منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 21 May 2012, 11:30 PM
أبو معاوية كمال الجزائري أبو معاوية كمال الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
الدولة: الجزائر(قادرية- ولاية البويرة)
المشاركات: 513
افتراضي مع الحلبي... في حملته الصاخبة، ودعواه الكاذبة ! (الحلقة الأولى)

مع الحلبي... في حملته الصاخبة ، ودعواه الكاذبة!
(الحلقة الأولى)
بين يدي الموضوع : بين بصيرة سائل، وشيم ,أولي الفضل والشمائل!...

بسم الله والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه ...
أما بعد : فقد استوقفتني شيمة زهراء ، وسجيّة بيضاء لشيخنا الفاضل عبد الخالق ماضي ـ زاده الله من كريم فضله ـ تحكي أدباً مفقوداً فارقته (نخالة العلم)، وسمتاً محموداً تنكبّه أدعياء الفهم ، ولصوص الحلم ،ممّن أثنى أعطافهم الزهو والإختيال بالباطل، وتهادوا بين أذيال التيه ،ساحبين لأذيال العجب والاستكبار، فشتّان بين عالٍ وسافل.
فقد قال في بداية الشريط التاسع من شرحه موطّأَ مالكٍ بن أنسَ الأصبحي رحمه الله : «...أتكلم عن مسألتين :
ـ المسألة الاولى: وهو خطأ صدر مني أستغفر الله وأتوب إليه منه وهذا لجهلي ، وليس لشيء آخر ، وهو أنني ذكرت حديثَ( يطلع عليكم رجل من أهل الجنة ) وكنت أقلد فيه في تصحيحه ([1])لكن نبّهني أحد إخوانكم جزاه الله خيراً ،وزاده حرصاً ، وزاده أدباً، ونبهني على أن الشيخ الألباني قد تراجع عن تصحيحه فأنا أتراجع عن الاستدلال بهذا الحديث الضعيف ، قد يقول قائل يعني... هذا...يعني.. لا خطر فيه يعني...وهو في فضائل الأعمال ، نقول نحن عندنا في الأحاديث الصحيحة ما يغني عن الاستدلال بالأحاديث الضعيفة وأنا لا أحل لأحد يدرك خطأً مني في استدلالي بالأحاديث الضعيفة أن لا ينبهني على ذلك ، يعني يجب أن ينبهني أو تنبهوني إن صدر مني خطأ من مثل هذا وهو استدلالي بالأحاديث الضعيفة ، إذاً فحديث يطلع عليكم رجل من أهل الجنة حديث ضعيف... » .
ولأن الشيخ حفظه الله ورعاه قد نُبِّهَ إلى ضعف الحديث المذكور ، فكانت منه هذه الكلمات القليلات ذِكراً ، الجليلات فكرًا وقدراً ، فقد فاته وهو يربينا على بعض ما نعرفه من تواضعه ،ونعلمُه من مآثره ومفاخره، الإشارة إلى نكارة متن الحديث ـ موضع التنبيه ـ ، وقد يكون للشيخ عذره لانصراف الذهن إلى صحة الحديث ابتداءً، وموضوعِه الرئيسِ الذي هو الحثّ على صفاء السرائر و سلامة الصدور،ثم لانصراف الذهن بعد التنبيه إلى ضعف الحديث وهي من الخطورة بمكان ، إذ يدلّك على عظم توقير أهل السنة لما صحّ من سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم ، فلا تجدهم يردون حديثاً صحّ سنده إلا ما كان منه من قبيل بعض أقسام الضعيف (كالشاذ والمنكر والمعلول ).....
وأنا إذ أكتب هذه الخاطرة ، مُكبِراً لصنيع الشيخ زاده الله من فضله ، وقفت على مقال نافع في الموضوع ـ محفوظاً عندي في الجهازـ كتبه الشيخ عبد الرحمن آل عميسان حفظه الله في شبكة سحاب قبل خمس سنوات مضت ، ولأهميته أنقله كاملا ، ففيه من الفوائد ما لا يخفى على طالب الحق والله الموفق.

حديثٌ طالما في النفس منه أشياء وقد تراجع العلامة الألباني عن تصحيحه
فجزاه الله عنا خيراً.([2])
لفضيلة الشيخ عبد الرحمن آل عميسان حفظه الله

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسولالله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعدُ:
فلقد كنت في درس من دروس شيخنا عبدالمحسن العباد البدر-حفظه الله- وذلك قبل سنتين أو ثلاث تقريباً في شرحه لجامع الترمذي.
فسُئِل الشيخ سؤالاً –كما يقال يطرحُ نفسه- عن حديثٍ مشهورٍ بين الخاصةوالعامة، ويستدلُ به بعض أهل الأهواء على مقصدٍ غير صحيحٍ ألا وهو(((جواز الكذب في مصلحة الدعوة! ))) وعلى إثرها قاعدتهم الهزيلة(((الغاية تبرر الوسيلة)))!والحزبيون أكثر من يرددها! ولقدسمعت شريطاً لأحدهم وهو يُقَعِّد لهذا المسلك الخطير، على حديثٍ لا يصح،وللأسف!.
ومن المعلوم أن علم الحديث في وادٍ وهم في وادٍ آخر وفاقد الشيء لايعطيه!
وهذا الحديث هو:
من حديث عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عن مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍقَالَ: (كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ تَنْطِفُ لِحْيَتُهُ مِنْ وُضُوئِهِ، قَدْ تَعَلَّقَ نَعْلَيْهِ فِي يَدِهِ الشِّمَالِ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِثْلَ الْمَرَّةِالْأُولَى، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ أَيْضًا، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ الْأُولَى فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبِعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رضي الله عنهما- فَقَالَ: إِنِّي لاحَيْتُ أَبِي فَأَقْسَمْتُ أَنْ لا أَدْخُلَ عَلَيْهِ ثَلَاثًافَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُؤْوِيَنِي إِلَيْكَ حَتَّى تَمْضِيَ فَعَلْتَ قَالَ نَعَمْ.
قَالَ أَنَسٌ: فكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَاتَ مَعَهُ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلَاثَ، فَلَمْ يَرَهُ يَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا تَعَارَّ وَتَقَلَّبَ عَلَى فِرَاشِهِ ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكَبَّرَ حَتَّى يَقُومَ لِصَلَاةِالْفَجْرِ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ يَقُولُ إِلَّاخَيْرًا. فَلَمَّا مَضَتْ الثلاث لَيَالٍي، وَكِدْتُ أَنْ أَحْتَقِرَ عَمَلَهُ،قُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ! إِنِّي لَمْ يَكـُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي غَضَبٌ وَلا هَجْرةٌ وَلَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَيَقُولُ لَكَ ثَلَاثَ مِرَاتٍ:
((يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ)) فَطَلَعْتَ أَنْتَ الثَّلاثَ مِرَات، فَأَرَدْتُ أَنْ آوِيَ إِلَيْكَ لِأَنْظُرَ مَا عَمَلُكَ؟ فَأَقْتَدِيَ بِهِ، فَلَمْ أَرَكَ عملتَ كبيرَ عَمَلٍ،فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ قَالَ فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِ يفَقَالَ: مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ، غَيْرَ أَنِّي لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا، وَلا أَحْسُدُ أَحَدًا عَلَى خَيْرٍأَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ.فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْبِكَ وَهِيَ الَّتِي لَا نُطِيقُ).
هل تعلمون ما هو جوابُ شيخنا لما قُرأ عليه؟بادر الشيخ بالاستنكار للحديث، وكأنه لأول مرة يسمعه، وقال كيف أن صحابي يفعل مثل هذا؟! قال الشيخ لا أظن مثل هذا يصح عنه([3]).
فقلت لشيخنا: قد صحح الشيخ الألباني-رحمه الله- هذا الحديث، فأتيت به في اليوم التالي، فقُرء على شيخنا ولازلتُ أرى الاستنكار على وجهه!-حفظه الله- فبحثتُ أخرى عن الحديث فوجدتُ أن الشيخَ الألباني-رحمه الله- قد تراجع عن تصحيحه إلى تضعيفه! وبيًّن ذلك في ضعيف الترغيب والترهيب قائلاً:
«أخرجه عبد الرزاق في المصنف، ومن طريقه جماعة منهم أحمد: قال: أخبرنا معمر عن الزهري قال: أخبرني أنس بن مالك. وهذا إسناد ظاهر الصحة،وعليه جرى المؤلف والعراقي وجرينا على ذلك برهة من الزمن، حتى تبينت العلة، فقال البيهقي في الشعب عقبه: ورواه ابن المبارك عن معمر، فقال: عن معمر عن الزهري عن أنس. ورواه شعيب بن أبي حمزة عن الزهري، قال: حدثني من لا أتهم عن أنس..، وكذلك رواه عقيل بن خالد عن الزهري.
ولذلك قال الحافظ عقبه في النكت الظراف علىالأطراف: فقد ظهر أنه معلول ». [ضعيف الترغيب والترهيب (2/245-247) [.
فلما أخبرت شيخنا بهذا التراجع فرح بذلك واستبشر، وقال: هذا الذي ينبغي أن يكون، والصحابة أرفع من ذلك.
قلت: وهناك نكارة في متنه وهي ما يلي:([4])
الأولى: أن هذا الذي الصق بهذا الصحابي هو كذبٌ محض لا تورية فيه؛وهو إخبار بشيءٍ على خلاف الحقيقة!، وحاشا أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يقعوا في مثل هذا، أو أقل من ذلك.
فالغاية لا تبرر الوسيلة عندهم، ومن المعلومعند أهل العلم أن « الوسائل لها أحكام المقاصد »[القواعد السعدية (ص39) القاعدةالثانية].
فما بني على حرام فهو حرام وما من جسد نبت من سحت فالنار أولى به. وكلام العلماء في هذه القاعدة معروف فليرجع له.
ولذا فقد استنكر هذه القصة العلامة محمد تقي الدين الهلالي-رحمه الله- قائلاً: « ولكن عندنا هنا إشكالاً في ادعاء عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أنه خاصم أباه فغضب عليه، واتخذ ذلك وسيلة إلى أن يكون ضيفاً عند الأنصاري ليراقب عمله بالليل من صلاة، وقراءة قرآن ودعاء،فهل كان جائزاً أن يتذرع المرءبالكذب البحت،ليتوصل إلى خير، وهو ما يسمونه في لغة أهل هذا الزمان المأخوذة من اللغات الأجنبية!: (الغاية تسوغ الواسطة)!،والذي نفهمه من أدلة الكتاب والسنة أن الكذب في مثل هذا لا يجوز،فهي هفوة ارتكبها هذا الصحابي الناشئ،حرصاً منه على الخير... » [تقويم اللسانين،للعلامة محمد تقي الدين الهلالي (ص83) [.
ولو قيل إن هذا قياس على قول النبي -صلىالله عليه وسلم-: (لا يصلح الكذب إلا في ثلاث: يحدث الرجل امرأته ليرضيها، و والكذبفي الحرب، والكذب ليصلح بين الناس).
فإن هذا ليس مما يجوز القياس عليه، وهوقياسٌ مع الفارق، لأن في ذلك نص يمنع القياس وهو استثناؤه -صلى الله عليه وسلم- بعدعموم تحريم الكذب، ومثل ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسله-(كل أمتي يدخلون الجنةإلا من أبى، قالوا: من أبى يا رسول الله؟! قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقدأبى)، فلا يستثنى من بعد استثناءٍ شيئاً.
وأيضاً فإن جمهور العلماء على أن المقصود بالكذب في الحديث هو التعريض كما فعل إبراهيم -عليه السلام- وعدهن ثلاث كذبات وهي من باب التورية واستعمال المعاريض، وكما فعل يوسف -عليه السلام-.
وقدنصَّ على ذلك العلماء منهم النووي وابن حجر وابن بطال وابن رجب وغيرهم.
الثانية: قوله (فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ وَهِيَ الَّتِي لَا نُطِيقُ).
وهذا مستبعدٌ عن أصحاب النبي -صلى الله عليهوسلم- الذين عدلهم الله تعالى من فوق سبع سماوات، أنهم لا يطيقون ذلك!.
قالتعالى عنهم:
﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْدِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناًوَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾(الحشر:8).
وهذه في حق المهاجرين، وفي حق الأنصار قال الله تعالى:﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَإِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (الحشر:9).
قال الحسن البصري-رحمه الله-: »﴿وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً﴾يعني: الحسد ».
[ تفسير القرآن العظيم، لابن كثير] (8/69).
ولا شك أن المهاجرين أفضل من الأنصار كما قرره علماء السنة؛ لجمعهم بين النصرة والهجرة، فلهم زيادة فضل.
قال ابن جرير الطبري-رحمه الله- وذكر بإسناده إلى ابن عباس -رضي الله عنهما- قال »:وسلامٌ على عباده الذين اصطفى » أي: أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- اصطفاهم اللهلنبيه ».
جامع البيان (20/2)، وانظر: لوامع الأنوار، للسفاريني (2/384).
قال العلامة ابن كثير في وصفهم -رضي الله عنهم-: «فالصحابة -رضي الله عنهم- خلصتنياتهم وحسنت أعمالهم فكل من نظر إليهم أعجبوه في سمتهم وهديهم وقال مالك -رحمهالله-: بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة -رضي الله عنهم- الذين فتحوا الشاميقولون: والله لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا. وصدقوا في ذلك فإن هذه الأمةمعظمة في الكتب المتقدمة وأعظمها وأفضلها أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-،وقد نوه الله تبارك وتعالى بذكرهم في الكتب المنزلة والأخبار المتداولة...إلى أنقال: ﴿فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ﴾ قال: فكذلك أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آزروه وأيدوه ونصروه فهم معه كالشطء مع الزرع ».
تفسيرالقرآن العظيم (4/173-174).
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أنتوفقنا لكل خير وأن تجنبنا كل شر، كما نسأله تعالى أن يرضى عن الصحابة الكرام وأن يحشرنا في زمرتهم مع سيد المرسلين نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وآخر دعوانا أنالحمد لله ربِّ العالمين.اهـ.

