بسم الله الرحمن الرحيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فوائد مستفادة من: شرح الأصول الثلاثة
الـــــدرس 01
للشيخ: عبد الله بن عبد الرحيم البخاري
للإستماع و تحميل الدرس رقم -01 -
http://ar.miraath.net/audio/download...alathah_01.mp3
مراحل التدرج في دراسة المتون
أولا:الاختصار والاكتفاء بحل العبارات.
ثانيا: الزيادة في الإيضاح في المسائل المجملة دون الدخول في التفاصيل.
ثالثا: تُقرأ ويزاد عليها بأن يفصل كل مسألة منها ويتوسع في ذلك.
أول متن يوصى به طالب العلم بدارسته ومدى أهميته
قال الشيخ عبد الله البخاري حفظه الله ((
هذه الرسالة أعني الثلاثة أصول على وجازتها هي من خير الكتب المختصرة في اعتقاد أهل السنة والجماعة يبتدئ بها الطلاب وهو خير ما يبتدئ به الطالب، فيحتاجها المبتدئ ولا يستغني عنها المنتهي؛ لما حوته هذه الرسالة من عقيدة سنية صحيحة )).
ماذا يقصد الأئمة بقولهم "اعلم رحمك الله"؟
إذا رَحِمَك الله فتح عليك, وأعانك, وسددك, ووفقك، وهذا الذى يرجوه طالب الآخرة أن الله يعينه.
ولهذا قال الإمام الشافعي رحمه الله " فإنه لا يُدرك خيرٌ إلا بعونه ، فإذا رحمك أعانك وإذا أعانك سددك ووفقك " وهذا هو التوفيق .
والتوفيق كما قال بن القيم "
هو أن يدلك الله جل وعلا إلى الطاعة وأن يعينك عليها " هذا هو التوفيق أن تُدل إلى الطاعة وأن تُعان عليها، والخذلان أن يَكِلَكَ الله إلى نفسك، نسأل الله السلامة والعافية .
كيف نستفيد من قول الأئمة "اعلم رحمك الله" في الدعوة إلى الله؟
الأمر الأول: أن يطلب من الله جل وعلا الإستجابة لهذا الدعاء .
الأمر الثاني : وهو يجب أن يتحلى به الطالب وهو أدب الطلب, حتى يتحصل على هذا الخير والنفع, ومن الناس من يحرم العلم بسبب تقصيره في باب الأدب
قال الإمام ابن سيرين رحمه الله ((
كانوا يتعلمون السمت والهَدِي كما يتعلمون العلم)).
أنواع الأدلة
يجب على العباد أن المكلفين تعلم الدين بأدلته، والأدلة جمع دليل،
والأدلة على قسمين:
أدلة سمعية وأدلة عقلية ، الأثر والنظر ، أو السمع والعقل.
فالسمعية أو الأثر: إنما يكون بالوحي ويدخل فيه إجماع الصحابة أو إجماع المسلمين.
وأما النظر أو العقلية: فإنه المراد بها التأمل والتدبر في آيات الله الكونية.
الحَثُ عَلَى العَمَلِ بِالعِلْمِ
أيها الإخوة إن العلم شجرة والعمل ثمرة,
وقد ذم الله جل وعلا من لا يعمل بعلمه فقال جل وعلا ﴿
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾
والنبي عليه الصلاة والسلام استعاذ الله جل وعلا من علم لا ينفع كما عند مسلم في الصحيحقال ((
اللهم إني عوذ بك ومن علم لا ينفع )) أي العلم الذي لا ينفع صاحبه بأن يعمل به؛ ولهذا قال الإمام سفيان بن عيينة رحمه الله "
العلم إن لم ينفعك ضرك"، قال الإمام الخطيب معلقاً "
أي إن لم ينفعه بأن يعمل به ضره بأن صار حجة عليه".
هل يجوز أن تدعو إلى الله وأنت جاهل
لا تصح الدعوة لمن ليس من أهل العلمِ ﴿
قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [يوسف : 108]أي أنا أدعو إلى الله على بصيرةٍ ومن اتبعني كذلك يدعو إلى الله على بصيرة.
من هذا تفهم أن بعض من يتصدر للدعوة وليس عنده العلم الشرعي الصحيح، أما الفلسفة والفذلكة والسفسطة فهذه موجودة، نحن نتكلم على الميزان الذي لا يطيش، والفرق بين الإفك والصواب يعرف بالسنة والكتاب.
