أهمية معرفة محاسن الدين الإسلامي ودعوة الناس إليه

[أبو الحسن نسيم]

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فإن من العلم المتين العلم بمحاسن الدين الإسلامي ويظهر ذلك في أمور:
-أنه من أسباب زيادة الإيمان كما نبه على ذلك الشيخ عبد الرزاق البدر في خطبته زيادة الإيمان ونقصانه،وذلك من جهة أن الاطلاع على هذه المحاسن يجعلك تتمسك به وترغب فيه وترهب من تركه وفي الحديث:(وأن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يقذف في النار)

-أن معرفة محاسن الدين ينبئ بقدر النعمة التي من الله بها علينا، فالكلام في هذا الموضوع امتثال لقوله تعالى:(فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون)،ولكن لا يعرف قدر هذه النعمة إلا من نظر إليها بعين الرضا والبصيرة أما الحاقد الجاهل المعظم للغرب فلا يمكن له أن يرى جمال هذه الشريعة قال العلامة ابن باز في رسالته عن التعدد بعدما بين محاسنه ومنافعه:( إلى غير ذلك من المصالح الكثيرة التي يعرفها من يعظم الشريعة وينظر في محاسنها وحكمها وأسرارها، وشدة حاجة العباد إليها بعين الرضا والمحبة والتعظيم والبصيرة، أما الجاهل أو الحاقد الذي ينظر إلى الشريعة بمنظار أسود، وينظر إلى الغرب والشرق بكلتا عينيه، معظما مستحسنا كل ما جاء منهما، فمثل هذا بعيد عن معرفة محاسن الشريعة وحكمها وفوائدها، ورعايتها لمصالح العباد رجالا ونساء. وقد ذكر علماء الإسلام أن تعدد الزوجات من محاسن الشريعة الإسلامية.)مجموع الفتاوى ج21ص240.

- أن تبليغ محاسن الدين من مهام أهل العلم ويدخل في التبليغ الذي يلزمهم وأكرم به من علم له هذه المكانة، قال الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز-رحمه الله-:( فالواجب عليهم عظيم في بيان شرع الله لعباده، وبيان الأحكام والأدلة الشرعية من الكتاب والسنة لا بالآراء المجردة. كما أن على العلماء أن يبينوا محاسن الإسلام، وما دعا إليه من مكارم الأخلاق؛ حتى يدخل في الإسلام من عرفه، ويشتاق إليه من سمع ما فيه من الخير والأعمال الصالحات، وهذا كله سيعود بالخير على البلاد والعباد.)مجموع الفتاوى لسماحته ج5ص270.

- معرفة محاسن الدين الإسلامي طريق مبارك ووسيلة ناجحة لدعوة غير المسلمين لهذا الدين لأنهم إذ يعيشون في ظلمات الجهل والشهوات والغي،يطلعون على صفاء ونقاء الدين في عقائده ومعاملاته فيدخلون في دين الله أفواجا،قال الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز-رحمه الله-:( فعلى جميع الأمة حكاما وعلماء وتجارا وغيرهم أن يبلغوا عن الله وعن رسوله - صلى الله عليه وسلم - هذا الدين، وأن يشرحوه للناس بشتى اللغات الحية المستعملة بأساليب واضحة، وأن يشرحوا محاسن الإسلام وحكمه وفوائده وحقيقته حتى يعرفه أعداؤه وحتى يعرفه الجاهلون فيه، وحتى يعرفه الراغبون فيه، والله ولي التوفيق.)مجموع الفتاوى لسماحة الشيخ ج2ص453 ولقد صدق وبر هذا الإمام في قسم أقسم به حيث قال :( والله لو عرفه الناس اليوم ولو عرفه العالم على حقيقته لدخلوا فيه أفواجاً اليوم، كما دخلوا فيه أفواجاً بعدما فتح الله على نبيه مكة عليه الصلاة والسلام) كلمة في المؤتمر الأول للدعوة والدعاة المنعقد في المدينة النبوية عام 1397هـ،منقول من الموقع الرسمي لسماحته.وللشيخ عبد الرزاق البدر تعليق جميل على هذا الكلام من شرحه على القواعد الحسان للشيخ ابن سعدي يراجع على الرابط: http://www.ajurry.com/vb/showthread.php?t=37844