...ومجُادلٍ عن أهل الأهواء بالباطل !
لا يكذب المرء إلاّ من مهانته *** أو عادة السوء أو قلّة الأدب
الشريف العقيلي

قرأتُ على مضض المقالة الموسومة ب((قال العلماء!)،و(قال الشيخ ربيع) كيف ، ولماذا؟!-تأصيلٌ وتفريع ، تفصيلٌ وتنويع) لصاحبها علي بن حسن الحلبي وفقه الله إلى هداه والمنشورة في منتديات (كل السلفيين) ، ، شغّب فيها على كلمة صدرت من فضيلة الشيخ الوالد ربيعٍ بن هادي المدخلي حفظه الله حول ما سار عليه أئمة الجرح والتعديل في شأن قبول رواية المتهم بالكذب ، فضلا عمن ثبت كذبه بيقين عند علماء الأمة ،حيث قال : « قال الشيخ ربيع المدخليوفقه الله-جواباً على سؤال: هل مسائل الجرح والتعديل اجتهادية؟ وكيف نر د على من يقول ذلك ، وأنه : لا يلزمني قول الشيخ الفلاني ؟-بمانصّه:((إذا كان عالماً وضابطاً ومتقناً وطعن في شخص ، قال : (فلان كذاب)، يجب على الناس أن يقبلوا قوله .
وسار السلف على هذا المنهج...
هؤلاء يريدون أن يسقطوا قواعدنا التي قام عليها ديننا ، وحديث رسول الله ، والنقل عن الصحابة ، والنقل عن الأئمة .
بارك الله فيك ، كثير منه يأتي عن العدل الواحد عن العدل الواحد ويمشي ويجب قبول هذا))....»
ولأن الموضوعَ كان وراءه ما وراءه من ضجيج النوازل و الأحداث، وعودة السّقطة (الأحداث) ، إذ صدر في وقتٍ كان الشيخ الفاضل محمد سعيد رسلان حفظه الله ورعاه في ساحة الحراسة يرابط بلسان العلم والبيان ليكشف خلق اللئام ، وما أُشربته نفوسهم من الكذب والبهتان ذابّاً فيه عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم ومنهج سلف الأمة أمام الهجمات المتتالية من العائدين إلى الساحة الدعوية من أمثال أبي الحسن المأربي وعبد الرحمن عبد الخالق ورموز مدرسة الاسكندرية الذين لم يألوا جهداً في تقيّأ ما في نفوسهم من أوهام لتأصيل المناهج السياسية الحزبية وإلباسها لَبُوسَ السنة والسلفيّة. فلم يجد الحلبي ما يواري به سوءة القوم إذ ثبت عنهم الكذب يقيناً سوى المشاغبة بدعوى اختلاف السلف في جرح من اتّهم بالكذب ، وهي آخر أوراق التوت التي وجدت عنده وسيأتيك من نبإها مايسوؤه ويفضحه ، والله العاصم .
واقرأ للحلبي في مقالته ـ بأسلوب المتفاصح ـ قولَه : «وهلنقبل مثلَ ذاك (التهديد!)-من بعيد!-، أونخشى (الوعيد)! المتجدّد !والجديد-، أو (التخويف)-غيرالسديد!-؟!
أم أن الأمرفي كُلٍّ- (اجتهاديٌّ)؟!([5])
وهل -ثمّة-ما هو أبينُ تفسيراً-للجرح!-من كلمة(كذاب)؟؟!!([6])
فأين قَبوله-فضلاً عن الإلزامبه-؟؟!!
نعم ؛ هكذاسار السلف على هذا المنهج (البديع)-لا كما زعم الشيخ ربيع! ».
وبعد أن أثخن الدّعي عرض علمائنا كِلاماً في سياق ولحاق الكلام ، حتى قال في الختام مخاطباً ربيعاً (الإمام): « وإلا—فيامَن تعرفُ وتحرفُ!-نعم؛ أنت أنت..-خَفِ اللهَ ربَّكالقائلَ في كتابِه-في الشيطان وأتباعه أذنابِه : (فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءًمَوْفُورا). »([7])
أقول بعد هجمته المحجوجة في سوق العلم ،الممجوجة في سوق الفضائل والأخلاق ، قال (حافظ) القوم و(محدِّثُهم) الملهم : «...ثم تصفحّتُ -على عجَل-كتاب(مَن تُكلّم فيه وهو موثّق)-للحافظالذهبي-،فرأيتُ فيه كثيراً من الرواة ، وصفهم بعضُ الحفاظ بالكذب(كذاب!يكذب!... ) وهو من أوضح الجرح المفسر،وأشده([8])-، وخالفهم آخرون-وقد يكونون دونهم مرتبةوجلالةً-..
وأما مَن هم دون الوصفبالكذب(كذاب!يكذب!...):فهم أكثر من ذلك بكثير!!!
فأين(وجوب) قَبول قول المكذّب؟!
بل أين(الإلزام)به؟!وأين(سارالسلف الصالح على ذلك!
..إلا أن يكونوا(سلفاً.....)غير(سلفناالصالح)!! ([9]) ...فـ
لعل بعض إخواننا النشيطين(!)يشد الهِمّة في جمع أسماء عدد ممن هذه أحوالهم-قيلاًوردّاً-؛لنقطع الريبة(!)أمام من خالفوا (وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا)...»([10])
وبعدَ قراءتي لهذا المقال وملحق المشاركة التي كتبها ، عقدتُ عزمي ، وشددت همّتي نحو مطالعة الكتاب المذكور ليقيني بنفسية القوم ولسانهم الذي به يتكلمون ، فأوّل ما وقعت عيني على كتاب (الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردّهم ) للإمام الذهبي رحمه الله([11])، فلم أجد فيه كثيراً أو ما يقاربه عدّاً من الرواة ممن اتّهم بالكذب ، ولا يزيد عن أربعة،هم: أحمد بن صالح أبو جعفر المصري المعروف بابن الطبري،وأحمد بن الفرات الرازي، وأحمد بن عيسى التستري،وعكرمة مولى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
غير أنني رأيت ما ذكره الحلبي من تباين عنوان الكتابين ما جعلني أتّهم نفسي ـ لجهلي وقلة بضاعتي ـ و أعرض عن الموضوع إلى حين.
ثمّ قرأت في مقدمة محقق الكتاب مايشير إلى كتاب آخرَ للإمام الذهبي نفسه بعنوان: (من تكلم فيه وهو موثّق أو صالح الحديث). ([12]) .فعقدت العزم على قراءته بتأنّ وثبات ،والأمل معقود على تحصيل ما فات (الحافظ الحلبي) من عجلة التصفّح لعلّي أعثر على مزيد كثير على ذاك الكثير الذي (رآه)، واكتحلت به عيناه .
وللأمانة العلميّة التي يقتضيها المقام ، سأذكر ابتداءً أسماء كل الرواة الذين اتُّهموا بالكذب ، ممن جاء ذكرهم في كلام الذهبي رحمه الله و ممّن ذكرهم المحقق في الحواشي، أُوثقها بأَرقام الصفحات ،([13]) ثم أبين إن شاء الله وجه الكذب والتلبيس ، مرفقاً ببعض الوقفات مع ما ما كَتب وكُتب مؤخّراً ممّا له صلة بالموضوع ، والله الموفق.

أوّلاً : ثبت بأسماء من اتُّهم بالكذب من الرواة في كتاب الذهبي.

(01)ـ (19)ـ أحمد بن عيسى التستري([14]) :
(02)ـ (20)ـ أحمد بن الفرات أبو مسعود الرازي الحافظ([15])
(03)ـ (40)ـ أسيد بن زيد الجمال([16])
(04)ـ (218)ـ عبد الرزاق بن همام([17])
(05)ـ (249)ـ عكرمة مولى ابن عباس([18])


ثانياً : ثبت بأسماء من اتُّهم بالكذب من الرواة ، ممّن ذكر الشيخ عبد الله الرحيلي [جَرحَهم بالكذب] ولم يشر إليه الذهبي في كتابه.


(01)ـ (08)ـ إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي([19])
(02)ـ( 15)ـ أحمد بن صالح أبو جعفر المصري الحافظ ([20])
(03)ـ (16)ـ أحمد بن عبدالرحمن بن أخي بن وهب المصري([21]
(04)ـ (21)ـ أحمد بن محمد بن أيوب، صاحب المغازي([22])
(05)ـ (36)ـ إسماعيل بن عبدالرحمن السّدِّي الكوفي([23])
(06)ـ (48)ـ باذام أبو صالح([24])
(07)ـ (105)ـ خلف بن خليفة([25])
(08)ـ (119)ـ زياد بن عبدالله البكائي ([26])
(09)ـ (154)ـ سويد بن سعيد الحدثاني، شيخ مسلم([27])
(10)ـ (157)ـ شجاع بن الوليد أبو بدر([28])
(11)ـ (238)ـ عثمان بن صالح السهمي، شيخ البخاري([29])
(12)ـ (296)ـ محمد بن إسحاق بن يسار([30])
(13)ـ (340)ـ المعلى بن منصور([31])


ثالثاً: بيان افتراء( الحافظ! )الحلبي على الحافظ الذهبي !!

