منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 Apr 2012, 12:47 PM
عبد العزيز بوفلجة عبد العزيز بوفلجة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
المشاركات: 227
افتراضي المصنفات السنية في تقرير العقيدة السلفية والرد على االمخالف

بسم الله الرحمن الرحيم
المصنَّفات السُنِّية في تقرير العقيدة السلفية
والرد على المخالف



الحمد لله الذي أنزل كتابه تبيانا لكل شيء, وهدى ورحمة للعالمين, وأصلي وأسلم على البشير النذير محمد خاتم النبيين, وإمام المرسلين, وعلى آله وصحبه أجمعين, ومن اقتفى أثرهم, وسلك سبيلهم إلى يوم الدين.
أما بعد:
فقد كانت كلمة الصحابة – رضي الله عنهم – متفقة على إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه, وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته, ولم يحدث بينهم اختلاف في ذلك؛ إذ كان الأصل عندهم في هذا الباب وغيرها من أبواب الديانة: هو كتاب ربهم – عزوجل -, وسنة نبيهم عليه الصلاة والسلام, وما كان من عند الله – عزوجل - فلا اختلاف فيه, يقول تعالى:(ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)سورة النساء الآية(82), فدلت الآية بمنطوقها أن ما كان من عند غير الله - عزوجل – ففيه الاختلاف الكثير, وهذا صفة الباطل, ودلت بمفهومها أن ما كان من عند الله – عزوجل – فلا اختلاف فيه ولا تنازع, وهذا صفة الحق.

يقول أبو عبد الله محمد بن خفيف الشيرازي (ت 371ﻫ): «فاتفقت أقوال المهاجرين والأنصار في توحيد الله – عزوجل -, ومعرفة أسمائه وصفاته وقضائه قولاً واحدا, وشرعا ظاهراً, وهم الذين نقلوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك, حتى قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين» وذكر الحديث, وحديث: «لعن الله من أحدث حدثا أو آوى محدثا», وقال: فكانت كلمة الصحابة على اتفاق من غير اختلاف, وهم الذين أُمرنا بالأخذ عنهم؛ إذ لم يختلفوا بحمد الله تعالى في أحكام التوحيد, وأصول الدين من الأسماء والصفات كما اختلفوا في الفروع, ولو كان منهم في ذلك اختلاف لنقل إلينا كما نقل سائر الاختلاف, فاستقر صحة ذلك عن خاصتهم وعامتهم حتى أدوا إلى التابعين لهم بإحسان, فاستقر صحة ذلك عند العلماء المعروفين حتى نقلوا ذلك قرنا بعد قرن؛ لأن الاختلاف كان في الأصل عندهم كفر» (نقلا من الفتوى الحموية لابن تيمية: ص 403-404).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: «وأما الذي أقوله الآن وأكتبه, وإن كنت لم أكتبه فيما تقدم من أجوبتي, وإنما أقوله في كثير من المجالس: إن جميع ما في القرآن من آيات الصفات, فليس عن الصحابة اختلاف في تأويلها, وقد طالعت التفاسير المنقولة عن الصحابة وما رووه من الحديث, ووقفت من ذلك على ما شاء الله تعالى من الكتب الكبار والصغار, أكثر من مائة تفسير, فلم أجد إلى ساعتي هذه عن أحد من الصحابة أنه تأول شيئاً من آيات الصفات أو أحاديث الصفات بخلاف مقتضاها المفهوم المعروف, بل عنهم من تقرير ذلك وتثبيته ما لا يحصيه إلا الله, وكذلك فيما يذكرونه آثرين وذاكرين عنهم شيء كثير»(مجموع الفتاوى: 6/394).

ويقول الإمام ابن القيِّم – رحمه الله -: «وقد تنازع الصحابة في كثير من مسائل الأحكام, وهم سادات المؤمنين وأكمل الأمة إيمانا, ولكن بحمد الله لم يتنازعوا في مسألة واحدة في مسائل الأسماء والصفات والأفعال, بل كلهم على إثبات ما نطق به الكتاب والسنة كلمة واحدة من أولهم إلى آخرهم»(إعلام الموقعين: 2/91).

فإذا تقرر ذلك, علم أن الصحابة – رضي الله عنهم - كانوا مستغنين بكتاب الله - عزوجل -, وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عن كلام كل أحد, لأنهم عرب أقحاح وقد نزل القرآن بلغتهم, فهم يفهمون مراد كلامه تعالى, ومراد كلام رسوله صلى الله عليه وسلم, فسار على طريقتهم من جاء بعدهم من التابعين, ولم يحدث بينهم اختلاف في ذلك أيضا, وكانوا هم كذلك مستغنين بكلام الله وكلام رسوله عن كلام كل أحد.
لكن لما ظهرت بدعة الجعد بن درهم وكانت بداية ظهورها في أواخر خلافة بني أمية, وكان الجعد يلقب مؤدب مروان الحمار, ومروان هذا كان يلقب بمروان الجعدي, فكانت بدعته التي زرعها في الأمة هي القول بإنكار كلام الله – عزوجل -, فأخذ الجهم بن صفوان الترمذي منه هذا المذهب فبسطه وطرده وأظهره, وناظر عليه فصار به مذهبا, فتصدى لهم أئمة السلف – رحمهم الله تعالى -, فاشتد إنكارهم عليهم, واضطروا إلى التأليف والتصنيف خوفا على الأمة من هذه الآراء المحدثة التي انتشرت في الأمة عن طريق الجهمية والمعتزلة, وغيرهم من أهل البدعة والضلالة.

