منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07 Sep 2013, 12:13 AM
بلال بريغت بلال بريغت غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: قسنطينة / الجزائر.
المشاركات: 436
إرسال رسالة عبر Skype إلى بلال بريغت
افتراضي إنما يؤخذ الدين من العلماء للشيخ العلامة ابن باديس رحمه الله تعالى

إِنَّمَا يُؤْخَذُ الدِّينُ مِنَ الْعُلَمَاءِ


قَالَ عَلَيْه وَآلِهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: (كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: لَا، فَقَتَلَهُ، فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ؟ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللهَ فَاعْبُدِهُ مَعَهُمْ، وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ، فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ، فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ، فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ، فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ: جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إِلَى اللهِ، وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ: إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ، فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ، فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ: قِيسُوا مَا بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ، فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ، فَقَاسُوا فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ، فَقَبَضَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ)
رواه الشيخان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ([1]).

الألفاظ:
الراهب: هو العابد، وكانت الرهبنة فيمن قبلنا بالانقطاع عن الناس والتفرغ للعبادة، ابتدعها أهلها دون أن يكتبها الله عليهم كما في سورة الحديد ([2]). ثم جاء الإسلام فشرع الجمعة والجماعة فأبطل الانقطاع عن الناس للعبادة إلا من فرَّ بدينه أيام الفتنة خوفا على نفسه منها([3]).
والعالم: من له دراية وملكة واشتغال بالعلم، والمقابلة ما بينهما في الحديث تقتضي أن الراهب لم يكن عنده من العلم ما يقال في صاحبه عالم، والعالم لم يكن عنده من الانقطاع للعبادة ما يقال في صاحبه راهب.
قال الإمام محمد السنوسي- رادا على الأبي ([4])-: (تسمية النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- الرجل الثاني بالعالم والأول بالراهب يدل على أن الراهب ليس بعالم، والحجة فيما دل عليه لفظه صلى الله عليه وآله وسلم من أن كل واحد إنما ثبت له في نفس الأمر معنى الوصف الذي أطلقه عليه، وأما دلالة الدال على الراهب وهو إنما سئل عن العالم فليس فيه دليل على أن الراهب كان عالما لاحتمال أن يكون الدال رجلا جاهلا ولا يعرف العالم إلا من هو عالم، لاسيما والرهبانية كثيرا ما يعتقد الجهلة ملازمتها للعلم. والترهب إن سلم أنه يقتضي العلم فإنما يقتضي العلم بما يحتاج إليه في ترهبه وإلا فكم من مترهب جاهل)([5]).

المعنى:
هذا رجل جنى هذه الجنايات العديدة ثم ذكر الله تعالى فأراد الرجوع إليه فسأل عن أعلم أهل الأرض ليوجده سبيلا إلى ذلك فدله من دله على راهب لاعتقاد العامة العلم في كل مظهر للتعبد ([6])، فلم يجد عنده مخرجا من جنايته فكمل بقتله المائة محمولا على ذلك باليأس والجرأة والاستهانة بقتل النفس. ولكنه بقي مع ذلك يطمع أن يجد عند غيره سبيلا فدل على عالم فأفتاه بإمكان التوبة مستدلا بأنه لا شيء يحول بينه وبينها، وأشار عليه بمفارقة أرضة التي ضري فيها على الجنايات فإنها كانت أرض سوء عليه، وأمره أن يذهب إلى أخرى بها قوم صالحون يعبدون الله ويسيرون بطاعته فيصاحبهم ويعبد الله معهم لإصلاح نفسه بمعاشرة الصالحين وتحقيق توبته بالعمل الصالح معهم ([7]). فذهب الرجل على هذه النية وأدركه الموت قبل أن يصل إلى تلك الأرض، واختصمت فيه ملائكة الرحمة وحجتهم نيته التي خرج عليها، وملائكة العذاب وحجتهم أنه لم يعمل عملا صالحا، فكان القضاء لملائكة الرحمة تغليبا لجانب القصد والنية، وتأيدت النية بجده في السير إلى الأرض التي قصد حتى كان أقرب إليها من الأرض التي خرج منها.
الأحكام:
في الحديث لزوم السؤال للجهال.
وفيه أن أهل العلم هم الذين يسألون عنه لا غيرهم ([8])، وإن كان أكثر عبادة. ولذا قال مالك رحمه الله: (لا يُؤْخَذُ الْعِلْمُ عَنْ أَرْبَعَةَ : سَفِيهٍ مُعْلِنِ السَّفَهِ ، وَصَاحِبِ هَوًى يَدْعُو النَّاسَ إِلَيْهِ ، وَرَجُلٍ مَعْرُوفٍ بِالْكَذِبِ فِي أَحَادِيثِ النَّاسِ وَإِنْ كَانَ لا يَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَرَجُلٍ لَهُ فَضْلٌ وَصَلاحٌ لا يَعْرِفُ مَا يُحَدِّثُ بِهِ). ذكره ابن عبد البر في جامع العلم ([9])، وفيه صحة توبة القاتل وهو مذهب جمهور السلف، وهذا الحديث من أدلتهم([10]).