فقد علمتَ أخي الكريم أن (حافِظَ القَوم!) ، قد تصفّح كتاب الإمام الذهبي على عجَل ، فرأى كثيراً من الرواة قد اتّهمهم بعض الأئمة الحفّاظ بالكذب ،ووثقهم آخرون... وتلك دعوى سلّم له بها أتباعُه بمكابرة وإصرار، وطار بها أشياعُه كلّ مطار.
و قد قرأتَ أخي الكريم ما رقمته يمين الإمام الذهبي رحمه الله في كتابه، وما علق عليه في حواشيه الشيخ الرحيلي وفقه الله ، وقد بان لك جليّاً كذب الحلبي في دعواه ،وافتراؤه بلا حياء في منتداه، فإلى مزيد بيان يكشف عوار ما خطّ قلمه وكتبت يمناه.
1ـ كذب الحلبي في كونه رأى كثيراً من الرواة [وصفهم بعضُ الحفاظ بالكذب(كذاب!يكذب!... ) ] ، فلم يذكر الذهبي رحمه الله سوى خمسة رواة من مجموع أربع مائة وخمسة منهم ، أورد منهم واحداً بلفظ " كان عصريه يحيى بن معين "يكذّبه "وراويان بلفظ : " كذّبه " ، وراوياً واحداً بلفظ : " يكذب " وراوياً واحداً بلفظ : " كذّاب " . وقد ضبطتُ أسماءهم بحمد الله بعد عناء البحث والتنقيب فكيف لا يستحي من ذكَرَ كثرتَهم بمجرد عجلة في التصفح والتقليب .
وكأني بالعلامة الشيخ محمد الخضر حسين المتوفى سنة 1377 هـ - رحمه الله تعالى - يعنيه ـ في صنيعه ـ بقوله : «صلاح الأُمة في صلاح أَعمالها، وصلاح أَعمالها في صحة علومها، وصحة علومها أَن يكون رجالها أُمناء فيما يروون أَو يصفون، فمن تحدث في العلم بغير أَمانة فقد مس العلم بقرحة، ووضع في سبيل فلاح الأُمة حجر عثرة. لا تخلو الطوائف المنتمية إَلى العلوم من أَشخاص لا يطلبون العلم ليتحلوا بأَسنى فضيلة، أَو لينفعوا الناس بما عرفوا من حكمة، وأَمثال هؤلاء لا تجد الأَمانة في نفوسهم مستقراً، فلا يتحرجون أَن يرووا ما لم يسمعوا، أَو يصفوا ما لم يعلموا، وهذا ما كان يدعو جهابذة أَهل العلم إِلى نقد الرجال، وتمييز من يسرف في القول ممن يصوغه على قدر ما يعلم، حتى أَصبح العلماء على بصيرة من قيمة ما يقرؤونه فلا تخفى عليهم منزلته، من القطع بصدقه أَو كذبه، أَو رجحان أَحدهما على الآخر، أَو احتمالهما على السـواء »([32]). وامتداداً لهذا الحبل الموروث، شَهَرَ العلماء – من المفسرين والمحدثين، والفقهاء، والأُدباء، والمؤرخين، وغيرهم قَوْلَةَ الحق في كتبهم الكاشفة عن خلائق أَقوام في السطو، والانتحال، والكذب والتلبيس، والاختلاق: في نقل، أَو مسأَلة، أَو رسالة، أَو كتاب، وهكذا ... ومن تتبع الإَنتاج العلمي عَلِم . ([33])
و لمثله أشار الإمامُ عبد الرّحمن بن يحيى المُعلّميّ - رحمه الله - فقال: « مَنْ لا يُؤْمَنُ منه تعمّدُ التّحريفِ و الزّيادةِ و النّقصِ على أيّ وجهٍ كان ؛ فلم تثبت عدالته»([34])
و قريب منه قوله - رحمه الله -:« رأسُ مالِ العالِم : الصّدق ، و من استحلّ التّحريفَ في موضعٍ ترويجًا لرأيه ؛لم يُؤْمَن أن يُحرِّفَ في غيره » ([35])
2ـ أننا تنزّلاً وعلى فرض أن الحلبي لم يقصد ما جاء في أصل كتاب الذهبي وإنما ما قرأه في كلام محقّقي الكتاب :عبد الله الرحيلي و غيره ...([36])، فإننا لا نجد سوى ثمانية عشر راوياً ولا يزيد ، وهي نسبة قليلة ([37]) إذا ما قورنت بعدد رواة الكتاب الأربع مائة وخمسة ، أقول هذا مع علمي بأن حدّ الكثرة والقلة نسبيٌّ لا يكاد ينضبط ، وخلاصة الكلام فيه كما ذكر الباحث وليد بن إبراهيم بن علي العجاجي: «أن الكثرة والقلة من الألفاظ التي لا يمكن الجزم بوضع ضابط مقدَّر معيَّن لها، بحيث يقال: هذا هو حدّ ومقدار الكثير، وذاك هو حدّ ومقدار القليل، لكن أحسن ما يقال فيها: هو أنها من أسماء النسب والإضافات، فالشيء المقدَّر يكون كثيراً بالنسبة إلى ما دونه، وقليلاً بالنسبة إلى ما فوقه، وقد جرى استخدام هذين اللفظين في كثير من مسائل العلم، وبذل العلماء في تحديد مفهومهما جهوداً كبيرة مبناها في علم الفقه وأصوله على العرف غالباً. »([38]).
قلتُ هذا تنزّلاً كما أسلفت مع ما فيه من خيانة للأمانة العلمية ، وسطو على جهود الباحثين في السنة النبوية ، وإلاّ فإنّي على يقين أنه يقصد متن الكتاب، بدليل العنوان الذي ذكره ، والمخالف لما طبع منه. وقد أشرتُ إليها قريباً.
3ـ أن صناعة محقق الكتاب لفهرس الرواة حسب أسباب الطعن يدلّ على قلّتهم فيه ، إذ لم يصنع لهم فهرساً خاصاً بل أدرجهم في جملة من (جُرح بأمر مردود) خلافاً لغيرهم ممن اتّهموا ببعض البدع أو بفحش الغلط وكثرة الوهم.
4ـ أن مدار توثيق الرواة المذكورين في الكتاب ـ وترجيح تعديلهم يرجع في الأصل إلى قواعد واضحة في علم الجرح والتعديل ، جرى عليها العمل عند تعارضهما ، وسار عليها الأئمة في ترجيح أحدهما على الآخر ويمكن إجمالها في مسألتنا المتعلقة بتكذيب الرواة المذكورين أعلاه ، في النقاط الآتية :
ـ كون الجارح [المكذِّب] ليس من أهل النقد المعتبرين كسليمان التيمي إذ لا يعدّ من أهل الجرح ودونه الأزدي كونه ضعيفًا ، ودونهما في المنزلة :الرافِضِيَيْن ابن الخراش وابن عقدة .
ـ كون الجارح [المكذِّب] أضعف من الراوي كما في تكذيب ليث بن أبي سليم لإسماعيل السدّي ، لذا ردّه الحافظ ابن حجر رحمه الله.
ـ ثبوت صفة [جرح الأقران ] في تكذيب النسائي لأحمد ابن صالح المصري، وكان قد حصل بينهما جفوة. وثبوت صفة [التحامل] كما في تكذيب ابن معين لأحمد بن محمد بن أيوب. وثبوت صفة التكذيب بسبب [مخالفة المذهب] كما هو الحال في من كذّب اسماعيل السدّي ، ومثله ردّ النقادلتكذيب عباس العنبري لعبد الرزاق بن همام، وثبوت صفة الجرح ب[المعاصرة] كما في تكذيب ابن معين لأحمد بن عيسى التستري.
ـ عدم ثبوت التكذيب أصالةً كما في حال ابن عمر مع عكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهما . وكما في رواية الكلبي لشهادة باذام أبي صالح على نفسه بالكذب. وكما في تكذيب وكيع لزياد البكائي.
ـ انصراف التكذيب إلى رواية الراوي بعد اختلاطه وكثرة تفرّده كما في تكذيب النسائي والبوشنجي لأحمد بن عبد الرحمن بن وهب المصري. وكما في حال سويد بن سعيد الحدثاني شيخ مسلم ،وإلى حديثه بعد التلقين كما في ترجمة عبدالرزاق بن همام.
ـ انصراف التكذيب لجزء من مروياته دون غيرها كما في تكذيب عثمان بن صالح السهمي، شيخ البخاري فيحمل على ما كان من رواية وإملاء خالد بن نجيح المصري بخاصّة.
ـ الإمتناع عن كتابة حديثه لمظنّة الكذب في تولي بعض المناصب كما في مسألة الإمام أحمد مع المعلّى بن منصور.
ـ انصراف التكذيب عن معناه الظاهر إلى معنى آخر كخروجه مخرج التعجب في حال ابن عيينة مع خلفة بن خليفة ، وخروجه مخرج المزاح كما في حال أبي حاتم مع شجاع بن الوليد.
ـ انصراف التكذيب إلى راوٍ آخر غير المقصود في الترجمة للإشتراك في الاسم كما في تكذيب يحيى ابن معين لأحمد بن صالح.
ـ قيام التكذيب على مجرّد الإتهام والظن كما في مسألة محمد بن إسحاق بن يسار. وكما في تكذيب خالد بن اسماعيل لباذام أبي صالح.
5ـ أن مدار القرائن المثبتة من قبلُ ، على قرينة ثبوت عدالة الراوي واشتهاره بالصدق في الحديث وكثرة موثّقيه من الأئمة، فالرواة المذكورون ، وجد من أئمة الجرح من شهد لهم بالصدق في الحديث والضبط في الرواية والثبات في القول ، مع تواتر صدقهم في الكلام و، كثرة الشاهد لهم من الأئمة الأعلام ، في معارضة ما توهّمه بعضهم ـ في جرحهم أوتكذيبهم من إجمال أوإبهام ، لذا كانت أحكامهم عليهم في الجملة توثيقاً وتصديقاً، وسار على نهجهم خادم هذا الكتاب تحريراً وتحقيقاً.
6ـ أن ثبوت قرينة اشتهار الراوي بالعدالة لا تقضي بترجيح تعديله وإنما تقتضي تبيّن حاله ، والنظر في صحّة ما جرح به من عدمه :
قال البخاري ـ رحمه الله ـ : «لم ينج كثير من الناس من كلام بعض الناس فيهم نحو ما يُذكر عن إبراهيم من كلامه في الشعبي ، وكلام الشعبي في عكرمة ، ولم يلتفت أهل العلم في هذا النحو إلا ببيانٍ وحجة، ولم تسقط عدالتهم إلا ببرهان وحجة»([39]) ، فالأصل أن الحكم حينئذٍ للحجة والدليل ، ووضوح البيان وقوة التعليل.
لذا تعقّب الإمام المعلمي قول السبكي ـ رحمهما الله ـ : «فنقول: مثلاً لا يلتفت إلى كلام ابن أبي ذئب في مالك، وابن معين في الشافعي، والنسائي في أحمد بن صالح لأن هؤلاء أئمة مشهورون صار الجارح لهم كالآتي بخبر غريب لو صح لتوفرت الدواعي على نقله وكان القاطع قائمًا على كذبه … ومعنا أصلان نستصحبهما إلى أن نتيقن خلافهما أصل عدالة الإمام اﻟﻤﺠروح … وأصل عدالة الجارح … فلا نلتفت إلى جرحه ولا نجرحه بجرحه، فاحفظ هذا المكان فهو من المهمات… فنحن نقبل قول ابن معين … ولا نقبل قوله في الشافعي ولو فسر وأتى بألف إيضاح لقيام القاطع على أنه غير محق بالنسبة إليه».
فقال : «أقول هوَّل على عادته، والإنصاف أن الشافعي لم يكن معصومًا، ولم يقم القاطع اليقيني على أنه لم يقع منه ما إذا وقع من الرجل صح أن يجرح به ولن يكن الشافعي طول عمره في جميع أحواله لا يزال بحضرته جم غفير تقضي العادة حتمًا بأنه لو وقع منه شيء مما ذكر لتوفرت الدواعي على نقله، نعم لو فرضنا أن الجارح ذكر أمرًا يصح أن يقال فيه: لو وقع لتوفرت الدواعي على نقله تواترًا،ولم يكن ذلك، فإنه لا يقبل منه ولو أن السبكي ترك أن يفرض ما لم يقع واعتنى بما وقع في الأمثله التي ذكرها وبين وجوهها لأجاد وأفاد، وقد تعرضت لما وقفت عليه من ذلك في تراجم أولئك الثلاثة من قسم التراجم ولله الحمد». ([40])
7ـ أنّ تعامل السلف مع أهل البدع واضح جليّ ، لا تتطرّق إليه الشبهات ولا تمازج صفاءه ما يسوّده بين الحين والآخر ، مجدّدي مناهج الأهواء والمحدثات :
** فقد اشترطوا الصدق في رواة الأخبار والآثار مطلقاً من أهل السنّة وغيرهم من غير الدعاة إلى بدعهم ، وما وقع في كتب السنة من رواية بعض الدعاة منهم على قلّته وندرته فمحتمل لإستقراء الأئمّة لأحوالهم و سبرهم لمروياتهم ، فالظنّ بهم في هذا حصول العلم بصدقهم وضبطهم .
ـ ومن صور المسألة حديثاً ما تجده من إحالات على مؤلفات المخالفين ممّن عرف بالأمانة العلمية وتوثيق الأقوال والمذاهب ، وكثيرٌ منه واقعٌ في البحوث والرسائل الجامعية ، وقريبٌ منه ثناء المشرفين على الرسائل الجامعية لبعض المخالفين ، ثناءً لا يتعدّى عملَ الطالب في بحثه ، وبيان جودة جهده في رسالته، ومثلُه تزكية جهود بعض المتخَصّصين المعاصرين في فنون العلوم ، لرسوخ أقدامهم فيها دون إلباسهم (لباس السُّنة) ونسبتهم لمنهج السلف الصالح كصنيع بعض الجهلة في حق أهل الأهواء والمتحزّبين.
** واشترطوا ( السُّنّة) في دعاة الأمصار لقبول ما ينسبونه دينا يُتعبّدُ الباري جلّ وعلا به ، في العقائد والمناهج والأحكام ، وكل ما له صلة ببيان حقيقة الإسلام كما جاء به نبيّ الهدى صلى الله عليه وسلّم. واعتذروا لبعض الأئمة الأثبات على ما وقع منهم في بعض التأويلات والشطحات العقدية لظهور جانب الصدق في معرفة الحق منهم ، ورسوخ قدمهم وإمامتهم في العلم ،مع التنبيه على مواطن الزلل في كتبهم ومؤلفاتهم.
لذا تواترت الآثار عنهم في ذمّ البدع وأهلها ، ووجوب هجرهم وكتبهم ومجالسهم ، وهذا بابه موقف أهل السنّة من أهل البدع وعليه جرى الإمتحان كما في كثير من قَصَصِهم وآثارهم.
8 ـ ذكر الحلبي في [المسألةُ التَّاسعةُ]: (الجَرْح المُفَسَّر) ([41]):
« وَهِيَ مَسْأَلَةٌ -اليَوْمَ- مِنَ أهمِّ المَسَائِلِ المُفْضِيَةِ إلى النِّزَاعِ، وَالخِصَام، وَالإِلْزَام! -بسبب سوء التصوُّر، أو خَلَلِ التصرُّف-!
فَكُلُّ (!) مَنْ جَرَحَ شَخْصاً نَرَاهُ يُلْزِمُ الآخَرِينَ بِهِ؛ بِحُجَّةِ أَنَّ جَرْحَهُ -لَهُ- مُفَسَّرٌ، وَأَنَّهُ (وَاجِبٌ) قَبُولُ الجَرْحِ المُفَسَّر!!!
مَعَ أَنَّ الأَمْرَ لَيْسَ بِهَذِهِ السُّهُولَةِ -كَمَا قَدْ يَتَصَوَّرُهُ -أَوْ يُصَوِّرُهُ- البَعْضُ! »
ـ و في الهامش قوله : «وفي كتابي «إيضاح ما تيسَّر لضوابطِ قَبُول (الجرح المُفَسَّر)» مزيدُ بيانٍ. »([42])
وأعجِب له وهو يحيل في مقاله :«بعض تقريري الواضحُ الـمُستبين لأُصول(علم الجرح والتعديل)-الأَمين-قبل سنواتٍ ثلاثين! » حول الجرح المفسّر إلى كتابه الأول فيقول: « وفي كتابي منهج السَّلَف الصَّالح في أصول النَّقد والجرح والنَّصائح» (ص133-140)-المطبوع قبل سنوات- بيانٌ مُفصَّل، وشَرْحٌ مُؤصَّل ، وتأييدٌ أمثل ، وتقريرٌ أطول.» ...
وقد تتبعتُ ما كتبه هنا وهناك ، فلم أجد تحقيقاً جديراً بوصف الإيضاح ، ولا تحريراً حقيقاً بلقب البيان والإفصاح ، ولكنّه تشويش وتشغيب ،وتشكيك في القواعد والأصول بالشبه والألاعيب ، ممتزجاً بالتمويه والتهويل والصراخ ، وسلاحه المكسور جمعٌ لشتات الأقوال على اختلاف مقاصدها ، يزاوج بينها حيناً ويفرّق بينها أخرى ليشقى بمذهب هجين تأسّس يقيناً على أنقاض الوهم والتخمين ، وهواجس النفس والحقد الدفين.
ولا أخال (السنوات الثلاثين!) التي يؤرّخ لتقريره بها ، إلاّ مفصحة عن دخن في نيّته وكاشفة لسوء قصده ، بعد انكشاف كذبه ، ـ وكفى به سقطاً في سوق الأخلاق ـ وقد أشار إلى مرادنا العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ فللّه درّه إذ يقول :
« علم الحديث بركته في تقويم خلق المحدث أولا ثم فكره ومذهبه ثانيا، فإذا رأيت حديثيا لم يتحسن خلقه ولم يستقم فكره فافهم أن دراسته للحديث لأمر دنيوي؛ قد يكون للمال، قد يكون للظهور؛ فمشكلة من يشتغلون بالحديث أﻧﻬم لا يتأثرون به !!». ([43])
ولعلّ من مكر الرجل الذي قد يخفى على الكثيرين ، ما يبثه في ثنايا مقالاته من تعمية ، إذ يكتفي بالمثال والمثالين لئلاّ يتفطّن القارئ إلى القواعد العلمية في مثلهما، مع أن كتب الجرح والتعديل مليئة بمثل ما يشوّش به من مسائل ، واختلاف الأئمة في جرح الرواة ، ومناهجهم في درء التعارض معروف لدى طلبة العلم كما ستقرؤه ولكنّه المكرالسيّئ في أسوء أحواله ، مدسوساً في سوءة كَلِمه وحَشو مقاله ، وغايته كما لا يخفى التسليم لتزكياته لمن زكّاهم، وأمل السلامة لها من النقدوالقدح بدعوى أن الجرح المفسر لا يقبل على[ الإطلاق] ، فنكاح من غير صداق ثم فراق من غير طلاق ، وكم للحلبي في بث الشبه من الطرائق التي تمجّها القيم وتلفظها الأخلاق!. ولا أخاله إلاّ متلبّساً (بالمراهقة الحزبيّة) ، في ما يبثّه من فوضى النقولات المبتورة في الساحة العلمية ، وغرائب التأصيلات المنهجية في الساحة الدعوية.