ولم يكن يحرص السلف – رحمهم الله تعالى – على التصنيف والتأليف في إيراد شبه القوم في هذا الباب وغيرها من الأبواب وإبطالها, إلا إذا انتشرت واشتهرت, وخِيف على عوام الناس أن تعلق في قلوبهم فلا يستطيعون دفعها ولا رفعها, فيصيرون معتقدين في الله - عزوجل – الكفر والإلحاد, وهذا ما قرره أئمة السلف, وهو الذي يدل عليه صنيعهم في التصنيف والتأليف.

يقول الإمام الدارمي في أول كتابه «النقض على بشر المريسي»: «ولولا ما بدأكم هذا المعارض بإذاعة ضلالات المريسي, وبثَّها فيكم ما اشتغلنا بذكر كلامه, مخافة أن يعلق بعض كلامه بقلوب بعض الجهال فيلقيهم في شك من خالقهم وفي ضلال, أو أن يدعوهم إلى تأويله المحال؛ لأن جل كلامه تناقض, ووقيعة في الرب, واستخفاف بجلاله وسب, وفيه التنازع فيه يتخوف الكفر ويرهب...-إلى أن قال-: فمن أجل ذلك كرهنا الخوض فيه, وإذاعة نقائصه, حتَّى أذاعها المعارض فيكم, وبثَّها بين أظهركم, فخشينا أن لا يسعنا الإنكار على من بثَّها, ودعا الناس إليها, منافحة عن الله, وتثبيتاً لصفاته العلى, ولأسمائه الحسنى, ودعا إلى الطريقة المثلى, ومحاماة عن ضعفاء الناس, وأهل الغفلة من النساء والصبيان؛ أن يضلوا بها ويفتتنوا»(النقض على المريسي: 1/142).

ويقول أبو عبد الله بن خفيف: «ثمَّ إني قائل وبالله أقول: إنه لمَّا أحدثوا في أحكام التوحيد, وذكر الأسماء والصفات على خلاف منهج المتقدمين من الصحابة والتابعين, فخاض في ذلك من لم يعرفوا بعلم الآثار, ولم يعقلوا قولهم بذكر الأخبار, وصار معولهم على أحكام هواجس النفوس المستخرجة من سوء الطوية, وما وافق مخالفة السنة, والتعلق منهم بآيات لم يسعدهم فيها, فتأولوا على أهوائهم, وصححوا بذلك مذاهبهم: احتجت إلى الكشف عن صفة المتقدمين, ومأخذ المؤمنين, ومنهاج الأولين, خوفا من الوقوع في جملة أقاويلهم التي حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته, ومنع المستجيبين له حتى حذرهم»(نقلا من الفتوى الحموية: ص404).

ويقول ابن تيمية: «إن سلف الأمة وأئمتها ما زالوا يتكلمون ويفتون ويحدثون العامة والخاصة بما في الكتاب والسنة من الصفات, وهذا في كتب التفسير, والحديث, والسنن أكثر من أن يحصيه إلا الله, حتى إنه لما جمع الناس العلم, وبوبوه في الكتب, فصنف ابن جريج التفسير والسنن, وصنف معمر أيضا, وصنف مالك بن أنس, وصنف حماد بن سلمة, وهؤلاء أقدم من صنف في العلم, فصنف حماد بن سلمة كتابه في الصفات, كما صنف كتبه في سائر أبواب العلم, وقد قيل: إن مالكا إنما صنف الموطأ تبعا له, وقال: جمعت هذا خوفا من الجهمية أن يضلوا الناس لما ابتدعت الجهمية النفي والتعطيل, وكذلك كان يجمعها ويحث بها غير واحد من أئمة السلف لما ابتدعت الجهمية النفي والتعطيل»(التسعينية: 1/158-160).
وقال في موضع آخر: «وأيضاً فقد جمع العلماء من أهل الحديث والفقه والكلام والتصوف هذه الآيات والأحاديث, وتكلموا في إثبات معانيها, وتقرير صفات الله التي دلت عليها هذه النصوص؛ لمَّا ابتدع الجهمية جحد ذلك والتكذيب له»(التسعينية: 1/167).

فإذا بان لك ذلك, فلتعلم أخي القارئ –رحمك الله- أن كتاب الله -عزوجل-, وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فيهما الهدى الكامل, والبيان الشامل, لمسائل الدين كلها, أصوله وفروعه, ففيهما من تقرير مسائل الاعتقاد والتوحيد والصفات, والرد على الشبه والاعتراضات, ما قد يستغنى بهما عن كلام كل أحد, لكن لما حدثت البدعة وانتشرت, وعم الجهل بين المسلمين, تصدى أئمة السلف ومن سار على طريقتهم, للكشف والإيضاح, عما قد أغلق عن كثير من الناس من المشكلات, والرد والإبطال على تلك المحدثات والشبهات التي عمت بها البلوى, مستندين في ذلك كله إلى كلام ربهم, وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم, لا يجاوزونهما ولا يتعدونهما إلى رأي أو عقل, أو كشف أو ذوق أو إلهام.
فجاءت مصنفاتهم وتآليفهم على أنواع(انظر: التسعينية: 1/130 فما بعد. فقد استفدت بعض هذه الأنواع منها):

