و المتقاعد، يعاني همّ الفراغ، وما يملأه إلاّ الإشتغال بما ينفع في الدّنيا والآخرة.
والمنافع هذه قد تختلف من أحد إلى آخر، بحسب درجة الإيمان، ونسبة العلم والفقه في الدّنيا والدّين.
قال أحدهم:
أنا متقاعِد وملّيت من الجلسة، ولاأبغي مشاريع ولاوظائف. أنصحوني، الله يوفّقكم، وجّهوني، قتلني الملل.
ففكّرتُ مليًّا في الردّ على هذه الشّكوى، التي رأيتها ربّما أصاب همّها، الكثير من المتقاعدين. فمنهم مَن عبّر عن حسرته، ومنهم مَن أخفاها، لأنّه ربّما يئس من إيجاد الحلول عند مَن هم حوله. والله المستعان.
فاهتديتُ والحمدلله، بعدها إلى كتابة هذه الكلمات الّتي أسأل الله أن ينفع بها جميع المتقاعدين، بجميع مستوياتهم الفقهيّة للحياة والإيمان أنّ الفرار إلى الله هو النّجاة من كلّ الهموم والمنغّصات.
وبالله المعين، تستقرّ الأنفس على الهدى والطّمأنينة والسّكينة، واليقين.
فقلتُ:
المتقاعد لاَيُسَلّـِيهِ ويَشْرَح صَدْرَهُ إلاّ لُزُومُ المَسَاجِد. وفِيهَا يَجِدُ رَاحَةً نَفْسِيَّة، لاَتَعْدِلُهَا رَاحَة (في أَمَاكِنِ التَّسْلِيَة) أو (قاعات الأفراح) بأطعمتها الفاخرة في أَبْهَى المَوَائِد.
بين مُلاَزِمِ المسجد وبين اللهِ سبحانه - مِيثَاقُ المحبّة- بِالإِكْثَارِ من الذّكْرِ، الّذي يملأ به قلبه –فوائد- من تقوية الإيمان، وطرد وسوسة كلّ شيطان مارد.
أسأل الله أن يعينه على فقه علوم الشّريعة ومن أمثلتها:"المنتقى من فرائد الفوائد" لفضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله. وقد ينتفع بما فيها من فوائد، حيث قال الشيخ رحمه الله في مقدّمة الكتاب:"فقد كنتُ أقيّد بعض المسائل الهامّة التي تمرّ بي حرصًا على حفظها، وعدم نسيانها في دفتر وسمّيتها:"فرائد الفوائد".انتهـ.كلامه.
خُذُوا منها يَا -مَن قتلكم المَلَل- ما يهمّكم من قواعد، تكون لكم -ذُخْرًا صالحًا "يَوْمَ لاَيَنْفَعُ مَالٌ ولاَبَنُون إِلاَّ مَنَ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ".