منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 17 Oct 2015, 12:40 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي القرآن الكريم كتاب هداية وإرشاد وكتاب عربية وبيان

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدِّين.

أمَّا بعد:

فهذا نقلٌ منتقًى من كلام العلَّامة المحقِّق محمود الطِّناحي رحمه الله في مقالٍ له بعنوان: "الحفظ وأثره في ضبط قوانين العربيَّة"(1) نبَّه فيه رحمه الله إلى العناية بحفظ التُّراث الإسلاميِّ وفهمه وضبط قواعده وأهميَّة هذا في تكوين الملكة عند الطَّالب، وأنَّ هذه الملكة لا تحصل للطَّالب بمجرَّد إغراقه في النظريات والمناهج فيكون مبلغ جهده من هذا العلم الذي يطلبه هو تصوره ومعرفة تقاسيمه وأنواعه وما إلى ذلك؛ فيكون عالـمًا بالجانب النظريِّ أجنبيًّا عن العلم إن دعي إلى النَّظر في التُّراث الإسلاميِّ غير قادر على توظيف ما تعلَّمه نظرًا تطبيقًا، وأنَّ تنمية الملكة إنَّما تحصلُ بالحفظ لا بالفهم وحده كما يزعمه من يزعمه من المتأخرين وتعجَّب رحمه الله من كون هؤلاء المتأخرين هم أنفسهم كانت لهم عناية بالمحفوظ فكان يسمي ذلك الجيل جيل المتون، ومن عيون ما نبَّه عليه رحمه الله أنَّ الطِّفل إذا حفظ الشَّيء في صغره فإنَّ فهمه لهذا المحفوظ يتربَّى فيه شيئًا فشيئًا، فالحفظ مدعاة للفهم، ومثَّل لهذا نظرًا وواقعًا، ونَقَدَ في ضمن مقاله بعض المناهج التعليميَّة المعاصرة مثل أن يعطى للطِّفل تمرينٌ يحتاج فيه إلى التمييز بين كلمات متقاربة في المعنى من غير أن يكون له ركن يأوي إليه من محفوظٍ.

ثمَّ بعدَ ذلك لفت الانتباه رحمه الله إلى العناية بالقرآن الكريم، فكما أنَّه كتاب هداية وإرشاد، فهو كتاب عربية وبيان، فذكر أنَّه ينبغي أن يكون مصاحبًا للطَّلبة في كل مراحل تعلمهم للعربيَّة وأن تكون الآيات في مقرَّر (القراءة والنصوص) قائما على تلك الآيات التي تنمي الحس اللغوي والنحوي عند التلاميذ، ولا سيَّما تلك الآيات التي فيها الأفعال مضبوطة على وجهها الصَّحيح، واستطردَ بعد ذلك رحمه الله إلى ما خصَّ به المقال، وهو أبنية الأفعال التي يخطئ الناس في ضبطها أو نطقها على وجه من الوجوه الضعيفة غير الفصيحة، وجاءت على وجهها الصحيح في الكتاب العزيز.

فقال رحمه الله:

«وقد لاحظت أن كثيرا من أبنية الأفعال التي نخطئ نحن الكبار أيضا فَي ضبطها، أو ننطقها على وجه من الوجوه الضَّعيفة غير الفصيحة، جاءت على وجهها الصَّحيح في الكتاب العزيز، وأكتفي هنا ببعض الأمثلة:

أمثلة من القراَن:

1-يقول النَّاس في كلامهم :"كبُر الولد يكبُر" فيضمون الباء في الماضي والمستقبل، والصَّواب بالكسر في الماضي، وبالفتح في المستقبل : "كبِر يكبَر" وهذا يكون في السن والعمر، يقال : كبر الرجل يكبر كبرا فًهو كبير ، أي طعن في السن، ومنه قوله تعالى عن أموال اليتامى والنهي عن أكلها : ﴿ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبَروا﴾[ النساء : 6]، أما "كبُر يكبُر" بالضم في الحالتين، فليس من السن، وإنما هو بمعنى عظم، ضد صغر، وشواهده في الكتاب العزيز كثيرة، منها قوله تعالى: ﴿كَبُرَ مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون﴾[الصف : 3]، وقوله عز وجل: ﴿قل كونوا حجارة أو حديدًا أو خلقا مما يَكْبُرُ في صدوركم﴾[الإسراء: 50-51].

