منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 Apr 2015, 07:32 PM
رضا عثمان رضا عثمان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 86
افتراضي الإعلام والبيان لتحريم الإسلام قتل غير المسلمين الداخلين في عهود السلام ومواثيق الأمان

بسم الله الرحمان الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، وأشهد أن لا إله إلّا الله، وليّ الصالحين، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله المصطفى الأمين، صلّى الله عليه وآله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين؛ أمّا بعد:

فإنّ ممّا يؤلم القلب، وتتحسّر له النفس؛ أن يقوم بعض الناس بأعمال تناقض تعاليم الإسلام، ظانّين أنّها من الإسلام، أو عارفين أنّها ليست منه، ثمّ ينسبونها إليه، أو ينسبها غيرهم إليه؛ فيؤول الأمر إلى تشويه صورة الإسلام عند عموم الناس؛ المسلم منهم، وغير المسلم، وعلى وجه التحديد مَن لا علم له ولا دراية بحقيقة ما يدعو إليه الإسلام وما يفرضهم من عقائد وأحكام.

ولم يزل، ولن يزال بإذن الله تعالى- علماء الإسلام الربّانيّون يبيّنون تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، وهم خير من فهم الدين، والتزمه وخدمه، جزاهم الله خير الجزاء، وحشرنا في زمرتهم لحبّنا لهم.

ومن القضايا التي تدخل فيما نحن بصدده: قضيّة قتل الكفّار الذين يدخلون في مواثيق السلام وعهود الأمان، سواء كانوا في بلادهم، أو في واحد من بلاد المسلمين.

فالخوارج وأمثالهم يستبيحون قتلهم، ويتفاخرون بذلك، نصرة للإسلام -زعموا-.

ما جعل عددا من الكفّار يستغلّون الفرصة لضرب الإسلام والمسلمين، واصفين إيّاه وإيّاهم بالإرهاب والغدر ونحو ذلك من الأوصاف المشينة.

والعلماء الربّانيّون يقابلون أعمال الخوارج التخريبية ببيان تعارضها مع مبادئ الإسلام وتعاليمه الحسان، ويجتهدون في الدفاع والذبّ عنه ممّا يرميه أعدائه اللئام، الذين يتصيّدون في الماء العكر، ولا يفوّتون فرصة لإشفاء غليلهم الحقود البغيض.

ورغبة منّي الإسهام في بيان حكم الإسلام في قتل غير المسلمين الداخلين في مواثيق السلام وعهود الأمان من مَنبَعَيْه الأصيلين، جمعتُ بعض النصوص الشرعية الثابتة، مع شرح ما يحتاج إلى شرح، معتمدا على كلام العلماء الثقات الأثبات، متعمّدا الرجوع إلى العلماء المتقدّمين والمتأخّرين والمعاصرين، لبيان أنّ علماء الأمّة الثقات المعاصرين لم يغيّروا ولم يبدّلوا ولم يحرّفوا؛ بل هم متابعون للسلف الصالحين بإحسان، خلافا لما يتّهمهم به أعداؤهم من أهل الضلالات والأهواء والأغراض الدنيوية الدنيئة.

وهذا الجمع البسيط قصدت به شيئين:

- أوّلا: الإعلام والبيان لإخواننا المسلمين المغرّر بهم، والمخدوعين من طرف الخوارج على اختلاف طبقاتهم، إلى شدّة حرمة قتل الكفّار المعاهدين والمستأمنين، وإلى الخطورة العظمى التي يتعرّض لها الواقعون في ذلك، خلافا لما يدّعيه أهل الإرهاب والتخريب.

- ثانيا: الإعلام والبيان لغير المسلمين ولضعاف الإيمان أنّ الإسلام -من خلال مرجعَيْه الأصليين- يحرّم هذه التصرّفات، بل يغلّظ فيها أيّما تغليظ، فلا يستقيم -والحالة هذه- أن تُنسَب إليه هذه الأعمال، ولا أن يقدح فيه بسببها.


وهذا العمل جهدٌ ضعيفٌ لِمُقِلّ، ولا قدرة لي لإعطائه حقّه على وجه التمام، لكن ما لا يدرك جلّه لا يترك كلّه، والمسلم للمسلم كالبنيان يشدّ بعضه بعضا.

والله أسأل مغفرة الزلّات، وقبول ما هدى إليه ووفّق له من الخيرات، وأن يقطع قرن خوارج هذا العصر الذين عاثوا في الأرض فسادا، وأن يظهر الحقّ وأهله وأن ينصرهم على أعدائهم، وأن يهدينا إلى الصراط المستقيم ويثبّتنا عليه حتّى نلقاه.

والحمد لله ربّ العالمين.

* * *

حرمة قتل النفس التي حرّم الله بغير حقّ
ووعيد من فعل ذلك


[وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ][الأنعام: 151، الإسراء: 33]([1]).
-صلّى الله عليه وآله وسلّم-

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ-رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ-صلّى الله عليه وآله وسلّم- قَالَ:
« أَكْبَرُ الكَبَائِرِ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ... »([2]).

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ-رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ-صلّى الله عليه وآله وسلّم- قَالَ:
« اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ ! »
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ وَمَا هُنَّ؟
قَالَ: « الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ...»([3]).

وعن سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ-رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلّى الله عليه وآله وسلّم- عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ:
«اجْتَنِبُوا الْكَبَائِرَ السَّبْعَ» ... « الشِّرْكُ بِاللهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ...»([4]).

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري-رضي الله عنه- عَنْ نَبِيِّ اللهِ-صلّى الله عليه وآله وسلّم- أَنَّهُ قَالَ:
« يَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ يَتَكَلَّمُ يَقُولُ: وُكِّلْتُ الْيَوْمَ بِثَلَاثَةٍ: بِكُلِّ جَبَّارٍ، وَبِمَنْ جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ، وَبِمَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ، فَيَنْطَوِي عَلَيْهِمْ فَيَقْذِفُهُمْ فِي غَمَرَاتِ جَهَنَّمَ »([5]).

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ-صلّى الله عليه وآله وسلّم-:
« لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا »([6])([7]).

قَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-:
« إِنَّ مِنْ وَرَطَاتِ الأُمُورِ، الَّتِي لاَ مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا، سَفْكَ الدَّمِ الحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ »([8])([9]).

نَفْسُ الكافر المعاهد أو المستأمن من النفس التي حرّم الله

- أوّلا: النهي عن قتل الكفّار من أصحاب العهود

عَنِ النَّبِيِّ-صلّى الله عليه وآله وسلّم- قَالَ:
«... لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ، وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِه »([10])([11]).

عَنِ النَّبِيِّ-صلّى الله عليه وآله وسلّم- قَالَ:
« من قَتَلَ نَفْسًا مُعاهدة([12]) [لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ]([13])([14])، بِغَيْرِ حَقِّهَا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَ الْجَنَّةِ لَيُوجَدُ مِنْ مسيرة مئة عام »([15])([16]).

- ثانيا: وجوب وفاء عموم المسلمين بأمانِ أفرادٍ منهم لبعض الكفّار المحاربين ؛ والتغليظ في نقض إجارهم

عن أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ -رضي الله عنها- قالت: ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ-صلّى الله عليه وآله وسلّم- عَامَ الْفَتْحِ...
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ زَعَمَ ابْنُ أُمِّي -عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ- أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلًا أَجَرْتُهُ، فُلَانُ ابْنُ هُبَيْرَةَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ-صلّى الله عليه وآله وسلّم-:
« قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ »([17]).
وفي رواية: « قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ، وَأَمَّنَّا مَنْ أَمَّنْتِ »([18]).

عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ:
« إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ لَتُجِيرُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فَيَجُوزُ »([19])([20]).

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ-رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ-صلّى الله عليه وآله وسلّم- قَالَ:
« إِنَّ الْمَرْأَةَ لَتَأْخُذُ لِلْقَوْمِ » -يَعْنِي: تُجيرُ على الْمُسلمين-([21])([22]).

عَنْ أمّ سلمة وأَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ-صلّى الله عليه وآله وسلّم- قَالَ:
« يُجِيرُ عَلَى أُمَّتِي أَدْنَاهُمْ »([23])([24]).

عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله-صلّى الله عليه وآله وسلّم-:
« الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ... »([25])([26]).

عن عَلِيِّ بن أبي طالب-رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ-صلّى الله عليه وآله وسلّم-:
«... ذمَّةُ المسلمينَ واحدةٌ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ؛ فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ...» ([27])([28]).

عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله-صلّى الله عليه وآله وسلّم-:
« ذمَّةُ المسلمينَ واحدةٌ، فإن جارَت عليهم جائرةٌ؛ فلا تُخفِرُوها؛ فإن لكلِّ غادِرٍ لواءً يُعرَفُ به يوم القيامة»([29])([30]).

النهي الشديد عن مطلق ظلم الكفّار من أصحاب العهود

عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ-صلّى الله عليه وآله وسلّم- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ-صلّى الله عليه وآله وسلّم- قَالَ:
« أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا، أَوِ انْتَقَصَهُ، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ؛ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ »([31])([32]).

عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ-رضي الله عنه- قَالَ: قال النّبيُ-صلّى الله عليه وآله وسلّم-:
« ... وَأَنَّ اللَّهَ عزّ وجلّ- لَمْ يُحِلَّ لَكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتَ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ بِإِذْنٍ، وَلاَ ضَرْبَ نِسَائِهِمْ، وَلاَ أَكْلَ ثِمَارِهِمْ؛ إِذَا أَعْطَوْكُمُ الَّذِي عَلَيْهِمْ »([33])([34]).

وجوب الوفاء بالعهد وتغليظ حرمة الغدر([35])

[وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا][الإسراء: 34]([36]).

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ-رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ-صلّى الله عليه وآله وسلّم- قَالَ:
« تَقَبَّلُوا لِي بِسِتٍّ أَتَقَبَّلْ لَكُمْ بالْجَنَّةَ ».
قَالُوا: وَمَا هِيَ؟
قَالَ: « إِذَا حَدَّثَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَكْذِبْ، وَوَعَدَ فَلَا يُخْلِفْ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ فَلَا يَخُنْ، وَغُضُّوا أَبْصَارُكُمْ، وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ »([37]).

وفي رواية عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه-: « اكْفُلُوا لِي بِسِتٍّ أَكْفُلْ لَكُمْ بِالْجَنَّةِ...» ([38]).

وَعَنْ أَنَسٍ-رضي الله عنه- قَالَ: قَلَّمَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ-صلّى الله عليه وآله وسلّم- إِلَّا قَالَ:
« لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ »([39])([40]).

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ-صلّى الله عليه وآله وسلّم-:
« أربعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهَا كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ من النفاق حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ »([41]).

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَر -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ-صلّى الله عليه وآله وسلّم-:
« أربعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهَنّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ من النفاق حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا ائْتُمِنَ خَانَ، إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ »([42]).

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وأنس وجابر -رضي الله عنهم- قَالوا: قَالَ رَسُولُ اللهِ-صلّى الله عليه وآله وسلّم-:
« آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ».
وفي رواية:
« وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ »([43]).

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ-صلّى الله عليه وآله وسلّم-:
« خَمْسٌ بِخَمْسٍ».
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا خَمْسٌ بِخَمْسٍ؟
قَالَ: « مَا نَقَضَ قَوْمٌ الْعَهْدَ إِلَّا سُلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوُّهُمْ... »([44])([45]).

عَنْ بريدة بن الحصيب-رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ-صلّى الله عليه وآله وسلّم-:
« مَا نَقَضَ قَوْمٌ الْعَهْدَ قَطُّ إِلَّا كَانَ الْقَتْلُ بَيْنَهُمْ... »([46]).

ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ-صلّى الله عليه وآله وسلّم- قَالَ:
« إِنَّ الغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ »([47])([48]).

عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ الْخُزَاعِيِّ-رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ-صلّى الله عليه وآله وسلّم-:
« مَنْ آمَنَ رَجُلًا عَلَى دَمِهِ فَقَتَلَهُ، فَإِنَّهُ يحْملُ لِوَاءَ غَدِرٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ »([49]).

