منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » قــســـــــــــم الأخــــــــــــوات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 Aug 2019, 12:08 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 366
افتراضي

الصور المصغرة للصور المرفقة
اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	وان تطيعوه تهتدوا العنوان.jpg‏
المشاهدات:	4276
الحجـــم:	39.9 كيلوبايت
الرقم:	7130   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	وان تطيعوه تهتدوا1.jpg‏
المشاهدات:	3904
الحجـــم:	65.7 كيلوبايت
الرقم:	7131   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	وان تطيعوه تهتدوا2.jpg‏
المشاهدات:	3923
الحجـــم:	82.5 كيلوبايت
الرقم:	7132   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	وان تطيعوه تهتدوا3.jpg‏
المشاهدات:	3924
الحجـــم:	77.1 كيلوبايت
الرقم:	7133   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	وان تطيعوه تهتدوا4.jpg‏
المشاهدات:	3872
الحجـــم:	63.4 كيلوبايت
الرقم:	7134   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	وان تطيعوه تهتدوا5.jpg‏
المشاهدات:	3931
الحجـــم:	81.4 كيلوبايت
الرقم:	7135   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	وان تطيعوه تهتدوا6.jpg‏
المشاهدات:	3740
الحجـــم:	9.3 كيلوبايت
الرقم:	7136  
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 20 Aug 2019, 01:36 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 366
افتراضي





تفسير قوله تعالى: "إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ"/ للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله





سبب نزول قوله تعالى: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ)


https://www.alfawzan.af.org.sa/ar/node/5177

تفسيرقوله تعالى: "إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ"

لفضيلة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله

https://www.yacoline.com/video/177987/


تفسير قوله تعالى إنّك لا تهدي مَن أحببت - العلامة صالح الفوزان حفظه الله


لاإله إلاّ أنتَ -يا ربّ- آمنتُ أنّه لايهدي -لأحسن الأخلاق والأعمال- إلاّ أنتَ.



الصور المصغرة للصور المرفقة
اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	صلاح النّاس باتّباع السُّنّة.jpg‏
المشاهدات:	3836
الحجـــم:	133.4 كيلوبايت
الرقم:	7141   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	هداية التوفيق.jpg‏
المشاهدات:	4688
الحجـــم:	120.8 كيلوبايت
الرقم:	7142  
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 21 Aug 2019, 12:55 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 366
افتراضي





من هنا تستمع إلى الشيخ د. خالد بن ضحوي حفظه الله يشرح: الفرق بين هداية الإرشاد وهداية التّوفيق

*****
هداية الدّلالة وهداية التّوفيق/ نستمع هنا إلى الشيخ محمد بن غالب العمري حفظه الله

https://www.baynoona.net/ar/audio/3161

ولعلّكم إخواني، أخواتي في الله، لاحظتم في استماعكم إلى المقاطع الصوتيّة، اشتراك كلّ من الشيخ محمد بن غالب العمري والشيخ خالد بن ضحوي الظّفيري حفظهما الله، في ذكر هداية الدّلالة والبيان، على أنّها هي هداية الإرشاد، بينما عند الاستماع للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، في أوائل المشاركات في الموضوع، أنّه يذكر لفظ "الإرشاد" في معنى هداية التّوفيق، حيث يجمع في التّعبير عن هداية الله لعبده بين التّوفيق والإرشاد.




http://alandals.net/Node.php?fid=346&id=15646

فما الفرق بين وصف الشيخين محمد بن غالب العمري وخالد الظفيري لهداية الدّلالة على أنّها هداية الإرشاد، وبين وصف الشيخ العثيمين لهداية التّوفيق على أنّها هداية الإرشاد؟.

في الحقيقة أنّه ليس هناك اختلاف في الوصف والمعنى اللّغوي.

فالإرشاد سواء قُصِدَ به: الدّلالة والبيان والتّوجيه، والذي يتمكّن منه العباد، رُسُلاً كانوا، أو دعاة إلى الله، أو قُصِدَ بِه توجيه الله لعباده وتسديدهم، وإلهامهم الرُّشد.

فالمعنى اللّغوي لايختلف في لفظ:"الإرشاد" بين الهدايتين، هداية الدّلالة والإرشاد، وهداية التّوفيق والإرشاد.

بينما من النّاحية الشّرعيّة والإيمانيّة، هناك فرق في معنى الإرشاد الذي يقوم به العباد، رُسُلاً كانوا أو أتباعهم الّذين يدعون النّاس إلى الله. وبين الإرشاد الذي يلهم به الله عباده بالتّسديد والتّوفيق إلى الطّريق المستقيم.

والقواميس اللّغويّة تقول:

في المعجم: الغني:

أَرْشَدَ :- يُلْقِي دُرُوسَ الإِرْشَادِ :-: الوَعْظِ ، التَّوْجِيهِ ، الهِدَايَةِ .

وفي المعجم: الرائد:

أرشده : هداه ، دلّه « أرشده إلى الأمر أو عليه أو له »

وفي المعجم:اللغة العربية المعاصر، فرّق بين إرشاد الدّلالة والبيان وإرشاد التّوفيق والالهام بقوله:

أرشد فلانًا إلى الشَّيء / أرشد فلانًا على الشَّيء / أرشد فلانًا لـلشَّيء : هداه ودلّه إليه :- أرشد سائحًا.

أرشده الله، - أرشده إلى الصواب، - أرشده على الحق، - أرشده للخير، - .


ويقول المعجم: لسان العرب، وأظنّه (والله أعلم) حسب المتخصّصين في اللغة، أنّه أغنى وأجود معجم في تفسير الكلمات وإيضاح معانيها.

يقول المعجم في أوّل شرح لمعنى: رشد
"في أَسماء الله تعالى الرشيدُ : هو الذي أَرْشَد الخلق إِلى مصالحهم أَي هداهم ودلّهم عليها، فَعِيل بمعنى مُفْعل، وقيل : هو الذي تنساق تدبيراته إِلى غاياتها على سبيل السداد من غير إِشارة مشير ولا تَسْديد مُسَدِّد"انتهـ الكلام المطلوب.

قلتُ: يوضّح معنى الرشيد، وهو ينسب الاسم إلى الله، أي أنّه من أسماء الله، وقد ذكره الشيخ السعدي رحمه الله في تفسير أسماء الله الحسنى، وذكره العلامة حافظ الحكمي رحمه الله في شرح الأسماء الحسنى في كتاب معارج القبول.