النوع الأول: مصنفات عامة جامعة حديثية تتضمن أبواباً وكتباً مفردة في أبواب الاعتقاد, سلك فيها أصحابها: إيراد الأدلة من القرآن والسنة وأقوال الصحابة والأئمة دون التعرض لإيراد الشبه وتفنيدها, لكن إيرادهم لتلك الآيات والأحاديث فيها أبلغ الرد على شبه القوم.
النوع الثاني: مصنفات مفردة مختصة في أبواب الاعتقاد, تتضمن تقرير عقيدة أهل السنة, مع الرد على المخالف, وإبطال الشبه الواردة فيها, وفيها المطول والمتوسط والمختصر.
النوع الثالث: مصنفات مفردة في مسائل معينة, تتضمن تقرير عقيدة السلف في هذه المسألة, مع الرد على المخالف, وإبطال شبهته.
النوع الرابع: المنظومات العقدية, وهذه فيها المطولة والمتوسطة والمختصرة, وهي تتضمن تقرير عقيدة السلف, مع الرد على المخالف, وإبطال شبهته.
النوع الخامس: كتب التفسير السلفية, وهذه من المصنفات الكبيرة التي تقرر عقيدة أهل السنة, والرد على الفرق الضالة, وإبطال الشبه.
فهذه أهم الأنواع مجملة, وقد تقسم مصنفات السلف باعتبارات مختلفة, وذلك يحتاج إلى كثرة النظر والتأمل في كتب السلف, ولا أحد يستطيع دعوى الإحاطة بذلك كله, لكن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «قاربوا وسددوا, واستعينوا بالغدوة والروحة» و أما تفصيل الكلام فيها, فسيكون بشيء من الاختصار, دفعا للملالة والسآمة, مع ذكر بعض الأمثلة تحت كل نوع:

النوع الأول: وهي المصنفات الجامعة العامة الحديثية, المتضمنة للأبواب والكتب المفردة في مسائل الاعتقاد: ككتب الصحاح والسنن والمسانيد والمجاميع, وهذه بعض الأمثلة لا على سبيل الحصر والقصر, مع شيء من الإيضاح والتفسير:
- كتاب التوحيد من صحيح الإمام أبي عبد محمد بن إسماعيل البخاري(256ﻫ), وهو آخر كتاب في صحيحه: ضمنه الرد على الجهمية والمعتزلة ومن سار على طريقتهم, في مسائل الصفات, ومسائل القدر, وبعض المسائل المتعلقة باليوم الآخر.
- كتاب السنة من سنن أبي داود سليمان بن الأشعث السِّجستاني(275ﻫ), ضمنه تراجم مفردة في مسائل متفرقة من أبواب الاعتقاد: باب في القدر, وباب في الجهمية, وباب آخر في الرد على الجهمية, وباب في الرؤية, وباب في الشفاعة, وباب في الحوض, وغيرها من الأبواب الأخرى.
- كتاب النعوت من السنن الكبرى لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي(303ﻫ), وقد ضمنه أبوابا كثيرة في تقرير أسماء الله وصفاته من الكتاب والسنة.
قال ابن تيمية بعد ذكره لهذه الكتب: «فإن هذه مفردة لجميع أحاديث الصفات, وكذلك تضمن كتاب السنة من سنن ابن ماجة ما تضمنه, وكذلك تضمن صحيح مسلم, وجامع الترمذي, وموطأ مالك, ومسند الشافعي, ومسند أحمد بن حنبل, ومسند موسى بن أبي قرة الزبيدي, ومسند أبي داود الطيَّالسي, ومسند ابن وهب, ومسند أحمد بن منيع, ومسند مسدد, ومسند إسحاق بن راهوية, ومسند محمد بن أبي عمر العدني, ومسند أبي بكر بن أبي شيبة, ومسند بقي بن مخلد, ومسند الحميدي, ومسند الدارمي, ومسند عبيد بن حميد, ومسند أبي يعلى الموصلي, ومسند الحسن بن سفيان, ومسند أبي بكر البزَّار, ومعجم البغوي, والطبراني, وصحيح أبي حاتم بن حبان, وصحيح الحاكم, وصحيح الإسماعيلي, والبرقاني, وأبي نعيم, والجوزقي, وغير ذلك من المصنفات الأمهات التي لا يحصيها إلاَّ الله»(التسعينية: 1/131-147).
وقول ابن تيمية: «أنها مفردة لجميع الصفات» لا يعني أنها لم تتطرق إلى المسائل العقيدة الأخرى, بل قد تضمنت هذه الكتب مع الكلام على الصفات الكلام على أصول الإيمان الأخرى من الإيمان بالقدر, واليوم الآخر, والملائكة, والكتب, والرسل, وغيرها من المسائل الأصلية والفرعية, لكن الإمام ابن تيمية هو يرد على من أنكر عليه التحديث بآيات الصفات وأحاديثها عند العوام, فلهذا سلط الضوء على الصفات فقط.

النوع الثاني: وهي المصنفات المفردة المختصة في أبواب العقائد, وتقرير مذهب السلف, والرد على المخالف, وهي كثيرة جدا, لا تحصر إلا بتكلفة ومشقة, وهذه بعض الأمثلة, دون شرح وبيان:
- الرد على الجهمية والزنادقة فيما شكوا فيه من متشابه القرآن وتأولوه على غير تأويله للإمام المبجل أحمد بن حنبل(241ﻫ).
- والسنة للإمام أحمد بن حنبل.
- نقض الإمام أبي سعيد عثمان بن سعيد الدَّارمي(280ﻫ) على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله عزوجل من التوحيد.
- الرد على الجهمية للإمام عثمان بن سعيد الدارمي(280ﻫ).
قال الإمام ابن القيم عن كتابي الإمام الدَّارمي في «اجتماع الجيوش الإسلامية»(ص174): «وكتاباه من أجل الكتب المصنفة في السنة وأنفعها, وينبغي لكل طالب سنة مراده الوقوف على ما كان عليه الصحابة والتابعون والأئمة أن يقرأ كتابيه, وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يوصي بهذين الكتابين أشد الوصية , ويعظمهما جدا, وفيهما من تقرير التوحيد والصفات بالعقل والنقل ما ليس في غيرهما»
- السنة للإمام الحافظ أبي بكر عمرو بن أبي عاصم الضحاك بن مخلد الشَّيباني(287ﻫ).
- التبصير في معالم أصول الدين أو ما يسمى بتبصير أولى النُّهى ومعالم الهدى للإمام أبي جعفر محمد بن جرير الطبري المتوفي سنة(310ﻫـ).
- السنة لأبي بكر أحمد بن محمد بن هارون بن يزيد الخلال(311ﻫ).
- الشريعة للإمام أبي بكر محمد بن الحسين الآجرِّي(360ﻫ).
- مقدمة العلامة أبي محمد ابن أبي زيد القيرواني: عبد الله بن أبي زيد عبد الرحمن النَّفزِي(386ﻫ), وقد طبعت مستقلة بعنوان(عقيدة السلف), قدم لها العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد –رحمه الله-.
- الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة للشيخ الإمام أبي عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري(387ﻫ).
- شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم. تأليف: الشيخ الإمام أبي القاسم هبة الله ابن الحسن اللالكائي المتوفي سنة(418ﻫـ).
- الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة إملاء الحافظ قوام السنة أبي القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي الأصبهاني المتوفي سنة(535ﻫـ).
فهذه أهم المصنفات التي تدخل تحت هذا النوع, والمقصود هو التمثيل لا الحصر, ومما يدخل تحت هذا النوع كتب الإمام المحقق ابن تيمية(728ﻫ) التي اعتنت بتقرير عقيدة السلف والرد على المخالفين, وهذه الكتب لا يستغني عنها طالب العلم, وكذا كتب تلميذه الإمام ابن قيِّم الجوزية(751ﻫ), فهي امتداد لكتب شيخه, فليحرص طالب العلم على اقتنائها والنظر فيها, فإن فيها من التحقيق ما قد لا تجده في غيرها من الكتب, وفي كل خير.

