبرةٍ بأحوال النَّاس ومقالاتهم، عنده علمٌ وتقى وخبرةٌ يعرف من يجرح فإنَّ أهل السُّنَّة لا يجرحون أعني العلماء والأئمَّة لا يجرحون من يستحقُّ التَّعديل لأنَّهم لا يعتبطون ولا يتجرَّءون، فأئمَّة أهل السُّنة هم أمَّة الدَّليل على ما يستحقُّه الإنسان من جرحٍ و تعديلٍ, فالجرح المفسَّر مقدَّم على التَّعديل المجمل لأنَّ الجارح عنده زيادة علمٍ، فعلى سبيل المثال : لو أنَّ شخصًا أُثني عليه بأنَّه صاحب صلاةٍ وصيامٍ وكرمٍ , هذا تعديلٌ , ثمَّ جاء شخصٌ آخر وأقام الدَّليل على أنَّه سيِّءُ الخُلُقِ وسيِّءُ التَّعامل مع النَّاس، فهذا قوله مقدَّم، ما دام أقام الدَّليل، ومثال آخر: لو أنَّ شخصًا سأل عن رجلٍ لتزويجه, لأنَّه خطب منه موليته، فأثنى عليه أشخاصٌ بما يعرفون من صلاته وصيامه وبذله الخير, ثمَّ جاء آخر فسأل هذا الَّذي سأل عن ذلك الإنسان الخاطب، فقال : أنت لماذا تسأل عنه ؟ فقال : إنَّه خطب منِّي بنتي أو أختي, فقال هذا الرَّجل: سيِّء العشرة للنِّساء, فكم من امرأة طلِّقت منه لسوء عشرته, وهو ممِّن يعرفه, ومن المعروفين بالصِّدق والعدالة والأمانة , فإنَّ من أراد أن يتَّقي الله في موليته, وجب عليه قبول هذا الجرح, فإن لم يقبله كان عاصيًا لأبي القاسم  في قوله :" إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه "وفي رواية:"وأمانته فزوِّجوه، إن لم تفعلوا تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ عريضٌ" [أجوبة العلامة عبيد السَّلفيَّة على أسئلة أبي حازم المنهجيَّة : الحلقة الثانية].
- وسُئِلَ الشَّيخ محمد بن هادي المدخلي ـ حفظه الله ـ : هل يُشترط في التَّبديع الإجماع؟
الجواب : اشتراط الإجماع في التَّبديع غير صحيحٍ ؛ إذا تكلم العالم العارف ، وقف على ما يوجب التَّبديع ، توافرت الشُّروط ، قال بذلك و أدلى بالحجَّة وجب اتّباعه ، و لا ينبغي أن يُعارض - لا يجوز أن يُعارض- هذا الحكم بكون فلان ما بَدَّع ! ، قد يكون فلانٌ ما بلغه العلم في هذا ؛ و قد يكون سمِع لكن ما عنده تصورٌ عن هذه المسألة الَّتي حدثت في هذا الشَّخص بعينه ، فهذا لا يُعترض به على قول من أدلى بالحجَّة موَضَّحة مُبَيَّنةً ، و هذا الكلام إذا قُلتَ به وقعتَ فيما هو خطيرٌ؛ و هو أنَّ كثيرًا من أهل الأهواء - غير هذا الرَّجل الشَّيخ علي - كثيرٌ من أهل الأهواء تجد لهم أتباعٌ الآن يُدافعون عنهم ، و بدعهم ظاهرةٌ معلومةٌ من الدِّين ضرورةً ؛ فهل تقول بعدم تبديعهم ؟! هذا غير صحيحٍ " [من محاضرة (كلمات فيما يجري على الساحة السَّلفية)].
- وسُئِلَ ـ حفظه الله ـ أيضًا ما نصُّهُ : هل تعتبر تزكيَّة الشَّيخ العباد لعلي حسنٍ مقدِّمة على نقد العلماء؟
فأجاب: نحن نقول: إذا تعارض الجرح والتَّعديل قُدِّم الجرح، لأنَّ المعدِّل غاية ما عنده أنَّه يقول: لا أعلم إلَّا هذا، أمَّا الجارح فإنَّه قد قال: أنا أعلم أكثر مِمَّا تعلم.
فحقيقة الأمر كما قال الحافظ ابن الصَّلاح في مقدِّمة علوم الحديث، حقيقة الأمر أنَّه لا تعارض بينهما، إذ هذا شهد بغاية ما يعلم أنَّه لا يعلم إلَّا هذا، فأنا جئتُ وقلتُ لكم: أنا عندي علمٌ ليس عندك!، فما اختلفنا أنا وإيَّاك، أليس كذلك؟، هذا هو !، هذا موجودٌ الآن في كتب علوم الحديث، لكن للأسف كثيرٌ من أبناءنا وإخواننا يلقفون الكلمة وهم لا يعلمون معناها، ولا يدرون ما تحتوي هذه الكلمة عند أرباب الفنِّ.
فأقول: إذا تعارض الجرح والتَّعديل من أيِّ عالمين ينظرُ إلى الجرح، هل هو مُفَسَّر؟
الأصل: تقديم الجرح ، فكيف إذا جاء الجرح مفسرًا؟، فإنَّه أقدم وأقدم، وما سمعنا في التَّشكيك فيه على هذا النَّحو إلَّا من هؤلاء الَّذين ركبوا طريقة أهل الأهواء، و(علي حسن) ممَّن ركب طريقة أهل الأهواء " [بعنوان (المفهوم الصَّحيح للدَّعوة الى الله )].
- قال الشَّيخ محمد علي آدم الأثيوبي ـ حفظه الله ـ: الأصل في التَّعارض المعتبر مفسّر الجرح نراه يؤثر الأصل المعتبر عند تعارض الجرح والتَّعديل تقديم الجرح المفسَّر على التَّعديل" [إيضاح السَّبيل في شرح إتحاف النَّبيل بمهمات علم الجرح والتَّعديل"(ص : 49)].
- وقال أيضًا ـ حفظه الله ـ: قد تبيَّن بما سبق أنَّ الأرجح فيما تعارض الجرح والتَّعديل على شخصٍ واحدٍ، تقديم قول الجارح مطلقًا تساوى العدد أم زاد، أم نقص، لأنَّ معه زيادة علمٍ ليست مع المعدِّل، لكن يُستثنى من ذلك ما إذا قال المعدِّل: عرفتُ سبب الجرح، لكنَّه تاب منه، وحسنت توبته، أو نفي المعدِّل ما أثبته الجارح بطرقٍ معتبرةٍ،كما سبق وجهه، ففي مثل هذا يقدَّم التَّعديل، والله تعالى أعلم، وإلى ما ذُكِرَ أشار الحافظ السُّيوطيُّ في " ألفية الحديث " ، فقال:
وقدِّم الجرحَ ولو عدَّلهُ *** أكثرُ في الأقوى فإنْ فصَّله
فقالَ منه تابَ أونفاهُ *** بوجههِ قدِّم من زكَّاهُ "
[قرة عين المحتاج في شرح مقدِّمة صحيح مسلمٍ بن الحجاج (2/357)].



انتهى المقصود وآمل من الإخوة الكرام أن يشيعوا هذه النقول والقواعد عملا بوصية المشايخ والعلماء خاصة في مثل هذا الزمن الذي كثرة فيه الفتن بسبب الغفلة عن هذه الأصول والله المستعان
والحمد لله رب العالمين



رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
قواعد وأصول سلفية وخلفية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013