والذي أثار انتباهي في تفسير المعجم: لسان العرب، قوله: "هو الذي تنساق تدبيراته إِلى غاياتها على سبيل السداد من غير إِشارة مشير ولا تَسْديد مُسَدِّد".انتهـ.

وهذا المعنى الذي يميّز بين هداية الإرشاد التي يقوم بها الرُّسُل والأنبياء في دلالتهم للنّاس على الطريق المستقيم، حيث أنّ توجيههم للنّاس إلى الطّريق الحقّ، يحتاج إلى تسديد مسدّد وهو الله سبحانه وتعالى. ولهذا قال الله تعالى:"ما على الرّسول إلاّ البلاغ المبين".
فـإرشاد الرسل للنّاس وتوجيههم، يكون بالبلاغ والبيان. أمّا الهداية بشرح صدورهم للإسلام والإيمان، فهو من تسديد الله سبحانه لعباده، وهو أعلم بالمهتدين.

وإرشاد النّاس من الرسل وأتباعهم، هو من قَبِيل البيان والدّلالة، وليس عليهم هداهم وإلهامهم الرشد. بينما إرشاد الله لعباده أن يهديهم للإيمان والتقوى والصّلاح.



قال الله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ) [الأنبياء/51]،

قال الإمام ابن كثير رحمه الله مفسّرا الآية:

وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51)

يخبر تعالى عن خليله إبراهيم عليه السلام، أنّه آتاه رشده من قبل، أي: من صغره ألهمه الحق والحجة على قومه، كما قال تعالى: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ) [ الأنعام : 83 ] ،......
والمقصود هاهنا : أن الله تعالى أخبر أنه قد آتى إبراهيم رشده، من قبل، أي : من قبل ذلك، وقوله : (وكنّا به عالمين) أي : وكان أهلا لذلك .] انتهـ المقصود من كلامه.

ويفسّر الآية الإمام الطبري رحمه الله بما يلي:

[يقول تعالى ذكره (وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ) موسى وهارون، ووفَقناه للحقّ، وأنقذناه من بين قومه وأهل بيته من عبادة الأوثان، كما فعلنا ذلك بمحمد صلى الله عليه وسلم، وعلى إبراهيم، فأنقذناه من قومه وعشيرته من عبادة الأوثان، وهديناه إلى سبيل الرشاد توفيقا منّا له.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى " ح " وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ) قال: هديناه صغيرا.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد (وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ) قال: هداه صغيرا.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ) قال: هداه صغيرا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله (وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ) يقول: آتينا هداه.
وقوله (وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ) يقول: وكنا عالمين به أنّه ذو يقين وإيمان بالله وتوحيد له، لا يشرك به شيئا]انتهـ كلامه.




والآية الثانية التي تدلّ على أنّ إلهام الرشد وفعل الإرشاد الذي يقوم به العباد من رُسل وصالحين هو لايخرج عن كونه، يتمّ كماله، بتسديد الله لعباده المُرْشِدِين ومَن وجّهوا إليهم الإرشاد. قال الله تعالى: (قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا) [الكهف/66]

قال الشيخ السعدي رحمه الله مفسّرا الآية:

[ أي: هل أتّبعك على أن تعلّمني ممّا علّمك الله، ما به أسترشد وأهتدي، وأعرف به الحق في تلك القضايا؟
وكان الخضر، قد أعطاه الله من الإلهام والكرامة، ما به يحصل له الاطّلاع على بواطن كثير من الأشياء التي خفيت، حتى على موسى عليه السلام] انتهـ كلام كلام الشيخ رحمه الله.

ومن هذا الكلام نجد أنّ المُرْشِد، يحتاج إلى إرشاد الله له، وتوفيق في مهمّة الإرشاد.

وعلى هذا فهداية الدّلالة والإرشاد من الرُّسُل وأتباعهم، تحتاج إلى هداية التّوفيق والتّسديد من الله لإنجاح مهمّة هؤلاء الدّعاة إلى الله. حتّى يتمكّنوا من إقناع النّاس بالرّسالة التي يبلّعونهم إيّاها.



وأجمل ما أختم به هذا الجزء من بحثي المتواضع، (أسأل الله فيه السّداد)، ما جاء به الشيخ السعدي من تفسير للآية:

قال الله تعالى وهو يحكي عن نبيّه شعيب عليه السّلام:

(قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ۚ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ(88))

يقول الشيخ السعدي مفسّرا لهذه الآية الهظيمة، الدّالة على تربية رفيعة، وأخلاق سامية، ألهم بها الله سبحانه، رسله، في منهج دعوتهم لأقوامهم:

{قَالَ ْ} لهم شعيب: {يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي ْ} أي: يقين وطمأنينة، في صحة ما جئت به، {وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ْ} أي: أعطاني الله من أصناف المال ما أعطاني.
{وَ ْ} أنا لا {أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ْ} فلست أريد أن أنهاكم عن البخس، في المكيال، والميزان، وأفعله أنا، وحتى تتطرق إليَّ التهمة في ذلك. بل ما أنهاكم عن أمر إلا وأنا أول مبتدر لتركه.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ْ} أي: ليس لي من المقاصد إلا أن تصلح أحوالكم، وتستقيم منافعكم، وليس لي من المقاصد الخاصة لي وحدي، شيء بحسب استطاعتي.
ولمّا كان هذا فيه نوع تزكية للنفس، دفع هذا بقوله: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ْ} أي: وما يحصل لي من التوفيق لفعل الخير، والانفكاك عن الشرّ إلاّ بالله تعالى، لا بحولي ولا بقوّتي.
{عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ْ} أي: اعتمدت في أموري، ووثقت في كفايته، {وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ْ} في أداء ما أمرني به من أنواع العبادات، وفي [هذا] التّقرّب إليه بسائر أفعال الخيرات.
وبهذين الأمرين تستقيم أحوال العبد، وهما الاستعانة بربّه، والإنابة إليه، كما قال تعالى: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ْ} وقال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ْ} ]انتهـ.كلامه رحمه الله.

اللّهمّ اهدنا وسدّدنا.


