منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 26 Jan 2010, 12:04 PM
لزهر سنيقرة لزهر سنيقرة غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 343
افتراضي تحذير الأنام من سب الملك العلام


الحمد لله العظيم المتعال، والصلاة والسلام على نبيه الذي دعا إليه بالأقوال والأفعال، وبعد:

فإن أهم المهمات وأعظم الواجبات، ما تنال به السعادة الدائمة والنعيم المقيم الذي لا فناء له ولا نفاد، وبفقده وزواله يحصل الشقاء الأبدي والعذاب السرمدي، ألا وهو الإيمان بالله، الذي أنزلت لأجله الكتب وأرسلت به الرسل، تدعو إليه وتجاهد عليه، وهو الذي تنال به أرفع المقامات وأفضلها في الأولى والآخرة، قال -جل جلاله-: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾ [الحديد: 19].

وقال -تعالى- : ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة 72].

والجزاء من جنس العمل، فلما كان تحقيق الإيمان، وشدة المحافظة على امتثال أمر الله واجتناب نهيه والمسارعة إلى كل ما يرضيه من تعظيمه كان الجزاء هو الفوز العظيم في جنات النعيم.

وإن من تعظيم الله عدم التقديم بين يديه ويدي رسوله، في كل شأن من شؤون حياتنا خاصة إذا تعلق الأمر بأصل من أصول ديننا، فكيف إذا تعلق بأصل الأصول كلها؛ فالمحافظة على هذا الإيمان باجتناب كل ما يشوهه أو يكدر صفاءه لهو من آكد الواجبات وأولى الأولويات.

وعلماؤنا قد حرَّروا المقال في هذا الباب وتعرضوا لبيان نواقضه، التي باجتنابها والبعد عنها صيانة للدين وتعظيم لرب العالمين.

ومن أهم هذه النواقض التعرضُ للذات الإلهية بالنقص أو الاستهزاء وعدم التعظيم.

ومن أخطر هذه النواقض و أقبحها وأشدِّها جُرما عند الله -تبارك وتعالى- سب الله وانتقاص قدره والحط من منزلته بالاستهزاء أو الشتم أو غيره، هذه المسألة التي ربما يستهين بها عامة الناس، بل حتى خاصتهم الذين لا يعتقدون في أصحاب هذا العمل الشنيع ما أجمع عليه علماء الأمة الكرام، حتى قال ابن حزم -رحمه الله- (المحلى:11/411): "وأما سبُّ الله -تعالى- فما على ظهر الأرض مسلم يخالف أنه كفر مجرد".

فهو إذا من أعظم المكفِّرات القولية التي تناقض أصل الإيمان، لأن الإيمان مبني على محبة الله وتعظيمه، والانقياد لجميع أوامره، والسب المبني على الإهانة والاستخفاف، ومحال أن يجتمع في القلب حبٌّ وانقياد، مع تنقص واستخفاف، فمتى تحقق أحدهما في القلب انتفى الآخر.

وقبل بيان حكم هذا الفعل وبيان أقوال أهل العلم فيه يجدر بنا أن نقدم ببيان معنى السَّب،فما هو معناه؟

معنى السب في اللغة هو الشتم (لسان العرب6/127) وكما في الحديث: ((سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر))(صحيح:3595) قيل هذا محمول على من سب أو قاتل مسلما.

قال الراغب الأصفهاني: "السب: الشتم الوجيع" (المفردات: 226)، وقال شيخ الإسلام (الصارم المسلول: 3/967): "فالسب إهانةٌ واستخفاف، والانقياد للأمر إكرامٌ وإعزاز، ومحال أن يهين القلب من قد انقاد له وخضع واستسلم، أو يستخف به، فإذا حصل في القلب استخفاف واستهانة، امتنع أن يكون فيه انقياد أو استسلام، فلا يكون فيه إيمان، وهذا هو بعينه كفر إبليس، فإنه سمع أمر الله له فلم يكذب رسولا، ولكن لم ينقد للأمر، ولم يخضع له، واستكبر عن الطاعة فصار كافرًا"

ولما كانت الطاعات من شعب الإيمان فإن المعاصي من شعب الكفر، لإن من الذنوب ذنوبا سميت كفرا، كما مر معنا في الحديث السابق ((سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)).

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض)) (خ، م من حديث ابن عمر).

وقوله: (( ثنتان في أمتي هما بهم كفر: الطعن في النسب والنياحة على الميت)) (م).

