14 Jun 2018, 04:13 PM
|
عضو
|
|
تاريخ التسجيل: Mar 2018
المشاركات: 21
|
|
المفيد بمسائل في تكبيرات العيد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، نحمدُه ونستغفره ونستعينه ونستهديه ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسنا ومن سيئاتِ أعمالنا، من يهْدِ اللهُ فلا مضِلَّ له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أنْ لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه أما بعد:
فهذه بعض المسائل المختصرة والمتعلقة بأحكام تكبيرات العيد نسأل الله تعالى التوفيق والنفع بها :
المسألة الأولى : زمن التكبير :
يبتدأ من أول خروج المصلي منبيته ويستمر مكبرًا في مصلاه حتى يخرج الإمام ، فقد قد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كان يخرج يوم الفطر،. فَيُكَبِّر حتى يأتي المُصلى، وحتى يقضي الصلاة، فإذا قضى الصلاةَ قطع التكبير" ". [ ينظر : السلسلة الصحيحة" (رقم171) ] .
وعن نافع، عن ابن عمر،: " أنه كان يجهر بالتكبير يوم الفطر إذا غدا إلى المصلى حتى يخرج الإمام فيكبر بتكبيره " [ أحكام العيدين للفريابي (رقم 53) ] .
قال العلامة الإمام محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى : " وفي الحديث دليل على مشروعية ما جرى عليه عمل المسلمين من التكبير جهرا في الطريق إلى المصلى، وإن كان كثير منهم بدأوا يتساهلون بهذه السنة حتى كادت أن تصبح في خبر كان، وذلك لضعف الوازع الديني منهم، وخجلهم من الصدع بالسنة والجهر بها، ومن المؤسف أن فيهم من يتولى إرشاد الناس وتعليمهم، فكأن الإرشاد عندهم محصور بتعليم الناس ما يعلمون! ، وأما ما هم بأمس الحاجة إلى معرفته، فذلك مما لا يلتفتون إليه، بل يعتبرون البحث فيه والتذكير به قولا وعملا من الأمور التافهة التي لا يحسن العناية بها عملا وتعليما، فإنا لله
وإنا إليه راجعون.
ومما يحسن التذكير به بهذه المناسبة، أن الجهر بالتكبير هنا لا يشرع فيه الاجتماع عليه بصوت واحد كما يفعله البعض وكذلك كل ذكر يشرع فيه رفع الصوت أو لا يشرع، فلا يشرع فيه الاجتماع المذكور، ومثله الأذان من الجماعة المعروف في دمشق بـ " أذان الجوق "، وكثيرا ما يكون هذا الاجتماع سببا لقطع
الكلمة أو الجملة في مكان لا يجوز الوقف عنده، مثل " لا إله " في تهليل فرض الصبح والمغرب، كما سمعنا ذلك مرارا.
فلنكن في حذر من ذلك ولنذكر دائما قوله صلى الله عليه وسلم: " وخير الهدي هدي محمد ". [ سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/ 331) ] .
وهنا تنبيهان مهمان:
التنبيه الأول : ما ذهب إليه بعض أهل العلم من أن التكبير يكون من ليلة العيد فهذا خلاف قول جماهير أهل العلم، وخلاف القول المعروف عن الصحابة و التابعين، قال العلامة ابن المنذر رحمه الله : " ذكر اختلاف أهل العلم في التكبير ليلة الفطر قال الله جل ذكره: {ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم} ، اختلف أهل العلم في التكبير ليلة الفطر، فكان الشافعي يقول: إذا رأى هلال شوال أحببت أن يكبر الناس جماعة وفرادى في المسجد، والأسواق، والطرق، والمنازل، ومقيمين ومسافرين، وفي كل حال، وأين كانوا وأن يظهروا التكبير ولا يزالون يكبرون حتى يغدوا إلى المصلي، وبعد الغدو حتى يخرج الإمام للصلاة ثم يدعوا التكبير، وكذا أحب في ليلة الأضحى لمن لم يحج.
قال أبو بكر: وقد روينا عن زيد بن أسلم روايتين في معنى قوله: {ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم} .
إحداهما: أن التكبير من حين يرى الهلال حتى ينصرف الإمام في الطريق والمسجد، إلا أنه إذا حضر الإمام كف، فلا يكبر إلا بتكبيره.
والرواية الأخرى : عن زيد أنه قال في هذه الآية: بلغنا أنه التكبير يوم الفطر فأما سائر الأخبار عن الأوائل فدالة على أنهم كانوا يكبرون يوم الفطر إذا غدوا إلى الصلاة، فممن كان يفعل ذلك ابن عمر، وروي ذلك عن علي بن أبي طالب، وأبي أمامة الباهلي، وأبي رهم، وناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم – وساق رحمه الله بعدها الآثار- " [ ينظر : الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (4/ 249) ] .
التنبيه الثاني : أن التكبير ليس خاصًّا بالرجال بل يشمل النساء أيضًا، فقد علَّق البخاري في صحيحه (2/ 20) : " وكانت ميمونة: " تكبر يوم النحر" " وكن «النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان، وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد" .
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله : " ولا خلاف في أن النساء يكبرن مع الرجال تبعاً، إذا صلين معهم جماعة، ولكن المرأة تخفض صوتها بالتكبير. [فتح الباري لابن رجب (9/ 28) ] .
المسألة الثانية: كيفيّات التكبيرِ :
أصح ما ورد من الكيفيات عن الصحابة هو الآتي :
1 - عبد الله بن مسعود رضي الله عنه جاء عنه أنه قال : الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد " رواه ابن أبي شيبة (2/168) .
2 – عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر وأجلُّ، الله أكبر على ما هَدَانا " رواه البيهقي (3/ 315) .