وفي لفظ:
« إِذَا اطْمَأَنَّ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ([50])، ثُمَّ قَتَلَهُ...»([51]).

عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ الْخُزَاعِيِّ-رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ-صلّى الله عليه وآله وسلّم-:
« أَيُّمَا رَجُلٍ أَمَّنَ رَجُلًا عَلَى دَمِهِ، ثُمَّ قَتَلَهُ؛ فَأَنَا مِنَ الْقَاتِلِ بَرِيءٌ -وإن كان المقتول كافراً-»([52]).

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ-رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ-صلّى الله عليه وآله وسلّم- يَقُولُ:
«... وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي بِسَيْفِهِ يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا، وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ »([53])([54]).

التزام النّبيّ-صلّى الله عليه وآله وسلّم- بعدم نقض العهود

ولو حصل بسببها بعض الضرر لطائفة المسلمين

في حديث صلح الحديبية:
... فَقَالَ سُهَيْلٌ: وَعَلَى أَنَّهُ لاَ يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا...
... فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ فِي قُيُودِهِ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ حَتَّى رَمَى بِنَفْسِهِ بَيْنَ أَظْهُرِ المُسْلِمِينَ.
فَقَالَ سُهَيْلٌ: هَذَا يَا مُحَمَّدُ أَوَّلُ مَا أُقَاضِيكَ عَلَيْهِ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَيَّ.
فَقَالَ النَّبِيُّ-صلّى الله عليه وآله وسلّم-: « إِنَّا لَمْ نَقْضِ الكِتَابَ بَعْدُ »!
قَالَ: فَوَاللَّهِ إِذًا لَمْ أُصَالِحْكَ عَلَى شَيْءٍ أَبَدًا!
قَالَ النَّبِيُّ-صلّى الله عليه وآله وسلّم-: « فَأَجِزْهُ لِي ».
قَالَ: مَا أَنَا بِمُجِيزِهِ لَكَ!
قَالَ: « بَلَى فَافْعَلْ »!
قَالَ: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ!
قَالَ مِكْرَزٌ: بَلْ قَدْ أَجَزْنَاهُ لَكَ.
قَالَ أَبُو جَنْدَلٍ: أَيْ مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، أُرَدُّ إِلَى المُشْرِكِينَ وَقَدْ جِئْتُ مُسْلِمًا، أَلاَ تَرَوْنَ مَا قَدْ لَقِيتُ؟ -وَكَانَ قَدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا فِي اللَّهِ-...
[وفي رواية: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ-صلّى الله عليه وآله وسلّم-: « يَا أَبَا جَنْدَلٍ! اصْبِرْ وَاحْتَسِبْ؛ فَإِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- جَاعِلٌ لَكَ وَلِمَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا.
إِنَّا قَدْ عَقَدْنَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ صُلْحًا، فَأَعْطَيْنَاهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَأَعْطَوْنَا عَلَيْهِ عَهْدًا، وَإِنَّا لَنْ نَغْدِرَ بِهِمْ »]([55]).
... ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ-صلّى الله عليه وآله وسلّم- إِلَى المَدِينَةِ، فَجَاءَهُ أَبُو بَصِيرٍ -رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَهُوَ مُسْلِمٌ-، فَأَرْسَلُوا فِي طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ.
فَقَالُوا: العَهْدَ الَّذِي جَعَلْتَ لَنَا!
فَدَفَعَهُ إِلَى الرَّجُلَيْنِ...
... فَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَدْ -وَاللَّهِ- أَوْفَى اللَّهُ ذِمَّتَكَ، قَدْ رَدَدْتَنِي إِلَيْهِمْ، ثُمَّ أَنْجَانِي اللَّهُ مِنْهُمْ!
قَالَ النَّبِيُّ-صلّى الله عليه وآله وسلّم-: « وَيْلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ، لَوْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ ».
فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عَرَفَ أَنَّهُ سَيَرُدُّهُ إِلَيْهِمْ...([56]).

عن أَبي رَافِعٍ: أَنَّهُ أَقْبَلَ بِكِتَابٍ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ-صلّى الله عليه وآله وسلّم- قَالَ:
فَلَمَّا رَأَيْتُ النَّبِيَّ-صلّى الله عليه وآله وسلّم- أُلْقِيَ فِي قَلْبِيَ الْإِسْلَامُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي -وَاللَّهِ- لَا أَرْجِعُ إِلَيْهِمْ أَبَدًا.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ-صلّى الله عليه وآله وسلّم-:
« إني لَا أَخِيسُ بِالْعَهْدِ([57]) وَلَا أَحْبِسُ البُرْد... » ([58]).

النهي عن أدنى تصرّف مخالف لمقتضى العهد مع غير المسلمين
قبل انقضاء مدّته

عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ:
كَانَ مُعَاوِيَةُ يَسِيرُ بِأَرْضِ الرُّومِ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ أَمَدٌ، فَأَرَادَ أَنْ يَدْنُوَ مِنْهُمْ، فَإِذَا انْقَضَى الْأَمَدُ غَزَاهُمْ.
فَإِذَا شَيْخٌ عَلَى دَابَّةٍ يَقُولُ:
اللهُ أَكْبَرُ! اللهُ أَكْبَرُ! وَفَاءٌ لَا غَدْرٌ!
إِنَّ رَسُولَ اللهِ-صلّى الله عليه وآله وسلّم- قَالَ:
« مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ، فَلَا يَحِلَّنَّ عُقْدَةً وَلَا يَشُدَّهَا حَتَّى يَنْقَضِيَ أَمَدُهَا، أَوْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ ».
فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ فَرَجَعَ.
وَإِذَا الشَّيْخُ عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ([59])([60]).

