منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » قــســـــــــــم الأخــــــــــــوات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 Jan 2019, 01:29 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي السَّبيل إلى حفظ النِّعم










السَّبيل إلى حفظ النِّعم


الشيخ عزالدين رمضاني أعزّه الله بالسُّنَّة والإسلام وحفظه من كلّ سوء.





إنَّ على كلِّ مَن رضي بالله ربًّا وبمحمَّد صلى الله عليه وسلم نبيًّا ورسولًا، وبالإسلام دينًا، أن يحمد الله ويثني عليه الخير كلّه، على هذه النِّعمة العظيمة الَّتي هي أعظم النِّعم وأجلُّها، وما أكثر نعم الله على عبيده، ولكن أكثر النَّاس لا يشكرون.

والنِّعمة: اليد البيضاء الصَّالحة والصَّنيعة والمنَّة وما أُنعم به عليك، ونعمة الله مَنُّه وما أعطاه العبدَ ممَّا لا يمكن غيره أن يعطيه إيَّاه كالسَّمع والبصر والعقل والصِّحَّة والمال والعلم وما إلى ذلك ممَّا لا يمكن عدُّه وحصره والإحاطة به: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18)﴾ [النحل]، وجميع النِّعم قليلها وكثيرها، ظاهرها وباطنها من الله وحده، إذ هو المتفضِّل بها والمبتدي بها عبده، قال تعالى: ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53)﴾ [النحل]،

ونِعَمُ الله على نوعين ظاهرة وباطنة، أو دينيَّة ودنيويَّة، فـالظَّاهرة يتقلَّب فيها جميعُ الخلق ويشعر بها جلُّهم وإن تباينوا في الاعتراف بها وشكرها، أو في إنكارها وجحدها، والباطنة ينعم بها من اصطفاه الله ووفَّقه إلى الهدى والخير وألهمه ذكرها وشكرها، وقد أشار الله إلى هذين النَّوعين في قوله: ﴿ أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (20) ﴾ [لقمان].

ومعلوم أنَّ السَّبيل لبقاء النِّعم ودوامها ونموِّها هو شكر المُنعِم بها، المتفضِّل بها على عباده، قال تعالى: ﴿ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172) ﴾ [البقرة].

كما أنَّ سبب زوالها ونقصها هو ترك شكر النِّعمة أو جحودها، قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الأنفال: 53].

ولذلك قيل :الشُّكر قيد للنِّعم الموجودة، وصيد للنِّعم المفقودة، وكانوا يسمُّونه «الحافظ» لأنَّه يحفظ النِّعم الموجودة، ويسمُّونه «الجالب»؛ لأنَّه يجلب النِّعم المفقودة، فالنِّعمة إذا شُكرت قرَّت، وإذا كُفِرت فرّت.

والله -جلَّ وعلا- يُذَكِّر عباده بنعمه عليهم ويدعوهم بها إلى معرفته ومحبَّته وطاعته وتصديق رسله والإيمان بلقائه، كما تضمَّنته سورة النِّعم وهي (سورة النَّحل)، وسمِّيت بذلك لأنَّ الله ذكر فيها أصول النِّعم وفروعها، وعدَّدها عليهم نعمة نعمة، وأخبر أنَّه أنعم بذلك عليهم ليُسْلِموا له، فتكمل نعمه عليهم بالإسلام، الَّذي هو رأس النِّعم وأجلُّها وأولاها بالذِّكر والشُّكر.

والعاقل إذا قلَّب النَّظر في هذه النِّعم وجدها تحيط بنا من كلِّ جانب، وتسبغ علينا ظاهرًا وباطنًا، ونتقلَّب فيها صباح مساء، وليل نهار، لا تنقطع عنَّا طرفة عيْن، ولا نحرم منها أدنى شيء، غير أنَّه (وللأسف الشَّديد) نجد صورًا خطيرة في مقابلة تلك النِّعم، تخالف ما أوجبه الله علينا من الحمد والشُّكر والاعتراف بمسديها ومبديها، فنرى من النَّاس مَن ينسب النِّعمة لغير الله الكريم المنَّان، ومنهم مَن يقابلها بالذُّنوب والعصيان، ومنهم مَن يحصل له بسببها الغرور والكِبْر والعدوان، ومنهم مَن لا يؤدِّي حقَّ الله فيها، وما إلى ذلك من صور الكفر والجحود والنُّكران.

