منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08 Dec 2007, 03:56 PM
سفيان الجزائرى
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي سلسلة ألا من عودة إلى أدب السلف؟! للشيخ الفاضل أبو عبد الأعلى خالد بن محمد بن عثمان المصرى

بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة " ألا من عودة إلى أدب السلف؟! " الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن اتبع هداه، أما بعد، فهذا المقال هو استهلال سلسلة تربوية شعرت أن المسلمين خاصة الشباب في أمس الحاجة إليها في هذا الواقع الأليم الذي كثر فيه الخبث، وصارت الدعاوى أبناءها أدعياء إلا من رحم الله؛ فكان عنوان هذه السلسلة: "ألا من عودة إلى أدب السلف؟!". فأقول: إن المسلمين في مسيس الحاجة إلى أن يعودوا إلى ما كان عليه سلفهم الصالح اعتقادًا وعملاً وخلقًا خاصة في هذه الأيام التي استخف فيها الكافرون بأمتنا، وبلغوا المرام الدنيوي فكانت كلمتهم هي المسموعة شرقًا وغربًا، وما هذا إلا لضعف فينا ليس لقوة فيهم فحسب. فما بال المسلمون قد حزنوا لما أصاب نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم من سبٍّ واستهزاء قبيح، ولم يحزنوا على أنفسهم إذ باتوا وأصبحوا وهم في أودية بعيدة عن الآداب السامية والأخلاق العالية التي سنَّها رسول الهدى صلى الله عليه وآله وسلم.
وأخص القول بمن ادعى بلسان مقاله اعتزازه بالسلف الصالح الذين حملوا إلينا هذه الآداب والأخلاق، وضربوا المثل الأعلى في الالتزام بها؛ فكيف نكون أدعياء أو نسلك سبيل ذي الوجهين، وقد أكرمنا الله عز وجل بهذا السمو؟!!
فقد قذفت إلينا أرحام السنوات القريبة ببنين لهذه الدعوة المباركة دعوة السلف الصالح قد ولدوا في آتون الفتن الهيجاء، فشبوا على القيل والقال وسوء المقال من جاهل أو صاحب هوى، وفتحوا آذانهم لسقط الأقوال، وأصموها أمام أحاسنها التي صدع بها الربانيون من حملة العلم؛ فكانت النتيجة الحتمية أن غلب على بعضهم سوء الظن ببعض العلماء الكبار أو بمن دونهم من طلبة العلم، وشُغِلوا بسفاسف الأمور عن أعاليها، وخوت مجالسهم من العلم النافع، فصارت مجالس القيل والقال. وقد قال البخاري رحمه الله في كتاب الرقاق من صحيحه: (باب: حفظ اللسان وقول النبي e من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت وقوله تعالى: {وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}):حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا عمر بن علي سمع أبا حازم عن سهل بن سعد عن رسول الله قال: "من يضمن لي ما بين لحييه، وما بين رجليه أضمن له الجنة". وهذا من الأحاديث التي انفرد بها البخاري عن مسلم. وقال: حدثني عبد العزيز بن عبد الله حدثنا إبراهيم بن سعد عن بن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله e: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت،ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فلا يؤذ جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه". وأخرجه مسلم (47). وإن كثيرًا منَّا يمتلك كتاب "الأدب المفرد" للإمام البخاري رحمه الله، و"الشمائل المحمدية" للإمام الترمذي مع مختصره للألباني رحمهما الله، و"أخلاق العلماء" للآجري رحمه الله، ولكن القليل منا انقدح في ذهنه أن هذه الكتب قد تكون حجة عليه، ومن ثَمَّ القليل هو الذي قرأ هذه الكتب أو درسها لتكون منهجًا عمليًّا يلتزم بتعاليمه السامية. إخواني بارك الله فيكم إن صديقك مَنْ صدَقَك لا من صدَّقك، وكما قيل: استبقاك مَنْ عاتبك، وزهد فيك مَنْ استهان بسيئاتك، والعتاب للصديق كالسبك للسبيكة، فإمَّا تصفو، وإما تطيَّر(1)؛ فعلى كل واحد منا أن يقف وقفة صادقة مع نفسه ليرى مدى التزامه الفعلي بهذا المنهج السلفي في أخلاقه، ومعاملاته. فإن أبشع ما لمسته في الآونة الأخيرة من تبعات فتنة أبي الحسن ثم فتنة الحدادية: اتساع الخرق بسوء الظن المتبادل بين بعض الشباب السلفي الذين صاروا واجهة لهذه الدعوة المباركة أمام عامة المسلمين من البسطاء الذين لا يدركون كنه الأمور. وقد قال البخاري رحمه الله في كتاب الأدب من صحيحه: باب: {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا}: حدَّثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تناجشوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا". وأخرجه مسلم (2563). فما ينبغي على مسلم أن يسيء الظن بمسلم دون وجود بينة ظاهرة ظهور الشمس تستدعي سوء الظن مثل أن يكون ذاك المسلم معروفًا بدعوة بدعية أو بأخلاق ردية أو بهوًى ظاهر، ولذلك أعقب البخاري الباب السابق بباب: "ما يكون من الظن"، وقال: حدَّثنا سعيد بن عُفَير حدثنا اللَّيث عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أظن فلاناً وفلانًا يعرفان من ديننا شيئًا"، قال الليث: كانا رجلين من المنافقين. وقال ابن حبان في روضة العقلاء (ص127): "وأما الذي يستحب من سوء الظن فهو كمن بينه وبينه عداوة أو شحناء في دين أو دنيا، يخاف على نفسه مكره، فحينئذ يلزمه سوء الظن بمكائده ومكره لئلا يصادفه على غرَّة فيهلكه".
