إيضاحات
جزاكم الله خيرا أخي الفاضل :
* أولا : إنكاركم ـ وفقكم الله ـ لمخالفة مجهول الحال ( الهيثم ) لا يستقيم ، فإنه خالف حماد بن سلمة الذي رواه بلفظ : اعتمد على الأرض بيديه ، فأين العجن التي هي صفة زائدة ؟!، ولا يشترط في رد الزيادة كونها مخالفة للأصل الذي نقابلها عليه كما هو معلوم ، ولهذا أمثلة في كتب المصطلح .
ثم يقال أن الهيثم هذا لا يحتمل منه التفرد بل لعله يقوي كونه ضعيفا لانفرداه عن الثقات بشيء لم يرووه ، فهل فات الثقة حماد بن سلمة مثل هذا حتى ينفرد به مجهول الحال ؟!!
وقد رجعت إلى ما كتبه الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله فوجدته ينصّ على هذا ( كما ص 198 ضمن الأجزاء الحديثية ) :" وأما النكارة فلتفرد الهيثم به ، وهو مجهول الحال ولا عاضد له ، وحديث هذا الضرب موصوف بالنكارة كما حرره ابن حجر في النكت 2/ 475 ، ولأن يونس تفرد به أيضا عن الهيثم ويونس ليس عنده من الضبط ما يشترط في حدّ الصحيح والحسن ،ولم يحصل له متابع ولا شاهد فصار من حدّ الضعيف كما رسمه ابن حجر في النكت 2/ 674 "
* ثانيا : أما قضية الاحتراز من الحديث الذي لا يروى في الكتب التي اعتنت برواية الحديث أصالة وابتداء ، فقد وجدت كلاما للحافظ ابن رجب يشير إلى ذلك حيث قال رحمه الله كما في شرح علل الترمذي 1/ 406 :" وقد كان السلف يمدحون المشهور من الحديث ويذمون الغريب منه في الجملة " ، ثم نقل بعض النقول عن بعض الأئمة ، فمنها :
قال الإمام مالك :" شر العلم الغريب ، وخير العلم الظاهر الذي قد رواه الناس "
قال الإمام أحمد : " لا تكتبوا هذه الأحاديث الغرائب فإنها مناكير ، وعامتها عن الضعفاء "
وقال أيضا :" شر الحديث الغريب التي لا يُعمل بها ولا يعتمد عليها "
وانظر كتاب شرح لغة المحدث ص 321- 322 فقد بحث المسألة بحثا جيدا .
* ثالثا : ليس بخاف بارك الله فيكم الخلاف القائم بين أهل العلم في سنية الاعتماد من عدمه ، ولهذا قلت في خاتمة التعقيب : المهم أن يعتمد على يديه لا أن ينهض على ركبتيه بدون الاعتماد على يديه
فالخلاف بين المالكية والحنفية وخصوصا الحنابلة في عدم مشروعية الاعتماد أصلا ، وبين الشافعية ومن وافقهم الذي ذهبوا إلى مشروعية ذلك ( وانظر على سبيل المثال لا الحصر : فتح الباري لابن رجب )
رابعا : من باب التأييد لما ذكرت من عدم وجود من نص على هذه الصفة بعينها من المتقدمين ، أنقل كلام الإمام النووي
حيث قال كما في المجموع 3/ 442 :" وإذا اعتمد بيديه جعل بطن راحتيه وبطون أصابعه على الأرض بلا خلاف " ثم ذكر حديث ابن عباس وقال أنه ضعيف أو باطل لا أصل له .
* خامسا : تقييد كل العلم الذي نقرؤه مستحيل كما أن تذكّر جميع مباحثه أو موضع وروده عسر ، فهذا لا يكون للأئمة الكبار بله طلبة العلم الصغار , وما دخلت في هذه المسألة مثلا إلا بعد بحث ومطالعة وكذا بعد مذاكرة بعض مشايخنا الذين شهد لهم العلامة الشيخ مقبل الوادعي باستفادتهم من علم النحو والرجال كما في ترجمته لنفسه رحمه الله ، وفي مسألتنا هذه نحتاج إلى من له اشتغال بالرجال والأسانيد حتى ندركها إدراكا جيدا .
* وأخيرا ههنا سؤال لا يمكن لمثبت هذه الصفة الإجابة عنه إلا بكلفة وهو :
لماذا لم يرد عن الصحابة الذين نقلوا لنا صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذه الصفة حتى يأتي مثل الهيثم فينفرد بروايتها عن واحد منهم وهو ابن عمر رضي الله عنهما ، ويا ليته توبع في ذلك ؟!! وفق الله الجميع لما يحب ويرضى ، والله أعلم .
التعديل الأخير تم بواسطة هشام بن حسن ; 03 Jul 2010 الساعة 02:46 PM
|