وإنَّ من نِعَم الله الَّتي تستحقُّ الشُّكر والحمد: نعمة التَّحرُّر من قبضة المتسلِّط الكافر والمستعمر الغادر الَّذي عاث في أرض المسلمين ـ ومنها أرض الجزائر ـ بالفساد والإفساد، ونشر عبادة الصَّليب والإلحاد، واستغلَّ العباد وثروات البلاد، وارتكب أشنع الجرائم من الإرهاب والتَّقتيل والتَّخريب والتَّنكيل في حقِّ شعبنا الأعزل.

فبعد عقود من الزَّمن وتحت التَّسلُّط والقهر في محاولةٍ لمسخ معالم الشَّخصيَّة الإسلاميَّة وزعزعة مقوِّمات الأمَّة من الدِّين واللُّغة والتَّاريخ، لم تفلح الإرادة الفرنسيَّة ولا إدارتها في تحقيق مرادها والوصول إلى أهدافها، وهو أن يصير هذا الجزء من أرض الإسلام جزءًا من فرنسا، يدين بدينها ويتكلَّم بلغتها ويفخر بتاريخها.

ولكن بفضل الله وعونه قيَّض الله لهذا البلد رجالًا ذبُّوا عن حياض الأمَّة بشجاعة وبسالة لم يُعرَف لها نظير في التَّاريخ المعاصر، وأعلنوا الجهاد المقدَّس ضدَّ المستعمر الكافر، فكان المقاتل منهم يسمَّى المجاهد، والمقتول يسمَّى الشَّهيد، وشعار المعركة عندهم: الله أكبر، ممَّا يدلُّ على ذلك الانتماء الأصيل الَّذي سرى في عروق النُّزهاء والشُّرفاء من أبناء هذا البلد (صانه الله من كلِّ مكر) إلى أن حقَّقوا بفضل الله ذلك النَّصر المجيد، وأعادوا للأمَّة ماضيها التَّليد، وحوِّلت الكنائس إلى مساجد، ويومها فرح المؤمنون بنصر الله ينصر مَن يشاء.

إنَّ هذه النِّعمة الَّتي هي نعمة النَّصر أو الاستقلال أو الحريَّة (والَّتي لا تهمُّنا منها أسماؤها ومبانيها بقدر ما تهمُّنا مسمَّياتها ومعانيها)، يشترك فيها الجميع، ويتغنَّى بها الكلُّ، ويتباهى بالحديث عنها كلُّ من أتيح له الكلام في مناسبة وفي غير مناسبة، غير أنَّ الَّذي يقدِّر هذه النِّعمة حقَّ قدرها لا ينتظر حلول الذِّكريات ولا وقفة المناسبات، ليتكلَّم أو يخطب أو يرفع شعارًا أو يدَّعي حبًّا لأنَّ الحبَّ رخيص حين يكون زعمًا وكلامًا، ولكنَّه غال وثمين حين يكون عملًا وتضحية وإخلاصًا وإقدامًا.