والشرع ميزان الأمور كلها وشاهدٌ لفرعها وأصلها
هذا الميزان الذي لا يطيش، فمن تصدر وليس كذلك كان من الهالكين الذي أهلك نفسه وأهلك غيرهُ معه، فلا تصح أن تكون الدعوة مبنيةٌ على جهلٍ، بعض الناس يقول أنا داعي ولست بشيخ، أنا داعي ولست بعالم، وبالتالي يحلق لحيته، ولا يحافظ على الجماعة، إلى غير ذلك من الموبقات والمنكرات العظيمات، لما تُكلمه يقول أنا ما أنا بشيخ ، أنا لست بعالم، أنا داعية، ففرقوا بين اللوازم اللازمة المتلازمة، فرقوا بين العلم والدعوة ، وهذا من الضلال ، والانحراف في الفهم
﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ﴾ [النحل: 125]
المراد بالحكمة هنا العلم، والعلم أن تضع الأمر في محله، ولهذا كان أبصر الناس بالحق هم العلماء ﴿
ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾[النحل : 125]
المراد بالموعظة العلم ، موعظة مبنية على علم أي على الوحيين دل على هذا قول العرباض بن سارية : ((
وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا قَالَ )) فأوصاهم بالسمع والطاعة،
أليس هذا علما؟ لكن الموعظة فيها شيء من الترقيق ، ولهذا راجع صحيح الإمام البخاري تجد كتاب الرقاق أو الرقائق ، أي المواعظ وكله قال حدثنا وقال أخبرنا ، علم أو ليس بعلم ؟ هو علم بارك الله فيكم ﴿
ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ﴾ لا يمكن أن يجادل من ليس عنده السلاح وهو العلم الشرعي.
من درر السلف رحمة الله عليهم
قال الإمام ميمون بن مهران رحمه الله "
أعمال البر يعملها البر والفاجر وأما ترك المعصية فلا يقوى عليه الا صِدِّيق".
أقسام الصبر
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
الصبر ثلاثة أقسام:
النوع الأول: صبر على الطاعة حتى يفعلها.
النوع الثاني: صبر على المنهي حتى لا يفعله.
النوع الثالث: الصبر على ما يصيبه على أقدار الله -يعني ما يصيبه من ابتلاء بغير اختياره من المصائب-
وهو على نوعين:
نوع لا اختيار للخلق فيه: وليس لك فيه قدرة كالأمراض .
ما يحصلُ له بفعل الناس- يعني الأذى الذي يلتحق بك والمصيبة التي تلتحقُ بكَ بفعل الناس-: قال بفعل الناس في ماله أو عرضه أو نفسه فهذا النوعُ يصعُب الصبر عليه جداً؛ لأن النفس تستشعر المؤذي لها، وهي تكره الغلبة فتطلب الانتقام، هو يصف حال النفوس، فلا يصبر على هذا النوع إلا الأنبياء والصِّديقون ، وكان نبينا صلّى الله عليه وسلم إذا أُوذيَ يقول ((ي
رحمُ الله موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر)) ،وأخبر عن نبيٍّ من الأنبياء أنه ضربه قومه فجعل يقول ((
اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)) وقد رُويَ عنه عليه الصلاة والسلام أنه جرى له مثل هذا مع قومه فجعل يقول مثل ذلك,
فجمَعَ في هذا ثلاثة أمور العفو عنهم,
الاستغفار لهم،
الاعتذار عنهم بأنّهم لا يعلمون,
وهذا النوع من الصّبر ، هذا الكلام الذي يقوله شيخ الإسلام يُكتب بماء العينين من جزالته وعذوبته وهو تصبير لك وللمؤمنين جميعاً، قال:"
هذا النوع من الصبر عاقبته النّصرُ, والهُدى, والسّرور, والأمن, والقوة في ذات الله, وزيادة محبة الله, ومحبة الناس له, وزيادة العلم، ولهذا قال الله تعالى: ﴿وَ
جَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ ]السجدة : 24[
فالصبرُ واليقين يُنال بهما الإمامة في الدين فإذا انضاف إلى هذا الصبر قوة اليقين والإيمان ترقّي العبد في درجات السعادة بفضل الله جل وتعالى ﴿
ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّـهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾.