الهوامش:

([1]) وقد صرّح علماء التفسير أنّ الآية تشمل نَفْسَ المؤمن ونَفْسَ المعاهد.
انظر: تفسير الطبري (12/220)، تفسير البغوي (3/203)، تفسير ابن عطية (2/362)، تفسير ابن الجوزي (2/91)، تفسير العزّ
بن عبد السلام (
1/469)، تفسير القرطبي (7/133)، تفسير أبي حيان (4/688)، تفسير ابن كثير (3/362)، تفسير السعدي (280).
قال ابن كثير في "تفسيره" (3/362): ‹ وَهَذَا مِمَّا نَصَّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى النَّهْيِ عَنْهُ تَأْكِيدًا، وَإِلَّا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي النَّهْيِ عَنِ الْفَوَاحِشِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ... وَقَدْ جَاءَ النَّهْيُ وَالزَّجْرُ وَالْوَعِيدُ فِي قَتْلِ المعاهدَ -وَهُوَ الْمُسْتَأْمَنُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ ›.

([2]) صحيح الجامع ( برقم: 1195).

([3]) صحيح الجامع ( برقم: 144).

([4]) صحيح الجامع ( برقم: 145).

([5]) سلسلة الأحاديث الصحيحة (برقم: 2699).

([6]) صحيح الجامع ( برقم: 7691).

([7]) قال ابن الجوزي في "كشف المشكل" (2/590):
"الْمَعْنى: أَنّه فِي أَيّ ذَنْب وَقع كَانَ لَهُ فِي الدّين وَالشَّرْع مَخْرَجٌ؛ إِلَّا الْقَتْل، فَإِنّ أمره صَعب، ويوضِّح هَذَا مَا فِي تَمام الحَدِيث عَن ابْن عمر -رضي الله عنهما- أَنّه قَالَ: ‹ إِنّ من ورطات الْأُمُور الَّتِي لَا مَخْرَج لمن أوقع نَفسه فِيهَا: سفك الدَّم الْحَرَام بِغَيْر حلَّه ›".
وقال الشيخ العثيمين في "شرح رياض الصالحين" (2/534):
‹ « لا يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ »: أي في سعة « مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا » يعني ما لم يقتل مؤمنا أو ذميا أو معاهدا أو مستأمنًا، فهذه هي الدماء المحرَّمة، هي أربعة أصناف: دم المسلم، ودم الذمِّي، ودم المعاهد، ودم المستأمن، وأشدّها وأعظمها دم المؤمن.
أمّا الكافر الحربي فهذا دمه غير حرام.
فإذا أصاب الإنسان دما حراما فإنّه يضيق عليه دينه، أي: إنّ صدره يضيق به حتّى يخرج منه؛ والعياذ بالله، ويموت كافرًا ›.

([8]) صحيح البخاري ( برقم: 6863).

([9]) قال ابن الجوزي في "كشف المشكل" (2/590):
‹ و"الورطات" جمع ورطة: وَهِي كلّ بلَاء لَا يكَاد صَاحبه يتَخَلَّص مِنْهُ ›.
وانظر: "فتح الباري" لابن حجر (1/205، 12/188).

([10]) عن عليّ (مشكاة المصابيح: برقم 3475)، وعبد الله بن عمرو (صحيح الجامع، برقم: 2290)، ابن عبّاس (مشكاة المصابيح: برقم 3476)، ابن عمر (التعليقات الحسان: برقم 5964) -رضي الله عنهم جميعا-.

([11]) قال السندي في "حاشيته على سنن ابن ماجه" (2/145):
‹ قَوْلُهُ: (وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ) أَيْ: كَافِرٌ ذُو عَهْدٍ، أَيْ: ذُو ذِمَّةٍ وَأَمَانٍ ›.
وقال العظيم آبادي في "عون المعبود" (12/169):
‹ قَالَ الْقَاضِي: أَيْ لَا يُقْتَلُ لِكُفْرِهِ ما دام معاهدا غير ناقض.
وقال ابن الْمَلَكِ: أَيْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ ابْتِدَاءً مَا دَامَ فِي الْعَهْدِ ›.

([12]) قال ابن حجر في "فتح الباري" (12/259):
‹ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَهُ عَهْدٌ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، سَوَاءٌ كَانَ بِعَقْدِ جِزْيَةٍ أَوْ هُدْنَةٍ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ أَمَانٍ مِنْ مُسْلِمٍ ›.
وقال المباركفوري في "تحفة الأحوذي" (4/547 - 548)
‹ بِكَسْرِ الْهَاءِ، مَنْ عَاهَدَ الْإِمَامَ عَلَى تَرْكِ الْحَرْبِ، ذِمِّيًّا أَوْ غَيْرَهُ.
وَرُوِيَ بِفَتْحِهَا وَهُوَ مَنْ عاهده الْإِمَامُ.
قَالَ الْقَاضِي: يُرِيدُ بِالْمُعَاهَدَةِ مَنْ كَانَ لَهُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ عَهْدٌ شَرْعِيٌّ سَوَاءٌ كَانَ بِعَقْدِ جِزْيَةٍ أَوْ هُدْنَةٍ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ أَمَانٍ مِنْ مُسْلِمٍ ›.

([13]) ما بين المعكوفين من رواية أبي هريرة -رضي الله عنه-.

([14]) قال المباركفوري في "تحفة الأحوذي" (4/548)
‹ قَالَ فِي "الْمَجْمَعِ": الذِّمَّةُ وَالذِّمَامُ وَهُمَا بِمَعْنَى الْعَهْدِ وَالْأَمَانِ وَالضَّمَانِ وَالْحُرْمَةِ وَالْحَقِّ.
وسُمِّيَ أَهْلَ الذِّمَّةِ لِدُخُولِهِمْ فِي عَهْدِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَانِهِمْ انْتَهَى ›.

([15]) روي بألفاظ متقاربة عن عبد الله بن عمرو (صحيح الجامع، برقم: 6457)، وأبي بكرة (صحيح الجامع، برقم: 6456، 6458)، وأبي هريرة (صحيح وضعيف سنن ابن ماجه، برقم: 2687)، وعدّة من الصحابة (غاية المرام، برقم: 471)، عن رجل من الصحابة (صحيح الجامع، برقم: 6448) -رضي الله عنهم جميعا-.