إنَّ الَّذي يقدِّر هذه النِّعمة بحقٍّ يجب أن يحافظ عليها، وأن يحرص على بذل أسباب بقائها ودوامها، وإلَّا سُلِبت منه طوعًا أو كرهًا، فإنَّ أعداء الله عبَّاد الصَّليب وغيرهم من الكافرين وإن رفعوا اليوم أقدامهم من جلِّ أراضي المسلمين إلَّا أنَّهم أنزلوا بالمسلمين استعمارًا من طراز آخر، وهو الاستعمار الفكري عن طريق جلب نظام التَّعليم الغربي، والمدارس الأجنبيَّة العالميَّة، ونشر الإنجيل، والدَّعوة إلى حوار الأديان، وحماية الأقليَّات، وإفساد المرأة، وما إلى ذلك من مخطَّطاتهم الهدَّامة، فمَن حاربهم بالأمس وفتح لهم اليوم عقله وقلبه ليستعمروه من جديد عقيدة وفكرًا ومنهجَ حياة لم يقدِّر هذه النِّعمة ولم يَرع لها حُرمتها، وإنَّ مَن استهان بدين الأمَّة اليوم أو لسانها أو تاريخها لم يقدِّر هذه النِّعمة لأنَّه يحاكي الاستعمار في جرائمه ويخلفه في مكره وكيده، وإنَّ مَن زرع بذور الفتنة بين أبناء الأمَّة اليوم من خلال إحياء النَّعرات الجاهليَّة والمذاهب الإلحاديَّة الهدَّامة والمناهج الضَّالَّة لأهل الأهواء ويروّج لها باسم حريَّة الرَّأي والمعتقد لم يقدِّر هذه النِّعمة حقَّ قدرها لأنَّه يريد رفع الأمن وزعزعة الاستقرار، وجعل الأمَّة تعيش في تمزُّق وشتات، وفتن وشمات، وإنَّ مَن سرق أموال الأمَّة واعتدى على أملاكها نهبًا وتضييعًا وتبذيرًا وتهريبًا لم يقدِّر نعمة الله ولا تنفعه سابقته ونضاله لأنَّ الله لمَّا وصف أصحاب محمَّد صلى الله عليه وسلم الأحياء منهم والميِّتين، قال عنهم: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23) ﴾ [الأحزاب].

فأثبت لهم وصف الرُّجوليَّة بأحد أمرين: إمَّا بالشَّهادة، وإمَّا بالثَّبات، فلتحفظ النِّعم ولتلهج الألسن والقلوب والجوارح بشكرها، ولتحذر من إغفالها وتناسيها فإنَّه كما قيل:

إذا كنت في نعمة فارْعَاها °°° فإنَّ الـذُّنُوبَ تزيل النِّعم
وحُطْهَا بطاعة ربّ العباد °°° فـربّ العباد سـريـــع الــنِّـقــم.(2)


جعلنا الله من الشَّاكرين الحامدين، القائمين بحقِّ نِعَمِ ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على خير النَّبيِّين وسيِّد المرسلين، نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.

__________________________________________________ _


([1]) نشر في مجلَّة «الإصلاح»: العدد (21)/رجب ـ شعبان 1431هـ.


المقال ( السَّبيل إلى حفظ النِّعم ) منقول من :

الموقع الرسمي للشيخ عزالدين رمضاني حغظه الله


http://www.ramadani-dz.com/?snhtl=co...-8&element=120


-----------------------------------------------

(2) فائدة من أختكم: بهية صابرين حول الأبيات الأخيرة.

"....وهي مقطع من مجموعة أبيات تنسب في كتب " الأدب " إلى شعر علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ونقلها العلامة ابن القيم في " الجواب الكافي " (ص/74-75) بقوله :

" وقد أحسن القائل :

إِذَا كُنْتَ فِي نِعْمَةٍ فَارْعَهَا ... فَإِنَّ الذُّنُوبَ تُزِيلُ النِّعَمْ
وَحُطْهَا بِطَاعَةِ رَبِّ الْعِبَا ... دِ فَرَبُّ الْعِبَادِ سَرِيعُ النِّقَمْ
وَإِيَّاكَ وَالظُّلْمَ مَهْمَا اسْتَطَعْـ ... تَ فَظُلْمُ الْعِبَادِ شَدِيدُ الْوَخَمْ
وَسَافِرْ بِقَلْبِكَ بَيْنَ الْوَرَى ... لِتَبْصُرَ آثَارَ مَنْ قَدْ ظَلَمْ
فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ بَعْدَهُمْ ... شُهُودٌ عَلَيْهِمْ وَلَا تَتَّهِمْ
وَمَا كَانَ شَيْءٌ عَلَيْهِمْ أَضَـ ... رَّ مِنَ الظُّلْمِ وَهُوَ الَّذِي قَدْ قَصَمْ
فَكَمْ تَرَكُوا مِنْ جِنَانٍ وَمِنْ ... قُصُورٍ وَأُخْرَى عَلَيْهِمْ أُطُمْ
صَلُوْا بِالْجَحِيمِ وَفَاتَ النَّعِيـ ... مُ وَكَانَ الَّذِي نَالَهُمْ كَالْحُلُمْ
والله أعلم ". (منقول التعليق على الأبيات )



























رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013