النوع الثالث: المصنفات المفردة في مسائل جزئية, وهي في العادة تهتم بأصول المسائل العقدية التي كثر فيها الخلاف, والتي يتميز بها المخالف من الموافق لعقيدة السلف, ومن الأمثلة على ذلك:
- كتاب فيه ما روي في الحوض و الكوثر للإمام أبي عبد الرحمن بقي بن مخلد بن يزيد الأندلسي القرطبي(276ﻫ), وقد جمع فيه أحاديث عن عدة من الصحابة في إثبات الحوض و الكوثر, ردا على مذهب المعتزلة المنكرين لهما.
- كتاب العرش وما روي فيه للإمام محمد بن عثمان بن أبي شيبة(297ﻫ), وهو يعتبر أول كتاب أفرد هذه المسألة بالتصنيف من أئمة السلف, كما أفاد ذلك الدكتور محمد خليفة التميمي في مقدمة تحقيقه, وقد أتبع ابن أبي شيبة هذه المسألة ببعض المسائل المرتبطة بها, كمسألة الكرسي, والمعية, والقرب, والنزول, وقد قال عنه ابن القيِّم في نونيته:
واقرأ كتـاب العـرش للعبسـي***وهو محمـد المولـود من عثمـان
- التصديق بالنظر إلى الله تعالى في الآخرة للإمام أبي بكر محمد بن الحسين الآجرِّي(360ﻫ).
- كتاب الرؤية للإمام الحافظ أبي الحسين علي بن عمر الدَّارقُطني(385ﻫ), جمع في ذلك الأحاديث والآثار الدالة على ثبوت الرؤية في الآخرة, كما جمع في ذلك الآثار في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه في الدنيا ليلة المعراج.
- رؤية الله تبارك وتعالى للإمام الفقيه أبي محمد عبد الرحمن بن عمر المعروف بابن النَّحاس(416ﻫ), اعتنى بذكر الأحاديث المثبتة لذلك.
- إثبات عذاب القبر للمحدث أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي(458ﻫ), أورد فيه آيات من كتاب الله –عزوجل-, وأحاديث كثيرة من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم, فيها دلالة ظاهرة على إثبات عذاب القبر ونعيمه, ومساءلة الملكين, ردا على من نفى ذلك من المعتزلة ومن وافقهم.
- إثبات صفة العلو للإمام موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي(620ﻫ), اعتنى فيه بذكر الآيات القرآنية الدالة على ثبوت العلو, وكذا الأحاديث النبوية, وأقوال الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم من الأئمة.
- والعلو للإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي(748ﻫ), وقد اختصره الإمام العلامة محمد ناصر الدين الألباني –رحمه الله-, وهذا الكتاب هو غير الكتاب التالي:
- كتاب العرش للإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد الذهبي(748ﻫ), كما قد حقق القول في ذلك فضيلة الدكتور التميمي في مقدمة تحقيقه لكتاب (العرش).