الصور المصغرة للصور المرفقة
اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	وما توفيقي إلاّ بالله.jpg‏
المشاهدات:	4865
الحجـــم:	31.9 كيلوبايت
الرقم:	7151   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	هل اتبعك على ان تعلمني.jpg‏
المشاهدات:	3629
الحجـــم:	5.9 كيلوبايت
الرقم:	7145   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	ولقد آتينا ابراهيم رشده.jpg‏
المشاهدات:	3636
الحجـــم:	8.1 كيلوبايت
الرقم:	7146   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	إن أريد إلاّ الاصلاح.jpg‏
المشاهدات:	3955
الحجـــم:	31.9 كيلوبايت
الرقم:	7150  
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 21 Aug 2019, 09:52 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 366
افتراضي





هداية التّوفيق والإلهام وهداية الدّلالة والإرشاد

قال الشيخ صالح آل الشيخ وفقه الله: موجود النصّ في: (11:02 دقيقة من كلام الشيخ حفظه الله)

باب قوله تعالى:"إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ".

مناسبة هذا الباب بكتاب التّوحيد، أنّ الهداية من أعزّ المطالب وأعظم ما تعلّق به الّذين تعلّقوا بغير الله أن يكونَ لهم النّفع في الاستشفاع وفي التّوجّه في الدّنيا والأخرى.
والنبي عليه الصلاة والسلام وهو سيد ولد آدم وهو أفضل الخلق عند ربّه جلّ وعلا نُفِيَ عنه أن يملك الهداية. وهي نوع من أنواع المنافع. فدلّ على أنّه عليه الصّلاة والسلام ليس له من الأمر شيء، كما جاء فيما سبق في باب قول الله تعالى: "أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ"، في سبب نزول قول الله تعالى: "لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ"، فإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام ليس له من الأمر شيء، ولايستطيع أن ينفع قرابته.
"يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئتِ، لاأغني عنكِ من الله شيئا". إذا كان هذا في المصطفى صلى الله عليه وسلم وأنّه لايغني من الله جلّ وعلا عن أحبابه شيئا وعن أقاربه شيئا، وأنّه لايملك شيئا من الأمر وأنّه ليس بيده هداية التّوفيق، فإنّه، أن ينتفي ذلك، وما دونه عن غير النبي صلى الله عليه وسلم من باب أولى. فـبطل إذن كلّ تعلّق للمشركين من هذه الأمّة، بغير الله جلّ وعلا. لأنّ كلّ مَن تعلّقوا به هو دون النبي عليه الصلاة والسلام بالإجماع. فإذا كانت هذه حالة في النبي عليه الصلاة والسلام وما نُفِيَ عنه، فإنّ نفي ذلك عن غيره صلى الله عليه وسلم من باب أولى. قال هنا باب قول الله تعالى: "إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ"
{لا} هنا: نافية، وقوله {تَهْدِي}: الهداية المنفية هنا هي هداية التّوفيق والإلهام الخاصّ والإعانة الخاصّة، وهي التي يسمّيها العلماء هداية التّوفيق والإلهام، ومعناها: أنّ الله جلّ وعلا يجعل في قلب العبد من الإعانة الخاصّة على قبول الهُدى ما لا يجعله لغيره. فالتّوفيق إعانة خاصّة لمَن أراد اللهُ توفيقه بحيث يقبل الهُدى ويسعى فيه. فجعل هذا في القلوب ليس إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، إذ القلوب بيدِ الله يقلبها كيف يشاء، حتّى من أحبّ الناس إليه -صلى الله عليه وسلم- لا يستطيع عليه الصلاة والسلام أن يجعله مسلماً مهتدياً.
فمن أنفع قرابته له: أبوطالب، ومع ذلك لم يستطع أن يهديه هداية توفيق. فالمنفي هنا هو هداية التّوفيق.

والنوع الثاني من الهداية المتعلّقة بالمُكَلَّف هي هداية الدّلالة والإرشاد، وهذه ثابتة للنّبي -صلى الله عليه وسلم- بخصوصه، ولكلّ دَاعٍ إلى الله ولكلّ نبيّ ورسول. قال جلّ وعلا: {إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ ۖ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}، وقال جلّ وعلا في نبيّه عليه الصلاة والسلام: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ...} ومعنى {لَتَهْدِي} أي: لتدلّ وترشد إلى صراط مستقيم بأبلغ أنواع الدّلالة وأبلغ أنواع الإرشاد.
الدّلالة والإرشاد المُؤيَّدان بــالمعجزات والبراهين والآيات، الدّالة على صدق ذلك الهَادِي وصدق ذلك المُرْشِد.
فإذن الهداية المنتفية هي هداية التّوفيق، وهذا يعني، أنّ النفع وطلب النّفع في هذه المطالب المهمّة يجب أن يكون من الله جلّ وعلا وأنّ محمّدًا عليه الصلاة والسلام مع عِظَم شأنه عند ربّه وعِظَمِ مقامه عند ربّه وأنّه سيد ولد آدم وأنّه أفضل الخلق عليه الصلاة والسلام وأشرف الأنبياء والمرسلين، إلاّ أنّه لايملك من الأمر شيئا (عليه الصّلاة والسلام. فـبطل إذن تعلّق القلوب، في المطالب المهمّة، في الهداية وفي المغفرة وفي الرضوان، وفي بُعْدِ الشّرور، وفي جلب الخيرات إلاّ في الله جلّ وعلا. فإنّه هو الذي تتعلّق القلوب به جلّ وعلا خضوعًا وإنابةً ورغبًا ورهبًا وإقبالاً عليه وإعراضًا عمّا سواه." انتهـ.

للاستماع: من الدّقيقة 11:02

https://ia803006.us.archive.org/32/i...06-02/018_.mp3


الصور المصغرة للصور المرفقة
اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	لاتهدي من أحببت.jpg‏
المشاهدات:	12973
الحجـــم:	31.8 كيلوبايت
الرقم:	7153  
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 29 Aug 2019, 02:50 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 366
افتراضي





بسم الله الرّحمن الرّحيم

لقد ذكرنا فيما سبق، الفرق بين هداية الإرشاد، التّي يمنحها الله للدّعاة إليه، من العباد، (رسلاً كانوا أو أتباعهم) الّتي فيها البيان والتّوجيه والدّعوة إليه. وبين هداية الإرشاد التي هي من خصائص ربّ العباد. والتي بها، يُلهم الله سبحانه، عبده، الرُّشد في معرفة الحقّ والصّواب والطّريق المستقيم.