وصية لك ياطالب العلم وأنت تسير على طريق الأنبياء في الدعوة الى الله
ما من نبيٍّ أو داعيةٍ ، داعية إصلاح وداعية خير إلى السنة إلا ويتعرض إلى أذى ، فلا بد وأن تعود نفسك على الصبر، وثق بأن النصر مع الصبر ويقول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ((
إِنَّما النَّصْـر صَبْر ساعَة )) ، والله جل وعلا يقول ﴿
وإِنَّما يُوَفّى الصّابِرونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِساب ﴾ ، والله معك ، لكن اصبر، فالله يقول ﴿
وَاللَّـهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ ، فإذا كان الله معك ، لا تخشى أحداً , ﴿
وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾ فإذا أحبّك الله فلا تبالي ببغض الخلق لك ، فليس الكل يبغضك ، إنما يحبك أهل الحق وأهل الإتباع ، إذاً لا بد للعبد من الصبر، التأفف والتضجر ليست من سيم الأنبياء والصالحين ودعاة الحق والسنة ، انظر إلى سيد الأئمة وإمامهم محمد عليه الصلاة والسلام ، ، أوذي وطُعن فيه ، وقيل مجنون وساحر وكاهن و ، و ، و , وأُلقي علـى عاتقه الشريف سنا الجزور ، وفُعِلَ معه عليه الصلاة والسلام وأوذي ، لكنه صبر وكان يقول ((
رحم الله موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر)) ، والذي ينظر في المصلحين كالإمام أحمد، كم أوذي هذا الإمام في سبيل الله ، ومع هذا صبر , وكان عاقبة الصبر حميدة ، ما تنعم به أنت اليوم وتقول بملئ الفم : إنّ عقيدة الجهمية عقيدة كفرية ، تقول إن القول بأن القرآن مخلوق كفـر ، هذا بفضل الله ثم بثبات أحمد بن حنبل إمام أهل السنة ، وصبر ابن تيمية ، وصبر ابن عبد الوهاب ، وصبر المصلحين في كل عصر ومصر ولهذا كتب الله لهم الذكرى الحسنة.
نموذج من فعل السلف إذا بلغهم أن شخصا كان على السُنة ثم تغيَّر
بلغ زيد من الناس - أحد الأئمة - أن أخاً له قد تغير ، كما في المصنف لابن أبي شيبة ، فكتب إليه قال :
أما بعد" فقد بلغني عنك أنك قد تَغيرتَ - يعني حِدتَ عن السُنةِ قليلاً - فإن كان الأمر كما قيل ، فاتقِ الله وعُد إلى السُنة ، وإن لم يكن كذلك ، فاتقِ اللَه ودُم "
أي داوم على ما أنت عليه فأنت على خير، هذا من التواصي بالحق والتواصي بالصبر .
العلم قبل القول والعمل
الآن بعض الناس قد يجلس في زاوية من زوايا المسجد ومعه السبحة ذات الألف والألفين والعشرة آلاف ويسبح ويمضي الأوقات الطويلة مسكين يظن أنه يُحسن صنعاً، لما تسأله يقول أنا أذكر الله، ولكن الذكر الذي يذكره ليس ذكراً سنياً وبالتالي هو عمل مردود لأنه مخالف لسنة النبي صلى الله عليه سلم فالعمل مبني على العلم، ولك أن تتأمل في كثير ممن يتكلم ،
عندما يتكلم بلا علم ترى الثغرات والمآخذ الكثيرة جداً في كلامه وكذلك العمل قال "
فبدأ بالعلم قبل القول والعمل "...
الإمام أحمد لما جاءه رجل وقد ارتحل إليه ليطلب عنده العلم وقد نزل عليه ضيفاً فلما بات عنده قرب له الإمام أحمد في الليل إبريق ماء ثم لما استيقظ للفجر وجد الماء كما هو ما نقص قال (
صاحب حديث ليس له ورد من الليل) يظن تعلمت وحصلت من العلم الشيء الكثير
ومن ذلك أن تكون من المسابقين والمسارعين فاعمل وهكذا كانت سنة النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
فوائد مستفادة من: شرح الأصول الثلاثة - الدرس 01
للشيخ: عبد الله بن عبد الرحيم البخاري
*- ميراث الأنبياء -*