-معرفة محاسن الدين وسيلة نافعة بإذن الله للرد على الملحدين والزائغين الطاعنين في هذا الدين الكريم،ويحاول الأعداء بكل ما أوتوا من قوى في تشويه صورة الإسلام في وسائل الإعلام المختلفة،فإبراز هذا العلم يكون رد مباشر عليهم،حيث احتوى هذا الدين على كل ما يصلح دنيا الناس ومعيشتهم وآخرتهم،ولم يتنافى مع ذلك كله،أضف إلى ذلك ما يحتويه من العقائد النقية والأخلاق الفاضلة والمعاملات النبيلة التي تكسب العبد السعادة والراحة والطمأنينة، فمهما حاولوا من الطعن إلا ويعلو هذا العلم المبارك- علم محاسن الدين الإسلامي-فيظهر بنقائه وجماله ورونقه مفندا جميع تلك الشبهات على اختلافها وتنوعها،لا سيما إذا أضفت إلى ذلك كلام الغرب في الاعتراف بمحاسن هذا الدين،وقد قال الشيخ العلامة عبد الله بن حميد بعد نقل جملة من النقول عن هؤلاء:( وأقوالهم في هذا كثيرة جدا، يعترفون فيها بعظمة الإسلام، وشموله لعموم المصالح، ودرء المفاسد، وأن المسلمين لو تمسكوا بإسلامهم حقا، لصاروا أرقى الأمم وأسعد الناس، ولكن ضيعوه فضاعوا، واكتفوا منه بمجرد التسمي بأنهم مسلمون
مناقب شهد العدو بفضلها ... والفضل ما شهدت به الأعداء)الدرر السنية ج16ص180.

-معرفة محاسن الدين اعتنى به العلماء ولا سيما في هذا الزمان المتأخر بسبب ضعف التدين وغلبة الماديات واكتساح موجة الإلحاد أراضي المسلمين،ومن هؤلاء الأفذاذ الشيخ العلامة عبد الرحمان بن ناصر السعدي في كتبه الكثير ومنها كتاب الدرة المختصرة في بيان محاسن الدين(قد ذكر الشيخ الرسلان –حفظه الله-أنه يقال النظر في كتب الجاحظ تزيد في العقل وأنا أقول أن النظر في كتب ابن السعدي تزيد في العقل) ومنهم تلميذه المجتهد النجيب عبد العزيز السلمان في كتابه محاسن الدين الإسلامي والعلامة الكبير المتفنن محمد الأمين الشنقيطي في رسالته الإسلام دين كامل،ومقالة للشيخ العلامة عبد الله بن حميد في جريدة القصيم بعنوان من محاسن الإسلام(الدرر السنيةج16ص173)،وشيخ الإسلام الإمام الأثري عبد العزيز بن باز في محاضرة بعنوان:الشريعة الإسلامية محاسنها وضرورة البشر إليها(مجموع الفتاوى ج2ص226)ومعلوم أن العلم الذي يطرقه العلماء ويعتنون به مما تنشط له همم طلبة العلم والدعاة لمعرفته والإحاطة به ودعوة الناس إليه.

ومما يفتح فيه للعبد في هذا العلم أن يتضلع من الشريعة الغراء التي كلما أحاط بها علما ازداد معرفة بحسنها،ثم مقارنة هذه المحاسن بما يعيشه الناس لما تركوا تعاليم هذا الدين من تعاسة ونكد وهم وغم وبضدها تتميز الأشياء وتعرف حقائقها،أسأل الله أن يفتح علينا علما مباركا إنه جواد كريم.