عبرة وتحذير:
العلم قبل العمل ([11]) ومن دخل في العمل بغير علم لا يأمن على نفسه من الضلال ولا على عبادته من مداخل الفساد والاختلال، وربما اغتر به الجهال فسألوه فاغتر هو بنفسه فتكلم بما لا يعلم فضل وأضل ([12]).
فهذا الراهب قد دل عليه من دل عليه يحسبه أعلم أهل الأرض فسئل فأجاب بما لا يعلم فعادت مصيبة ذلك عليه وعلى سائله، ولو دل هو سائله على غيره من العلماء لسلم هو وسلم السائل، فحذار من التقصير في العلم اللازم للعبادة. وحذار من الكلام في دين الله، والإفتاء للناس بغير علم مؤهل لذلك. وحذار من صرف الناس عن العلم وأصله إذا رأيتهم قد افتتنوا بك.

إستشهاد:
جاء في حديث رواه الترمذي ([13]) وابن ماجة ([14]) وغيرهما عن ابن عباس ([15])- رضي الله عنهم- وخرجه ابن عبد البر في جامع العلم ([16]) عنه وعن أبي هريرة ([17])- رضى الله عنه- : (أن فقيها واحداً أشد على الشيطان من ألف عابد)([18]).
وواقع هذا حديثنا مما يشهد لذلك فقد رأيت ماذا جر الراهب على نفسه وعلى غيره، وكيف أنقذ العالم ذاك الشرين من الهلاك.
نسأل الله الفقه في الدين وعمل الصالحين وتوبة الأوابين لنا ولجميع المسلمين آمين يا رب العالين ([19]).


