منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 23 Jun 2015, 02:00 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي خزانة تُحف العناية بكتاب "البداية والنِّهاية" (1) (فوائد متعلِّقة بكتاب الله تعالى)

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد لله وحده، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبيَّ بعده.

أمَّا بعدُ:

فهذه سلسلة حلقات متتابعة بإذن الله تعالى أفتتحها لإخراج ما قيِّد في الدفاتر من الفوائد العلميَّة، والتَّنبيهات السَّنية، والتوجيهات الَّلطيفة، والتَّعليقات البديعة، مع الفهم الصَّحيح المليح المستقيم في الكتاب والسُّنة وأقوال الأئمَّة، جادت بها قريحة عالم نحرير، ومفسِّر خبير، ومحدِّث مؤرخ شهير، الحافظ عماد الدِّين أبو الفداء إسماعيل ابن كثير، ضمَّنها كتابه النَّفيس الماتع المفيد "البداية والنِّهاية" فأحببت جمعها وصفَّها في مقالات متنوِّعة حتى يسهل أخذها من غير إملال قارئها ومثلها يطرب ولا يدخل الملل، ولكن عسى ولعلَّ.

وقد سبقَ نشر بعض المقالات العلميَّة التي كانت معجَّلة مما له علاقة بالكتاب فأتحاشى ذكرها وإخراجها إذ ما كرِّر كذلك مدخل للملل، ولولا نفاسة الكتاب الَّذي حوى هذه الدُّرر النَّفائس وجلالة مؤلِّفه لحملني الحياء من كثرة ذكره على عدم الكتابة عنه مرَّة أخرى، ولكن مثله يذكر فيشكر، فأرجو أن تكون هذه السِّلسلة مؤديَّة لشيء من أيادي صاحبه عليَّ –رحمه الله ونفعنا بعلومه-.

وناسب أن تكون البداية في هذا الشَّهر الفضيل شهر القرآن بفوائد لها علاقة بكتاب ربِّنا تعالى، فأقول:

إنَّ ممَّا يظهر للنَّاظر أنَّ الحافظ –رحمه الله- ألَّف "تفسيره" العظيم قَبْلَ كتابه "البداية والنهاية" فدائما ما يحيل على "تفسيره"، وهو شيء حاملٌ على مراجعة "تفسيره" والنَّظر فيه.

كما أنَّ الأجزاء المتعلِّقة بقصص الأنبياء أكثر حظَّا ونصيبا للفوائد المتعلِّقة بكتاب الله تعالى إذ إنَّ طريقة الحافظ –رحمه الله- إيراد الآيات الواردة في القرآن التي ذكرت قصَّة النَّبيِّ المتحدَّث عنه ثم تفسيرها وبيان ما جاء فيها وضمِّ الأحاديث والآثار والمسائل المندرجة تحتها.

وقد حاولت أن أجعل لكل فائدة عنوانا مقرِّبا لها أو مشيرًا لمضامين كلامه -رحمه الله- بعبارة مختصرة وقد أقتصر في في بعض الأحيان على بعض الغرض في العنوان وإن كان يستفاد من كلامه -رحمه الله- فوائد زوائد.

ولا يفوتني أنَّ أدعو إخواني ممن كان لهم السَّبق في النَّظر في الكتاب إلى إخراج ما عندهم حتى تتمَّ الإفادة، وجزى الله خيرًا من كان محفِّزا لهمم رافعًا موجِّها ومرشدًا.

فأسأل الله العليَّ القدير أن يوفقنا لإتمام ما رمناه، وأن يعيننا عليه ويسددنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

(فوائد متعلقة بكتاب الله تعالى)
· دليلٌ كافٍ في مسألة دخول (مؤمني الجنِّ) الجنَّة

وقد اختلف العلماء في مؤمني الجنِّ هل يدخلون الجنَّة أو يكون جزاء طائعهم أن لا يعذب بالنَّار فقط، على قولين; الصَّحيح: أنهم يدخلون الجنَّة لعموم القرآن، ولعموم قوله تعالى: ﴿ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأي آلاء ربكما تكذبان﴾ [الرحمن: 46-47] فامتنَّ تعالى عليهم بذلك فلولا أنَّهم ينالونه لما ذكره، وعدَّه عليهم من النِّعم، وهذا وحده دليل مستقل كاف في المسألة، والله أعلم. [1/ 134].