ومما لا شك فيه أن المقصود بالكفر هنا الكفر الأصغر، والتي مرتكبها لايكون بها كافرًا إلا بالاستحلال، فلا يُخرج صاحبها ومرتكبها عن دائرة الإيمان عند أهل السنة بمجرد الفعل، إلا أنه ثمة ذنوب عملية هي من الكفر الأكبر وهي لا تصدر إلا من شخص زال الإيمان من قلبه، مثل سب الله أو سب رسوله أو الاستهانة بالمصحف فهذه مرتكبها قد اقترف جرما عظيما، ووقع في ناقضة من نواقض الإيمان، يكفر بها كفراً عينيا يخرجه عن دائرة الإيمان، فهو كافر مرتد بالإجماع.

نص عليه ابن حزم كما سبق، وشيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال (الصارم:3/1017): " فصلٌ فيمن سب الله -تعالى-، فإن كان مسلما وجب قتله بالإجماع، لأنه بذلك كافر مرتد، وأسوأ من الكافر، فإن الكافر يعظم الرب، ويعتقد أن ما هو عليه من الدين الباطل ليس باستهزاء بالله".

وبيّن -رحمه الله- بيانا شافيا ووضح توضيحا جليا أن سب الله كفر، سواء كان الساب مستحلا لذلك، أو كان معتقدا حرمته*، حيث قال (الصارم: 3/955): " إن سب الله أو سب رسوله كفر ظاهرًا وباطنًا، وسواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرم أو كان مستحلا له، أو كان ذاهلا عن اعتقاده، هذا مذهب الفقهاء وسائر أهل السنة القائلين بأن الإيمان قول وعمل.

خلافا للمرجئة القائلين بأن الإيمان هو التصديق والعمل ليس من الإيمان، وطائفة منهم** إدّعت أن الإيمان هو قول اللسان فقط.

وبناءً على هذا الأصل الفاسد فإن الإيمان عندهم لا يتأثر بطاعة أو بمعصية، أي لا يزيد بالطاعة ولا ينقص بالمعصية، بل المكفرات القولية والعملية لا تخرجه عن الإسلام.

ومن هنا يتبين لنا الأثر السيئ لمن بنى اعتقاده على الأصول الفاسدة، فأصل ضلال هؤلاء مرده إلى:

1- اعتقادهم أن الإيمان كله لا يتبعض ولا يتجزأ إذا زال بعضه زال كله، فأساس شبهتهم أنهم لم يفرقوا بين ما هو شرط في أصل الإيمان كالإيمان بالرسول -صلى الله عليه وسلم- وتصديقه وإتباعه، مع توحيد الله -تعالى-، فإنه لا يكفي أحد هذين الأصلين عن الآخر، وبين ما يكون شرطا في أصل الإيمان فلا يقتضي تخلفه وتأخره عدم وجودها بالكلية، كالمرتكب لبعض الكبائر فإن إيمانه ينقص، لكنه لا يذهب بالكلية إلا بالكفر.

وأحسن ما يمثل به علماؤنا في هذا الباب بيانا لهذه المسالة دحضا لتلك الشبهة، أن الإيمان كالشجرة حيث يقطع بعض أغصانها أو يُجنى شيء من ثمارها، فإنها تبقى شجرة وإن نقص بعضها، وقد ضربها الله مثلا كالكلمة الطيبة كلمة التوحيد فقال: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾ [إبراهيم 24].

2- قولهم إنه لا يجتمع عند الإنسان طاعة ومعصية، وإيمان وكفر أصغر، وإسلام ونفاق عملي.

رد شيخ الإسلام على هذه الشبهة بقوله (الإيمان: 387): "ومن العجيب أن الأصل الذي أوقعهم في هذا، اعتقادهم أنه لا يجتمع في الإنسان بعض الإيمان وبعض الكفر، واعتقدوا أن هذا متفق عليه بين المسلمين كما ذكر ذلك أبو الحسن[1] وغيره، فلأجل اعتقادهم في هذا الإجماع وقعوا فيما هو مخالف للإجماع الحقيقي، إجماع السلف الذي ذكره غير واحد من الأئمة بل وصرح غير واحد منهم بكفر من قال بقول جهم في الإيمان.

وقد اتفق الخوارج مع المرجئة في أصل هذه الشبهة –أن الإيمان لا يتبعض- لكنهم طرفي نقيض في هذه المسألة، فالخوارج كفروا بالكبيرة والمرجئة أحجموا عن تكفير من دلت النصوص على كفره.

والذي عليه أئمة هذه الملة الأعلام أن هذه المكفرات ردة عن الإسلام، ومن هذا القبيل سب الدين، أو سب الله أو رسوله، فمن فعلها حُكم عليه بالردة، وقد قال بذلك مالك والشافعي وأحمد والليث وإسحاق مستندين إلى قوله -جل جلاله-: ﴿وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْر[2] [التوبة 12]، والسب لا شك أنه نوع من أنواع الطعن والاستخفاف يكون كفرًا عن الإسلام.