ومن سوء الصنيع المنافي للأدب السلفي أن يفتأت البعض من الشباب على علمائنا، ويصدر أحكامًا شاذة جائرة على طلبة علم سلفيين بناء على القيل والقال والظنون السيئة، ويطبق الحديث السابق عليهم بلا بينة، ويغض الطرف عن الحديث الأول الْمُحرم لسوء الظن والتجسس والتحسس والتباغض والتدابر.
وقال الشوكاني في فتح القدير (5/64): "الظن هنا هو مجرد التهمة التي لا سبب لها كمن يتهم غيره بشيء من الفواحش، ولم يظهر عليه ما يقتضي ذلك".
وبات من السهل أن يقذف هؤلاء إخوانهم بأمور مبنية على أوهام وإشاعات باطلة ليست لها مُستند شرعي صحيح، ويطعنون في نياتهم ومقاصدهم، فيقولون: إن فلان نيته كذا، ومقصده كذا بلا بينة بل بالتخرص؛ فثَمَّ سلفي لا يُعلَم من كتاباته ولا من مداخله ولا من مخارجه بدعة أو هوى ظاهر، إذ به يُقذف من قبَل ظنين
بأنه هو أول من أدخل فتنة أبي الحسن إلى البلد الفلانية، أو أنه هو سبب الوقيعة بين فلان وعلان من أهل العلم، أو...أو...إلخ هذه الترهات السمجة، بل وصل الحال بهذا الظنين أن يقسم بالله العظيم قسمًا مُغلَّظًا على صدق كلامه، وإذا طولب بالبينة ما وجدت إلا سرابًا من الظنون السيئة والتخرصات الواهية الخالية من مسالك العلماء الكبار، بل وجدت البينة في صف الطرف الآخر المجني عليه، والله المستعان. وقد قال ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن إن بعض الظن إثم}: "إن ظنَّ المؤمن بالمؤمن الشر لا الخير إثم، لأن الله قد نهاه، ففعل ما نهى الله عنه إثم، وقوله:{لا تجسسوا}، يقول: ولا يتتبع بعضكم عورة بعض، ولا يبحث عن سرائره يبتغي بذلك الظهور عن عيوبه، ولكن اقنعوا بما ظهر لكم من أمره، وبه فاحمدوا أو ذموا لا على ما تعلمونه من سرائره"، ثم ذكر –رحمه الله- بإسناد صحيح عن مجاهد أنه قال في تفسير الآية: "خذوا ما ظهر لكم، ودعوا ما ستر الله"، وبإسناد صحيح عن قتادة: "هل تدرون ما التجسس أو التجسيس؟ هو أن تتبع، أو تبتغي عيب أخيك لتطلع على سره".اهـ قلت: وآخرون قد استحلوا بلا ورع ولا تقوى الأعراض الشخصية لبعض إخوانهم بدون بينة علمية حيث إنهم لما أعوزتهم الحجة العلمية في جرح فلان من السلفيين فتشوا عن خلافات تتعلق بعرضه الشخصي كي يشفوا غليلهم النابع من التعصُّب لفلان أو علان، ولو كان هؤلاء على حق وهدى لسلكوا سبيل أئمة الجرح والتعديل في تقييم فلان أو علان تقييمًا علميًّا بعيدًا عن التعصُّب الذميم والأهواء الشخصية، وليأتسوا بإمام الجرح والتعديل في زماننا: العلامة ربيع بن هادي نفع الله به الأمة في ردوده التي ما لمسنا فيها أبدًا تحاملاً شخصيًّا أو خوضًا في أعراض وحرمات لا يجوز أن تشاع على الملأ، بل كانت ردوده حفظه الله ردودًا علمية مبنية على الحجة والبرهان من الكتاب والسنة في بيان المآخذ العقدية والمنهجية في كتابات وأقوال المردود عليه، مع عدم الالتفات إلى القيل والقال، والإشاعات الواهية التي تلوكها الألسنة بلا بينة، وصدق الثوري –رحمه الله- حينما قال: "لأن أرمي رجل بسهم أحبُّ إلي من أن أرميه بلساني لأن رمي اللسان لا يكاد يخطئ"(2). وقد سئل فضيلة الشيخ أحمد النجمي حفظه الله كما في الفتاوى الجلية (الجزء الثاني-ص176) السؤال التالي: "فضيلة الشيخ نلحظ من بعض الشباب الخوض في عقائد بعضهم البعض واتِّهامهم بغير علم، وهم الذين نحسبهم من أهل الخير نرجوا أن تقدموا نصيحة لمثل هؤلاء الشباب؟ فأجاب الشيخ سلمه الله قائلاً: "الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه؛ وبعد: الاتِّهام ينقسم إلى قسمين: 1- قسم لا يكون له مُستند يستند إليه، ويوجب ذلك الاتِّهام. 2- قسم آخر يستند إلى قرينة أو قرائن، فهذا لا يُلام من قاله؛ فمثلاً لو أن واحدًا ممن ينتمون إلى منهج أهل السنة والجماعة وطريقة السلف رؤي وهو يمشي مع الحزبيين أو يجالسهم ويضاحكهم، ونُصح فلم يقبل النصيحة، ففي هذه الحالة إذا اتهم بأنه حزبي، فالاتهام له مبرر، يُضاف إلى ذلك ما إذا كان هذا الرجل يدافع عن الحزبيين في كلامه؛ فإن القرينة تعظم وتتأيد ويتبين من خلالها قوة الاتهام، ومن ذلك ما قاله بعض السلف: من ستر علينا بدعته لم تخف علينا ألفته. أما إذا كان الاتهام لا مبرر له؛ لا بقرينة ولا بشيء صريح، فهذا هو القسم الثاني الذي يحرم على المتهِم فيه أن يتهم بغير قرينة، ويجب عليه أن يتقي الله عز وجل ويترك الكلام الذي يكون فيه تنقص للناس واتهام لهم بغير حق؛ لأن هذا لا يجوز؛ فالاستطالة في عرض أخيه بغير حق لا تجوز كما قلنا، وقد تقدَّم لنا أن الغيبة حرام. والغيبة: هي ما قصد به التنقص لأخيه؛ لكن إن قصد بالغيبة حماية للدين، وذبًّا عنه، فإن عرض المسلم يجوز من أجل هذا الغرض، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أتدرون ما الغيبة؟" قالوا: الله ورسوله أعلم؛ قال: "ذكرك أخاك بما يكره"، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: "إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته"، رواه مسلم. وقد تبين مما ذكر أن الفارق هو أن يكون المقصود بالكلام الذب عن الدين، والدفاع عنه".اهـ قلت: ومن يتتبع حال بعض الشباب مع العلماء الكبار ومن يسير على دربهم من طلبة العلم السلفيين يجد العجب العجاب سواء في مصر، أو في ليبيا، أو في الجزائر، أو في اليمن، أو في غيرها من بلاد الإسلام، فقد نخرت فتنة أبي الحسن مع الحدادية في أهل الدعوة السلفية، وحاولت النيل من حماهم، واختلطت الأمور على بعض المنتسبين الجدد لهذه الدعوة حيث دخل بعضهم البيت من غير بابه، وأصبحوا يهدرون ثمين أوقاتهم في ترهات فارغة تتعلق بأعراض العلماء وطلبة العلم، وقد أخبرني أحد الثقات من الجزائر بطرف من هذه المآسي هناك، والتي ترتب عليها أن استنزفت بعض جهود العلماء الكبار في كبح جماح هذه الفتن، في وقت تحتاج الأمة فيه إلى كل ذرة من هذه الجهود في دفع كيد أعدائها من الكفار والمنافقين وأهل الأهواء. وفي محاضرة لسماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله- بعنوان: "المنهج الصحيح في التعامل مع الشائعات والفتن"، قال حفظه الله: "...فالشائعات إذن لا محل لها بين مُجتمع المسلمين الصادق، دين الإسلام جاءنا بالعدل في أقوالنا كما أرشدنا إلى العدل في أفعالنا، فأرشدنا إلى العدل في أقوالنا، وحقيقة العدل في القول ألا نجور فيما نقول، ولا نظلم فيما نقول، وإنما نتحدث عن حقٍ واقعٍ، قال تعالى:{وإذا قلتم فاعدلوا} اعدلوا في الأقوال، كما مطلوب منكم العدل في الأفعال فاعدلوا في أقوالكم كما تعدلوا في أفعالكم لتكونوا مؤمنين حقًّا، فالشائعات في الغالب لا عدل فيها، هي شائعةٌ وأخبار مستقاةٌ من غير مصادرها متلقاةٌ من غير ثقاتها هدفها الضرر العام وليس هدفها المصلحة...".