والهداية نعمة من الله لايقدّرها إلاّ مَن تدبّر و فقه معنى الآية:"اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ"، دعاءٌ، يحمل كلّ معاني الخير والحقّ والفلاح. دعاءٌ يسبقه إقرارٌ من العبد لربّه: "إيّاكَ نعبد وإيّاك نستعين"، على أنّه هو الإله الحقّ الّذي يعبده بما شرع سبحانه، من أحكامٍ، تسيّر حياته ، فيها الهُدَى والاستقرار النفسي والفلاح في الدّنيا والآخرة. وعليها، يسأل الله أن يعينه، ويذلّل له العقبات، لنيل المطالب والملذّات وأبلغها: لذّة النّظر إلى ربّ البريّات، والخلود في أعالي الجنّات.

قال الله تعالى مبيّنًا الغاية من خلق الإنسان في هذه الحياة الدنيا:"وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36)".

ومن هذه الآية، نستخرج هداية التّوفيق والسّداد والإرشاد التي هي القاعدة الأساسيّة، التي تقوم عليها هداية الدّلالة والبيان والإرشاد. إذ أنّ بعثة الرسل والأنبياء (عليهم الصّلاة والسّلام)، لإبلاغ رسالة الله، ما هي إلاّ سَبِيلٌ، يعين العبد على بلوغ الغاية من الخلق. وبهذا التّبليغ والدّعوة إلى الله، تُقام الحجّة على النّاس، أن جاءهم النّذير، فمنهم (مَن يؤمن)، بعلم الله أنّه، سينشرح صدره لدين الله، قال تعالى: "فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ"، ومنهم (مَن يكفر) بعلم الله أنّه، ليس أهلاً للهداية، حيث قال الله تعالى:"وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ"، وقد أظهر الله سبحانه، البرهان على مَن يستحقّ الهداية ومَن يستحقّ الضّلالة، حيث قال سبحانه:"فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ".

قال الشيخ السعدي رحمه الله مفسّرًا الآية: "وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36)"
[يخبر تعالى أنّ حجته قامت على جميع الأمم، وأنّه ما من أمّة متقدّمة أو متأخرّة إلاّ وبعث الله فيها رسولا، وكلّهم متّفقون على دعوة واحدة ودين واحد، وهو عبادة الله وحده لا شريك له { أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ْ} فانقسمت الأمم بحسب استجابتها لدعوة الرسل وعدمها قسمين، { فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ ْ} فاتّبعوا المرسلين علمًا وعملاً، { وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ْ} فاتّبع سبيل الغيّ.
{ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ْ} بأبدانكم وقلوبكم { فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ْ} فإنكم سترون من ذلك العجائب، فلا تجدون مكذبا إلا كان عاقبته الهلاك.] انتهـ.

ومن التّفسير العجيب للإمام ابن كثير، للآية متسائلاً تساؤل استغراب كاره لما يتناقض به أهل الضّلال والمشركون، قائلاً رحمه الله:
[فكيف يسوغ لأحد من المشركين بعد هذا أن يقول : (لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ). فمشيئته تعالى الشرعية منتفية، لأنّه نهاهم عن ذلك على ألسنة رسله ، وأمّا مشيئته الكونية - وهي تمكينهم من ذلك قدرًا - فلا حجّة لهم فيها، لأنّه، تعالى، خلق النار وأهلها من الشياطين والكفرة، وهو لا يرضى لعباده الكفر، وله في ذلك حجّة بالغة وحكمة قاطعة.
ثم إنّه، تعالى، قد أخبر أنّه عير عليهم ، وأنكر عليهم بالعقوبة في الدنيا بعد إنذار الرُّسُل، فلهذا قال: (فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) أي : اسألوا عمّا كان من أمر مَن خالف الرُّسُل وكذّب الحق، كيف (دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۖ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا) [ محمد : 10 ] (وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ) [ الملك : 18 ].] انتهـ.

وقد أكّد الله سبحانه أنّ هداية التّوفيق للحقّ، هي من خصائصه سبحانه، وبيده، حين رأى من نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم، حرصًا على هداية النّاس إلى الطّريق المستقيم، حيث قال الله تعالى لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم: "إِن تَحْرِصْ عَلَىٰ هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَن يُضِلُّ ...".
قال الإمام ابن كثير رحمه الله مفسّرا الآية:
[ثم أخبر الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - أنّ حرصه على هدايتهم لا ينفعهم ، إذا كان الله قد أراد إضلالهم ، كما قال تعالى: ( وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ) [ المائدة : 41 ] وقال نوح لقومه: (وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ) [ هود : 34 ] وقال في هذه الآية الكريمة: ( إِن تَحْرِصْ عَلَىٰ هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَن يُضِلُّ ) كما قال تعالى : (مَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ ۚ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) [ الأعراف : 186 ] وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (97)) [ يونس : 96 ، 97 ] .
فقوله: (فَإِنَّ اللَّهَ) أي : شأنه وأمره أنّه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. فلهذا قال: (لَا يَهْدِي مَن يُضِلُّ) أي : مَن أضلّه فمَن الّذي يهديه من بعد الله؟ أي : لا أحد ( وما لهم من ناصرين ) أي : ينقذونهم من عذابه ووثاقه ، (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [ الأعراف : 54 ] .] انتهـ.

وقد اختزل الإمام الطبري التّفسير، بأبسط الكلمات المؤدية إلى المقصود من التّفسير، بقوله رحمه الله:
[فتأويل الكلام لو كان الأمر على ما وصفنا: إن تحرص يا محمد على هداهم، فإنّ مَن أضلّه الله فلا هادي له، فلا تجهد نفسك في أمره، وبلغه ما أرسلت به لتتمّ عليه الحجّة. ]انتهـ النقل المقصود.

وبهذا نجد أنّ هداية الدّلالة والبيان والدّعوة إلى الله، وظيفة الرُّسُل (عليهم الصلاة والسّلام) وأتباعهم، ليس لهم فيها من أمر هداية التّوفيق للحقّ وقبوله، شيئًا.

قال الله تعالى:"تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (3)"

قال الإمام ابن كثير رحمه الله:
[ (تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ) أي : هذه آيات القرآن المبين، أي : البيّن الواضح ، الّذي يفصل بين الحق والباطل، والغيّ والرّشاد.]
وقوله: (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ) أي : مهلك (نَّفْسَكَ) أي : ممّا تحرص [ عليهم ] وتحزن عليهم (أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) ، وهذه تسلية من الله لرسوله، صلوات الله وسلامه عليه ، في عدم إيمان مَن لم يؤمن به من الكفار، كما قال تعالى: (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ) [ فاطر : 8 ] ، وقال: (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا) [ الكهف : 6 ] .
قال مجاهد ، وعكرمة ، والحسن ، وقتادة ، وعطية ، والضحاك : (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ) أي : قاتل نفسك . قال الشاعر:
ألا أيهذا الباخع الحزن نفسه لشيء نحته عن يديه المقادر.] انتهـ.