النوع الرابع: المنظومات العقدية, وهذه منها المطولة والمختصرة, وهي تعد من مصنفات السلف العقدية العتيقة, إذ فيها تقرير مسائل العقيدة السلفية, وإبطال مذاهب الفرق الضالة, لكن نظماً لا نثراً, فهي على غير المعتاد, وميزتها سهولة حفظ أصول المسائل العقدية وضبطها, ومن تلكم المنظومات:
- منظومة الإمام أبي عبد الرحمن عبد الله بن المبارك المروزي(181ﻫ) , فقد روى البخاري منها قطعة كما في كتابه(خلق أفعال العباد ص8), فقال: قال ابن مقاتل: سمعت ابن المبارك يقول:
فلا أقـول بقول الجهم إنَّ لــه***قولاً يضارع قولَ الشِّرك أحيانــاً
ولا أقـول تخلَّى من بريتـــه***رب العباد وولى الأمر شيطانـــاً
ما قال هذا فرعون في تجبــره***فرعون موسى ولا فرعون هامـانـا
وأولهــــــــــــــا:
إنِّي امرؤٌ ليس في ديني لغامـزةٍ***ليِّن ولست على الإسلام طعَّانـاً
فلا أسب أبا بكـر ولا عمـراً***ولـن أسبَّ معـاذ الله عثمـان
ولا ابن عـمِّ رسول الله أشتمـه***حتَّـى أوسـد الترب أكفـانـاً
فهذه بعض الأبيات المنتخبة منها, وهي موجودة كاملة في ديوانه, فمن أراد الاستزادة فليراجعها, فليست هي من المطولات.
- منظومة الحكم بن معبد الخزاعي(295ﻫ), وكان ثقة كثير الحديث, وكان أديبا شاعراً, قال الإمام أبو الشيخ الأصبهاني أنشدنا الحكم لنفسه:
منحتكم يا أهـل ودِّي نصيحـتي***وإني بها في العالميـن لمشتهــــر
وأظهرت قول الحق والسنة الــتي***عن المصطفى قد صح عندي بها الخبر
ألا إن خير الناس بعـد محمـــد***عليه السلام بالعشي وبالبكــــر
أبو بكر الصديق لله دره على مـن ***رغم من عادى ومن بعـده عمـــر
وبعدهما عثمان ثمت بعده أبو الحسن***المرضي من أفضــل العشـــــر
إلى أن قال:
وإن كـلام الله ليـس بمحـدث***ومن قال مخلوق فبالله كفــــر
أدين بقول الهاشمي محمـــــد***ومـا بمقـال الجـهــــم دنت
- المنظومة الحائية في السنة لأبي بكر بن داود السِّجستاني(316ﻫ), وهي كذلك من المنظومات المختصرة, وطالعها:
تَمسَّك بحَبـلِ الله واتَّبِـع الهُدَى***ولا تَـكُ بِدعِيَّــاً لعلَّـكَ تُفلِـحُ
وَدِن بِكِتَاب الله والسُّنَـن الَّتـي***أَتَت عَن رَسُـول الله تَنـجُ وَتَربَـحُ
- نوينة القحطاني لأبي محمد عبد الله بن محمد الأندلسي, وهذه المنظومة من المطولات, وهي أشهر من أن يُعرَّف بها, وقد قال في أولها:
يا منزل الآيـات والفرقــان***بيني وبينـك حرمـة القــرآن
اشرح به صدري لمعرفة الهـدى***واعصم به قلـبي من الشيطـان
يسِّر به أمري واقض مــآربي***وأجـر به جسـدي من النيـران
- القصيدة التَّائية في القدر للإمام تقي الدين شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحرَّاني(728ﻫ), وقد قالها مرتجلاً لما أورد عليه أحد علماء الذميين أبياتا فيها معارضة ظاهرة لقضاء الله وقدره, طالعها:
سؤالك يا هذا سـؤال معانـد *** مخاصم رب العرش بـاري البريـة
فهذا سؤال خاصم المـلأ العـلا ***قديمـاً به إبليـس أصـل البليـة
ومن يك خصمـاً للمهيمن يرجعن***على أم رأس هاويـا في الحفيـرة
- الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية لأبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب بن القيِّم الجوزية(751ﻫ), وهذا المنظومة أشهر من أن يعرف بها, وهي المنظومات المطولة, وقد ضمنها ألف بيت, قال في مطلعها:
حكـم المحبـة ثابت الأركـان*** ما للصدود بفسـخ ذاك يـدان
أني وقاضي الحسن نفذ حكمهـا*** فلذا أقـر بذلـك الخصمــان
وأتت شهـود الوصل تشهد أنـه*** حق جـرى في مجلس الإحسـان
- منظومة سلم الوصول إلى علم الأصول في توحيد الله واتِّباع الرَّسول صلى الله عليه وسلم للشيخ العلامة حافظ بن أحمد الحكمي(1377ﻫ), وهي المنظومات المعاصرة المطولة, وقد قام بشرحها الناظم نفسه في كتابه(معارج القبول), قال في أولها:
أبدأ باسـم الله مستعينـا راض به مـدبـرا معينـا
والحمد لله كمـا هدانـا إلى سبيل الحـق واجتبانـا
أحمده سبحـانه وأشكـره ومن مساوي عملي أستغفره
فهذه أهم المنظومات التي اعتنت بتقرير عقيدة السلف, وهي في نفس الوقت ترد وتبطل مذاهب الفرق التي ضلت في العقيدة.

النوع الخامس: وهي كتب التفسير السلفية, ولا شك أنها من أمهات المصنفات التي اعتنت بتقرير مسائل الاعتقاد؛ إذ هي تفسير وإيضاح لكلام الله تعالى, وقد اشتمل كلام الله تعالى على أصول الدين والعقيدة, وهذا معلوم لدى الخاص والعام, وقد أشار إلى هذا الصنف الإمام ابن تيمية فقال: «إن سلف الأمة وأئمتها ما زالوا يتكلمون ويفتون ويحدثون العامة والخاصة بما في الكتاب والسنة من الصفات, وهذا في كتب التفسير, والحديث, والسنن أكثر من أن يحصيه الله»(التسعينية 1/158).
ومن أمثلة هذا الصنف:
- جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام أبي جعفر محمد بن جرير الطبري(311ﻫ), وهو من أجل التفاسير وأعظمها قدراً, فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة, وليس فيه بدعة, ولا ينقل عن المتهمين, وهو يقرر فيه عقيدة السلف في الصفات وفي غيرها.
- معالم التنزيل للإمام محي السنة أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي(516ﻫ), وهو من التفسير المشهورة التي اعتنت بتقرير مذهب السلف والأئمة, فهو أسلمها من البدعة والأحاديث الضعيفة.
- تفسير القرآن العظيم للإمام الحافظ أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي(774ﻫ), وهو من التفاسير المشهورة عند الناس, وقد اعتنى الإمام بتقرير مذهب السلف في العقيدة, والرد على المخالفين.
- تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي(), وهو من التفاسير المعاصرة, وقد سلك فيه مؤلفه رحمه الله طريقة السلف في أبواب العقيدة, وهو تفسير سهل لا يستغني عنه العالم, ويستطيعه العامي.
فهذه أهم التفاسير على سبيل المثال, لا على سبيل الحصر والقصر, وإن كانت هناك بعض التفاسير التي هي جليلة القدر, عظيمة الفوائد, وأقربها إلى طريقة القرآن والسنة, وأبعدها عن البدعة, إلا أنها لم تخل من بعض المخالفات في بعض مسائل العقيدة؛ إذ قد سلك أصحابها طريقة أهل الكلام, لكن الرجوع إلى التفاسير الصحيحة الخالية من البدعة والضلالة أسلم للمرء في دينه وعقيدته, وإن كان طالب العلم لا يستغني عن باقي التفاسير الأخرى, لكن لكل درجات, والله يؤتي فضله من يشاء.
فهذا جهد المقل دونك أخي طالب العلم, فإن كان من صواب فمن الله تعالى وحده لا شريك له, وإن كان من هفوة أو زلل أو خطأ فمن نفسي والشيطان, واستغفر الله وأتوب إليه, ولتحرص أخي طالب الخير والفقه والسنة أن تحصل على ما أمكنك من هذه الكتب السلفية المذكورة هنا, أو غير المذكورة, لتستعين بها على معرفة ما تعقدُ عليك قلبك من أمور العقيدة, فإن أول ما يسأل عنه العبد في قبره هو عن عقيدته, فيسأل عن معبوده, ويسأل عن دينه, وعن رسوله صلى الله عليه وسلم, ومن كان آخر كلمه من هذه الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة.