([16]) قال محمّد آدم الأثيوبي في "ذخيرة العقبى" (36/48):
[من فوائد الحديث:] (ومنها): ‹ بيان عظمة الإِسلام، ورفعة مكانته، حيث إنّه يُراعي حقوق كلّ النَّاس، ولو كانوا غير مسلمين، ما داموا مُسالِمِين لأهل الإِسلام، واعتباره الاعتداء عليهم جريمة كبرى، بحيث يستحقّ به المسلم إذا ارتكبه حرمان الجنّة التي ثبتت له بإسلامه، فلمّا اعتدى فِي الإِسلام، ولم يحترم حدوده عاقبه الله تعالى بمنعه عن مقامه الرفيع، الذي نوّه الله تعالى بأنّه منْ مقام الفوز الأكبر، حيث قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: [فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ] [آل عمران: 185] الآية.

([17]) قال ابن بطّال في "شرح صحيح البخاري" (5/349):
‹ فيه من الفقه: جواز أمان المرأة، وأنّ مَن أَمَّنَتهُ حَرُم قتله، وقد أجارت زينب بنت رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- ورضي الله عنهما أبا العاص بن الربيع، وعلى هذا جماعة الفقهاء بالحجاز والعراق؛ منهم: مالك، والثوري، وأبو حنيفة، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، وأحمد، وإسحاق.
وشذّ عبد الملك بن الماجشون وسحنون عن الجماعة؛ فقالوا: أمان المرأة موقوف على جواز الإمام، فإن أجازه جاز؛ وإن رَدَّهُ رُدَّ ›.
وقال ابن حجر في "فتح الباري" (6/ 273):
‹ قَالَ ابن الْمُنْذِرِ: "أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى جَوَازِ أَمَانِ الْمَرْأَةِ، إِلَّا شَيْئًا ذَكَرَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ يَعْنِي: ابنَ الْمَاجِشُونِ، صَاحِبَ مَالِكٍ- لَا أَحْفَظُ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ؛ قَالَ: إِنَّ أَمْرَ الْأَمَانِ إِلَى الْإِمَامِ.
وَتَأَوَّلَ مَا وَرَدَ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ عَلَى قضايا خَاصَّة".
قَالَ ابن الْمُنْذِرِ: "وَفِي قَوْلِ النَّبِيِّ -صلّى الله عليه وآله وسلّم-: « يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ » دَلَالَةٌ عَلَى إِغْفَالِ هَذَا الْقَائِلِ" - انْتَهَى.
وَجَاءَ عَنْ سَحْنُونٍ مِثْلُ قَول ابن الْمَاجِشُونِ، فَقَالَ: هُوَ إِلَى الْإِمَامِ إِنْ أَجَازَهُ جَازَ، وَإن رَدَّه رُدّ ›.

([18]) صحيح الجامع ( برقم: 4366).

([19]) صحيح سنن أبي داود الأمّ- ( برقم: 2469).

([20]) قال الشيخ عبد المحسن العبّاد في "شرح سنن أبي داود" (باب ما جاء في أمان المرأة):
‹ أي: فيجوز جوارها وتأمينها وأمانها.
ومعناه: أنهم كانوا يجيزونه ويثبتونه ولا يبطلونه، وهذا مثل الذي قبله [قال رضا: أي حديث أمّ هانئ]، إلّا أنّ هذا فيه إشارة إلى أنّ هذا يحصل، والحديث السابق إنّما هو في قصّة حصلت لأم هانئ رضي الله عنها- في شخص معيّن، وهذا لفظ عام يدلّ على أنّ المرأة كانت تجير فيجوز أمانها ويعتبر ›.

([21]) صحيح الجامع ( برقم: 1945).

([22]) قال علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (6/2562):
‹ أَيْ: جَازَ أَنْ تَأْخُذَ الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ الْأَمَانَ لِلْقَوْمِ ›.

([23]) صحيح الجامع ( برقم: 8036).
وفي الباب عن غيرهما، انظر"سلسلة الأحاديث الصحيحة" (برقم: 2819، 2449).

([24]) قال المناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (2/507):
‹ أَي: اذا أَجَارَ وَاحِد من الْمُسلمين -وَلَو عبدا- جمعا من الْكفَّار وأَمَّنَهُم؛ جَازَ على جَمِيع الْمُسلمين ›.

([25]) "صحيح الجامع" (برقم: 2290).

([26]) قال الخطّابي في "معالم السنن" (2/314):
- ‹ وقوله: « يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ... »: يريد أنّ العبد ومَن كان في معناه من الطبقة الدنيا، كالنساء والضعفاء الذين لا جهاد عليهم؛ إذا أجاروا كافرا؛ أُمضِيَ جوارُهم، ولم تُخفَر ذِمَّتُهُم.
- وقوله: « وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ... »: معناه أنّ بعض المسلمين، وإن كان قاصي الدار، إذا عقد للكافر عقدا؛ لم يك لأحد منهم أن ينقضه، وإن كان أقرب دارا من المعقود له ›.

([27]) "مشكاة المصابيح" (برقم: 2728).

