منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » قــســـــــــــم الأخــــــــــــوات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 Jan 2019, 12:38 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي الأبناء بين تربية الآباء والمربّين القُدَامَى والمُعاصرين

















الأبناء بين تربية الآباء والمربّين القُدَامَى والمُعاصرين.


كم يثير استغرابي أمر بعض المسلمين، حين يمنعون أولادهم من استهلاك مواد غذائيّة تضرّ بأبدانهم، ولو كانت من اللّذائذ الشّهيّة. بينما يتساهلون في مَنْعِهِم من اقتراف المعاصي باسم الحريّة الشخصيّة، ولو كانت من المهلكات الّتي تكون سببًا في انحرافهم عن طريق الله: طريق نجاتهم في الآخرة والدُّنْيَا. الّّذي بِـــهِ يفقهون معنى النّظام بكلّ حدوده الّتي تضمن لهم السّلامة والعافية، بكلّ أمان وحِـمْيَة من كلّ آفــة تفسد القلوب، والأجساد الفانية.

فــتحذيرات الوالدين لأولادهم في الأولى يحاولون بها الحفاظ على صحّة الأبدان، الّتي قد تتلف -قَدَرًا- بِغَيْرِ سَبَبٍ ضارّ. بينما صحّة القلوب تؤكّد لهم (بإذن الله) سلامة الإيمان الّذي يكون زادًا صالحًا لهم يوم المعاد.

وبـالقرآن يستقيم الطّفل المسلم و بــه يعرف طريق نجاته. وبـالقرآن، يُعَافَى قلبُه من أمراض المعاصي والشُبُهَات والضّلالات. فتحصل سعادته وطمأنينته في الحياة.

قال الله تعالى:" وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ".

يقول الشيخ السعدي رحمه الله في تفسير الآية : (فـالقرآن مشتمل على الشفاء والرّحمة، وليس ذلك لكل أحد، وإنّما ذلك للمؤمنين به، المصدّقين بآياته، العاملين به، وأمّا الظالمون بعدم التّصديق به أو عدم العمل به، فلا تزيدهم آياته إلاّ خسارًا، إذ به تقوم عليهم الحُجّة. فـالشّفاء الذي تضمّنه القرآن عام لـشفاء القلوب من الشُّبَه، والجهالة، والآراء الفاسدة، والانحراف السيّئ، والقصود السيّئة ، فإنّه مشتمل على العلم اليقيني، الّذي تزول به كل شُبْهَة وجهالة. والوعظ والتّذكير، الّذي يزول به كلّ شهوة تخالف أمر الله. ولـشفاء الأبدان من آلامها وأسقامها. وأمّا الرحمة، فإنّ ما فيه من الأسباب والوسائل التي يحثّ عليها، متى فعلها العبد فاز بالرّحمة والسّعادة الأبدية، والثواب العاجل والآجل.). انتهـ.

بهية صابرين تناشد الأولياء المسلمين بالاعتناء بـقلوب أبنائهم، حتّى يصيروا من عباد الله الرّاشدين، الّذين يصلحون في الأرض غير مفسدين.





و كم يذهلني أن أرى الفرق الشاسع بين تربية الأجداد للأبناء، الذين يتوكّلون فيها على الله أن يعينهم على تلك المهام الصعبة، صعوبة الفكر الإنساني الذي تتقاسمه خطرات النّفس والهوى ومكائد الشياطين. وبين توجيه المربّين المعاصرين الّذين يعتمدون في تصويباتهم للأجيال ورسم خطوط التّقويم السّلوكي على أسس تتزعزع بزعزعة ملذّات الحياة وشهواتها الّتي سرعانما تنقضي بانقضاء أعمار أصحابها.

فـالأجداد الأبرار من المسلمين الأخيار كانت توجيهاتهم تُبْنَى على أُسُس الفضيلة بوسائل بسيطة بساطة البيئة التي كانوا يعيشونها في اتّزان السّلوكات التي تُوحِي إلى عُمق تفكير أصحابها المليء بالحكمة ورجاحة تقدير: كيف يصنعون جيلاً يُصغي إليهم حين يتكلّمون. ويخضع لآرائهم حين يأمرون.