والحمد لله رب العالمين
وكتبه: أبو عبد الله بوفلجة بن عباس منتهيا من فراغه
بالمدينة النبوية ليلية الأحد 3 جمادى الأولى 1433ﻫـ.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30 Apr 2012, 11:40 PM
نقادي محمد سفيان نقادي محمد سفيان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
الدولة: الجزائر، تلمسان
المشاركات: 41
افتراضي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
أولا أشكرك على مقالتك الرائعة ونقلك للمصنفات السنية السلفية وما أحوجنا لتلك الينابيع الصافية النقية من كل فرث تعطيل و دم تشبيه...

كما تعلم فإِنَّ الرَّدَّ على المخالفِ يُعدُّ واجباً مِنْ واجباتِ الإسلامِ الكِبارِ على أهلِ العلمِ المتأهلينَ فيه ، وَبه يُحفظُ الدِّينُ منْ عَادياتِ التبديلِ فيهِ ، وغَوائلِ التحريفِ عليهِ ، و لَهُ في ميزانِ الشريعةِ الغرَّاءِ شأنٌ عظيمٌ ، وقدْرٌ كبيرٌ ؛ وفي ذلكَ يقولُ الإمامُ ابنُ قيم الجوزية-رحمه اللهُ- :
((القلمُ الثَّاني عشر : القلمُ الجامعُ ، وهو قلمُ الرَّدِّ على المبطلينَ ، ورفعِ سُنَّةِ المحِقَّينَ ، وكشفِ أباطيلِ المبطلينَ -على اختلافِ أنواعِها وأجناسِها- ، وبيانِ تناقضِهم ، وتهافتِهم ، وخُروجِهم عنِ الحقِّ ، ودُخولهم في الباطلِ .
وهَذَا القلمُ -في الأقلامِ- نظيرُ الملوكِ في الأنامِ .
وأصحابُهُ أهلُ الحُجَّةِ الناصرونُ لما جاءتْ بهِ الرُّسلُ ، المحاربونَ لأعدائِهم .
وهُم الدَّاعونَ إلى اللهِ بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ ، المجادلونَ لمنْ خَرجَ عنْ سبيلِه بأنواعِ الجدالِ .
وَأَصحابُ هذا القلمِ حَرْبٌ لكُلِّ مُبطلٍ ، وعَدُوٌّ لكُلِّ مُخالفٍ للرُّسلِ ؛ فَهم في شأنٍ وغيرهم منْ أصحابِ الأقلامِ في شأنٍ))" التبيان لأقسام القرآن\" : (ص/210) لابن القيم
لكن أريد منك جواب عن سؤالي وهو كتالي :
كيف يكون الرد على المخالف الذين لا يرون الشريعة هي فيصل في مسائل العقدية كالفلاسفة المنتسبين إلى الإسلام كالفارابي و ابن سينا و ابن العربي الذين فتنوا الناس بشبههم وأصبحت مقررة عند أتباعهم كمسلمات لا نقاش فيها
هِؤلاء الناس ثبت أنهم ليس من الذين يتمسكون بأدلة الشرعية وأن شبههم هو أنهم نظروا في علم الهيئة وعلوم الفلسفة فغيروا الفطر وأثبتوا الشبه وعكروا ماء العقيدة الصافي ...
سؤالي هو.... كيف ترد على هؤلاء المخالفين الذين يرون العقل هو الفيصل والفلسفة هو التدين وعلم الكلام نصوص لاجدال فيها؟
هل ترى التقرير أم التأصيل أم التصحيح....أو رد شبههم بكلامهم...أرجو التفصيل وتأصيل العلمي الواضح
وجزاك الله كل خير

التعديل الأخير تم بواسطة نقادي محمد سفيان ; 30 Apr 2012 الساعة 11:42 PM
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01 May 2012, 04:41 AM
عبد العزيز بوفلجة عبد العزيز بوفلجة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
المشاركات: 227
افتراضي

