منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 05 Apr 2016, 10:25 AM
أبو عاصم مصطفى السُّلمي أبو عاصم مصطفى السُّلمي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2016
المشاركات: 607
افتراضي الصراع بين الرُّقَّاع و المُخرِّقين

بـــسم الله الرحمن الرحيـــم

بعد تمام عملنا الفريد ، في ذلك المكان البعيد ، و الزّمهرير الشّديد ، و الإحتباء فوق الحديد .
جلسنا حول حُفَيرةٍ صغيرة فيها نارٌ تلتهب ، تُظِلُّها أيادٍ تضطرب ، و عن يمينها جمرٌ يتَّقِد ،تربّع فوقه إبريقٌ يرتعد ، و قد خرجت الرّغوة من فيه ، و أعلن النّكير عمّا هو فيه .
فامتدت يدُ صاحبنا لتُغيثَه من لفح النّار ، فانفرج إبِطُه عن خَرْقٍ كالغار ،فوضعه قُدّامه ، و رَصَف الكؤوس أمامه .
ناداه المُكلَّفُ بالأعمال ، و عاتبه على الإهمال ، و ثيابه على تلك الحال ، فقال و هو خجلان ، إنّني من كثرة الرَّتْق تَعبان ، و في هذا الأمر حيران .
فوثب إلى الخاطر في الواقع ، قولهم : اتّسع الخرق على الرّاقع .
ثُمّ بدا لي أن الخُروق لا تحدُث بنفسها ، بل لا بُدّ لها من مُحدث .
فتذكّرت حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حين قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [[ مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ ]] رواه البخاري (2697) ومسلم (1718)
و جد النّبع صافيا ، فولج فيه حافيا ، و اضطربت فيه رجلاه ، و عبثت بطينه يُمناه .
فأحاله كالحمإ المسنون و اللّبإ المدفون ، لا يروق لوارد شربه و لا لناظر شكله .
و تذكّرت الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه (1978) من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولفظه : [[ لَعَنَ اللهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَهُ ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ ]]
نعم لا بُدّ لكل خَرْقٍ من مُحدِثٍ .
ثُمّ تذكّرتُ أنّ إحداث الخَرْقِ أمرٌ أخبر به الصّادق المصدوق صلوات الله عليه و سلامه ، فقد جاء عن النُّعْمَان بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [[ مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا ]] رواه البخاري (2493).
هما صنفان أهل عُلوٍّ و أهل سَفال ، أرباب حق و أصحاب مُحال ، امتطوا سفينة الفوز و النّجاة ، خشبها السُّنة و شراعها الآيات ، تجري بهم في بحر من الظلمات ، أمواجه الشرك و الشّهوات .
فرغب الأسفلون عن مكانهم ، و كاشفوا الآخرين بعَدائهم ، و راموا تخريق البدن و تمزيق الشراع ، فتدافع الأعلون من كل قاع ، ليُطفئوا فورة هؤلاء الأشياع
و هذا هو الصِّراع بين أهل الحقِّ و أهل الباطل ، قومٌ يُخَرِّقون و قوم يُرَقِّعون .
ثُمّ انجلت لي حقيقة و هي :
مادام أصحاب المَخايِطِ و الخيوط البيض ، يُعمِلون أناملهم لِرَتق الخروق ، بكل قوة و عزيمة دون كلال أو ملل ، فإن الثّوب لاخوف عليه .
المُخَرِّقون بأيديهم المَشَارِطُ و المُدَى يتتبعون بها محاسن الثّوب و مَقاتِل المَثوب .
المعاصي مِشرط ، البدع مُدْيةٌ ، الشرك و الكفر سُيوف و رِماح ، و كُلها مُشرَعةٌ و مُعدَّة لتمزيق هذا السِّترِ الحصين و إحالته إلى أسمال بالية لا تَستر عورة و لا تَردُّ نظرةً
الرَّاتقون أهلُ الحق في صراعهم مع المُخرِّقين أهل الباطل .
هم حماة الثغُور و بُناة السّور ، و عُمّار الدُّور و ثلجُ الصّدور ، هم مفاتيح الخير مغاليق الشّرّ ، هم الأصداف في أكنافها الدُّر .
فعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ: [[إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ ]] .حسنه الألباني صحيح الجامع : (2223)
و لذا فكثرة الرُّقَّاع و الرَّاتقين حائلة ــ بفضل الله تعالى ــ دون اتِّساع الخرق .
فاجتهد أخي ألا تكون من المُخرِّقين و المُحدِثين و أصحاب السّفينة الأسفلين ، و كثِّر سواد الخيَّاطين و البحَّارة الأَعْلَين .
فقلت : و أين يقعُ خَرُق إبط صاحبنا من شَقْصِ إصْرِ دينِنا .
أبو عاصم مصطفى بن محمد
السُّلمي
تبلبالة ضحى يوم الإثنين الثاني و العشرين ربيع الثاني 1437 هـ


التعديل الأخير تم بواسطة أبو عاصم مصطفى السُّلمي ; 05 Apr 2016 الساعة 10:30 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 15 May 2017, 08:07 PM
أبو عاصم مصطفى السُّلمي أبو عاصم مصطفى السُّلمي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2016
المشاركات: 607
افتراضي

فاجتهد أخي ألا تكون من المُخرِّقين و المُحدِثين و أصحاب السّفينة الأسفلين ، و كثِّر سواد الخيَّاطين و البحَّارة الأَعْلَين .
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013