وقال حفظه الله: "إن نبينا صلى الله عليه وسلم حذَّرنا من أن نشيع الأقوال بدون تروٍ فقال:"بئس مطية القوم زعم"، وقال: "كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع"، فمن حدَّث بكل ما سمع فإنه لا يخلو من كذب، وإن لم يكن هو في نفسه كاذبًا؛ لكن القول الذي نقله كذبٌ فينسب الكذب إليه من لا يدري عن حقيقة الأمر...". وقال أخيرًا حفظه الله: "وكثير من الناس يشيع عن الناس مقالاتٍ وحكايات هم برآء منها، ولكن ضعف الإيمان حملهم على ذلك وفي الحديث:"إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت"...".اهـ قلت: ووالله إني لأعرف الآن تكتلاً عندنا في مصر يظهر أصحابه السلفية(2)، قد وقع بعض شبابه ضحايا لتبعات الشائعات، والبعض ممَّن أعني ما هم إلا شببة صغار، ثم إذ بهم يبغي في طرفة عين يبغون المجابهة بلا أدب ولا علم مع الأكبر منهم سنًّا وعلمًا، وقد صار شغل هؤلاء الشباب في جلِّ مجالسهم: فلان يريد أن يسقط شيخنا، وأنه ما ذهب إلى الشيخ ربيع إلا من أجل أن يحصل منه على تبديع في شيخنا، وأنه خدع الشيخ ربيعًا، وهكذا تخرصات وظنون وأوهام نابعة من تعصب، وقد لبَّس الشيطان الأمر عليهم، فأوهمهم أنهم يدافعون عن السلفية في محيطهم، وهم في واقع الأمر يدافعون عن شيخهم الذين تعصَّبوا له بالباطل؛ وبَذْل هؤلاء الشببة نفيس أوقاتهم في تناقل هذه الإشاعات، يدل على أنهم قد حُرموا التوفيق من الله عز وجل، وإلا لكان تدارس العلم النافع، والدعوة إلى التوحيد والسنة، والتحذير من الفرق وأهل الأهواء هو شغلهم الشاغل الذي ينفقون فيه أعمارهم؛ فلما تكون بلادهم متخمة بالمشاهد الشركية، والفرق الحزبية، ثم هم مشغولون بهذه السفاسف التي ليس من ورائها مصلحة البتة دلَّ هذا على انحدار شديد، وعلى تسرب حزبية في ثوب جديد إلى هؤلاء، ليصدهم الشيطان عن الدعوة الصحيحة، فهل هم منتهون؟!! وليس موضع الإنكار أن يدافعوا عن الحق الذي يحمله شيخهم، حيث إن هذا الحق يحمله أيضًا العلماء الكبار، ولكن موضع الإنكار هو إغفال الباطل الذي يدعو إليه شيخهم، مع طعنهم الفاجر في أي سلفي يبين هذا الباطل. وانشغال هؤلاء بهذه السفاسف أمر غريب مريب، فلماذا لم يرجعوا إلى العلماء الكبار يستفتوهم فيما ألم بهم؟!! وكيف صارت أعراض السلفيين الشخصية لا العلمية فحسب فاكهة مجالسهم، ولكن الأمر كما قال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام (2/506): "رأي المقلدة لمذهب إمام يزعمون أن إمامهم هو الشريعة، بحيث يأنفون أن تنسب إلى أحد من العلماء فضيلة دون إمامهم، حتى إذا جاءهم من بلغ درجة الاجتهاد وتكلَّم في المسائل ولم يرتبط إلى إمامهم رمَوه بالنكير، وفوَّقوا إليه سهام النقد، وعدَّوه من الخارجين عن الجادة، والمفارقين للجماعة من غير استدلال منهم بدليل، بل بمجرد الاعتياد العامي. ولقد لقي بَقي بن مخلد حين دخل الأندلس آتيًا من المشرق من هذا الصنف الأَمَرَّيْن؛ حتى أصاروه مهجور الفناء، مهتضم الجانب لأنه من العلم بما لا يدي لهم به، إذ لقي بالمشرق الإمام أحمد بن حنبل، وأخذ عنه مصنَّفه وتفقه عليه، ولقي أيضًا غيره، حتى صنَّف المسند المصنَّف الذي لم يصنَّف في الإسلام مثله، وكان هؤلاء المقلدة قد صمَّموا على مذهب مالك؛ بحيث أنكروا ما عداه، وهذا تحكيم الرجال على الحق، والغلو في محبة المذهب..."