9ـ تتبعت المساجلات العلميّة في الشبكة بين بعض طلبة العلم ، بعد صدور كلمة الشيخ عبيد الجابري ـ أعزّه الله بالسنة وأهلها ـ في المتعالم عبد الحميد العربي ، حول مسألة اعتبار التكذيب بأحد ألفاظه ، جرحاً مفسّراً من عدمه ، فلم ترُقني على ما فيها من فوائد ولطائف ، لخروج من شارك فيها ـ في كثير من الأحيان عن محل النزاع ـ ، وابتذال للمسألة بما ينأى بالمجازف عن إلزامه بما يوجب الجرح البيّن ، ولما فيها من إضعاف محاجّة المخالف ودفع شُبَهِهِ الخواطف ، وشذوذات تأصيلاته العواصف .
وتبيّن لي أن هذه المسألة شغَّب بها فريقان من المخالفين لمنهج السلف ، المنتسبين له بالأوهام والسفاسف:
1ـ أهل التمييع في محاولة إلزامهم ـ زعموا ـ لأهل الحق بأن السلف من أهل الحديث اختلفوا في من هذا شأنهم، فإذا وسعهم ذاك الخلاف فكيف لايسعنا؟ ، وهذا قد تولّى كبره الحلبي في كتاباته الأخيرة حتى أملّ نفسه قبل غيره بإطناباته الكثيرة ووإلزاماته الخاسرة الحقيرة.
2ـ بعض أهل الغلو والتعالم ، والذين ردّوا جَرح علماء الدعوة السلفية لمشايخهم وكبرائهم كما حدث لأتباع عبد الحميد العربي وفقه الله لهداه في تعاملهم مع قول الشيخ العلامة عبيد الجابري حفظه الله فيه (كذاب، لعاب ، نصاب) فادّعوا باطلاً بأنه جرحٌ غير مفسّرٍ، لتنزيلهم كلام بعض أهل الفن من علماء (مصطلح الحديث ) في باب تكذيب رواة الأخبارعلى ما اشتهر من مراد تكذيب علماء الدعوة السلفية لبعض المتصدرين للتأليف والدعوة والتدريس .وأنه على حقيقته لا تصرفه القرائن التي صرفت الأوّل عن ظاهرالوصف بالكذب والتلبيس إلى معاني الخطأ والوهم والتدليس!. وقد أوتي بعض هؤلاء من معاملة الإستثناء قاعدة مستقلة بذاتها ،فتكثّر البعض بالنقولات ، وابتعدوا عن واجب التحرير والتأصيل ، كيف وقد فاحت به عطراً صفحات ما ألّف في علم الجرح والتعديل .
والعجبُ مني كبير من صنيعهم ، لصريح عبارات الأئمة المذكورة على وجوب التدليل على كذب من كانت إمامته في الأمة مشهورة ، وعدالته في الأنام مسطورة ، وأخطاؤه في الباب مغمورة ، لاحتمال حمل صفة الكذب المعروف عند عموم الأمّة بذاك الخلق الساقط ، المخل بعدالة من تلبّس به، والمعرّف عند أهل العلم ب(الإخبار عن الشيء بخلاف الواقع) ([44]).،على معانيَ الوهم والخطأ والإختلاط ، والتدليس، ...وغيرها.
وهو مثيلٌ لغيره في الباب :
ـ فلا يقال أن قول : الناقد : فلان ضعيف ، بأنّه ليس جرحاً، لأنّه وجد في الرواة من كان اسمه (ضعيفاً) واشتبه الأمر على البعض فيه، ووجد من قيل فيه (ضعيف) ممازحة أو في غير الحديث .
ـ كما لا يقال أن قول الناقد : فلان شيطان أو لص..ليس جرحاً مفسّراً لتطرق الإحتمال إليها ، ولاستعمال بعض الأئمة لها في مقام المدح والثناء ، كما ستقرؤه في ثنايا البحث .
ـ ولا يقال أن قول الناقد : منكر ، ليس جرحاً مفسّراً ، لثبوت استعماله في مدح الموصوف عند بعض الأئمة.
وغير هذا كثير .... ([45])
وربّ معترضٍ على هذه المماثلة في التعامل مع هذه المسائل ، بكون الكذب ثبت استعماله في غير معناه الاصطلاحي في كلام العرب([46]) ، قلتُ وكذلك ما ذكرنا، والمفارقة نسبيّة ، لا توجب فراقاً على الصحيح ، ولا يصحّ التأصيل بخلافها عند أهل التعديل والتجريح.
ودونك مثال واحدٌ في الباب ، قد ذكره بعض من أشكّ في صحّة عقله فضلاً عن فهمه وعلمه :
قال الصنعاني ـ رحمه الله ـ : «... على أنه لا يخفى أنَّ الأصل في إطلاق المحدِّثين للكذب فيمن يصفونه به هو الكذب حقيقة الصادر عن عمد ، يعرف ذلك من تصرفاتهم. وإذا كان هو الأصل ،فلا بد من قرينة على أنهم أرادوا به الوهم؛ كما أفاده قوله[أي محمد ابن ابراهيم الوزير] (ولهذا وصَفوا بذلك خَلقاً من أهل الصدق إذا وهموا):فإنَّ القرينة كونهم وصَفوا بذلك مَن يُعرف بالصدق». ([47]).
وممّن طارـ فرِحاً ـ بما كُتب في هذه المساجلات ،مشرف منتديات عبد الحميد العربي ـ (نبيل عون )ـ ، جاعلاً منها مذاكرةً في الباب ، فجمع كثيراً من كلام الأئمة وأقوالهم بوجوب تبيين الجرح بالكذب عند تطرق قرينة ثبوت العدالة واشتهار الإمامة ، مستدلاّ به على كون الجرح بلفظ (كذّاب) ليس جرحاً مفسّراً ، فاختلط عليه مقصد البيان و التدليل بمقصد التفسيروالتعليل، ونأى بها من ضَعُفَ فهمُه عن تخريجها على الصحيح ، وبان جليّا من خلالها الفهم السقيم من العقل الرجيح ، ولو اعتزى كذباً إلى فنّ المذاكرة والبحث والترجيح ! .
فلا تعجب أن تراه مضطرباً في آخر مذاكرته ، بين مفهوم الجرح المفسّر ، وبما يفسّر، مشترطاً البيّنة والدليل في تفسيره خلافاً لما تقرّر، ثمّ خالطاً ومخلّطاً ما بين الأصل والإستثناء، ومدندناً حول ما قيل في ذلك من خلاف أو إجماع ، لسوء فهمه للمسألة ومحلّ النزاع ، لذا لم يُصب تحريراً جديراً بالحجّة والإقناع .
وممّن وُثِّقت أقوالهم في المسألة من الأئمة :
ـ محمد بن نصر المروزي ، كما في التمهيد (2/33ـ 34)،
ـ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري كما في هدي الساري (ص:451، ت:عبد القادر شيبةالحمد) ،
ـ أبو عمر يوسف بنعبد البرـ كما في جامع بيانالعلم وفضله (2/261) ،
ـ الخطيب البغدادي كما في كتابه تاريخ بغداد (5 /438 ،)
ـ الحافظ المزي كما في تهذيب الكمال (1/379 )
ـ الحافظ الذهبي كما في ميزانالاعتدال(3/490،رقم: 7269)
ـ تاج الدين أبونصر عبد الوهاب السبكي كما في طبقات الشافعية الكبرى (2/22) .
ـ محمد بن إبراهيم الوزير كما في كتابه الروض الباسم (1/ 199، ط :دار عالم الكتب ) .
ـ الحافظ ابن حجر كما في هدي الساري(ص:447) .وغيرهم ....
والذي تحرّر لي أن سبب ذاك الخلط والخبط في الأمر ، ما وجد في كلام هؤلاء الأئمة من عبارات موهمة [الجرح المطلق ، ولم يفسر سببه ، ولم يبيّن...] فحملوا الإطلاق على الإبهام ، وتفسير السبب بتفسير الجرح وتبيين الجرح بتفسيره...إلى غير ذلك من الأوهام التي لو رجع أصحابها إلى سياق ولحاق الكلام، ثمّ إلى صنيع الأئمّة الأعلام في اعتبار الجرح بلفظ [كذّاب]جرحاً مفسّراً ، منع من قبوله قرينة قوية توجب النظر فيه ، وتخريجه على الصحيح كما في التطبيقات الموجودة في موضوعنا هذا ([48])، لما سوّدوا فيه الصفحات ، وطاروا بتلك النقول في سماء الوهم والشبهات.
ومن عزيز النقول التي ظفرتُ بها في المسألة، ردّ العلامة بديع الدين السندي ـ رحمه الله ـ على قول التهانوي :«وكذا إذا قالوا (فلان كذاب) فلا بد من بيانه ، لأن الكذب يحتمل.... » فقال : «لكن هو جرح شديد لا سيما إذا كان من عارف بالأسباب ، وبعيد عنه أن يتهم أحداً بما ليس فيه. »
وقول التهانوي أيضاً :« أهل الحجاز يطلقون كذب في موضع أخطأ»([49])
فقال ـ رحمه الله ـ : «لكن هذا ليس على الاستقراء ، بل هذا يحكم به بالقرائن. »([50])
8 ـ أنّ كلام الشيخ ربيع بن هادي ردّ الله عنه وبه كيد الأعادي الذي شغّب حوله الحلبي ومن انخدع بجديد أدبياته :
((إذا كان عالماً وضابطاً ومتقناً وطعن في شخص ، قال : (فلان كذاب)، يجب على الناس أن يقبلوا قوله، وسار السلف على هذاالمنهج...)) كلام صحيح لا غبار عليه عند أهل الحديث ، ويشهد له صريح كلام الأئمة ، فدونك كلام الحافظ ابن كثير إذ يقول ـ رحمه الله ـ : « أما كلام هؤلاء الأئمة المنتصبين لهذا الشأن، فينبغي أن يؤخذمسلماً من غير ذكر أسباب، وذلك للعلم بمعرفتهم واطلاعهم واضطلاعهم فيهذا الشأن، واتصافهم بالإنصاف والديانة والخبرة والنصح، لاسيما إذاأطبقوا على تضعيف الرجل، أو كونه متروكاً، أوكذّاباً أو نحو ذلك،فالمحدث الماهر لا يتخالجه في مثل هذا وقفة فيموافقتهم، لصدقهم وأمانتهم ونصحهم ».([51])
9ـ وإذا ثبت هذا باستقراء كلام أئمّة الجرح في جرحهم للرواة ، وتوجيه علماء المصطلح لكلامهم ، وتحرير بعض طلبة العلم لهذه المسألة الدقيقة ، فإنني أشيرـ للأمانة العلمية ـ إلى ما جرى فيها ـ بعد أن أخذت حيّزاً هاماً من المساجلات ـ من خلاف ، ـ أي في مدى اعتبار الجرح بتهمة الكذب ـ أو بأحد ألفاظه الدالة عليه ـ جرحاً مفسّراً معتبراً في القدح في عدالة من اتّهم به و ردّ رواياته وأخباره .
فقد أشار إلى الخلاف فيها محدّث الديار اليمانية، العلامة الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله كما ورد في كتابه «المقترح »:« السؤال202 :قولهم في الرجل: متروك، هل هو جرح مفسّر؟
الجواب: الصحيح أنه جرح مفسّر، لأنّهم يعنون بأنه متّهم بالكذب أو أوهامه أكثر من صوابه، وقد توسع بعضهم في غير المفسّر فجعل منه كذّابًا وقال: إنه جرح غير مفسر، كما قاله حسين السياغي، وكما نقله عن محمد بن إبراهيم الوزير من "تنقيح الأنظار"، وكما في "تدريب الراوي" (ج1 ص306) نقلاً عن الصيرفي. »
ـ وكما ورد في كتابه «إجابة السائل»:
«س263: إذا قيل الجرح المفسر، فما هو الجرح المفسر؟
ج263: تقدمت أمثلته مثل: متروك ضعيف جدا، منكر الحديث،كَـذَّاب، أكذب الناس، إليه المنتهى في الكذب، والجرح غير المفسر مثل: ضعيف، و الغالب أن باقي عباراتهم جرح مفسر مثل قول البخاري: فيه نظر و كذلك سكتوا عنه، فلم يسكتوا عنه ولكن البخاري لطيف العبارة رحمه الله تعالى. ثم إننا ننصح أخانا السائل بالرجوع إلى مثل: فتح المغيث، فهو يعتبر من أحسن الكتب للرجوع إليه حتى يتزود من الأمثلة للجرح المفسر، والله المستعان.
وذكرت قبل من العبارات التي فيهاجرح مفسر : له أوهام، يخطئ، هذا يعتبر جرحا مفسرا لكنه إذا كان صدوقا أو ثقة لا يرد إلا إذا كان الحديث من أوهامه أو من أخطائه.»([52])
ورجّح العلامة الألباني ـ رحمهالله: مثلَه فقال : « وسواء كان هذا أو غيره [أي الرمي بالكذب أوالاتهام به]فأحلاهما مر ، وهو على كل حال جرح مفسّر»([53])
ووجدته عند الشيخ عبدالله البخاري ـ حفظه الله ـ في شرحه ( العلل الصغير للترمذي ):
« .... كما جاء في ترجمة أنس بن عبد الحميد أخجرير بن عبد الحميد ، كما جاء في ترجمته من " الجرح والتعديل : « أن يحيى بن المغيرةقال سألت جريرا عن أخيه أنس ـ يعني : كيف حاله ـ فقال ـ أخوه ـ : لا يكتب عنه فأنه يكذب في كلام الناس وقد سمع من هشام بن عروة وعبيد الله بن عمر ولكن يكذب في حديثالناس فلا يُكتب عنه »
يعني هنا جرير بن عبدالحميد رحمهالله أيضا لم يحابه ، سُئل : بين ، ما يعتقد فيه و لو كان هو من إخواته ، أو هو أخوه ، بين ما يعتقد ، وقال : (( لا يكتب عنه )) لماذا ؟ معللا قال : ((فأنه يكذب في كلام الناس)).
إذاً .... جرح الراوي بالكذب جرح مفسر ، ولا غير مفسر ؟.مفسّر خلافا من أراد أن يُعمي هذا وأن يرد بأن الكذب ليس بجرح مفسر.
قال : (( فأنه يكذب في حديث كلام الناس )) ، وبينأنه سمع من هشام وعبيد الله ، ثم قال : ((ولكن يكذب في حديث الناس فلا يُكتب عنه)).ومن كان حاله كذلك أعني متهما فلا يقبل في باب الاعتبار ،يعني هنا قوله : (( لا يكتب عنه )) يعني اعتبارا فضلا على أن يستشهد به (( فلا يكتب عنه )) ا.هـ »([54])
10ـ من لطائف الموضوع أنّ كلام الشيخ عبيد الجابري حفظه الله ورعاه في عبد الحميد العربي : (كذاب ، لعاب ، نصاب)، مصنّف عند أهل الفن ضمن الجرح بالألفاظ والعبارات المكررة والمركبة ، «فقد ذكر الإمام الذهبي تكرير لفظ المبالغة ـ مرتين ، بلفظين متقاربين في المعنى ، وهما دجّال وكذّاب ، وجعل هذا أردى عبارات الجرح عنده ، يعني أشدها ، وذكر البقاعي أيضاً نحو هذا »([55]). فأرجو للمُذاكر أن يُبِين في هذا شيئاً من مداركه في العلم والفهم ، بعيداً عن مسلك التخليط والتغليط .
11ـ نشر أتباع الحلبي في منتداه ، موضوع :(هل يُقبل الجرح المفسرفي جرح من بينهما عداوة ، أو يتوقف؟للعلامةالإثيوبي) ، وذكروا قوله حفظه الله بعدما نقل كلام الحافظ الذهبي وابن الصلاح رحمهما الله في مسألة جرح الأقران والجرح بسبب المنافرة والمعاصرة واختلاف العقائد والمذاهب : «هذا الذي قاله الشيخ ابن الصلاح رحمه الله ينبغي كتبه بماءالذهب؛ فوالله لهوالملجأ والمفر عندما نرى الأئمة يجرح بعضهم بعضا بما لا يستحقونه،فلا يسعنا إلا هذا، فنعتقد أن الجارح ماأراد تعمد الجرح الذي يعلم الحق بخلافه ، وإنما ظهر له من حال المجروح ما له تأويل صحيح، إلا أن غضبه عليه لأمر ما غطى عليه ذلك التأويل،فوقع في الخطأ،والله- يغفر الخطأ والنسيان.فتنيه أيها الحريص على دينه، المشفق على آخرته ألا تقع في مغلطة خطيرة بما تراه في تراجم الرجال منطعن بعض الأئمة لبعضهم بسبب المعاصرة ،أو نحوها،والله تعالى.الهادي إلى سواء السبيل »([56]) .
فلا أدري لأيّ شيئ أعجب ، أَلِلمكر والخبث والخيانة ، أم للغباء والذلّة والمهانة !
والذي يستهوي القومَ ويوغل في حماقتهم دائماً ، دعوى الحصول على كنزٍ مخبوء ، في محذوفات شبكة سحاب السلفيّة، قاطع الدلالة على يتوسّمونه في أهل الحق من فكر موبوء ، وتناقضات منهجية! مستظهرين به على خطورة الموضوع ، وضرره على أهله وهذا حالهم مع سلّة المحذوفات ، متى عاينوا فيها لاقطة ، استسمنوا ذا ورم ونفخوا في غير ضرم!.
والظن بالقائمين على (سحاب الخير) أنهم فعلوا ذلك لئلاّ يفهم على غير مراده ـ كما وقع هنا من الحلبي وأتباعه !ممّن استعجمت عليهم المدارك الظاهرة ، واستسرت عليهم الأشباح الماثلة ، فلا يكاد الفرد منهم يستضيء بنور بصيرة أو يقدح بزناد فهم .
وأخطر ما في الأمر تركيزهم على التوقف في الجرح بسبب (اختلاف العقائد ) ، إذ الغاية منه إبطال واجب جرح أهل البدع والرد عليهم والتشنيع على مذاهبهم وطرائقهم .
وإلاّ فإن المقصود بردّ الجرح عند اختلاف العقائد ، رد جرح الجارح للراوي العدل المشهور بالصدق في حديثه ، لغير بدعته ، كأن يتّهمه بالكذب أو بعدم الضبط ، لا رد كلامه فيه في ما هو واقع فيه من بدعة ،إلاّ أنّه إن امتنع الجارح عن الأخذ برواية الراوي لبدعته ، ولو كان صدوقاً ، كان مذهباً له ، لا يُتوجّه إليه بالنكير، ولا يدخل في باب الجرح لاختلاف العقائد بحال كما أشار إليه أهل الصناعة بالتحرير والتقرير.
أمّا التوقف في الجرح بسبب اختلاف المذهب أو بسبب المعاصرة المستلزمة للمنافرة ، أو بسبب التحامل والحسد وما إليه .
فالحق أن الدعوى حينذاك تحتاج إلى تحرير وتحقيق ، بالتتبع والإستقراء ، لحال الناقد والراوي وحال ما كان بينهما من صلة ، فقد تثبت الدعوى وتقوى ، وقد تضعف وتتهاوى .
لذا تعقّب العلامة بديع الدين السندي رحمه الله ، التهانوي في قوله :«وأما ثانيا فأحمد بن صالح من أقران عثمان فلا يقبل قوله فيه إلا ببيان واضح. ».فقال:«علم من هذا أن جرح المعاصر لايرد مطلقا إلا أن تثبت المنافرة أو يكون مبهما بدون بيان[أي في من ثبتت عدالته] »([57])
وفي موضوعنا أمثلة للحالين ، تراجع في مبحثها الخاص بالقرائن المتعلقة بالجارح في الحلقة الثانية منه .