بينما نجد المربّين المعاصرين يعتمدون في تقويم سلوكات الأجيال الصّاعدة على أسس حركات الأجساد التي تراقصها أنغام موسيقى العَبث التي تجعل الطّفل يشرد بفكره إلى عالم لايتّصل بواقعه المعاش، فيضحى يستقبل أفكار المربّين بشيء من الذّهول وعدم التّركيز الّذي يمنع من وصول الفكرة الإيجابيّة إلى العقل الباطن للطّفل الّذي يلتقطها بسرعة فيلفظها بأسرع من سابقتها .

جيل الرّقص والغناء، والعَبَث، والقزعيّة، يكلّمهم الآباء بنوع من الحَذر، وكأنّهم يكلّمون معتوهًا يفقد العقل السّليم، حين يسلّمونه إلى مَن يزرع فيهم اللاّمبالاة، والحريّة في صنع قرارات، تُؤَسَّس على ملذات تُهَدِّم كيانات تحتاج إلى رعاية نبيهة، تجتثّ كلّ سَيِّءٍ يمنع من ترسيخ أُسُس البناء الصّحيح والسليم لفكرة الحياة السّعيدة الّتي تضمن لأصحابها علاقات متينة تربطها بجمال وفاء العهد. وحفظ الكرامات في التّعاملات. والصدق في الحديث في القضايا الحسّاسة التي تخطّط لمستقبل يفتح الرأي الرّاشد تُوكَل به الزّعامات لأجيالٍ حافظت على مبادىء الآباء المبنيّة على سويّة الشخصيّات، المنطلقة من صحّة المعتقدات وسلامة مناهج التّربيات.

بهية صابرين تناشد المربّين المسلمين بانتقاء أساليب التّوجيه الإيماني للنّاشئين من أطفالنا. قاعدة متينة تسدّدهم في حياتهم إلى الطريق المستقيم. طريق العِزّة والسُّؤدد والانتصار على النّفس والأعداء بالفكر الحكيم.


قال الله تعالى: "يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ غڑ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا غ— وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269)"البقرة.

يقول الشيخ السعدي رحمه الله في تفسير الآية : (إِنَّ مَن آتاه الله الحكمة فقد آتاه خيرا كثيرا. وأيّ خير أعظم من خيرٍ فيه سعادة الدّارين والنّجاة من شقاوتهما! وفيه التّخصيص بهذا الفضل وكونه من ورثة الأنبياء.

فـكمال العبد متوقّف على الحكمة. إذ كماله بـتكميل قوّتيه العلمية والعملية . فتكميل قوّته العلمية بمعرفة الحق ومعرفة المقصود به. وتكميل قوّته العملية بالعمل بالخير وترك الشرّ، وبذلك يتمكّن من الإصابة بالقول والعمل وتنزيل الأمور منازلها في نفسه وفي غيره. وبدون ذلك لا يمكنه ذلك.

ولمّا كان الله تعالى قد فطر عباده على عبادته ومحبّة الخير والقصد للحق، فبعث الله الرُّسُل مذكّرين لهم بما ركّز في فطرهم وعقولهم، ومفصّلين لهم ما لم يعرفوه، انقسم الناس قسمين: قسم أجابوا دعوتهم فتذكّروا ما ينفعهم ففعلوه، وما يضرّهم فتركوه، وهؤلاء هم أولو الألباب الكاملة، والعقول التامّة.
وقِسْمٌ لم يستجيبوا لدعوتهم، بل أجابوا ما عرض لفطرهم من الفساد، وتركوا طاعة ربّ العباد. فهؤلاء ليسوا من أولي الألباب، فلهذا قال تعالى: (وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) انتهـ كلامه رحمه الله.

وأقول في الأخير:

إنّ الإهتمام بالعقيدة هو أساس كلّ تربية سليمة. والترّكيز على توحيد الخالق هو تركيزٌ على مراقبة النّفس وتقويمها. وديننا دين نظام شامل لكلّ خيرٍ تسعد به البشريّة.

أسعد الله أيّامنا بكلّ خير ووفّقني وجميع المسلمين لما يحبّه ويرضاه.



اللّهمّ الهمنا رُشدنا. واهدنا وسدّدنا.

بقلم : أم وحيد بهية صابرين

السبت 7 شوال 1438 هـ الموافق لـ01 يوليو 2017 م






رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013