3 - سَلْمان الخير رضي اللهُ عنه قال: "كبِّروا اللهَ: اللهُ أكبر، اللهُ أكبر، اللهُ أكبر كبيراً". رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (3/316) .
المسألة الثالثة : ما يقال بين التكبيرات :
لم يصحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذِكرٌ معين بين تكبيرات العيد، قال العلامة ابن القيم رحمه الله : ولم يحفظ عنه ذكر معين بين التكبيرات، ولكن ذكر عن ابن مسعود أنه قال: يحمد الله، ويثني عليه، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ذكره الخلال". [ زاد المعاد في هدي خير العباد (1/ 427) ] .
وقول ابن مسعود رضي الله عنه أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3/291) وهو أثر صحيح، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وأما بين التكبيرات: فإنه يحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو بما شاء، هكذا روى نحو هذا العلماء عن عبد الله بن مسعود، وإن قال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد اللهم اغفر لي وارحمني كان حسنا، وكذلك إن قال : الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا، ونحو ذلك". [ مجموع الفتاوى (24/ 219) ].
وسئل العلامة محمد صالح العثيمين رحمه الله تعالى: ماذا يقال بين التكبيرات الزوائد في صلاة العيد؟ .
فأجاب رحمه الله : لا أعلم سنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك، لكن الفقهاء قالوا: يحمد الله ويثني عليه، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول: الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على محمد؛ لأنك إذا قلت: الحمد لله رب العالمين، والرحمن الرحيم، أثنيت على الله وحمدته، وإذا صليت على نبيه قلت: اللهم صل على محمد، لكن لا أعلم في هذا سنة، ومن العلماء من قال: لا ذكر بينها. والأمر في ذلك واسع والحمد لله. [ مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (16/ 241-242) ] .
المسألة الرابعة : رفع اليدين مع تكبيرات العيد :
قال العلامة ابن القيم رحمه الله : وكان ابن عمر مع تحريه للاتباع يرفع يديه مع كل تكبيرة. [ زاد المعاد (1/ 427)] .
رواية ابن عمر لا تصح كما نص على ذلك العلامة الألباني رحمه الله في "تمام المنة" (ص 348)، لكن جاء عن غيره وهذا هو المعمول به عند جماهير العلماء، قال العلامة ابن قدامة رحمه الله : يستحب أن يرفع يديه في حال تكبيره حسب رفعهما مع تكبيرة الإحرام، وبه قال عطاء، والأوزاعي، وأبو حنيفة، والشافعي، وقال مالك، والثوري: لا يرفعهما فيما عدا تكبيرة الإحرام؛ لأنها تكبيرات في أثناء الصلاة؛ فأشبهت تكبيرات السجود، ولنا ما روي " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه مع التكبير"، قال أحمد : أما أنا فأرى أن هذا الحديث يدخل فيه هذا كله" ،[ المغني (2/ 283) ].
قال العلامة محمد أشرف العظيم آبادي رحمه الله : " وأما رفع اليدين في تكبيرات العيدين فلم يثبت في حديث صحيح مرفوع " [عون المعبود (4/ 11) ] .
وقال الشيخ العلامة الألباني رحمه الله : " لكن الاستدلال بهذه الجملة التى فى آخر الحديث على ما ذهب إليه ابن المنذر والبيهقي، لا يخلو من بعد، ذلك لأن سياق الحديث فى وصف الرفع فى الصلاة المكتوبة التى ليس فيها تكبيرات الزوائد الخاصة بصلاة العيد ، والقول بأن ابن عمر أرادها فى هذا الحديث مما لا يساعد عليه السياق، والله أعلم". [إرواء الغليل (3/ 113) ] .
ولكن ورد عن الوليد بن مسلم قال: قلت للأوزاعي: " فأرفع يدي كرفعي في تكبيرة الصلاة، قال: نعم، ارفع يديك مع كلهن " وقال الوليد " سألت مالك بن أنس عن ذلك، (يعني: الرفع فى تكبيرات الزوائد) فقال: " نعم ارفع يديك مع كل تكبيرة، ولم أسمع فيه شيئا" [أخرجه الفريابي في أحكام العيدين (رقم 136)] .
وحاصل هذه المسألة كما قال سماحة العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : "والخلاف في هذا - بحمد الله - يسير " [فتاوى نور على الدرب (13/ 359) ] .
المسألة الخامسة : من اقتصر على تكبيرة الإحرام في صلاة العيد .
سئل العلامة الشيخ محمد صالح العثيمين - رحمه الله تعالى -: ما حكم صلاة من اقتصر على تكبيرة الإحرام في صلاة العيد؟ ، فقال : صلاته صحيحة إذا اقتصر على تكبيرة الإحرام، لأن التكبيرات الزائدة على تكبيرة الإحرام وتكبيرات الانتقال، سنة. [مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (16/ 238) ] .
المسألة السادسة : إدراك الإمام أثناء التكبيرات الزوائد .
سئل العلامة الشيخ محمد صالح العثيمين - رحمه الله تعالى -: ما الحكم لو أدركت الإمام وهو يصلي العيد وكان يكبر التكبيرات الزوائد، هل أقضي ما فاتني أم ماذا أعمل؟ أفيدوني أفادكم الله.
فأجاب بقوله: إذا دخلت مع الإمام في أثناء التكبيرات، فكبر للإحرام أولا، ثم تابع الإمام فيما بقي، ويسقط عنك ما مضى. [مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (16/ 245) ] .
وقال رحمه الله : أما إذا أدركه راكعا فإنه يكبر للإحرام فقط، ثم يركع، وإذا أدركه بعد فراغه فإنه لا يقضيه لأنه فات. [ نفس المصدر السابق ] .
والله سبحانه أعلى وأعلم.
|