2-ويقولون: "نَقِمْتُ عليه كذا وكذا" -أي: عبته وكرهته- فيكسرون القاف في "نقِمت" والأفصح الفتح: نَقَمْتُ، وهذا الفعل من باب ضَرَبَ، وفي لغة من باب تَعِبَ، والأولى هي الأفصح، قال ابن السكيت : "وقد نَقَمْتُ عليه أَنْقَمُ، والكسر لغة - أي في الماضي- والفتح الكلام"، قلت: وبه جاء التنزيل، قال تعالى : ﴿وما نَقَمُوا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله﴾[التوبة : 74]، وقال تقدست أسماؤه: ﴿وما نَقَمُوا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد﴾[البروج : 8]، وقال تقدست أسماؤه: ﴿قل يا أهل الكتاب هل تَنْقِمُونَ منا إلا أن آمنا بالله﴾[المائدة: 59].

3-ويقولون: فلان يُنقصني حقي، ويُنقص في الميزان، فيضمُّون ياء المضارعة، والأفصح والأكثر فتحها، يَنقصني، ويَنقص، وهذا الفعل ثلاثي: يستوي فيه اللازم والمتعدي، يقال: نَقص الشيءُ، نَقَصْتُه أنا، ونَقَصَه هو. وفي لغة: أنقصه ونقصَه، معدى بالهمزة والتضعيف، لكنها لغة ضعيفة، ولم تأت في كلام فصيح، وشواهد ذلك من القرآن المتلو المحفوظ، ﴿ولا تَنْقُصُوا المكيال والميزان﴾[هود : 84] وقوله تعالى: ﴿أولم يروا أنا نأتي الأرض نَنْقُصُهَا من أطرافها﴾[الرعد : 41]، وقوله: ﴿إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم يَنْقُصُوكُمْ شيئا﴾[التوبة : 4]. وقد جاء اسم المفعول من الثلاثي في قوله عز وجل: ﴿وإنا لموفوهم نصيبهم غير مَنْقُوصٍ﴾[هود : 109].

4-ويقولون : حرِص فلان على كذا، وحرِصت على كذا، فيكسرون الرَّاء، والأفصح فتحها، حرَص وحرَصت، وبالفتح جاء التَّنزيل، قال سبحانه وبحمده: ﴿وما أكثر الناس ولو حَرَصْتَ بمؤمنين﴾[يوسف: 103]، وقال عر وجل: ﴿ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حَرَصْتُمْ﴾[النساء: 129].

5-ويقولون: صلُح حالي، وصلُح أمري، فيضمون اللام، والأفصح فتحها: صلَح، قال تعالى: ﴿جنات عدن يدخلونها ومن صَلَحَ من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم﴾[الرعد: 23]، وقال تقدست أسماؤه:﴿ربنا وأدخلهم جنات عدم التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم﴾[غافر: 8]، ومن شواهد ذلك في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم من حديثه الطويل: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صَلَحَتْ صَلَحَ الجسد كله، قال الحافظ ابن حجر بعد أن ذكر فتج العين في "صَلَحَ": "وحكى الفراء الضَّمَّ في ماضي صلح". وهذا بالفعل من باب قَعَدَ : صَلَحَ يصلُح، وذكر ابن دريد أن ضم اللام في الماضي ليس بثبت.

وهكذا تكون النصوص التُّراثية -وأعلاها كلام ربِّنا عز وجل- وسيلة ضبط وإتقان، إذا اعتنينا بها قراءة وحفظا».

فنسأل الله أن يوفِّقنا للسَّير على الإضاءات التي أشار إليها رحمه الله من أنَّه ينبغي العناية بـ:
1-الحفظ والإتقان.
2-العناية بالتراث الإسلامي.
3-عدم التوغُّل في النظريات والمناهج من غير محاولة تطبيقها.
4-تنمية الملكة بطول الممارسة.
5-التدرُّج في الفنون العلميَّة؛ فقد عاب رحمه الله في ثنايا كلامه من يروم تخريج الأحاديث والحكم عليها ولـما يفقه أصول كتب الحديث ويجل نظره فيها.

والله أعلم.
فتحي إدريس
4/المحرم/1437
=======

(1)"مقالات العلامة الدكتور محمود الطناحي صفحات في التراث والتراجم واللغة والأدب" (136-147).

التعديل الأخير تم بواسطة فتحي إدريس ; 17 Oct 2015 الساعة 01:40 PM
رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
مسائل, قرآن

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013