قال القرطبي (10/122): "والطعن هو أن ينسب إليه ما لا يليق به، أو يعترض بالاستخفاف على ما هو من الدين"

كما أنهم استدلوا بهذه الآية على وجوب قتل من طعن في الدين لردته وكفره، بل إن السب قدرٌ زادٌ على مجرد الكفر، بل هو أعظم عند الله من الشرك.

قال شيخ الإسلام رحمه الله (الصارم 3/1025): "وأما الساب فإنه مظهر للتنقص والاستخفاف والاستهانة بالله، منتهك لحرمته انتهاكا يعلم من نفسه أنه منتهك مستخف مستهزئ، ويعلم من نفسه أنه قد قال عظيما، وأن السماوات والأرض تكاد تتفطر من مقالته، وتخر الجبال، وأن ذلك أعظم من كل كفر... ومما يبين أن السب قدر زاد على الكفر، قوله -تعالى-: ﴿ وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الأنعام 108] ومن المعلوم أنهم كانوا مشركين مكذبين معاندين لرسوله، ثم نُهي المسلمون أن يفعلوا ما يكون ذريعة إلى سبهم لله، فعُلم أن سب الله أعظم عنده من أن يشرك به" اهـ.

وقال أيضا (الصارم 3/1034): "وقد نهى الله المسلمين أن يسبُّوا الأوثان، لئلا يسب المشركون الله -سبحانه- مع كونهم لم يزالوا على الشرك، فعلم أن محذور سبّ الله أغلظ من محذور الكفر به، فلا يجعل حكمهما واحدًا.

وممن نقل الإجماع في المسألة إضافة إلى ابن حزم وابن تيمية -رحمهما الله-، إسحاق بن راهويه، والقاضي عياض، وابن عبد البر....

وقد استندوا في إجماعهم نصوص من كتاب الله منها:

قوله -تعالى- : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾ [الأحزاب 57].قال القاضي عياض -رحمه الله-: اللعن إنما يستوجبه من هو كافر، وحكم الكافر القتل.

واستُدل بالآية كذلك على أنه توعد على ذلك، بالعذاب المهين، ولم يجئ إعداد العذاب المهين في القرآن إلا في حق الكفار.

واستدلوا كذلك بقوله -تبارك وتعالى-: ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ﴾ [ التوبة 64-66].

قال شيخ الإسلام (الصارم 1/70): "وهذا نصً في أن الاستهزاء بالله وبآياته وبرسوله كفر، فالسب المقصود بطريق أولى.

قال هذا في حق من سب الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فما بالك بمن يسبُّ رب العزة، لا ريب أن ذلك أشد وأشنع وأعظم.

والعجب من بعض المنتسبين للعلم محاولتهم تقرير عقيدة مخالفة لمعتقد السلف في هذا الباب، زاعمين أنها عقيدة السلف، كمن يعتذر لمن كفر بسب الله أو دينه أن سوء تربيته مانع من تكفيره، وأن الرجل لا يكفر إلا إذا قصد الكفر، وهذا لم يقل به علماؤنا ولا قرروه، فأهل السنة والجماعة تميزوا بالوسطية والاعتدال في كل شيء، وخاصة في مسائل الاعتقاد، فهم لا يكفرون بارتكاب الكبيرة، ولا يتأخرون في اعتقاد كفر من وقع عليه الكفر[3].

وبعد هذا البيان المختصر لهذه المسألة المهمة المتعلقة بأصل الدين، وحتى لا يحمل الكلام على غير المحمل الصحيح، فيستغله أصحاب الشبهات والأهواء المضلة، أود أن أنبه على مسائل منها:

1- أن الواجب على الدعاة إلى الله -تعالى- أن يجتهدوا في بيان الحق للناس ودعوتهم إلى تحقيق التوحيد المنافي للشرك، وأن يحذروا الناس من مساوئ الشرك بكل أنواعه، ويبينوا لهم عظم وخطورة ما ينافي إيمانهم ويناقضه من أنواع هذه النواقض والمكفرات.

2- أن يسعى ولاة أمور المسلمين، وأولياء أبنائهم إلى ترسيخ الاعتقاد الصحيح في قلوبهم، من خلال التربية والتعليم على وفق المنهج الإسلامي الأصيل الذي يصون الأمة من المهالك ويحفظ لها دينها وعقيدتها، التي بصحتها وإصلاحها صلاح لحال الأمة كلها، في سائر شؤونها، وإلا ما الذي يدفع طوائف من الأمة تستبيح دماء بعضها، وتسعى في الأرض فسادًا لولا فساد معتقدهم.