· (سورتي المعوذتين) مطردة لأنواع الشر وأسبابه وغاياته

وقد أنزل الله عز وجل (سورتي المعوذتين) مطردة لأنواع الشرِّ وأسبابه وغاياته، ولا سيما سورة: ﴿قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس﴾.[1/ 138].

· ردُّ توهُّم لبعض جهلة المفسرين!

أخبر تعالى أنَّه خاطب الملائكة قائلا لهم: ﴿إني جاعل في الأرض خليفة﴾ [البقرة: 30]، أعلم بما يريد أن يخلق من آدم وذريته الذين يخلف بعضهم بعضا، كما قال: ﴿وهو الذي جعلكم خلائف الأرض﴾ [الأنعام: 165]، وقال: ﴿ويجعلكم خلفاء الأرض﴾ [النمل: 62]، فأخبرهم بذلك على سبيل التنويه بخلق آدم وذريته، كما يخبر بالأمر العظيم قبل كونه.

فقالت الملائكة سائلين على وجه الاستكشاف والاستعلام عن وجه الحكمة لا على وجه الاعتراض والتنقص لبني آدم والحسد لهم، كما قد يتوهمه بعض جهلة المفسرين: ﴿قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء﴾ [البقرة: 30]؛ قيل: "علموا أن ذلك كائن بما رأوا ممن كان قبل آدم من الحن والبن" قاله قتادة.[1/ 165-166].

· الصَّحيح في الأسماء التي علمها آدم

قوله تعالى: ﴿وعلَّم آدم الأسماء كلها﴾ [البقرة: 31]: قال ابن عباس: هي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس ; إنسان، ودابة، وأرض، وسهل، وبحر، وجبل، وجمل، وحمار، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها. وفي رواية: علمه اسم الصحفة، والقدر حتى الفسوة والفسية. وقال مجاهد: علمه اسم كل دابة، وكل طير، وكل شيء؛ وكذا قال سعيد بن جبير، وقتادة، وغير واحد.
وقال الربيع: علمه أسماء الملائكة. وقال عبد الرحمن بن زيد: علمه أسماء ذريته.


والصَّحيح أنه علمه أسماء الذوات، وأفعالها مكبرها ومصغرها، كما أشار إليه ابن عباس رضي الله عنهم.[1/ 167].

· فائدة نفيسة فيما أبهم في القرآن

قال –رحمه الله- بعد إيراد الخلاف في تعيين الشَّجرة الَّتي نهي آدم عن الأكل منها:

وقد أبهم الله ذكرها وتعيينها، ولو كان في ذكرها مصلحة تعود إلينا لعينها لنا، كما في غيرها من المحال التي تبهم في القرآن.[1/ 175].

· خطأ في التَّوراة التي بين أيديهم مع تنبيهٌ مهمٌّ عن التَّعريب!

وفي كتاب التوراة التي بين أيدي أهل الكتاب أن الذي دل حواء على الأكل من الشجرة هي الحية، وكانت من أحسن الأشكال، وأعظمها فأكلت حواء عن قولها، وأطعمت آدم عليه السلام، وليس فيها ذكر لإبليس، فعند ذلك انفتحت أعينهما، وعلما أنهما عريانان فوصلا من ورق التين، وعملا مآزر، وفيها أنهما كانا عريانين، وكذا قال وهب بن منبه كان لباسهما نورا على فرجه وفرجها.