وقال الشيخ السعدي رحمه الله مفسّرا للآيتين: "تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (3))
[يشير الباري تعالى إشارة, تدل على التعظيم لآيات الكتاب المبين البيّن الواضح, الدال على جميع المطالب الإلهية, والمقاصد الشرعية, بحيث لا يبقى عند الناظر فيه, شك ولا شبهة فيما أخبر به, أو حكم به, لوضوحه, ودلالته على أشرف المعاني, وارتباط الأحكام بحكمها, وتعليقها بمناسبها، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينذر به الناس, ويهدي به الصراط المستقيم، فيهتدي بذلك عباد الله المتّقون, ويعرض عنه من كتب عليه الشقاء، فكان يحزن حزنا شديدا, على عدم إيمانهم, حرصا منه على الخير, ونصحا لهم.

فلهذا قال تعالى عنه: (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ) أي: مهلكها وشاق عليها، (أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) أي: فلا تفعل, ولا تذهب نفسك عليهم حسرات, فإنّ الهداية بيد الله, وقد أدّيت ما عليك من التّبليغ، وليس فوق هذا القرآن المبين ، آية, حتّى ننزلها, ليؤمنوا [بها], فإنّه كافٍ شافٍ, لِمَن يريد الهداية.] انتهـ.

وأجمل ما أريد نقله إليكم من الكلام في: الهداية وأنواعها، ما كتبه فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، وقد نقلته من أحد المواقع، من فرط إعجابي بمحتوى الكلام، المبسّط والشّارح للمسألة، بأسهل أسلوب و(إن شاء الله) أقربه إلى فهم الغاية التي خُلق لأجلها الإنسان.

قال الشبخ العثيمين رحمه الله في كتابه:"رسالة في القضاء والقدر"، ص:14-21:
[ " إذا كان الأمر راجعا إلى مشيئة الله تبارك وتعالى ، وأنّ الأمر كلّه بيده، فما طريق الإنسان إذن ، وما حيلة الإنسان إذا كان الله تعالى قد قَدَّر عليه أن يضل ولا يهتدي؟

فنقول : الجواب عن ذلك أنّ الله تبارك وتعالى إنّما يهدي مَن كان أهلاً للهداية ، ويضلّ من كان أهلاً للضلالة، ويقول الله تبارك وتعالى: (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ) الصف/5 ، ويقول تعالى: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) المائدة/13 .
فبيّن الله تبارك وتعالى أن أسباب إضلاله لِمَن ضلّ، إنّما هو بسبب من العبد نفسه، والعبد لا يدرى ما قَدَّر الله تعالى له، لأنّه لا يعلم بالقدر إلاّ بعد وقوع المقدور . فهو لا يدري هل قدّر الله له أن يكون ضَالاًّ أم أن يكون مهتديًا ؟
فما باله يسلك طريق الضلال، ثم يحتج بأنّ الله تعالى قد أراد له ذلك!
أفلا يجدر به أن يسلك طريق الهداية ثم يقول: إنّ الله تعالى قد هداني للصراط المستقيم.
أيجدر به أن يكون جبريًا عند الضلالة، وقدريًا عند الطّاعة ! كلا ، لا يليق بالإنسان أن يكون جبريًا عند الضلالة والمعصية، فإذا ضلّ أو عصى الله قال: هذا أمر قد كُتب علي وقُدِّر علي ولا يمكنني أن أخرج عمّا قضى الله تعالى .
فالإنسان في الحقيقة له قدرة وله اختيار، وليس باب الهداية بأخفى من باب الرزق، والإنسان كما هو معلوم لدى الجميع قد قُدِّر له ما قُدِّر من الرزق ، ومع ذلك هو يسعى في أسباب الرزق في بلده وخارج بلده يميناً وشمالاً ، لا يجلس في بيته ويقول : إن قُدِر لي رزق فإنّه يأتيني، بل يسعى في أسباب الزرق مع أنّ الرزق نفسه مقرون بالعمل، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
فهذا الرزق أيضا مكتوب، كما أنّ العمل من صالح أو سيئ مكتوب ، فما بالك تذهب يمينا وشمالاً وتجوب الأرض والفيافي طلباً لرزق الدنيا، ولا تعمل عملا صالحا لطلب رزق الآخرة والفوز بدار النعيم!!
إنّ البابين واحد ، ليس بينهما فرق ، فكما أنّك تسعى لرزقك وتسعى لحياتك وامتداد أجلك، فإذا مرضت بمرض ذهبت إلى أقطار الدنيا تريد الطبيب الماهر الذي يداوي مرضك، ومع ذلك فإنّ لك ما قُدِّر من الأجل لا يزيد ولا ينقص، ولست تعتمد على هذا وتقول : أبقى في بيتي مريضاً طريحاً وإن قُدِّر الله لي أن يمتد الأجل امتد. بل نجدك تسعى بكل ما تستطيع من قوّة وبحث لتبحث عن الطبيب الذي ترى أنه أقرب الناس أن يُقَدِّر الله الشفاء على يديه.
فلماذا لا يكون عملك في طريق الآخرة وفى العمل الصالح كطريقك فيما تعمل للدنيا؟
وقد سبق أن قلنا : إنّ القضاء سرّ مكتوم لا يمكن أن تعلم عنه .
فأنت الآن بين طريقين :
-طريق يؤدّى بك إلى السلامة وإلى الفوز والسعادة والكرامة .
طريق يؤدّى بك إلى الهلاك والندامة والمهانة .
وأنت الآن واقف بينهما ومخيّر، ليس أمامك مَن يمنعك من سلوك طريق اليمين، ولا من سلوك طريق الشمال، إذا شئت ذهبت إلى هذا، وإذا شئت ذهبت إلى هذا.
بهذا تبيّن لنا أنّ الإنسان يسير في عمله الاختياري سيراً اختيارياً، وأنّه كما يسير لعمل دنياه سيراً اختيارياً، فكذلك أيضا هو في سيره إلى الآخرة يسير سيراً اختيارياً، بل إنّ طرق الآخرة أبين بكثير من طرق الدنيا، لأنّ مبيّن طرق الآخرة هو الله تعالى في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم . فلا بدّ أن تكون طرق الآخرة أكثر بيانا وأجلى وضوحا من طرق الدنيا. ومع ذلك فإنّ الإنسان يسير في طرق الدنيا التي ليس ضامنا لنتائجها، ولكنّه يدع طرق الآخرة التي نتائجها مضمونة معلومة، لأنّها ثابتة بوعد الله، والله تبارك وتعالى لا يخلف الميعاد.
بعد هذا نقول:
إنّ أهل السُّنَّة والجماعة قرّروا هذا ، وجعلوا عقيدتهم ومذهبهم أنّ الإنسان يفعل باختياره، وأنّه يقول كما يريد، ولكن إرادته واختياره تابعان لإرادة الله تبارك وتعالى ومشيئته.