3- أن معرفة مثل هذه الأحكام بيان لعظمة الله -جل وعلا- وحثًا على تعظيمه بما يستحقه، إذ التعظيم والإجلال تابع لمعرفته.

قال ابن القيم (المدارج: 2/495) عند منزلة التعظيم: "هذه المنزلة تابعة للمعرفة، فعلى قدر المعرفة يكون تعظيم الرب تعالى في القلب، وأعرف الناس به: أشدهم له تعظيما وإجلالا، وقد ذم الله -تعالى- من لم يعظمه حق عظمته، ولا عرفه حق معرفته، ولا وصفه حق صفته، قال -تعالى-: ﴿ مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ﴾، قال ابن عباس ومجاهد: لا ترجون لله عظمة، وقال سعيد بن جبير: ما لكم لا تعظمون الله حق عظمته.

وروح العبادة هو الإجلال والمحبة، فإذا تخلى أحدهما عن الآخر فسدت، فإذا اقترن بهذين الثناء على المحبوب المعظم، فذلك حقيقة الحمد".

وقد كان سلف هذه الأمة من شدة تعظيمهم لربهم -تبارك وتعالى- أنهم يعظمون ذكر اسمه -جل وعلا-.

قال عون بن عبد الله: ليعظِّم أحدكم ربه، أن يذكر اسمه في كل شيء، حتى يقول: أخزى الله الكلب، وفعل الله به كذا.

ويقول الخطابي: وكان بعض من أدركنا من مشايخنا قلَّ ما يذكر اسم الله -تعالى- إلا فيما يتصل بطاعة. (السير 18/63).

فمتى تتربى الأمة على مثل هذا التعظيم؟ لاشك أن تحقيقه منوط بقيام سوق الدعوة إلى الله -جل وعلا- على الهدي القويم والصراط المستقيم الذي سار عليه سلف هذه الأمة الكرام.


-------------------
*- خلافا لمن يدعي خلاف هذا ثم ينسبه إلى معتقد أهل السنة والجماعة متجاهلا، بل جاهلا أن الأئمة الأعلام أجمعوا عليه.
**- هو قول ابن كرَّام (255 هـ)
[1] - أبو الحسن الأشعري الذي تنسب إليه العقيدة الأشعرية.
[2] - راجع أحكام القرآن لابن العربي (2/893)، والقرطبي عند قوله تعالى : ﴿ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ
[3] - وأغرب ما سمعت في هذا الباب، قول من لا يرى كفر المتنصّر الذي ترك الإسلام واعتنق المسيحية بحجة عدم صدور حكم قضائي فيه.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 26 Jan 2010, 12:38 PM
أبو أحمد ضياء التبسي أبو أحمد ضياء التبسي غير متواجد حالياً
.:. أصلحه الله .:.
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
المشاركات: 325
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو أحمد ضياء التبسي
افتراضي

جَزَاكُمُ اللهُ خيراً شيخنا وأطالَ اللهُ بقاءكُم على طاعته.
موضوعٌ في الصَّميم
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 26 Jan 2010, 12:44 PM
أبو إبراهيم خليل الجزائري أبو إبراهيم خليل الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 379
افتراضي


بارك الله فيك يا شيخنا المفضال
و جزاك الله عنّا كلّ خير
و نفع بعلمك البلاد و العباد
و أحبّك في الله
ابنكم
أبو إبراهيم
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 26 Jan 2010, 12:51 PM
أبو تميم يوسف الخميسي أبو تميم يوسف الخميسي غير متواجد حالياً
مـشـرف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
الدولة: دولــة قـطـر
المشاركات: 1,623
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو تميم يوسف الخميسي إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو تميم يوسف الخميسي
افتراضي

بارك الله فيك يا شيخ
و جزاك الله عنّا كلّ خير
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 26 Jan 2010, 02:35 PM
أبو معاذ محمد مرابط
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

حفظك الله يا شيخنا الكريم على ما رقمت يمينك

و جزاك الله خير الجزاء
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 27 Jan 2010, 01:42 PM
أبو نعيم إحسان أبو نعيم إحسان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 1,898
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو نعيم إحسان
افتراضي

بارك الله فيكم و أحسن إليكم

فعلاً هذه مصيبة كبيرة في بلدنا !