([28]) قوله -صلّى الله عليه وآله وسلّم-: « ذمَّةُ المسلمينَ واحدةٌ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ »:
قال ابن الجوزي في "كشف المشكل" (1/195):
‹ الذِّمَّة: الْأمان والعهد ›.
قال المُناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (2/20):
‹ « ذمَّةُ المسلمينَ واحدةٌ » أَي: كشيء وَاحِد، لَا تخْتَلف باخْتلَاف الْمَرَاتِب، لَا يجوز نقضهَا ›.
قال ابن بطّال في "شرح صحيح البخاري" (5/350):
‹ وقال ابن المنذر فى قوله -صلّى الله عليه وآله وسلّم-: « يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ »: إنّ كلّ مَن أَمَّنَ أحدًا من الحربيين جاز أمانه على جميع المسلمين؛ دَنِيًّا كان أو شريفًا، حرّا كان أو عبدًا، رجلا أو امرأة، وليس لهم أن يخفروه ›.
¦ قوله -صلّى الله عليه وآله وسلّم-: « فمن أخفر مسلمًا »:
قال ابن الجوزي في "كشف المشكل" (1/195):
‹ أَي: نقض عَهده ›.
قال ابن بطّال في "شرح صحيح البخاري" (5/351):
‹ قال المهلب: فيمن أجاره ›.
¦ قوله -صلّى الله عليه وآله وسلّم-: « لا يقبل منه صرف ولا عدل»:
قال ابن بطّال في "شرح صحيح البخاري" (5/351):
‹ يعني: في هذه الجناية، أي: لا كفّارة لها؛ لأنّه لم يشرع فيها كفّارة، فهي إلى أمر الله؛ إن شاء عذّب فيها، وإن شاء غفرها؛ على مذهب أهل السنة في الوعيد ›.
قال ابن حجر في "فتح الباري" (1/144):
‹ قَوْله -صلّى الله عليه وآله وسلّم-: « صرف وَلَا عدل» قيل: "الصّرْف": التَّوْبَة، وَ"الْعدْل": الْفِدْيَة. وَقيل: "الصّرْف": النَّافِلَة، وَ"الْعدْل": الْفَرِيضَة، نُقِل ذَلِك عَن الْحسن الْبَصْرِيّ، وَعَن الْجُمْهُور عَكسه. وَقيل: "الصّرْف": الْحِيلَة، وَ"الْعدْل" الدِّيَة أَو الْفِدْيَة. وَقيل: "الْعدْل": التَّصَرُّف فِي الْفِعْل، وفيهَا أَقْوَال أُخْرَى منتشرة ›.
وانظر: فتح الباري (4/85 تحت الحديث رقم 1870).

([29]) "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (برقم: 3948).

([30]) قال المُناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (2/20):
‹ « فَإِذا جارَتْ عَلَيْهِم جائِرَةٌ » أَي: أجار وَاحِد من الْمُسلمين كَافِرًا، أَي: أعطَاهُ ذمَّته ›.
وقال في "فيض القدير" (3/565):
‹ « فَلَا تُخْفِرُوهَا » أي: لا تنقضوا عهده وأمانه، بل امضوا، وإن كان عبدا أو ضعيفا أو أنثى ›.

([31]) "صحيح الجامع" ( برقم: 2655).

([32]) قوله -صلّى الله عليه وآله وسلّم-: « مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا »
قال علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (6/2625):
‹ أَيْ: ذِمِّيًّا، أَوْ مُسْتَأْمَنًا ›.
¦ قوله -صلّى الله عليه وآله وسلّم-: « أَوِ انْتَقَصَهُ »
قال علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (6/2625):
‹ أَيْ: نَقَصَ حَقَّهُ ›.
قال الشيخ عبد المحسن العبّاد في "شرح سنن أبي داود":
‹ يعني: انتقص حقّه، أو تنقّصه أو عابه بشيء يسيء إليه ويلحقه بسببه أذى ›.
¦ قوله -صلّى الله عليه وآله وسلّم-: « أو كلّفه فوق طاقته »
قال علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (6/2625):
‹ «أَوْ كَلَّفَهُ» أَيْ: فِي أَدَاءِ الْجِزْيَةِ، أَوِ الْخَرَاجِ « فَوْقَ طَاقَتِهِ» ›.
قال الشيخ عبد المحسن العبّاد في "شرح سنن أبي داود":
‹ يعني: كلّفه ما لا يطيق من العمل ›.
¦ قوله -صلّى الله عليه وآله وسلّم-: « أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ »
قال علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (6/2625):
‹تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ، أَوْ تَقْيِيدٌ وَتَأْكِيدٌ ›.
قال الشيخ عبد المحسن العبّاد في "شرح سنن أبي داود":
‹ ونفسه غير طيّبة في الشيء الذي أخذ منه مُكرَها ››.
¦ قوله -صلّى الله عليه وآله وسلّم-: « فأنا حجيجه يوم القيامة »
قال علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (6/2625):
‹ أَيْ: خَصْمُهُ وَمُحَاجُّهُ وَمُغَالِبُهُ بِإِظْهَارِ الْحُجَجِ عَلَيْهِ ›.

([33]) "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (برقم: 882).

([34]) قال علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (1/250):
‹ وَالْحَاصِلُ عَدَمُ التَّعَرُّضِ لَهُمْ بِإِيذَائِهِمْ فِي الْمَسْكَنِ وَالْأَهْلِ وَالْمَالِ إِذَا أَعْطَوُا الْجِزْيَةَ ›.

([35]) قال ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (2/487):
وَالْغَدْرُ حَرَامٌ فِي كُلِّ عَهْدٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمَعَاهِدُ كَافِرًا... وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ بِالْوَفَاءِ بِعُهُودِ الْمُشْرِكِينَ إِذَا أَقَامُوا عَلَى عُهُودِهِمْ وَلَمْ يَنْقُضُوا مِنْهَا شَيْئًا ›.

([36]) قال الطبري في "تفسيره" (17/444):
‹ وأوفوا بالعقد الذي تُعاقِدون الناس في الصلح بين أهل الحرب والإسلام، وفيما بينكم أيضا، والبيوع والأشربة والإجارات، وغير ذلك من العقود.
[إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا] يقول: إنّ الله -جلّ ثناؤه- سائل ناقض العهد عن نقضه إيّاه.
يقول: فلا تنقضوا العهود الجائزة بينكم، وبين من عاهدتموه -أيّها الناس- فتخفروه، وتغدروا بمن أعطيتموه ذلك.
وإنّما عنى بذلك أنّ العهد كان مطلوبا، يقال في الكلام: ليسئلنّ فلان عهد فلان ›.

([37]) صحيح الجامع (برقم: 2978).

([38]) صحيح الجامع (برقم: 1225).

([39]) صحيح الجامع ( برقم: 7179).