ثم يؤمن أهل السُّنَّة والجماعة بأنّ مشيئة الله تعالى تابعة لحكمته، وأنّه سبحانه وتعالى ليس مشيئته مطلقة مجرّدة، ولكنها مشيئة تابعة لحكمته، لأنّ من أسماء الله تعالى: الحكيم ، والحكيم هو الحاكم المحكم الذي يحكم الأشياء كوناً وشرعاً، ويحكمها عملاً وصنعاً، والله تعالى بحكمته يقَدِّر الهداية لِمَن أرادها، لِمَن يعلم سبحانه وتعالى أنّه يريد الحق ، وأنّ قلبه على الاستقامة . ويقَدِّر الضلالة لِمَن لم يكن كذلك، لِمَن إذا عرض عليه الإسلام يضيق صدره كأنّما يصعد في السّماء ، فإنّ حكمة الله تبارك وتعالى تأبى أن يكون هذا من المهتدين، إلاّ أن يجدّد الله له عزماً ويقلّب إرادته إلى إرادة أخرى، والله تعالى على كل شيء قدير ، ولكنّ حكمة الله تأبى إلاّ أن تكون الأسباب مربوطة بها مسبّباتها".انتهـ النّقل مختصرا من النّاقل.

اللّهمّ اهدنا وسدّدنا.


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 02 Sep 2019, 02:07 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 366
افتراضي





في هذا الجزء من البحث المتواضع الذي أسأل الله فيه التّوفيق للحقّ والإخلاص، أطرح سؤالا لمَن تتبّع مراحل البحث، ليس ليجيبني فيه، وإنّما لإيصاله إلى جوابٍ، إن شاء الله، فيه ما يسدّ حاجته إلى معرفة دين الله تعالى، الذي لااعوجاج فيه، ولاظلم ولابغيٌ تشمئزُّ منه كلّ نفسٍ، تريد السّعادة، وتبحث عنها، في حياةٍ، تملأها شُبهات وشهوات لاينجو منها إلاّ مَن صدق مع الله في الاعتقاد والقول والعمل.

والسؤال المطروح الذي يحمل في طيّاته الجواب المبين للحقّ وكنز الحياة الثّمين:
من أين نستمدّ هداية الدّلالة والبيان، التي هي طريق العبد إلى ربّه، علمًا وعملاً، يوصله إلى هداية التّوفيق إلى الحقّ والهدى والإيمان، وهو قلب الهداية النّابض، الذي إذا توقّفت دقّاته، مات مَن لم يُوفّق إلى العيش به، في حياة الإنشراح والطّمأنينة والسّكينة ؟

قال الله جلّ في علاه: "الم (1) تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (2) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۚ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (3)"

يقول الإمام الطبري رحمه الله في تفسيره:

[......... وقوله: (تَنـزيلُ الكتاب لا رَيْبَ فِيهِ) يقول تعالى ذكره: تنـزيل الكتاب الذي نـزل على محمد صلى الله عليه وسلم، لا شكّ فيه (من ربّ العالمين) : يقول: من ربّ الثّقلين: الجنّ والإنس.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة قوله: (الم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ) لا شكّ فيه. وإنّما معنى الكلام: أنّ هذا القرآن الذي أُنـزل على محمد لا شكّ فيه أنّه من عند الله، وليس بشعر ولا سجع كاهن، ولا هو ممّا تخرّصه محمد صلى الله عليه وسلم، وإنّما كذّب جلّ ثناؤه بذلك قول الّذين: "وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلا" وقول الّذين قالو: "إِنْ هَذَا إِلا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ" .] انتهـ.

ويقول الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره:
[... "تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ" يخبر تعالى أنّ هذا الكتاب الكريم، أنّه تنزيل من رب العالمين، الّذي رباهم بنعمته.

"أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۚ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ"
ومن أعظم ما رباهم به، هذا الكتاب، الّذي فيه كلّ ما يصلح أحوالهم، ويتمّم أخلاقهم، وأنّه لا ريب فيه، ولا شكّ، ولا امتراء، ومع ذلك قال المكذبون للرسول الظالمون في ذلك: افتراه محمد، واختلقه من عند نفسه، وهذا من أكبر الجراءة على إنكار كلام اللّه، ورمي محمد صلى اللّه عليه وسلم، بأعظم الكذب، وقدرة الخلق على كلام مثل كلام الخالق.
وكل واحد من هذه من الأمور العظائم، قال اللّه - رادًا على مَن قال: افتراه:-
{ بَلْ هُوَ الْحَقُّ } الّذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، تنزيلٌ من حكيم حميد. { مِنْ رَبِّكَ } أنزله رحمةً للعباد { لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ } أي: في حالة ضرورة وفاقة لإرسال الرسول، وإنزال الكتاب، لعدم النذير، بل هم في جهلهم يعمهون، وفي ظلمة ضلالهم يتردّدون، فأنزلنا الكتاب عليك { لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } من ضلالهم، فيعرفون الحق فيؤثرونه.
وهذه الأشياء التي ذكرها اللّه كلّها، مناقضة لتكذيبهم له: وإنّها تقتضي منهم الإيمان والتّصديق التام به، وهو كونه { مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ } وأنّه { الْحَقُّ } والحق مقبول على كل حال، وأنّه { لَا رَيْبَ فِيهِ } بوجه من الوجوه، فليس فيه مَا يُوجِب الرِيبَة، لا بخبر لا يطابق للواقع ولا بخفاء واشتباه معانيه، وأنّهم في ضرورة وحاجة إلى الرسالة، وأنّ فيه الهداية لكلّ خير وإحسان.]انتهـ.