يوميا نسمع من يسب الله -عزّ شأنه- و بعبارات كأن السابين يتنافسون في إيجاد أقبحها و العياذ بالله ، إبرازا منهم لعضلاتهم و "جنونهم" كما يحلو لهم أن يقولوا

لكن تمة بعض الأسئلة التي لا بد أن تُطرح و هي تُعبّر عما نجده في أنفسنا حين نسمع أحدا يسب الله -سبحانه و تعالى- :

1- أيكفر بعينه من يسب الله -تعالى- أم لا بد من إقامة الحجة كما يدعيه بعضهم ؟
2- أيكفر من سب الله في حالة الغضب و هو في درجة الإغلاق منه ، خاصة إذا لم يذكر أنه سب و أنكر ذلك ، أم قال عقب سبه " أستغفر الله !" ؟
3- ما هي نصيحتكم لنا في كيفية الإنكار عليهم سواء أكانوا أجانب علينا أم من الأقارب ؟

بارك الله فيكم و أحسن إليكم
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 27 Jan 2010, 02:41 PM
معبدندير معبدندير غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
الدولة: الجزائر العاصمة الولاية
المشاركات: 2,034
إرسال رسالة عبر MSN إلى معبدندير إرسال رسالة عبر Skype إلى معبدندير
افتراضي

جَزَاكُمُ اللهُ خيراً
حتى في درس البارحة في شرح صحيح البخاري رد الشيخ لزهر حفظه الله على اللذين يسبون الله
و قال انه اجمع العلماء على كفر من سب الله
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 27 Jan 2010, 03:29 PM
حاتم خضراوي حاتم خضراوي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2007
الدولة: بومرداس
المشاركات: 1,115
إرسال رسالة عبر Skype إلى حاتم خضراوي
افتراضي

جزاك الله خيرا شيخنا أبا عبد الله.


مقال استفدنا منه كثيرا..
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 27 Jan 2010, 11:56 PM
رفيق أبو مصعب رفيق أبو مصعب غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: الجزائر
المشاركات: 260
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى رفيق أبو مصعب إرسال رسالة عبر Skype إلى رفيق أبو مصعب
افتراضي

بارك الله فيك شيخنا علي هذا الجهد



أرجو من فضيلتكم أن توضحوا لنا مسألة الثياب التي عليها صورة صليب خاصة الرياضية منها.

وبعض المفتونين بالغرب يتباهى بلبسها، كما قال أحدهم ( لقد إشتريت هذا القميس بما يقارب 6000 دينار جزائري -يقصد القميص الرياضي- كان يرتديه

هل لهم حكم من سب الله كما روى الإمام البخاري عليه رحمة الله عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه:( كذبني إبن آدم و لم يكن له ذليك، و شتمني و لم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني، و ليس أول الخلق بأهون علي من إعادته، و أما شتمه إياي فقوله: إتخذ الله ولدا و أنا الأحد الصمد لم ألد و لم أولد وام يكن لي كفوا أحد)

أفيدونا بارك الله فيكم
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 28 Jan 2010, 12:01 PM
هشام بن حسن هشام بن حسن غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: الجزائر العاصمة
المشاركات: 270
إرسال رسالة عبر MSN إلى هشام بن حسن إرسال رسالة عبر Skype إلى هشام بن حسن
افتراضي

جزى الله الشيخ لزهر ـ وفقه الله ـ خير الجزاء ، فإن هذا هو الحق في المسألة بلا شك ولا ريب ، وقد أعجبتني كلمة سمعتها قديما من الشيخ ربيع في سؤالات لبعض الجزائريين ، حينما سأله هل أكفره عينا ، قال كلاما ما معناه : وهل أكفر غيره إذن !!

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 28 Jan 2010, 10:27 PM
أبو الحارث وليد الجزائري أبو الحارث وليد الجزائري غير متواجد حالياً
وفقه الله وغفر له
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: الجزائر
المشاركات: 473
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو الحارث وليد الجزائري
افتراضي

جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل

وهذا البلاء مما عم في بلادنا
نسأل الله السلامة و العافية
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 29 Jan 2010, 05:52 PM
سفيان بن عثمان سفيان بن عثمان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: دلس حرسها الله.
المشاركات: 362
افتراضي

وقال أيضا (الصارم 3/1034): "وقد نهى الله المسلمين أن يسبُّوا الأوثان، لئلا يسب المشركون الله -سبحانه- مع كونهم لم يزالوا على الشرك، فعلم أن محذور سبّ الله أغلظ من محذور الكفر به، فلا يجعل حكمهما واحدًا.وممن نقل الإجماع في المسألة إضافة إلى ابن حزم وابن تيمية -رحمهما الله-، إسحاق بن راهويه، والقاضي عياض، وابن عبد البر....

