حقيقة الحياة الدنيا

[رضا عثمان]

آبائي الكرام، إخواني الأعزّة؛

إنّ الناظر المتفكّر في حياة الإنسان في هذه الدنيا
يجد أنّها ليست إلّا زمانا يمرّ،
تقع فيه أحداث،
وتُنشَأ فيه أعمال،
فتَعتَرِيه بسببها سعادة أو شقاء...


حياة الإنسان ساعات وأيّام، شهور وأعوام...

بَيْدَ أنّ العصر الذي يكون فيه الإنسان،
والزمان الذي يمرّ عليه؛
لا يحقّق بذاته خيرا ولا شرّا...

ولا يكسو الإنسانَ مدحا ولا ذمّا،
ولا يضمن له صلاحا ولا فسادا،
ولا يُسرِي إليه سعادةً ولا حُزنا...

فلا معنى لنسبة العيب للزمان والأعصار؛
ولا حقّ لمن يتّهم تعاقب ساعات الليل والنهار...

قال الشاعر:
نَعِيبُ زَمَانَنَا وَالعَيْبُ فِينَا ... وَمَا لِزَمَانِنَا عَيْبٌ سِوَانَا.


حياة الإنسان زمان يمرّ...
حياة الإنسان وقائع وأحداث...

حياة الإنسان مرض وشفاء،
حياة الإنسان فقر وغنى،
حياة الإنسان كسب وعطاء،
حياة الإنسان نجاح وخيبة،
حياة الإنسان اجتماع بالأحباب، وفراق الأحبّة...

حياة الإنسان بَسمة ودمعة...

قال القائل:
فيومٌ علينا ويومٌ لنا ... ويومٌ نُساءُ ويومٌ نُسَرّْ.

لكن...
هل وقائع الدنيا هذه وأحداثها
غايةٌ في ذاتها، أم أنّها وسيلةٌ لغيرها...؟


[وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ
بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ
وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ].

لذلك كان لزاما على المسلم
أن لا يتوقّف نَظرُه في ذات أحداث الدنيا ووقائعها؛
بل ينبغي عليه أن يتدبّر في الحكمة التي أرادها الله تعالى من وراءها...

فوقائع الدنيا آيات من آيات الله الكونية...
وقائع الدنيا تذكرة وموعظة...
وقائع الدنيا ابتلاء وامتحان...
وقائع الدنيا جزاء الإساءة وجزاء الإحسان...

وقائع الدنيا يراد منها معرفة الله،
وإرشاد الناس إلى عبادته وحده دون أحد سواه.


حياة الإنسان زمان يمرّ...
حياة الإنسان وقائع وأحداث...
حياة الإنسان أقوال وأعمال...

أقوالٌ وأعمالٌ تُنقَشُ في صحائف الإنسان،
أقوالٌ وأعمالٌ تُعرَض على الملك الدَّيّان،
أقوالٌ وأعمالٌ تُوضَع في كَفَّتَيِ الميزان،
أقوالٌ وأعمالٌ تَأخذ بصاحبها إلى البساتين والجنان،
أو ترمي به إلى لهيب النيران...



[فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102)

وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ
فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103)
تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ]

هل تثقل بالجمال وقوّة العضلات...؟
هل تثقل بالذهب والعملات...؟
هل تثقل الموازين بالدور والسيّارات...؟
هل تثقل بالمناصب والشهادات...؟
هل تثقل بالوظائف والتجارات...؟
هل تثقل بكثرة البنين والبنات...؟
هل تثقل بتعدّد المعارف والصداقات...؟
هل تثقل بإماتة الأوقات في الباطل والسهرات...؟

كلّا؛ لا تثقل إلّا بالأقوال البرّة والأعمال الصالحات...

فما غاية الإنسان في الحياة الدنيا إلّا صلاح الأقوال والأعمال...
وأمّا ما خلا ذلك فـ"واجهة" و"ديكور" ليس إلّا...


حياة الإنسان زمان يمرّ...
حياة الإنسان وقائع وأحداث...
حياة الإنسان أقوال وأعمال...
حياة الإنسان سعادة وشقاء...

الكلّ يسعى وراء السعادة، ويجتهد لتحصيل أسبابها،
والجميع يفرّ من الشقاوة، ويحرص على اجتناب ما يجلبها...

فمِنْ ساعٍ خَلفِ سعادة شكلية سطحية...
ومِنْ ساع وراء سعادة حقيقية قلبية...

ثمّ؛ مَن ذا الذي طَلَعَت عليه شمسُ السعادةِ في الدنيا
ولم تَغِب عنه...؟

ومَنْ ذا الذي هَبَّت عليه عواصفُ الشقاوةِ
ولم تهدأ ساعة...؟

فالسعيد من غلبت سعادتُه في الدنيا شقاوتَه فيها؛

لا؛ بل السعيد الحقّ مَن سَعِد السعادة الأخروية الأبدية...



[يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ
فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105)

فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا
فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106)
خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ
إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107)

وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا
فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ
عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ]
[/font][/color]

[أبو عبد الرحمن أسامة]

جزاك اللهُ خيرًا أخي رضا على ما كتبت،

أسألُ الله أن يُوفِّقنا للسَّعادة في الدُّنيا والآخرة ..

تنبيه: أرجو منك أخي إعادة كتابة الآيات بالخطِّ العادي لأنّها غير مفهومة!

[رضا عثمان]

الله يبارك فيك أخي الطيّب.

اعتذر عن الخلل الحاصل، وقد تمّ تصحيحه بإذن الله وحسن توفيقه.