وهذا الذي في هذه التوراة التي بأيديهم غلط منهم وتحريف وخطأ في التَّعريب، فإن نقل الكلام من لغة إلى لغة لا يكاد يتيسر لكل أحد، ولا سيما ممن لا يعرف كلام العرب جيدا، ولا يحيط علما بفهم كتابه أيضا، فلهذا وقع في تعريبهم لها خطأ كثير لفظا ومعنى، وقد دل القرآن العظيم على أنه كان عليهما لباس في قوله: ﴿ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما﴾ [الأعراف: 27]، فهذا لا يرد لغيره من الكلام، والله تعالى أعلم.[1/ 183].

· أسلوب تكرير اللفظ مع كون المعنى واحدا وإناطة الحكم بكل لفظ

وأما تكريره الإهباط في سورة البقرة في قوله: ﴿وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون﴾ [البقرة: 36 - 39].

فقال بعض المفسرين: المراد بالإهباط الأول الهبوط من الجنة إلى السماء الدنيا، وبالثاني من السماء الدنيا إلى الأرض، وهذا ضعيف لقوله في الأول: ﴿وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين﴾ [البقرة: 36]، فدل على أنهم أهبطوا إلى الأرض بالإهباط الأول، والله أعلم.

والصحيح أنَّه كرره لفظا، وإن كان واحدا، وناط مع كل مرة حكما ; فناط بالأول: عداوتهم فيما بينهم، وبالثاني: الاشتراط عليهم أن من تبع هداه الذي ينزله عليهم بعد ذلك هو السعيد، ومن خالفه فهو الشقي، وهذا الأسلوب في الكلام له نظائر في القرآن الحكيم.[1/ 175-176].

· دفع توهُّم مع بيان منشئه وذكر التَّوجيه الصَّحيح!

وقوله تعالى: ﴿إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين﴾ [المائدة: 29]، أي: إني أريد ترك مقاتلتك، وإن كنت أشد منك، وأقوى إذ قد عزمت على ما عزمت عليه أن تبوء بإثمي وإثمك، أي: تتحمل إثم قتلي مع ما لك من الآثام المتقدمة قبل ذلك؛ قاله مجاهد، والسدي، وابن جرير، وغير واحد، وليس المراد أن آثام المقتول تتحول بمجرد قتله إلى القاتل، كما قد توهمه بعض الناس، فإن ابن جرير حكى الإجماع على خلاف ذلك.

وأما الحديث الذي يورده بعض من لا يعلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما ترك القاتل على المقتول من ذنب»، فلا أصل له، ولا يعرف في شيء من كتب الحديث بسند صحيح ولا حسن ولا ضعيف أيضا.

ولكن قد يتفق في بعض الأشخاص يوم القيامة يطالب المقتول القاتل، فتكون حسنات القاتل لا تفي بهذه الظلمة فتحول من سيئات المقتول إلى القاتل، كما ثبت به الحديث الصحيح في سائر المظالم، والقتل من أعظمها، والله أعلم.[1/ 218].

فتحي إدريس
6/رمضان/1436

يتبع إن شاء الله.


التعديل الأخير تم بواسطة فتحي إدريس ; 23 Jun 2015 الساعة 02:14 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23 Jun 2015, 03:49 PM
أمين البجائي أمين البجائي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2014
المشاركات: 77
افتراضي

جميل والله أخي فتحي صنيعك, فدائما تتحف إخوانك, من خزانة فوائدك ومن درر جليسك و غرر أنيسك أعني كتاب البداية والنهاية, ولا أبالغ أخي إن قلت أن ما تخطه يمينك يبعث على الاجتهاد والاهتمام بكتب أسلافنا وأسلافك, واليوم ازدان المنتدى جمالا بمقالك, وحسنا بجميل صنيعك.
بارك الله فيك على إحسانك وجعل الله عملك في ميزان حسناتك, رفع الله قدرك وأعلى ذكرك وتقبل صيامك وقيامك .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23 Jun 2015, 08:01 PM
أبو سهيل محمد القبي أبو سهيل محمد القبي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2014
المشاركات: 207
افتراضي