نسأل الله تبارك وتعالى أن يعافينا من الوقوع في هذا الجرم العظيم,كما نسأله جل وعلا أن يحفظ شيخنا الفاضل وأن يجعل ما سطرت يمينه في ميزان الحسنات.
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 09 Mar 2010, 05:29 PM
أبو أحمد ضياء التبسي أبو أحمد ضياء التبسي غير متواجد حالياً
.:. أصلحه الله .:.
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
المشاركات: 325
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو أحمد ضياء التبسي
افتراضي

يرفع
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 24 Sep 2010, 12:15 PM
أبو عبد الله مزيان المشدالي أبو عبد الله مزيان المشدالي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
الدولة: الجزائر
المشاركات: 41
افتراضي

بَارك الله فيك شيخنا الكريم
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 24 Sep 2010, 10:09 PM
هشام بن حسن هشام بن حسن غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: الجزائر العاصمة
المشاركات: 270
إرسال رسالة عبر MSN إلى هشام بن حسن إرسال رسالة عبر Skype إلى هشام بن حسن
افتراضي فتوى مؤيدة لشيخنا أبي عبد المعز

أضع بين أيديكم فتوى شيخنا ووالدنا أبي عبد المعز ـ حفظه الله ـ ، وهي موجودة في موقعه بقسم الفتاوى ـ فتاوى العقيدة والتوحيد ـ رقم 625 .

السـؤال:

نحن جماعةٌ من طلبة العلم، نسأل عن أمر عظيم يكثر فيه الجدال عندنا، ألا وهو مسألة سبّ الله عزّ وجلّ -والعياذ بالله- وقبل السؤال نطرح عليكم هذه المقدّمة:

هذا الجرم العظيم منتشرٌ عندنا بكثرة منذ زمن بعيد حيث شبّ عليه الصغير، وشاب عليه الكبير، وهَرِمَ عليه الشيخ -إلاّ من رحم ربي- فعموم الناس إذا ما وقع بينهم شجار يتلفّظون بألفاظ فيها سبّ لله بل منها ما هو أشدّ من سبّ الله عزّ وجلّ حتى ممّن هم مواظبون على الصلاة, وإذا سكن عنهم الغضب وسئلوا صرحوا بأنهم نادمون عمَّا قالوا، وأنهم ما كانوا يقصدون سبّ الله عزّ وجلّ، ولكنهم تربّوا على هذه الألفاظ منذ الصغر.

فنرجو منكم تفصيلاً شافيًا عن حكم سبّ الله عزّ وجلّ, وعن حكم هؤلاء الناس الذين يقولون: لم نكن نقصد سبّ الله عزّ وجلّ. وبارك الله فيكم.

الجـواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:

فالسبُّ شتمٌ، وهو كلّ قبيح يستلزم الإهانةَ ويقتضي النَّقص، وضابطُهُ العُرْفُ، فما عَدَّه أهلُ العرف سَبًّا وانتقاصًا أو عيبًا أو طَعْنًا ونحو ذلك فهو من السَّبِّ، وحُكم ساب الله تعالى طوعًا من غير كره كافرٌ مرتدٌّ قولاً واحدًا لأهل العلم لا اختلاف فيه، سواء كان جادًَّا أو مازحًا، وهو من أقبح المكفرات القولية التي تناقض الإيمان، ويكفر ظاهرًا وباطنًا عند أهل السُّنَّة القائلين بأنّ الإيمان قول وعمل، وقد نقل ابن عبد البر المالكي في «التمهيد» عن إسحاق بن راهويه قولَه: «قد أجمع العلماءُ على أنَّ مَنْ سَبَّ اللهَ عزّ وجلَّ، أو سبَّ رسولَه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم، أو دَفَعَ شيئًا أنزله اللهُ، أو قتل نبيًّا من أنبياء اللهِ، وهو مع ذلك مُقِرٌّ بما أنزل اللهُ أنه كافر»(١- «التمهيد» لابن عبد البر: (4/226)).

وقال القاضي عياض المالكي: «لا خلاف أنّ سابّ الله تعالى من المسلمين كافر حلال الدم، واختلفوا في استتابته»(٢- «الشفا» للقاضي عياض: (2/229))، وقال ابن قدامة المقدسي الحنبلي: «ومَنْ سبَّ اللهَ تعالى كَفَرَ سواء كان مازحًا أو جادًّا»(٣- «المغني» لابن قدامة: (10/103))، ومثله عن ابن تيمية قال: «إنّ من سبَّ الله أو سبَّ رسولَه كفر ظاهرًا وباطنًا، سواء كان السابُّ يعتقد أنّ ذلك محرّمٌ أو كان مستحلاًّ أو كان ذاهلاً عن اعتقاده، هذا مذهبُ الفقهاءِ وسائرِ أهلِ السُّنَّةِ القائلين بأنّ الإيمانَ قولٌ وعملٌ»(٤- «الصارم المسلول» لابن تيمية: (512)).