وقال الله تعالى: "الر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ"

يقول الشيخ السعدي رحمه الله مفسّرا للآية:

"الر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ"
يقول تعالى معظّما لكتابه مادحا له { تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ } أي: الآيات الدالة على أحسن المعاني وأفضل المطالب، { وَقُرْآنٍ مُبِينٍ } للحقائق بأحسن لفظ وأوضحه وأدلّه على المقصود، وهذا ممّا يُوجب على الخلق الانقياد إليه، والتّسليم لحكمه وتلقّيه بالقبول والفرح والسرور.] انتهـ.

ويقول الإمام الطبري رحمه الله:
[..... وأما قوله : ( تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ ) فإنه يعني: هذه الآيات، آيات الكتب التي كانت قبل القرآن كالتوراة والإنجيل ( وقُرآنٍ ) يقول: وآيات قرآن ( مُبِينٍ ) يقول: يُبِين من تأمله وتدبَّره رشدَه وهداه.
كما:حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَقُرْآنٍ مُبِينٍ ) قال: تبين والله هداه ورشده وخيره......] انتهـ.

وقال الله تعالى: "فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ"

يقول الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره:
[...
فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ "
وأما أنت { فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ } فعلا واتصافا، بما يأمر بالاتصاف به ودعوة إليه، وحرصا على تنفيذه في نفسك وفي غيرك. { إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } موصل إلى الله وإلى دار كرامته، وهذا ممّا يوجب عليك زيادة التّمسّك به والاهتداء إذا علمت أنّه حق وعدل وصدق، تكون بانيا على أصل أصيل، إذا بنى غيرك على الشكوك والأوهام، والظلم والجور...] انتهـ.
ويقول الإمام الطبري رحمه الله:
[.... يقول تعالى ذكره لنبيّه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: فتمسّك يا محمد بما يأمرك به هذا القرآن الذي أوحاه إليك ربّك, ( إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) و منهاج سديد, وذلك هو دين الله الذي أمر به, وهو الإسلام.
كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) : أي الإسلام.....]انتهـ.



وقال الله عزّوجلّ مبيّنًا مصدر الهدى والرُّشد، لكلّ متّبع للرُّسل والأنبياء فيما أمروا وزجروا:
"الم (1) ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)"

يقول الشيخ السّعدي في تفسيره:
[... وقوله { ذَلِكَ الْكِتَابُ } أي هذا الكتاب العظيم الذي هو الكتاب على الحقيقة, المشتمل على ما لم تشتمل عليه كتب المتقدّمين والمتأخّرين من العلم العظيم, والحق المبين. فـ { لَا رَيْبَ فِيهِ } ولا شك بوجه من الوجوه، ونفي الريب عنه, يستلزم ضدّه, إذ ضدّ الريب والشك اليقين، فهذا الكتاب مشتمل على علم اليقين المزيل للشك والريب. وهذه قاعدة مفيدة, أنّ النفي المقصود به المدح, لا بد أن يكون متضمنا لضدّه, وهو الكمال, لأنّ النّفي عدم, والعدم المحض, لا مدح فيه. فلمّا اشتمل على اليقين وكانت الهداية لا تحصل إلاّ باليقين قال: { هُدًى لِلْمُتَّقِينَ } والهدى: ما تحصل به الهداية من الضلالة والشُّبَه، وما به الهداية إلى سلوك الطرق النافعة. وقال { هُدًى } وحذف المعمول, فلم يقل هدى للمصلحة الفلانية, ولا للشيء الفلاني, لإرادة العموم, وأنّه هدى لجميع مصالح الدارين، فهو مرشد للعباد في المسائل الأصولية والفروعية, ومبين للحق من الباطل, والصحيح من الضعيف, ومبين لهم كيف يسلكون الطرق النافعة لهم, في دنياهم وأخراهم.



إذن، مَن هم الّذين هيَّأَهُم الله لأن يكونوا من أهل الصّراط المستقيم؟

سيتمّ التّطرّق إلى هذه المسألة، في وقتٍ قريب إن شاء الله ربّ العالمين.

اللّهمّ اجعلنا من أهل الصّراط المستقيم، صراط "الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا"


الصور المصغرة للصور المرفقة
اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	الله ربّي وربّكم فاعبدوه.jpg‏
المشاهدات:	3807
الحجـــم:	22.2 كيلوبايت
الرقم:	7179   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	الصراط المستقيم هو.jpg‏
المشاهدات:	4073
الحجـــم:	125.1 كيلوبايت
الرقم:	7182   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	ذلك الكتاب لاريب فيه.jpg‏
المشاهدات:	6089
الحجـــم:	56.9 كيلوبايت
الرقم:	7181  
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 05 Sep 2019, 03:57 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 366
افتراضي



بسم الله الرّحمن الرّحيم

في هذه العجالة، وعلى رغبة التّعلّم إن شاء الله، والاستزادة بالعلم، عمدتُ إلى البحث في مسألة: الدّعوة إلى الله ومراتب الدّعاة ومهامهم. وهي مسألة تدخل ضمن هداية الدّلالة والبيان والتّوجيه.

فخيرُ ما نبدأ به هذه المسألة، إن شاء الله:



الحكمة في الدّعوة إلى الله

للشيخ الفاضل: علي بن سلمان الحمادي ثبّته الله على السُّنّة والعمل بها.

الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على النبي المجتبى، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجهم واقتفى، وبعد

إنّ الدّعوة إلى الله مطلب عظيم، وغاية سامية، أرسل الله نبيّه محمداً صلى الله عليه وسلم لأجلها فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا () وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾ [الأحزاب: 45، 46] فالله جلّ وعلا، أرسله إلى النّاس كافّة يدعوهم إلى عبادة ربّهم، ويُرشدهم إلى الصراط المستقيم، ليخرجهم من ظلمات الجهل إلى نور الإسلام.

أيّها القارئ الكريم، اعلم وفّقك الله لكلّ خير، أنّ الدّعوة إلى الله لا بد وأن ترتكز على دعامة عظيمة، وركن متين، حتّى تستقيم وتؤتي ثمارها اليانعة، وهذه الدّعامة هي: الحكمة.

والحكمة: هي الإصابة في معرفة الحقّ والعملِ به، والدقةُ في وضع الأمور في موضعها الصحيح.