،إلخ ما قال رحمه الله. وجهل هؤلاء الشببة بحقيقة الأمور التي يخوضون فيها بأهوائهم بغير بينة، وجهلهم بحال من ينتمون إليه ويتعصبون له، يدل على أنهم بمنهج السلف أجهل، كما قال ابن درباس في "الذبّ عن الأشعري" (ق7) حكايةً عن عظيم من عظماء الجهمية المنتمين افتراء إلى أبي الحسن الأشعري حينما عُرضت عليه نُسخة صحيحة من كتاب "الإبانة": "فأنكرها وجحدها وقال: ما سمعنا بها قط، ولا هي من تصنيفه، واجتهد آخرًا في إعمال روية ليزيل الشبهة بفطنة، فقال بعد تحريك لحيته: لعله أيضًا لما كان حشويًّا، فما دريت من أي أمريه أعجب، من جهله بالكتاب مع شهرته وكثرة من ذكره في التصانيف من العلماء، أو من جهله بحال شيخه الذي يفتري عليه بانتمائه إليه، واشتهاره قبل توبته من الاعتزال بين الأمة عالمها وجاهلها، وشبهت أمره في ذلك بحكاية أنبأها الإمام أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي الحافظ رحمه الله قال: فإذا كانوا بحال مَن ينتمون إليه بهذه المثابة؛ فكيف يكونون بحال السلف الماضين وأئمة الدين من الصحابة والتابعين، وأعلام الفقهاء والمحدِّثين، وهم لا يلوون على كتبهم، ولا ينظرون في آثارهم، هم والله بذلك أجهل وأجهل...".اهـ وأقول: إن المفنِّد الصادق لدعاوى هؤلاء الشبَبَة يدرك أنها ليست نقدًا علميًّا إنما هي سخرية نابعة من حقد وحسد وتعصب وأهواء، ولله در العلامة محمود بن شاكر رحمه الله حينما قال في نقد أحد الكتَّاب كما في خاتمة كتابه "نمط صعب ونمط مخيف" (ص391): "فإن هذا الكاتب ذا الأربعة عشر كتابًا، اشتهى أن يجرب قلمه الذي كتب به هذا العدد من الكتب، في السخرية بي، وكان يسرني أن يجيد التجربة ولكنه أخفق، لأن السُّخرية من أشق ضروب الكتابة، وليس يُغني فيها أن يشتري المشتهي قلمًا بقرش، وورقًا بقرشين، فإذا هو كاتب ساخر! وإذا صلح هذا لمن يشتهي، في زماننا، أن يُعد كاتبًا أو مترجمًا، فإنه لا يصلح البتة لمن يريد أن يكون كاتبًا ساخرًا، ولكن وسوسة التشهي، وطول مضاجعة الأوهام، وقلة الورع من الخوض في "نقيض الصدق" تغلب المرء على مراشده، فتريه الصواب خطأ، والخطأ صوابًا، والهدى ضلالاً، والضلال هدى".اهـ وهم يتبعون مذهب: "عنزة وإن طارت"، فمهما تأتهم به من حجة على منافاة صنيعهم هذا للأدب السلفي، فهم لن يتوقفوا عن القيل والقال إلا أن يتحول شيخهم إلى الحق، فيتحولون معه، فهم يسيرون في فلكه لا في فلك الحق، ورُغم هذا فإنَّا نُحب لإخواننا هؤلاء من الخير ما نحبه لأنفسنا، وما بدَّعناهم ولا رميناهم بما رمَوْنا به. ولا يعني هذا السكوت عن خطأ المخطئ وإن كان سلفيًّا، ولكن المطلوب أن يتم بيان هذا الخطأ وفقًا للقواعد العلمية، وأن يكون هذا الخطأ المنتقَد خطأ علميًّا سواء كان عقديًّا أو منهجيًّا أو حديثيًّا أو فقهيًّا أو لُغويًّا، وأمَّا التَُرهات التي ضربنا بها المثال فيما سبق فلا تدخل تحت هذا التصنيف. وكذلك ينبغي أن يكون الناصح الذي وقف على هذا الخطأ معه الدليل العلمي الصحيح، أما التخطئة المبنية على التخمين والظن، لا تغني شيئًا، وعلى صاحبها أن يلجأ إلى أهل العلم قبل أن يتعجل الحكم، وليتدبروا ما قاله العلامة السعدي-رحمه الله- في "مجموع الفوائد" (ص37-40) (فائدة 27): "يعجبني ما وقع لبعض أهل العلم، وهو أنه كتب له آخر من أهل العلم والدين ينتقده انتقادًا شديدًا في بعض المسائل ، ويزعم أنه مخطيء فيها، حتى أنه قدح في قصده ونيته ، وقال مع ذلك أنه يدين الله ببغضه بناءً على ما توهم من خطئه ، فأجاب المكتوب له :
اعلم يا أخي أنك إذا تركت ما يجب عليك من المودة الدينية ، والأخوة الإسلامية، وسلكت ما يحرم عليك من اتهام أخيك بالقصد السيء على فرضأنه أخطأ ، وتجنبت الدعوة بالحكمة في مثل هذه الأمور ، فإني أخبرك قبلالشروع في جوابي لك عما انتقدته علي أني لا أترك ما يجب عليَّ من الإقامة على مودتك ، والاستمرار على محبتك المبنية على ما أعرفه من دينك انتصاراً لنفسي ، بلأزيد على ذلك بإقامة العذر لك بقدحك في أخيك ، أني أعرف أن الدافع لك على ذلك حسن قصد، لكن لم يصحبه علم يصححه ، و لا معرفة تبين مرتبته ، و لا ورع ورأي صحيح يوقف العبد عند حده الذي أوجبه الشرع عليه ، فلحسن قصدك المتمحض أو الممتزج بشيء آخر قد عفوتُ لك عما كان منك إلي من الاتهامبالقصد السيء ، فهب أن الصواب معك يقينًا ، فهل خطأ الإنسان عنوانٌ على سوء قصده ،فلو كان الأمر كذلك ، لتوجه رمي جميع علماء الأمة بالقصود السيئة ، فهل سلم أحد منالخطأ ؟! وهل هذا القول الذي تجرأت عليه إلا مخالف لما أجمع عليه المسلمون من أنه لا يحل رمي المسلم بالقصد السيء إذا أخطأ في مسألة علمية دينية، والله تعالى قد عفا عن خطأ المؤمنين (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) قال الله: "قد فعلت"، ثم نقول : هب أنه جاز للإنسان القدح في إرادة ما دلت القرائن والعلامات على قصده السيء ، فيحل القدحُ فيمن عندك من الأدلة والقرائن الكثيرة على بعده عن القصود السيئة ما لا يبرر لك أن تتوهم فيه شيئًا مما رميته به ، وإن الله أمر المؤمنين أن يظنوا بإخوانهم خيراً إذا قيل فيهم خلافُ ما يقتضيه الإيمان ، فقال تعالى: (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرًا). واعلم أن هذه المقدمة ليس الغرض منها مقابلتك بما قلت ، فإني قد ذكرت لك أني قد عفوت لك عن حقي إذا كان لي حق ، ولكن الغرض النصيحة ، وأن أعرفك موقع هذا الاتهام ومرتبته من العقل والدين والمروءة الإنسانية". وقال رحمه الله في الفائدة (28): "وقع رجل في رجل من أهل الدين، وجعل يعيبه ويعين بعض ما يعيبه به، فقال بعض الحاضرين له: أريد أن أسألك: هل أنت متيقن ما عبته فيه؟ ومن أي طريق أُخبرت به؟ ثم إذا كان الأمر الذي ذكرته يقينًا؛فهل يحل لك أن تعيبه أم لا؟ أما الأول: فإني أعرف أنك لم تجالس الرجل وربما أنك لم تجتمع به، وإنما بنيت كلامك على ما يقوله بعض الناس عنه، وهذا معلوم أنه لا يحل لك أن تبني على كلام الناس، وقد علم منهم الصادق والكاذب والمخبر عما رأى والمخبر عما سمع والكاذب الذي يخلق ما يقول؛ فاتضح أنه على كل هذه التقادير لا يحل لك القدح فيه. ثم ننتقل معك إلى المقام الثاني وهو: أنك متيقن أن فيه العيب الذي ذكرته، وقد وصل لك بطريق يقيني؛ فهل تكلمت معه ونصحته ونظرت هل له عذر أم لا؟ وهل يقبل النصيحة أم لا؟ فقال:لم أتكلم معه في هذا بالكلية. فقال له: هذا لايحل لك إنما يجب عليك إذا علمت من أخيك أمرًا معيبًا أن تنصحه بكل ما تقدر عليه فبل كل شيء، ثم إذا نصحته وأصر على العناد ؛ فانظر هل في عيبك له عند الناس مصلحة وردع؟ أم في ذلك خلاف ذلك؟ وعلى الأحوال كلِّها فأنت أظهرت في عيبك هذا له: الغيرة على الدين وإنكار المنكر، وأنت في الحقيقة الذي فعل المنكر، وما أكثر من يجري منه مثل هذه الأمور الضارة التي يحمل عليها ضعف البصيرة وقلة الورع! والله أعلم".اهـ(3) قلت: وثم طائفة أخرى من الشباب قد نَحت منحى الشدة الزائدة الغير منضبطة مع طائفة من أهل العلم ممن ينتمون إلى المنهج السلفي إلا أنهم قد يعتريهم ضعف في جانب التحذير من بعض أهل الأهواء المعاصرين بأسمائهم، وبعض هؤلاء من ذوي الأسنان والفضل، ومِمَّن له جهود علمية مشكورة في الذب عن أصول المنهج السلفي، إلا أنه قد ضعُف لسبب أو لآخر في التحذير من فلان أو علان، أو قد يكون رأى باجتهاده أن السكوت في حقه أولى أصاب أم أخطأ، لكن العلماء الكبار يعلمون كيف يناصحونه، حتى يعود إلى الحق، ويقوى عوده، أو يرجع عن خطئه في هذا السكوت؛ ومهما كان تدخل بعض الشباب في هذه المسائل الشائكة باجتهاداتهم الخاصة يحدث مفاسد، وإن كنا نعلم أنهم ما فعلوا ذلك إلا نصرة للحق، لكن كم من مريد للحق لا يصيبه؟!! وإن احترام كبير السن أدب شرعي ثبت في نصوص صحيحة، وعمل به السلف، فإذا تحايد الشباب هذا الأدب، فلا جرم أن يُساء الظن بهم، ويُقال في حقهم: أهؤلاء سلفيون؟ أهكذا كان أدب السلف؟! والمشكلة أن بعض الشباب لا يفرقون في التعامل بين المخاصم على بدعة، وبين السلفي المخطئ الذي لم يُبدع، فبلا شك أن المخاصم المبتدع لا كرامة له، ولا يوقر ولا يُحترم، مع توخي أمر المصلحة والمفسدة في مسألة إظهار الإنكار عليه من عدمه، ويجب مراعاة حال الناس حتى لا يتهم أصحاب الدعوة السلفية بالغلظة والتنفير.