12 ـ نشر الحلبي حشواً على ما سبق ـ وما أكثر حشوه وحواشيه ـ إلزاماً خاسراً ، بله تشغيباً صاغراً ،حول كلام الشيخ ربيع في الجوزجاني ومنزلته ، ولم يكن الشيخُ ربيع بدعاً من العلماء ممّن أثنوا على مكانة الجوزجاني في فن النقد وعلم الجرح والتعديل .
فهذا ذهبيّ العصر ، المعلّمي اليماني رحمه الله قد سبقه إلى بيان ذلك فقال : «[وأما الجوزجاني] فحافظ كبير متقن عارف وثقه تلميذه النسائي جامع «خصائص علي...ووثّقه آخرون...» ...ثم عقّب على قول ابن عدي : «كان شديد الميل إلى مذهب أهل دمشق في الميل على علي [رضي الله عنه] » فقال : «وليس في هذا ما يبين درجته في الميل، وحطّ الجوزجاني على أهل الكوفة فخاصٌ بمن كان شيعياً يبغض بعض الصحابة أو يكون ممن يظن به ذلك».([58])
وقال أيضاً : «وقد تتبعت كثيراً من كلام الجوزجاني في المتشيعين فلم أجده متجاوزاً للحد وإنما الرجل لما فيه من النصب يرى التشيع مذهباً سيئاً وبدعة ضلالة وزيغاً عن الحق وخذلاناً فيطلق على المتشيعين ما يقتضيه اعتقاده كقوله : زائغ عن القصد سيئ المذهب». ([59])
13 ـ من آخر ما قرأت للحلبي في ما له صلة بالموضوع ، مقاله القصير ، وتشغيبه الحقير «اتهام الإمامين -يحيى وأبي عُبيد-الإمامَ الشافعيَّ بالتشيُّع ! ودفاع أحمدوالذهبي عنه »
وقد توجّه بعض طلبة العلم إلى هذا بتضعيف القصة المذكورة ، بما ينسف ما رامه الفتّان من ذكرها ، وقصده من إثارتها وتسوييدها.
إلاّ أني أعتب على الإخوة ، مع أعلمه من غيرتهم وجهدهم في الدفاع عن الحق وأهله ، صنيعهم ذاك ، كونه لا يحقق المراد ، فلئن ضعفت هذه القصة سنداً ، فقد صحّت مثيلاتها ، واشتهرت في كتب الحديث والجرح والتعديل شبيهاتها، فربّما سيخرجُها لنا أولئك المشوّشون في حلقات يتيه فيها طالب الحق بين أكدار شُبههم فلا يهتدي لتحقيق القول فيها لما ينجيه من كيدهم ويدفع عنه باطل لازمهم وعاطل قيدهم .
والتحقيق في هذا أن تدرسَ هذه المسائل وفق ضوابط الجرح والتعديل ، فتحرّر وتحقق على الوجه الصحيح فينظر في ثبوت الجرح وأسبابه ودواعيه ، ومستند الناقد فيه ، ويعتذرُ للجارح المعتبر عند أهل الصناعة بما هو أهله من الظن به : أميناً على العلم ، حارساً للسنّة ، وناصحاً للأمّة ، عندما يخطئ سهمُه لضعف المُناول ، فيرمي به بريئاً بباطل ، لما لم يصح عنه من قول أو مذهب عاطل. ([60])
وممّا صحّ في مثله ما وقع من ترك رواية أبي زرعة وأبي حاتم الرازيين عن الإمام البخاري ، اعتمدا فيه على ما كتب لهما به الحافظ محمد بن يحيى الذهلي من أن البخاري يقول : ( لفظي بالقرآن مخلوق ). ([61])
وإذا كانت مقالة البخاري التي نقلها محمّد بن يحيى ـ وهو من نقاد الحديث وأئمّة السنّة ـ ضعيفة لا تصح سنداً ، فإن احتمال تزويرها له من حاقد أو كائد ، أو تلبّسه نفسه بما يعتري البشرَ من المنافسة والحسد ، كما أشار إليه الإمام البخاري ، أوضح وآكد. وطالب الحق تهمّه في مثل هذه الآثار نتيجة التحقيقات العلميّة ، ويترفّع عن اتخاذها مطيّة لبث شبهة طعن أهل الحق في بعضهم ، إذاً لاختلط الحق بالباطل والسنة بالبدعة وهذا من أعظم المصائب التي تفسد بها ظنون العوام، وتسري بها الأوهام في الأعلام .
لذا ردّ العلاّمة السندي على التهانوي قولَه: «وكون ذلك من التعديل المفسّر يظهر من تتبع كلامهم ، لا سيما كلام الحافظ في مقدمة الفتح حيث أجاب عن طعن بعض المحدثين في رجال الصحيح فليراجع.»
فقال: «الحافظ يردّ بعض الجروح ، إذا كانت بلا حجة ، بحسب ما حقق هو نفسه ، فعليك أن تحقق أيضاً.»
وقولَه : « ومن ذلك قول ابن عبد البر في عكرمة إنه كان من جلّة العلماء ، ولا يقدح فيه كلام من تكلم فيه لأنه لا حجة مع أحد تكلم فيه.»
فقال : « وهذا أيضاً من ذلك الباب ، فعليك أن تطالع جروحهم ، فإن كانت بلا حجة ـ كما قال ابن عبد البر ـ فالقول قوله ، وإلا فالجرح قادح ، والحاصل أن مجرد قول أحد : فلان تكلم فيه بلا حجة لا يستلزم تقديم التعديل على الجرح حتى ينظر في الجرح وأسبابه ([62])
وقد تقدّم توجيه الإمام المعلمي رحمه الله إلى التعامل مع مثل هذه المسائل في ردّه على السبكي قريباً .
وجلّ من يؤصّل الحلبيّ في الدفاع عنهم ، بمثل هذه النقول ، تواترت الأخبار عن تلبّسهم بعديد البدع والمحدثات ، واشتهروا بنقيض دعوة أهل الحق في المجالس والندوات ، وردود أهل السنّة عليهم لا تخفى على طالب النجاة ، موثّقة النقول ، ومحرّرة الدلالات ، وهذا :