=====

[1]: صحيح البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء : رقم: (3470) ، و مسلم : كتاب التوبة : باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله (7008) ، (7009).
[2]: يقصد قول الله تعالى : (ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا)[الحديد:27].
قال السعدي رحمه الله تعالى : [(وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا )والرهبانية: العبادة، فهم ابتدعوا من عند أنفسهم عبادة، ووظفوها على أنفسهم، والتزموا لوازم ما كتبها الله عليهم ولا فرضها، بل هم الذين التزموا بها من تلقاء أنفسهم، قصدهم بذلك رضا الله تعالى، ومع ذلك (فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا)أي: ما قاموا بها ولا أدوا حقوقها، فقصروا من وجهين: من جهة ابتداعهم، ومن جهة عدم قيامهم بما فرضوه على أنفسهم. فهذه الحال هي الغالب من أحوالهم].انظر: تفسير السعدي (ص:892 ) طبعة الرسالة.
[3]: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن). أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الإيمان : باب من الدين الفرار من الفتن رقم (19).
قال ابن حجر في الفتح (1/134) طبعة درا طيبة: (قوله : ( يفر بدينه ) أي : بسبب دينه . و ( من ) ابتدائية ، قال الشيخ النووي : في الاستدلال بهذا الحديث للترجمة نظر ; لأنه لا يلزم من لفظ الحديث عد الفرار دينا ، وإنما هو صيانة للدين . قال : فلعله لما رآه صيانة للدين أطلق عليه اسم الدين . وقال غيره : إن أريد بمن كونها جنسية أو تبعيضية فالنظر متجه ، وإن أريد كونها ابتدائية أي : الفرار من الفتنة منشؤه الدين فلا يتجه النظر).
و راجع كلام ابن حجر في كتاب الفتن من الفتح (16/496-497) عند هذا الحديث فإنه مهم.
[4]: و هذا قوله : ( الراهب لغة العابد وفتياه بأنه لا توبة للقاتل لا يدل على عدم علمه بل الأظهر أنه عالم لأن القاتل إنما كان يسأل عن أعلم أهل الأرض فمل دل عليه إلا من حيث كونه أعلم و الترهيب لا ينافي العلم بل يقتضيه (فإن قلت) قد أفتاه العالم بصحة التوبة (قلت) لعل الخلاف في شريعتهم كما هو عندنا فأفتاه كل بقول).انظر: صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم للأبي وشرحه مكمل إكمال الإكمال للسنوسي(7/166) طبعة الكتب العلمية.
[5]: المصدر السابق .
[6]: قال ابن الجوزي في تلبيس إبليس بتعليق الشيخ زيد المدخلي - دار المنهاج- (ص:438)الباب الثاني عشر في ذكر تلبيس إبليس على العوام : (ومن تلبيسه عليهم تقديمهم المتزهدين عَلَى العلماء ، فلو رأوا جبة صوف عَلَى أجهل الناس عظموه خصوصا إذا طأطأ رأسه وتخشع لهم ، ويقولون : أين هَذَا من فلان العالم ذاك طالب الدنيا وهذا زاهد لا يأكل عنبة ولا رطبة ولا يتزوج قط جهلا منهم بفضل العلم عَلَى الزاهد وإيثارا للمتزهدين عَلَى شريعة مُحَمَّد بْن عَبْدِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ومن نعمة اللَّه سبحانه وتعالى عَلَى هؤلاء ، أنهم لم يدركوا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إذ لو رأوه يكثر التزويح ، ويصطفى السبايا ، ويأكل لحم الدجاج ، ويحب الحلوى والعسل لم يعظم فِي صدورهم).
و في هذا الزمان قد ابتلينا بقوم ظنوا أن كل من صعد المنبر فهو العالم المتبحر و صدق ابن الجوزي في قوله كما في القصاص و المذكرين (ص:318) : (العالم عند العوام من صعد المنبر).
[7]: قال النووي : (قوله: (انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللهَ فَاعْبُدِهُ مَعَهُمْ، وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ، فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ) قَالَ الْعُلَمَاء: فِي هَذَا اسْتِحْبَاب مُفَارَقَة التَّائِب الْمَوَاضِع الَّتِي أَصَابَ بِهَا الذُّنُوب, وَالأَخْدَان الْمُسَاعِدِينَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ وَمُقَاطَعَتهمْ مَا دَامُوا عَلَى حَالهمْ, وَأَنْ يَسْتَبْدِل بِهِمْ صُحْبَة أَهْل الْخَيْر وَالصَّلَاح وَالْعُلَمَاء وَالْمُتَعَبِّدِينَ الْوَرِعِينَ وَمَنْ يَقْتَدِي بِهِمْ, وَيَنْتَفِع بِصُحْبَتِهِمْ, وَتَتَأَكَّد بِذَلِكَ تَوْبَته)[ شرح النووي على مسلم( 17 / 83)]
[8]: قال تعالى : (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)[النحل:43]. قال السعدي رحمه الله في تفسيره (ص:545-546)ط.الرسالة: (وهذه الآية وإن كان سببها خاصا بالسؤال عن حالة الرسل المتقدمين لأهل الذكر وهم أهل العلم فإنها عامة في كل مسألة من مسائل الدين أصوله وفروعه إذا لم يكن عند الإنسان علم منها أن يسأل من يعلمها ففيه الأمر بالتعلم والسؤال لأهل العلم ولم يؤمر بسؤالهم إلا لأنه يجب عليهم التعليم والإجابة عما علموه.
وفي تخصيص السؤال بأهل الذكر والعلم نهي عن سؤال المعروف بالجهل وعدم العلم ونهي له أن يتصدى لذلك).