جزاك الله خيرا على هذه الفوائد الماتعة، أخانا الفاضل فتحي، نسأل الله تعالى أن يديم عليك النعم، وأن يُشغلك بالعلم طلبا ودعوة.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 24 Jun 2015, 12:54 AM
أبو عبد الرحمن أسامة أبو عبد الرحمن أسامة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 509
افتراضي

جزاك اللهُ خيرًا أخي الفاضل فتحي على انتقائك لمثل هذه الفوائد الماتعة، أسألُ الله أن يُبارك فيك وفي وقتِكَ .. جعلها اللهُ في ميزان حسناتِكَ يوم القيامة ..

بانتظار المزيد ..
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 25 Jun 2015, 04:03 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

جزاكم الله خيرًا إخواني على مروركم العطر ودعواتكم الطيِّبات لا حرمت منها، ولكم فرحتُ لطربكم بهذه الفوائد العلميَّة إذ هو جميلٌ أن يشاركك إخوانك في أمتع لحظاتٍ عندك، وأنت تتفهَّم الفائدة وتقيِّدها، فيطربون بقراءتها ويفرحون مثل فرحك أو أكثر بها، فأسأل الله أن لا يحرمنا لذَّة العلم والسُّرور به.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 27 Jun 2015, 07:39 AM
أبو البراء
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

الحمد لله الذي أبقى في إخواننا من يجدُّ في الطَّلب والتَّحصيل حتَّى يستعرض تاريخًا كتاريخ ابن كثير ثمَّ يقيِّد منه ما استحسن واستجاد من الخير الكثير، ثمَّ يرتِّب مقيَّداته فيَشْرَك بها إخوانه مفيدًا ومحفِّزًا.
إنَّها لإحدى المنن، أدام الله سعادتك.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 29 Jun 2015, 12:14 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

أكرمك الله شيخَنَا الحبيب وبارك فيك وحفظك من كل سوء، وقد ولجته من غير ما بضاعةٍ تمكِّن من خوض غماره والغوص فيه لاستخراج درره؛ ولكن حسبِي أنِّي مقتدٍ بمشايخنا الأكابر فقد ذكر الشيخ سليمان الرحيلي -حفظه الله- أنَّه قرأ كتاب "مجموع فتاوى ابن تيمية -رحمه الله-" مرَّتين، وسمعت شيخنا عز الدين رمضاني -حفظه الله- يذكر عن نفسه أنَّه قرأ "سير أعلام النبلاء" من أوَّله لآخره، والله المستعان.
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 04 Jul 2015, 06:44 PM
محمد طه محدة السوفي محمد طه محدة السوفي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 180
افتراضي

بارك الله فيك اخي و نفع بك
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 06 Jul 2015, 05:46 AM
أبو عبد المحسن زهير التلمساني أبو عبد المحسن زهير التلمساني غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
الدولة: تلمسان حرسها الله من الشرك والبدع
المشاركات: 394
افتراضي

جزاك الله خير وأعانك على طلب العلم النافع والعمل به .. آمين
واصل وصلك الله بفضله وكرمه
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 06 Jul 2015, 02:24 PM
أبو سهيل عبد الوهاب أبو سهيل عبد الوهاب غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: May 2014
المشاركات: 128
افتراضي

وفّقك الله أخي الحبيب الكبير - قدرا ومكانة - فتحي.
رد مع اقتباس
  #11  
قديم 07 Jul 2015, 07:42 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

حفظك الله أخي زهيرًا وبارك الله فيك، شكرا على الدُّعاء الطيِّب والتَّحفيز.
حياك الله أخي الحبيب أبا سهيل، أسأل الله أن يكرمك كما أكرمت أخاك، وأرجو أن لا تطيل عنًّا الغياب في هذا المنتدى المبارك.
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
فوائد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013