أنموذج لمن يسوغُ عند الحلبيّ الخلافُ فيه ، فيُعتَذرُ لمزكِّيه ومحبِّيه.

قال الشيخ عبد المالك رمضاني ـ وفقه الله إلى الخير ـ « وهذه الطَّريقةُ فيالتَّلبيس والأَجوبةُ السِّياسيَّةُ يَعرفُها كلُّ مَن يَعرف الشَّيخَ عدنان، ولي علَيه من أَمثالها ما يُقاربُ كتاباً كاملاً، بل لقد كتبتُ فيه هو نفسِه - هَداه اللهُ - كتابةً، فما شعَرتُ إلاَّ وهي مجلَّدٌ ضخمٌ، وقدنظَرتُ في فُصوله، فوجدتُ بين يدَي فصلَين هما أطولُ فُصولِ الكِتاب، ألاَ وهما: فصل تَلبيسات عدنان، وفصل كَذبات عَدنان، وذلك من كثرةِ ما عندَ الرَّجل من هذا النَّوع ...»([63])
وقال أيضاً :« هذا كلُّه يُقابلُه ذمُّ الشَّيخ عَدنان للسَّلفيَّة باسمِها الصَّريح، فقد سمِعتُه يقولُ: «السَّلفيَّة بدعةٌ!!»، فلمَّا اعتُرض عليه زَعم أنَّه قالَه من باب حِكاية قولِ الخَصم ليَردَّ علَيه، وهذا ممَّا حيَّرني حقيقةً؛ لأنَّ الرَّجل بدَّع هذه التَّسمية باختِيارِه الواضِح، وأمرَ بالاستراحةِ من السَّلفيَّة صراحةً، فقال كما في شريط «كلماتٌ في المنهج» رقم (1): «يا إخوان! الَّذي يَدْعوكم إلى السَّلفيَّة لاَ تَقبلوا منه، أنا أصرِّح لكم أبداً!!!».
هذا الكلام واضحٌ جدًّا في أنَّ تبديعَ لفظ (السَّلفيَّة) هو اختيارُ الشَّيخ عَدنان، فكيف يقولُ بفرنسا في المحرَّم من سنة (1420هـ) في شريطٍ سمِّي تَمويهاً «براءة السَّلفيِّين من مَطاعن المدخليِّين» (1/1) لمَن سألَه تفسيرَ ذلك: «والله! أجَبْنا مراراً وتكراراً، والله! لكن - يا أخي الكريم! - أنا في بعض أَساليبي أَسردُ قولَ الخَصم، هذا أسلوبٌ عربيٌّ واضحٌ...!!!»؟!
قلت: أين هو قولُ الخَصْم فيما سبقَ، وليس ثمَّ خَصم للسَّلفيَّة سوَى عدنان؟! وإنَّني لأتعجَّب من إيمانِ رجلٍ يُقْسِم أيماناً مغلَّظةً على صريح الكذِب، قال الله:«أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ»[التوبة 78]؟!! »([64])
وقال أيضاً تحت فصل: ( عُدْوانُه علَى مقَامِ النُّبوَّة):
« ...فقالَ عدنَانُ كلمَةً لاَ أعرِفُ أشنَعَ منها، ألاَ وهيَ قَولُه في فرَنْسا في شَريط «استفسَارَات»: «ولكِن أنتُم ما تَعْرفُون: بعض النَّاس يتكبَّرون، هو - يَعني الشَّيخ ربيعاً - يتَحاكَم معَ شاميٍّ، معَ مغربِيٍّ، هُم من شَعب اللهِ المختَار، الَّذين وُلِدوا مِن دُبُرِ آدَم!!!» نقلاً من مذكِّرة الشَّيخ رَبيع «دَفْعُ بَغْي عدنَان على عُلَماء السنَّة والإيمَان».
لقَدْ تَرَدَّدْت طَويلاً في كِتَابَة هذِه الكَلِمَة لشَنَاعَتِها، وعِندَ كِتَابَتِها وَجَدْت عَضَّةً في صَدْرِي لمْ أَجِدْها لغَيرِها، ولَعَلَّ سائلاً يَعْرِضُها على عدنَان لِيَحْكُم علَى نَفْسِه فيهَا، بعدَ أن يَزُولَ عَنهُ سُكْرُ بَغْيِه، ولاَ حَولَ ولاَ قُوَّة إلاَّ بالله. » ([65])
وأجدُني اكتفيت بهاتين البليتين الشنيعتين ،بليّة الكذب ، وبليّة العدوان على مقام النبوّة ، لما رأيته من عزوف القوم عن ردِّهما ، بل إنّ مسوّدَ صفحات «الذب المنصور عن الشيخ عدنان عرعور» لم يشر أدنى إشارة إليهما ، والشيخ عبد المالك حبيبٌ إليهم فيما يدّعون ، فليأتونا منه بجوابٍ ٍ ، وإنّا لمتشوقون! وله منتظرون !.
وحتّى تدركَ أُخيَّ أنّ الكذب عند القوم صناعة أتقنوها بإحكام ، ولم يعد يثنهم عنها من الوعظ لجام ، فدونك وثيقةً تنبؤك عن المقام الذي بلغوه في الكذب والإفتراء عن الأئمّة والأعلام ، فلم يستحِ كبيرُهم من تزوير السجلات الرسمية للإمام العلم عبد العزيز ابن باز رحمه الله ، قبل أن يطوي جسدَه الثّرى ، ويوارى عن الأنام والورى .
وقد كنت شككتُ في صحة الوثيقة في مساجلة لي مع رواد منتدى (الكل...) قبل سنتين ولم أتأنّ في ذلك ، ليقيني بدسائس القوم وارتجالهم الباطل ارتجالا. فياللأفيكة !وياللبهيتة !.
ثم وفقني الله لأن أتفطن لتاريخها فوجدته نفس تأريخ وفاة الشيخ ابن باز رحمه الله (27محرم1420هـ)، ففي أي ساعة كانت إجابة الشيخ على مثل ذاك السؤال الطويل ، والإستفسار الثقيل مع استصحاب أن الشيخ توفي قبل الفجر من ذلك اليوم .فدونك رواية الشيخ محمد الموسى (كاتب الشيخ ) لليوم الأخير في حياة الامام ابن باز رحمه الله ، ثمّ احكم بما تشاء .
يقول ـ وفقه الله ـ : «ولما دخل إلى بيته جلس مع أسرته وبعض أقاربه الذين قدموا للسلام عليه من الرياض والمدينة، حيث مكث معهم إلى الساعة الثانية عشرة، وهو في أنس، وسرور، وراحة بال تامة، ثم انصرفوا عنه؛ لينام، فأخذ يذكر الله ويسبحه.
يقول ابنه الشيخ أحمد: وجلست معه بعد ذلك حتى الساعة الواحدة والنصف، وسألني عن الساعة، فأخبرته، فقال: توكل على الله، نَمْ، وصلى ما شاء الله أن يصلي، واضطجع على فراشه، والوالدة كانت جالسة عنده.
ولما كانت الساعة الثانية والنصف جلس وضحك، ثم اضطجع، وبعد ذلك ارتفع نفسه، وحشرج صدره، وحاولت الوالدة أن تنبهه، ولكنه لا يرد.
وبعد ذلك جئت إليه أنا وإخوتي، واستمر على هذه الحال، فاتصلنا بمستشفى الملك فيصل، فأرسلوا سيارة إسعاف، وحُمِل سماحته إلى المستشفى، وعند حمله فاضت روحه إلى بارئها. »([66])





أنموذجان لتلبيس الحلبي ، في وضوح الشمس في رائعة النهار! ـ

أحسبك أخي القارئ ، قد استوعبت من بضاعتي المزجاة ما رُمته من مقالتي ، من بيان الكذب والتلبيس في لسان القوم لذا فإني سأشد على فهمك ببيان آخرَ لما يشبهه و يماثله أو يزيد ، لتدرك يقينا أن ما كتبناه لم يكن سوى نزراً يسيراً من سبيلهم وأثر ينبئ عن ضعف قولهم ودليلهم ، وأن ذاك الذي يردّدونه في كل ساعة وحين ما هو إلا بعض خيوطِ بيتِ عنكبوتٍ لم ينسج بإحكام ، لينفوا به عن أنفسهم واجب الإلزام ويردوا به ما ووجهوا به من إلجام .فدونك إشارات في الباب تعينني وإياك على تيقّن ما عليه علماؤنا من حق وصواب وما يسير عليه القوم من باطل في القول والخطاب. والله العاصم .
المثال الأول : قال الحلبي في كتابه منهج السلف الصالح: ([67])
(عِكْرِمَة ، مَوْلَى ابْن عَبَّاس) احْتَجَّ البُخَارِيُّ بِهِ؛ لِكَوْنِهِ لَمْ يَثْبُت عِنْدَهُ فِيهِ جَرْح
بَيْنَمَا تَرَكَ الإِمَامُ مُسْلِمٌ الرِّوايَةَ عَنْه؛ لِكَلاَمِ الإِمَام مَالِك -فِيه-، وَجَرْحِهِ لَهُ.
وَمُسْلِمٌ تِلْمِيذُ البُخَارِي -رَحِمَهُما الله-.
فَهَل اخْتِلافُ هَذَيْنِ الإِمَامَيْنِ الجَبَلَيْنِ فِي هَذَا الرَّاوِي نَاشِئٌ عَنْ
(جَرْحٍ مُبْهَم)؟!
وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِك -أصلاً- وَقَدْ قِيلَ فِي (عِكْرِمَة) -هَذَا-: «كَذَّاب»؟!
أَمْ أَنَّهُ اخْتِلافٌ فِي قَبُول -أَوْ رَدِّ- (جَرْح مُفَسَّر=الكَذِب) رَضِيَهُ وَاحِدٌ، وَرَدَّهُ الآخَر؟!
وقال ايضاً في موضع ٍ آخر([68]) : «وَمِمَّا جُرِحَ بِهِعِكْرِمَةُ: أنَّهُ عَلَى مَذْهَبِ الصُّفْرِيَّةِ الخَوَارِج.
وَقَد جَرَحَهُ بِذلِكَ بَعْضُ الأَئِمَّةِ -ولَمْ يَقْبَلِ البُخَارِيُّ جَرْحَهُمْ؛ لِضَعْفِ حُجَّتِهِمْ-.»
ثم قال في الحاشية : «فَثَمَّةَ حُجَّةٌ -إِذَن-؛ لَكِنَّ البُخارِيَّ اسْتَضْعَفَها!!
فَهَلْ إِذَا تَكَرَّرَ هَذا الاختلافُ -قَبُولاً ورَدًّا- فِي تَارِيخِ عَالَمِ النَّقْد-أَو الجَرْح- حاضراً، أو مُستقبَلاً- يَكُونُ سَبَباً فِي الخُصُومَةِ، أَو الإِسْقَاط، أَو التَّنَازُع بَيْنَ هَؤُلاء المُخْتَلِفِينَ أَنْفُسِهِم -وهُم على منهجِ صِدْقٍ واحِد، واعتقادٍ واحِدٍ حقٍّ-؟!([69])
وَهَل لَـمَّا خَالَفَ البُخَارِيُّ -فِي ذَا- مَنْ خَالَفَ -مِمَّن جَرَحَ وَطَعَن-؛ كَانَ ذَلِكَ سَبَباً فِي إسْقَاطِ البُخَارِيِّ -مع الإقرار بالفارق!- أَو اسْتِئْصَالِه، أَو الطَّعْنِ بِه؟!
مَعَ التَّذْكِيرِ أَنَّ مَوْضُوعَ الإِمَامِ البُخارِيِّ -هُنا- مَوْضُوعٌ عَقَائِدِيٌّ!!
وهذا عينُ ما أُكرِّرُهُ -دائماً- وقد انْتَقَدَهُ عَلَيَّ (بعضُ النَّاس!) -بغير حَقٍّ-: (لا نَجْعَلُ اختلافَنا في غيرِنا سَبَباً للخِلافِ بينَنا)...
وجَلِـيٌّ -جِدًّا- أنَّ مُرادِي بـ(اختلافنا)؛ أي: أهل السُّنَّة، ودُعاة مَنهج السَّلَف.
«ولهذا؛ نَرى (العُلَماء) -مع اختلافِهم (الشديد) في بعض المسائل - لا يُضَلِّلُ بعضُهم بعضاً، ولا يُبدِّعُ بعضُهم بعضاً.»
بيان وجه التلبيس :

1ـ إيهامه أن امتناع الإمام مسلم ـ تبعاً للإمام مالك رحمهما الله ـ عن كتابة حديثه لكذبه :
قال ابن حجر ـ رحمه الله ـ :«وأماذم مالك فقد بين سببه وأنه لأجل ما رمي به من القول ببدعة الخوارج وقد جزم بذلك أبو حاتم قال بن أبي حاتم سألت أبي عن عكرمة فقال ثقة قلت يحتج بحديثه قال نعم إذا روى عنه الثقات والذي أنكر عليه مالك إنما هو بسبب رأيه على أنه لم يثبت عنه من وجه قاطع أنه كان يرى ذلك وإنما كان يوافق في بعض المسائل فنسبوه إليهم وقد برأه أحمد والعجلي من ذلك فقال في كتاب الثقات له عكرمة مولى بن عباس رضي الله عنهما مكي تابعي ثقة برئ ممايرميه الناس به من الحرورية وقال بن جرير لو كان كل من ادعى عليه مذهب من المذاهب الرديئة ثبت عليه ما ادعى به وسقطت عدالته وبطلت شهادته بذلك للزم ترك أكثر محدثي الأمصار لأنه ما منهم إلا وقد نسبه قوم إلى ما يرغب به عنه»([70])
ويدلّ عليه أنّ مسلما أخرج له مقرونا أو في المتابعات وهو ما لايستقيم مع اتهامه بالكذب لمخالفة ذاك لشرطه في صحيحه حيث قال: «فأما ما كان منها عن قوم هم عند أهل الحديث متهمون أو عند الأكثر منهم فلسنا نتشاغل بتخريج حديثهم كعبد الله بن مسور أبى جعفر المدائنى وعمرو بن خالد وعبد القدوس الشامى ومحمد بن سعيد المصلوب وغياث بن إبراهيم وسليمان بن عمرو أبىداود النخعى وأشباههم ممن اتهم بوضع الأحاديث وتوليد الأخبار. وكذلك من الغالب على حديثه المنكر أو الغلط أمسكنا أيضا عن حديثهم.» ([71])
وقال الذهبي في الميزان: «أحد أوعية العلم، تُكُلِّمَ فيه لرأيه لا لحفظه فاتهم برأي الخوارج. وقد وثقه جماعة، واعتمده البخاري، وأما مسلم فتجنبه، وروى له قليلاً مقروناً بغيره، وأعرض عنه مالك وتحايده إلا في حديث أو حديثين»([72]) وذكره في رسالة الثقات، فقال: «ثقة ثبت، أعرض عنه مالك واحتج به الجمهور، كان يرى السيف فيما بلغنا. »
2ـ تقوّله على الإمام البخاري ، في نسبة دافع الرواية عن عكرمة إلى استضعاف حجّة من رماه ببدعة الحرورية ، فليس ثمّة ما يشير إليه من كلامه ولا من كلام غيره . ورواية البخاري عن عكرمة محتمل لأحد أمرين :
ـ عدم ثبوت ما رمي به من بدعة عنده أصالةً .
ـ ثبوت ذلك والعمل على توثيقه لصدقه وضبطه ، وبابُه حينذاك الرواية عن غير الدعاة من أهل البدع ، ومعلوم صنيع البخاري فيه ، ومذهب الأئمّة في تبنّيه ، بشروط وضوابط لاتخفى على الطالب النبيه.
لذا حرّر الإمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله حالَه فقال: "فأما أقوال من وهّاه فمدارها على ثلاثة أشياء :
ـ رميه بالكذب
ـ الطعن فيه بأنه كان يرى رأي الخوارج .
ـ القدح بأنه كان يقبل جوائز الأمراء.
فأما البدعة فإن ثبتت عليه فلا تضر حديثه لأنه لم يكن داعية مع أنها لم تثبت عليه وأما قبول الجوائز فلا يقدح أيضا إلا عند أهل التشديد وجمهور أهل العلم على الجواز كما صنف ابن عبد البر وأما قضية الكذب فإنهم يطلقون الكذب على مواضع الخطأ " . ([73])
وأشار أحمد العجلي إلى نحوه فقال : "مكي تابعي ثقة بريئ مما يرميه به الناس من الحرورية يعني من رأيهم ".([74])
3ـ تلبيسه على القارئ في مسألة (الإلزام ) ، التي حاول إسقاطها سفهاً على هذه المسألة ، كونها داخلة في الرواية عمّن اشتهر بالصدق من أهل البدع يقيناً ـ عند من رمى عكرمة ببدعة الخروج ـ ، وهذه حيدة عن محلّ النزاع ، وتمييع للخلاف بلا إقناع ،
وإلاّ فإن باب الإلزام يقيناً منصرف إلى الثناء على أهل البدع وديانتهم ودعوتهم ، لا في حكاية صدقهم وضبطهم المستلزم لتوثيقهم و وجواز الرواية عنهم وقبول حديثهم ، وصنيع الأئمّة في هذا معلوم ، ومقصده مفهوم عند أهل العقل والحلوم.
فتجد قولهم في الرواة : فلان صدوق يتشيع، أو ثقة مرجئ ، أو ثبت سيّئ المذهب ...ونحوها ، فيذكرون ما يجيز الرواية عنه من صدقه وضبطه ، ويبينون ما هو متلبس به من بدعة ، بما تقتضيه أمانة العلم ولئلاّ ينخدع بمذهبه من يغشى مجالسه، فيأتمّ به ويدارسُه.
وليس في هذا أدنى مستند لمن يستدلّ فيه على مذهب الموازنة البدعي ، بل على نقيضه يدلّ ، وينسف شبَه المُدّعي.
ومثاله : لو أن زيداً من الناس سأل عمراً عن فلان ليتخذه أجيراً عنده ، فأخبره بكونه : ثقة مأمون ، على مذهب الأشاعرة ، هل يفهم منه أن عمراً يثني على أهل البدع أم يفهم منه جوابه بما يحقق المقصود من السؤال مع قيامه بواجب بيان الحال لئلاّ يُخدع به في ذاك الباب من يخالطه بالعمل والمقال.
لذا فإني أكرر : ـ أن مسألة الإلزام ـ في أغلب أحوالها ـ تتوجّه إلى باب تزكية أهل البدع والثناء عليهم بما يوهم صحة مذاهبهم ومناهجهم ، وعليه الآثار القاضية بإلحاق المثني بالمثنى عليه ، والقرين بقرينه ، والمجالس لجليسه ، وهي متواترة عن سلف هذه الأمّة ، مبثوثة بخاصّة في كتب العقائد والسنّة ، ممّا يدل على خطورتها ومكانتها عندهم فتنبّه اُخيّ ولا يخدعنّك الخائنون والملبّسون.
ـ كما يتوجّه الإلزام إلى معاملة الطّاعن في الأخيار ، وأهل السنّة الكبار ، بمثل معاملة أهل البدع الأشرار ، وأصحاب الأهواء الأغمار، عملاً بقرائن الولاء والبراء في الباب وبه تواترت الآثار ، والعمل عند أهل السنة في القطع والأمصار.
ـ كما تتوجّه في بعض الصّور إلى ما هو قريب من ذلك ، كاجتناب رواية من يروي عن الكذّابين ، فيعامَل معاملة الكذّاب في حديثه ، صوناً للسنّة من منتحل يكدّر صفاءها، و دخيل يعكّر نقاءها.
ومدار الإلزام في هذا بثبوت الحجّة على المخالف ، من إعلامه ببدعة من يثني عليه ويؤالف ،أوعظيم ما يطعن به في عالمٍ عارف أو كذب من يروي عنه : مستترٍومكاشف .

المثال الثاني : قوله في كتابه السابق ([75]):
«والرميُ بـ(التَّفَلْسُف!) -بغير حقٍّ- قديمٌ:
فلقد قال ابنُ مَعِينٍ في (أحمد بن صالح المصري): «كَذَّاب يَتَفَلْسَف!».
وقال الذهبيُّ في «الميزان» (1/241):
«آذى النَّسائيُّ نفسَه بكلامِه فيه»!
وقال العلَّامةُ المُعَلِّمِيُّ في «التنكيل» (1/113) -في (أحمد بن صالح)-:«معروفٌ بالصِّدْق؛ لا شأنَ له بالتَّفَلْسُف»!
وقال العِراقيُّ في «شرح التبصرة والتذكرة» (2/327):«لعلّ ابن مَعِين لا يدري ما الفلسفة! فإنَّه ليس مِن أهلِها»!
قلتُ: وليَ تحت الطَّبْع -بتوفيقِ المولى -سبحانه- رسالةٌ بعُنوان: « النقد السلَفي للفكر الفلسَفي ».
ثم يأتي (البعضُ!)، فيتَّهِمُنِي بها (!) وأنا أنْقُدُها وأنقضُها!!
هذا -كُلُّه- مع اتِّفاقِنا -جميعاً- على أُصول المنهج السَّلَفِيّ، وأُسس الاعتِقاد السَّلَفِيَّة!!
وَلَكِنْ:

وَقُلْ لِـمَنْ يَدَّعِي فِي العِلْمِ (فَلْسَفَةً!) عَلِمْتَ شَيْئاً وَغَابَتْ عَنْــكَ أَشْيَـاءُ! »

بيان وجه التلبيس :

أقول هذا شأن من لم يعرف لتحرير المسائل باباً، ولم يعرف من خلق الأمانة ما يبلّغه صواباً، فإن أحمد بن صالح المصري قد وثقه يحيى بن معين ولم يثبت تكذيبه عنه ، فضلاً عن أن يرميه بالتفلسف كما أطنب حوله الخائن المتفلسف ، ومن أثبته إنما أوقعه في الخطأ تشابه الأسماء ، وهو ضمن مباحث المتفق والمفترق من مباحث علم الحديث ([76]) ، وفي توثيقه ونفي تكذيب ابن معين له :
ـ قال البخاري رحمه الله :«ثقة صدوق ما رأيت أحداً يتكلم فيه بحجة وكان أحمد وعلي ابن نميروغيرهم يثبتون أحمد بن صالح ، وكان يحيى يقول : سلوا أحمد فإنه أثبت.»([77])
ـ قال ابن حبان : «إن أحمد بن صالح الذي تكلم فيه ابن معين هو رجل آخر غير ابن الطبري وكان يقال له (الأشمومي) وكان مشهوراً بوضع الحديث وأما ابن الطبري فكان يقارب ابن معين في الضبط والإتقان.»
ـ قال ابن حجر :« ما ذكره ابن حبان يؤيد ما نقلناه عن البخاري أن ابن معين وثق احمد ابن صالح فتبين أن النسائي انفرد بتضعيف أحمد بن صالح بما لا يقبل ، حتى قال الخليلي : اتفق الحفاظ على أن كلامه فيه تحامل وهو كما قاله»([78]).
ـ وقال مسلمة بن القاسم الأندلسي : الناس مجمعون على ثقة أحمد بن صالح لعلمه وخيره وفضله ، وأن أحمد وغيره كتبوا عنه ووثقوه وكان لا يحدث أحداً حتى يشهد عنده رجلان من المسلمين أنه من أهل الخير والعدالة فأتى النسائي ليسمع منه فدخل بلا إذن ولم يأته برجلين يشهدان له بالعدالة، فلما رآه في مجلسه أنكره وأمر بإخراجه فضعفه النسائي لهذا. ([79])

وبعدُ... وبعد فقد قرأت شيئاً من كذب الحلبي وافترائه ، «والكذب نقيصة يجدها المرء فيريد أن يسترها بالألفاظ التي تحتال على القارئ أو السامع بل قل حكة في اللسان كالجرب عافاكم الله واليوم عادت في يراعٍ للمرء يحمله ، أو قل سورة كسورة الخمر تأخذ المرء حتى تتين العربدة في الكلمات في حالتي الصحو والسكر، وعلى كل فهو خليقة مرذولة وخصلة مستهجنة تحتاج إلى من يحرقها في قفص صدره عسى أن يكبت الباري ريحها النتنة دون من خلقٍ من خلقه الأطهار .»([80])
وبين ذاك الكذب وذيّاك الشغب.....، سوّد الحلبي كعادته بأسلوب المتفاصح بعض الإرهاب النفسي والتعمية الفكرية حتى يبعث في القارئ طمأنينة تجعله يقطع الريبة بصدقه في دعواه من كثرة ما أطنب من العبارات الموحية بأمانته العلمية ، وحججه القويّة ، فما وجد سلاحاً يستعمله غير المصطلحات المطاطة والعبارات الخادعة الغلاّطة !




فهل وجدتَ أُخيَّ في ما ذكرنا منهجاً علمياً صحيحاً في النظروالاستدلال؟!([81])
وهل ما ذكر الحلبيّ ادعاءات صحيحةٌ ، وموافقةٌ للواقع العلمي منذ قرون وقرون- إذا ما وضعناها على مائدة البحث العلمي النزيه-؟!
أوَليست لُغة الادعاء بلادليل ، ولهجة التخويف(!)-والتذليل!- ليست من العلم في كثيٍر ولا قليل!
أليس العلم حقائق وأدلة وبيّنات..لا مزاعم وادّعاءات...وتفصيلات..لاإطلاقات!
أوليست ؛ العبرة ليست بالعَدد(!) ،وإنما هي بالحُجج ، والعُدد...فكيف إذااجتمعا؟!
وهل وجد الناظرُ في كتبالجرح والتعديل عشراتبل مئات- الأمثلة ،والاستدلالات (العلمية)التي تنقض تلكم الدعاوى (غيرالعلمية...)
وعليهأين ادعى(الشيخ ربيع!)-غفر الله له-أن أحكامَه على الرجال(!)ليست اجتهادية!!!!
وهل كانت هذه حال مشايخُنا الكبارُ -الثلاثةُ-ومن سلك سبيلَهم؛ في رِفقهم ، وأخلاقهم، وعلمهم ، وتعامُلهم!
أم أنّ كلُّ واحد من هؤلاء-وغيرهم –زادهم الله توفيقاً-يخالفه في كثير-ولا أقول: أوقليل!-مما [هو وأتباعه ] إليه يذهبون...
وبه- لهم- يخالفون..
وبسببه ؛ السلفيين يفرّقون..
وبنا الأعداءَ يُشمتون...

وأختم بكلمة للعلّامة الشيخ محمد الخضر حسين ـ رحمه الله ـ ، قد أبان فيها عن نفسيّة الحلبي بأحسن بيان ، وكشف عن مخبآت صدره ، ودخلة ضميره بأجلى برهان ،فللّه درّه إذ يقول : « يمرق الرجل من فضيلة الصدق على طريق شتى، وأبعد هذه الطرق ضلالاً أن يتحدث في العلم بما ليس من العلم، أو يضيف إلى أحد قولاً لم يصدر عنه، يفعل هذا من يرغب في التفوق على قرين ينافسه، أو يرغب في أن تطير له سمعةً أعلى من منزلته.
ومن يحاول التفوق على قرينه بزخرف من الباطل فهو أخو الساحر، ولا يفلح الساحر حيث أتى.
ومن رضي بأن تكون سمعته فوق منزلته فإن وراء السمعة عقولاً تزن الرجال بالآثار؛ فلا يَدَعُون السمعةَ تغلو في طيرانها، بل يأخذون بناصيتها، ويهبطون بها إلى أن تكون مع منزلة صاحبها على سواء.
ولو أيقن أولئك الذين يدسون في العلم ما ليس من العلم أن من حولهم بصائرَ نافذةً وأقلاماً ناقدةً _ لما انسلخوا من لباس الصدق، ولكنهم قوم لا يوقنون.
يتحدث العالم في غير صدق، فتذهب الثقة به من القلوب، ويذهب معها شطر علمه وهو ما يرجع إلى النقل والرواية.
وكم من مُنتمٍ إلى العلم اطلعوا له على اصطناعه خبراً؛ فطرحوه من حساب الموثوق بنقلهم، وكذلك الرجل يخرج عن أدب الصدق مرة، فيتعدى شؤم الكذب إلى سائر أقواله، فتوشك أن تذهب كما يذهب هذيان المُبَرْسَمِين هزوًا.
كذبت ومن يكذب فإن جزاء
إذا ما أتى بالصدق أن لا يُصَدَّقا»([82])

وهذه درّة من درر الحلبي، أهديها لأسامة الطيبي ، فلا أحسبُه إلاّ ملتقطها، أوَ لم يقل في شيخه : (فما زلت تتحفنا بالدرر وبالعلم الأصيل غير الدخيلوالذي أصبح هذه الأيام عملة صعبة يندر وجودها) ،وبها نجيب من تساءل في مقاله ( لماذا يخشون الشيخ المحدث علي الحلبي. ؟) ، عن بعض غلوّه وغلوائه.




وهنا وضح الصبح لكل ذي عينين، وانكشف قناع الشك عن محيا اليقين.
فقد قال العلماء ، وقال الشيخ ربيع....و افترى عليهم الحلبي كذباً بقلمه اللديغ .
(ستكتب شهادتهم ويسألون).
وعزائي في مقالي هذا ما ذكره أحد طلبة العلم في سِفرٍ كَتَبَه بقوله :«ولقد ضاق الوقت علي كثيراً أثناء صياغة هذا الجمع..وللصياغة والترتيب والتضمين، فَنٌّ يحتاج إلى طول تأمل، وصفاء ذهن..وقد تخلفا عني، فتخلف حُسن الإخراج.»([83]) . فالله المستعان.


ورقمه الفقيرُ إلى عفو ربِّه وعون مليكِه :
أبومعاوية كمال بن عبد القادر الجزائري
ـ أدام الله عليه سترَه ـ([84])