[9]: الجامع طبعة ابن الجوزي : بَابُ مَنْ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُسَمَّى فَقِيهًا أَوْ عَالِمًا حَقِيقَةً لَا مَجَازًا، وَمَنْ يَجُوزُ لَهُ الْفُتْيَا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ (2/821) و في طبعة الرسالة (ص:295).
[10]:قال النووي: ( مَذْهَب أَهْل الْعِلْم, وَإِجْمَاعهمْ عَلَى صِحَّة تَوْبَة الْقَاتِل عَمْدًا, وَلَمْ يُخَالِف أَحَد مِنْهُمْ إِلَّا اِبْن عَبَّاس. وَأَمَّا مَا نُقِلَ عَنْ بَعْض السَّلَف مِنْ خِلَاف هَذَا, فَمُرَاد قَائِله الزَّجْر عَنْ سَبَب التَّوْبَة, لَا أَنَّهُ يَعْتَقِد بُطْلَان تَوْبَته. وَهَذَا الْحَدِيث ظَاهِر فِيهِ, وَهُوَ إِنْ كَانَ شَرْعًا لِمَنْ قَبْلنَا, وَفِي الِاحْتِجَاج بِهِ خِلَاف فَلَيْسَ مَوْضِع الْخِلَاف, وَإِنَّمَا مَوْضِعه إِذَا لَمْ يَرِدْ شَرْعنَا بِمُوَافَقَتِهِ وَتَقْرِيره, فَإِنْ وَرَدَ كَانَ شَرْعًا لَنَا بِلَا شَكٍّ, وَهَذَا قَدْ وَرَدَ شَرْعنَا بِهِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: (وَاَلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر وَلا يَقْتُلُونَ)[الفرقان:68] إِلَى قَوْله: (إِلاَّ مَنْ تَابَ)[الفرقان:70] الْآيَة وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: (وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم خَالِدًا فِيهَا)[النساء:39] فَالصَّوَاب فِي مَعْنَاهَا: أَنَّ جَزَاءَهُ جَهَنَّم, وَقَدْ يُجَازَى بِهِ, وَقَدْ يُجَازَى بِغَيْرِهِ وَقَدْ لَا يُجَازَى بَلْ يُعْفَى عَنْهُ, فَإِنْ قَتَلَ عَمْدًا مُسْتَحِلًّا لَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَا تَأْوِيل, فَهُوَ كَافِر مُرْتَدّ, يَخْلُد بِهِ فِي جَهَنَّم بِالْإِجْمَاعِ, وَإِنْ كَانَ غَيْر مُسْتَحِلّ بَلْ مُعْتَقِدًا تَحْرِيمه فَهُوَ فَاسِق عَاصٍ مُرْتَكِب كَبِيرَة, جَزَاؤُهُ جَهَنَّم خَالِدًا فِيهَا, لَكِنْ بِفَضْلِ اللَّه تَعَالَى ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يُخَلَّد مَنْ مَاتَ مُوَحِّدًا فِيهَا, فَلَا يَخْلُد هَذَا, وَلَكِنْ قَدْ يُعْفَى عَنْهُ, فَلَا يَدْخُل النَّار أَصْلًا, وَقَدْ لَا يُعْفَى عَنْهُ, بَلْ يُعَذَّب كَسَائِرِ الْعُصَاة الْمُوَحِّدِينَ, ثُمَّ يَخْرُج مَعَهُمْ إِلَى الْجَنَّة, وَلَا يُخَلَّد فِي النَّار, فَهَذَا هُوَ الصَّوَاب فِي مَعْنَى الْآيَة, وَلَا يَلْزَم مِنْ كَوْنه يَسْتَحِقّ أَنْ يُجَازَى بِعُقُوبَةٍ مَخْصُوصَة أَنْ يَتَحَتَّم ذَلِكَ الْجَزَاء, وَلَيْسَ فِي الْآيَة إِخْبَار بِأَنَّهُ يُخَلَّد فِي جَهَنَّم, وَإِنَّمَا فِيهَا أَنَّهَا جَزَاؤُهُ أَي: يَسْتَحِقّ أَنْ يُجَازَى بِذَلِكَ ، وَقِيلَ : إِنَّ الْمُرَاد مَنْ قَتَلَ مُسْتَحِلًّا،قِيلَ : وَرَدَتْ الْآيَة فِي رَجُل بِعَيْنِهِ , وَقِيلَ : الْمُرَاد بِالْخُلُودِ طُول الْمُدَّة لَا الدَّوَام ، وَقِيلَ : مَعْنَاهَا هَذَا جَزَاؤُهُ إِنْ جَازَاهُ،وَهَذِهِ الْأَقْوَال كُلّهَا ضَعِيفَة أَوْ فَاسِدَة لِمُخَالَفَتِهَا حَقِيقَة لَفْظ الْآيَة , وَأَمَّا هَذَا الْقَوْل فَهُوَ شَائِع عَلَى أَلْسِنَة كَثِير مِنْ النَّاس , وَهُوَ فَاسِد لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إِذَا عُفِيَ عَنْهُ خَرَجَ عَنْ كَوْنهَا كَانَتْ جَزَاء , وَهِيَ جَزَاء لَهُ , لَكِنْ تَرَكَ اللَّه مُجَازَاته عَفْوًا عَنْهُ وَكَرَمًا , فَالصَّوَاب مَا قَدَّمْنَاهُ . وَاَللَّه أَعْلَم)[ شرح النووي على صحيح مسلم( 17 / 82-83)].
[11]: و قد بوب البخاري في صحيحه باب العلم قبل القول و العمل ، لقول الله تعالى : ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ)[محمد:19].
[12]: عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه : ( إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يُبْقِ عالماً اتخذ الناس رؤوسا جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب العلم :باب كيف يقبض العلم ( 100).
[13]:رقم (2681) أبواب العلم من رسول الله صلى الله عليه و سلم : باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة.
[14]:رقم (222) أبواب السنة : باب فضل العلماء ، و الحث على طلب العلم.
[15]: من طريق روح بن جناح : وهو ضعيف كما في التقريب (ص:254) طبعة الرسالة.
[16]: انظر: الجامع طبعة ابن الجوزي : باب تفضيل العلم على العبادة (1/125-126-127) بتحقيق أبي الأشبال . و طبعة الرسالة بتحقيق الأرنؤوط (ص:42).
[17]: من طريق يزيد بن عياض : كذبه مالك و غيره ، انظر التقريب (ص:860) طبعة الرسالة.
[18]: قال الألباني رحمه الله : موضوع ، انظر ضعيف الجامع (3987).
[19]: آثار ابن باديس (2/273).


التعديل الأخير تم بواسطة بلال بريغت ; 07 Sep 2013 الساعة 12:17 AM
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, أخذالعلم, مسائل, بن باديس


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013