أحسن الله إليك أخي الفاضل محمد نقادي, وشكر الله مرورك الطيب.
وأما عن ما جاء في سؤالك الذي هذا نصه: (كيف يكون الرد على المخالف الذين لا يرون الشريعة هي فيصل في مسائل العقدية كالفلاسفة المنتسبين إلى الإسلام كالفارابي و ابن سينا و ابن العربي الذين فتنوا الناس بشبههم وأصبحت مقررة عند أتباعهم كمسلمات لا نقاش فيها
هِؤلاء الناس ثبت أنهم ليس من الذين يتمسكون بأدلة الشرعية وأن شبههم هو أنهم نظروا في علم الهيئة وعلوم الفلسفة فغيروا الفطر وأثبتوا الشبه وعكروا ماء العقيدة الصافي ...
سؤالي هو.... كيف ترد على هؤلاء المخالفين الذين يرون العقل هو الفيصل والفلسفة هو التدين وعلم الكلام نصوص لاجدال فيها؟
هل ترى التقرير أم التأصيل أم التصحيح....أو رد شبههم بكلامهم...أرجو التفصيل وتأصيل العلمي الواضح
وجزاك الله كل خير
).
فهذا سؤال كبير ومفيد, والتفصيل فيه يحتاج إلى مزيد نظر وتأمل وتعلم, لكن لا بأس أن أنقل لك بعض كلام شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-, فلعلنا نستفيد منه ما يكون فيه جوابا لسؤالك, والله الهادي إلى الحق وسواء السبيل:
يقول ابن تيمية: (فإن المبتدع الذي بنى مذهبه على أصل فاسد, فينبغي إذا كان المناظر مدعياً أن الحق معه, أن يبدأ بهدم ما عنده فإذا انكسر وطلب الحق فأعطاه إياه, وإلاَّ فما دام معتقد نقيض الحق, لم يدخل الحق إلى قلبه, كاللوح الذي كتب فيه كلام باطل, امحه أولاً, ثمَّ اكتب فيه الحق) مجموع الفتاوى(17/159).
فمما يستفاد من كلامه -رحمه الله- أن المبتدع -كأولئك الذين ذكرت- إن كان أصل مذهبهم مبنيا على أصول فاسدة, فينبغي على الراد من أهل السنة أن يبدأ أولاً بإبطال تلك الأصول الفاسدة, ويمحها من قلبه, فإن الشبه العالقة في قلبه حالت دونه ودون نصوص الوحي, فأصبح جاهلا جهلا مركبا, معتقدا لنقيض الحق, فإذا انكسرت تلك الأصول, وكان طالبا للحق أعطاه إياه, فإن قبله فذلك فضل ومنة من الله, وإلا فما دام معتقد نقيض الحق, وهو الجاهل جهلا مركبا, لم يدخل الحق إلى قلبه.
وأما عن قولك (...أو رد شبههم بكلامهم..) فجوابك عنه أيضا نستفيده من كلام ذلك الحبر العالم ابن تيمية الحراني -عليه رحمة الله-؛ حيث يقول في درء التعارض(1/223): ( وما من أهل فن إلا وهم معترفون بأنهم يصطلحون علي ألفاظ يتفاهمون بها مرادهم كما لأهل الصناعات العلمية ألفاظ يعبرون بها عن صناعتهم وهذه الألفاظ هي عرفية عرفا خاصا ومرادهم بها غير المفهوم منها في أصل اللغة سواء كان ذلك المعني حقا أو باطلا
وإذا كان كذلك فهذا مقام يحتاج إلي بيان :

وذلك أن هؤلاء المعارضين إذا لم يخاطبوا بلغتهم واصطلاحهم فقد يقولون : إنا لا نفهم ما قيل لنا أو أن المخاطب لنا والراد علينا لم يفهم قولنا ويلبسون علي الناس بأن الذي عنيناه بكلامنا حق معلوم بالعقل أو بالذوق ويقولون أيضا : إنه موافق للشرع إذا لم يظهروا مخالفة الشرع كما يفعله الملاحدة من القرامطة والفلاسفة ومن ضاهأهم..

وإذا خوطبوا بلغتهم واصطلاحهم ـ مع كونه ليس هو اللغة المعروفة التي نزل بها القرآن ـ فقد يفضي إلي مخالفة ألفاظ القرآن في الظاهر؛ فإن هؤلاء عبروا عن المعاني التي أثبتها القرآن بعبارات أخري ليست في القرآن وربما جاءت في القرآن بمعني آخر فليست تلك العبارات مما أثبته القرآن بل قد يكون معناها المعروف في لغة العرب التي نزل بها القرآن منتفيا باطلا نفاه الشرع والعقل وهم اصطلحوا بتلك العبارات علي معان غير معانيها في لغة العرب فتبقي إذا أطلقوا نفيها لم تدل في لغة العرب علي باطل ولكن تدل في اصطلاحهم الخاص علي باطل
فمن خاطبهم بلغة العرب قالوا : إنه لم يفهم مرادنا ومن خاطبهم باصطلاحهم أخذوا يظهرون عنه أنه قال ما يخالف القرآن وكان هذا من جهة كون تلك الألفاظ مجملة مشتبهة....- ثم استطرد الشيخ إلى أن قال-:
وإذا كانت هذه الألفاظ مجملة ـ كما ذكر ـ فالمخاطب لهم إما أن يفصل ويقول : ما تريدون بهذه الألفاظ ؟ فإن فسروها بالمعني الذي يوافق القرآن قبلت وإن فسروها بخلاف ذلك ردت .