وتتمثّل أهميّة الحكمة في كونها:

1. من أهمّ الأسباب والوسائل التي تستخدم في الدّعوة إلى الله، فنجد أنّ الله جل وعلا، لمّا أمر نبيّه محمداً صلى الله عليه وسلم بالدّعوة إليه سبحانه، أمره أن يبدأ دعوته بالحكمة فقال: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل : 125].

2. ثم إنّ النّاظر في سيرته صلى الله عليه وسلم يجد أنّه كان ملازماً للحكمة في جميع أموره، فأقبل النّاس ودخلوا في دين الله أفواجاً وذلك بـفضل الله تعالى، ثم بـفضل هذا النبي الحكيم الّذي ملأ الله قلبه إيماناً وحكمة كما ثبت ذلك في الصحيحين أنّه عليه الصلاة والسلام قال: (فُرج سقف بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريلُ ففرج صدري ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئٍ حكمة وإيماناً فأفرغه في صدري، ثم أطبقه، ثم أخذ بيدي فعرج بي ..).

3. ومَن أعطاه الله الحكمة، فقد حاز على خير كثير، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [البقرة : 269] وأيّ خير أعظم من خير فيه سعادة الدّنيا والآخرة.

4. ولعظيم شأنها نجد أنّها من الأمور التي يُحسد الإنسان عليها، كما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (لا حَسَدَ إِلا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ حِكْمَةً فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا).

[هلكته في الحق: أي أنفقه في وجوه الخير].

5. وقد ثبت عند البخاري من حديثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنّه قَالَ ضمّني النبي صلى الله عليه وسلم إِلَى صَدْرِهِ وَقَالَ (اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْحِكْمَةَ). وقد كان ابن عباس رضي الله عنهما من أعلم الصحابة بتفسير القرآن ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم



إنّ الحكمة في الدعوة إلى الله لها أركان ودعائم لا تتحقّق إلاّ بها وهي: العلم والحلم والأناة.

أما العلم: فهو أعظم أركان الحكمة، ولهذا أمر الله به، وأوجبه قبل القول والعمل، فقال تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ﴾[محمد : 19] فبدأ بالعلم قبل القول والعمل، فدل على أن العلم شرط لصحتهما.

وأمّا الحِلم: فلأنّه صفة تقود صاحبها إلى ضبط النّفس والطّبع عند هيجان الغضب.

وأمّا الأَناة: فهي مظهر من مظاهر خُلق الصبر، وتقود صاحبها نحو التّصرّف الحكيم من غير عجلة ولا تباطؤ.

وقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم هذين الخلقين فقال لأشج عبد القيس: (إنّ فيك خصلتين يحبّهما الله ورسوله .. الحِلم والأَنَاة).

إنّ الحكمة في الدعوة إلى الله لها درجات ومراتب:

1. فتارة تكون باستخدام الرفق واللّين، والحلم والعفو، مع بيان الحق علماً وعملاً واعتقاداً بالأدلّة، وهذه المرتبة تستخدم لجميع الأذكياء من البشر الّذين يقبلون الحق ولا يعاندون.

2. وتارة تكون الحكمة باستخدام الموعظة الحسنة المشتملة على التّرغيب في الحق والتّرهيب من الباطل، وهذه المرتبة تستخدم مع مَن يقبل الحق ويعترف به، ولكن عنده غفلة وشهوات وأهواء تصدّه عن اتباع الحق .

3. وتارة تكون الحكمة باستخدام الجدال بالتي هي أحسن، بحُسن خلق، ولطف، ولين كلام، وأن يكون القصد بيان الحق وهداية الخلق، وهذه المرتبة تستخدم لكل معاند جاحد.

4. وتارة تكون الحكمة باستخدام القوّة : بالكلام الغليظ، وبالضرب والتّأديب وإقامة الحدود لِمَن كان له قوّة وسلطة مشروعة مع مراعاة الضّوابط والشروط التي دلَّ عليها الكتاب والسُّنَّة. وهذه المرتبة تستخدم لكل معاند جاحد ظلم وطغى ووقف في طريق الحق.



إذن الحكمة مهمة في مجال الدّعوة إلى الله، لا بدّ أن يتحلّى بها كلّ مَن أراد أن يدعو إلى الله جلّ وعلا، فمن خلالها يستطيع الدّاعية أن يقدّر الأمور، ويضعها في مواضعها.

ومن خلالها يستطيع الدّاعية إلى الله أن يتأمّل ويراعي أحوال المدعوّين وظروفهم وأخلاقهم وطبائعهم، والوسائل التي يُؤتون من قِبَلِها.

فـالحكمة تجعل الداعية ينظر ببصيرة المؤمن، فيرى حاجة الناس فيعالجها بحسب ما يقتضيه الحال، وبذلك ينفذ إلى قلوب الناس من أوسع الأبواب، وتنشرح للحق صدورهم، فينقادون إليه، ويُذعنون إلى الصواب.

أيّها الأخوة ينبغي على كل داعية ومعلم ومربّ أن يتحلّى بهذه الصفة العظيمة، حتّى يكون موفقاً مباركاً في عمله، قال ابن عباس رضي الله عنهما: "كونوا ربّانيّين حكماء فقهاء". [والربّاني: الذي يعلم صغار العلم قبل كباره].

وأوصى وهب بن منبّه أحدهم فقال له: «يا بنيّ عليك بالحكمة، فإنّ الخير في الحكمة كلّها، وتشرّف الصّغير على الكبير، والعبد على الحرّ، وتزيد السّيّد سؤددا، وتجلس الفقير مجالس الملوك».

رزقني الله وإيّاكم الحكمة والفقه في الدّين

وصلّى الله وسلم على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

وكتبه أخوكم: علي سلمان الحمادي

المصدر

https://www.baynoona.net/ar/article/305



الصور المصغرة للصور المرفقة
اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	الحكمة في الدعوة إلى الله.png‏
المشاهدات:	3529
الحجـــم:	685.0 كيلوبايت
الرقم:	7189   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	2-269_2.jpg‏
المشاهدات:	3468
الحجـــم:	30.7 كيلوبايت
الرقم:	7190   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	نشر العلم.jpg‏
المشاهدات:	4333
الحجـــم:	31.9 كيلوبايت
الرقم:	7191   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	دعوة محمد بن عبدالوهاب.png‏
المشاهدات:	3404
الحجـــم:	457.4 كيلوبايت
الرقم:	7192  
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013