فائدة [ في معنى هجر القرآن وحرج الصدور منه ] للإمام ابن قيم الجوزية
فائدة 58 [في معنى هجر القرآن وحرج الصدور منه] .
للإمام شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية.(من كتابه الفوائد)
*هجر القرآن أنواع :
أحدها : هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه.
والثاني :هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه ،وإن قرأه وآمن به .
والثالث : هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه ، واعتقاد أنه لا يفيد اليقين ، وأنَّ أدلته لفظية لا تحصّل العلم .
والرابع :هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه.
والخامس : هجر الإستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها، فيطلب شفاء دائه من غيره، ويهجر التداوي به .
وكل هذا داخل في قوله :{وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا } [الفرقان:30] ،وإن كان بعض الهجر أهون من بعض.
*وكذلك الحرج الذي في الصدور منه :
فإنه تارة يكون حرجا من إنزاله وكونه حقاًّ من عند الله.
وتارة يكون من جهة المتكلم به أو كونه مخلوقا من بعض مخلوقاته ألهم غيره أن تكلم به.
وتارة يكون من جهة كفايته وعدمها ، وأنه لا يكفي العباد ، بل هم محتاجون معه إلى المعقولات والأقيسة أو الآراء أو السياسات.
وتارة يكون من جهة دلالته وما أريد به :حقائقُهه المفهومة منه عند الخطاب؟ أو أريد به تأويلها وإخراجها عن حقائقها إلى تأويلات مستكرهة مشتركة ؟
وتارة يكون من جهة كون تلك الحقائق ، وإن كانت مرادة فهي ثابتة في نفس الأمر؟ أو أوهم أنها مرادة لضربٍ من المصلحة ؟.
فكل هؤلاء في صدورهم حرج من القرآن ، وهم يعلمون ذلك من نفوسهم ، ويجدونه في صدورهم.
ولا تجد مبتدعا في دينه قطُّ إلا وفي قلبه حرج من الآيات التي تخالف بدعته ، كما أنك لا تجد ظالما فاجرا إلا وفي صدره حرج من الآيات التي تحول بينه وبين إرادته.
فتدبر هذا المعنى ثم ارض لنفسك ما تشاء.
التعديل الأخير تم بواسطة أبو حـــاتم البُلَيْـــدِي ; 07 Feb 2010 الساعة 11:54 AM
|