والحمد لله رب العالمين.

بارك الله فيك أخي نسيم على هذه الالتفاتة الطَّيبة.
وإن أكبر من يتأكَّد في حقِّه العناية بهذا الباب من طلاب العلم هم أئمَّةُ المساجد من أمثالك المنتصبون لتعليم الناس، فشرحُ هذا النَّوع من العلم لهم والعناية بتقريبه من أذهانهم له الأثر الطَّيِّب الجلِيُّ في حسن استقامتهم على الدِّين.
وفَّقك الله وزادك هدًى.

[أبو الحسن نسيم]

أحسن الله إليكم أخي الكريم على مرورك،ويا حبذا لو يعتني إخواننا في الدورات مع المشايخ بشرح مثل تلك الرسائل التي تبين محاسن الإسلام وجماله،ومما يحسن في هذا المقام الرفيع أن يعنوا بدعوة العوام لمثل هذه اللقاءات لأنهم أيضا محل دعوتنا المباركة،وكم سيكون له من الأثر بإذن الله إذا ظهر لهم هذا الحسن،أضف إلى ذلك أن هذا العلم له مدخل قوي لمن فتح الله عليه في بيان قبح الشرك والبدع والمعاصي،فإذا عرضت محاسن الدين وقورنت بقبح ما يخالفه زاد التمسك به،ومما أنعم الله به على صحابة الرسول الكريم أنهم عرفوا حسن الإسلام بعد الجاهلية الجهلاء وما فيها من ظلمات فتم لهم إيمانهم ورفع الله شأنهم.

[أبو الحسن نسيم]

-في ظل كثرة المشاكل التي يعيشها الناس من فقر وبطالة وأزمة السكن وغيرها من الأزمات لو شرح المشايخ كتاب الدين الإسلامي يحل جميع المشاكل للشيخ ابن السعدي لكان رائعا ومباركا.
-في ظل كثرة القلق والتوتر والأزمات النفسية التي أصابت الناس في هذا الزمان عصر الماديات التي غلبت على القلوب فأورتثها الغفلة والقسوة والمرض لو شرح رسالة الوسائل المفيدة للحياة السعيدة لكان له النفع العظيم في تقليل ما يسمى اليوم بالأمراض النفسية والتقلبات المزاجية لدى فئات المجتمع.
-في عصر التظور وتوفر الوسائل للعيش حيث صار الإلحاد وتعظيم المادة يجتاح كثيرا من الأوطان الإسلامية فأُبهرت العقول وفُتنت القلوب وأصبحت تابعة للكفار في التصورات والنظر للدنيا،ووقع المسلمون في التشبه المذموم ،كم هو جميل أن يشرح مثل الدرة المختصرة في بيان محاسن الدين لابن السعدي أو من محاسن الدين لتلميذه عبد العزيز السلمان،ونسأل الله أن يوفق إخواننا القائمين على المساجد والقائمين على الدورات لكل خير وصلاح إن ربنا لسميع الدعاء وأهل الرجاء.

[أبو إكرام وليد فتحون]

جزاكم الله خيرا وبارك فيكم ونفع بكم البلاد والعباد

[أبو الحسن نسيم]

آمين، وبارك الله فيك على المرور والدعاء.