ذلك، لأنّ في سبِّ الله تنقيصًا لله تعالى، واستخفافًا واستهانة به سبحانه، وانتهاكًا وتمرّدًا على ربِّ العالمين، ينبعث من نفس شيطانية ممتلئة من الغضب، أو من سفيه لا وقار لله عنده، فحاله أسوأ من حال الكافر، إذ السابّ مظهر للتنقّص ومفرط في العداوة ومبالغ في المحاداة بينما الكافر يعظّم الربّ، ويعتقد أنّ ما هو عليه من الدِّين الباطل ليس استهزاءً بالله ولا مسبّة له، وهو -أيضًا- من جهة أخرى أسوأ حالاً من المستهزئ؛ لأنّ الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر بنصِّ قوله تعالى: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ، لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ﴾ [التوبة: 65-66]، وإذا كان الاستهزاء كفرًا فالسبُّ المقصود من بابٍ أولى، والآية دلّت على مساواة الجِدّ واللعب في إظهار كلمة الكفر، وضمن هذا المعنى يقول ابنُ العربي المالكي: «لا يخلو ما قالوه -أي: المنافقون- من ذلك جِدًّا أو هزلاً، وهو كيفما كان كُفر، فإنّ الهزل بالكفر كُفر لا خلاف فيه بين الأمّة، فإنّ التحقيقَ أخو العلم والحقّ، والهزلَ أخو الجهل والباطل»(٥- «أحكام القرآن» لابن العربي: (2/976)).

فالحاصل، أنّ أصل الدين مبني على تعظيم الله تعالى وإجلاله، وتعظيم دينه ورسله، فإذا كان الاستهزاء بشيء من ذلك يناقض هذا الأصلَ وينافيه، فإنّ السبّ يناقضه أشدّ المناقضة، بل يتضمّن قدرًا زائدًا على الكفر؛ لأنّ الله تعالى نهى المسلمين أن يسبُّوا الأوثانَ لئلاَّ يسبّ المشركون اللهَ تعالى وهم على شركهم وتكذيبهم وعداوتهم لرسوله، في قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ فَيَسُبُّواْ اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الأنعام: 108]، فتبيّن أنّ سبّ الله تعالى أعظم من الشرك به وتكذيبِ رسوله ومعاداته، قال ابن تيمية في «الصارم المسلول»: «ألا ترى أنّ قريشًا كانت تقارُّه عليه الصلاة والسلام على ما كان يقوله من التوحيد وعبادة الله وحده، ولا يقارونه على عيب آلهتهم والطعن في دينهم وذمّ آبائهم، وقد نهى الله المسلمين أن يسبُّوا الأوثان لئلاَّ يسبّ المشركون اللهَ مع كونهم لم يزالوا على الشرك، فعُلِم أنّ محذورَ سبِّ اللهِ أغلظُ من محذورِ الكفرِ به»(٦- «الصارم المسلول» لابن تيمية: (557)).

هذا، والمُخلِّص الوحيد الذي يمحو اللهُ تعالى به الكفرَ بعد ثُبوته هو توبة المذنِب، وذلك برجوع العبد إلى الله تعالى، ومفارقتِه لصراط المغضوب عليهم والضالِّين، واللهُ تعالى يقبل توبةَ العبدِ من جميع الذنوب: الشركِ فما دونه، لقوله تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: 53]، وقولِه تعالى: ﴿أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [المائدة: 74]، وقولِه تعالى: ﴿قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ﴾ [الأنفال: 38]، ومِن شَرْطِ التوبة أن يخلصَها لله تعالى، ويتحسّرَ على فعله، ويندمَ على ما اقترفه، وأن يُقْلِعَ عنه ولا يُصِرَّ عليه، ويعزمَ أن لا يعودَ إليه في المستقبل، وأن تكونَ توبتُه في زمنٍ تنفع فيه التوبةُ(٧- يفوت وقت قبول التوبة فلا تنفع التوبة فيها في ثلاث حالات: الأولى: إذا بلغت الروح الحلقوم وحضر الأجل لقوله تعالى: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّار﴾ [النساء: 18]، وقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِنَّ اللهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ العَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ». أخرجه الترمذي في «الدعوات»: (3537)، وابن حبان (628)، والحاكم (7659)، وأحمد (6372)، من حديث ابن عمر رضي الله عنه، وصححه أحمد شاكر في «تحقيقه لمسند أحمد»: (9/18)، وحسنه الألباني في «صحيح الجامع»: (6132). الثانية: إذا نزل العذاب، قال تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ، فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ﴾ [غافر: 84-85]. الثالثة: إذا طلعت الشمس من مغربها فلا تقبل فيها التوبة، لقوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا﴾ [الأنعام: 158]، وفي الحديث: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَى تَطْلٌعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ وَذَلِكَ حِينَ لاَ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا. ثم قرأ الآية»، أخرجه البخاري في «التفسير»: (4360)، ومسلم في «الإيمان»: (396)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ).