([1]) ـ هذا من تواضعه حفظه الله ، وإلاّ فإن نعلم منزلته ، وجدارته وإلمامه بفنّ مصطلح الحديث .زاده الله توفيقا.
([2])وقد نُشِرَ المقال بتاريخ السادس والعشرين من شهر ذي القعدة سنة 1428للهجرة الموافق للسادس من شهر ديسمبر سنة 2007 للميلاد.
([3])قال العلامة بديع الدين السندي ـ رحمه الله ـ : « بل يطلقون [أي أهل الفن من المحدّثين والنقّاد] على الأخبار الكثيرة : «الموضوع» و المنكر بدون رؤية السند وأمثلته كثيرة في الميزان وغيره حتى أنهم كثيراً ما يقدحون في الرواة لأجل بعض الروايات المنكرة التي انفردوا بها وإليه يشير قولهم : «عنده مناكير ونحوه » وكتاب الكامل لابن عدي خاص بمعرفة ذلك ولابن قيم الجوزية في هذا بحث لطيف في كتابه« المنار المنيف»... أجاب فيه عن سؤال : هل يمكن معرفة الحديث المرفوع بضابط من غير أن ينظر في سنده .».راجع :«نقض قواعد في علوم الحديث» (ص 78 ).
([4]) وممّا يدلّ على نكارة متن الحديث ، زيادة على ما ذكره الشيخ عبد الرحمن آل عميسان وفقه الله : استنكاف الرجل [الموصوف بأهلية الجنة] عن السعي إلى الصلح بين عبد الله بن عمرو بن العاص وأبيه رضي الله عنهما ، بعد حكاية ما وقع بينهما ، وهذا بعيد عمّن أدرك فضيلة الإصلاح بين المرء وأخيه، فكيف بين الإبن وأبيه ، وكف الأذى على ما فيه من خير لا يعدل فضيلة الإصلاح بين الناس ، الذي لشرفه ومكانته أُبيح فيه الكذبُ على خبثه ـ كما لا يعدل فضيلة بذل المعروف ، والدعوة إلى الخير لما فيه من زيادة فضل والله أعلم.
([5] ) تأمّل رعاك الله في هذه الدعوى واستصحب خطورتها بعد البيان.وسيأتيك الردّ عليها من كلام بعض الأئمّة في الحلقة الثانية من هذا الموضوع قريباً .
([6] )الاتهام بالكذب ـ مطلقاً ـ من أقوى وأجل ىمراتب الجرح وأبينها تفسيراً عند القوم وقد دأبوا على تكرار هذا منذ زمنٍ ، يرعدون ويزبدون ، وغايتهم المقصودة ، بله بغيتهم المنشودة من ذلك إبطال قواعد الجرح والتعديل ، وردّ منهج السلف في الإمتحان بمن أقيمت عليه و فيه الحجة ، وسطع في بيان انحرافه الشاهد والدليل .ولعلّ أول ما أثاروها في معرض الإلزام الباطل في تكذيب أحد خطباء مدينة الرياض للأخ عادل منصور ، بل للشيخ محمد بن هادي المدخلي حفظهما الله ، رغم أن ذاك التكذيب قد تضمّن من الكذب والتلبيس : الغرائب و الأعاجيب ، فتأمّل هذا لتدرك فراقَ منهج القوم لقواعد العلم والفهم!.، ومن التناقضات العجيبة أن عليّاً الحلبي وروّادَ منتداه ما فتئوا ينقلون من نصيحة ذاك الواعظِ الخطيبِ الفقرات والعبارات ما يخدم منهجهم ويقوي ـ زعموا ـ أدلتهم بله شُبَههم! بل إن الحلبي نفسَه قد نقل من (مذكرة النصيحة) في خاتمة كتابه (منهج السلف الصالح ـ ص178) النصّ الكاملَ لما أوصى به صاحبها ، والحق أن هذه المذكرة قد تضمنت من التلبيس بالباطل ما تشمئز منه قلوب الموحدين ، ومن التصابي والإبتذال ما تترفع عنه نفوس الدعاة الصادقين ، ويكفي العاقل ما جاء فيها من تهوين وتمييع للخلاف بين مشايخ الدعوة السلفية وعلمائها ، وحامل راية الحدادية ، فالح بن نافع الحربي كفانا الله شرّه ، حتى أن صاحب (النصيحة....) تجرّأ على وصف ذاك الخلاف الأصيل بين الشيخ محمد بن هادي المدخلي وإخوانه العلماء أعزّهم الله بالسنة،وفالح الحربي ب(المشاكسات ) و(التهويشات) .... وكم في النفس في الموضوع من شجون !.ولله في خلقه شؤون .
وهل اجتمعت المدرسة الحدادية بشقيقتها المدرسة التمييعية إلا على عداء المنهج السلفي وأهله ؟!
([7] ) هذه أخلاق الحلبي في مخاطبة العلماء ....فإلى الله المشتكى.
([8] ) تأمّل في تكرارهم لهذه الدعوى حتى تسلّم لهم بما بعدها من الفحوى ، فأعيذك أُخيّ من انتقال العدوى ... .
([9]سأبيّن من هم سلف الحلبي في الحلقة الثانية إن شاء الله فصبرٌ جميل ...
([10]...وهاأنذا قد شددت الهمّة ، بعد أن خذلك أتباعك في مناشدتك واستكانتك ، لعليّ أشفي غليلك ببيان بعض زيف (خطابك )وكذب (كتابك).
([11])ـ تحقيق محمد ابراهيم الموصلي ، الطبعة الأولى ـ 1412هـ ، 1992م ـ دار البشائر الإسلامية .
([12])ـتحقيق ودراسة : عبد الله بن ضيف الرحيلي. الطبعة الأولى : 1426هـ- 2005م.
([13])ـولمن أراد الإطّلاع على كلام الإمام الذهبي رحمه الله ، فلينظر في الملف المرفوع على الرابط :
http://www.mediafire.com/?9a489pl5xo4p2z6
فقد نقلته كاملاً مرفقاً بنص تحقيق االشيخ عبد الله الرحيلي ، وأعتذر عن نقله في أصل الموضوع لطوله .
([14])ـ كتاب (من تكلم فيه وهو موثّق أو صالح الحديث). (ص84)
([15]) ـ (المصدر السابق). (ص86)
([16]) ـ (المصدر السابق). (ص113)
([17]) ـ (المصدر السابق). (ص340)
([18]) ـ (المصدر السابق). (ص380)
([19]) ـ(المصدر السابق). (ص67)
([20]) ـ (المصدر السابق). (ص76)
([21])ـ (المصدر السابق). (ص78)
([22])ـ (المصدر السابق). (ص87)
([23])ـ (المصدر السابق). (ص107)
([24])ـ (المصدر السابق). (ص124)
([25])ـ (المصدر السابق). (ص192)
([26])ـ (المصدر السابق). (ص210)
([27])ـ (المصدر السابق). (ص254)
([28])ـ (المصدر السابق).(ص258)
([29])ـ (المصدر السابق).(ص366)
([30])ـ (المصدر السابق).(ص443)
([31])ـ (المصدر السابق).(ص499). وقال ابن حجر: أخطأ من زعم أن أحمد رماه بالكذب ، وقال أبو حاتم : كان صدوقاً في الحديث ، وكان صاحب رأي، أما الشروط : فهو علم يبحث عن كيفية ثبت الأحكام الثابتة عند القاضي في الكتب والسجلات ، على وجه يصح الاحتجاج به عند انقضاء شهود الحال . (ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثّق ) تحقيق ودراسة : محمد شكور أمرير المياديني مكتبة المنار.الطبعة الأولى : 1406هـ- 1986م. (ص 178)
([32](( رسائل الإِصلاح )) : (1 / 13) .وما بعده من كلام للشيخ بكر أبو زيد في رسالته (التحذير من مختصرات محمد علي الصابوني في التفسير ص03 )
([33]) ـ وِالظنّ بالحلبي أنه موبوء بداء (الكذب المرضي) ، مِن [نوع "الراعي الكذاب وبينوكيو"، والتي تسمى بالإنجليزية ( A compulsive orpathological liar)؛ لأن له خيالاً مرَضيًّا يدفعه للكذب، واختلاق القصص على نحوٍ مستمر وثابت، وهو اضطراب نفسي يعرف باسم "هوس التهويل والمبالغة في الكذب" Mythomania، أو Compulsive lying أو Pathological lying يهدف إلى الإشباع الوهمي لرغبات مكبوتة، ولكسب الاهتمام والعطف، ولفت الانتباه، وتأكيد الذَّات والحضور العلمي والاجتماعي....].
([34]) ـ التّنكيل : (1 / 49).
([35]) ـ طليعة التّنكيل (ص 42).
([36]) ـ ـ هذا وقد وقعت عيني على طبعتين محققتين منه ، الأولى بتحقيق الشيخ عبد الله الرحيلي ـ وهي التي اعتمدتها في بحثي هذا لجودتها ، والثانية موسومة ب: (ذكرأسماء من تكلم فيه من الرواة وهو موثق) بتحقيق وتعليق محمد شكور بن محمود الحاجي أمرير المياديني ، ومصنَّف بعنوان ((تحرير أحوال الرواة المختلف فيهم بما لا يوجب الرد ـ دراسة نقدية لكتاب من تكلم فيه وهو موثق ـ )) تأليف عمرو عبد المنعم سليم.
([37]) ـ وهي نسبة لا تتعدى ( 5% ) بلغة أهل الرياضيات وأهل الإقتصاد فتنبه.
([38] )ـ انظر:(الكثرة والقلة وأثرهما في أصول الفقه ) رسالة دكتوراه مقدمة إلى كلية الشريعة بالرياض التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.تحت إشراف أ.د فهد بن محمد السدحان.العام الجامعي: 1428هـ - 1429هـ.
([39] ) ـ جزء القراءة خلف الإِمام (ص40 ).
([40] ) ـ التنكيل للمعلمي .(1 /75-77)
([41])ـ كتاب منهج السلف الصالح لعلي الحلبي ـ الطبعة الأولى .(ص 102 ) ما بعدها ...
([42])ـ هذا صنيعه في جلّ مؤلفاته وأعماله ، فلا يكاد ينتهي من مسألة إلاّ وأشار إلى مؤلّف آخر له ، قاصداً لنفسه الإكبار ، ولنتاجه الإشهار ، وبين هذا وذاك يتيه القارئ بين كثرة الإحالات و يعجب لمن خلقه التكثّر من الكتب والأسفار.
([43]) ـ سؤالات الحويني- للألباني- شريط رقم ( 5 ).
([44] ) ـ انظر: أدب الدنيا والدين للماوردي.
([45] ) ـ راجع ما يتعلّق بمصطلحات الجارح في هذا البحث ، ففيه مزيد أمثلة توضّح المقصود .
([46] ) ـ قال الإمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله: «أما قضية الكذب فإنهم يطلقون الكذب على مواضع الخطأ » (هدي الساري 425ـ430).
([47]) ـ (تنقيح الأنظار1/316، مع توضيح الأفكار)
([48]) ـ في الحلقة الثانية منه ـ قريباً ـ إن شاء الله .
([49])ـقال (البغدادي صاحب خزانة الأدب)
«وقد استعملت العرب الكذب في موضع الخطأ. قال الأخطل:
كذبتك عينك أم رأيت بواسطٍ ............................... ».
([50])ـ«نقض قواعد في علوم الحديث» ص 171 وما بعدها. واقرأ بقيّة الفوائد في الحلقة الثانية من هذا الرد قريباً إن شاء الله.
([51])ـ اختصار علوم الحديث (1/285 ـ 286، مع الباعث الحثيث ).
([52])ـ(إجابة السائل على أهم المسائل) للشيخ العلامة مقبل الوادعي-رحمه الله تعالى- صفحة (498) الطبعة الثانية لدار الحرمين المصرية 1420هـ.
([53])ـسلسلة الأحاديث الضعيفة (13/ 86).
([54])ـالشريط (7 0) ـ الدقيقة ( 21).
([55])ـانظر كتاب :«ألفاظ وعبارات في الجرح والتعديل ، بين الإفراد والتكرار والتركيب» للشيخ أحمد معبد عبد الكريم (ص72 ).الطبعة الأولى 1425هـ .دار أضواء السلف.
([56])ـ:«إيضاح السبيل في شرح إتحاف النبيل بمهمات علم الجرحوالتعديل» .تحت مسألة:في بيان التوقف في جرح من بينهماعداوة .(ص.56 ـ. 58).
([57])ـ«نقض قواعد في علوم الحديث» ص 364
([58])التنكيل (1/99).
([59])التنكيل (1/58).
([60]) ـ وعليه عمل الباحث دخيل بن صالح اللحيدان في بحوثه المتعلّقة بقرائن الترجيح ، حيث نبّه وفّقه الله إلى أن ذكره لتلك القرائن ، الغاية منه بيان منهج النقّاد في التعامل تلك المسائل ، بغض النظر عن صحّتها .
([61]) الجرح والتعديل ( 3 / 1 / 191 ) .
([62])ـ«نقض قواعد في علوم الحديث» (ص 78)
([63]) ـ تخليص العباد من وحشية ابي القتاد (ص 331 ).
([64]) ـ تخليص العباد من وحشية ابي القتاد ( ص365)
([65]) ـ تخليص العباد من وحشية ابي القتاد ( ص388)
([66]) ـ جوانب من سيرة ابن باز (1 / 386)
([67]) كتاب منهج السلف الصالح (ص103).
([68]) كتاب منهج السلف الصالح (ص197).
([69]) شتّان بين منهج الصدق الذي يدّعيه ، ومنهج الكذب الذي اتّخذه مداداً لظلمه وتعدّيه ، فأقبح به من ابن دعوى ورجلٍ ألوى.
([70]) هدي الساري(ص671)
([71]) مقدمة صحيح مسلم ( ص 2)
([72]) الميزان (3 /93)
([73]) (هدي الساري 425ـ430)
([74]) كتاب (ذكرأسماء من تكلم فيه من الرواة وهو موثق) للذهبي ص(137).ت :محمد أمرير المياديني ـ مكتبة المنار .
([75]) ـ كتاب منهج السلف الصالح ص(72).
([76]) ـ راجع الْمُتَّفِقُ وَالْمُفْتَرِقُ (دِرَاسَةٌ نَظَرِيَّةٌ وَتَطْبِيقِيَّةٌ) – د.يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ الشِّهْرِيُّ. مجلّة الجامعة الإسلاميّة - العدد 144.
([77]) ـ انظرتهذيب الكمال (1/ 343 ) و تاريخ بغداد( 4/195).
([78]) ـ انظر هدي الساري ص386.
([79]) ـ انظر تهذيب الكمال (1/347)
([80]) ـ ما بين المعقوفين، ممّا استعذبته قديماً ، وجرى القلم بتقييده في بعض الأوراق ، وقد فاتني توثيقه ، وأغلب الظن أنّه من كلام أبي فهر محمود شاكر رحمه الله .
([81]) ـ العبارات المميّزة باللّون المغاير ، مقتبسة من دعاوى الحلبي فتنبّه.
([82]) ـ صدق اللهجة للشيخ محمد الخضر حسين (رسائل الإصلاح 2/ 95 ـ 105 ).
([83]) ـ «مُصْطَلَحَاتُ الأَئِمَّةِ الخَاصّة».لإبراهيم بن عبدالله بن عبدالرحمن المديهش.
([84]) .يتبع ـ إن شاء الله ـ بالحلقة الثانية : ـ أحسن الله عزاءنا فيكم يا بديع الدين! ومعه :ـ القول المحرّر في مسألة الجرح المفسّر.
وبالحلقة الثالثة : ـ عليُّ بن حسن ...ومفارقات الظن السيّئ والظن الحسن!
فأسأل الله التوفيق والسداد.


التعديل الأخير تم بواسطة أبو معاوية كمال الجزائري ; 31 May 2012 الساعة 12:40 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 22 May 2012, 11:25 PM
أبو معاذ محمد مرابط
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي الكريم كمال على مقالك السديد

وننتظر الحلقات الباقية
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 31 May 2012, 12:15 AM
أبو معاوية كمال الجزائري أبو معاوية كمال الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
الدولة: الجزائر(قادرية- ولاية البويرة)
المشاركات: 513
افتراضي

تمّت الحلقة الأولى بحمد الله. وأرجو ممّن وجد أخطاءً إملائيّة غير التي قمت بتصحيحها أن يدلّني عليها مشكوراً.
وبارك الله في من أهدى إلينا نصحاً وتوجيهاً.
والله الموفّق إلى ما يحبّه ويرضاه.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 31 May 2012, 04:37 PM
هشام بقالم هشام بقالم غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
الدولة: الجزائر-الدار البيضاء
المشاركات: 20
افتراضي

بارك الله فيك على البيان الشافي بالدليل الواضح و النقاش العلمي
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 05 Jun 2012, 06:18 PM
أبو معاوية كمال الجزائري أبو معاوية كمال الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
الدولة: الجزائر(قادرية- ولاية البويرة)
المشاركات: 513
افتراضي

وفيكم يارك الله أخي الفاضل هشام.
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, مميز, الحلبي, ردود

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013