أما السلفي خاصة الكبير في السن والعلم فإنه ينبغي أن يُراعى معه هذا الأدب الشرعي، بأن يُحترم ويوَّقر إذا نُصح ويُبَين له خطؤه برفق وحكمة، لا بغلظة وتنفير، ومخالفة هذا السمت يظهر هؤلاء الشباب بمظهر الحدادية، بل يفتح طريقًا مُمهدًا إلى منهج الحدادية.
وقد أخرج البخاري في صحيحه (باب: دفع السواك إلى الأكبر) معلَّقًا: قال عفان حدثنا صخر بن جويرية عن نافع عن بن عمر أن النبي e قال: "أراني أتسوك بسواك فجاءني رجلان أحدهما أكبر من الآخر"، فناولت السواك الأصغر منهما فقيل لي: كبِّر؛ فدفعته إلى الأكبر منهما. وصحَّح العلامة الألباني –رحمه الله- في السلسلة الصحيحة (2196) بمجموع الطرق حديث: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوِّقر كبيرنا". وأخرج ابن سعد في الطبقات (6/308) بإسناد صحيح عن مالك بن مغولعن طلحة قال: انتهيت أنا وهو إلى زقاق فتقدَّمني فيه ثم التفت إلي فقال: لو أعلم أنك أكبر مني بساعة -أو قال: بيوم- ما تقدمتك.(4) وطلحة هو ابن مصرف: من صغار التابعين وكان أقرأ أهل الكوفة، توفي سنة 112، ومالك بن مغول أحد أئمة أتباع التابعين م. 159. وأخرج الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" تحت باب: تعظيم المحدث وتبجيله (1/183) بإسناده إلىيوسف بن الماجشون عن محمد بن المنكدر قال: ما كنا ندعو الراوية إلا راوية الشعر، وكنا نقول للذي يروي الحديث والحكمة "عالم"، وإذا قال الطالب للمحدث في خطابه له: يا سيدي كان ذلك جائزًا.(5) قلت: هكذا يكون الأدب السلفي العالي في حفظ مكانة ذوي الأسنان، والأقران، والخلان. فعلى الشباب الذين خالطت السلفية شغاف قلوبهم أن يتعاهدوا هذه النبتة الغضة الطرية بتعلُّم حميد الأخلاق وسامي الآداب السلفية مع اعتنائهم بدراسة أصول العقيدة والمنهج، وأن لا يخوضوا غمار الاجتهاد في جمع ضلالات أهل الأهواء المعاصرين وإسقاط أحكام التبديع والتضليل عليهم، بله عن تتبع عثرات السلفيين الذين سبقوهم في السن والعلم، مكتفين باجتهاد أعلام هذا العلم الذين كفوهم مؤنة هذه المباحث الشاقة التي تحتاج إلى علم وحلم وحسن فهم لا تتوفر إلا للعالم الرباني الذي مارس صغار العلم وكباره، أما الشببة في السن والعلم فليس لهم الآن خوض هذه الغمار بغير عُدَّة ولا عتاد. وقد سئل العلامة أحمد النجمي –حفظه الله- كما في الفتاوى الجلية (الجزء الثاني-ص142): "هل لطالب العلم المبتدئ أن يَجرح ويعدل الرجال، ويبدع الناس دون الاستناد إلى قرينة؟ ج: "لا ينبغي لطالب العلم المبتدئ أن يجرح أو يبدع من قبل نفسه، ولكن يأخذ بقول أهل العلم المعتبرين، ولا بأس أن يحكي عن أحد العلماء إذا تأكد من قولهم في التجريح، وبالله التوفيق".اهـ وبلا شك، أصحاب البدع الكبرى لا يخفى أمرهم نحو الدعاة إلى الاستغاثة بغير الله، أو التوسل بالأموات، أو سب الصحابة، أو خلق القرآن، أو إنكار فوقية الله، أو تعطيل صفات الله تبارك وتعالى، أو ما شاكل ذلك؛ مِمَّا لا يخفى أمره على الطالب المبتدئ. ويُرجع إلى فتوى العلامة ربيع بن هادي حفظه الله في شأن إقامة الحجة في التبديع، لمعرفة تفصيل السلف في هذا الباب. وقد ذكر الآجري –رحمه الله- في "أخلاق العلماء" أخلاقًا حميدة ينبغي على كل منا أن يزن أحواله عليها ليرى مدى بُعده أو قربه من أدب السلف رحمهم الله، حيث قال رحمه الله عن العالم الرباني ومعاشرته لمن عاشره من سائر الخلق،: "لا يؤاخذ بالعثرات، ولا يشيع الذنوب عن غيره، ولا يقطع بالبلاغات، ولا يُفشي سر من عاداه، ولا ينتصر منه بغير حق، ويعفو ويصفح عنه، ذليل للحق، عزيز عن الباطل، كاظم للغيظ عمَّن أذاه، شديد البغض لمن عصى مولاه، يجيب السفيه بالصمت عنه، والعالم بالقبول منه، لا مُداهن، ولا مُشاحن، ولا مُختال، ولا حسود، ولا حقود، ولا سفيه، ولا جاف، ولا فظ، ولا غليظ، ولا طعَّان، ولا لعَّان، ولا مغتاب، ولا سبَّاب، يخالط من الإخوان مَنْ عاونه على طاعة ربه، ونهاه عمَّا يكره مولاه، ويُخالق بالجميل مَن لا يأمن شره إبقاء على دينه، سليم القلب للعباد من الغل والحسد، ويغلب على قلبه حسن بالمؤمنين في كل ما أمكن فيه العذر، لا يحب زوال النعم عن أحد من العباد، يُداري جهل من عامله برفقه، إذا تعجب من جهل غيره ذكر أن جهله أكثر، فيما بينه وبين ربه عز وجل لا يتوقع له بائقة، ولا يخاف منه غائلة، الناس منه في راحة ونفسه منه في جهد".