- أمّا إذا سبَّ اللهَ تعالى وهو مغلَقٌ على قلبه كمن تكلّم بكلمة الكفر وهو على غضبٍ شديد لا يدري ما يقول ولا يَعِي، وإذا ذُكِّرَ لا يتذكّر ولا يستحضره، أو صدرت منه كلمة الكفر وهو في حالة جنون أو إغماء أو غيبوبة أو نطق بها خطأ لم يقصدها فإنّ ذلك مانعٌ من تكفير المعيّن بسببها لفساد قلبه؛ لأنّ جميع الأقوال والتصرّفات مشروطة بوجود التمييز والعقل، فمن لا تمييز له ولا عقل ليس لكلامه في الشرع اعتبار كما قال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «أَلاَ وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ أَلاَ وَهِيَ القَلْبُ»(٨- أخرجه البخاري في «الإيمان» (52)، ومسلم في «المساقاة» (4178)، وأبو داود في «البيوع» (3330)، والترمذي في «البيوع» (1205)، وابن ماجه في «الفتن» (3984)، والدارمي (2436)، وأحمد (17970)، من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه)، ولقَوْلِ الرجل من شدّة الفرح: «اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي، وأَنَا رَبُّكَ» فقال النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الفَرَحِ»(٩- أخرجه مسلم في «التوبة»: (6960)، من حديث أنس رضي الله عنه)، فإنّ هذا حصل له الكلام من غير قصدٍ منه ولا إرادةٍ، فهو غيرُ مؤاخَذ عليه، لقوله تعالى: ﴿لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ﴾ [المائدة: 89]، وقولِه تعالى: ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ [الأحزاب: 5].

فمن هنا يتقرّر أنّ مَنْ وَقَعَ في الكفر فلا يلزم وقوع الكُفرِ عليه لوجود مانعِ إلحاقِ الكفرِ به ابتداءً، بخلاف من وقع الكفر عليه لانتفاء المانع، فإنّ التوبة تمنع إطلاق الكفر عليه بعد رجوعه عنه.

والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.



الجزائر في: 22 محرم 1428ﻫ
الموافق ﻟ: 10فبراير 2007م



١- «التمهيد» لابن عبد البر: (4/226).

۲- «الشفا» للقاضي عياض: (2/229).

٣- «المغني» لابن قدامة: (10/103).

٤- «الصارم المسلول» لابن تيمية: (512).

٥- «أحكام القرآن» لابن العربي: (2/976).

٦- «الصارم المسلول» لابن تيمية: (557).

٧- يفوت وقت قبول التوبة فلا تنفع التوبة فيها في ثلاث حالات:

الأولى: إذا بلغت الروح الحلقوم وحضر الأجل لقوله تعالى: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّار﴾ [النساء: 18]، وقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِنَّ اللهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ العَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ». أخرجه الترمذي في «الدعوات»: (3537)، وابن حبان (628)، والحاكم (7659)، وأحمد (6372)، من حديث ابن عمر رضي الله عنه، وصححه أحمد شاكر في «تحقيقه لمسند أحمد»: (9/18)، وحسنه الألباني في «صحيح الجامع»: (6132).

الثانية: إذا نزل العذاب، قال تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ، فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ﴾ [غافر: 84-85].

الثالثة: إذا طلعت الشمس من مغربها فلا تقبل فيها التوبة، لقوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا﴾ [الأنعام: 158]، وفي الحديث: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَى تَطْلٌعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ وَذَلِكَ حِينَ لاَ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا. ثم قرأ الآية»، أخرجه البخاري في «التفسير»: (4360)، ومسلم في «الإيمان»: (396)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

۸- أخرجه البخاري في «الإيمان» (52)، ومسلم في «المساقاة» (4178)، وأبو داود في «البيوع» (3330)، والترمذي في «البيوع» (1205)، وابن ماجه في «الفتن» (3984)، والدارمي (2436)، وأحمد (17970)، من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه.

٩- أخرجه مسلم في «التوبة»: (6960)، من حديث أنس رضي الله عنه.
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
نواقض الدين, سنيقرة, فقه

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013