([40]) « لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ »
قال الْمُناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (2/488):
‹ فإنّ الْمُؤمن مَن أَمِنَه الْخَلْقُ على أنفسهم وأموالهم، فَمَن خَان وجارَ فَلَيْسَ بِمُؤْمِن؛ أَرَادَ نفي الْكَمَال لَا الْحَقِيقَة ›.
¦ « وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ »
قال الْمُناوي في "فيض القدير" (6/381):
‹ وقال المظهر: معنى « وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ »: أنّ مَن جرى بينه وبين أحد عهد ثمّ غدر لغير عذر شرعي؛ فدِينُه ناقص ›.
قال المناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (2/488):
‹ هَذَا وأمثاله وَعِيد لَا يُرَاد بِهِ الْوُقُوع، بل الزّجر والردع، وَنفي الْكَمَال والفضيلة ›.
قال علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (1/109):
‹ قِيلَ: هَذَا الْكَلَامُ وَأَمْثَالُهُ وَعِيدٌ لَا يُرَادُ بِهِ الِانْقِلَاعُ، بَلِ الزَّجْرُ وَنَفْيُ الْفَضِيلَةِ دُونَ الْحَقِيقَةِ.
وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْحَقِيقَةُ؛ فَإِنَّ مَنِ اعْتَادَ هَذِهِ الْأُمُورَ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ أَنْ يَقَعَ ثَانِي الْحَالِ فِي الْكُفْرِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ: « مَنْ يَرْتَعُ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ » ›.

([41]) صحيح الجامع ( برقم: 890).

([42]) صحيح الجامع ( برقم: 889).

([43]) صحيح الجامع ( برقم: 16، 3043)، سلسلة الأحاديث الصحيحة (برقم: 1998).

([44]) صحيح الجامع ( برقم: 3240).

([45]) قال المناوي في "فيض القدير" (3/452):
‹ « خَمْسٌ » من الخصال « بِخَمْسٍ » أي مقابلة بها؛ « مَا نَقَضَ قَوْمٌ الْعَهْدَ » أي ما عاهدوا الله عليه أو ما عاهدوا عليه قوما آخرين « إِلَّا سُلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوُّهُمْ » جزاء بما اجترحوه من نقض العهد المأمور بالوفاء به ›.

([46]) سلسلة الأحاديث الصحيحة (برقم: 107).

([47]) صحيح الجامع ( برقم: 1682)، وفي الباب عن عائشة سلسلة الأحاديث الصحيحة (برقم: 3948).

([48]) قال العظيم آبادي في "عون المعبود" (7/309):
‹ « إِنَّ الْغَادِرَ » "الْغَدْرُ" ضِدُّ الْوَفَاءِ؛ أَيْ: الْخَائِنُ لِإِنْسَانٍ عَاهَدَهُ أَوْ أَمَّنَهُ.
« يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ » أَيْ عَلَمٌ خَلْفَهُ، تَشْهِيرًا له بالغدر وتفضيحا على رؤوس الْأَشْهَادِ.
« فَيُقَالُ » أَيْ: يُنَادَى عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ.
« هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ » أَيْ: هَذِهِ الْهَيْئَةُ الْحَاصِلَةُ لَهُ مُجَازَاةُ غَدْرَتِهِ ›.
وقال أبو الحسنات اللكنوي في "التعليق الممجّد على موطّأ محمّد" (3/524):
‹ قوله: « إنّ الغادر »، أي من يغدر بعهده، ويخلف في وعده من الكفّار وغيرهم، يقوم يوم القيامة على رؤوس الأشهاد.
« يُنصَب » بصيغة المجهول؛ أي: يُرفع له.
« لواء » بالكسر، يكون علامة على غدرته، يطّلع عليها الناس.
فيُقال من جانب الملائكة: « هذه غُدرة فلان » بالضمّ ›.

([49]) سلسلة الأحاديث الصحيحة (برقم: 440).

([50]) قال المناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (1/75):
‹ أَي: سكن قلبُه بتأمينه لَهُ ›.

([51]) صحيح الجامع ( برقم: 357).

([52]) صحيح الجامع ( برقم: 6103).

([53]) "مشكاة المصابيح" (برقم: 3669).

([54]) قوله : «... وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ »
قال القرطبي في "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" (12/106):
‹ يعني به : عَهْد البيعة والولاية ›.
وقال محمّد آدم الإثيوبي في "ذخيرة العقبى في شرح المجتبى" (32/115):
‹ أي: لا يوفي بعهد الذّمّيّين الذين لهم عهد وأمان من المسلمين ذمّتهم، بل ينقضه، ويقتلهم، كما يقتل المسلمين، أو المعنى أنه لا يوفي بعهد البيعة، والولاية ›.
¦ وقوله : « فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ »
قال القرطبي في "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" (12/106):
‹ هذا التَّبَرِّي ظاهره : أنّه ليس بِمُسلم. وهذا صحيحٌ؛ إن كان معتقِدًا لحِلِّيَّة ذلك، وإن كان معتقدًا لتحريمه: فهو عاصٍ من العصاة، مرتكب كبيرة ، فأَمْرُه إلى الله تعالى.
ويكون معنى "التَّبَرِّي" على هذا ؛ أي: ليست له ذمّة ولا حرمة، بل إن ظُفِر به قُتِل، أو عُوقب، بحسب حاله وجريمته.
ويحتمل أن يكون معناه: ليس على طريقتي، ولست أرضى طريقته ›.
قال علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (6/2395):
‹ « فَلَيْسَ مِنِّي » أَيْ مِنْ أُمَّتِي أَوْ عَلَى طَرِيقَتِي، « وَلَسْتُ مِنْهُ » وَفِيهِ تَهْدِيدٌ وَتَشْدِيدٌ ›.

([55]) ما بين المعكوفين من مسند أحمد (31/219)، قال المحقّقون: حسن الإسناد.

([56]) التعليقات الحسان (برقم 4852)

([57]) قال الخطّابي في "معالم السنن" (2/317):
‹ معناه: لا أنقض العهد ولا أفسده، من قولك خاس الشيء في الوعاء إذا فسد.
وفيه من الفقه: أنّ العقد يرعى مع الكافر، كما يرعى مع المسلم، وأنّ الكافر إذا عقد لك عقد أمان؛ فقد وجب عليك أن تُؤمِّنَهُ، وأن لا تغتاله في دم ولا مال ولا منفعة ›.