[عبد الرحمن رحال]

جزاك الله خيرا أخي الكريم أبا الحسن على هذه اللفتة المهمة.
وأستسمحك أخي الكريم في إضافة؛ لعل الله عزوجل ينفع بها.
ألا وهي: أن من الأمور المهمة التي تساعد على معرفة محاسن الشريعة، وحكمها وفوائدها؛ دراسة علم مقاصد الشريعة على الطريقة الصحيحة؛ فعلم المقاصد كما عرفه بعض أهل العلم، أنه:"العلم بالمعاني والحكم التي أرادها الله عزوجل من التشريعات عموما وخصوصا؛ لتحقيق عبوديته، وإصلاح العباد في المعاش والمعاد، تأصيلا وتفريعا"
قال الشيخ سليمان الرحيلي-حفظه الله- وهو يعدد فوائد دراسة علم مقاصد الشريعة، قال: (أن معرفة مقاصد الشريعة معرفةً صحيحة تزيد المؤمن إيماناً بكمال الله سبحانه وتعالى , وأنه سبحانه وتعالى له الكمال المطلق, وبالتالي تزيده إيمانا ومعرفة بكمال الشريعة, وأنها صالحة في ذاتها, مُصلحة لكل زمان ومكان,وأنه لا يصلح الناس سواها, يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: ( إنه سبحانه حكيم لا يفعل شيئا عبثا ولا لغيرمعنى ومصلحة وحكمة, هي الغاية المقصودة بالفعل, بل أفعاله سبحانه صادرة عن حكمة بالغة, لأجلها فعل, كما هي ناشئة عن أسباب بها فعل, وقد دل كلامه وكلام رسوله على هذا){شفاء العليل(ج1/ص190)}.
فما من شيء إلا وله حكمة, حتى ما خفيت عنًّا حكمته, ففي خفائه حكمة, وقال أيضا:( وهذا شأن الحكيم اللطيف الخبير البر المحسن وإذا تأملت شرائع دينه التي وضعها بين عباده, وجدتها لا تخرج عن تحصيل
المصالح الخالصة أو الراجحة بحسب الإمكان, وإن تزاحمت قدم أهمها وأجلها, وإن فاتت أدناهما, وتعطيل
المفاسد الخالصة أو الراجحة بحسب الإمكان, وإن تزاحمت عطل أعظمها فساداً باحتمال أدناهما وعلى هذا
وضع أحكم الحاكمين شرائع دينه دالة عليه, شاهدة له بكمال علمه وحكمته ولطفه بعباده واحسانه إليهم
{مفتاح دار السعادة (ج2/ص22)}, وقال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله- مبيناً دلالة الحِكَم على الكمال: (إن العقل الصريح يعلم أن مَن فعل فعلا لا لحكمة, فهو أولى بالنقص ممن فعل لحكمة كانت معدومة, ثم صارت موجودة في الوقت الذي أَحَبَّ كَوْنَها فيه, فكيف يجوز أن يقال: فعله لحكمة يستلزم النقص, وفعله لا لحكمة لا نقص فيه){الرد الشامل(ج24/ص2)}, لأن الأشاعرة يقولون أن إثبات التعليل يستلزم التنقص لله تعالى ,وشيخ الإسلام رد عليهم بردود منها دلالة العقل الصريح, فإن العقل يدل على أن التنقص إنما هو في وصف الفاعل بكونه يفعل شيئاً لغير حكمة, وأن الكمال في فعل الشيء للحكمة, أرأيت لو أن رجلا قصد ثعباناً ليقتله ليريح الناس من شره فقتله, وآخر رمى بحجر لا يدري لَِم رماه, فأصاب به ثعباناً فقتله, أيهما الأكمل؟! الأول بلا شك, لأنه علم وأراد وفعل, وهذا يدل على الكمال, فمعرفة المقاصد يزيد المسلم إيماناً بكمال الله جل وعلا, وأن لله الكمال المطلق.)

[أبو الحسن نسيم]

بارك الله فيك أخي عبد الرحمان على الإفادة،والعلم الذي أشرت إليه علم عظيم،كلما أحاط به الإنسان ازداد بصيرة بحسن الشريعة،ولعل مما يعين على ذلك قراءة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم فإنهما من فرسان هذا العلم في بيان حسن الشريعة وكمالها،وفقنا الله لما يحب ويرضى إنه جواد كريم.

[عبد الرحمن رحال]

وفيك بارك الله أخي الكريم.