اهـ إخواني بارك الله فيكم إن الأمة في أشد الحاجة إلى طليعة من الشباب الواعي يتصف بهذه الصفات الجليلة، ويحمل العلم عن عدوله، ليكون خير خلف لخير سلف؛ ففي السنوات القريبة فقدنا ثلة من أعلام العلماء، وعمَّا قريب تتحقق سُنة الله، ويلحق بهم من خلفهم من إخوانهم –حفظ الله الأحياء من علمائنا-؛ فمن يحمل هذه الدعوة المباركة بعدهم، والشباب قد زهدوا في طلب العلم، وانشغلوا بالقيل والقال؟! وكيف يستقيم الظل يومًا والعَوْد أعوج؟! وإني أسأل الله تبارك وتعالى أن تجد نصيحتي هذه آذانًا صاغية وقلوبًا واعية، وأن لا يكون ثقل النصيحة مانعًا من قبول الحق، فإنه من حكَّم الحق فما ظلم، ومن توخى الصدق لم يُلَم. وللحديث بقية – إن شاء الله-... وصلى اللهم على محمد وعلى آله وسلم. وكتب أبو عبد الأعلى خالد بن محمد بن عثمان ابتداء في ليلة السبت الرابع من صفر 1427 وانتهاء بعد المراجعة والتنقيح: ليلة الأربعاء 25 جمادى الأولى 1427 (1) انظر "الأخلاق ومداواة النفوس" لابن حزم: (فصل في الإخوان والصداقة والنصيحة). (2) وليس في السلفية كتل، حيث إن السلفية هي كتلة واحدة تجتمع على منهج السلف الأوائل الذي يجب على عامة المسلمين الالتزام به، ولكن الذي حدث أن هؤلاء الشببة صاروا يتكتلون على بعض الآراء الخاطئة، والتقعيدات الفاسدة، رُغم أنهم ما زالوا يظهرون في الجملة التعظيم للسلفية وعلمائها، وإن كانوا في بعض التطبيقات يخالفون هذا الظاهر، ومن ثَمَّ هم على أعتاب حزبية وبدعة إن لم يتداركوا الأمر. (3) استفدت هذين النقلين عن الشيخ السعدي من مقال لأحد إخواننا بعنوان: "عندما تصدق الشائعة وتساء الظنون بالمؤمنين". (4) أخرجه أبو الشيخ في التوبيخ والتنبيه (214)، والخرائطي في "مكارم الأخلاق" (400)، والبيهقي في شعب الإيمان (5/316). (5) وأخرجه أيضًا ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" (288)، والخرائطي في "مكارم الأخلاق" (356)، ومن وجه آخر أخرجه البغوي في مسند ابن الجعد (2720)، وأبو نعيم في الحلية (5/17)، والخطيب في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (1/170) من طريق عبد الله بن إدريس عن ليث بن أبي سليم بنحوه.


التعديل الأخير تم بواسطة أبو تميم يوسف الخميسي ; 08 Dec 2007 الساعة 04:50 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هكذا ينبغي أن يعاملوا ... موقف عظيم لسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله للشيخ خالد الظفيري محمود الليبي السلفي الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام 2 19 Jan 2008 12:23 PM
سلسلة أشراط الساعة للشيخ سالم العجمي أبو تميم يوسف الخميسي الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام 2 04 Jan 2008 03:58 PM
بيان مجلس القضاء الأعلى / الإثنين أول ذي الحجة وعرفة الثلاثاء والإربعاء العيد أبو تميم يوسف الخميسي الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام 1 10 Dec 2007 05:51 PM
محاضرات متنوعة لشيخنا الفاضل عبد المالك بن أحمد الرمضاني حفظه الله تعالى أبو تميم يوسف الخميسي الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام 2 23 Nov 2007 05:26 PM


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013