وإما أن يمتنع عن موافقتهم في التكلم بهذه الألفاظ نفيا وإثباتا فإن امتنع عن التكلم بها معهم فقد ينسونه إلي العجز والانقطاع وإن تكلم بها معهم نسبوه إلي أنه أطلق تلك الألفاظ التي تحتمل حقا وباطلا وأوهموا الجهال باصطلاحهم : أن إطلاق تلك الألفاظ يتناول المعاني الباطلة التي ينزه الله عنها فحينئذ تختلف المصلحة

فإن كانوا في مقام دعوة الناس إلي قولهم وإلزامهم به أمكن أن يقال لهم : لا يجب علي أحد أن يجيب داعيا إلا إلي ما دعا إليه رسول الله صلي الله عليه وسلم فما لم يثبت أن الرسول دعا الخلق إليه لم يكن علي الناس إجابة من دعا إليه ولا له دعوة الناس إلي ذلك ولو قدر أن ذلك المعني حق
وهذه الطريق تكون أصلح إذا لبس ملبس منهم علي ولاة الأمور وأدخلوه في بدعتهم كما فعلت الجهمية بمن لبسوا عليه من الخلفاء حتى أدخلوه في بدعتهم من القول بخلق القرآن وغير ذلك فكان من أحسن إلي مناظرتهم أن يقال : ائتونا بكتاب أو سنة حتى نجيبكم إلي ذلك وإلا فلسنا نجيبكم إلي ما لم يدل عليه الكتاب والسنة
وهذا لأن الناس لا يفصل بينهم النزاع إلا كتاب منزل من السماء وإذا ردوا إلي عقولهم فلكل واحد منهم عقل وهؤلاء المختلفون يدعي أحدهم : أن العقل أداه إلي علم ضروري ينازعه فيه الآخر فلهذا لا يجوز أن يجعل الحاكم بين الأمة في موارد النزاع إلا الكتاب والسنة
وبهذا ناظر الإمام أحمد الجهمية لما دعوه إلي المحنة وصار يطالبهم بدلالة الكتاب والسنة علي قولهم فلما ذكروا حججهم كقوله تعالى { خالق كل شيء } [ الأنعام : 102 ] وقوله { ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث } [ الأنبياء : 2 ] وقوله النبي صلى الله عليه و سلم [ تجيء البقرة وآل عمران ] وأمثال ذلك من الأحاديث مع ما ذكروه من قوله صلي الله عليه وسلم [ إن الله خلق الذكر ] أجابهم عن هذه الحجج بما بين به أنها لا تدل علي مطلوبهم
ولما قالوا : ما تقول في القرآن : أهو الله أو غير الله ؟ عارضهم بالعلم فقال : ما تقولون في العلم : أهو الله أو غير الله ؟ ولما ناظره أبو عيسى محمد بن عيسى برغوث وكان من أحذقهم بالكلام : ألزمه التجسيم وأنه إذا أثبت لله كلاما غير مخلوق لزم أن يكون جسما
فأجابه الإمام أحمد بأن هذا اللفظ لا يدري مقصود المتكلم به وليس له أصل في الكتاب والسنة والإجماع فليس لأحد أن يلزم الناس أن ينطقوا به ولا بمدلوله وأخبره أني أقول : هو أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فبين أني لا أقول : هو جسم وليس بجسم لأن كلا الأمرين بدعة محدثة في الإسلام فليست هذه من الحجج الشرعية التي يجب علي الناس إجابة من دعا إلي موجبها فإن الناس إنما عليهم إجابة الرسول فيما دعاهم إليه وإجابة من دعاهم إلي ما دعاهم إليه الرسول صلي الله عليه وسلم لا إجابة من دعاهم إلي قول مبتدع ومقصود المتكلم بها مجمل لا يعرف إلا بعد الاستفصال والاستفسار فلا هي معروفة في الشرع ولا معروفة بالعقل إن لم يستفسر المتكلم بها

فهذه المناظرة ونحوها هي التي تصلح إذا كان المناظر داعيا وأما إذا كان المناظر معارضا للشرع بما يذكره أو ممن لا يمكن أن يرد إلي الشريعة مثل من لا يلتزم الإسلام ويدعو الناس إلي ما يزعمه من العقليات أو ممن يدعي أن الشرع خاطب الجمهور وأن المعقول الصريح يدل علي باطن يخالف الشرع ونحو ذلك أو كان الرجل ممن عرضت له شبهة من كلام هؤلاء ـ فهؤلاء لا بد في مخاطبتهم من الكلام علي المعاني التي يدعونها : إما بألفاظهم وإما بألفاظ يوافقون علي أنها تقوم مقام ألفاظهم

وحينئذ فيقال لهم : الكلام إما أن يكون في الألفاظ وإما أن يكون في المعاني وإما أن يكون فيهما:
فإن كان الكلام في المعاني المجردة من غير تقييد بلفظ كما تسلكه المتفلسفة ونحوهم ممن لا يتقيد في أسماء الله وصفاته بالشرائع بل يسميه علة وعاشقا ومعشوقا ونحو ذلك فهؤلاء إن أمكن نقل معانيهم إلي العبارة الشرعية كان حسنا وإن لم يمكن مخاطبتهم إلا بلغتهم فبيان ضلالهم ودفع صيالهم عن الإسلام بلغتهم أولي من الإمساك عن ذلك لأجل مجرد اللفظ كما لو جاء جيش كفار ولا يمكن دفع شرهم عن المسلمين إلا بلبس ثيابهم فدفعهم بلبس ثيابهم خير من ترك الكفار يجولون في خلال الديار خوفا من التشبه بهم في الثياب . وأما إذا كان الكلام مع من قد يتقيد بالشريعة فإنه يقال له : إطلاق هذه الألفاظ نفيا وإثباتا بدعة وفي كل منهما تلبيس وإيهام فلا بد من الاستفسار والاستفصال أو الامتناع عن إطلاق كلا الأمرين في النفي والإثبات).
فتأمل أخي الكريم محمد كلام ابن تيمية جيدا, وستجد فيه جوابا كافيا بإذن الله لسؤالك, والحمد لله رب العالمين.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 01 May 2012, 05:52 AM
أبو أسامة سمير الجزائري
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

بوركتم وكتاب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله "درء تعارض العقل والنقل" من أوله إلى آخره هو رد على هذه الشبه أخي سفيان
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مميز, المصنفات في تقريرالعقيدة, توحيد, عقيدة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013