([58]) صحيح الجامع ( برقم: 2510).

([59]) سلسلة الأحاديث الصحيحة (برقم: 2357).

([60]) قول عمرو بن عبسة -رضي الله عنه-: "اللهُ أَكْبَرُ! اللهُ أَكْبَرُ! وَفَاءٌ لَا غَدْرٌ!"
قال علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (6/2563):
‹ قَالَ الطِّيبِيُّ: فِيهِ اخْتِصَارٌ حُذِفَ لِضِيقِ الْمَقَامِ؛ أَي: لِيَكُنْ مِنْكُمْ وَفَاءٌ لَا غَدْرٌ!
يَعْنِي: بَعِيدٌ مِنْ أَهْلِ اللَّهِ وَأُمَّةِ مُحَمَّدٍ ارْتِكَابُ الْغَدْرِ!
وَلِلِاسْتِبْعَادِ صَدَّرَ الْجُمْلَةَ بِقَوْلِهِ: "اللَّهُ أَكْبَرُ!" وَكَرَّرَهُ ›.
قال الشوكاني في "نيل الأوطار" (8/61):
‹ أَيْ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى شَرَعَ لِعِبَادِهِ الْوَفَاءَ بِالْعُقُودِ وَالْعُهُودِ، وَلَمْ يُشَرِّعْ لَهُمْ الْغَدْرَ؛ فَكَانَ شَرْعُهُ الْوَفَاءَ لَا الْغَدْرَ ›.
قال العظيم آبادي في "عون المعبود" (7/312):
‹ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ! اللَّهُ أَكْبَرُ!" أَيْ: تَعَجُّبًا وَاسْتِبْعَادًا.
"وَفَاءٌ لَا غَدْرٌ" بِالرَّفْعِ، عَلَى أَنَّ "لَا" لِلْعَطْفِ.
أَيِ: الْوَاجِبُ عَلَيْكَ وَفَاءٌ لَا غَدْرٌ ›.
¦ قول النّبيّ -صلّى الله عليه وآله وسلّم-: « فَلَا يَحِلَّنَّ عُقْدَةً وَلَا يَشُدَّهَا ».
قال علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (6/2563):
‹ وَالْمَعْنَى: لَا يُغَيِّرِنَّ عَهْدًا، وَلَا يَنْقُضْهُ بِوَجْهٍ ›.
قال الشوكاني في "نيل الأوطار" (8/61):
‹ قَوْلُهُ -صلّى الله عليه وآله وسلّم-: « فَلَا يَحِلَّنَّ عُقْدَةً » اسْتَعَارَ "عُقْدَةَ الْحَبْلِ" لِمَا يَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْمُعَاهَدَةِ، وَنَهَى عَنْ حَلِّهَا (أَيْ: نَقْضِهَا) وَشَدِّهَا (أَيْ: تَأْكِيدِهَا بِشَيْءٍ لَمْ يَقَعْ التَّصَالُحُ عَلَيْهِ)؛ بَلْ الْوَاجِبُ الْوَفَاءُ بِهَا عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَ وُقُوعُهَا عَلَيْهَا، بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ ›.
قال العظيم آبادي في "عون المعبود" (7/312):
‹ «لَا يَشُدُّ عُقْدَةً وَلَا يَحُلُّهَا » بِضَمِّ الْحَاءِ مِنَ "الْحَلِّ" بِمَعْنَى "نَقْضِ الْعَهْدِ"؛ وَ"الشَّدُّ" ضِدُّهُ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَجْمُوعَ كِنَايَةٌ عَنْ حِفْظِ الْعَهْدِ وَعَدَمِ التَّعَرُّضِ لَهُ ›.
قال الشيخ عبد المحسن العبّاد في "شرح سنن أبي داود":
‹ «لَا يَشُدُّ عُقْدَةً » أي: لا يتصرّف تصرُّفا يخالف العقد.
قوله: « وَلَا يَحُلُّهَا » أي: تلك العقدة ›.
¦ قوله -صلّى الله عليه وآله وسلّم-: « حَتَّى يَنْقَضِيَ أَمَدُهَا ».
قال العظيم آبادي في "عون المعبود" (7/312):
‹ « أَمَدُهَا » بِفَتْحَتَيْنِ بِمَعْنَى الْغَايَةِ ›.
¦ قوله -صلّى الله عليه وآله وسلّم-: « أَوْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ ».
قال علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (6/2563):
‹ «أَوْ يَنْبِذَ» بِكَسْرِ الْبَاءِ؛ أَيْ يَرْمِيَ عَهْدَهُمْ «إِلَيْهِمْ»، بِأَنْ يُخْبِرَهُمْ بِأَنَّهُ نَقَضَ الْعَهْدَ عَلَى تَقْدِيرِ خَوْفِ الْخِيَانَةِ مِنْهُمْ «عَلَى سَوَاءٍ»؛ أَيْ لِيَكُونَ خَصْمُهُ مُسَاوِيًا مَعَهُ فِي النَّقْضِ، كَيْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ غَدْرًا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى [وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ[الأنفال: 58]... قَالَ الْمُظْهِرُ: أَيْ يُعْلِمُهُمْ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَغْزُوَهُمْ، وَأَنَّ الصُّلْحَ قَدِ ارْتَفَعَ؛ فَيَكُونُ الْفَرِيقَانِ فِي عِلْمِ ذَلِكَ سَوَاءً ›.
قال الشوكاني في "نيل الأوطار" (8/61):
‹ وَالْمُرَادُ هُنَا إخْبَارُ الْمُشْرِكِينَ بِأَنَّ الذِّمَّةَ قَدْ انْقَضَتْ، وَإِيذَانُهُمْ بِالْحَرْبِ إنْ لَمْ يُسْلِمُوا أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى مَا تَرْجَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ الْبَابَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَسِيرُ إلَى الْعَدُوِّ فِي آخِرِ مُدَّةِ الصُّلْحِ بَغْتَةً، بَلْ الْوَاجِبُ الِانْتِظَارُ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ أَوْ النَّبْذُ إلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ ›.

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, مميز, مسائل, مُعاهد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013